دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 شوال 1438هـ/20-07-2017م, 02:39 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي المجلس الثالث عشر: مجلس مذاكرة القسم الثاني من جمع القرآن

مجلس مذاكرة القسم الثاني من دورة جمع القرآن

اختر مجموعة من المجموعات التالية وأجب على أسئلتها إجابة وافية:

المجموعة الأولى:
س1: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الاختلاف في القرآن، دلّل على ذلك ، وبيّن الحكمة منه، وأثره على الصحابة رضي الله عنهم.
س2: ما أسباب اختيار أبي بكر لزيد بن ثابت كاتباً للمصحف؟
س3: ما مصير مصحف عثمان رضي الله عنه.
س4: هل كان مصحف أبي بكر رضي الله عنه جامعاً للأحرف السبعة؟
س5: ما سبب بقاء بعض الاختلاف في القراءات بعد جمع عثمان؟

المجموعة الثانية:
س1: ما معنى المصحف؟ وما مبدأ التسمية به؟
س2: ما الأسباب التي حملت عثمان بن عفان رضي الله عنه على جمع القرآن؟
س3: اذكر أسماء كتبة المصاحف العثمانية.
س4: لخّص الفرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان رضي الله عنهما.
س5: ما المقصود بالعُسب واللخاف والرقاع والأكتاف والأقتاب؟


المجموعة الثالثة:
س1: كيف كان جمع القرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه؟
س2: متى كان جمع عثمان رضي الله عنه؟
س3: لخّص ما صحّ في كتابة المصاحف العثمانية.
س4: هل كان مصحف عثمان نسخة مطابقة لمصحف أبي بكر؟
س5: ما تقول في الآثار المروية في منشأ تسمية المصحف؟

المجموعة الرابعة:
س1: ما هي أسباب جمع أبي بكر رضي الله عنه للقرآن في مصحف واحد؟
س2: ما مصير مصحف أبي بكر رضي الله عنه؟
س3: ما موقف الصحابة رضي الله عنهم من جمع عثمان؟
س4: هل كان الجمع العثماني مشتملاً على الأحرف السبعة أو على حرف منها؟
س5: هل كان جمع أبي بكر في صحف غير مرتبة السور في مصحف واحد؟


المجموعة الخامسة:
س1: ما فائدة جمع أبي بكر للقرآن؟ وما موقف الصحابة رضي الله عنهم منه؟
س2: عرّف بأسماء أجزاء المصحف وملحقاته في الزمان الأول.

س3: لخّص موقف ابن مسعود رضي الله عنه من جمع عثمان.
س4: كم عدد المصاحف العثمانية؟
س5: هل كلّ ما خالف المصاحف العثمانية منسوخ بالعرضة الأخيرة؟



تعليمات:
- ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة.
- يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.



تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28 شوال 1438هـ/22-07-2017م, 01:31 AM
فاطمة محمود صالح فاطمة محمود صالح غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
الدولة: الدوحة - قطر
المشاركات: 297
افتراضي

مجلس مذاكرة القسم الثاني من دورة جمع القرآن
المجموعة الثانية


س1: ما معنى المصحف؟ وما مبدأ التسمية به؟
معنى المصحف:
ورد في لفظ المصحف لغات عديدة منها كسر الميم وهي لغة تميم ، وبفتح الميم وهي لغة غير مشهورة ، والأصل هو بضم الميم ، وهذا ما اتفق عليه العلماء ، لأنه مصدر من أُصْحِفَ؛ فهو مُصحَفٌ ، فإذا جمعت الصحائف إلى بعضها بين دفتين ، أصبح يطلق عليه مصحفا. ذكره الخليل وأبو منصور والفراء والنحاس وجماعة من اللغويين .

قال الخليل بن أحمد: (وسُمِّيَ المُصْحَفُ مُصْحَفاً لأنَّه أُصْحِفَ، أي جُعِلَ جامعاً للصُحُف المكتوبة بين الدَّفَّتَيْن )
قال الفراء: (يُقَال: مُصحفٌ ومِصْحَف، وَقَوله: "مُصحفٌ" مِن أُصْحِفَ، أَي جُمِعت فِيهِ الصُّحُف ) ..... وقَالَ: (فاستثقلت العربُ الضمة فِي حُرُوفٍ فَكسرتِ الْمِيم، وَأَصلُهَا الضَّم، فَمن ضَمّ جَاءَ بِهِ على أَصلِهِ، وَمن كَسَرَهُ فلاستثقالِه الضمة)

مبدأ تسمية المصحف:
لم يكن للعرب كتب بلسانهم ، فكانت كتبهم قليلة جدا ، فلم يكتبوا إلا ما كانوا يحتاجونه من الرسائل والعهود والمواثيق في صحائف متفرقة ، مثل صحيفة المتلمس، وصحيفة لقيط، وصحيفة مقاطعة قريش الظالمة لبني هاشم ، فهم أمة أمية لا تقرأ ولا تكتب ، وكان أول كتاب لهم القرآن الكريم .

و"الصحيفة" اختلفت تسميتها على حسب ضمها وعدمه :
1. فإذا كانت غير مضمومة أي مجموعة إلى بعضها وكانت متفرقة ، جمعها صُحُف وصَحَائف.

2. وإذا كان الكتاب أجزاء أي صحائف ، وجمعوا هذه الصحائف وضموها إلى بعضها ، سميت مصاحف ، لذلك أطلق العرب على كتب أهل الكتاب مصاحف .
فعن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت( لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها خير جار النجاشي أمنا على ديننا، وعبدنا الله تعالى لا نؤذى، ولا نسمع شيئا نكرهه )
ثمّ ذكرت خبر احتيال قريش بهداياها إلى النجاشي ليسلّمهم إليها في خبر طويل، وفيه أن النجاشي دعا أساقفته فنشروا مصاحفهم حوله.
وفيه أن جعفر بن أبي طالب كلَّمَه وقرأ عليه سورة مريم، قال ( فبكى والله النجاشي حتى أخضل لحيته، وبكت أساقفته حتى أخضلوا مَصَاحِفَهم حين سمعوا ما تلا عليهم )
قاله محمد بن إسحاق ، رواه الإمام أحمد في مسنده بإسناد أقلّ درجاته الحسن، رجاله ثقات رجال الصحيحين غير محمد بن إسحاق وقد صرّح بالتحديث، ومن أهل العلم من يصحح أحاديثه في السير.


وقال امرئ القيس:
قفا نبك من ذكرى حبيب وعرفانِ ... ورسمٍ عَفَتْ آياتُه منذُ أزْمانِ
أتت حِجج بعدي عليها فأصبحت ... كَخَطِّ زَبورٍ في مَصاحفِ رُهبان

3. وإذا ضمت وجمعت إلى بعضها بين دفتين ، سميت مصحفا .
عن زيد بن أسلم، أنه قال: (جاء كعب الأحبار إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقام بين يديه، فاستخرج من تحت يده مُصْحَفاً، قد تشرَّمَت حواشيه، فقال: يا أمير المؤمنين، في هذه التوراة فأقرؤها؟
فقال عمر: "إن كنت تعلم أنها التوراة التي أُنزلَت على موسى، يومَ طور سَيناء، فاقرأها آناءَ الليلِ وآناءَ النهارِ، وإلا فلا" فراجعه كعب، فلم يزده على ذلك ) رواه أبو مصعب الزهري .

ولم يرد خبر صحيح في أول من سمى القرآن الكريم بالمصحف ، وفي تسمية القرآن الكريم بالمصحف ذكر قولين :
القول الأول : أن المسلمين لم يكن لهم كتاب غيره اشتهر بهذا الاسم ، فكان علم عليه ، وهو نظير لأسماء القرآن الأخرى مثل الكتاب والذكر والفرقان ، فإذا جاء في السياق مطلقا انصرفت التسمية إلى القرآن لأجل العهد الذهني في التعريف ، وإذا ورد في سياق أراد غيره قيد به ، إذ الأصل أن المصحف يطلق على الصحف المضمومة بين دفتين ، وقد بقي استعمال هذا المسمى فترة من الزمن بعد اطلاقه على القرآن .
قال الجاحظ : (كانت العادة في كتاب الحيوان أن أجعل في كل مصحف من مصاحفها عشر ورقات من مقطّعات الأعراب، ونوادر الأشعار) من كتاب البيان والتبيين.

القول الثاني : أن تسمية القرآن بالمصحف كان معروفا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم .

من الأحاديث المعلولة التي لا تصح :
1) عن ابن عمر: (سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم ينهى أن يسافر بالمصحف إلى أرض العدو). رواه الإمام أحمد والبخاري بهذا اللفظ عن محمد بن إسحق عن نافع.
وفي لفظ آخر عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو . رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من طريق مالك عن نافع ، ومالك أثبت من ابن إسحاق.
وقد روى هذا الحديث عن نافع كل من: الليث بن سعد وعبيد الله العمري وأيوب السختياني وجويرية بن أسماء وعبد الله بن دينار، كلهم رووه بلفظ "القرآن"
وتفرد محمد بن إسحاق بلفظ "المصحف" فدلّ ذلك على أنه أخطأ في الرواية.

2) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره، وولدا صالحا تركه، ومصحفا ورثه، أو مسجدا بناه، أو بيتا لابن السبيل بناه، أو نهرا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته، يلحقه من بعد موته" رواه ابن ماجه وابن خزيمة عن مرزوق بن أبي الهذيل .
ومداره أن مرزوق بن أبي الهذيل الثقفي قال فيه البخاري: (تعرف وتنكر ) فهو مما لا يحتجّ به إذا تفرّد وله شاهد رواه ابن خزيمة والبزار والبيهقي عن العرزمي عن قتادة عن أنس، لكن العرزمي متروك الحديث.
والصحيح والثابت في هذا الباب ما جاء عن أبي هريرة رضي الله مرفوعاً: (إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له). رواه مسلم ، رواه العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه .
والعلة أن صحف القرآن لم تكن قد جمعت في مصحف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من غير خلاف بين أهل العلم.

ومن الآثار الضعيفة التي لا تصح من جهة الإسناد في منشأ تسمية المصحف :
• عن ابن شهاب أنه قال: لما جمعوا القرآن فكتبوه في الورق قال: أبو بكر التمسوا له اسما فقال بعضهم السفر وقال بعضهم: المصحف فإن الحبشة يسمونه المصحف وكان أبو بكر أول من جمع كتاب الله وسماه المصحف . رواه ابن اشته من طريق موسى بن عقبة ذكره السيوطي في الإتقان.
• وعن ابن بريدة قال: "أول من جمع القرآن في مصحف سالم مولى أبي حذيفة، أقسم لا يرتدي برداء حتى يجمعه ثم ائتمروا ما يسمونه. فقال بعضهم: سموه السفر. قال: ذلك اسم تسميه اليهود، فكرهوه، فقال: رأيت مثله بالحبشة يسمى المصحف، فاجتمع رأيهم على أن يسموه المصحف". أخرجه ابن اشته من طريق كهمس في كتاب المصاحف .
وقد ذكر السيوطي أن إسناده منقطع وهو محمول على أن سالم كان أحد الذين جمعوا القرآن بأمر من أبي بكر ، وهذا غير صحيح لأنه قتل في اليمامة قبل الأمر بجمع القرآن .

س2: ما الأسباب التي حملت عثمان بن عفان رضي الله عنه على جمع القرآن؟
عندما اتسعت بلاد المسلمين بسبب الفتوحات ، ودخل في دين الله أفواجا من الناس من العرب وغيرهم ، وتوزع القراء في الأمصار يعلمون المسلمين قراءة القرآن وحفظه على الأحرف السبعة التي أقرأهم بها الرسول صلى الله عليه وسلم بإذن من الله تعالى ، ثم ظهر الخلاف بعد ذلك في بعض البلدان بسبب الاختلاف في القراءات ، وكفّر بعض الجهال من قرأ القرآن بغير قراءتهم ، وكادت أن تحصل فتنة بين المسلمين ، فكان منهم من ينكر ذلك ، حتى بلغ الأمر مبلغه من الخلاف ، فكتب الناس إلى عثمان رضي الله عنه حتى يدركهم من الهلاك بسبب الخلاف ، ولما قدم الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان من غزوة أرمينية إلى الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنهم أبلغه بالفتنة التي حصلت بين المسلمين ، فجمع المهاجرين والأنصار وشاور الفقهاء والقراء ، واجتمعت كلمتهم على جمع المصحف على حرف واحد ونسخ المصاحف منه وتوزيعها ، على أن يحرق ما سواه ممن خالفه ، ليزول الخلاف بينهم وتتوحد كلمتهم .

ولقد وردت كثير من الآثار دلت على الأسباب التي حملت عثمان رضي الله عنه على جمع المصاحف في مصحف واحد من هذه الآثار على سبيل الذكر لا الحصر :
- عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان - وكان يغازي أهل الشام في فتح إرمينية وأذربيجان مع أهل العراق - فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة؛ فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى.
فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك فأرسلت بها حفصة إلى عثمان؛ فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن ابن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف) قاله إبراهيم بن عوف عن ابن شهاب [الزهري] رواه البخاري والترمذي والنسائي في الكبرى .

- عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص أنه قال: قام عثمان فخطب الناس فقال: " أيها الناس عهدكم بنبيكم منذ ثلاث عشرة وأنتم تمترون في القرآن، وتقولون قراءة أبيّ وقراءة عبد الله، يقول الرجل: والله ما تقيم قراءتك فأعزم على كل رجل منكم ما كان معه من كتاب الله شيء لما جاء به ) رواه أبو إسحاق السبيعي ، وقد رواه عمر بن شبة وابن أبي داوود.

- عن زيد بن ثابت: أن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قدم من غزوة غزاها بفرج أرمينية فحضرها أهل العراق وأهل الشام، فإذا أهل العراق يقرءون بقراءة عبد الله بن مسعود، ويأتون بما لم يسمع أهل الشام، ويقرأ أهل الشام، بقراءة أبي بن كعب، ويأتون بما لم يسمع أهل العراق، فيكفرهم أهل العراق، قال: «فأمرني عثمان رضي الله عنه أن أكتب له مصحفا» فكتبته، فلما فرغت منه عرضه ) رواه المقرئ حفص بن عمر الدوري عن أبو إبراهيم المديني، عن عمارة بن غزية، عن ابن شهاب الزهري، عن خارجة بن زيد،وقد رواه عمر بن شبة.
دلت الآثار أن جمع القرآن كان بإجماع الصحابة بسبب الاختلاف الذي حدث بينهم نتيجة اختلاف القراءات ، فجمعوا المسلمين على مصحف واحد حفظا للأمة من الاختلاف والتنازع في كتاب الله .

س3: اذكر أسماء كتبة المصاحف العثمانية.
اختلف في عدد الكتبة فمنهم من ذكر أن الخليفة عثمان جمع اثنى عشر رجلا من قريش والأنصار لنسخ الصحف التي كانت عند أم المؤمنين حفصة في مصحف الإمام.
• أن من كتّاب المصاحف كان زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، ذكره البخاري في صحيحه عن أنس.
• أن من كتّاب المصاحف زيد بن ثابت وأبيّ بن كعب وكثير بن أفلح مولى أبي أيّوب الأنصاري. ذكرهم ابن سيرين .
• أن من كتّاب المصاحف أبان بن سعيد بن العاص كان يملي على زيد ، رواه ابن أبي داوود عن خارجة بن زيد.
وهذا وهم ، فأبان قتل يوم أجنادين في بداية خلافة عمر بن الخطاب ، والصواب أن من كتاب المصاحف ابن أخيه سعيد بن العاص بن أبي أمية، وهو من صغار الصحابة رضي الله عنهم .
قال الخطيب: ووهم عمارة في ذلك لأن أبانَ قتل بالشام في خلافة عمر، ولا مدخل له في هذه القصة، والذي أقامه عثمان في ذلك هو سعيد بن العاص ابن أخي أبان المذكور. ذكره الحافظ في الفتح.
• أن من كتّاب المصاحف جد الإمام مالك بن أنس ، مالك بن أبي عامر الأصبحي الحميري ، وهو لا يعد من المهاجرين ولا الأنصار ، وكان من القراء في زمن عثمان .
قال الإمام مالك في الموطأ " ولا بأس بالحلية للمصحف، وإنَّ عندي مصحفا كتبه جَدّي إذْ كَتَب عثمان رضي الله عنه المصاحف، عليهِ فِضَّةٌ كثيرة "
والظاهر من النص أن الإمام مالك أراد أن جده كتب المصحف لنفسه ، لأنه كثر استنساخ المصاحف بعد جمع عثمان الناس على مصحف الإمام ، لأنه بقي في ملكه إلى أن توفى وورثه ، فلو كان من المصاحف العثمانية التي أمر بكتابتها لصالح المسلمين لما تملكه ، فدل أن جده لم يكن من كتاب المصاحف .
• أن من كتّاب المصاحف أنس بن مالك، وعبد الله بن عباس ، في رواية لإبراهيم بن إسماعيل بن مجمع الأنصاري عن ابن شهاب الزهري، ذكره ابن حجر عن ابن أبي داوود .
وهي رواية لا تصح عن الزهري ؛ لأنه متروك الحديث لكثرة وهمه وضعف سَمْعِه، فقد قال فيه البخاري ( كثيرُ الوهم في الزهري }

س4: لخّص الفرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان رضي الله عنهما.
ورد مبحث الفرق بين جمع أبي بكر وعثمان مفرقا في كثير من كتب القراءات، وعلوم القرآن، وكتب العقيدة، وشروح الحديث، والرسائل المفردة وغيرها ، ولم يذكر خلاف عن السلف في هذا الباب ، إلا إنه كثر في القرون المتأخرة بسبب اختلاف فهمهم للآثار المروية ، وضعف بعضها ، فعمل المحققون من أهل العلم على التدقيق وتمييز الصحيح منها عن غيرها ، وكان من بين هذه الفروق بين الجمعين ما يلي :
سبب الجمع : جمع أبو بكر كان سببه الحاجة إلى حفظ نسخة مكتوبة من القرآن بعد موت كثير من حفظة القرآن في حروب الردّة، وجمع عثمان كان سببه ما وقع من الفتنة والاختلاف في الأحرف.

منهج العمل : جمع أبو بكر اكتفى بكتابة نسخة منه بأي حرف من الأحرف السبعة ، إذ كل صحابي قرأ بالحرف الذي عُلّم به ، فلم يكن وقتها نزاعات بينهم لأدب الصحابة في التعامل مع من يخالفه القراءة ، أما جمع عثمان كان نتيجة للخلاف الذي حدث بين الناس بسبب اختلاف القراءات ، فاجتهدوا اجتهادا كبيرا في الموازنة بين الأحرف المختلف فيها ، واختاروا حرف واحد من شروطه موافقة لسان قريش وعدم مخالفة العرضة الأخيرة ، ثم أجمع الصحابة والتابعين وقتها على هذا الاختيار ، وترك ما يخالف هذه القراءة ، والتزمت الأمة إلى وقتنا الحاضر بهذا الجمع .

ترتيب السور : ثبت أن أبا بكر الصديق أول من جمع القرآن بين دفتين مرتب السور خلاف ما قيل أن جمعه كان في صحائف متفرقة ، مرتب الآيات في السورة الواحدة وغير مرتب السور ، وأن عثمان هو من جمع القرآن في مصحف واحد مرتب السور . ذكر هذا الخطأ ابن حجر والسيوطي عن ابن تين في شرحه لصحيح البخاري ، وقد اشتهر هذا القول في كتب علوم القرآن .
إلا أن الصحيح ما ورد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ( رحم الله أبا بكر، كان أعظم الناس أجرا في القرآن، هو أول من جمعه بين اللوحين) رواه ابن أبي شيبة وأبو نعيم وابن أبي داوود وغيرهم.
قال صعصعة بن صوحان العبدي ( أول من جمع بين اللوحين، وورَّث الكلالةَ أبو بكر) رواه ابن أبي شيبة.

س5: ما المقصود بالعُسب واللخاف والرقاع والأكتاف والأقتاب؟
ذكر السيوطي في تفسيره للأدوات التي استخدمها كتاب الوحي في كتابتهم للقرآن الكريم الآتي :
العُسُب: جمع "عسيب" وهو جريد النخل كانوا يكشطون الخوص ويكتبون في الطرف العريض.
اللخاف : بكسر اللام جمع "لخفة" بفتح اللام وسكون الخاء وهي الحجارة الدقاق، وقال الخطابي: صفائح الحجارة.
الرقاع: جمع "رقعة" وقد تكون من جلد أو رَقٍّ أو كاغد.
الأكتاف: جمع "كَتِف" وهو العظم الذي للبعير أو الشاة كانوا إذا جف كتبوا عليه.
الأقتاب: جمع "قَتَب" هو الخشب الذي يوضع على ظهر البعير ليركب عليه.

والحمد لله رب العالمين


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 28 شوال 1438هـ/22-07-2017م, 03:40 AM
مريم أحمد أحمد حجازي مريم أحمد أحمد حجازي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
المشاركات: 308
افتراضي

المجموعة الأولى:
س1: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الاختلاف في القرآن، دلّل على ذلك ، وبيّن الحكمة منه، وأثره على الصحابة رضي الله عنهم.

الأدلة في نهي النبي صلى الله عليه و سلم عن الاختلاف في القرآن كثيرة منها :
* الحديث الذي رواه البخاري : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فاستمعت لقراءته ، فإذا هو يقرأ على حروف كثيرةة لم يقرئنيها رسول الله ، فكدت أساوره في الصلاة ، فتربصت حتى سلم ، فلببته بردائه ، فقلت : من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ؟ قال : أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقلت : كذبت ، فإن رسول الله قد أقرأنيهاعلى غير ما قرأت ،فانطلقت به أقوده إلى رسول الله ، فقلت :إني سمعت هذا يقرأ بسورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ((أرسله ، إقرأ يا هشام )) فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ ، فقال رسول الله : (( كذلك أنزلت إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف ، فاقرءوا ما تيسر منه )) .و رواه أحمد و الترمذي و غيرهم
* و روى البخاري : عن ابن مسعود رضي الله عنه ، قال : سمعت رجلاً قرأ آية و سمعت النبي يقرأ خلافها ؛ فجئت به النبي صلى الله عليه و سلم فأخبرته ، فعرفت في وجهه الكراهية ، و قال : (( كلاكما محسن ، و لا تختلفوا ، فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا ))
* عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: كنت في المسجد، فدخل رجل يصلي، فقرأ قراءة أنكرتها عليه، ثم دخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه، فلما قضينا الصلاة دخلنا جميعا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه، ودخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه، فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرآ، فحسَّن النبي صلى الله عليه وسلم شأنهما، فسَقَطَ في نفسِي من التكذيبِ ولا إذ كنت في الجاهلية، فلمَّا رأى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ما قد غشيني ضربَ في صدري، ففضتُ عَرَقاً وكأنما أنظر إلى الله عز وجل فرقاً، فقال لي:(( يا أبي أرسل إلي أن اقرأ القرآن على حرف، فرددت إليه أن هون على أمتي، فرد إلي الثانية اقرأه على حرفين، فرددت إليه أن هون على أمتي، فرد إلي الثالثة اقرأه على سبعة أحرف، فلك بكل ردة رددتكها مسألة تسألنيها، فقلت: اللهم اغفر لأمتي، اللهم اغفر لأمتي، وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلي الخلق كلهم، حتى إبراهيم صلى الله عليه وسلم )). رواه أحمد ومسلم وابن حبان
- الحكمة من ذلك : لما يحصل بسبب الخلاف من الفرقة و التنازع ، و التباغض و التدابر ، و البغي و الاعتداء ، و هي سبب للهلاك كما جاء في الحديث ؛ عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : هجّرت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم يومًا فسمع أصوات رجلين اختلفا في آية فخرج علينا يعرف في وحهه الغضب فقال : (( إنما هلك من قبلكم باختلافهم في الكتاب )) رواه مسلم
- أثره على الصحابة رضي الله عنهم : أنهم فقهوا هذا الأمر أحسن فقه ، و تأدبوا به أحسن الأدب ، فلم يكن بين الصحابة رضي الله عنهم خلاف و لا تخاصم فيما تختلف فيه مصاحفهم ؛ فكان اختلافهم في هذا الباب مأمون لما أدّبهم به النبي صلى الله عليه و سلم ، و قد علَّموه أصحابهم من التابعين لهم بإحسان
كان أبو عالية الرياحي إذا قرأ عنده رجل لم يقل : ليس كما تقرأ ، و يقول : أما أنا فأقرأ كذا و كذا . قال شعيب : فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي فقال : أرى صاحبك قد سمع أنه من كفر بحرف منه فقد كفر به كله .-رواه أبو عبيد و ابن جرير .
س2: ما أسباب اختيار أبي بكر لزيد بن ثابت كاتباً للمصحف؟
* أنه كان شابًا ، فيه من القوّة و العزيمة ما يعينه و يصبره على الاجتهاد و القدرة على تتبع القرآن و جمع ما كتبه الصحابة رضي الله عنهم و ما حفظوه من القرآن
* عاقلاً لا يتهم ، ممايدل على أنه شابٌّ رسيدٌ و حسن التصرف في التعامل مع الرجال و استنساخ ما كتبوه ، غير متهم من عدول الصحابة رضي الله عنهم فيوثق و يطمئن لكتابته و جمعه
* أنه كان ممن جمع القرآن حفظًا في حياة النبي صلى الله عليه و سلم و قد كان معروفًا بذكائه و حفظه و فقهه .
* و كان يكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه و سلم ، مما يدل على أنّه عارفٌ بطريقة كتابة القرآن ، و مات عليه الصلاة و السلام و هو راضٍ عن كتابته ، و هذه منقبة عظيمة له رضي الله عنه ، و هذا من أجلِّ الأسباب لاختياره .
- فبذلك يدرك المسلم حكمة أبي بكر رضي الله عنه في إسناد الأمر إلى أهله ، و اختيار الرجل المناسب للمهمة الجليلة المناسبة -
س3: ما مصير مصحف عثمان رضي الله عنه.

* 1- أنه ذهب ......قال الإمام مالك لما سأله بن وهبٍ عن مصحف عثمان رضي الله عنه ( ذهب ) رواه ابن أبي داود
- * قال الشاطبي : و أباه المنصفون لأنه ليس في قول مالك "تغيّب" ما يدل على عدم المصحف بالكلية بحيث لا يوجد ؛ لأن ما تغيّب يُرجى ظهوره ) .
*2- كان في بعض خزائن الأمراء........ قال أبو عبيد القاسم بن سلام : ( رأيت في الإمام مصحف عثمان بن عفان -استخرج لي من بعض خزائن الأمراء و رأيت فيه دمه- في سورة البقرة "خطيكم" بحرف واحد و التي في الأعراف "خطيئتكم " بحرفين ) . رواه أبو عمرو الداني في المقنع
- لكن ذكر نور الدّين السمهودي في كتابه "الوفاء بأخبار دار المصطفى" أن هذا النص في كتاب "القراءات " لأبي عبيد ، و هو مفقود اليوم.
- و قال السمهودي في تعقيبه على كلام أبي عبيد : ( و ردّه أبو جعفر النحاس بما تقدم من كلام مالك )
*3- أنه في المدرسة الفاضلة في القاهرة ........ قال ابن الجزري في النشر في مسألة رسم (ولات حين ) : ( رأيتها مكتوبة في المصحف الذي يقال له : "الإمام" مصحف عثمان رضي الله عنه (لا) مقطوعة و التاء موصولة بحين، و رأيت به أثر الدم ، و تبعت فيه ما ذكره أبو عبيد ؛ فرأيته كذلك ، و هذا المصحف هو اليوم بالمدرسة الفاضلة من القاهرة المحروسة )ا.ه
- قال السمهودي : (قلت : فيحتمل أنه بعد ظهوره نقل إلى المدينة،و جعل بالمسجد النبوي .لكن يوهن هذا الاحتمال أن بالقاهرة مصحف عليه أثر الدم عند قوله تعالى : {فسيكفيكهم الله } الآية كما هو بالمصحف الشريف الموجود اليوم بالمدينة ، و يذكرون أنه المصحف العثماني ، و كذلك بمكة ، و المصحف الإمام الذي قتل عثمان رضي الله عنه و هو بين يديه للا يكون إلا واحدًا ، و الّذي يظهر أنّ بعضهم وضع خَلُوقًا على تلك الآية تشبيهًا بالمصحف الإمام )ا.ه
- و يؤيد ما ذهب إليه السمهودي ما رواه عمر بن شبّة في تاريخ المدينة عن محرز بن ثابت مولى مسلمة بن عبد الملك ، عن أبيه قال : كنت في حرس الحجاج بن يوسف ،فكتب الحجاج المصاحف ، ثم بعث بها إلى الأمصار ، و بعث بمصحف إلى المدينة ، فكره ذلك آل عثمان ، فقيل لهم : أخرجوا مصحف عثمان يُقرأ ، فقالوا : أصيب المصحف يوم قتل عثمان رضي الله عنه .
*4- أن مصحف عثمان رضي الله عنه صار إلى خالد بن عمرو بن عثمان ..........قاله محرز .
و قال : (فلما استُخلف المهديّ بعث بمصحف إلى المدينة ؛ فهو الذي يقرأ فيه اليوم ، و عزل مصحف الحجاج ، فهو في الصندوق الذي دون المنبر ) .

س4: هل كان مصحف أبي بكر رضي الله عنه جامعاً للأحرف السبعة؟
لا لم يكن جامعًا للأحرف السبعة ، و لا يصح عن أحد من السلف أن مصحف أبو بكر رضي الله عنه جامعًا لها .
س5: ما سبب بقاء بعض الاختلاف في القراءات بعد جمع عثمان؟

لأن الرسم العثماني كان محتملاً لبعض ما في الأحرف الأخرى . قال مكيّ بن أبي طالب القيسي : ( فالمصحف كتب على حرف واحد ، و خطّه محتمل لأكثر من حرف إذ لم يكن منقوطًا و لا مضبوطًا )
و قال في موضع آخر : ( إن هذه القراءات كلها التي يقرأ بها الناس اليوم ، و صحّت روايتها عن الأئمة ، إنما هي جزء من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ، و وافق اللفظ بها خط المصحف ، مصحف عثمان الذي أجمع الصحابة فمن بعدهم عليه ، و اطرح ما سواه مما يخالف خطّه)

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 28 شوال 1438هـ/22-07-2017م, 09:22 AM
رشا نصر زيدان رشا نصر زيدان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
الدولة: الدوحة قطر
المشاركات: 359
افتراضي مجلس مذاكرة القسم الثاني من جمع القرآن

المجلس الثالث عشر: مجلس مذاكرة القسم الثاني من جمع القرآن

المجموعة الرابعة:

س1: ما هي أسباب جمع أبي بكر رضي الله عنه للقرآن في مصحف واحد؟

قال ابن كثير رحمه الله: (وهذا من أحسنِ وأجلِّ وأعظمِ ما فعله الصديق رضي الله عنه).
- وروى البخاري في صحيحه من طريق ابن شهاب الزهري، عن عبيد بن السباق، أن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: (أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده.
قال أبو بكر رضي الله عنه: « إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء بالمواطن، فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن».
قلتُ لعمر: كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال عمر: «هذا والله خير» فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر.و لقد أقنع أبو بكر الصديق زيد بن ثابت بإستلام المهمة بتفنيد أسباب اختياره له من صفات شخصية من الشباب والأمانة و العقل ثم أفرد الصفات العملية و هي كتابت للوحي و ملازمته للرسول صلى الله عليه وسلم.

ومن هذا الأثر يتضح أن من الأسباب التي أدت أبو بكر رضي الله عنه بجمع القرآن هي:
• مشورة عمر بن الخطاب له خاصة بعد استشهاد عدد كبير من القراء الحفاظ للكتاب الله،ومخافة ان يندثر القرآن.
• انقطاع الوحي بوفاة الرسول صل الله عليه وسلم و انقطاع المانع الذي كان حائلا لجمع القرآن في مصحف واحد، حيث أنه لن يوجد تنزيل للآيات أو نسخ لها.

س2: ما مصير مصحف أبي بكر رضي الله عنه؟

• بعد أن انتهت اللجنة الموكلة بجمع القرآن برئاسة زيد ابن ثابت رضي الله عنهم جميعاً؛جُمع القرآن في مصحف واحد كان عند أبو بكر ومن بعده عمر بن الخطاب،وبعد مقتل عمر رضي الله عنه،كانت عند حفصة زوجة الرسول صلى الله عليه و سلم،وقد طلبها عثمان بن عفان بعد جمعه القرآن على قراءة قريش فأعطته له على أن يعيدها لها،فأعادها لها و ظلت لديها حتى تولى مروان امارة المدينة و حاول معها ليأخذها حتى يحرقها مخافة الاضطراب الذي قد يحدث،لكنها رفضت حتى وفاتها، فخاطب مروان ابن عمر رضي الله عنه بعزيمة حتى سلمها له و حرقها.

س3: ما موقف الصحابة رضي الله عنهم من جمع عثمان؟

• لقد اجمع الصحابة على موافقة عثمان بن عفان رضي الله عنه في جمعه الناس على مصحف إمام و لم يخالفه أحد؛ حتى أن علي رضي الله عنه أنكر على من لقبه بحراق المصاحف،و قال لو كانت الولاية لي ما وسعني إلا أن أفعل مثل ما فعل.وقد أجمع أهل السير أن عثمان حرق جميع النسخ ماعدا المصحف الإمام على مرأى من الصحابة و لم يرده أحد.و لقد ساهم موقف علي رضي الله عنه في احتواء أهل مصر عندما جاءوا إلى المدينة منكرين على عثمان فعله.و أما موقف ابن مسعود فكانت معارضته لأسباب تخصه منها: كان من كبار الصحابة و أقرئهم و شهد له رسول الله صل الله عليه و سلم بالعلم وأنه من أراد قراءة القرآن غضا فليقرأه من فم ابن أم عبد.و لذلك فضل ابن مسعود معروف في قراءة القرآن و تعليمه و كان نائبا في الكوفة، و عندما جمع عثمان زيد و اللجنة التي معه شق على نفسه أنه لم يكن معه ليس رغبة في المنصب أو الرئاسة و لكن رغبة منه في جمع الأحرف التي أقرأه له الرسول صلى الله عليه وسلم ولكنه في النهاية وافق الصحابة و سلم المصحف الخاص به.

س4: هل كان الجمع العثماني مشتملاً على الأحرف السبعة أو على حرف منها؟


• ورد في الحديث عن عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى حَرْفٍ، فَرَاجَعْتُهُ، فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ فَيَزِيدُنِي حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ» قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: «بَلَغَنِي أَنَّ تِلْكَ السَّبْعَةَ الْأَحْرُفَ إِنَّمَا هِيَ فِي الْأَمْرِ الَّذِي يَكُونُ وَاحِدًا، لَا يَخْتَلِفُ فِي حَلَالٍ وَلَا حَرَامٍ».وهذا من باب التخفيف و التيسيير على المسلمين.وورد في السير أن عمر بن الخطاب كان يقرأ و يأمر المسلمين بقراءة القرآن على لسان قريش.واختلف أهل العلم على الجمع العثماني والأحرف السبعة إلى:

منهم من ذهب إلى أن عثمان جمع القرآن على حرف واحد. قال به الحارث المحاسبي وابن جرير الطبري و ابن القيم. وهذا القول لا يصح لأن مصحف عثمان لم يكن منقوطا و لا مشكولاً. وكان القراء يقرؤون بقرائتهم بما وافق الرسم. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ليست هذه القراءات السبعة هي مجموع حرف واحد من الأحرف السبعة التي أنزل القرآن عليها باتفاق العلماء المعتبرين.

 ومن العلماء من ذهب إلى أن المصحف العثماني يحتمل الأحرف السبعة. قال به أبي بكر الباقلاني وهذا يضاد هدف عثمان من جمعه للقرآن لتوحيد صف المسلمين. قال ابن الجزري: هذا القول محظور،و أنه قد صح عن الصحابة رضي الله عنهم مخالفة الرسم العثماني.

الراجح من القول أن عثمان اختار من الأحرف السبعة ما يوافق لسان قريش و العرضة الأخيرة والقراءة العامة و بقي الرسم العثماني محتملا لبعض ما في الأحرف الأخرى. قال به مكي بن أبي طالب القيسي وأحمد بن عمار المقرئ.

س5: هل كان جمع أبي بكر في صحف غير مرتبة السور في مصحف واحد؟

نعم كان غير مرتب السور و لكنه كان مرتب الآيات في السورة الواحدة وقد صح أن أبو بكر الصديق جمع القرآن بين دفتي المصجف ولم يكن في صحف متفرقة كما ورد عن الصفاقسي و قد أخطأ في ذلك.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 28 شوال 1438هـ/22-07-2017م, 08:56 PM
عقيلة زيان عقيلة زيان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 700
افتراضي

المجموعة الرابعة:
س1: ما هي أسباب جمع أبي بكر رضي الله عنه للقرآن في مصحف واحد؟
عن زيد بن ثابت قال: أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة ، فإذا عمر الخطاب عنده، قال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراءة و القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن، فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. فقلت لعمر: كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رآه عمر.
من هنا كانت بداية فكرة جمع القرآن..لما استحرى القتل بالقراء يوم اليمامة أذهل ذلك عمر ابن الخطاب وفزع ذعرا فخاف أن يأتي يوم ينتهي فيه ى القراء فيضيع القران
وقد زال سبب الموجب لمنع لجمع القران في مصحف واحد الذي كان في وقت النبي صلى الله عليه وسلم وهو استمرار نزول الوحي و ترقب ما يكون من نسخ الآيات و تغيير و تبديلها
خاصة وأن عدد القراء الذين قتلوا يوم اليمامة كثير.. فذكر ابن كثير أنهم نحو خمسمائة، وقيل أكثر من ذلك.
وقد روى أهل السير أن القراء قاتلوا يوم اليمامة قتال الأبطال وثبتوا ثباتاً عظيماً بعدما انكشف الناس، وكان عدّتهم بعد انكشاف عامة الجيش نحو ثلاثة آلاف، وعدة أصحاب مسيلمة أضعاف عددهم؛ فثبتوا واستبسلوا حتى فتح الله عليهم ونصرهم.
وكان من أشهر الذين قتلوا يوم اليمامة من القرّاء:سالم مولى أبي حذيفة، وكان من كبار حملة القرآن، وممن أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بأخذ القرآن عنهم، وكان يؤمّ المسلمين في المدينة قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إليها.
وقُتِلَ معه يوم اليمامة:مولاه أبو حذيفة بن عتبة، وثابت بن قيس بن شماس، وشجاع بن أبي وهب الأسدي وهو من السابقين الأولين إلى الإسلام ممن هاجر إلى الحبشة وشهد بدراً والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم،....وغير دلك من القراء
لهذا
خاف عمر رضي الله عنه ضياع القران بموت الحفاظ وقتل القراء فأشار على أبي بكر الصديق بجمع القرآن
وفي رواية: لما قتل أصحاب اليمامة دخل عمر بن الخطاب علي أبي بكر رضي الله عنهما فقال: إن أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تهافتوا في القتل يوم اليمامة كما يتهافت الفراش في النار، وإني أخاف أن لا يشهدوا مشهدًا، إلا فعلوا ذلك، وهم حملة القرآن، فيضيع القرآن ويذهب. - المرشد الوجيز-

س2: ما مصير مصحف أبي بكر رضي الله عنه؟
كانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر في حياته حتى توفي ، ثم عند حفصة بنت عمر زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأرسل إليها عثمان فأبت أن تدفعها إليه، حتى عاهدها ليردنها إليها، فبعثت بها إليه، فنسخ منها عثمان هذه المصاحف، ثم ردها إليها، فلم تزل عندها حتى ماتت
ولما توفي أرسل مروان إلى عبد الله ابن عمر أن أرسل لي المصحف وعزم عليه بذلك فلما أرسله إليه مزقه وحرقها
الآثار في ذلك
- وقال ابن شهاب الزهري: حدثني أنس رضي الله عنه قال: (لما كان مروان أمير المدينة أرسل إلى حفصة يسألها عن المصاحف ليمزّقها وخشي أن يخالف الكتاب بعضه بعضا، فمنعتها إياه).
قال الزهري: فحدثني سالم قال: (لما توفيت حفصة أرسل مروان إلى ابن عمر رضي الله عنهما بعزيمة ليرسلن بها، فساعة رجعوا من جنازة حفصة أرسل بها ابن عمر رضي الله عنهما، فشققها ومزقها مخافة أن يكون في شيء من ذلك خلاف لما نسخ عثمان رضي الله عنه). رواه ابن شبة في تاريخ المدينة، وأبو عبيد في فضائل القرآن، وابن حبان في صحيحه
و رواه ابن أبي داوود في كتاب المصاحف من طريق أبي اليمان قال: أخبرنا شعيب، عن الزهري، أخبرني سالم بن عبد الله: أن مروان كان يرسل إلى حفصة يسألها الصحف التي كتب منها القرآن، فتأبى حفصة أن تعطيه إياها قال سالم: فلما توفيت حفصة ورجعنا من دفنها، أرسل مروان بالعزيمة إلى عبد الله بن عمر ليرسلن إليه بتلك الصحف، فأرسل بها إليه عبد الله بن عمر، فأمر بها مروان فشققت، فقال مروان: «إنما فعلت هذا لأن ما فيها قد كتب وحفظ بالمصحف، فخشيت إن طال بالناس زمان أن يرتاب في شأن هذه الصحف مرتاب، أو يقول إنه قد كان شيء منها لم يكتب».

س3: ما موقف الصحابة رضي الله عنهم من جمع عثمان؟
قد حصل إجماع من الصحابة على استحسان ما فعله عثمان ابن الخطاب من جمع الناس على مصحف إمام.وحرق كل ما سواه من المصاحف ...وقد ذكرت الروايات أن عبد ابن مسعود قد اعترض على هذا الجمع في أول أمره لأسباب تخصه ثم رجع عن المعارضة إلى موافقة ما أجمع الصحابة ..فكان متابع للجماعة...وهو الذي استقر عليه أمر المسلمين....أجمعوا على القراءة بما تضمنته المصاحف العثمانية و ترك القراءة بكل ما سواها.
ما ورد من ذلك من آثار
قال أبو إسحاق السبيعي: سمعت مصعب بن سعد يقول: «أدركت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرين فما رأيت أحداً منهم عاب ما صنع عثمان رضي الله عنه في المصاحف» رواه أبو عبيد في فضائل القرآن وعمر بن شبة واللفظ له وابن أبي داوود
وفي وراية عند ابن شبة من طريق السدي قال: حدثنا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحمن، عن زيد بن أبي أنيسة، عن أبي إسحاق، عن مصعب بن سعد قال: (سمعت رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقولون: لقد أحسن).
- قال ثابت بن عمارة الحنفي: سمعت غنيم بن قيس المازني قال: (قرأت القرآن على الحرفين جميعاً، والله ما يسرّني أن عُثمان لم يكتب المصحف وأنه ولد لكل مسلم كلما أصبح غلاماً؛ فأصبح له مثل ما له.
قال: قلنا له: يا أبا العنبر لم؟
قال: (لو لم يكتب عثمان المصحف لطفق الناس يقرؤون الشعر). رواه ابن أبي داوود في كتاب المصاحف.
وغنيم بن قيس من كبار التابعين وفقهائهم أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يره، وقرأ على كبار الصحابة رضي الله عنهم.
***
موقف أهل الأهواء من صنيع عثمان
وقد اتخذ أهل الأهواء فعل عثمان هذا فرصة و سبيلا للنقم عليه....وكان ذلك من أول الأشياء التي عيبت عليه أيام بداية ظهور الفتن ....
فقد كانت أوّل فتنة ظهرت في هذا فرقة من أهل مصر في زمن عثمان أتوا ناقمين على عثمان حتى إذا نزلوا بالجحفة أرسل إليهم عليّ بن أبي طالب ، فقال لهم عليّ: ما الذي نقمتم؟
قالوا: نقمنا أنه محا كتاب الله عز وجل.. وذكروا سائر ما نقموا عليه.
فبيّن لهم الحقّ في كلّ ما نقموا عليه من ذلك، وطفئت تلك الفتنة، ثم ظهرت فتن أخرى.
وفي زمن عليّ بن أبي طالب ظهرت طائفة في عسكره غلوا في تفضيل عليّ على عثمان حتى تناولوا عثمان وذمّوه بحرق المصاحف حتى لقّبه بعضهم (حَرَّاق المصاحف) فخطب فيهم علي بن أبي طالب، وأنكر عليهم غلوَّهم، وبيّن لهم أنه لم يحرق المصاحف إلا عن إجماع من الصحابة رضي الله عنهم لما رأوا من اختلاف الناس في القرآن.

قال عبد الرحمن بن مهدي: حدثنا يزيد بن زريع، عن عمران بن حدير، عن أبي مجلز، قال: « عابوا على عثمان رضي الله عنه تشقيق المصاحف، وقد آمنوا بما كتب لهم، انظر إلى حمقهم»رواه عمر بن شبة.
ورواه أبو عبيد ولفظه: « ألا تعجب من حمقهم؛ كان مما عابوا على عثمان تمزيقه المصاحف، ثم قبلوا ما نسخ ».
موقف ابن مسعود من جمع عثمان رضي الله عنهما:
منزلة عبد الله ابن مسعود
كان ابن مسعود رضي الله عنه من كبار قرّاء الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، أخذ من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة، وكان من معلّمي القرآن على زمن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
و في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال : « خذوا القرآن من أربعة: من ابن أم عبد - فبدأ به - ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وسالم مولى أبي حذيفة ».رواه مسلم.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من سره أن يقرأ القرآن غضّاً كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد»رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد.
وكان الصحابة يعرفون لابن مسعود إمامته وفضله وحسن قراءته، وسابقته في الدين.
قال عبد الرحمن بن يزيد: سألنا حذيفة عن رجلٍ قريب السَّمْتِ والهَدْيِ من النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم حتى نأخذَ عنه، فقال: « ما أعرفُ أحداً أقربَ سمتاً وهدياً ودلاً بالنبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم من ابن أمِّ عبْدٍ »رواه البخاري.
وبعثه عمر بن الخطاب إلى الكوفة معلّماً ووزيراً؛ فكان يقرئ الناس في الكوفة مدة خلافة عمر وصدر خلافة عثمان؛ ونفع الله به به نفعاً مباركاً؛ وكان يقرئهم كما أقرأه النبي صلى الله عليه وسلم، وكان أبو موسى الأشعري يقرئ أهل البصرة، وكان من قرّاء الصحابة رضي الله عنه.
وقد كان ابن مسعود رضي الله عنه يأمر المتعلّمين أن يقرأ كلٌّ منهم كما عُلّم، وأن لا ينكر على من قرأ قراءة صحيحة؛ بل ربما اشتدّ على من يسأل عن الأحرف مخافة أن يضرب السائل بعض القراءات ببعض، ويصرف نظره إلى التدبّر والتفكر والعمل.
قال أبو وائل شقيق بن سلمة: جاء رجل يقال له نهيك بن سنان إلى عبد الله، فقال: يا أبا عبد الرحمن كيف تقرأ هذا الحرف؟ ألفا تجده أم ياء{من ماء غير أسن}، أو [من ماء غير ياسن]؟
قال: فقال عبد الله: وكلَّ القرآن قد أحصيتَ غير هذا؟!!
قال: إني لأقرأ المفصَّلَ في ركعة!
فقال عبد الله: «هذّا كهذّ الشِّعر! إنَّ أقواماً يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع »رواه مسلم.
وكان يسير في تعليم الناس القرآن على الطريقة التي تعلّمها من النبي صلى الله عليه وسلم.
وكان من أسباب جمع عثمان الناس على قراءة واحدة هو كثرة الخلاف الحاصل بين الناس في القران..حتى كادت تكون فتنة بينهم..وتكفير بعضهم لبعض..فعزم عثمان على جمع الناس على قراءة واحدة.. وفي هذة الفترة كان عبد الله ابن مسعود نائيا في العراق..
وكان عثمان قد اختار زيد بن ثابت لعلمه بالكتابة والخطّ، وكان أكتبَ الناسِ في زمانه، وجعل معه من جعل من القراء والكتبة والمملين، ولم يجعل ابن مسعود منهم .
فشقّ ذلك على ابن مسعود لأنَّ ذلك يفضي إلى ترك بعض الأحرف التي قرأ بها وتلقاها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، و قد روى عنه أنه قال لقد أخذت سبعين سورة من في رسول الله صلى الله عليه وسلم....لأجل هذا غضب ابن مسعود لكونه لم يكن ممن جمع القران لأن ذلك سبب لترك بعض الأحرف التي قرأ بها عن رسول الله صلى الله عليه..وسلم ..وأنه لو جُعل مع النفر الذين أوكل إليهم جمع القرآن وتوحيد رسمه لكان أدعى لحفظ الحروف التي يقرأ بها مما تلقّاه من رسول الله صلى الله عليه وسلم،..ولم يكن غضبه لفوات منصب أو نيل شرق كما يدعي من لا يقدر للصحابة قدرهم.
لمادا لم يعترض أبى ابن كعب رضي الله عنه على جمع عثمان...وهو أيضا كان من اعرف الناس بالقران في زمن الصحابة
لان أبي كان ممن يرجع إليه في جمع القران...وقد كانت له مشاركة في الجمع فقد ذكرت بعض الروايات انه كان ممن يملي على زيد ابن ثابت في الكتابة...لهذا اطمأن أبى بن كعب لصحة الجمع فلم يجد حرجا من تسليم مصحفه لعثمان حتى يحرقه
أما ابن مسعود فلم يحصل له ذلك..فوقع في قلبه حسرة وندامة على فوات بعض تلك الأحرف التي علمه أيها النبي صلى الله عليه وسلم
لهذا استنكر هذا الجمع أوّل الأمر لمّا بلغه، ثمّ إنه لمّا تبيّن له أن المصير إليه هو الحقّ رضي ما رضيه عثمان وسائر الصحابة واجتمعت عليه كلمة المسلمين.
روى النسائي عن أبي وائل قال: خطبنا ابن مسعود فقال: «كيف تأمروني أقرأ على قراءة زيد بن ثابت بعد ما قرأت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة، وإن زيدا مع الغلمان له ذؤابتان».
و روى بن أبي داوود عن أبي وائل أنه قال: خطبنا ابن مسعود على المنبر فقال: « {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة}غُلُّوا مصاحفكم، وكيف تأمروني أن أقرأ على قراءة زيد بن ثابت، وقد قرأت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعاً وسبعين سورة، وإن زيد بن ثابت ليأتي مع الغلمان له ذؤابتان، والله ما أنزل من القرآن إلا وأنا أعلم في أي شيء نزل، ما أحد أعلم بكتاب الله مني، وما أنا بخيركم، ولو أعلم مكانا تبلغه الإبل أعلم بكتاب الله مني لأتيته».
ثمّ إنّ موقفه هذا قد كرهه جماعة من كبار الصحابة وقرائهم وأنكروه.
- قال ابن شهاب الزهري: (بلغني أن كَرِهَ من مقالة ابن مسعود رجال أفاضل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
- وروى الأعمش عن إبراهيم النخعي عن علقمة أنه قال: قدمت الشام فلقيت أبا الدرداء فقال: «كُنَّا نَعُدّ عبدَ الله حَنَّانا فما بالُه يواثِبُ الأمراء».
ثمّ إنّ ابن مسعود رضي الله عنه قد رجع عن موقفه هذا إلى موافقة ما اجتمعت عليه كلمة الصحابة رضي الله عنهم.
وكان ابن مسعود بعد ذلك يسكّن الناسَ في أمر الاختلاف في القراءات، ويخبرهم أن اختلاف الأحرف ليس باختلاف في معاني القرآن، وأنّ كلّ حرف منها كافٍ شافٍ، وأنّ من قرأ على قراءة فليثبت عليها ولا يشكنّ فيها ولا يدعنّها رغبة عنها.
وروى عبد الرحمن بن عابس النخعي عن رجل من همدان من أصحاب ابن مسعود رضي الله عنه أنه اجتمع إلى ابن مسعود ناسٌ من أهل الكوفة فقرأ عليهم السلام، وأمرهم بتقوى الله، وألا يختلفوا في القرآن ولا يتنازعوا فيه فإنه لا يختلف ولا يتشانّ ولا يَتْفَه لكثرة الردّ..
وقال لهم: (ألا ترون أن شريعة الإسلام فيه واحدة حدودها وفرائضها وأَمْرَ اللهِ فيها، فلو كان شيء من الحرفين يأمر بشيء وينهى عنه الآخر كان ذلك الاختلاف، ولكنه جامع ذلك كله). رواه عمر بن شبة.
*****
س4: هل كان الجمع العثماني مشتملاً على الأحرف السبعة أو على حرف منها؟
والعلاقة بين الجمع العثماني والأحرف السبعة من دقيق مسائل جمع القرآن، وفيها خلاف كثير بين أهل العلم.
1. فذهب الحارث المحاسبي وابن جرير الطبري وابن القيّم وجماعة من أهل العلم إلى أن عثمان حمل الناس على حرف واحد من تلك الأحرف السبعة.
مما اعترض على هذا القول
- أن هذا القول لا يصحّ لأنَّ المصاحف العثمانية لم تكن منقوطة ولا مشكولة وقد وقع بينها اختلاف في بعض المواضع في الرسم، وكان القراء يقرؤون من قراءاتهم بما وافق الرسم، ويدعون ما خالف الرسم، فقرؤوا من الأحرف السبعة ما وافق الرسم، وبذلك نشأت القراءات المعروفة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ليست هذه القراءات السبعة هي مجموع حرف واحد من الأحرف السبعة التي أنزل القرآن عليها باتفاق العلماء المعتبرين).
2-وذهب بعض أهل العلم إلى أنّ جمع عثمان يحتمل الأحرف السبعة كلها، وهو بعيد مخالف لمقصود جمع عثمان رضي الله عنه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ذهب طوائف من الفقهاء والقراء وأهل الكلام إلى أن هذا المصحف مشتمل على الأحرف السبعة وقرر ذلك طوائف من أهل الكلام كالقاضي أبي بكر الباقلاني وغيره؛ بناء على أنه لا يجوز على الأمة أن تهمل نقل شيء من الأحرف السبعة)ا.هـ.
وقال الحافظ ابن الجزري في النشر: (ذهب جماعات من الفقهاء والقرّاء والمتكلمين إلى أن المصاحف العثمانية مشتملة على جميع الأحرف السبعة، وبنوا ذلك على أنه لا يجوز على الأمة أن تهمل نقل شيء من الحروف السبعة التي نزل القرآن بها)ا.هـ.
وهذا كما تراه استناد على غير الأثر.
مما اعترض على هذا القول
ما قاله ابن الجزرى
قال ابن الجزري في منجد المقرئين: (إذا قلنا: إنَّ المصاحف العثمانية محتوية على جميع الأحرف السبعة التي أنزلها الله تعالى كان ما خالف الرسم يقطع بأنه ليس من الأحرف السبعة، وهذا قول محظور لأن كثيرا مما خالف الرسم قد صح عن الصحابة رضي الله عنهم، وعن النبي صلى الله عليه وسلم).
وقال أيضاً: (نحن نقطع بأن كثيراً من الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يقرؤون بما خالف رسم المصحف العثماني قبل الإجماع عليه من زيادة كلمة وأكثر، وإبدال أخرى بأخرى، ونقص بعض الكلمات كما ثبت في الصحيحين وغيرهما، ونحن اليوم نمنع من يقرأ بها في الصلاة وغيرها منع تحريم لا منع كراهة، ولا إشكال في ذلك، ومن نظر أقوال الأولين علم حقيقة الأمر، وذلك أن المصاحف العثمانية لم تكن محتوية على جميع الأحرف السبعة التي أبيحت بها قراءة القرآن كما قال جماعة من أهل الكلام وغيرهم بناء منهم على أنَّه لا يجوز على الأمة أن تُهمل نقل شيء من الأحرف السبعة)ا.هـ.
ومما رجحه الشيخ حفظه الله أن عثمان اختار من الأحرف السبعة ما وافق لغة قريش والعرضة الأخيرة وقراءة العامّة، وبقي الرسم العثماني محتملاً لبعض ما في الأحرف الأخرى.
قال مكيّ بن أبي طالب القيسي.(فالمصحف كتب على حرف واحد، وخطه محتمل لأكثر من حرف إذ لم يكن منقوطاً ولا مضبوطاً).
وقال في موضع آخر: (إن هذه القراءات كلها التي يقرأ بها الناس اليوم، وصحت روايتها عن الأئمة، إنما هي جزء من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، ووافق اللفظ بها خط المصحف، مصحف عثمان الذي أجمع الصحابة فمن بعدهم عليه، واطرح ما سواه مما يخالف خطه).
وقال ابن الجزري: (وذهب جماهير العلماء من السلف والخلف وأئمة المسلمين إلى أن هذه المصاحف العثمانية مشتملة على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة فقط، جامعة للعرضة الأخيرة التي عرضها النبي صلى الله عليه وسلم على جبرائيل عليه السلام - متضمنة لها لم تترك حرفا منها).
قال: (وهذا القول هو الذي يظهر صوابه؛ لأن الأحاديث الصحيحة والآثار المشهورة المستفيضة تدلُّ عليه وتشهد له).
س5: هل كان جمع أبي بكر في صحف غير مرتبة السور في مصحف واحد؟

الذي فهمته من كلام الشيخ أن أبا بكر الصديق رضى الله عنه وأرضاه جمع القران في مصحف واحد
لقول عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: (رحم الله أبا بكر، كان أعظم الناس أجرا في القرآن، هو أول من جمعه بين اللوحين).
فقوله بين اللوحين فيه دلالة ظاهرة انه كان مجموعا في مصحف واحد
و هو القول الصحيح وعليه يكون قول ابن التين في شرحه على صحيح البخاري أن أبا بكر الصديق جمع القران في صحائف متفرقة..غير صحيح
فان ثبت ذلك فهو على ترتيب معين...الذي هو يقين أنه مرتب الآيات..لكن ترتيب السور..لم تبين لي القول الصحيح في ذلك..والله أعلم
.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 29 شوال 1438هـ/23-07-2017م, 02:07 AM
منى محمد مدني منى محمد مدني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 344
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
المجموعة الثانية
س1: ما معنى المصحف؟ وما مبدأ التسمية به؟
معنى المصحف :
الأصل في لفظ "المُصحف" ضَمُّ الميمِ لأنه مصدرٌ من أُصْحِفَ؛ فهو مُصحَفٌ، أي جُعل في صحائف مضمومة إلى بعضها، مجموعة بين دفَّتين.
قال الخليل بن أحمد: (وسُمِّيَ المُصْحَفُ مُصْحَفاً لأنَّه أُصْحِفَ، أي جُعِلَ جامعاً للصُحُف المكتوبة بين الدَّفَّتَيْن).
وقال أبو منصور الأزهري وجماعة من اللغويين بنحو هذا القول؛ فهو شبه اتّفاق على مأخذ التسمية.
مبدأ التسمية بالمصحفكانت العربُ أُمّةً أُميَّةً، لا تقرأ ولا تكتب، وأوَّل كتاب باللسان العربي هو القرآن ، ولم يكن للعرب قبل ذلك كتاب معروف بلسانهم، وكانت الكتابة فيهم قليلة جداً، وإنما يكتبون ما يحتاجون إليه من الرسائل والعهود والمواثيق في صحائف متفرقة لا تبلغ أن تكون كتاباً.
وقد اشتهرت بعض صحائفهم، ولها ذكر في أشعارهم، كصحيفة المتلمس، وصحيفة لقيط، والصحيفة الظالمة التي قاطعت فيها بطونُ قريش بني هاشم.
و"الصحيفة" تُجمع على صُحُف وصَحَائف إذا كانت متفرقة غير مضمومة، فإذا ضُمَّت سُميت مُصحفاً؛ فإذا تعدَّدَتْ أجزاء الكتاب سمّيت تلك الأجزاء "مصاحف".
ولذلك كانت العرب تسمّى كُتُبَ أهلِ الكتابِ "مصاحف"،ومن ذلك تسمية التوراة مصحفاً عندما جاء كعب الأحبار إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقام بين يديه، فاستخرج من تحت يده مُصْحَفاً، قد تشرَّمَت حواشيه، فقال: يا أمير المؤمنين، في هذه التوراة فأقرؤها؟
فقال عمر: "إن كنت تعلم أنها التوراة التي أُنزلَت على موسى، يومَ طور سَيناء، فاقرأها آناءَ الليلِ وآناءَ النهارِ، وإلا فلا" فراجعه كعب، فلم يزده على ذلك
وجاء في قصة النجاشي الذي نزل عليه المسلمين في الحبشة أن النجاشي دعا أساقفته فنشروا مصاحفهم حوله.
وفيه أن جعفر بن أبي طالب كلَّمَه وقرأ عليه سورة مريم، قالت: (فبكى والله النجاشي حتى أخضل لحيته، وبكت أساقفته حتى أخضلوا مَصَاحِفَهم حين سمعوا ما تلا عليهم.
ومصاحفهم إنما هي كتبهم التي جمعوا صحائفها وضموا بعضها إلى بعض.
وقد ذكرالشيخ عبد العزيز الداخل حفظه الله أنه لم يقف على خبر صحيح في أول من سمى القرآن مصحفاً فقال:
ولم أقف على خبر صحيح في أوّل من سمَّى القرآن المكتوب مُصحفاً؛ إلا أنَّ تسميته بهذا الاسم جارية على الأصل في تسمية الصحفِ المجموعة إلى بعضها بين دفتين مصحفاً، ولأجل أنَّ المسلمين لم يكن لهم كتاب غيره اشتهرت تسميته بالمصحف حتى جُعلت علماً عليه.
وهذا نظير أسماء القرآن الأخرى كالكتاب والذكر والفرقان؛ فإنها إذا أطلقت انصرفت إلى القرآن لأجل العهد الذهني في التعريف، وإذا وردت في سياق يراد به غيرها تقيدت به.
وبقي استعمال المصحف للصحف المضمومة بين دفتين بعد ذلك بزمن، حتى قال الجاحظ في كتاب "البيان والتبيين" : (كانت العادة في كتاب الحيوان أن أجعل في كل مصحف من مصاحفها عشر ورقات من مقطّعات الأعراب، ونوادر الأشعار)
وقد قيل إن تسمية ما كتب من القرآن بالمصحف كانت معروفة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وروي في ذلك أحاديث وآثار لكنها معلولة،وروي في منشأ تسمية المصحف آثار واهية لا تصحّ.

س2: ما الأسباب التي حملت عثمان بن عفان رضي الله عنه على جمع القرآن؟
الأسباب التي حملت عثمان بن عفان رضي الله عنه على جمع القرآن:
السبب الأول:
الاختلاف الذي حصل بين الناس بسبب اختلافهم في القراءة
* خبر إبراهيم بن سعد بن عبد الرحمن بن عوف قال: حدثنا ابن شهاب [الزهري] عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان - وكان يغازي أهل الشام في فتح إرمينية وأذربيجان مع أهل العراق - فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة؛ فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى.
فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك فأرسلت بها حفصة إلى عثمان؛ فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن ابن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف). رواه البخاري والترمذي والنسائي في الكبرى.
*وروى يونس وابن وهب عن ابن شهاب أنه قال: (حدثني أنس بن مالك رضي الله عنه: أنه اجتمع لغزوة أرمينية وأذربيجان أهل الشام وأهل العراق، فتذاكروا القرآن فاختلفوا فيه حتى كاد يكون بينهم فتنة). رواه عمر بن شبة وابن أبي داوود.

السبب الثاني:
أن لايمتري الناس في القرآن
وروى أبو إسحاق السبيعي عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص أنه قال: قام عثمان فخطب الناس فقال: " أيها الناس عهدكم بنبيكم منذ ثلاث عشرة وأنتم تمترون في القرآن، وتقولون قراءة أبيّ وقراءة عبد الله، يقول الرجل: والله ما تقيم قراءتك فأعزم على كل رجل منكم ما كان معه من كتاب الله شيء لما جاء به...) رواه عمر بن شبة في تاريخ المدينة وابن أبي داوود في كتاب المصاحف.

السبب الثالث:
أن لايختلف الناس ويظن كل واحد أن قراءته هي الأفضل
وروى علقمة بن مرثد الحضرمي، عن العيزار بن جرول الحضرمي عن سويد بن غفلة الجعفي قال: والله لا أحدثكم إلا بشيء سمعته من علي: سمعته يقول: " اتقوا الله في عثمان ولا تغلوا فيه، ولا تقولوا حراق المصاحف، فوالله ما فعل إلا عن ملأ منا أصحاب محمد، دعانا فقال: ما تقولون في هذه القراءة؟ فقد بلغني أن بعضكم يقول: قراءتي خير من قراءتك، وهذا يكاد يكون كفرا، وإنكم إن اختلفتم اليوم كان لمن بعدكم أشد اختلافا "،
قلنا: فما ترى؟ قال: «أن أجمع الناس على مصحف واحد فلا تكون فرقة ولا اختلاف» ، قلنا: فنعم ما رأيت، قال: «فأي الناس أقرأ؟» قالوا: زيد بن ثابت،
قال: «فأي الناس أفصح وأعرب؟»
قالوا: سعيد بن العاص، قال: «فليكتب سعيد وليمل زيد» ، قال: فكانت مصاحف بعث بها إلى الأمصار، قال علي: «والله لو وليت لفعلت مثل الذي فعل» رواه عمر بن شبة.

السبب الرابع :
أن لايتحزب الناس فيكونوا احزاب وجماعات متفرقة
*قال يحيى بن عبد الرحمن الأرحبي: حدثني عبد الله بن عبد الملك الحر، عن إياد بن لقيط، عن يزيد بن معاوية النخعي قال: إني لفي المسجد زمن الوليد بن عقبة في حلقة فيها حذيفة قال: وليس إذ ذاك حَجَزَةٌ ولا جَلاوزة، إذ هتف هاتف: من كان يقرأ على قراءة أبي موسى؛ فليأت الزاوية التي عند أبواب كندة، ومن كان يقرأ على قراءة عبد الله بن مسعود فليأت هذه الزاوية التي عند دار عبد الله، واختلفا في آية من سورة البقرة قرأ هذا (وأتموا الحج والعمرة للبيت) وقرأ هذا: {وأتموا الحج والعمرة لله}
فغضب حذيفة واحمرَّت عيناه، ثم قام ففزر قميصه في حجزته وهو في المسجد وذاك في زمن عثمان فقال: إما أن يركب إليَّ أمير المؤمنين وإما أن أركب، فهكذا كان من قبلكم، ثم أقبل فجلس فقال: «إن الله بعث محمدا فقاتل بمن أقبل من أدبر حتى أظهر دينه، ثم إن الله قبضه فطعن الناس في الإسلام طعنة جواد ثم إن الله استخلف أبا بكر فكان ما شاء الله، ثم إن الله قبضه فطعن الناس في الإسلام طعنة جواد، ثم إن الله استخلف عمر فنزل وسط الإسلام، ثم إن الله قبضه فطعن الناس في الإسلام طعنة جواد، ثم إن الله استخلف عثمان وايم الله ليوشكن أن يطعنوا فيه طعنة تخلفونه كله» رواه ابن أبي داوود.

السبب الخامس :
حتى لايكفر الناس بعضهم بعضا
*قال حفص بن عمر الدوري المقرئ: حدثنا إسماعيل بن جعفر أبو إبراهيم المديني، عن عمارة بن غزية، عن ابن شهاب الزهري، عن خارجة بن زيد، عن زيد بن ثابت: أن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قدم من غزوة غزاها بفرج أرمينية فحضرها أهل العراق وأهل الشام، فإذا أهل العراق يقرءون بقراءة عبد الله بن مسعود، ويأتون بما لم يسمع أهل الشام، ويقرأ أهل الشام، بقراءة أبي بن كعب، ويأتون بما لم يسمع أهل العراق، فيكفرهم أهل العراق، قال: «فأمرني عثمان رضي الله عنه أن أكتب له مصحفا» فكتبته، فلما فرغت منه عرضه). رواه عمر بن شبة.

السبب السادس :
حتى لايكفر الناس بشيء من القرآن لاختلاف القراءة
*قال عبد الله بن وهب: حدثني عمرو بن الحارث أن بكيرا، حدثه: (أن ناساً كانوا بالعراق يسأل أحدهم عن الآية، فإذا قرأها قال: "فإني أكفر بهذه"، ففشا ذلك في الناس، واختلفوا في القراءة، فكُلِّمَ عثمانُ بن عفان رضي الله عنه في ذلك، فأمر بجمع المصاحف فأحرقها، وكتب مصاحف ثم بثَّها في الأجناد). رواه عمر بن شبة وابن أبي داوود.

السبب السابع :
ماوقع من كفر البعض بما يخالف قراءته
وروى هشام بن حسان عن محمد بن سيرين أنه قال: (كان الرجل يقرأ فيقول له صاحبه: "كفرت بما تقول"، فرُفِعَ ذلك إلى ابن عفان فتعاظم في نفسه، فجمع اثني عشر رجلا من قريش والأنصار، منهم أبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت، وأرسل إلى الرَّبْعَةِ التي كانت في بيت عمر رضي الله عنه، فيها القرآن "
قال: «وكان يتعاهدهم».
قال ابن سيرين: فحدثني كثير بن أفلح: أنه كان فيمن يكتب لهم، فكانوا كلما اختلفوا في شيء أخَّرُوه.
قلت: لم أخَّرُوه؟
قال: لا أدري
قال محمد: فظننت أنا فيه ظنا، ولا تجعلوه أنتم يقينا، ظننت أنهم كانوا إذا اختلفوا في الشيء أخروه حتى ينظروا آخرهم عهدا بالعرضة الأخيرة فكتبوه على قوله).

السبب الثامن :
رغبة ابي حذيفة في جعل القراءة واحدة خوفا من الفتنة ،ولم يتكلم حتى رأى بوادرها
وقال يحيى بن آدم: حدثنا عمرو بن ثابت قال: حدثنا حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الشعثاء قال: (كنا جلوسا في المسجد وعبد الله يقرأ فجاء حذيفة فقال: " قراءة ابن أم عبد وقراءة أبي موسى الأشعري، والله إن بقيت حتى آتي أمير المؤمنين، يعني عثمان، لأمرته بجعلها قراءة واحدة قال: فغضب عبد الله فقال لحذيفة كلمة شديدة قال فسكت حذيفة). رواه عمر بن شبة.
وهذا مما يدلّ على أنَّ حذيفة كان يكره هذا الاختلاف من قبل لكنَّه لم يكلّم فيه عثمان حتى رأى بوادر الفتنة.

السبب التاسع:
اختلاف الغلمان في القراءة وكفر بعضهم بقراءة بعض
*قال إسماعيل بن عليّة: حدثنا أيوب، عن أبي قلابة قال: لما كان في خلافة عثمان جعل المعلم يعلم قراءة الرجل، والمعلم يعلم قراءة الرجل، فجعل الغلمان يلتقون فيختلفون حتى ارتفع ذلك إلى المعلمين.
قال أيوب: لا أعلمه إلا قال: حتى كفر بعضهم بقراءة بعض، فبلغ ذلك عثمان، فقام خطيبا فقال: «أنتم عندي تختلفون فيه فتلحنون، فمن نأى عني من الأمصار أشد فيه اختلافاً، وأشد لحناً، اجتمعوا يا أصحاب محمد واكتبوا للناس إماماً» رواه ابن أبي داوود في كتاب المصاحف، وهو منقطع.

س3: اذكر أسماء كتبة المصاحف العثمانية.
اختُلف في عدد الكَتَبةِ الذين كتبوا المصاحف العثمانية
وهذه أسماء الذين كتبوا المصاحف العثمانية مع ذكر الروايات الواردة فيها وبيان صحتها :
* زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام
الرواية الورادة في ذلك وهي رواية صحيحة :
- ففي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه أن عثمان أمر
زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوا الصحف التي كانت عند حفصة في المصاحف.
* أبيّ بن كعب وزيد بن ثابت
الرواية الورادة في ذلك :
- وفي كتاب المصاحف من حديث ابن سيرين عن كثير بن أفلح أن عثمان جمع اثني عشر رجلاً من قريش والأنصار، منهم أبيّ بن كعب وزيد بن ثابت.
*كثير بن أفلح
الرواية الورادة في ذلك :
- وذكر ابن سيرين أن كثير بن أفلح مولى أبي أيّوب الأنصاريكان من كتاب المصاحف.
* سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أبي أمية
الرواية الورادة في ذلك :
- وروى ابن أبي داوود في كتاب المصاحف من طريق عمارة بن غزية عن خارجة بن زيد أن الذي كان يملي على زيد هو أبان بن سعيد بن العاص، وهو وهم، والصواب أنه سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أبي أمية، وهو معدود في صغار الصحابة رضي الله عنهم، وأبان بن سعيد عمّه قتل يوم أجنادين في أوّل خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
* جدّ الإمام مالك بن أنس
الرواية الواردة في ذلك وبيان أنه ليس من كتبة المصاحف العثمانية وإنما كتبه لنفسه في ذلك الزمان :
وقد عُدّ منهم مالك بن أبي عامر الأصبحي الحميري(ت:74هـ) جدّ الإمام مالك بن أنس، وكان من القراء زمن عثمان بن عفان، وهو من أمدادِ حِمْيَر ليس معدوداً من المهاجرين ولا من الأنصار.
قال الإمام مالك في الموطأ: «ولا بأس بالحلية للمصحف، وإنَّ عندي مصحفا كتبه جَدّي إذْ كَتَب عثمان رضي الله عنه المصاحف، عليهِ فِضَّةٌ كثيرة».
وهذا ليس بنصٍّ على أنه كان من كُتّاب المصاحف العثمانية، وإنما يدلّ على أنَّه كتبه في ذلك الزمان؛ ويدلّ لذلك أنَّ هذا المصحف بقي في ملكه حتى ورثه حفيدُه الإمام مالك، ولو كان من المصاحف التي أُمر بكتابتها لمصلحة المسلمين لما كان له أن يتملَّكه.
وقد كَثُرَ استنساخُ المصاحف بعد أن جمع عثمان رضي الله عنه الناس على مصحف إمام؛ فالأظهر أن مراد الإمام مالك أن جدّه كتب ذلك المصحف لنفسه في ذلك الوقت.
* أنس بن مالك، وعبد الله بن عباس
ذكر الرواية الواردة في ذلك وبيان ضعفها :
قال ابن حجر: (ووقع من تسمية بقية من كتب أو أملى عند بن أبي داود مفرقا جماعة:
- منهم: مالك بن أبي عامر جدّ مالك بن أنسمن روايته، ومن رواية أبي قلابة عنه.
ومنهم: كثير بن أفلح،ومنهم أبيّ بن كعب ،ومنهم أنس بن مالك، وعبد الله بن عباسوقع ذلك في رواية إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع عن ابن شهاب في أصل حديث الباب.
فهولاء تسعة عرفنا تسميتهم من الاثني عشر.
وقد أخرج بن أبي داود من طريق عبد الله بن مغفل وجابر بن سمرة قال: قال عمر بن الخطاب: (لا يملين في مصاحفنا إلا غلمان قريش وثقيف) وليس في الذين سميناهم أحد من ثقيف، بل كلهم إمَّا قريشى أو أنصاري، وكأن ابتداء الأمر كان لزيد وسعيد للمعنى المذكور فيهما في رواية مصعب، ثم احتاجوا إلى من يساعد في الكتابة بحسب الحاجة إلى عدد المصاحف التي تُرسل إلى الآفاق؛ فأضافوا إلى زيد مَن ذُكِرَ ثم استظهروا بأبيّ بن كعب في الإملاء)
من عدّ ابن عباس وأنس بن مالك فإن كان مستنده إنما هو ما رواه إبراهيم بن إسماعيل بن مجمّع الأنصاري عن الزهريّ؛ فلا يصحّ؛ لأنه متروك الحديث لكثرة وهمه وضعف سَمْعِه، وقد قال فيه البخاري: (كثيرُ الوهم في الزهري).

س4: لخّص الفرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان رضي الله عنهما.
أوجه الفرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان رضي الله عنهما
أولاً: في سبب الجمع
أبوبكر الصديق رضي الله عنه :
سببُه الحاجة إلى حفظ نسخة مكتوبة من القرآن بعد موت كثير من حفظة القرآن في حروب الردّة.
عثمان بن عفان رضي الله عنه:
سببه ما وقع من الفتنة والاختلاف في الأحرف
ثانياً:في طريقة الجمع في المصحف
أبوبكر الصديق رضي الله عنه :
أبا بكر رضي الله عنه قد جمع القرآن بين دفّتين،ومن ضرورة جمعه بين لوحين أن يكون له ترتيب، وإن لم نقف على تعيينه.
وأما الآثار التي فيها أنَّ أبا بكر جمع القرآن في قراطيس أو صحف فينبغي أن تفهم بما يوافق هذه الآثار ولا يخالفها؛ فهي في قراطيس مجموعة في مصحف واحد، وفي صحف بين لوحين.
عثمان بن عفان رضي الله عنه:
جمع القرآن في مصحف واحد ورتّبه على السور
خلاصة :
كلاهما جمع القرآن في مصحف واحد ورتّبه على السور
ثالثا: في اشتمال الجمع على الأحرف السبعة :
جمع ابي بكر الصديق رضي الله عنه :
جمع أبي بكر كان على وجوه من الأحرف السبعة لم يتقيّد فيها بلسان قريش، ولا باختيار حرف بعينه.
فقد جمع المصحف بين اللوحين نسخة واحدة، وليس نسخاً متعددة لكل حرف نسخة، ولم يُؤثر أن جمعها كان فيه تكرار لكتابة بعض الكلمات على عدد الأحرف المقروءة بها، ولم يكونوا يقرءون بالجمع بين القراءات،والقول بأنّ جمع أبي بكر كان حاوياً للأحرف السبعة لا يصحّ عن أحد من السلف.
جمع عثمان بن عفان رضي الله عنه :
جمع عثمان الناس على رسم واحد في الجملة، وأحرق ما خالفه من المصاحف.
توضيح ماسبق:
اختلاف الأسباب والمقاصد مؤثر في منهج العمل، فأمّا جمع أبي بكر فكان يكفي فيه أن تكتب نسخة منه على أيّ حرف من الأحرف السبعة إذ كلها كافٍ شافٍ، ولم يكن بين الصحابة تنازع في أحرف القراءات، بل كان كلّ منهم يقرأ كما عُلّم، ولا ينازِع غيره فيما أُقرئوا، ولا ينازعونه فيما أقرئَ، لما أدّبهم به النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدّم.
وأمّا جمع عثمان فكان لا بدّ فيه من الاجتهاد في اختيار حرف واحد من مجموع الأحرف السبعة، ولذلك اجتهدوا اجتهاداً بالغاً في الموازنة بين الأحرف المختلف فيها، وكتبوا المصاحف على ما ارتضوه من الاختيار بما يوافق لسان قريش، ولا يخالف العرضة الأخيرة، ثم انعقد إجماع الصحابة والتابعين في ذلك الوقت على الرضا بذلك الاختيار، وترك القراءة بما يخالفه، وأجمعت عليه الأمّة بعد ذلك إلى وقتنا الحاضر.
*الاختلاف بين جمع أبي بكر الصديق وعثمان بن عفان في بعض الحروف :

من تأمّل الآثار المروية في جمع عثمان تبيّن له اجتهاد عثمان ومن معه من قرّاء الصحابة اجتهاداً بالغاً في كلّ ما تقدّم، وأن من ضرورة ذلك الاجتهاد أن يكون في جمع عثمان اختيارٌ يخالف بعض الأحرف التي كانت في مصحف أبي بكر.
قال عبد الله بن المبارك: حدثني أبو وائل شيخ من أهل اليمن، عن هانئ البربري مولى عثمان قال: كنت عند عثمان وهم يعرضون المصاحف، فأرسلني بكتف شاة إلى أبيّ بن كعب، فيها «لم يتسن» ، وفيها «لا تبديل للخلق» ، وفيها «فأمهل الكافرين».
قال: فدعا بالدواة فمحا إحدى اللامين، وكتب {لخلق الله}، ومحا «فأمهل»، وكتب {فمهّل}، وكتب {لم يتسنه} ألحق فيها الهاء). رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن، وابن جرير الطبري.
- ولو كان جمعهم لا اختيار فيه بين الأحرف لكان يكفيهم أن يكتبوه على ما في مصحف أبي بكر، ولما احتاجوا إلى سؤال أبيّ عن هذه الأحرف.
- وكذلك ما ثبت من الاختلاف بين المصاحف العثمانية في بعض الأحرف دليل على أنّ مثل هذا الاختلاف ممكن بينها وبين مصحف أبي بكر.
- ولو كانت المصاحف العثمانية نسخة مطابقة لمصحف أبي بكر حرفاً بحرف لما احتاج مروان بن الحكم إلى إتلاف هذا المصحف، ولما أقرّه ابن عمر على دعواه بأنه يخشى أن يكون فيه ما يخالف المصاحف العثمانية.
س5: ما المقصود بالعُسب واللخاف والرقاع والأكتاف والأقتاب؟
المقصود بالعسب :
قال السيوطي: (العُسُب: جمع "عسيب" وهو جريد النخل كانوا يكشطون الخوص ويكتبون في الطرف العريض.
المقصود باللخاف:
اللخاف: بكسر اللام وبخاء معجمة خفيفة آخره فاء جمع "لخفة" بفتح اللام وسكون الخاء وهي الحجارة الدقاق
وقال الخطابي: صفائح الحجارة.
المقصود بالرقاع :
الرقاع: جمع "رقعة" وقد تكون من جلد أو رَقٍّ أو كاغد.
المقصود بالأكتاف:
الأكتاف: جمع "كَتِف" وهو العظم الذي للبعير أو الشاة كانوا إذا جف كتبوا عليه
المقصود بالأقتاب:
الأقتاب: جمع "قَتَب" هو الخشب الذي يوضع على ظهر البعير ليركب عليه

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 29 شوال 1438هـ/23-07-2017م, 02:43 AM
هناء محمد علي هناء محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 439
افتراضي

المجموعة الخامسة:
س1: ما فائدة جمع أبي بكر للقرآن؟ وما موقف الصحابة رضي الله عنهم منه؟
🔹 فائدة جمع أبي بكر للقرآن
هي حفظ القرآن من الضياع بموت حفاظه ... إذ كان الاعتماد في حفظ القرآن على ما في صدور الصحابة رضوان الله عليهم ، ولم يكن القرآن قد جمع مكتوبا في مكان واحد ، وإنما كان مفرقا في العسب والرقاع واللخاف والألواح التي كتبت فيها الآيات والسور مفرقة زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
وفي حروب الردة ، وفي اليمامة تحديدا استحر القتل بالقراء فخشي من ضياع القرآن لذا أشار عمر رضي الله عنه على أبي بكر بجمعه في مكان واحد يكون مرجعا للناس إن سألوا عن آية وعونا للحافظ على استدراك ما نسي ، فكان حفظا مسطورا لما في صدور الرجال ، فإن مات أو ضعف حافظ لا يتأثر المحفوظ لثبوته مكتوبا مجموعا في مصحف ...إذ كان غرض ذلك الجمع جمع القرآن كله في مصحف واحد مع بقاء قراءات الصحابة كل كما يقرأ وكما تعلم ...

- قال الحارث المحاسبي : (كتابة القرآن ليست محدثة فإنه صلَّى الله عليه وسلَّم كان يأمر بكتابته، ولكنه كان مفرقا في الرقاع والأكتاف والعسب).وقال (وإنما أمر الصديق بنسخها من مكان إلى مكان، وكان ذلك بمنزلة أوراق وجدت في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها القرآن منتشر فجمعها جامع وربطها بخيط حتى لا يضيع منها شيء)

🔹 وأما موقف الصحابة من ذلك الجمع :
فقد أجمع الصحابة عليه ولم يعرف بينهم مخالف ... فكان ذلك الجمع محل إجماعهم رضوان الله عليهم .

- عن عبد خير قال: سمعت علياً يقول: «أعظم الناس أجرا في المصاحف أبو بكر رحمة الله على أبي بكر هو أول من جمع بين اللوحين» رواه ابن أبي داوود في كتاب "المصاحف"

س2: عرّف بأسماء أجزاء المصحف وملحقاته في الزمان الأول.
أسماء أجزاء المصحف وملحقاته في الزمن الأول :
- المصحف : الصحائف المجموعة بين دفتين ... قال الخليل بن أحمد: (وسُمِّيَ المُصْحَفُ مُصْحَفاً لأنَّه أُصْحِفَ، أي جُعِلَ جامعاً للصُحُف المكتوبة بين الدَّفَّتَيْن).
و الصحيفة" تُجمع على صُحُف وصَحَائف إذا كانت متفرقة غير مضمومة، فإذا ضُمَّت سُميت مُصحفاً؛ فإذا تعدَّدَتْ أجزاء الكتاب سمّيت تلك الأجزاء "مصاحف".
ولما كان القرآن هو كتاب المسلمين الأول الذي جمع في مصحف واحد فإن اسم مصحف صار علما عليه ...

- الدفتان ( دفتا المصحف ) : ضمامتاه من جانبيه ... قاله الخليل بن أحمد
- الأدم : ما كانت تصنع منه أوراق المصحف ...
- الشَّرَج: عُرى المصاحف.
- الرَّصيع: زرّ عروة المصحف.
- الرَّبعة: الصندوق الذي يوضع فيه المصحف.

س3: لخّص موقف ابن مسعود رضي الله عنه من جمع عثمان.
🔹 كان ابن مسعود أول الأمر رافضا لجمع عثمان ، ذلك أنه رأى أن فيه ذهابا لبعض الحروف التي يقرأ بها وسمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ... إذ أن ابن مسعود قد عرض على رسول الله القرآن مرتين في العام الذي توفي فيه صلى الله عليه وسلم ... وكان من أحدث الصحابة عهدا بالعرضة الأخيرة وأعلمهم بكتاب الله ... فشق عليه أن يترك القراءة بحروفه وينزل إلى ما أجمع عليه في مصحف عثمان لأنه كان يخالف زيدا في بعض حروفه ، وزيد كان المرجع في ذلك الجمع ، ثم إنه لما استبان له وجه النفع في الأمر وعظم المفسدة المترتبة على تركه من اختلاف المسلمين على كتاب ربهم عاد عن رأيه واجتمع مع الصحابة على مصحف عثمان رضي الله عنهم وأرضاهم ...

🔺وسبب موقفه رضي الله عنه من الجمع أول الأمر
أن ابن مسعود من كبار القراء من الصحابة ... حتى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ بذكره لما أوصى بأخذ القرآن عن أربعة
- فعن مسروق قال : كنا نأتي عبد الله بن عمرو، فنتحدث إليه؛ فذكرنا يوما عبد الله بن مسعود؛ فقال: لقد ذكرتم رجلاً لا أزال أحبّه بعد شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « خذوا القرآن من أربعة: من ابن أم عبد - فبدأ به - ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وسالم مولى أبي حذيفة ». رواه مسلم.
- كما أنه صلى الله عليه وسلم قال : « من سره أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل؛ فليقرأه على قراءة ابن مسعود » رواه أحمد ... وفي رواية لأحمد والبخاري في الأدب المفرد ( على قراءة ابن ام عبد )
- وقد تلقى ابن مسعود سبعين سورة من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال عن نفسه رضي الله عنه ... وكان ممن اختارهم رسول الله ليعلموا القرآن ... فله مكانته وسبقه وفضله في الإسلام وفي القرآن ... فقال هو عن نفسه ( وما من كتاب الله آية إلا أعلم حيث نزلت، وفيم نزلت، ولو أعلم أحدا أعلم بكتاب الله مني، تبلغنيه الإبل لرحلت إليه). رواه ابن أب داوود.

🔺أرسله عمر معلما ووزيرا على الكوفة فبقي فيها خلافة عمر وصدر خلافة عثمان ... وكان يقرئ الناس بما أخذه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ... وهكذا كان معلمو الصحابة يقرئ كل منهم بما أخذه وعلمه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فابن مسعود في الكوفة يعلم بما قرأ وعلم ، وأبو موسى في البصرة يقرئ بما علم ، وأبي في المدينة ... وهكذا ... ولبعد الكوفة والبصرة عن المدينة مقر الصحابة فإن الاختلاف والشقاق بين المسلمين أكثر احتمالا منه في المدينة ، لوجود الصحابة في المدينة فيقطع الخلاف ، لكن ما نأى من ديار الإسلام فإن احتمال الاختلاف فيه أكثر ، لذلك كان ابن مسعود شديد الحرص على أن لا يختلف الناس فيما يقرأون ، فكان يدعو أن يقرأ كل بما علم ، وأن يكون جل عملهم في التدبر والعمل لا مجرد القراءة والهذ ... لكن ذلك كله لم يمنع وقوع الاختلاف بين الناس في القراءة ...
- وانتبه لذلك حذيفة بن اليمان ، إذ خشي أن تحدث فتنة بين الناس كل يقرأ بما علم وينكر على غيره ما يقرأ به ... فقال يوما لابن مسعود وأبي موسى : «أما إنكما إن شئتما أقمتما هذا الكتاب على حرف واحد، فإني قد خشيت أن يتهوَّن الناس فيه تهوُّنَ أهل الكتاب»
و قال: (قراءة ابن أم عبْد وقراءة أبي موسى الأشعري!! والله إن بقيت حتى آتي أمير المؤمنين، يعني عثمان، لأمرته بجعلها قراءة واحدة.
قال: فغضب عبد الله؛ فقال لحذيفة كلمة شديدة.
قال: فسكت حذيفة
). رواه ابن أبي داوود في المصاحف.

🔺وبلغ الأمر ذروته لما رأى حذيفة اختلاف الناس في القراءة في فتح أرمينية وأذربيجان حتى كاد يكفر بعضهم بعضا وينكر بعضهم قراءة بعض فرفع الأمر لعثمان أن يجمع كلمة المسلمين على مصحف واحد حتى لا يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى ...

🔺وكان من النفر الذين اختارهم عثمان لجمع المصاحف زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وأبي بن كعب وغيرهم ، ولم يكن ابن مسعود معهم ... فشق ذلك عليه لأسباب منها :
1 - لأنه رأى أنه لو كان مع النفر الذين جمعوا القرآن على قراءة واحدة ورسم واحد لكان ذلك أدعى إلى حفظ بعض حروفه التي تلقاها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخشي من ضياع شيء منها .

2 - لأنه من أعلم الصحابة بالقرآن وكان معلما له ومشهودا له بحسن القراءة من رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال أنه عرض قراءته على رسول الله عام وفاته فأقره عليه وأخبره أنه محسن ... فكان مقدما في كل ماله علاقة بالقرآن ، فشق عليه أن لا يكون في أمر عظيم كهذا لما عنده من علم بكتاب الله ...
- وعن الأعمش عن شقيق عن عبد الله أنه قال: (على قراءة من تأمروني أن أقرأ؟!! فلقد قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعاً وسبعين سورة، ولقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أعلمهم بكتاب الله، ولو أعلم أنَّ أحداً أعلم مني لرحلتُ إليه).
قال شقيق: (فجلست في حلق أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فما سمعت أحدا يرد ذلك عليه ولا يعيبه
). رواه مسلم

3 - و شق عليه تحريق مصحفه لأنه أخذه من في رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعلم صحته فلم تطاوعه نفسه ابتداء أن يتنازل عنه ... ثم لما بدا له وجه المصلحة عاد عن قوله ...
- عن الأعمش، عن أبي وائل قال: خطبنا ابن مسعود فقال: «كيف تأمروني أقرأ على قراءة زيد بن ثابت بعد ما قرأت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة، وإن زيدا مع الغلمان له ذؤابتان»

-وقال ( قرأتُ من فمِ رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة [وزيد صبي]؛ أفأترك ما أخذتُ من في رسول الله صلى الله عليه وسلم؟). رواه أحمد

- عن عمرو بن شرحبيل أبي ميسرة الهمداني، قال: أتى عليَّ رجل وأنا أصلي، فقال: (ألا أراك تصلي وقد أمر بكتاب الله أن يُمزَّق)
قال: فتجوَّزت في صلاتي وكنت لا أُحبَس، فدخلتُ الدَّار ولم أُحبس، ورَقَيت فلم أُحبَس، فإذا أنا بالأشعري، وإذا حذيفة وابن مسعود يتقاولان، وحذيفة يقول لابن مسعود: « ادفع إليهم المصحف »
فقال: « والله لا أدفعه ».
فقال: « ادفعه إليهم، فإنَّهم لا يألون أمة محمد إلا خيراً »
قال: « والله لا أدفعه إليهم، أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعاً وسبعين سورة وأدفعه إليهم؟!! والله لا أدفعه إليهم
» رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن

- وقام خطيبا على المنبر فقال : (( ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة )) غُلُّوا مصاحفكم ...
- و عن خُمَير بن مالك قال: ( لما أمر بالمصاحف تغير ساء ذلك عبد الله بن مسعود؛ فقال: (من استطاع منكم أن يغلَّ مصحفه فليغله، فإن من غلَّ شيئاً جاء به يوم القيامة)


🔺وقد كره كبار الصحابة موقفه فقال ابن شهاب الزهري: (بلغني أن كَرِهَ من مقالة ابن مسعود رجال أفاضل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم). رواه أبو عبيد في فضائل القرآن، والترمذي في سننه، وأبو يعلى في مسنده.
وقال أبو الدرداء في ذلك ( ما باله يواثب الأمراء )

🔺لكن ابن مسعود رضي الله عنه لم يلبث حتى رجع إلى ما اجتمعت عليه الأمة ... فتراجع عن موقفه ... ورجع إلى الحق الذي ارتضاه عثمان والصحابة معه ...
- عن عبد الأعلى بن الحكم الكلابي: أتيت دار أبي موسى الأشعري، فإذا حذيفة بن اليمان، وعبد الله بن مسعود، وأبو موسى الأشعري فوق إجَّار لهم، فقلت: هؤلاء والله الذين أريد فأخذت أرتقي إليهم، فإذا غلام على الدرجة فمنعني فنازعته فالتفت إليَّ بعضهم قال: خلِّ عن الرجل فأتيتهم حتى جلستُ إليهم، فإذا عندهم مصحف أرسل به عثمان، وأمرهم أن يقيموا مصاحفهم عليه؛ فقال أبو موسى: (ما وجدتم في مصحفي هذا من زيادة فلا تنقصوها، وما وجدتم من نقصان فاكتبوه)
فقال حذيفة: كيف بما صنعنا؟!! والله ما أحد من أهل هذا البلد يرغب عن قراءة هذا الشيخ، يعني ابن مسعود، ولا أحد من أهل اليمن يرغب عن قراءة هذا الشيخ، يعني أبا موسى الأشعري
).

- وكان بعد ذلك يبين للناس أن الاختلاف في الأحرف ليس اختلافا في المعاني وأنهم بأي حرف قرؤوا أصابوا ...
- قال فلفلة الجعفي: فَزعتُ فيمن فزع إلى عبد الله في المصاحف، فدخلنا عليه، فقال رجل من القوم: إنا لم نأتك زائرين، ولكنا جئنا حين راعنا هذا الخبر، فقال: «إن القرآن أنزل على نبيكم من سبعة أبواب على سبعة أحرف، وإن الكتاب قبلكم كان ينزل من باب واحد على حرف واحد، معناهما واحد». رواه ابن أبي داوود.

- روى الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود أنه قال: (قد سمعت القراء، فوجدتهم مقاربين، فاقرأوا كما علمتم، وإياكم والتنطع والاختلاف، فإنما هو كقول أحدكم: هلم وتعال). رواه عمر بن شبة.

- وروى عبد الرحمن بن عابس النخعي عن رجل من همدان من أصحاب ابن مسعود رضي الله عنه أنه اجتمع إلى ابن مسعود ناسٌ من أهل الكوفة فقرأ عليهم السلام، وأمرهم بتقوى الله، وألا يختلفوا في القرآن ولا يتنازعوا فيه فإنه لا يختلف ولا يتشانّ ولا يَتْفَه لكثرة الردّ..وقال لهم: (ألا ترون أن شريعة الإسلام فيه واحدة حدودها وفرائضها وأَمْرَ اللهِ فيها، فلو كان شيء من الحرفين يأمر بشيء وينهى عنه الآخر كان ذلك الاختلاف، ولكنه جامع ذلك كله). رواه عمر بن شبة.
- وفي رواية عند أحمد: (إن هذا القرآن لا يختلف ولا يستشنّ ولا يتفه لكثرة الرد، فمن قرأه على حرف فلا يدعه رغبة عنه، ومن قرأه على شيء من تلك الحروف التي علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا يدعه رغبة عنه، فإنه من يجحد بآية منه يجحد به كله، فإنما هو كقول أحدكم لصاحبه: اعجل، وحيَّ هلا
).

س4: كم عدد المصاحف العثمانية؟
🔹 اختلف في عدد المصاحف العثمانية التي وزعت على الأمصار ... فقيل أربعة وقيل بل خمسة وقيل سبعة وقيل ثمانية ...
وأصح ما ورد في ذلك حديث أنس بن مالك رضي الله عنه
أنَّ عثمان "أرسل إلى كل أفقٍ بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق". ... وهذا لم يحدد العدد ، وإنما جعل لكل أفق مصحفا ، وهذا دليل كثرة ، وقد يكون ذلك على فترات .

🔸- وقيل كانت أربعة مصاحف وهو أقل عدد قيل يها ...
أبقى واحداً منها في المدينة، وبعث إلى الشام مصحفاً وإلى الكوفة والبصرة مصحفاً مصحفاً.
- قال إبراهيم النخعي: (قال رجل من أهل الشام: مصحفنا ومصحف أهل البصرة أحفظ من مصحف أهل الكوفة). كتاب المصاحف لابن أبي داوود

- عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه قال: «إنَّ أول مَن جمع القرآن في مصحف وكتبه عثمانُ بن عفان، ثم وضعه في المسجد فأمر به يُقرأ كلَّ غداة» رواه عمر بن شبة.

- وعن يزيد بن أبي عبيد قال: كنت آتي مع سلمة بن الأكوع فيصلي عند الأسطوانة التي عند المصحف.... فقلت: يا أبا مسلم، أراك تتحرى الصلاة عند هذه الأسطوانة! قال: « فإني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى الصلاة عندها».
رواه البخاري ومسلم

وقال ابن حجر: (قوله: (التي عند المصحف) هذا دالٌّ على أنه كان للمصحف موضع خاص به

- قال حمزة الزيات القارئ: (كتب عثمان أربعةَ مصاحف، فبعث بمصحف منها إلى الكوفة، فوُضِعَ عند رجل من مُراد، فبقي حتى كتبتُ مصحفي عليه). رواه ابن أبي داوود.
وهذه الآثار تدل على أربعة مصاحف : مصحف المدينة ومصحف الشام ومصحف الكوفة ورابع للبصرة .

🔺وهو القول الذي رجحه أبو عمرو الداني فقال :
(أكثر العلماء على أن عثمان بن عفان رضي الله عنه لما كتب المصحف جعله على أربع نسخ، وبعث إلى كل ناحية من النواحي بواحدة منهن؛ فوجّه إلى الكوفة إحداهن، وإلى البصرة أخرى، وإلى الشام الثالثة، وأمسك عند نفسه واحدة، وقد قيل إنه جعله سبع نسخ، ووجّهَ من ذلك أيضاً نسخة إلى مكة، ونسخة إلى اليمن، ونسخة إلى البحرين، والأوَّلُ أصحّ وعليه الأئمة)
وقد يكون ذلك معناه أول نسخ نسخت ووزعت ، وربما تلاها بعضها نسخ إلى مكة واليمن والبحرين ثم سائر الأمصار .

🔸 وقيل بل خمسة :
- وقال ابن حجر في فتح الباري: (واختلفوا في عدة المصاحف التي أرسل بها عثمان إلى الآفاق فالمشهور أنها خمسة).
فيكون خامسها المصحف الذي أمسكه لنفسه، وهو الذي يُدعى المصحف الإمام

🔸 وقيل بل سبعة :
- عن أبي حاتم السجستاني قال: (لما كتب عثمان المصاحف حين جمع القرآن، كتب سبعة مصاحف، فبعث واحدا إلى مكة، وآخر إلى الشام، وآخر إلى اليمن، وآخر إلى البحرين، وآخر إلى البصرة، وآخر إلى الكوفة، وحبس بالمدينة واحدا). رواه ابن أبي داود

🔸 وقيل بل ثمانية ... وهي سبعة إلى الأمصار وواحد أمسكه لنفسه وهو المعروف بالمصحف الإمام ...
- قال ابن الجزري في النشر: (فكتب منها عدة مصاحف، فوجه بمصحف إلى البصرةِ، ومصحف إلى الكوفةِ، ومصحف إلى الشامِ، وترك مصحفاً بالمدينة، وأمسك لنفسه مصحفاً الذي يقال له: "الإمام"، ووجَّهَ بمصحف إلى مكة، وبمصحف إلى اليمن، وبمصحف إلى البحرين)
فهذه ثمانية مصاحف.

- هذا عدد المصاحف أول الأمر ، ثم إنها نسخت وزادت واستفاضت وصار منها نسخ كثيرة لا تحصى ولله الحمد

س5: هل كلّ ما خالف المصاحف العثمانية منسوخ بالعرضة الأخيرة؟
🔺في المسألة قولان ...
🔹 الأول وهو الصحيح منها أنه ليس كل ما خالف المصحف العثماني منسوخ بالعرضة الأخيرة ، ذلك أن الجمع لم يكن لجمع ما لم ينسخ ، وإنما كان لجمع الأمة على مصحف برسم واحد فلا تختلف على كتابها ... فترك من الأحرف الصحيحة غير المنسوخة لأجل وحدة الأمة واجتماع كلمتها ... ولا يضر ذلك لأنها كلها قرءان ، والقرءان نزل على سبعة أحرف كلها شاف كاف بأيها قرئ أجزأ .
🔸ودليل ذلك :
- أن الصحابة قبل جمع عثمان كانوا يقرؤون القرآن زمنا ليس باليسير وقد اشتهر ذلك واستفاض بينهم أنهم كانوا يقرأون بأحرف مختلفة قبل جمع عثمان ويقرؤون بها ويعلمونها ويصلون بها في الجمع والجماعات... ولم ينكر أحدهم على الآخر أنه يقرأ بمنسوخ ، ولو كان ذلك ما رضوه ...

- وأن ذلك لم يكن من واحد أو اثنين ... بل كانت تلك القراءات منتشرة بينهم بلا إنكار ، ولو كان بينها منسوخ ما أقر من الجمع ...
- أن عبدالله بن مسعود لما اعترض على جمع عثمان اعترض لكونه على يقين أنه يقرأ بثابت غير منسوخ ، وأن قراءته تخالف زيدا في بعض الأحرف وهي قراءة صحيحة وبين أنه لا أحد أعلم بكتاب الله منه ... ولو كان يقرأ بمنسوخ ما تردد في التسليم بما رآه عثمان والصحابة رضوان الله عليهم .
وإن ابن عباس قد شهد له أنه شهد العرضة الأخيرة ، وعرض قراءته على رسول الله مرتين في العام الذي توفي فيه وأقره عليها وأخبره أنه محسن ... وكذلك زيد بن ثابت قد شهد العرضة الأخيرة وكلاهما أقرأ الناس بعد رسول الله زمنا طويلا .
وقد أخذ عنهما ابن عباس رضي الله عنه فقال : (قراءتي قراءة زيد، وأنا آخذ ببضعة عشر حرفاً من قراءة ابن مسعود، هذا أحدها [من بقلها وقثائها وثومها وعدسها وبصلها] ). رواه ابن أبي داوود في المصاحف

- أن حذيفة بن اليمان الذي أشار بالجمع على عثمان كان عالما بالمنسوخ من القرآن ، فلو علم أحدا يقرأ بمنسوخ ما أقره عليه ، ولم يكن منع الاختلاف والفتنة محتاجا لأكثر من إنكار على من يقرأ بمنسوخ ...

🔹 وأما القول الثاني فهو ما ذهب إليه الزرقاني في مناهل العرفان من أن كل ما خالف المصاحف العثمانية منسوخ بالعرضة الأخيرة فقال : (ما لا يوافق رسم المصحف بحال من الأحوال نحو قوله سبحانه: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً} وقرأ ابن عباس هكذا [يأخذ كل سفينة صالحة غصبا] بزيادة كلمة صالحة فإنَّ هذه الكلمة لم تثبت في مصحف من المصاحف العثمانية فهي مخالفة لخطّ المصحف، وذلك لأنَّ هذه القراءة وما شاكلها منسوخة بالعرضة الأخيرة، أي عرض القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل آخر حياته الشريفة، ويدل على هذا النسخ إجماع الأمة على ما في المصاحف)
وهذا القول مردود لكل ما ورد في إثبات القول الأول ...

- ويضاف إلى ما سبق أن العلماء لما تكلموا في رد دعوى اشتمال المصاحف العثمانية على الأحرف السبعة ذكروا أن القول بذلك يلزم منه نسخ كل ما خالف مصحف عثمان وذلك مقطوع ببطلانه ، ذلك أنه كما مر اعتراض ابن مسعود كان لأنه كان يقرأ على أحرف ثابتة لم يشتملها المصحف العثماني ولم تنسخ في العرضة الأخيرة ...
- وقال ابن الجزري في بيان ذلك : (إذا قلنا إن المصاحف العثمانية محتوية على جميع الأحرف السبعة التي أنزلها الله تعالى كان ما خالف الرسم يُقطع بأنه ليس من الأحرف السبعة، وهذا قول محظور لأن كثيرا مما خالف الرسم قد صح عن الصحابة رضي الله عنهم، وعن النبي صلى الله عليه وسلم )

- كما وضح ابن الجزري أن ما لم يرد في مصحف عثمان واتفق الصحابة على عدم كتابته في المصاحف العثمانية وبالتالي توقف الإقراء به لا يشترط أن يكون منسوخا بالعرضة الأخيرة ، وإنما قد يكون ثابتا لكن نزل عنه للإجماع ولوحدة الأمة ولولا ذلك لم يحصل خلاف بين الفقهاء في جواز القراءة به ، إذ لو كان منسوخا يقينا ما اختلفوا في عدم جواز الصلاة به ... وقد بين ذلك في بيان حكم القراءة بما لم يثبت في مصحف عثمان مما ثبت عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (قراءة عبد الله بن مسعود وأبي الدرداء: [والذكر والأنثى] في {وما خلق الذكر والأنثى} وقراءة ابن عباس [وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا وأما الغلام فكان كافرا] ونحو ذلك مما ثبت بروايات الثقات، واختلف العلماء في جواز القراءة بذلك في الصلاة، فأجازها بعضهم لأن الصحابة والتابعين كانوا يقرءون بهذه الحروف في الصلاة، وهذا أحد القولين لأصحاب الشافعي وأبي حنيفة وإحدى الروايتين عن مالك وأحمد.
وأكثر العلماء على عدم الجواز؛ لأن هذه القراءات لم تثبت متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن ثبتت بالنقل فإنها منسوخة بالعرضة الأخيرة أو بإجماع الصحابة على المصحف العثماني أو أنها لم تنقل إلينا نقلا يثبت بمثله القرآن أو أنها لم تكن من الأحرف السبعة، كل هذه مآخذ للمانعين)

وما اصطلحت عليه الأمة بعد ذلك أن كل ما خالف رسم المصاحف العثمانية هو من القراءات الشاذة التي لا يقرأ بها ولا يتعبد بها ... وإنما يستأنس بها لفهم المعاني ...

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 29 شوال 1438هـ/23-07-2017م, 05:14 AM
حنان بدوي حنان بدوي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: إسكندرية - مصر
المشاركات: 392
افتراضي

المجموعة الخامسة:


س1: ما فائدة جمع أبي بكر للقرآن؟ وما موقف الصحابة رضي الله عنهم منه؟
جمع أبي بكر للقرآن كان ولا يزال منقبة عظيمة من مناقب الصديق رضي تالله عنه وأرضاه ، فهو أعظم وأجل أعمال الصديق رضي الله عنه، فقد جاء هذا العمل رحمة للمسلمين ، وقد تكفل الله تعالى بحفظ القرآن وجعل فعل الصديق سبباً لذلك الحفظ .
ويشهد لذلك ما رواه أبو نعيم في معرفة الصحابة، وابن أبي داوود في المصاحف ؛ قال عبد خير بن يزيد الهمداني: سألت عليا رضي الله عنه عن أوَّل مَن جمع القرآن في المصحف؛ فكان أوَّلَ ما استقبلني به قال: (رحم الله أبا بكر! كان أعظم الناس أجراً في القرآن، هو أول من جمعه بين اللوحين)..
وذلك حين استحر القتل في قراء الصحابة يوم اليمامة ، وقد روى البخاري الحديث بطوله ، عن عبيد بن السباق، أن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: (أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده.
قال أبو بكر رضي الله عنه: « إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء بالمواطن، فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن».
قلتُ لعمر: كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال عمر: «هذا والله خير» فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر.
قال زيد: قال أبو بكر: « إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجمعه »
فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن.
قلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال: « هو والله خير »
فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للَّذي شرَحَ له صدرَ أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
فتتبعت القرآن أجمعه من العُسُبِ واللخافِ وصدور الرجال، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم} حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر رضي الله عنه).

فكان غرض هذا الجمع ؛ جمع القرآن كله في مصحف واحد مجمع مكتوب مع البقاء على ما مع القراء من القرآن يقرؤنه كل حسب ما تعلم من النبي صلى الله عليه وسلم وتلقى عنه مشافهة كلٌّ حسب الحرف الذي قرأ به ، وكان القرآن قبل جمع أبي مفرقاً في العسب واللخاف ومحفوظا في صدور الرجال ، وكان المحفوظ عن ظهر قلب هو المعول عليه ولكن الجمع كان مخافة ضياعه ورجاء حفظه وتوثيقه .
وأما موقف الصحابة رضي الله عنهم منه : ورد الإجماع على هذا الجمع من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينقل فيه خلافا بينهم ، بل على العكس فقد قدر الصحابة هذه المنقبة العظيمة وهذا العمل الجليل - قال أبو عبيد القاسم بن سلام: حدثنا عبد الرحمن، عن علي، قال: «رحم الله أبا بكر، كان أول من جمع القرآن».
- وقال يعقوب بن سفيان: ، عن عبد خير قال: سمعت علياً يقول: «أعظم الناس أجرا في المصاحف أبو بكر رحمة الله على أبي بكر هو أول من جمع بين اللوحين» رواه ابن أبي داوود في كتاب "المصاحف"


س2: عرّف بأسماء أجزاء المصحف وملحقاته في الزمان الأول.
أسماء أجزاء المصحف وملحقاته:
1- دفّتا المصحف : ضمامتاه من جانبيه، قاله الخليل بن أحمد.
وقد ورد هذا اللفظ فيما رواه مسروق بن الأجدع بن مالك أن امرأةً جاءت إلى ابنِ مسعودٍ فقالت : أُنبئت أنَّك تنهَى عن الواصلةِ قال : نَعم فقالت : أشيءٍ تجِدُه في كتابِ اللهِ أم سمعتَه عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ فقال : أجِدُه في كتابِ اللهِ وعن رسولِ اللهِ فقالت : واللهِ لقد تصفَّحتُ ما بينَ دفَّتَي المصحفِ فما وجدْت فيه الذي تقولُ قال : فهلْ وجدتِ فيه { مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } قالت : نعَم قال : فإنِّي سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ نهَى عن النَّامِصةِ والواشرةِ والواصلةِ والواشمةِ إلا من داءٍ قالت المرأةُ : فلعلَّه في بعضِ نسائِك قال لها : ادخُلي فدخلتْ ثم خرجتْ فقالت : ما رأيتُ بأسًا قال : ما حفظتُ إذا وصيةَ العبدِ الصالحِ { وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ } . مسند الإمام أحمد واسناده صحيح .
2- والشَّرَج: عُرى المصاحف. ذكر في لسان العرب .
3- والرَّصيع: زرّ عروة المصحف. ذكر في المعجم الوسيط .
4- والرَّبعة: الصندوق الذي يوضع فيه المصحف. وقد وردت هذه اللفظة فيما رواه ابن كثير في فضائل القرآن عن كثير بن أفلح أنه : لمَّا أراد عثمانُ أن يكتُبَ المصاحفَ ، جمع له اثنَيْ عشرَ رجلًا من قريشٍ والأنصارٍ ، فيهم أُبيُّ بنُ كعبٍ وزيدُ بنُ ثابتٍ ، قال : فبعثوا إلى الرَّبعةِ الَّتي في بيتِ عمرَ فجيء بها ، قال : وكان عثمانُ يتعاهدُهم ، فكانوا إذا تدارءوا في شيءٍ أخَّروه ، قال محمَّدٌ: فقلتُ لكثيرٍ ، وكان فيهم فيمن يكتبُ : هل تدرون لم كانوا يُؤخِّرونه ؟ قال : لا ، قال محمَّدٌ : فظننتُ ظنًّا إنَّما كانوا يُؤخِّرونها لينظروا أحدثَهم عهدًا بالعرضةِ الأخيرةِ ، فيكتبونها على قولهم .
- أما أوراق المصاحف فكانت من أُدم رِقَاق. و يقول القلقشندي في صبح الأعشى : (( وقد أجمع رأي الصحابة -- على كتابة القرآن في الرق؛ لطول بقائه، أو لأنه الموجود عندهم حينئذٍ ))
))وقد سمي رقاً؛ لجمْعه بين الرقة والمتانة وطول البقاء)) . .

س3: لخّص موقف ابن مسعود رضي الله عنه من جمع عثمان.
- كان ابن مسعود رضي الله عنه من كبار الصحابة ومن أقرأهم لكتاب الله ، فكان إماما فاضلا سابقا للإسلام ، وكان من معلمي القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وقد تلقى من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة وقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : « خذوا القرآن من أربعة: من ابن أم عبد - فبدأ به - ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وسالم مولى أبي حذيفة ». رواه مسلم.
كما ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: «من سره أن يقرأ القرآن غضّاً كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد» رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد.

- كما أن ابن مسعود رضي الله عنه كان أقرب هديا وسمتا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فعن عبد الرحمن بن يزيد: سألنا حذيفة عن رجلٍ قريب السَّمْتِ والهَدْيِ من النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم حتى نأخذَ عنه، فقال: « ما أعرفُ أحداً أقربَ سمتاً وهدياً ودلاً بالنبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم من ابن أمِّ عبْدٍ » رواه البخاري.

- كما كان من أعلم الناس بكتاب الله تعالى و عارض النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن مرتين في العام الذي قبض فيه.

- بعثه عمر رضي الله عنه معلما للقرآن في الكوفة ووزيرا لها وقضى فيها فترة خلافة عمر وأول خلافة عثمان رضي الله عنهم جميعا ً يقرئ المسلمين كما أقرأه النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان سهلا يسيرا في تعليم الناس ما تعلم من القرآن ، وكان يقرئ الناس ما تعلموه من الأحرف ، ولا ينكر على من قرأ قراءة صحيحة .

- فلما اشتد الخلاف بين القراء على أحرف القرآن لم يسع الصحابة إلا أن يجمعوا الناس على مصحف واحد درء للفتن وتوحيدا للمسلمين على كتابهم ، وكان ذلك بالمدينة ولم يكن ابن مسعغود وقتها متواجدا بها .

- وكان عثمان قد اختار زيدا بن ثابت لكتابة المصحف لأنه كان من كتاب الوحي على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وجعل معه سعيد بن العاص وغيره وأشرف عليهم أبي بن كعب ، ولم يجعل معهم ابن مسعود رغم معرفته بعلمه ومناقبه ؛ في حين أن ابن مسعود كان يتلقى القرآن من في رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت ما كان زيدا صبيا ؛ فشق ذلك على ابن مسعود لأن ذلك يؤدي حتما إلى ترك بعض الأحرف التي قرأ بها ابن مسعود وتلقاها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يختار القراءة التي جمع عثمان عليها الناس .

- ولم يكن سبب غضبه فوات المنصب ولا الرغبة في التصدر فمن المعلوم عن ابن مسعود زهده في الدنيا وورعه ، ولكنه كان يرجو أن يكون ضمن الرهط الذين قاموا على جمع القرآن حتى يحفظ ما معه من الأحرف كما حدث مع أبي بن كعب فكان يرجع الرهط إليه أما ما مع ابن مسعود من الأحرف فقد كانت مختلفة عما كان مع أبي وعما وقع الاختيار عليه في المصحف الإمام ، وذلك مما أثار غضب ابن مسعود لشعوره باندثار مع تلقى من في رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة

- أما أبي فقد اطمئن لجمع ومراجعة المصحف الإمام مما جعله مطمئنا راضيا معطيهم مصحفه بنفس راضية ، وأما ابن مسعود فقد أنكر هذا الجمع أول الأمر ولكن سرعان ما تبين له أن هذا هو الحق وأنه الواجب فعله فرضي بما رضيه عثمان وسائر الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين .

- قال عبدة بن سليمان: عن عبد الله أنه قال: {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة }، ثم قال: (على قراءة من تأمروني أن أقرأ؟!! فلقد قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعاً وسبعين سورة، ولقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أعلمهم بكتاب الله، ولو أعلم أنَّ أحداً أعلم مني لرحلتُ إليه).
قال شقيق: (فجلست في حلق أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فما سمعت أحدا يرد ذلك عليه ولا يعيبه). رواه مسلم

وهذا الموقف من ابن مسعود كان قد أنكره وكرهه بعض كبار الصحابة
- قال ابن شهاب الزهري: (بلغني أن كَرِهَ من مقالة ابن مسعود رجال أفاضل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم). رواه أبو عبيد في فضائل القرآن، والترمذي في سننه.
- وروى الأعمش عن إبراهيم النخعي عن علقمة أنه قال: قدمت الشام فلقيت أبا الدرداء فقال: «كُنَّا نَعُدّ عبدَ الله حَنَّانا فما بالُه يواثِبُ الأمراء» رواه ابن أبي داوود في كتاب المصاحف.


- ثم بعد ذلك أصبح ابن مسعود يحاج عن جمع القرآن وعن الاختلاف في القراءات ويخبر الناس بأن الخلاف ليس في المعاني وإنما كل حرف منها كافٍ شافٍ، وأنّ من قرأ على قراءة فليثبت عليها ،

فقال: «إن القرآن أنزل على نبيكم من سبعة أبواب على سبعة أحرف، وإن الكتاب قبلكم كان ينزل من باب واحد على حرف واحد، معناهما واحد». رواه ابن أبي داوود.
-و روى الأعمش، عن عبد الله بن مسعود أنه قال: (قد سمعت القراء، فوجدتهم مقاربين، فاقرأوا كما علمتم، وإياكم والتنطع والاختلاف، فإنما هو كقول أحدكم: هلم وتعال). رواه عمر بن شبة.
- وروى عبد الرحمن بن عابس النخعي عن رجل من همدان من أصحاب ابن مسعود رضي الله عنه أنه اجتمع إلى ابن مسعود ناسٌ من أهل الكوفة فقرأ عليهم السلام، وأمرهم بتقوى الله، وألا يختلفوا في القرآن ولا يتنازعوا فيه فإنه لا يختلف ولا يتشانّ ولا يَتْفَه لكثرة الردّ..
وقال لهم: (ألا ترون أن شريعة الإسلام فيه واحدة حدودها وفرائضها وأَمْرَ اللهِ فيها، فلو كان شيء من الحرفين يأمر بشيء وينهى عنه الآخر كان ذلك الاختلاف، ولكنه جامع ذلك كله). رواه عمر بن شبة.


س4: كم عدد المصاحف العثمانية؟

اختلف في عدد المصاحف التي أمر عثمان رضي الله عنه بكتابتها وأصح ما ذكر في هذا الباب لم يحدد عددا معينا ولكن أفاد معنى الكثرة فقط وهو ما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ عثمان "أرسل إلى كل أفقٍ بمصحفٍ مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق". رواه البخاري
- وقيل أنهم أربعة نسخ : واحدا بالمدينة وواحدا بالكوفة وواحدا بالبصرة وواحدا بالشام
وروى ابن أبي داوود عن عبد الأعلى بن الحكم الكلابي أنه دخل على حذيفة وابن مسعود وأبي موسى الأشعري؛ فإذا عندهم مصحف أرسل به عثمان وأمرهم أن يقيموا مصاحفهم عليه).
وأبي موسي الأشعري كان أمير البصرة فدل الحديث على إرسال نسخة إلى البصرة .
وقال إبراهيم النخعي: (قال رجل من أهل الشام: مصحفنا ومصحف أهل البصرة أحفظ من مصحف أهل الكوفة). فذكر الخبر، وهو في كتاب المصاحف لابن أبي داوود ، وفيه دلالة على نسخة البصرة والشام والكوفة .
وروى إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه قال: «إنَّ أول مَن جمع القرآن في مصحف وكتبه عثمانُ بن عفان، ثم وضعه في المسجد فأمر به يُقرأ كلَّ غداة» رواه عمر بن شبة. وفيه دلالة على نسخة المدينة .

- وقيل أنهم خمسة ويكون الخامس الذي أمسكه عثمان لنفسه وهو ما يسمى بالمصحف الإمام كما ذكر ابن حجر في فتح الباري: (واختلفوا في عدة المصاحف التي أرسل بها عثمان إلى الآفاق فالمشهور أنها خمسة).

- وقيل أنهم سبعة نسخ فبعث واحدا إلى مكة، وآخر إلى الشام، وآخر إلى اليمن، وآخر إلى البحرين، وآخر إلى البصرة، وآخر إلى الكوفة، وأبقى بالمدينة واحدا فقد قال ابن أبي داوود: سمعت أبا حاتم السجستاني قال: (لما كتب عثمان المصاحف حين جمع القرآن، كتب سبعة مصاحف، فبعث واحدا إلى مكة، وآخر إلى الشام، وآخر إلى اليمن، وآخر إلى البحرين، وآخر إلى البصرة، وآخر إلى الكوفة، وحبس بالمدينة واحدا).

- وقيل أنهم ثمانية مصاحف لما قال ابن الجزري في النشر: (فكتب منها عدة مصاحف، فوجه بمصحف إلى البصرةِ، ومصحف إلى الكوفةِ، ومصحف إلى الشامِ، وترك مصحفاً بالمدينة، وأمسك لنفسه مصحفاً الذي يقال له: "الإمام"، ووجَّهَ بمصحف إلى مكة، وبمصحف إلى اليمن، وبمصحف إلى البحرين)
- ثم إنهم بعد ذلك استنسخوا نسخا كثرة جالت أرجاء الأرض .

س5: هل كلّ ما خالف المصاحف العثمانية منسوخ بالعرضة الأخيرة؟
- قال الزرقاني في مناهل العرفان أنّ ما خالف المصاحف العثمانية فهو منسوخ بالعرضة الأخيرة؛ فقال: (ما لا يوافق رسم المصحف بحال من الأحوال نحو قوله سبحانه: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً} وقرأ ابن عباس هكذا [يأخذ كل سفينة صالحة غصبا] بزيادة كلمة صالحة فإنَّ هذه الكلمة لم تثبت في مصحف من المصاحف العثمانية فهي مخالفة لخطّ المصحف، وذلك لأنَّ هذه القراءة وما شاكلها منسوخة بالعرضة الأخيرة، أي عرض القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل آخر حياته الشريفة، ويدل على هذا النسخ إجماع الأمة على ما في المصاحف)ا.هـ.

- وذكر شيخنا أن هذه الدعوى لا تصح ، لأنه قد ثبت عن الصحابة قبل جمع القرآن في عهد عثمان رضي الله عنه قراءتهم بهذه القرءات في الجمع والجماعات وحلق العلم بغير إنكار عليهم من أحد ، ولم يدعي أحد أنها منسوخة ، فلا يتصور أن يقرأ عددا كبيرا بالمنسوخ دون أن ينكر عليه أحد .

- كما أن الغرض من جمع عثمان للقرآن على حرف واحد هو اختلاف الناس في الأحرف وتكفير بعضهم بعضا على ذلك لا لأن منهم من يقرأ بالمنسوخ .

- غير أن قراءة ابن مسعود وهي من أحدث القراءات عرضا على النبي وشهودا العرضة الأخيرة ورغم ذلك عدل عن كثير من الأحرف فيها إلى قراءة زيد بن ثابت ولم يقل أح أن أي من القراءتين كانت منسوخة .

- كما أن حذيفة كان عالما باختلاف القراء وكانت دعواه لجمع المصحف على حرف لمنع الاختلاف لا لمنع القراءة بالمنسوخ .

- ولمّا تكلّم أئمة القراء في ردّ دعوى احتواء المصاحف العثمانية للأحرف السبعة كان من أدلّتهم أنه يلزم من ذلك ؛ القول بنسخ ما لا يوافق رسم المصاحف العثمانية من الأحرف الأخرى، وذكروا أنه قول باطل، وهذا مما يدلّ على تقرر بطلان هذه الدعوى.
قال ابن الجزري: (إذا قلنا إن المصاحف العثمانية محتوية على جميع الأحرف السبعة التي أنزلها الله تعالى كان ما خالف الرسم يُقطع بأنه ليس من الأحرف السبعة، وهذا قول محظور لأن كثيرا مما خالف الرسم قد صح عن الصحابة رضي الله عنهم، وعن النبي صلى الله عليه وسلم)ا.هـ
وقال مكي بن أبي طالب القيسي: (ولو كانت هي السبعة كلها، وهي موافقة للمصحف لكان المصحف قد كتب على سبع قراءات، ولكان عثمان رضي الله عنه، قد أبقى الاختلاف الذي كرهه، وإنما جمع الناس على المصحف، ليزول الاختلاف)ا.هـ.

فما تقدم يدل على بطلان هذه الدعوى

- وإنما نشأ هذا القول بسبب كلام لابن تيمية وابن الجزري حدث فيهما اللبس ، وهذا نصه : قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأما القراءة الشاذة الخارجة عن رسم المصحف العثماني مثل قراءة ابن مسعود وأبي الدرداء رضي الله عنهما [والليل إذا يغشى . والنهار إذا تجلى . والذكر والأنثى] كما قد ثبت ذلك في الصحيحين، ومثل قراءة عبد الله: [فصيام ثلاثة أيام متتابعات]. وكقراءته: [إن كانت إلا زقية واحدة] . ونحو ذلك؛ فهذه إذا ثبتت عن بعض الصحابة فهل يجوز أن يقرأ بها في الصلاة؟ على قولين للعلماء: هما روايتان مشهورتان عن الإمام أحمد وروايتان عن مالك:
إحداهما: يجوز ذلك لأن الصحابة والتابعين كانوا يقرءون بهذه الحروف في الصلاة.
والثانية: لا يجوز ذلك وهو قول أكثر العلماء، لأن هذه القراءات لم تثبت متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن ثبت فإنها منسوخة بالعرضة الآخرة، فإنه قد ثبت في الصحاح عن عائشة وابن عباس رضي الله عنهم أن جبريل عليه السلام كان يعارض النبي صلى الله عليه وسلم في كل عام مرة، فلما كان العام الذي قبض فيه عارضه به مرتين.
والعرضة الأخيرة هي قراءة زيد بن ثابت وغيره، وهي التي أمر الخلفاء الراشدون: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي بكتابتها في المصاحف، وكتبها أبو بكر، وعمر في خلافة أبي بكر في صحف أمر زيد بن ثابت بكتابتها، ثم أمر عثمان في خلافته بكتابتها في المصاحف وإرسالها إلى الأمصار وجمع الناس عليها باتفاق من الصحابة علي وغيره)ا.هـ.
وهذا القول استدرك عليه ابن الجزري في النشر وهذّبه تهذيباً حسناً فقال: (قراءة عبد الله بن مسعود وأبي الدرداء: [والذكر والأنثى] في {وما خلق الذكر والأنثى} وقراءة ابن عباس [وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا وأما الغلام فكان كافرا] ونحو ذلك مما ثبت بروايات الثقات، واختلف العلماء في جواز القراءة بذلك في الصلاة، فأجازها بعضهم لأن الصحابة والتابعين كانوا يقرءون بهذه الحروف في الصلاة، وهذا أحد القولين لأصحاب الشافعي وأبي حنيفة وإحدى الروايتين عن مالك وأحمد.
- وأكثر العلماء على عدم الجواز؛ لأن هذه القراءات لم تثبت متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن ثبتت بالنقل فإنها منسوخة بالعرضة الأخيرة أو بإجماع الصحابة على المصحف العثماني أو أنها لم تنقل إلينا نقلا يثبت بمثله القرآن أو أنها لم تكن من الأحرف السبعة، كل هذه مآخذ للمانعين)ا.هـ
فبذلك يكون ابن الجزري جمع كلام العلماء في عدم جواز الإقراء بالثابت من القراءة مما خالف رسم المصحف في عدة أسباب قد يكون السبب أي واحد منها وبين أن المخالف لرسم المصحف لا تجوز القراءة به إما لنسخ تلاوته أو كونه مما أجمع الصحابة على تركه بعد جمع عثمان رضي الله عنه .
وعلى ذلك فإنّ الإجماع على ترك القراءة بما خالف رسم المصحف لا يقتضي القول بالنسخ مطلقاً.

- والقول بأنّ كلّ ما خالف رسم المصحف فهو منسوخ قد تقدّم عن بعض المتكلمين كأبي الحسن الأشعري وأبي بكر الباقلاني وغيره، لكنّهم زعموا أنّ رسم المصحف مشتمل على الأحرف السبعة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ومن هؤلاء من يقول بأن الترخيص في الأحرف السبعة كان في أول الإسلام لما في المحافظة على حرف واحد من المشقة عليهم أولا، فلما تذللت ألسنتهم بالقراءة، وكان اتفاقهم على حرف واحد يسيرا عليهم وهو أوفق لهم، أجمعوا على الحرف الذي كان في العرضة الآخرة، ويقولون إنه نسخ ما سوى ذلك.
وهؤلاء يوافق قولهم قول من يقول إن حروف أبي بن كعب وابن مسعود وغيرهما مما يخالف رسم هذا المصحف منسوخة)ا.هـ.
وهذا حكاية لأقوال المتكلمين في الأحرف السبعة.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 29 شوال 1438هـ/23-07-2017م, 05:49 AM
ندى علي ندى علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 311
افتراضي


المجموعة الثانية:

س1: ما معنى المصحف؟ وما مبدأالتسمية به؟
معنى مصحف : مصحفبضم الميم أو كسرها تخفيفا مصدر من أصحف وهي الصحائف إذا ضمت إلى بعضها وجمعت بين دفتين.
أما مبدأ التسمية به : فإنه لما كانت العرب لا تقرأ ولا تكتب ولم يكن لهم من قبل كتابا بلسانهم وإنما كانوا يكتبون الرسائل والأشعار والمواثيق في صحائف متفرقة لم تجمع فلما جمع القرآن في كتاب ولم يعرف لهم كتاب غيره اشتهر بينهم إطلاق المصحف على القرآن حتى كان علما عليه .
وقد ورد في ذلك روايات وآثار ضعيفة لا تصح منها:
ماورد عن ابن شهاب أنه قال: (لما جمعوا القرآن فكتبوه في الورق قال: أبو بكر التمسوا لهاسما فقال بعضهم السفر وقال بعضهم: المصحف فإن الحبشة يسمونه المصحف وكان أبو بكرأول من جمع كتاب الله وسماه المصحف( رواه السيوطي في الإتقان
وعن ابن بريدة قال: "أول من جمع القرآن في مصحف سالم مولى أبي حذيفة، أقسم لا يرتديبرداء حتى يجمعه ثم ائتمروا ما يسمونه. فقال بعضهم: سموه السفر. قال: ذلك اسم تسميهاليهود، فكرهوه، فقال: رأيت مثله بالحبشة يسمى المصحف، فاجتمع رأيهم على أن يسموهالمصحف".رواه السيوطي في الإتقانوإسناده منقطع ولا يصح لأن سالما قتل قبل الأمر بجمع القرآن.

س2: ما الأسباب التي حملت عثمان بن عفان رضي الله عنه على جمعالقرآن؟
لما كثرت فتوحات المسلمين في عهد عثمان – رضي الله عنه- واتسعت البلاد وكثر المسلمون قرأ المسلمون القرآن وتعددت قراءاتهم فاختلفوا بينهم واتهم بعضهم بعضا ووصل بهد الحد إلى أن كفر بعضهم بعضا فكان الصحابة – رضوان الله عليهم – ينكرون ذلك ما استطاعوا فلما اشتد الأمر وعظمت الفتنة بلغ ذلك عثمان – رضي الله عنه - قام وخطب في الناس واستشار من حوله من الصحابة فأجمعوا أن يجمع القرآن على مصحف واحد إمام وتلغى بقية المصاحف فأرسل عثمان إلى حفصة – رضي الله عنهما- لتعطيه المصحف الذي عندها لينسخ منه ويعيده لها فأمر زيد بن ثابت وجمع من الصحابة أن يتولوا ذلك ففعلوا – رضي الله عنهم أجمعين- .
ويدل على ذلك :
ما ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان - وكان يغازي أهلالشام في فتح إرمينية وأذربيجان مع أهل العراق - فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة؛فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاباختلاف اليهود والنصارى.
فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها فيالمصاحف ثم نردها إليك فأرسلت بها حفصة إلى عثمان؛ فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بنالزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن ابن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف). رواه البخاري والترمذي والنسائي في الكبرى.
وعن مصعب بن سعد بن أبي وقاص أنه قال: قام عثمان فخطب الناس فقال: " أيها الناسعهدكم بنبيكم منذ ثلاث عشرة وأنتم تمترون في القرآن، وتقولون قراءة أبيّ وقراءة عبدالله، يقول الرجل: والله ما تقيم قراءتك فأعزم على كل رجل منكم ما كان معه من كتابالله شيء لما جاء به...) رواه عمر بن شبة في تاريخ المدينة وابنأبي داوود في كتاب المصاحف.

س3: اذكر أسماء كتبة المصاحف العثمانية.
اختلف في عددهم ، وقد ورد عن كثير بن أفلح ( أن عثمان جمع اثني عشر رجلاً من قريش والأنصار) ذكره ابن سيرين في المصاحف .
وممن عدّ منهم : زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام وأبي بن كعب وكثير بن أفلح .
ويدل عليهم : ماورد عن أنس رضي الله عنه أن عثمان أمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوا الصحف التي كانت عند حفصة في المصاحف )رواه البخاري
وفي كتاب المصاحف من حديث ابن سيرين عن كثير بن أفلح أن عثمان جمع اثني عشر رجلاً من قريش والأنصار، منهم أبيّ بن كعب وزيد بن ثابت
وذكر ابن سيرين أن كثير بن أفلح مولى أبي أيّوب الأنصاري كان من كتاب المصاحف

وقد ورد عدّ غيرهم : كأنس بن مالك وعبد الله بن عباس وإن كان قد استند على حديث إبراهيم بن إسماعيل بن مجمّع الأنصاري عن الزهريّ؛ فلا يصحّ؛ لأنه متروك الحديث فإنه كثير الوهم ضعيف السمع .
كما ورد أيضا عد مالك بن أبي عامر جد الإمام مالك ولعله استند فيه على قول الإمام مالك في الموطأ "ولا بأس بالحلية للمصحف،وإنَّ عندي مصحفا كتبه جَدّي إذْ كَتَب عثمان رضي الله عنه المصاحف، عليهِ فِضَّةٌ كثيرة
وهذا ليس بنص في المسألة وغاية ما يدل عليه أنه كتبه له في ذاك الزمان إذ لو كان لمصلحة المسلمين لما أمكن لمالك أن يرثه من بعده والله تعالى أعلم.

س4: لخّص الفرق بين جمعأبي بكر وجمع عثمان رضي الله عنهما.
الفرق بينهما : أن جمع أبي بكر – رضي الله عنه – كان لكثرة قتل القراء وخشية على ضياع القرآن ، فكان مقصوده كتابة القرآن في مصحف بأي حرف حفظا له فكتبه وبقي معه تنوع القراءات والأحرف ولم يكن بين الصحابة نزاع في الأحرف لتأدبهم بما علمهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم- ، أما جمع عثمان -رضي الله عنه – فكان سببه كثرة الاختلاف في الأحرف وشدة الفتنة فكان مقصوده جمع القرآن على حرف واحد يوافق العرضة الأخيرة ويوافق لسان العرب وأجمعت عليه الأمة.

س5: ما المقصود بالعُسب واللخاف والرقاعوالأكتاف والأقتاب؟
قبل جمع أبوبكر – رضي الله عنه – للقرآن كان مفرقا بين الصحابة على العسب واللخاف والرقاع والأكتاف والأقتاب
والعسب: جمع عسيب وهو جريد النخل كانوا يكتبون في طرفه العريض بعد كشط الخوص.
أما اللخاف: بكسر اللام وواحدها لخفة وهي الحجارة الدقاق وقال الخطابي: صفائح الحجارة.
وأما الرقاع: جمع رقعة وتكون من الجلد أو الرق أو الكاغد .
وأما الأكتاف: جمع كتف وهو عظم البعيد أو الشاة يكتبون عليه إذا جف.
والأقتاب: جمع قتب وهو خشب يوضع على ظهر البعير ويكتبون عليه أيضا .



هذا والله تعالى أعلم

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 4 ذو القعدة 1438هـ/27-07-2017م, 07:55 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تقويم مجلس مذاكرة القسم الثاني من دوة جمع القرآن


أحسنتم، سدّد الله خطاكم وأنار دربكم.

المجموعة الأولى:
1: مريم أحمد حجازي ب
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
ج3: هذا السؤال يحتاج منك لمراجعة وإعادة ترتيب الأقوال، وقد ردّ أبو جعفر النحاس ما ظنه القاسم بن سلام مصحف عثمان استنادا إلى قول مالك أنه تغيّب، ولكن ما تغيّب لا يحكم عليه بالعدم كليّة بل قد يظهر بعد ذلك، وربما نقل إلى أحد الأماكن وحفظ فيها.
وتوجد نسخ عديدة لمصاحف عليها أثر الدم في مكة والمدينة ومصر يقال إنها المصحف الإمام، ولا يتصوّر ذلك لأنه مصحف واحد، فلا يمكن الجزم أيّها المصحف الإمام، بل قد تكون من المصاحف التي أنفذها عثمان إلى الآفاق، ووضع عليها ما يشبه الدم تشبيها بمصحف عثمان.
ويؤيّد ذلك ما كان من قصّة بعث الحجّاج بمصحف إلى المدينة ثم استبدال مصحف المهدي به.
وقد ورد عن آل عثمان أن مصحفه أصيب يوم قتل رضي الله عنه،
وقيل صار إلى ابنه خالد بن عمرو بن عثمان.
ج4: هذا السؤال الكبير ليس المطلوب فيه الإجابة بـ نعم أو لا، بل يجب تفنيد هذه الدعوى وبيان أصل نشأتها ومن نصرها من أهل العلم وحجّتهم في ذلك، ثم الردّ عليها بالأدلّة المعتبرة بتفصيل مناسب.

ج5: ومن أنواع الخلاف في المصاحف العثمانية غير الضبط والنقط اختلاف الأداء، من همز وتسهيل ومد وقصر وإمالة ونحوه، والمعوّل فيها السماع، فكان القرّاء يعلّمون كما تعلّموا وسمعوا مما يحتمله الرسم العثماني.


المجموعة الثانية:
ج1: مبدأ التسمية بالمصحف.
- قيل إن تسمية القرآن المكتوب مصحفا كان معروفا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وروي في ذلك عدّة أخبار معلولة لا تصحّ.
- وقيل بل الذي سمّاه بذلك أبو بكر رضي الله عنه، فإنه لما استتمّ له جمع القرآن طلب من الصحابة أن يختاروا له اسما، فأشار بعضهم بالإنجيل وأشار بعضهم السفر وأشار بعضهم بالمصحف كما يسمّيه الحبشة، فاختار المصحف.
وروي أن الذي أشار به سالم مولى أبي حذيفة وكان قد عزم على جمعه، ولا يصحّ لأنه مات في حرب اليمامة قبل جمع القرآن.
وفي رواية أخرى أن الذي أشار به عبد الله بن مسعود.
وكلها آثار واهية لا تثبت.
فتبيّن ممّا سبق
أنه لم يثبت خبر صحيح في منشأ تسمية المصحف، وتبقى التسمية جارية على الأصل اللغوي في تسمية مجموعة الصحف المضمومة إلى بعضها بين دفّتين مصحفا، ولأن المسلمين لم يكن لهم كتاب غير القرآن اشتهر به حتى صار علما عليه.
[هذا عرض مختصر للجواب، وعلى الطالب أن يكمل الجواب بذكر طرف من هذه المرويات مع توثيقها]

2: فاطمة محمود صالح أ

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
ج1: أحسنت، وبقي التنبيه على القول الثالث وهو أن أول من سمّى القرآن المكتوب مصحفا هو أبو بكر رضي الله عنه.

3: منى مدني أ

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
ج1: ينظر التعليق أعلاه.
ج2: بارك الله فيك، ولابد أولا من الإشارة إلى وجود الأحرف السبعة وقراءة الناس بها في ذلك العهد، والفارق الذي كان بين الصحابة وبين عموم الناس فيما يخصّ الأحرف السبعة واختلاف الناس في القراءة، والذي أدّى بالعامّة والأعاجم إلى حصول الشقاق والنزاع وربما تكفير بعضهم البعض، فما ذكرتيه من أسباب إنما هي مواقف كثيرة مصدّقة لذلك الخلاف والتي أدّت بعثمان -رضي الله عنه- إلى عزمه على جمع الناس على مصحف واحد.

4: ندى علي ب

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
ج1: ينظر التعليق أعلاه.
- خصمت نصف درجة على التأخير.


المجموعة الرابعة:
5: رشا نصر زيدان أ+

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
ج5: لعلك قصدتِ أنه على غير الترتيب العثماني، إذ لابد أن يكون له ترتيب ما كونه بين دفّتين، وإن لم نعرف هذا الترتيب، فلا نجزم فيه بشيء.

6: عقيلة زيان أ+

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
ج5: ثبت أن أبا بكر -رضي الله عنه- قد جمع القرآن بين لوحين، وعليه يجب التوفيق بين ذلك وبين الآثار الواردة في شأن جمعه للقرآن في قراطيس، فهي قراطيس مجموعة في مصحف واحد.
- وطالما جمعت سور القرآن بين لوحين فلابد أن لها ترتيبا ما وإن لم نعلمه، وذلك لأن مصحف أبي بكر لم يكن مشهورا، ولم ينقل لنا عنه علم فيما يتعلّق بالترتيب والرسم كما نقل عن المصحف العثماني.


المجموعة الخامسة:
7: هناء محمد علي أ+

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.

8: حنان علي محمود أ+

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.



رزقكم الله العلم النافع والعمل الصالح


رد مع اقتباس
  #11  
قديم 5 ذو القعدة 1438هـ/28-07-2017م, 12:48 AM
سناء بنت عثمان سناء بنت عثمان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: May 2015
المشاركات: 286
افتراضي

المجموعة الرابعة:

س1: ما هي أسباب جمع أبي بكررضي الله عنه للقرآن في مصحف واحد؟
ج1: من المناقب العظيمة التي كانت للصديق رضي الله عنه جمع القرآن، جاء في الأثر المروي عن زيد بن ثابت قال:(أرسل إلى أبابكر مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده).
قال أبو بكر رضي الله عنه: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن.
قلت لعمر: كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال عمر: هذا والله خير. فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك.
قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجمعه.
فو الله لو كلفوني بنقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليّ مما أمرني به من جمع القرآن.
قلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال: هو والله خير.
فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
فتتبعت القرآن أجمعه من العُسُب واللخاف وصدور الرجال، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره} لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم ... {حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر رضي الله عنها. رواه البخاري من طريق ابن شهاب الزهري.

_ففي هذا الأثر جاء بيان الذي دفع بأبي بكر لجمع القرآن فمن ذلك:
· العدد الكبير الذي سقط من القراء في وقعة اليمامة، وأن ذلك مظنة قتلهم في مواقع أخرى، وهؤلاء القراء بهم العماد في حفظ القرآن؛ فإن الوحي قد انقطع بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
· أن الجمع في مصحف واحد كان للتوثيق، إذ كان القرآن متفرقا في العسب واللخاف والأكتاف، ولم يكن اعتمادهم عليه كبيرا، بل كان كل اعتمادهم على المحفوظ في الصدور والذي هو خشية ذهابه بذهاب القراء، فكانت عنايته واهتمامه بجمع ما في تلك اللخاف والأكتاف والعسب موافقا لما في صدور الرجال وجمعها كلها في مصحف واحد.


س2: ما مصير مصحف أبي بكر رضي الله عنه؟
أُحرق مصحف أبي بكر الصديق وقد أحرقها الخليفة مروان بن عبد الملك.
_قال ابن وهب: أخبرني مالك عن ابن شهاب عن سالم وخارجة:(أن أبا بكر الصديق كان قد جمع القرآن في قراطيس، وكان قد سأل زيد بن ثابت النظر في ذلك فأبي، حتى استعان عليه بعمر ففعل، وكانت تلك الكتب عند أبي بكر حتى توفيّ، ثم عند عمر حتى توفيّ، ثم عند حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل إليها عثمان فأبت أن تدفعها إليه حتى عاهدها ليردنها إليها، فبعثت بها إليه، فنسخها عثمان في هذه المصاحف ثم ردها إليها، فلم تزل عندها حتى أرسل مروان فأخذها وحرقها). رواه ابن أبي داود في كتابة المصاحف.
_وجاء في رواية ابن أبي داود في كتابة المصاحف من طريق أبي اليمان قال: أخبرنا شعيب عن الزهري، أخبرني سالم بن عبد الله: أن مروان كان يرسل إلى حفصة يسألها الصحف التي كتب منها القرآن فتأبى حفصة أن تعطيه إياها، قال سالم: فلما توفيت حفصة ورجعنا من دفنها، أرسل مروان بالعزيمة إلى عبد الله بن عمر ليرسلن إليه بتلك الصحف، فأرسل بها إليه عبد الله بن عمر، فأمر بها مروان فشققت، فقال مروان: إنما فعلت هذا لأن ما فيها قد كتب وحفظ بالمصحف، فخشيت إن طال بالناس زمان أن يرتاب في شأن هذه الصحف مرتاب، أو يقول إنه قد كان شيء منها لم يكتب).


س3: ما موقف الصحابة رضي الله عنهم من جمع عثمان؟
ج3: تلقى جميع الصحابة رضوان الله عليهم ما فعله عثمان من جمع الناس على مصحف إمام بالقبول والاستحسان، ولم يرد أنه خالفه أحد سوى ما ذكر عن عبد الله بن مسعود ومعارضته في أول الأمر لأسباب تخصه، إلا أنه رجع إلى موافقة ما أجمع عليه الصحابة بما فعله عثمان رضي الله عنه والقراءة بما تضمنه المصحف الإمام وترك ما سواه وقد دلت بذلك الآثار التي وردت عنهم:
_قال سويد بن غفلة: والله لا أحدثكم إلا شيئا سمعته من على بن أبي طالب رضي الله عنه، سمعته يقول:(يأيها الناس لا تغلوا في عثمان، ولا تقولوا له إلا خيرا في المصاحف وإحراق المصاحف؛ فو الله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملأ منا} جميعا {أصحاب محمد، دعانا فقال:(ما تقولون في هذه القراءة؟ فقد بلغني أن بعضكم يقول: قراءتي خير من قراءتك، وهذا يكاد يكون كفر، وإنكم إن اختلفتم اليوم كان لمن بعدكم أشد اختلافا).
قال: فماذا ترى؟
قال: أن أجمع الناس على مصحف واحد؛ فلا يكون فرقة ولا اختلاف.
قلنا: فنعم ما رأيت.
قال علي: والله لو وليت لفعلت مثل الذي فعل.
رواه عمر بن شبة في تاريخ المدينة، وابن أبي داود في تاريخ كتاب المصاحف من طريق علقمة بن مرثد عن العيزار بن جرول عن سويد به.
_وقال أبو إسحاق السبيعي: سمعت مصعب بن سعد يقول:(أدركت أصحاب رسول الله صلى الله عليه متوافرين فما رأيت أحدا منهم عاب ما صنع عثمان رضي الله عنه في المصاحف). رواه أبو عبيد في فضائل القرآن وعمر بن شبة واللفظ له وابن أبي داود.

_ وما ذكر عن خلاف ابن مسعود رضي الله عنه ومعارضته لما فعل عثمان، فمما لا خلاف فيه أن عبد الله بن مسعود كان من كبار قراء القرآن من الصحابة، وتلقى القرآن مشافهة من النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يُقرئ القرآن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ثم في عهد الخلفاء الراشدين، وشهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالفضل.
*قال النبي صلى الله عليه وسلم:(خذوا القرآن من أربعة: من ابن أم عبد _فبدأ به_ ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وسالم مولى أبي حذيفة). رواه مسلم.
*وعن عيسى بن دينار الخزاعي عن أبي عمرو بن الحارث بن المصطلق رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:(من سره أن يقرأ القرآن غضا طريا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد). رواه أحمد والبخاري في الأدب.
*وشهد له الصحابة بالفضل، قال عبد الرحمن بن زيد: سألنا حذيفة عن رجل قريب السمت والهدي من النبي صلى الله عليه وسلم حتى نأخذ منه، فقال:(ما أعرف رجلا أقرب سمتا وهديا ودلا بالنبي صلى الله عليه وسلم من ابن أم عبد). رواه البخاري.

*وكان عبد الله بن مسعود له حظ ودراية كبيرة بالقرآن ومعانيه، قال عن نفسه:(والذي لا إله غيره ما أنزلت من سورة إلا أعلم حيث أنزلت، وما من آية إلا أعلم فيما أنزلت، ولو أني أعلم أحدا أعلم بكتاب الله مني تبلغنيه الإبل لأتيته). رواه ابن أبي داود.

_وأما اختلافه للصحابة ومعارضته لما فعل عثمان رضي الله عنه إنما كان بسبب أنه كان من المعلمين للقرآن لمدة طويلة وذلك من زمان النبي صلى الله عليه وسلم وحتى خلافة عثمان رضي الله عنه، فلما كان جمع القرآن لم يدعى إليه ولم يُؤخذ له برأي فشق ذلك عليه وكان مما ذكر من غضبه ومعارضته لذلك الجمع، وذلك أن جمع القرآن على مصحف إمام في عهد عثمان كان يستلزم أن يترك كثيرا من قراءة عبد الله بن مسعود التي تلقاها عن النبي صلى الله عليه وسلم ويخالفه فيها، فكان ذلك شاقا على عبد الله بن مسعود فلم يدعى لجمع القرآن.
ثم أن عبد الله بن مسعود لما رأى اجتماع الصحابة على ما فعله عثمان رضي الله عنه رجع عن رأيه ووافقهم.


س4: هل كان الجمعالعثماني مشتملاً على الأحرف السبعة أو على حرف منها؟
ج4: هذه المسألة من المسائل التي دار فيها الخلاف كثيرا بين أهل العلم ويمكن تلخيص ذلك في عدد من النقاط:
· أن جمع القرآن في عهد عثمان كان على حرف واحد من الأحرف السبعة. وهذا القول منسوب للحارث المحاسبي وابن جرير الطبري وابن القيم وجماعة من أهل العلم.
_قال ابن جرير:(وجمعهم (أي: عثمان) على مصحف واحد وحرف واحد، وخرق ما عدا المصحف الذي جمعهم عليه، وعزم على كل من كان عنده مصحف مخالف المصحف الذي جمعهم عليه أن يخرقه؛ فاستوسقت له الأمة على ذلك بالطاعة، ورأت أن فيما فعل من ذلك الرشد والهداية، فتركت القراءة بالأحرف الستة التي عزم عليها إمامها العادل في تركها طاعة منه لها، ونظرا منها لأنفسها ولمن بعدها من سائر أهل ملتها، حتى درست من الأمة معرفتها، وتعفت آثارها، فلا سبيل لأحد القراءة بها لدثورها وعفو آثارها، وتتابع المسلمين على رفض القراءة بها من غير جحود منها صحتها أو صحة شيء منها، ولكن نظرا منها لأنفسها ولسائر أهل دينها؛ فلا قراءة للمسلمين اليوم إلا بالحرف الواحد الذي اختاره لهم إمامهم الشفيق الناصح، دون ما عداه من الأحرف الستة الباقية).
وقد رد العلماء هذا القول؛ بأنه قول لا يصح؛ إذ أن المصاحف العثمانية لم تكن منقوطة ولا مشكولة، وهي بذلك شاملة لجميع الأحرف السبعة، وأنما نقل عنهم من خلاف إنما هو في بعض مواضع الرسم، وكانت قراءة القراء في ذلك الوقت موافقة للرسم، فيقرؤون بما وافق الرسم ويعون ما سواه. وفي هذا دلالة على أن الجمع العثماني لك يكن على حرف واحد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ليست هذه القراءات السبعة مجموع حرف واحد من الأحرف السبعة التي أنزل القرآن عليها باتفاق العلماء المعتبرين).

· أن جمع المصحف في عهد عثمان قد اشتمل على سائر الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن. وهذا القول منسوب لبعض أهل العلم.
وقد ضعف العلماء هذا القول؛ بأنه قول بعيد وغير صحيح، وهو يخالف السبب الذي دفع عثمان لجمع القرآن.

*قال شيخ الإسلام ابن تيمية:(ذهب طوائف من الفقهاء والقراء وأهل الكلام إلى أن المصحف مشتمل على الأحرف السبعة وقرر ذلك طوائف من أهل الكلام كالقاضي أبي بكر الباقلاني وغيره؛ بناء على أنه لا يجوز على الأمة أن تهمل نقل شيء من الأحرف السبعة).

*وقال ابن الجزري في منجد المقرئين:(إذا قلنا: أن المصاحف العثمانية محتوية على جميع الأحرف السبعة التي أنزلها الله تعالى كان ما خالف الرسم يقطع بأنه ليس من الأحرف السبعة، وهذا قول محظور لأن كثيرا مما خالف الرسم قد صح عن الصحابة رضي الله عنهم وعن النبي صلى الله عليه وسلم).


· أن جمع عثمان كان لبعض الأحرف السبعة وليس جميعها؛ وهي الأحرف التي وافقت لغة قريش والعرضة الأخيرة وقراءة العامة، وأن الرسم العثماني كان محتملا لها.

وهذا القول هو الذي رجحه العلماء.
*قال مكي بن أبي طالب القيسي(ت:437ه): فالمصحف كتب على حرف واحد وخطه محتمل لأكثر من حرف إذ لم يكن منقوطا ولا مضبوطا).

*وقال أحمد بن عمار المقرئ(ت:440ه):(أصح ما عليه الحذاق من أهل النظر في معنى ذلك إنما نحن عليه في وقتنا هذا من هذه القراءات هو بعض الحروف السبعة التي نزل عليها القرآن). نقله أبو شامة في المرشد الوجيز.

*وقال ابن الجزري:(وذهب جماهير العلماء من السلف والخلف وأئمة المسلمين إلى أن هذه المصاحف العثمانية مشتملة على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة فقط، جامعة للعرضة الأخيرة التي عرضها النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل عليه السلام _متضمنة لها لم تترك حرفا منها).
وقال:(وهذا هو القول الذي يظهر صوابه؛ لأن الأحاديث الصحيحة والآثار المشهورة المستفيضة تدل عليه وتشهد له).



س5: هل كان جمع أبي بكرفي صحف غير مرتبة السور في مصحف واحد؟

· هناك قول اشتهر في كتب علوم القرآن أن أبوبكر رضي الله عنه جمعه في صحف متفرقة مرتبة آيات كل سورة، لكن سوره غير مرتبة. وهذا القول ذكره عبد الواحد بن عمر الصفاقسي المعروف بابن التين (ت:611ه) في شرحه على صحيح البخاري، وقد نقله عنه ابن حجر في فتح الباري والسيوطي في كتابه علوم القرآن دون أن يتعقبا هذا القول.
وقد رد الشيخ عبد العزيز الداخل هذا القول: بأنه خطأ بيّن.
وأن الصواب في ذلك: أن جمع الصديق رضي الله عنه للقرآن كان في مصحف واحد وقد دلت بذلك الآثار الواردة:
قال علي بن أبي طالب:(رحم الله أبا بكر كان أعظم الناس أجرا في القرآن، هو أول من جمعه بين اللوحين).رواه ابن أبي شيبة وأبو نعيم وابن أبي داود وغيرهم.
وقال صعصعة بن صوحان العبدي وكان من القراء في زمن عثمان:(أول من جمع بين اللوحين وورث الكلالة أبوبكر). رواه ابن أبي شيبة.
ومن ضرورة جمعه بين لوحين أن يكون له ترتيب وإن لم نقف على تعيينه..
وقال: وأن الفهم الصحيح الذي ينبغي من هذه الآثار أن الجمع يقتضي أن يكون في مصحف واحد، وأنها صحف بين لوحين.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 5 ذو القعدة 1438هـ/28-07-2017م, 01:29 AM
ندى علي ندى علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 311
افتراضي

أحسن الله إليكم وجزاكم عنا خيرا
حاولت أن أدرك الوقت وأرسل قبل السادسة

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الثالث

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:17 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir