(وإذا أرادَ الإمامُ الخُرُوجَ لها, وَعَظَ النَّاسَ)؛ أي: ذَكَّرَهُم بما يُلِينُ قُلُوبَهُم مِن الثَّوَابِ والعِقَابِ, وأَمَرَهُم (بالتَّوبَةِ مِن المَعَاصِي والخروجِ مِن المَظَالِمِ) برَدِّها إلى مُسْتَحِقِّيها؛ لأنَّ المَعَاصِيَ سَبَبُ القَحْطِ، والتَّقْوَى سَبَبُ البَرَكَاتِ. (و) أَمَرَهُم (بتَرْكِ التَّشَاحُنِ), مِنَ الشَّحْنَاءِ: وهي العَدَاوَةُ؛ لأنَّها تَحْمِلُ على المَعْصِيَةِ والبَهْتِ, وتَمْنَعُ نُزُولَ الخَيْرِ؛ لقَوْلِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: ((خَرَجْتُ أُخْبِرُكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ فَتَلاَحَى فُلانٌ وفُلاَنٌ, فَرُفِعَتْ)).
(و) أَمَرَهُم (بالصِّيَامِ)؛ لأنَّه وَسِيلَةٌ إلى نُزُولِ الغَيْثِ؛ ولحديثِ:((دَعْوَةُ الصَّائِمِ لاَ تُرَدُّ)).
(و) أَمَرَهُم (بالصَّدَقَةِ)؛ لأنَّها مُتَضَمِّنَةٌ للرَّحْمَةِ. (ويَعِدُهُم)؛ أي: يُعَيِّنُ لهم (يَوْماً يَخْرُجُونَ فيه) ليَتَهَيَّؤُوا للخُرُوجِ على الصِّفَةِ المَسْنُونَةِ، (ويَتَنَظَّفُ) لها بالغُسْلِ وإِزَالَةِ الرَّوَائِحِ الكَرِيهَةِ وتَقْلِيمِ الأَظْفَارِ؛ لئَلاَّ يُؤْذِيَ، (ولا يَتَطَيَّبُ)؛ لأنَّه يَوْمُ استِكَانَةٍ وخُضُوعٍ، (ويَخْرُجُ) الإمامُ كغَيْرِه (مُتَوَاضِعاً مُتَخَشِّعاً)؛ أي: خَاضِعاً (مُتَذَلِّلاً)؛ مِن الذُّلِّ: وهو الهوانُ, (مُتَضَرِّعاً)؛ أي: مُسْتَكِيناً؛ لقَوْلِ ابنِ عَبَّاسٍ: (خرَجَ النَّبِيُّ صلَّى اللَّهُ علَيْه وسَلَّمَ للاستِسْقَاءِ مُتَذَلِّلاً مُتَوَاضِعاً مُتَخَشِّعاً مُتَضَرِّعاً).
قالَ التِّرْمِذِيُّ: حديثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. (ومعَهُ أَهْلُ الدِّينِ والصَّلاحِ, والشُّيُوخُ)؛ لأنَّه أَسْرَعُ لإجَابَتِهِم، (والصِّبْيَانُ المُمَيِّزُونَ)؛ لأنَّهم لا ذُنُوبَ لَهُم، وأُبِيحَ خُرُوجُ طِفْلٍ وعَجُوزٍ وبَهِيمَةٍ, والتَّوَسُّلُ بالصَّالِحِينَ.