دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الصلاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 ذو القعدة 1429هـ/20-11-2008م, 03:12 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي سنن صلاة الاستسقاء

وإذا أرادَ الإمامُ الخروجَ لها وَعَظَ الناسَ وأَمَرَهم بالتوبةِ من المعاصي والخروجِ من الْمَظالِمِ وتَرْكِ التشاحُنِ والصيامِ والصدقةِ ويَعِدُهم يومًا يَخْرُجُون فيه ويَتَنَظَّفُ ولا يَتَطَيَّبُ ويَخْرُجُ مُتواضعًا مُتَخَشِّعًا مُتَذَلِّلًا مُتَضَرِّعًا ومعه أهلُ الدِّينِ والصلاحِ والشيوخُ والصبيانُ المميِّزونَ.


  #2  
قديم 25 ذو القعدة 1429هـ/23-11-2008م, 08:30 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

......................

  #3  
قديم 25 ذو القعدة 1429هـ/23-11-2008م, 08:31 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(وإذا أرادَ الإمامُ الخُرُوجَ لها, وَعَظَ النَّاسَ)؛ أي: ذَكَّرَهُم بما يُلِينُ قُلُوبَهُم مِن الثَّوَابِ والعِقَابِ, وأَمَرَهُم (بالتَّوبَةِ مِن المَعَاصِي والخروجِ مِن المَظَالِمِ) برَدِّها إلى مُسْتَحِقِّيها؛ لأنَّ المَعَاصِيَ سَبَبُ القَحْطِ، والتَّقْوَى سَبَبُ البَرَكَاتِ. (و) أَمَرَهُم (بتَرْكِ التَّشَاحُنِ), مِنَ الشَّحْنَاءِ: وهي العَدَاوَةُ؛ لأنَّها تَحْمِلُ على المَعْصِيَةِ والبَهْتِ, وتَمْنَعُ نُزُولَ الخَيْرِ؛ لقَوْلِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: ((خَرَجْتُ أُخْبِرُكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ فَتَلاَحَى فُلانٌ وفُلاَنٌ, فَرُفِعَتْ)).
(و) أَمَرَهُم (بالصِّيَامِ)؛ لأنَّه وَسِيلَةٌ إلى نُزُولِ الغَيْثِ؛ ولحديثِ:((دَعْوَةُ الصَّائِمِ لاَ تُرَدُّ)).
(و) أَمَرَهُم (بالصَّدَقَةِ)؛ لأنَّها مُتَضَمِّنَةٌ للرَّحْمَةِ. (ويَعِدُهُم)؛ أي: يُعَيِّنُ لهم (يَوْماً يَخْرُجُونَ فيه) ليَتَهَيَّؤُوا للخُرُوجِ على الصِّفَةِ المَسْنُونَةِ، (ويَتَنَظَّفُ) لها بالغُسْلِ وإِزَالَةِ الرَّوَائِحِ الكَرِيهَةِ وتَقْلِيمِ الأَظْفَارِ؛ لئَلاَّ يُؤْذِيَ، (ولا يَتَطَيَّبُ)؛ لأنَّه يَوْمُ استِكَانَةٍ وخُضُوعٍ، (ويَخْرُجُ) الإمامُ كغَيْرِه (مُتَوَاضِعاً مُتَخَشِّعاً)؛ أي: خَاضِعاً (مُتَذَلِّلاً)؛ مِن الذُّلِّ: وهو الهوانُ, (مُتَضَرِّعاً)؛ أي: مُسْتَكِيناً؛ لقَوْلِ ابنِ عَبَّاسٍ: (خرَجَ النَّبِيُّ صلَّى اللَّهُ علَيْه وسَلَّمَ للاستِسْقَاءِ مُتَذَلِّلاً مُتَوَاضِعاً مُتَخَشِّعاً مُتَضَرِّعاً).
قالَ التِّرْمِذِيُّ: حديثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. (ومعَهُ أَهْلُ الدِّينِ والصَّلاحِ, والشُّيُوخُ)؛ لأنَّه أَسْرَعُ لإجَابَتِهِم، (والصِّبْيَانُ المُمَيِّزُونَ)؛ لأنَّهم لا ذُنُوبَ لَهُم، وأُبِيحَ خُرُوجُ طِفْلٍ وعَجُوزٍ وبَهِيمَةٍ, والتَّوَسُّلُ بالصَّالِحِينَ.


  #4  
قديم 27 ذو القعدة 1429هـ/25-11-2008م, 09:31 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(وإذا أراد الإمام الخروج لها([1]) وعظ الناس) أي ذكرهم بما يلين قلوبهم من الثواب والعقاب([2]) (وأمرهم بالتوبة من المعاصي([3]) والخروج من المظالم) بردها إلى مستحقيها([4]) لأن المعاصي سبب القحط، والتقوى سبب البركات([5]).(و) أمرهم بـ (ترك التشاحن) من الشحناء وهي العداوة([6]) لأنها تحمل على المعصية والبهت([7]) وتمنع نزول الخير([8]) لقوله عليه الصلاة والسلام «خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان فرفعت»([9]) (و) أمرهم بـ (الصيام) لأنه وسيلة إلى نزول الغيث([10]) ولحديث «دعوة الصائم لا ترد»([11]) (و) أمرهم بـ (الصدقة) لأنها متضمنة للرحمة([12]).(ويعدهم) أي يعين لهم (يوما يخرجون فيه) ليتهيئوا للخروج، على الصفة المسنونة([13]) (ويتنظف) لها بالغسل، وإزالة الروائح الكريهة، وتقليم الأظفار، لئلا يؤذي([14]) (ولا يتطيب) لأنه يوم استكانة وخضوع([15]) (ويخرج) الإمام كغيره (متواضعًا([16]) متخشعًا) أي خاضعًا([17]) (متذللاً) من الذل وهو الهوان([18]). (متضرعا) أي مستكينًا([19]) لقول ابن عباس: خرج النبي صلى الله عليه وسلم للاستسقاء متذللاً متواضعًا متخشعًا متضرعًا، قال الترمذي: حديث حسن صحيح([20]) (ومعه أهل الدين والصلاح والشيوخ) لأنه أسرع لإجابتهم([21]) (والصبيان المميزون) لأنه لا ذنوب لهم([22]) وأبيح خروج طفل وعجوز وبهيمة([23]). والتوسل بالصالحين([24])


([1]) أي لصلاة الاستسقاء وكذا نائبه.
([2]) وخوفهم العواقب، يقال: وعظه يعظه وعظًا وموعظة نصحه وذكره فاتعظ أي قبل الموعظة، والوعظ التخويف والتذكير، والنصح بما يلين القلوب، ويسوقها إلى التوبة، وإصلاح السيرة والسريرة، وفي التعريفات، الوعظ هو التذكير بالخير فيما يرق له القلب.
([3]) أي وأمرهم الإمام بنفسه أو نائبه بالتوبة، وهي الرجوع، من: تاب إذا رجع، وهي واجبة على الفور إجماعًا، ويشترط لها الندم على ما مضى من الذنوب، والإقلاع في الحال، والعزم على ترك العود في المستقبل، فإن كان الحق لآدمي فلا بد من رده إليه أو تحليله، والمعاصي جمع معصية وهي كل ما عصي الله به، ومنها المحرمات لحق الله وحق الآدميين.
([4]) لأن ذلك واجب، والمظالم ظلامات الآدميين، جمع مظلمة، فمرادهم بالمظالم حقوق الآدميين، وبالمعاصي حقوق الله تعالى فالمعاصي أعم من المظالم والظلم وضع الشيء في غير موضعه.
([5]) قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ }وفي الحديث ما بخس قوم المكيال والميزان، إلا منعوا القطر من السماء، وقال مجاهد في قوله: {وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ} قال: دواب الأرض تلعنهم، يقولون: يمنع عنا القطر بخطاياهم.
([6]) امتلأت منها النفس، وتشاحنوا تباغضوا، والمشاحن العدو المباغض، شديد العداوة، والعداوة الخصومة والمباعدة، والعدو ضد الصديق.
([7]) أي الكذب والافتراء، وتوجب غضب الرب جل وعلا.
([8]) من مطر وبركة ورحمة وغيرها.
([9]) يعني رفع علم تعيينها في يوم مخصوص، وهو صريح في أنه تقدم له علمها، والرجلان اللذان تلاحيا قيل: هما عبد الله بن أبي حدرد، وكعب بن مالك.
([10]) لما في الصيام من كسر الشهوة، والتذلل للرب تبارك وتعالى. وقال جماعة ثلاثة أيام، يخرجون في اليوم الآخر منها، ولا يلزم بأمره مع وجوب طاعته، لأنه سنة وطاعته إنما تجب في الطاعة، وفي السياسة والتدبير والأمور المجتهد فيها من مصالح العامة، وما هنا ليس كذلك، وتسن في المسنون، وتكره في المكروه.
([11]) أي فعسى أن تقبل دعوته، وذكر ابن تميم وغيره الصدقة، ولم يذكر الصوم، والصيام لم يشرع له، والعبادة مبناها على التوقيف، وتأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع فحيث ترك في عصر النبوة فتركه هو السنة.
([12]) المفضية إلى رحمتهم بنزول الغيث، وحكاه الجزولي اتفاقًا.
([13]) لحديث عائشة قالت: «وعد الناس يوما يخرجون فيه»، رواه أبو داود وغيره بسند جيد.
([14]) لأنه يوم يجتمع له، أشبه الجمعة، وقال ابن القيم وغيره: لا يسن الغسل لها، لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه.
([15]) فلا يتطيب فيه وفاقًا، لأنه من كمال الزينة، وهذا يوم تواضع وانكسار، وتذلل وخشوع.
([16]) أي يخرج الإمام إلى المصلى كغيره متواضعًا وفاقًا، لأن التواضع لله من أسباب الإجابة والتواضع التذلل والتخشع ضد التكبر.
([17]) بقلبه وعينه ومشيه وجلوسه وغيرها، والخشوع سكون القلب على المقصود، من غير التفات إلى غيره، وسكون الجوارح في غير المفعول، وفي المطلع: التذلل ورمي البصر إلى الأرض، وخفض الصوت، وسكون الأعضاء، وقريب منه الخضوع، إلا أن الخشوع أكثر منه، يستعمل في الصوت والبدن، والخضوع في الأعناق وتقدم نحوه.
([18]) وهان هونًا وهوانًا، ذل وخضع، والهون السكينة، أي خرج مستكينًا خاضعًا متذللاً، في هيئته وثيابه.
([19]) بلسانه إلى الله في كلامه وفي مشيه وجلوسه، مبتهلاً إلى الله، مع حضور القلب، وامتلائه بالهيبة والخوف من الله متصاغرًا ومتعرضًا في جلب الحاجة.
([20]) ورواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وغيرهم، وقال ابن حبان: في رمضان سنة ست من الهجرة وروي مبتذلاً، أي لابسًا ثياب البذلة، وهي ما يلبس من ثياب المهنة وقت العمل، تاركًا ثياب الزينة، تواضعًا لله تعالى، وإظهارا للافتقار إليه، وإرادة جبر الانكسار متخشعًا أي خاضعًا، مظهرًا للخشوع، ليكون ذلك وسيلة إلى نيل ما عند الله عز وجل، متضرعًا أي مظهرًا للضراعة وهي التذلل عند طلب الحاجة، أو باللسان في أنواع الذكر.
([21]) أي فخروجهم أشد استحبابًا، وإلا فيستحب الخروج لكافة الناس، والشيوخ جمع شيخ، وله جموع كثيرة، وهو من جاوز الخمسين سنة.
([22]) أي فيستحب إخراجهم، وفاقًا لمالك والشافعي، لأنهم يكتب لهم، ولا يكتب عليهم، فترجى إجابة دعائهم، وفي الفصول: نحن لخروج الصبيان أشد استحبابًا والصبيان بكسر الصاد وضمها لغتان، أفصحهما وأشهرهما الكسر.
([23]) لأن الأطفال خلق من خلق الله سبحانه وتعالى، وعيال من عياله، والرزق مشترك بين الكل قال الله تعالى: {نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ} وروى البزار وغيره مرفوعًا «لولا أطفال رضَّع،وعباد ركَّع، وبهائم رتَّع، لصب عليكم البلاء صبَّا».وقيل: يستحب إخراج العجائز، وفاقًا لأبي حنيفة، ويكره من النساء ذوات الهيئات وفاقًا، خوف الفتنة، والتفات القلوب إليهن عن الخضوع لله، والتضرع بين يديه، ولأن القصد إجابة الدعاء، وضررهن أكثر، وفي الشرح: لا يستحب إخراج البهائم لأنه صلى الله عليه وسلم لم يفعله، وأخرج الحاكم وغيره أن سليمان عليه السلام خرج ليستقي فرأى نملة مستلقية وهي تقول: «اللهم إنا خلق من خلقك، ليس بنا غنى عن رزقك، فقال سليمان: ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم، ويؤمر سادة العبيد بإخراج عبيدهم، رجاء استجابة دعائهم، لانكسارهم بالرق، وفي الصحيح، «وهل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم».([24]) أي التوسل بالدعاء منهم، كما كان الصحابة رضي الله عنهم يتوسلون بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم في حياته، وتوسل عمر بالعباس بعد وفاته صلى الله عليه وسلم ومعاوية بيزيد الجرشي، لأن دعوة الصالح مستجابة، وأما التوسل بذوات الصالحين فكالإقسام بهم، ولا يقسم على الله بأحد من خلقه، ولا دليل على ذلك من كتاب ولا سنة، بل يقتضي تركه والنهي عنه.


  #5  
قديم 6 ذو الحجة 1429هـ/4-12-2008م, 09:00 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الشرح الممتع للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

قوله: «وإذا أراد الإمام الخروج لها» ، يحتمل أن يريد به الإمام الذي يصلي بهم صلاة الاستسقاء، ويحتمل أن يراد به الإمام الأعظم وهو السلطان، والمعنى الأول أقرب.
قوله: «وعظ الناس» الموعظة هي: التذكير المقرون بترغيب أو تخويف، فيرغبهم في فعل الواجبات، ويحذّرهم من انتهاك الحرمات.
ولهذا قال: «وأمرهم بالتوبة من المعاصي» التوبة: الرجوع إلى الله ـ عز وجل ـ من معصيته إلى طاعته، وقد ذكر العلماء للتوبة شروطاً يحسن أن نذكرها الآن:
الأول: الإخلاص لله ـ عز وجل ـ بأن يقصد بتوبته إلى ربه رضا ربه، لا أن يتوب أمام الناس رياء وسمعة.
الثاني: أن يندم على ما حصل له من الذنب، وهذا الشرط قال بعض العلماء: إنه لا يمكن تحقيقه؛ لأن الندم انفعال في النفس، والانفعال لا يملكه الإِنسان.ولكن الصحيح: أنه يمكن أن يملكه؛ لأن معنى الندم إظهار الغم والهم لما أصابه ووقع منه من الذنب، وهذا أمر يمكن أن يقع.
الثالث: أن يقلع عن المحرم، فإذا كانت التوبة من ترك الزكاة مثلاً، فلا بد أن يخرج الزكاة، وإذا كانت من التهاون بصلاة الجماعة فلا بد أن يصلي مع الجماعة، وإذا كانت من الغيبة فلا بد أن يقلع عن الغيبة، وإذا كانت أخذ مال لا يستحقه فلا بد أن يرده إلى صاحبه، وإذا كانت من ضرب إنسان اعتدى عليه بالضرب فلا بد أن يستحله أو يقول: اضربني كما ضربتك.
الرابع: أن يعزم على ألا يعود فلا يتوب توبة مؤقتة، وهنا نقول: يعزم على ألا يعود، ولا نقول: ألا يعود؛ لأنه لو فرضنا أن الشروط تمت، ثم بعد ذلك عاد فالتوبة الأولى صحيحة.
الخامس: أن تكون التوبة في الزمن الذي تقبل فيه، وذلك بأن تقع قبل الغرغرة، قبل حضور الأجل، فإن لم تقع إلا بعد حضور الأجل فقد قال تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ} [النساء: 18] ، وهذا زمن خاص باعتبار كل أحد بنفسه. وكذلك أيضاً تكون قبل طلوع الشمس من مغربها، وهذا زمن عام، فإن الشمس إذا طلعت من مغربها آمن الناس كلهم، وتابوا ورجعوا لكن {لاَ يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: 158] .
قد يقول قائل: أين الدليل على أنه إذا أراد الخروج يعظ الناس، أليس النبي صلّى الله عليه وسلّم خرج إلى المصلى واستسقى، فهل ورد أنه وعظهم؟
والجواب: أنه يعظهم وعظاً عاماً، كما لو صادف أنه يتكلم في خطبة الجمعة فيعظ الناس فهذا طيب، ولا يقال: إنه وعظهم من أجل الاستسقاء، ولكن من أجل خطبة الجمعة والمناسبة.

وَالْخُرُوجِ مِنَ الْمَظَالِمِ وَتَرْكِ التَّشَاحُنِ، ........................
قوله: «والخروج من المظالم» ، من باب عطف الخاص على العام؛ وذلك لأن الخروج من المظالم من التوبة.
والمظالم: جمع مظلمة، فتشمل المظلمة في حق الله، والمظلمة في حق العباد.
مثال المظلمة في حق الله: عدم إخراج زكاته، أو عدم إخراج كفارة كانت عليه، فليبادر بإخراج هذا الحق.
مثال المظلمة في حق العباد: لو كان عنده حق لشخص كدراهم، أو منافع أو غيرها، فإنه يخرج منها أيضاً بإيفائه. فإن كان الحق غير مالي كالغيبة مثلاً، فإنه يخرج منها بأن يذهب إلى من تكلم فيه، ويقول: إني تكلمت فيك فحللني، ولا يخرج من عُهدتها إلا بذلك. وقال بعض العلماء: إن كان الذي تكلم فيه قد علم فليذهب إليه ويستحله، وإن لم يعلم فلا يذهب إليه، بل يستغفر له، ويذكره بخير في الأماكن التي اغتابه فيها؛ لأنه ربما لو ذهب إليه وطلب أن يحلله تأخذه العزة بالإثم فيأبى؛ لأن بعض الناس لا يهمه أن يأتي إليه أخوه معتذراً، فيأبى أن يسامحه.وهذا القول هو الصحيح. فإن قال: أنا لا أحلك إلا إذا أعطيتني عشرة دراهم فيعطيه؛ لأن هذا حق له حتى لو طلب أكثر يعطيه؛ لأن إعطاءه في الدنيا أهون من إعطائه في الآخرة.
قوله: «وترك التشاحن» أي: يأمر الإِمام الناس أن يتركوا التشاحن فيما بينهم وهو: الشحناء والعداوة، والبغضاء ؛ لأن التشاحن سبب لرفع الخير.ودليل ذلك: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «خرج ذات يوم ليخبر أصحابه بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين فرفعت» ، أي: رفع العلم بها، أي: أن الرسول عليه الصلاة والسلام أُنسيها من أجل التشاحن.قال العلماء: فنأخذ من هذا أنه إذا كنا نطلب الخير من الله فلا بد أن ندع التشاحن فيما بيننا.
فإذا قال قائل: كيف يمكن أن يزيل الإنسان ما في قلبه من الحقد أو الغل على أخيه؟
فالجواب: يستطيع الإِنسان أن يتخلص من ذلك بما يلي:
أولاً: أن يذكر ما في بقاء هذه العداوة من المآثم، وفوات الخير حتى إن الأعمال تعرض على الله يوم الاثنين والخميس، فإذا كان بين اثنين شحناء قال: «أَنظِروا هذين حتى يصطلحا» ، أي: الرب عز وجل لا ينظر في عملك يوم الاثنين والخميس إذا كان بينك وبين أخيك شحناء.
ثانياً: أن يعلم أن العفو والإصلاح فيه خير كثير للعافي، وأنه لا يزيده ذلك العفو إلا عزاً؛ كما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً» .
ثالثاً: أن يعلم أن الشيطان ـ وهو عدوه ـ هو الذي يوقد نار العداوة والشحناء بين المؤمنين؛ لأنه يحزن أن يرى المسلمين متآلفين متحابين ويفرح إذا رآهم متفرقين والعداوة والشحناء بينهم. فإذا ذكر الإنسان المنافع والمضار فإنه لا بد أن يأخذ ما فيه المصالح والمنافع، ويدع ما فيه المضار والمفاسد. فعليك أن تجاهد نفسك ولو أهنتها في الظاهر، فإنك تعزها في الحقيقة؛ لأن من تواضع لله رفعه، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً. وجرب تجد أنك إذا فعلت هذا الشيء وعفوت، وأصلحت ما بينك وبين إخوانك تجد أنك تعيش في راحة وطمأنينة وانشراح صدر وسرور قلب، لكن إذا كان في قلبك حقد عليهم أو عداوة فإنك تجد نفسك في غاية ما يكون من الغم والهم، ويأتيك الشيطان بكل احتمالات يحتملها كلامه، أي لو احتمل كلامه الخير والشر قال لك الشيطان: احمله على الشر. مع أن المشروع أن يحمل الإِنسان كلام إخوانه على الخير ما وجد له محملاً. فمتى وجدت محملاً للخير فاحمله على الخير، سواء في الأقوال أو في الأفعال، ولا تحمله على الشر. وبعض الناس ـ والعياذ بالله ـ يحمل الفعل أو القول على الشر ثم يؤزه الشيطان إلى أن يتجسس على أخيه، ويتابع أخاه، وينظر ماذا فعل؟ وماذا قال؟ فتجده دائماً يحلل أقواله وأفعاله، وليته يحمله على الأحسن، أو على الحسن، ولكن على السيء والأسوء، وذلك بإيحاء الشيطان ـ والعياذ بالله ـ. والذي يجب على المؤمن إذا رأى من أخيه ما يحتمل الخير أو الشر أن يحمله على الخير ما لم توجد قرائن قوية تمنع حمله على الخير، فهذا شيء آخر، فلو صدر مثل هذا من رجل معروف بالسوء ومعروف بالفساد فلا بأس أن تحمله على ما يحتمله كلامه، أما رجل مستور ولم يعلم عنه الشر، فإذا وجد في كلامه، أو في فعاله ما يحتمل الخير والشر فاحمله على الخير حتى تستريح. وربما يصاب هذا الرجل الذي يتبع عورات الناس وأخطاءهم القولية والفعلية بأن يسلط الله عليه من يتابعه هو بنفسه، ومن تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في جوف بيته.

وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ،........................................
قوله: «والصيام» ، أي: يأمرهم أن يصوموا. قال بعض العلماء: يأمرهم أن يصوموا ثلاثة أيام، ويخرج في اليوم الثالث. وقال بعضهم: يجعل الاستسقاء يوم اثنين أو خميس؛ لأن يومي الاثنين والخميس مما يسن صيامهما، فيكون خروج الناس وهم صائمون، والصائم أقرب إلى إجابة الدعوة من المفطر، فإن للصائم دعوة لا ترد، هكذا قال المؤلف ـ رحمه الله ـ.
ولكن في هذا نظر؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم حين خرج إلى الاستسقاء لم يأمر أصحابه أن يصوموا. أما ما ذكره المؤلف أولاً من التوبة من المعاصي، والخروج من المظالم فهذه مناسبة، لكن الصيام طاعة تحتاج إلى إثباتها بدليل، وإذا كان الأمر قد وقع في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولم يأمر أصحابه بالصيام، فلا وجه للأمر به. لكن نقول: لو اختار يوم الاثنين ـ ولم يجعله سنة راتبة دائماً من أجل أن يصادف صيام بعض الناس، لو قيل بهذا لم يكن فيه بأس. لكن كوننا نجعله سنة راتبة لا يكون الاستسقاء إلا في يوم الاثنين، أو نأمر الناس بالصوم، فهذا فيه نظر.
قوله: «والصدقة» أي: ويأمرهم أيضاً بالصدقة، والصدقة قد يقال: إنها مناسبة؛ لأن الصدقة إحسان إلى الغير، والإحسان سبب للرحمة لقول الله تعالى: {إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}[الأعراف: 56] ، والغيث رحمة لقول الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ} [الشورى: 28] . والصدقة هنا ليست الصدقة الواجبة، بل المستحبة، أما الصدقة الواجبة فإن منعها سبب لمنع القطر من السماء كما قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث المروي عنه: «وما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء» .

وَيَعِدُهُمْ يَوْماً يَخْرُجُونَ فِيهِ، وَيَتَنَظَّفُ، وَلاَ يَتَطَيَّبُ، وَيَخْرُجُ مُتَوَاضِعاً، مُتَخَشِّعاً، مُتَذَلِّلاً، مُتَضَرِّعاً .............................
قوله: «ويعدهم يوماً يخرجون فيه» ضمير الفاعل يعود على الإمام وضمير المفعول «هم» يعود على الناس. أي: يقول: سنخرج في يوم كذا، ويحسن أيضاً أن يعيِّن الزمن من هذا اليوم فيقول: في ساعة كذا؛ ليتأهبوا على وجه ليس فيه ضرر عليهم؛ لأن الناس ربما لو خرجوا مبكرين، وتأخر الإِمام حصل عليهم أذية من البرد إن كانوا في زمن شتاء صارم.
قوله: «ويتنظف، ولا يتطيب» ، إذا قال العلماء: «يتنظف» فالمراد إزالة ما ينبغي إزالته شرعاً أو طبعاً. فإزالة ما ينبغي إزالته شرعاً مثل: الأظفار، والعانة، والإِبط، وما ينبغي إزالته طبعاً مثل: العرق، والروائح الكريهة. وإنما قالوا: إنه يستحب أن يتنظف؛ لأن هذا مكان اجتماع عام، وإذا كان الناس فيهم الرائحة المؤذية، فإن هذا يؤذي بعض الحاضرين، فلهذا استحبوا أن يتنظف، ولكن لا يتطيب. وهذا يمكن أن تجعله لغزاً فتقول:ما الصلاة التي لا ينبغي للإِنسان أن يتطيب لها؟
الجواب: هي صلاة الاستسقاء؛ لأن صلاة الجمعة يستحب لها الطيب، وغيرها لا يؤمر به، ولا ينهى عنه. والاستسقاء لا يتطيب لها، وعللوا ذلك: بأنه يوم استكانة وخضوع، والطيب يشرح النفس ، ويجعلها تنبسط أكثر، والمطلوب في هذا اليوم الاستكانة والخضوع؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم خرج «متخشعاً متذللاً متضرعاً» . وهذا أيضاً مما في النفس منه شيء؛ وذلك لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يعجبه الطيب، وكان يحب الطيب، ولا يمنع إذا تطيب الإنسان أن يكون متخشعاً مستكيناً لله ـ عز وجل ـ، ولهذا لو أراد الإِنسان أن يدعو الله بغير هذه الحال، لا نقول: الأفضل ألا تطيب من أجل أن تكون مستكيناً لله.
قوله: «ويخرج متواضعاً متخشعاً متذللاً متضرعاً» ، هذه أوصاف تدل على أن الإنسان لا يخرج في فرح وسرور؛ لأن المقام لا يقتضيه.
قوله: «متواضعاً» أي: بقوله، وهيئته، وقلبه.والتواضع معروف، حتى إنك ترى الرجل وتعرف أنه من المتواضعين، وترى الرجل وتعرف أنه من المتكبرين، فيكون متواضعاً للحق وللخلق.
قوله: «متخشعاً» الخشوع: سكون الأطراف، وأن يكون على وقار وهيبة.
قوله: «متذللاً» من الذل وهو الهوان، بمعنى: أن يضع من نفسه، وهو قريب من التواضع لكنه أشد؛ لأن الإِنسان يُري نفسه أنه ذليل أمام الله عز وجل.
وقوله: «متضرعاً» التضرع يعني الاستكانة، أو شدة الإِنابة إلى الله ـ عز وجل ـ، قال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً}[الأعراف: 55] ، أي في شدة اللجوء إلى الله ـ عز وجل ـ، ودليل هذه الأوصاف قول ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: «خرج النبي صلّى الله عليه وسلّم للاستسقاء متذللاً، متواضعاً، متخشعاً، متضرعاً» .

وَمَعَهُ أَهْلُ الدِّينِ وَالصَّلاَحِ، وَالشُّيُوخُ، وَالصِّبْيَانُ المُمَيِّزُونَ .
قوله: «ومعه أهل الدين والصلاح» ، لأن هؤلاء أقرب إلى إجابة الدعوة.
وقوله: «الدين والصلاح» من باب عطف المترادفين؛ لأن كل صاحب دين فهو صاحب صلاح.
قوله: «والشيوخ» ، أي: الكبار الذين أمضوا أعمارهم في الدين والصلاح؛ لأنهم أقرب إلى الإجابة.
قوله: «والصبيان المميزون» أي: الذين لم يبلغوا؛ لأنه لا ذنوب لهم، فيكونون أقرب إلى الإِجابة ممن ملأت الذنوب صحائفهم. قوله: «المميزون» خرج به الصغار الذين لم يميزوا، فإنهم لا يخرجون؛ لأنه ربما يحصل منهم من الأذية والصياح والبكاء أكثر مما يحصل من المنفعة.قول المؤلف: «معه» ، ظاهر كلامه أنهم يصحبونه في الممشى؛ لأنه قال: «يخرج ومعه» ، ويحتمل أنه أراد المعية في الصلاة، لا في كونهم يخرجون مصاحبين له في سيره إلى المسجد.والأقرب: أن المراد بالمعية هنا المعية في الصلاة؛ لأنها هي المقصودة.قال في الروض: «وأبيح التوسل بالصالحين» ، وهذه عبارة على إطلاقها فيها نظر، ولكنهم يريدون بذلك ـ رحمهم الله ـ: التوسل بدعاء الصالحين؛ لأن دعاء الصالحين أقرب إلى الإجابة من دعاء غير الصالحين. ودليل هذه المسألة: ما حصل من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ حين خرج يستسقي ذات يوم فقال: «اللهم إنا كُنَّا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإننا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، ثم قال: قم يا عباس فادع الله فقام فدعا فسقاهم الله» .والتوسل بدعاء الصالحين مقيد بعدم الفتنة؛ بأن يكون دعاؤه سبباً لفتنته هو، أو لفتنة غيره، فإن خيف من ذلك ترك. وأما التوسل بالصالحين بذواتهم فهذا لا يجوز؛ وذلك لأن التوسل فعل ما يكون وسيلة للشيء، وذات الصالح ليست وسيلة للشيء، فلا علاقة بين الدعاء، وذات الرجل الصالح. وكذلك لا يجوز التوسل بجاه الصالحين؛ لأن جاه الصالحين إنما ينفع صاحبه، ولا ينفع غيره. وأقبح من ذلك أن يتوسل بالقبور، فإن هذا قد يؤدي إلى دعاء أهل القبور والشرك الأكبر.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
صلاة, سنن

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:01 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir