دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الحدود

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 ربيع الثاني 1432هـ/16-03-2011م, 04:26 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

فَصْل
فَمَنِ ارْتَدَّ عَنِ الإِْسْلاَمِ وَهُوَ مُكَلَّفٌ مُخْتَارٌ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ دُعِيَ إِلَيْهِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، .........
وخلاصة الأمر: أن أقوال السكران غير معتبرة مطلقاً، سواء فيما يتعلق بنفسه، أو بغيره، وأفعاله كفعل المخطئ، فيؤاخذ بالأفعال التي يؤاخذ بها المخطئ، ما لم نعلم أنه أراد الوصول إلى هذا الفعل المحرم بتناول المسكر، فإننا في هذه الحال نعتبر فعله كفعل الصاحي، ويؤاخذ به.
أما إذا كان الذي شرب مسكراً معذوراً بجهل أو نسيان، أو إكراه فإن أفعاله وأقواله غير معتبرة، إلا أن الأفعال يؤاخذ بما يؤاخذ به المخطئ المعذور بجهله، الذي لم يعلم أن هذا الشراب مسكر فشربه، فهذا ليس عليه شيء، أو الناسي الذي يعلم أن هذا الشراب مسكر، ولكن نسي وشرب، أو المكره يكره على شرب المسكر، فهذا معذور لا يقع طلاقه، ولا ينفذ إقراره، ولا يؤاخذ بأفعاله، إلا فيما يؤاخذ به المخطئ[(237)].
ثم قال صاحب الزاد مبيناً كيف نعامل من ارتد عن الإسلام:
«فمَنِ ارْتَدَّ عَنِ الإِسْلاَمِ وَهُوَ مُكَلَّفٌ مُخْتَارٌ رَجُلٌ أَو امْرَأَةٌ دُعِيَ إِلَيْهِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ» «مَنْ» شرطية، جوابها: «دُعِيَ إليه ثلاثة أيام» .
وقوله: «عن الإسلام» المراد بالإسلام هنا الإسلام بالمعنى الخاص، وهو الإسلام الذي جاء به محمد صلّى الله عليه وسلّم؛ لأن للإسلام معنيين، معنى عام ويشمل كل من أسلم لله سبحانه وتعالى من هذه الأمة ومن غيرها، فإن غير هذه الأمة فيهم مسلمون كثير، قال تعالى: {{يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا} ...} [المائدة: 44] ، وقال يعقوب لبنيه: {{يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}} [البقرة: 132] ، وقال عن إبراهيم: {{كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا}} [آل عمران: 67] ، وقالت بَلقيس: {{إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}} [النمل: 44] ، فهذا الإسلام العام يشمل كل من أسلم لله تعالى، بأن استسلم له ظاهراً وباطناً في كل ملة.
أما بعد بعثة الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ فكان الإسلام لا يتناول إلا معنى خاصاً، وهو الاستسلام لله بشريعة النبي صلّى الله عليه وسلّم فقط.
لكن اشترط المؤلف فقال: «وهو مكلف» وهذا يتضمن شرطين: البلوغ، والعقل، فإن كان غير عاقل فلا حكم لقوله؛ لأنه مجنون، والمجنون لو قال: إن الله ثالث ثلاثة، أو إن الله اثنان، أو إن الله ليس بموجود، أو ما أشبه ذلك مما يكفر به العاقل فإنه لا يكفر؛ لأنه مجنون.
وفرق بين أن يكون فقد عقله بالجنون، أو بغير ذلك، فلو فقد عقله بآفة غير الجنون كالبرسام مثلاً، أو فقد عقله بحادث وصار يهذي، أو فقد عقله بكِبَر وصار يهذي، أو فقد عقله بشرب مسكر غير عالم به، أو فقد عقله بشرب مسكر معذوراً به، كمن شربه لدفع لقمة غَصَّ بها، لا كمن شربه لدفع عطش، أو ـ على القول الراجح ـ بشرب مسكر غير معذور به فإنه لا يكفر لفقدان العقل.
والبالغ ضد الصغير، فإنه إذا ارتد وهو صغير، فإن ظاهر كلام المؤلف أنه لا يكفر؛ لأنه غير مكلف، وقد رفع عنه القلم، فلو أنه أشرك بأن سجد لصنم، أو ما أشبه ذلك فإننا لا نكفره، كما أنه لو ترك الصلاة لا يكفر، وعلى هذا فلا تصح ردة غير البالغ، وهذا ظاهر كلام المؤلف، وهو الصحيح.
ولكن المذهب أن ردة الصغير المميز معتبرة، ولكنه لا يُدعَى إلى الإسلام إلا بعد بلوغه، ويستتاب فإن تاب وإلا قتل.
وهناك قول ثالث في مسألة الصغير: أن ردته معتبرة، ويُدْعَى إلى الإسلام، فإن تاب وإلا قتل، فالأقوال إذاً ثلاثة، ولكن القول الصحيح أن ردته غير معتبرة لعموم الأدلة الدالة على رفع الجناح عن الصغير.
وقوله: «مختار» هذا هو الشرط الثالث وهو الاختيار، يعني أن تقع منه الردة مختاراً، وضد الاختيار الإكراه، فلو أكره على الردة لم يكفر، بشرط أن يكون قلبه مطمئناً بالإيمان، بمعنى أنه لا يريد الكفر، وأنه يكرهه غاية الكراهة لكن أكره عليه ففعل أو قال، فإنه لا يكفر لقوله تعالى: {{مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }} [النحل:106] .
وهل يشترط أن يفعله دفعاً للإكراه؟ الصحيح أنه لا يشترط، وأنه لا يكفر، ولو كان لم يطرأ على باله أنه يريد دفع الإكراه؛ لعموم قوله تعالى: {{إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ}}، ولأن العامة خصوصاً لا يشعرون بهذا المعنى ـ أي: لا يشعرون أنهم يريدون بذلك دفع الإكراه ـ لكن أكره على أن يكفر فكفر مع كراهته له، وهذا هو الواقع كثيراً، بل حتى غير العامي مع الذهول، وشدة الموقف ربما يعزب عن باله أن يريد دفع الإكراه.
الشرط الرابع: أن يكون مريداً للكفر، فلو جرى على لسانه بغير قصد فإنه لا يكفر؛ لأنه لم يرده، ويؤخذ هذا من قوله تعالى: {{وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا}}؛ لأن غير المريد لم يشرح بالكفر صدراً، مثل أن ينطق بالكفر لشدة فرح، أو غضب، أو ما أشبه ذلك.
ودليله ما ثبت عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في قصة الرجل الذي انفلتت دابته في فلاة من الأرض، وعليها طعامه وشرابه، فطلبها فلم يجدها، فنام تحت شجرة ينتظر الموت، فبينما هو كذلك إذا بخطام ناقته متعلقاً بالشجرة، فأخذه، وقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح[(238)]، فهذه الكلمة كلمة كفر، ولكنه لم يردها، وعليه فلا بد أن يكون مريداً للكفر، فإن كان غير مريد فلا، وبناء عليه نقول: لو أنه حكى كلمة الكفر ولم يقصد معناها، مثل أن يقول: ما تقول في رجل قال: كذا وكذا، ولكنه ما أراد المعنى، أو يحكي كفراً سمعه فإنه لا يكفر لأنه غير مريد.
الشرط الخامس: أن يكون عالماً بالحال والحكم، أما كونه عالماً بالحال، فأن يعلم أن هذا القول أو الفعل مُكفِّر، فإن لم يعلم أنه مُكَفِّر فلا يكفر، مثل أن يتكلم رجل بكلمة كفر، وهو لا يدري ما معناها، كأن يتكلم رجل عربي بكلمة الكفر في لسان العجم، وهو لا يدري أن معناها الكفر، فهذا لا يكفر.
وكذلك أن يتكلم عجمي بكلمة الكفر في لسان العرب وهو لا يدري ما معناها فإنه لا يكفر.
فلو سجد لصنم ما يظن أن ذلك كفر فإنه لا يكفر؛ لأنه لا يدري ما معناه، ولو علم أنه كفر لكان أشد الناس فراراً منه.
وأما كونه عالماً بالحكم الشرعي، أي: بأن هذا مكفر شرعاً، وهذا أمر خطير جداً.
فالعلم بالحال من باب تحقيق المناط، وهذا من باب العلم بالحكم الشرعي، الذي هو معرفة الدليل، فإنه لا بد من معرفة الدليل، وأن هذا مما يدخل في الدليل.
فلا بد أن يعلم أن هذا الفعل أو القول مكفر، فإن لم يعلم بأن لم يبلغه الشرع أن هذا مكفر فإنه لا يكفر؛ لأن الله ـ عزّ وجل ـ يقول في كتابه: {{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا }} [النساء:115] ، فانظر إلى قوله: {{مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى}}، فمن لم يتبين له الهدى إذا شاق الرسول لا يستحق هذا الجزاء، وإذا ارتفع هذا الجزاء ارتفع سببه، وهو الكفر، وقال الله ـ عزّ وجل ـ: {{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ}} [التوبة: 115] ، فلا بد أن يبين الله تعالى ما يُتقى حتى يتقيه العبد.
وقال ـ عزّ وجل ـ: {{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً}} [الإسراء: 15] ، فإذا كان هذا في أصل الدين لم يعذب الإنسان عليه حتى يبعث الرسول، فكذلك في الفروع.
وقال تعالى: {{وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ }} [القصص:59] ، ولا ظلم مِمَّن أتى شيئاً لا يعلم أنه معصية، أو أنه كفر.
وقال النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ: «إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه» [(239)]، والجهل بلا شك من الخطأ، فعلى هذا نقول: إذا فعل الإنسان ما يوجب الكفر، من قول، أو فعل جاهلاً بأنه كفر، أي: جاهلاً بدليله الشرعي، فإنه لا يكفر، ولكن يبقى النظر هل كل إنسان يعذر بالجهل؟
نقول: من أمكنه التعلم فلم يتعلم فقد يكون غير معذور بجهله، وحينئذٍ يخرج من القاعدة العامة، كمن قال: أنا لا أدري أن الصلاة واجبة، وهو يعيش في دار الإسلام، فيقال له: كيف لا تدري، وأنت تشاهد الناس يؤذنون، ويذهبون إلى المساجد ويصلون؟! فأنت غير معذور، فهذه المسألة محل تأمل، هل هذا الذي جهل الحكم معذور بترك التعلم أو لا؟
فيقال: قد يكون معذوراً، أو غير معذورٍ، فإذا فرضنا أنه قد عاش في بيئة تفعل الكفر، وعلماؤها موجودون وهم يُقرُّون ذلك ولا ينكرونه، ولم يتكلم أحد منهم عنده بأن هذا كفر، ككثير من العامة في البلاد الإسلامية الذين يدعون القبور، وأصحاب القبور، وما أشبه ذلك، فقد يقال: إن هذا الرجل معذور؛ وقد عاش في بلدٍ تعتبر بلاداً يظهر فيها الشرك، ولا سمع بأن هذا شرك، فهذا قد يعذر؛ لأنه ليس لديه سبب يوجب الانتباه، وطلب العلم.
أما إذا كان في بلد يُبَيَّنُ فيها الحق، ويقال: إن هذا شرك، ولكنه يقول: أنا سأتبع الشيخ، كبير العمامة، واسع الهامة، طويل الأكمام، طويل المسواك، وأما غيره فلن أتبعه، فهذا غير معذور؛ لأنه مهما يكون الشيخ في إظهار التنسك، وأنه الشيخ الإمام، العالم، العلامة، فإن هذا ليس عذراً لك؛ لأن عندك من يبين الحق ببراهينه، فأنت غير معذور، فالمسألة تحتاج إلى أن ينتبه الإنسان، ويتحقق حتى يتحقق المناط في هذا الرجل بعينه أنه كافر، أو غير كافر.
وقد ذكر شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ في عدة مواضع من كلامه أن هناك فرقاً بين القول والقائل، وبين الفعل والفاعل، وأن القول قد نطلق عليه أنه كفر مخرج عن الملة، لكن القائل لا نخرجه من الملة حتى تقوم عليه الحجة، وكذلك الفعل، فنقول: هذا فعل مخرج من الملة، ولكن الفاعل لا نخرجه عن الملة إلا إذا قامت عليه الحجة، ولهذا قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ: إن الأئمة ـ رحمهم الله ـ ومنهم الإمام أحمد، وغيره لم يكفروا أهل البدع إلا الجهمية، فإنهم كفروهم مطلقاً؛ لأن بدعتهم ظاهر فيها الكفر، وأما الخوارج والقدرية ومن أشبههم فإن الإمام أحمد نصوصه صريحة بأنهم ليسوا بكفار.
وقد أنكر ـ رحمه الله ـ على من جعل الدين أصولاً وفروعاً، وأن الأصول يُكفَّر فيها، والفروع لا يُكفَّر، وقال: إن هذا القول إنما جاء من أهل الكلام، فهو قول مبتدَع، ولكن تبعهم على ذلك بعض الفقهاء، وقال لهم: فسروا الأصول ما هي؟ وأي تفسير يفسرونها فهو منقوض عليهم، فإذا فسروها بالأمور العلمية قلنا لهم: إن الأمور العلمية قد اختلف فيها الصحابة، كاختلافهم مثلاً: هل رأى النبي صلّى الله عليه وسلّم ربه أم لا؟ واختلافهم أيهما أفضل علي أو عثمان؟ وهذه من مسائل العلم العقدية، ومع ذلك هل كفَّر بعضهم بعضاً في ذلك؟!
وهناك أمور عملية يكفر من خالف فيها؛ كوجوب الصلاة، والزكاة، وما أشبه ذلك هي عندهم من الأمور الفرعية، ومع هذا فالمخالف فيها يكفر.
فالمهم أن نعرف الفرق بين القول والقائل، والفعل والفاعل؛ لأن هناك أناساً من أهل العلم الفضلاء قالوا أقوالاً مبتدعة، لا شك أنها ضلال، ومع ذلك لا يمكن أن نصفهم أنهم ضلاّل؛ لأنهم مهتدون من وجه، وضالون من وجه آخر؛ مهتدون من حيث الاجتهاد، وطلب الحق؛ لأنا نعرفهم أئمة في الدين، يريدون الحق، ويبحثون عنه، لكن لم يوفقوا له، فهم من هذه الناحية مأجورون مثابون عند الله عزّ وجل، لكن من ناحية إصابة الحق هم مخطئون ضالون عن الحق، فلا يطلق عليهم الضلال، ولا تطلق عليهم الهداية، بل يقال: إنهم مهتدون من جهة الاجتهاد في طلب الحق، ولكنهم ضالون من جهة إصابته، ولا تستغرب من كلمة «ضال» فإنها تقال حتى في المسائل التي يسمونها فرعية، قال ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ وقد سئل عن مسألة أفتى فيها أبو موسى، وهي: بنت، وبنت ابن، وأخت، سئل عنها أبو موسى ـ رضي الله عنه ـ، فقال: للبنت النصف، وللأخت النصف، وبنت الابن تسقط، وهذا غير صحيح، فأبو موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الذي قال فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود» [(240)] يخطئ في مسألة من الفرائض!! ولكنه من توفيق الله أنه قال للسائل: ائت ابن مسعود، فسيوافقني على ذلك، فذهب الرجل لابن مسعود، فسأله، وأخبره بفتيا أبي موسى ـ رضي الله عنه ـ فقال له ابن مسعود: قد ضللت إذن وما أنا من المهتدين ـ يعني إن وافقته ـ لأقضين فيها بقضاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، للبنت النصف، ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت[(241)].
فشروط الردة خمسة:
البلوغ، والعقل، والاختيار، والإرادة، والعلم بالحال والشرع، فإذا انتفى واحد منها فإن الردة لا تثبت.
ولكن ما هو الأصل في الإنسان أهو الكفر أو الإسلام؟
الجواب: إذا كان أبواه مسلمين، أو أحدهما فهو مسلم، فإن اختار غير الإسلام فهو مرتد، فولد اليهودية من المسلم مسلم، وولد الكافر من الكافرة كافر حكماً، فهذا الطفل إذا شب على الكفر لا نحكم أنه مرتد، وإلا لقتلنا أولاد الكفار، وقلنا: أنتم مرتدون.
وقوله: «رجل أو امرأة» أشار المؤلف إلى التفصيل هنا بقوله: «رجل أو امرأة» مع أن العموم في «من» مغنٍ عنها؛ لأن «مَنْ» شرطية، تكون للعاقل من ذكر وأنثى، لكنه نص على المرأة؛ لأن بعض أهل العلم قال: إن المرأة المرتدة لا تقتل، فإنها تُدْعَى إلى الإسلام، ويضيق عليها حتى تُسلم، وإلا حبست، لعموم نهي النبي صلّى الله عليه وسلّم عن قتل النساء[(242)]، والصحيح أنها تقتل لعموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «من بَدَّلَ دينَهُ فاقتلوه» [(243)]، وإنما نهى عن قتل النساء في باب الجهاد؛ لأن النساء إذا غُلِبَ الكفار صِرْنَ سبْياً للمسلمين، والسَّبي لا يجوز أن يقتل لإتلافه.
وقوله: «دعي إليه» الداعي الإمام أو نائبه، فإن لم يكن إمام ولا نائبه، فأمير القوم، أو رئيسهم كبيرهم، كما لو كان في بلد غير إسلامي، لا يوجد إمام، ولا نائب للإمام، فإنه إذا كان على هؤلاء الطائفة من المسلمين أمير أُمِّرَ، أو رئيس، أو ما أشبه ذلك صار الحكم متعلقاً به.
وقوله: «ثلاثة أيام» أي: بلياليهن، فيقال له: أسلم، وينظر إلى أن يتم له ثلاثة أيام.

وَضُيِّقَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ قُتِلَ بِالسَّيْفِ، ........................
قوله: «وَضُيِّقَ عَلَيْهِ» فيدعى إلى الإسلام ثلاثة أيام، ويضيق عليه، فيحبس ولا يُطعَم، ولا يُسقى إلا عند الضرورة، إذا أعطيناه في الصباح خبزة فلا نعطيه إلا بعد يومين أو ثلاثة، وإذا أسقيناه في الصباح في أيام الصيف فلا نسقيه إلا إذا عطش جداً، فإذا ضيقنا عليه ثلاثة أيام فإن لم يسلم قُتل، ولكن هاتين المسألتين فيهما ثلاث روايات عن أحمد:
الأولى: أنه يقتل بلا تأجيل، ولا استتابة، فإذا كفر قتلناه مباشرة ما لم يسلم.
الثانية: أنه يدعى إلى الإسلام، لكن بدون تأجيل.
الثالثة: أن يستتاب مع التأجيل، وهذا هو المشهور من المذهب، ولكن يضيق عليه.
والنصوص تدل على أنه يقتل لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «من بدّل دينه فاقتلوه[(244)]» ، ولقوله: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاثة» ، ومنها: «التارك لدينه المفارق للجماعة» [(245)]، ولأنه كفر وارتد، لكن إن رأى الإمام المصلحة في تأجيله واستتابته فعل ذلك؛ لأنه قد يرى المصلحة في هذا، فقد يكون هذا الرجل سيداً في قومه، وقتلُهُ يثير فتنة عظيمة، وقد يكون هذا الرجل يحتاج إليه المسلمون لكونه ماهراً في صناعة شيء ما، أو قائداً محنكاً في الطائرات الحربية، أو ما أشبه ذلك، فيرى الإمام أن يستتاب، فالصحيح من هذه الروايات الثلاث أنه يقتل فوراً، إلا إذا رأى الإمام المصلحة في تأجيله ثلاثة أيام فإنه يستتاب، وأما الآثار الواردة عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ وغيره في الاستتابة[(246)]، فإنها تحمل على أنهم رأوا في ذلك مصلحة.
قوله: «فَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ قُتِلَ بِالسَّيْفِ» هذه جملة شرطية، فعل الشرط «إن لم يسلم» وجوابه «قُتِلَ» قال العلماء: لا يقتله إلا الإمام أو نائبه، ونائب الإمام في هذا هو الأمير، وليس القاضي؛ لأن الأمير ينفذ، وهذا تنفيذ حكم، ولا يحل لأحدٍ قتله مع أنه مباح الدم؛ لأن في قتله افتياتاً على ولي الأمر، ولأن في قتله سبباً للفوضى بين الناس؛ فإن هذا ـ وإن قتله بحق؛ لأنه مهدر الدم ـ قد يسبب فتنة بين هذا القاتل وبين أولياء المقتول المرتد، فيحاولون أن يأخذوا بالثأر من هذا الذي قتل المرتد، ولهذا لا يتولى قتله إلا الإمام، أو نائبه، فإن قتله غيره فإنه لا يضمنه؛ لأنه غير معصوم لا بقصاص، ولا بدية، ولكن يؤدب ويعزر بما يراه الإمام.
قال العلماء: إلا إذا لحق بدار الحرب، يعني هذا المرتد ـ والعياذ بالله ـ لما ارتد خاف من السيف، فذهب إلى بلاد الكفار، قالوا: فلكل واحد من المسلمين أن يقتله؛ لأن بلاد الكفار ليس فيها حاكم إسلامي، وإنما تحكم بأحكام الكفر، ولا ولاية للكافر فيها على المسلمين.
وقوله: «قتل بالسيف» أدوات القتل متعددة، منها السيف والشنق، والصعق بالكهرباء، وهذا لا يجوز على المذهب، وإنما يقتل بالسيف، فلو قال قائل: لم لا نصعقه بالكهرباء؟ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة»[(247)] ، فالجواب: إحسان الذبحة والقتلة أن تكون على وفق الشرع، ولهذا نحن نرجم الزاني المحصن بالحجارة حتى يموت، وفي هذا تعذيب له، ولكن هذا هو القتل الحسن الذي أمرنا به.
والقتل بالسيف هو المعهود في عهد الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ فكان أولى من غيره، وهو أنكى؛ لأنه إذا رؤي هذا الرجل مُضْرَجاً بدمائه صار أهيب للناس، وأشد وقعاً في نفوسهم، مما لو سلَّطنا عليه سلكاً كهربائياً ومات في الحال، فإن الأول أنكى وأبلغ في التهييب والتحذير.
ثم استثنى المؤلف بعد أن ذكر أنه يستتاب أنواعاً من الردة لا تمكن فيها الاستتابة، بل يقتل فيها المرتد بدون استتابة لعدم قبول توبته، وهي أولاً: قوله:

وَلاَ تُقْبَلُ تَوْبَةُ مَنْ سَبَّ اللهَ، أَوْ رَسُولَهُ، وَلاَ مَنْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ، بَلْ يُقْتَلُ بِكُلِّ حَالٍ، .....
«وَلاَ تُقْبَلُ تَوْبَةُ مَنْ سَبَّ الله» وذلك بالطعن في حكمته، في شرعه، في صفة من صفاته، في فعل من أفعاله، في ذاته عزّ وجل، يقول: إنه مفتقر للولد، أو مفتقر للزوجة، وما أشبه ذلك من النقائص التي ينزه الله عنها، فكل من وصف الله تعالى بنقيصة فهو ساب له، فحقيقة السب أن تصف غيرك بما هو نقص في حقه، فإذا سب الله ـ عزّ وجل ـ فإنه يقتل كفراً، حتى لو تاب، وأعلن على الملأ أنه تائب، ووصف الله ـ سبحانه وتعالى ـ بصفات الكمال، وقال: سبحانه لا أحصي ثناءً عليه، هو كما أثنى على نفسه، فإنه لا يقبل منه، حتى ولو حسنت حاله، وظهرت عبادته، واستنار وجهه فإننا لا نقبل توبته، بل نقتله، وليت أننا نُعدمه فقط، بل نقتله، ولا نكفنه، ولا نغسله، ولا نصلي عليه، ولا يدفن مع المسلمين؛ لأن توبته غير مقبولة؛ وذلك لعظم ردته؛ لأن هذا أعظم ما يكون من الردة، أن يسب الخالق عزّ وجل، وهو المنزه عن كل عيب ونقص، وهذا فيما بيننا وبينه، فنجري عليه في الدنيا أحكام الكفر، أما فيما بينه وبين الله ـ عزّ وجل ـ فإنه على نيته، فإذا كان صادقاً في توبته فالله ـ عزّ وجل ـ يجزيه بما يستحق.
وظاهر كلام المؤلف أنه لا فرق بين أن يكون الكافر أصلياً، أو مرتداً، أي: أن من سب الله، ولو كان كفره أصليّاً فإنه لا تقبل توبته، ولكن هذا الظاهر غير مراد؛ لأن كثيراً من الكفار الذين أسلموا كانوا يسبون الله، كما قال الله تعالى: {{وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ}} [الأنعام: 108] ، ويدل لذلك أيضاً أن المؤلف ذكر هذا في باب أحكام المرتد، فالظاهر أنه أراد الذي ارتد بسب الله، بخلاف الكافر الأصلي فإننا نقبل توبته.
والصحيح أن من سب الله ـ عزّ وجل ـ إذا علمنا صدق توبته فإنه تقبل توبته، ويحكم بإسلامه، لعموم قوله تعالى: {{قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }} [الزمر:53] ، فهذه الآية أجمع العلماء على أنها في التائبين، فإذا علمنا صدق توبته فإننا نقبل توبته، ونقول: بارك الله فيك، ونشجعه على إسلامه، وعلى وصفه ربه ـ عزّ وجل ـ بما هو أهله من صفات الكمال، ويكون ذلك السب والعيب قد زال، ويدل لذلك أيضاً قوله تعالى: {{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ *} {لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً}} [التوبة: 65، 66] ، ولا عفو على مثل هؤلاء إلا بالتوبة، فهذا يدل على أنهم إذا تابوا عفا الله عنهم، والاستهزاء من أعظم السب.
ثانياً: قوله: «أَوْ رَسُولَهُ» يعني من سب رسوله محمداً ـ عليه الصلاة والسلام ـ بأن وصفه بما هو نقص في حقه، نقص يعود على الرسالة، وقد يقال: وعلى شخصه، فلو وصفه بأنه كاذب، أو ساحر، أو يخدع الناس، أو ما أشبه ذلك فهو مرتد، ولا تقبل توبته؛ لأن ذنبه عظيم فلا تقبل التوبة منه.
ونقول كما قلنا في سَبِّ الله ـ عزّ وجل ـ: إن القول الراجح في هذه المسألة أننا إذا علمنا صدق توبته، وأن توبته حقيقية، ورأيناه يعظم النبي صلّى الله عليه وسلّم بعد ذلك، ويدافع عن شرعه، فإننا نقبل توبته؛ لأن الله ـ عزّ وجل ـ يقول: {{قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }} [الزمر:53] .
ولكن إذا قبلنا توبته، فهل يسقط عنه القتل، أو لا يسقط؟ هذا محل خلاف بين العلماء، فمن أهل العلم من يقول: إذا قبلنا توبته رفعنا القتل عنه؛ لأنه إنما حل قتله بارتداده، فإذا تاب من الردة ارتفع حكم الكفر، وهو القتل فلا يقتل، ولأننا حكمنا بكفره بسب النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنه رسول الله لا لشخص النبي صلّى الله عليه وسلّم، فإذا تاب رفعنا عنه القتل.
والقول الثاني في المسألة: إنه إذا تاب قبلنا توبته، ولكن يجب علينا أن نقتله، أي: أن توبته لا ترفع القتل عنه؛ لأن قتله حق له صلّى الله عليه وسلّم، والرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ لا نعلم هل عفا عن حقه، أو لم يعفُ؟ بخلاف من سب الله ـ عزّ وجل ـ فإن قتله حق لله، والله تعالى أعلمنا بأنه يغفر الذنوب جميعاً لمن تاب، فيسقط عمَّن سب الله القتل.
أما من سب الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ فإننا نقبل توبته ولكن القتل واجب؛ لأن هذا من حق الرسول، ونقول: هو مسلم يغسل، ويكفن، ويصلى عليه، ويدفن مع المسلمين، ويرث من مات من أقاربه، ويورث، وفي هذا ألف شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ كتاباً سمَّاه: «الصارم المسلول على شاتم الرسول»، وأن من سبه صلّى الله عليه وسلّم فإنه يقتل بكل حال.
ولو قال قائل: إن هذا حكم يرجع إلى رأي الإمام، فإن رأى من المصلحة أن يقتل قتله؛ حتى لا يجترئ الناس على جناب الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ولو رأى من المصلحة ألا يقتله، وأن يؤلفه على الإسلام، ويؤلف أمثاله ـ أيضاً ـ لا يقتله، فلو قيل بهذا الرأي لكان رأياً جيداً، ويكون وسطاً بين الرأيين، ولا يعد هذا خارجاً عن القولين، وليس مخالفاً للإجماع، بل هو يوافق لأحد القولين من وجه، ويفارقه من وجه آخر، فإذا قتلناه للمصلحة أخذنا ببعض قول من يقول: يتحتم القتل، وإذا لم نقتله للمصلحة أخذنا ببعض قول من يقول: لا يقتل إذا تاب.
ثالثاً: قوله: «وَلاَ مَنْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ بل يُقْتَلُ بِكُلِّ حالٍ» من تكررت ردته فإنه يقتل، مثل من كفر، ثم تاب، ثم كفر، فتكررت ردته، فلا تقبل توبته في المرة الثانية، والدليل قوله تعالى: {{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً }} [النساء:137] ، وانتفاء المغفرة عنهم لعدم قبول توبتهم، ولو قبل الله توبتهم لغفر لهم؛ ولأنه لما كذب في التوبة الأولى يمكن أنه كذب في المرة الثانية، فقد يكون هذا الرجل متلاعباً يكفر اليوم، ثم يتوب غداً فلا تقبل.
والتكرار يحصل باثنتين وهو المذهب، وقيل: لا بد أن يكون ثلاثاً، وهو رواية عن أحمد.
وقال بعض العلماء: إذا علمنا صدق توبته قبلناها ولو تكررت، وقد أخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم عن الرجل الذي أذنب ذنباً فتاب منه، ثم أذنب فتاب، ثم أذنب فتاب، فقال الله ـ عزّ وجل ـ: «علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب، ويأخذ به، قد غفرت لعبدي فليعمل ما شاء» [(248)]، فهذا رجل يتكرر منه الذنب وقبل الله توبته، فإذا علمنا أنه صادق في التوبة فما المانع من القبول؟!.
وأجابوا عن دليل الأولين، فقالوا: إن الآية الكريمة ليس آخرها أن الرجل تاب، بل آخرها {{ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا}}، فهؤلاء الذين ازدادوا كفراً {{لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ}} يعني لا يوفقهم الله للتوبة، فليس المعنى أنهم إذا تابوا لم يتب الله عليهم، ولكن لا يوفقون ما داموا ـ والعياذ بالله ـ غير مستقرين على أمر، والنهاية أنهم ازدادوا كفراً، فهؤلاء يبعد كل البعد أن يوفقوا للتوبة.
وأما قولهم: إنه قد يكون كاذباً في التوبة، فنقول: هذا غير مُسَلَّم، فإن الإنسان قد يتوب من الذنب توبة حقيقية، ولكن تُسوِّل له نفسه فيعود للذنب، وهذا أمر مجرب، فالمسلم قد يتوب من المعاصي توبة حقيقية صادقة، ولكن تأتي أسباب تكون مغرية له فيعود إلى الذنب، وهذا أمر مشاهد.
إذاً الصواب ـ أيضاً ـ أن من تكررت ردته فإن توبته تقبل.
وهناك مسألة رابعة، وهي المنافق وهو الزنديق الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر، يقول الفقهاء ـ رحمهم الله ـ: إنه لا تقبل توبته.
قال السفاريني في عقيدته:
لأنه لم يبدُ من إيمانه *** إلا الذي أذاع من لسانه
وحينئذٍ لا نعلم أنه صادق في قوله: إنه تاب، فقد يكون هذا نفاقاً كما كان أولاً، ولكن الصحيح ـ أيضاً ـ أننا إذا علمنا صدق توبة المنافق فإننا نقبل توبته، والقرآن يدل على ذلك، قال الله تعالى: {{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا *}{إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا}} [النساء:146] ، ولهذا يجب علينا في توبة المنافق أن ننتبه ونتحرى بدقة، وننظر العمل الحقيقي الذي يدل على أنه تاب.
فهذه أربع حالات لا تقبل فيها توبة المرتد، والصواب أنه ما من ذنب مهما عظم إذا تاب الإنسان منه توبة حقيقية إلا ويغفره الله ـ عزّ وجل ـ.

وَتَوْبَةُ الْمُرْتَدِّ وَكُلِّ كَافِرٍ إِسْلاَمُهُ، بِأَنْ يَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، وَمَنْ كَانَ كُفْرُهُ بِجَحْدِ فَرْضٍ وَنَحْوِهِ فَتَوْبَتُهُ مَعَ الشَّهَادَتَيْنِ إِقْرَارُهُ بِالْمَجْحُودِ بِهِ، أَوْ قَوْلُهُ: أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ دِينٍ يُخَالِفُ الإِْسْلاَمَ.
قوله: «وتوبةُ المرتد» التوبة في اللغة: الرجوع، ولكن في الشرع فهي الرجوع من معصية الله إلى طاعته، بترك المحظور، وفعل المأمور، ولها شروط خمسة ذكرناها سابقاً.
وقوله: «المرتد» أي: الراجع عن الإسلام.
قوله: «وَكُلِّ كافرٍ» يعني الكافر الأصلي؛ لأن الكفار قسمان: مرتد، وأصلي، فالأصلي هو الذي لم يزل على كفره، والمرتد هو الذي كان مؤمناً ثم خرج عن الإيمان إلى الكفر ـ والعياذ بالله ـ وهذا أشد وأعظم، ولهذا يقتل بكل حال.
قوله: «إسْلاَمُهُ» يعني أن يسلم، والإسلام معناه الاستسلام لله، فإن كان ظاهراً لا باطناً فهو نفاق، وإن كان ظاهراً وباطناً فهو حقيقة، فالمنافقون مسلمون ظاهراً، لكن باطناً كفار، والمؤمنون مسلمون ظاهراً وباطناً، والذي عليه مدار الثناء هو الإسلام ظاهراً وباطناً.
قوله: «بأَنْ يَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله» يشهد نطقاً باللسان، واعترافاً بالجَنان، فلا يكفي النطق، فالنطق وإن كفى بالنسبة لنا في أمر الدنيا فإنه لا يكفي بالنسبة لله ـ عزّ وجل ـ، ولهذا كان المنافقون يذكرون الله، ولا يذكرون الله إلا قليلاً، وكانوا يشهدون أن محمداً رسول الله، والله يقول: {{وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ}} [المنافقون: 1] ، فالشهادة ظاهراً لا تنفع أمام الله عزّ وجل، لكن أمامنا تنفع، فتعصم ماله ودمه.
وقوله: «يشهد أن لا إله إلاَّ الله» هذه الكلمة العظيمة هي مفتاح الإسلام، يدخل بها الإسلام من يقولها، ويخرج من الإسلام من ينكرها، فما معنى لا إله إلاَّ الله؟ الإله هو المعبود بحق أو بغير حق، لكن إن كان معبوداً بحق فألوهيته حق، وإن كان معبوداً بغير حق فألوهيته باطلة {{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ}} [الحج: 62] ، إذاً لا إله أي: لا معبود، ويجب أن نقدر الخبر، وتقديره لا إله حقّ، أي: لا إله حق في ألوهيته، وأنه أهل لها إلا الله عزّ وجل، وعلى هذا فيكون الخبر محذوفاً، ويكون لفظ الجلالة بدلاً من ذلك الخبر المحذوف، والبدل هو المقصود في الحكم، كما قال ابن مالك ـ رحمه الله ـ:
التابعُ المقصودُ بالحكم بلا *** واسطةٍ هو المسمَّى بدلاً
إذاً فالإله الحق هو الله عزّ وجل، فأنت عندما تقول: لا إله إلا الله، معناه أعتقد اعتقاداً جازماً لا شك فيه بأن جميع المعبودات التي تعبد من دون الله ألوهيتها باطلة، وأن الإله الحق هو الله ـ عزّ وجل ـ رب العالمين.
وقوله: «وأن محمداً رسول الله» فلا بد من انضمامها إلى الجملة الأولى، فيشهد بالشهادتين؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلاَّ الله وأن محمداً رسول الله...» الحديث[(249)].
ولقوله صلّى الله عليه وسلّم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلاَّ الله وأن محمداً رسول الله»[(250)]، فهذه الأدلة وأشباهها تدل على أنه لا يتم الإسلام إلا بالشهادتين، ولكن هناك نصوصاً أخرى تدل على أن الإنسان يدخل في الإسلام بالشهادة الأولى فقط، وهي لا إله إلاَّ الله، ومن ذلك حديث أسامة ـ رضي الله عنه ـ في قصة المشرك الذي أرهقه أسامة، فلما أرهقه قال: لا إله إلاَّ الله فقتله، فأَخبرَ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم بذلك، فقال: «أقتلته بعد أن قال: لا إله إلاَّ الله؟!» ، قال: نعم، إنما قالها تعوُّذاً، أي: ليعوذ بها من القتل، فقال: «أقتلته بعد أن قال: لا إله إلاَّ الله؟!» ، فما زال يكررها حتى قال أسامة: تمنيت لو لم أكن أسلمت بعد[(251)]؛ لأنه إذا أسلم فإن الإسلام يهدم ما قبله.
وهذا يدل على أنه بقوله: «لا إله إلاَّ الله» دخل في الإسلام، وَعَصَم دمه، ولأن النبي صلّى الله عليه وسلّم حضر وفاة عمه أبي طالب، وكان يقول له: «يا عم قل: لا إله إلاَّ الله، كلمةً أحاجّ لك بها عند الله»[(252)]، ولم يذكر الشهادة الثانية، وهي شهادة أن محمداً رسول الله، ومن ثَمَّ اختلف العلماء، هل توبة المرتد والكافر بقول: لا إله إلاَّ الله فقط، ثم يطالب بشهادة أن محمداً رسول الله، فإن شهد وإلا قتل، أو لا يدخل في الإسلام حتى يشهد الشهادتين؟ وينبني على ذلك أننا إذا قلنا بالأول، ثم قال: لا إله إلا الله، فقد دخل في الإسلام، فإذا لم يقل: محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قتلناه؛ لأنه مرتد.
وأما على الثاني: الذي يقول: إن الكافر ـ أي: الأصلي ـ لا يدخل في الإسلام إلا بالشهادتين، فإنه إذا قال: أشهد أن لا إله إلاَّ الله، ثم أبى أن يقول: أشهد أن محمداً رسول الله، فإننا لا نقتله؛ لأنه لم يكن مرتداً حيث إنه لا يدخل في الإسلام إلا إذا شهد الشهادتين، وإذا لم يوجد الشرط وهو شهادة الشهادتين، فإنه لا يوجد المشروط وهو الإسلام، وحينئذٍ يبقى على كفره الأصلي، ثم يعامل بما يقتضيه ذلك الكفر.
وقال بعض العلماء: إذا كان هذا الإنسان مقرّاً بأن محمداً رسول الله، ولكنه مشرك، فإنه يكفي في توبته أن يشهد أن لا إله إلاَّ الله؛ لأنه يشهد أن محمداً رسول الله، وبنوا ذلك على قصة أبي طالب، وقالوا: إن أبا طالب يشهد أن محمداً رسول الله ويقول:
قد علموا أن ابننا لا مكذَّبٌ *** لدينا ولا يُعنَى بقول الأباطل
فيشهد بأنه رسول لكنه مشرك، فلذلك يكتفى منه بشهادة أن لا إله إلاَّ الله، وهذا يوجد كثيراً فيمن ينتسب للإسلام وهو مشرك، يدعو الأموات، ويستغيث بهم، وما أشبه ذلك، فنقول في مثل هذا: يُكتفى لتوبته أن يقول: لا إله إلاَّ الله؛ لأن الكلمة الثانية كان يقر بها، ولا ينكرها، فإذا أتى بالأولى تم إسلامه، وكذلك أيضاً يقولون: من كان يقول: لا إله إلاَّ الله، ولا يشرك بالله، لا عيسى ولا غيره، لكن لا يشهد أن محمداً رسول الله، فإن أتى بشهادة أن محمداً رسول الله، فقد دخل في الإسلام؛ لأنه في الأول كان يشهد أن لا إله إلاَّ الله.
وفي الحقيقة أن هذين القولين لا يخرجان عما سبق؛ لأن لازمهما أن هذا الذي أسلم قد أتى بالشهادتين جميعاً.
والظاهر لي من الأدلة أنه إذا شهد أن لا إله إلاَّ الله فقد دخل في الإسلام، ثم يؤمر بشهادة أن محمداً رسول الله، فإن شهد، وإلا فهو مرتد، يحكم بردته ويقتل مرتداً، فتكون الأولى هي الأصل، والثانية شرطاً في عصمة دمه، وفي صحة الأولى أيضاً، فإن لم يقل: أشهد أن محمداً رسول الله فإنه يعتبر مرتداً عن الإسلام.
وأما المذهب فإن توبته بأن يقول: أشهد أن لا إله إلاَّ الله وأن محمداً رسول الله، فإن قال: أشهد أن لا إله إلاَّ الله، ثم أُغمي عليه فمات، فهو غير مسلم، فلا يغسل، ولا يكفن، ولا يصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين.
وعلى القول الثاني: الذي يقول: إن قوله: «أشهد أن لا إله إلاَّ الله» كافٍ للإسلام يكون مسلماً.
قوله: «وَمَنْ كَانَ كُفْرُهُ بِجَحْدِ فَرْضٍ وَنَحْوِهِ» كجحد تحريم الزنا مثلاً، وجحد تحليل الخبز، والبيض، وما أشبهه، فعندنا جَحْدُ واجبٍ، وجَحْدُ محرمٍ، وجَحْدُ حلالٍ، كلها قد تكون كفراً فإذا كان كفره بجحد هذا، يقول المؤلف:
«فَتَوْبَتُهُ مَعَ الشَّهَادَتَيْنِ إِقْرَارُهُ بِالْمَجْحُودِ بِهِ» فهذا ينكر فرضية الصلاة، ويقول: أشهد أن لا إله إلاَّ الله، وأن محمداً رسول الله، فلا تصح توبته؛ لأن الشيء الذي حكمنا بردته من أجله لم يزل مصرّاً عليه، فلا بد أن يقر مع ذلك بما جحده من فرضية الصلاة، فمن لم يفعل فإنه لا يزال على ردته.
كذلك لو جحد تحريم الزنا، أو الخمر، وهو ممن عاش في الإسلام، وعرف أحكامه، ويقول: أشهد أن لا إله إلاَّ الله وأن محمداً رسول الله، فلا يكفي ذلك لتوبته؛ لأننا ما حكمنا بردته إلا من أجل إنكاره تحريم ذلك، وهو لا يزال مصرّاً عليه.
ومن كان كفره بسب الصحابة رضي الله عنهم، وقال: أشهد أن لا إله إلاَّ الله، وأن محمداً رسول الله، ولكنه أصرَّ على سب الصحابة، فإنه لم يزل مرتداً حتى يقلع عن سب الصحابة، ويبدل هذا السبَّ بثناءٍ.
وإذا كان كفره بترك الصلاة تهاوناً وكسلاً، وهو يشهد أن لا إله إلاَّ الله وأن محمداً رسول الله، فلا تَكفيه الشهادتان، بل لا بد أن يصلي، فإن لم يفعل فهو لا يزال مرتداً يعامل معاملة المرتدين.
فالمهم أن القاعدة في هذا: أن الكافر الأصلي نكتفي بالشهادتين، أو على الأصح بالشهادة الأولى، ونلزمه بالثانية.
والكافر غير الأصلي لا بد أن يتوب مما كان سبباً في الحكم عليه بالردة، مع الشهادتين، سواء أكان جحد فرضٍ، أو جحد محرَّم، مجمع على تحريمه، أو جحد محلَّل مجمع على حله أو ترك الصلاة، وما أشبه ذلك.
قوله: «أَوْ قَوْلُهُ: أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ دِينٍ يُخَالِفُ الإِْسْلاَمَ» هذا طريق ثانٍ للتوبة فيمن كانت ردته بجحد فرض ونحوه.
وهذه الكلمة في الواقع كلمة مجملة، لا تدل على أنه تاب توبة حقيقية؛ لأنه قد يعتقد أن ما هو عليه هو الإسلام، وما أكثر الذين يدَّعون أنهم مسلمون، ويتبجحون بالإسلام وهم كفار، يسبون الصحابة، ويعتقدون أن جبريل أخطأ في الوحي، فنزل به على محمد صلّى الله عليه وسلّم، وقد أُمِرَ أن ينزل به على عليٍّ ـ رضي الله عنه ـ، وما أشبه ذلك، فإذا قال: أنا بريءٌ من كل دين يخالف الإسلام، فهل نجعل ذلك توبة يرتفع بها عنه حكم الردة أو لا؟ في الواقع أن هذه الكلمة من المؤلف فيها نظر ظاهر؛ لأنه قد يكون محكوماً بردته من أجل فعلٍ يعتقد هو أنه من الإسلام، وليس من الإسلام في شيء، فمثل هذا لا نقبل منه حتى يُصَرِّح بأنه رجع عما حكمنا عليه بكفره من أجله.


[237] انتهى من الإقناع (4/301).
[238] سبق تخريجه ص(430).
[239] سبق تخريجه ص(255).
[40] أخرجه البخاري في فضائل القرآن باب حسن الصوت بالقراءة بالقرآن (5048)، ومسلم في صلاة المسافرين باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن (793) عن أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ.
[241] أخرجه البخاري في الفرائض باب ميراث ابنة ابن مع ابنة (6736).
[242] أخرجه البخاري في الجهاد والسير باب قتل النساء في الحرب (3015)، ومسلم في الجهاد والسير باب تحريم قتل النساء والصبيان في الحرب (1744) عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ.
[243] أخرجه البخاري في الجهاد باب لا يعذب بعذاب الله (3017) عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ.
[244] سبق تخريجه ص(453).
[245] سبق تخريجه ص(41).
[246] أخرجه مالك في الموطأ (1445)، والشافعي في مسنده (321)، والبيهقي في السنن الكبرى (8/206) عن عمر ـ رضي الله عنه ـ، وأخرجه عن علي ـ رضي الله عنه ـ البيهقي (8/206) وضعفه، وانظر: نصب الراية (3/56).
[247] سبق تخريجه (55).
[248] أخرجه البخاري في التوحيد باب قول الله تعالى: {{يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا} ...} (5707)، ومسلم في التوبة باب قبول التوبة من الذنوب... (2758) عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ.
[249] أخرجه مسلم في الإيمان باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان... (8) عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ.
[250] أخرجه البخاري في الإيمان باب {{فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ} ...} (25)، ومسلم في الإيمان باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله محمد رسول الله... (22) عن ابن عمر رضي الله عنهما.
[251] سبق تخريجه ص(382).
[252] أخرجه البخاري في الجنائز باب إذا قال المشرك... (1360)، ومسلم في الإيمان باب الدليل على صحة إسلام من حضره الموت ما لم يشرع في النزع... (24) عن المسيب بن حزن ـ رضي الله عنه ـ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مسائل, في

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:15 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir