دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > أصول الفقه > متون أصول الفقه > جمع الجوامع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 ذو الحجة 1429هـ/11-12-2008م, 11:29 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي حجية المفهوم

مَسْأَلَةُ: الْمَفَاهِيمِ إلَّا اللَّقَبَ حُجَّةً لُغَةً، وَقِيلَ شَرْعًا، وَقِيلَ مَعْنًى، وَاحْتَجَّ بِاللَّقَبِ الدَّقَّاقُ وَالصَّيْرَفِيُّ وَابْنُ خُوَيْزِ مِنْدَادْ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ، وَأَنْكَرَ أَبُو حَنِيفَةَ الْكُلَّ مُطْلَقًا، وَقَوْمٌ فِي الْخَبَرِ، وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ فِي غَيْرِ الشَّرْعِ، وَإمَامُ الْحَرَمَيْنِ صِفَةً لَا تُنَاسِبُ الْحُكْمَ، وَقَوْمٌ الْعَدَدَ دُونَ غَيْرِهِ.

  #2  
قديم 17 ذو الحجة 1429هـ/15-12-2008م, 12:33 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح جمع الجوامع لجلال الدين المحلي


(مَسْأَلَةُ الْمَفَاهِيمِ) الْمُخَالَفَةُ (إلَّا اللَّقَبَ حُجَّةً لُغَةً) لِقَوْلِ كَثِيرٍ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ بِهَا مِنْهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ وَعُبَيْدٌ تِلْمِيذُهُ قَالَا فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ مَثَلًا {مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ} أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَطْلَ غَيْرِ الْغَنِيِّ لَيْسَ بِظُلْمٍ وَهُمْ إنَّمَا يَقُولُونَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ مَا يَعْرِفُونَهُ مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ (وَقِيلَ) حُجَّةً (شَرْعًا) لِمَعْرِفَةِ ذَلِكَ مِنْ مَوَارِدِ كَلَامِ الشَّارِعِ. وَقَدْ فُهِمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْله تَعَالَى {إنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} أَنَّ حُكْمَ مَا زَادَ عَلَى السَّبْعِينَ بِخِلَافِ حُكْمِهِ حَيْثُ قَالَ كَمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ {خَبَّرَنِي اللَّهُ وَسَأَزِيدُهُ عَلَى السَّبْعِينَ}. (وَقِيلَ) حُجَّةً (مَعْنًى) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْفِ الْمَذْكُورَ الْحُكْمَ عَنْ الْمَسْكُوتِ لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِهِ فَائِدَةٌ وَهَذَا كَمَا عَبَّرَ عَنْهُ هُنَا بِالْمَعْنَى عَبَّرَ عَنْهُ فِي مَبْحَثِ الْعَامِّ كَمَا سَيَأْتِي بِالْعَقْلِ. وَفِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ هُنَا بِالْعُرْفِ الْعَامِّ لِأَنَّهُ مَعْقُولٌ لِأَهْلِهِ (وَاحْتَجَّ بِاللَّقَبِ الدَّقَّاقُ وَالصَّيْرَفِيُّ) مِنْ الشَّافِعِيَّةِ (وَابْنُ خُوَيْزِ مِنْدَادْ) مِنْ الْمَالِكِيَّةِ (وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ) عَلَمًا كَانَ أَوْ اسْمَ جِنْسٍ نَحْوُ عَلَى زَيْدٍ حَجٌّ أَيْ لَا عَلَى عَمْرٍو وَفِي النَّعَمِ زَكَاةٌ أَيْ لَا فِي غَيْرِهَا مِنْ الْمَاشِيَةِ إذْ لَا فَائِدَةَ لِذِكْرِهِ إلَّا نَفْيُ الْحُكْمِ عَنْ غَيْرِهِ كَالصِّفَةِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ فَائِدَتَهُ اسْتِقَامَةُ الْكَلَامِ إذْ بِإِسْقَاطِهِ يَخْتَلُّ بِخِلَافِ إسْقَاطِ الصِّفَةِ وَيَقْوَى - كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ - الدَّقَّاقُ الْمَشْهُورُ بِاللَّقَبِ بِمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ خُصُوصًا الصَّيْرَفِيَّ فَإِنَّهُ أَقْدَمُ مِنْهُ وَأَجَلُّ (وَأَنْكَرَ أَبُو حَنِيفَةَ الْكُلَّ مُطْلَقًا) أَيْ لَمْ يَقُلْ بِشَيْءٍ مِنْ مَفَاهِيمِ الْمُخَالَفَةِ وَإِنْ قَالَ فِي الْمَسْكُوتِ بِخِلَافِ حُكْمِ الْمَنْطُوقِ فَلِأَمْرٍ آخَرَ كَمَا فِي انْتِفَاءِ الزَّكَاةِ عَنْ الْمَعْلُوفَةِ قَالَ الْأَصْلُ عَدَمُ الزَّكَاةِ وَرَدَتْ فِي السَّائِمَةِ فَبَقِيَتْ الْمَعْلُوفَةُ عَلَى الْأَصْلِ (وَ) أَنْكَرَ الْكُلَّ (قَوْمٌ فِي الْخَبَرِ) نَحْوُ فِي الشَّامِ الْغَنَمُ السَّائِمَةُ فَلَا يَنْفِي الْمَعْلُوفَةَ عَنْهَا لِأَنَّ الْخَبَرَ لَهُ خَارِجِيٌّ يَجُوزُ الْإِخْبَارُ بِبَعْضِهِ فَلَا يَتَعَيَّنُ الْقَيْدُ فِيهِ لِلنَّفْيِ بِخِلَافِ الْإِنْشَاءِ نَحْوُ {زَكُّوا عَنْ الْغَنَمِ السَّائِمَةِ} وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا تَقَدَّمَ فَلَا خَارِجِيَّ لَهُ فَلَا فَائِدَةَ لِلْقَيْدِ فِيهِ إلَّا النَّفْيُ. (وَ) أَنْكَرَ الْكُلَّ (الشَّيْخُ الْإِمَامُ) وَالِدُ الْمُصَنِّفِ (فِي غَيْرِ الشَّرْعِ) مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِينَ وَالْوَاقِفِينَ لِغَلَبَةِ الذُّهُولِ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِهِ فِي الشَّرْعِ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ الْمُبَلَّغِ عَنْهُ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَا يَغِيبُ عَنْهُ شَيْءٌ (وَ) أَنْكَرَ (إمَامُ الْحَرَمَيْنِ صِفَةً لَا تُنَاسِبُ الْحُكْمَ) كَأَنْ يَقُولَ الشَّارِعُ فِي الْغَنَمِ الْعُفْرِ الزَّكَاةُ قَالَ فَهِيَ فِي مَعْنَى اللَّقَبِ بِخِلَافِ الْمُنَاسَبَةِ كَالسَّوْمِ لِخِفَّةِ مُؤْنَةِ السَّائِمَةِ فَهِيَ فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ وَلِكَوْنِ الْعِلَّةِ غَيْرَ الصِّفَةِ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ أَطْلَقَ الْإِمَامُ الرَّازِيُّ عَنْهُ إنْكَارَ الصِّفَةِ وَلِكَوْنِ غَيْرِ الْمُنَاسَبَةِ فِي مَعْنَى اللَّقَبِ أَطْلَقَ ابْنُ الْحَاجِبِ عَنْهُ الْقَوْلَ بِالصِّفَةِ. وَأَمَّا غَيْرُهَا مِمَّا تَقَدَّمَ فَصَرَّحَ مِنْهُ بِالْعِلَّةِ وَالظَّرْفِ وَالْعَدَدِ وَالشَّرْطِ وَإِنَّمَا وَمَا وَإِلَّا وَسَكَتَ عَنْ الْبَاقِي وَهُوَ الْمَذْكُورُ (وَ) أَنْكَرَ (قَوْمٌ الْعَدَدَ دُونَ غَيْرِهِ) فَقَالُوا لَا يَدُلُّ عَلَى مُخَالَفَةِ حُكْمِ الزَّائِدِ عَلَيْهِ أَوْ النَّاقِصِ عَنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ إلَّا بِقَرِينَةٍ أَمَّا مَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ فَاتَّفَقُوا عَلَى حُجِّيَّتِهِ وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي طَرِيقِ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ.

  #3  
قديم 17 ذو الحجة 1429هـ/15-12-2008م, 12:33 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تشنيف المسامع لبدر الدين الزركشي


ص: (مسألة: المفاهيم إلا اللقب حجة لغة، وقيل: شرعاً، وقيل: معنى).
ش: الألف واللام للعهد، وهي الأربعة السابقة في أنواع المخالفة، فإنَّ مفهوم الموافقة يجمع على القول به كما قاله القاضي أبو بكر وغيره، وقالَ الهندي لا نعلم خلافاً في صحته، بل أطبق الكل عليه حتى منكرو القياس، وقوله: إلا اللقب، لا وجه للاستثناء؛ لأنَّه لم يتقدم له ذكر، وإنما ذكره فيما بعد، وأخره لأنَّه يخالفها في الحجة، وقوله: حجة، أي: ظاهر في المفهوم، مثل العموم ظاهر في الاستغراق، ولهذا نقدمه على القياس، ونؤخره عن النص، قالَ ابن السمعاني، لكن اختلف القائلون به، هل نفى الحكم فيه عما عدا المنطوق به من جهة اللغة، أي: ليس من المنقولات الشرعية، بل هو باق على أصله، أو من جهة الشرع بتصرف منه زائد على وضع اللغة، أو من قبيل المعنى أي: العرف العام، ورجح ابن السمعاني الأول وتابعه المصنف وعزاه لأكثر الأصحاب، وعزا الثالث للإمام، وهو متابع فيه للهندي، وإنما قاله الإمام في (المعالم) وأما في المحصول فاختار مذهب الحنفية، معَ أن المصنف في باب العموم جزم بأن تعميم مفهوم المخالفة بدلالة العقل، ثمَّ أحاله على المذكور هنا، واستثنى من حجية المفاهيم مفهوم اللقب، وهو تعلق الحكم بالاسم الجامد، نحو: قام زيد، فلا يدل على نفي الحكم عما عداه على الصحيح؛ لأنَّ اللفظ لم يتعرض له، وتخصيصه بالذكر، لغرض الإخبار عنه، لا لنفيه عن غيره، وليس المراد باللقب الاصطلاحي: النحوي بل الأعم من اللقب والاسم والكنية.
ص: (واحتج باللقب الدقاق والصيرفي وابن خويز منداد وبعض الحنابلة).
ش: زيفوا مذهب الدقاق، بأن المصير إليه ينفي تعيين كل ما اعتبر الشرع عينه، ويستلزم إثبات قيام كل من في العالم عندَ قولنا: زيد جالس، ويلزم تكفير من قالَ: عيسى رسول الله، وله أن يجيب بأن المفهوم اللقبي يحتج به عندَ عدم معارضة المنطوق كغيره من المفاهيم، واعلم أن نسبته إلى الدقاق مشهور وأما الصيرافي فاعتمد المصنف فيه أن السهيلي نقله في (نتائج الفكر) في باب عنه وهو غريب ولعله تحرف علة بالدقاق، وأما حكايته عن ابن خويزمنداد، فذكره الماوردي وغيره، وقالَ المصنف: إن الإمام في البرهان حكاه عن طوائف من أصحابنا، وأنه إخبار للاحتجاج به إذا اقترن به ما يفيد نفي الحكم، كقوله تعالى: {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون}
فائدة: ابن خويزمنداد اشتهر على الألسنة بالميم، وعن ابن عبد البر أنه بالباء الموحدة المكسورة.
ص: (وأنكر أبو حنيفة الكل مطلقاً، وقوم في الخبر، والشيخ الإمام في غير الشرع، وإمام الحرمين صفة لا تناسب الحكم، وقوم العدد دون غيره).
ش: المنكرون للمفهوم في الجملة اختلفوا على مذاهب، فمنهم من أنكر الكل، أي مفاهيم المخالفة، وقوله: (مطلقاً) لأجل التفصيل الذي بعده، والعجب على اقتصاره على أبي حنيفة، وحده فإنَّه وجه عندَنا صارَ إليه الغزالي، وتوهم ابن الرفعة في (المطلب) أن أبا حنيفة يقول بمفهوم الصفة لإسقاط الزكاة في المعلوفة، وليس مأخذ السقوط عندَه المفهوم، بل إن الأصل عدم الوجوب مطلقاً، خرجت السائمة بدليل، فبقي في المعلوفة على الأصل، ومنهم من أنكره في الخبر، واعترف به في الأمر، فهذا أخذه المصنف من ابن الحاجب، فإنَّه ذكر في أدلة النفاة أنه لو ثبت المفهوم لثبت في الخبر وهو باطل؛ لأنَّ من قالَ في الشام: الغنم السائمة، لم يدل على خلافه قطعاً، وأجاب بالتزامه في الخبر أيضاًً، وبأنه قياس في اللغة ثمَّ زيفها، وقالَ: الحق في الفرق بينَ الإنشاء والخبر، فإنَّ الخبر وإن دل على المسكوت ـ غير مخبر به، فلا يلزم أن يكون حاصلاً في الخارج لأنَّ الخبر يفتقر إلى خارج وهو تعلقه، بخلاف الحكم، إذ لا خارجي له حتى يجري فيه ذلك، وفرق ابن السمعاني فإنَّ المخبر قد يكون له غرض في الإخبار، بأن في الشام غنماً سائمة مثلاً وأن زيداً الطويل في الدار، ولا يكون له غرض في الإخبار، عن غير الشام ولا عن غير زيد الطويل فخصهما، بالإخبار لذلك، وأما الشارع في مقام الإنشاء وإن بينَ جميع الأحكام فإذا قالَ: زكوا عن الغنم السائمة، علمنا أنه لو كانت الزكاة في جميع الغنم لعلق بمطلق الاسم.
واعلم أن مقتضى كلام من ذكر أن القول ينفيه في الخبر محل اتفاق، ولهذا تمحلوا طريق الفرق، وصرح به القاضي في التقريب، ومع ذلك فلا يخفى ما في حكاية المصنف له قولاً مفصلا، لكن صاحب (المسودة) حكى عن القاضي وعن أصحابه فيه قولين، مرة سوى بينهما، ومرة فرق، فقالَ: إذا قلت: زيد الطويل في الدار، لم يدل على القصير بنفي ولا إثبات، وقالَ والد المصنف: إنما هو حجة في خطاب الشارع لعلمه بواطن الأمور وظواهرها وليس بحجة في كلام المصنفين والناس لغلبة الذهول عليهم، وعلى هذا فالمفهوم بمنزلة القياس، ويشهد له ما حكاه الرافعي عن فتاوى القاضي حسين، أنه لو ادعى عليه عشرة، فقالَ: لا تلزمني اليوم ـ لا يطالب بها؛ لأنَّ الإقرار لا يثبت بالمفهوم، قلت: لكن كلام المصنف يقتضي أنه لا فرق بينَهما في طرد الخلاف وقد حكى الغزالي في البسيط فيما لو قالَ: قارضتك على أن لي النصف وسكت عن جانب العامل ـ فظاهر النص إنه فاسد؛ لأنَّ جميع أجزاء الربح تضاف إليه بحكم الملك، وإنما ينصرف عنه بإضافته إلى غيره ولم يضف، وذكر ابن سريج قولاً مخرجاً أنه يصح تمسكاً بالفحوى والمفهوم، انتهى.
وقالَ الهروي في (الإشراف) لو قالَ: ما لزيد علي أكثر من مائة درهم، لم يكن مقراً بالمائة؛ لأنَّه نفي مجرد، فلا يدل على الإثبات، وفيه وجه أنه إقرار، وهو قول أبي حنيفة، وأصل هذا أن دليل الخطاب، هل هو حجة أم لا؟ انتهى.
ثم رأيت ابن تَيْمِيَّةَ في بعض مؤلفاته، حكى هذا التفصيل عن بعض الناس، وقالَ: إنه خلاف الإجماع، فإنَّ الناس إما قائل بأن المفهوم من جملة دلالات الألفاظ أو ليس من جملتها، فالتفصيل إحداث قول ثالث، ثمَّ القائلون بأنه حجة إنما قالُوا: هو حجة في الكلام مطلقاً، واستدلوا على كونه حجة في كلام الناس بأنه دلالة من جملة الدلالات كالعموم، وأما القياس فإنما لم يكن حجة في كلام الناس؛ لأنَّه ليس من دلالات الألفاظ المعلومة من جهة اللغة، وإنما يصير دليلاً بنص الشارع بخلاف المفهوم، فإنَّه دليل لغة والشارع بينَ الأحكام بلغة العرب، وقد يقال: إن هذا التفصيل قريب من الذي قبله، أعني التفصيل بينَ الخبر والإنشاء؛ لأنَّ المصنفين مخبرون عن حكم الله لا منشئون وقد عكس بعض الحنفية، ففي (حواشي الهداية) للخبازي في باب جنايات الحج أن شمس الأَئِمَّة ذكر في (السفر الكبير) أن تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على أن الحكم بخلافه، إنما هو في خطابات، فأما في معاملات الناس وعرفهم فإنَّه يدل، ويؤيده ما سبق عن حكاية الهروي، فإنَّ أبا حنيفة جعله مقراً معَ أنه لا يقول بالمفهوم، على أنه قد يقال: لا معنى لنقل المصنف ذلك عن والده، بل الخلاف فيه قديم من غير خصوصية بالمفهوم، فقد حكى إلكيا الطبري، خلافاً في أن قواعد أصول الفقه المتعلقة بالألفاظ كالعموم والخصوص وغير ذلك، هل يختص بكلام الشارع أو تجري في كلام الآدمي، وسيأتي في باب العموم حكايته عن القاضي الحسين أيضاًً، والراجح الاختصاص، ويشهد له مناط قولهم: إن مفهوم الصفة إنما كانَ حجة لما فيه من معنى العلة، والعلل لا نظر إليها في كلام الآدمي، إذ لا قياس فيها قطعاً وقولهم لا يمكن أن يكون المخصص المذكور بالذكر خطوره بالبال دون صيغة؛ لأنَّ ذلك لا يتأتى إلا في كلام الله تعالى، ويعلم من هذا أن تخريج المتأخرين مسائل الفروع على القواعد الأصولية لا يخلو من نزاع، وأنكر أمام الحرمين المفهوم في الصفة، إذ لم تشتمل على معنى يناسب للحكم، كقولهم: الإنسان الأبيض ذو إرادة، بخلاف المشتملة على المناسب كالسائمة، فإنَّ خفة المؤنة ظاهرة في الإيجاب، وعدمها في عدمه، قالَ ابن السمعاني: وهو خلاف مذهب الشافعي، فإنَّ العلة ليس من شرطها الانعكاس، وهذا أورده الإمام على نفسه، وأجاب بأن قضية اللسان هي الدلالة عندَ إحالة الوصف على ما عداه بخلافه، وزعم أن هذا وضع اللسان ومقتضاه بخلاف العلل المستنبطة، واستفيد مما نقله المصنف عن إمام الحرمين صواب النقل عنه، فإنَّ صاحب المحصول والمنهاج نقلا عنه اختيار المنع كأبي حنيفة ونقل ابن الحاجب عنه القول بغير ذلك، والموجود في البرهان ما حكاه المصنف من التفصيل، وأنكر قوم العدد دون غيره من المفاهيم ـ يعني خلا اللقب وهذا منسوب إلى الإمام في المحصول، فإنَّه ذكر تفصيلاً حاصله أنه لا، والمنقول عن الشافعي، أنه يدل ممن نقله الماوردي وأبو حامد، لكنه مثل بقوله: إذا بلغ الماء قلتين، والأشبه أنه من الشرط، فإنَّه لا اسم عدد هنا كاثنين وثلاثة بل المعدود.

  #4  
قديم 17 ذو الحجة 1429هـ/15-12-2008م, 12:33 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الغيث الهامع لولي الدين العراقي


ص: مسألة: المفاهيم إلا اللقب حجة لغة وقيل شرعاً وقيل معنى.
ش: جميع مفاهيم المخالفة عندنا حجة، إلا مفهوم اللقب، وهو تعليق الحكم بالاسم الجامد، سواء أكان اسم جنس أو علماً، فلا يدل على نفي الحكم عما عداه على الصحيح، وليس المراد باللقب الاصطلاح النحوي بل أعم منه ومن الاسم والكنية، ثم إن المشهور أن دلالته من جهة اللغة أي ليس من المنقولات الشرعية، بل هو باق على أصله.
وقيل: من جهة الشرع أي تصرف من جهة الشرع زائد على الوضع اللغوي، وقيل: من جهة المعنى، أي العرف العام.
ص: واحتج باللقب الدقاق والصيرفي وابن خويز منداد وبعض الحنابلة.
ش: الدقاق من أصحابنا الشافعية، وكنيته أبو بكر، ونقل الأستاذ أبو إسحاق أنه ألزم على قوله بمفهوم اللقب أن إيجاب الصلاة يكون دليلاً على عدم وجوب الزكاة والصوم وغيرهما.
قال: فبان له غلطه، وتوقف فيه، ويقال: إنه ألزم تكفير من قال: عيسى رسول الله، فإنه على قوله يدل على نفي الرسالة عن غيره، وحكى السهيلي في (نتائج الفكر) هذا المذهب عن الصيرفي أيضاً، ويقال: إنه حكاه فيه أيضاً عن أبي إسحق المروزي، وحكاه المازري عن ابن خويز منداد ـ وهو بفتح الميم، وعن ابن عبد البر أنه بكسر الباء الموحدة ـ وحكاه الآمدي وابن الحاجب عن الحنابلة.
ص: وأنكر أبو حنيفة الكل مطلقاً، وقوم في الخبر، والشيخ الإمام في غير الشرع، وإمام الحرمين صفة لا تناسب الحكم، وقوم العدد دون غيره.
ش: اختلف المنكرون لمفاهيم المخالفة في الجملة على مذاهب.
أحدها: إنكارها مطلقاً ولا يرد على قول المصنف: (مطلقاً) مفهوم الموافقة، فإنه متفق عليه، كما حكاه القاضي أبو بكر وغيره، لأن الكلام في مفاهيم المخالفة، وبهذا قال أبو حنيفة، فلا يتوهم من اقتصار المصنف على نقله عنه انفراده به عنا، فإنه وجه عندنا، ذهب إليه ابن سريج والغزالي، وتوهم صاحب (المطلب) أن أبا حنيفة يقول بمفهوم الصفة لإسقاطه الزكاة في المعلوفة، وليس كذلك، بل إنما لم يوجبها فيها تمسكاً بالأصل.
الثاني: إنكار المفاهيم في الخبر والعمل بها في الأمر، أي وما في معناه من الإنشاء.
وهذا مأخوذ من كلام ابن الحاجب في أثناء الاستدلال.
الثالث: أنها ليست حجة في كلام الآدميين في الأوقاف والأقارير وغيرهما لغلبة ذهولهم، وإنما هي حجة في خطاب الشرع خاصة، لعلمه بواطن الأمور وظواهرها، ذهب إليه الشيخ الإمام تقي الدين السبكي، قال: فلو وقف على الفقراء لا نقول: إن الأغنياء خارجون بالمفهوم بل عدم استحقاقهم بالأصل، ويوافقه ما في فتاوى القاضي الحسين أنه لو ادعى عليه عشرة، فقال: لا تلزمني اليوم، لا يطالب بها، لأن الإقرار لا يثبت بالمفهوم، وحكى ابن تيمية هذا التفصيل في بعض مؤلفاته عن بعض الناس، وقال: إنه خلاف الإجماع، فإن الناس إما قائل بأن المفهوم من دلالات الألفاظ، أو ليس منها، فالتفصيل إحداث قول ثالث، حكاه الشارح، ثم قال: وعكس بعض الحنفية هذا ففي (حواشي الهداية) للخبازي في باب جنايات الحج: أن شمس الأئمة ذكر في (السير الكبير) أن تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على أن الحكم بخلافه، إنما هو في خطاب الشرع، فأما في معاملات الناس وعرفهم فإنه يدل عليه، ويوافق هذا ما ذكره الهروي في (الأشراف) فيما لو قال: ما لزيد علي أكثر من مائة، لم يكن مقرا بالمائة، لأنه نفي مجرد فلا يدل على الإثبات، وفيه وجه أنه إقرار وهو قول أبي حنيفة وأصل هذا أن دليل الخطاب هل هو حجة أم لا؟ انتهى، ففي هذا عن أبي حنيفة أنه إقرار مع أنه لا يقول بالمفهوم، ولما ذكر السبكي كلامه المتقدم قال: إنه لم ير في هذه المسألة نصاً لأصحابنا، ولا لغيرهم.
ويرد عليهم ما تقدم عن القاضي حسين وأن الكيا الهراسي حكى خلافاً في أن قواعد الأصول المتعلقة بالألفاظ كالعموم والخصوص وغير ذلك هل يختص بكلام الشارع أو يجري في كلام الآدميين.
الرابع: إنكار المفهوم إذا لم يشتمل على معنى يناسب الحكم، كقولهم: الإنسان الأبيض يشبع، والقول به إذا اشتمل على مناسب كالسائمة، فإن خفة المؤنة ظاهرة في الإيجاب وعدمها في عدمه وبهذا قال إمام الحرمين في (البرهان) وبهذا يعلم أن نقل صاحبي (المحصول) و(المنهاج) عنه المنع ونقل ابن الحاجب عنه القول به كلاهما مختل، وأنه إنما قال بهذا التفصيل.
الخامس: إنكار مفهوم العدد دون غيره من المفاهيم أي خلا اللقب، ولم يحتج لاستثنائه لفهمه بما تقدم، وقد قدمت حكاية الخلاف في مفهوم العدد.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المفهوم, حديث

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:11 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir