دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > مكتبة علوم العقيدة > أصول الاعتقاد > كتاب التوحيد لابن خزيمة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 جمادى الآخرة 1434هـ/23-04-2013م, 11:03 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي باب ذكر البيان أنّ اللّه عزّ وجلّ في السّماء

قال أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي النيسابوري (ت: 311هـ): (باب ذكر البيان أنّ اللّه عزّ وجلّ في السّماء كما أخبرنا في محكم تنزيله وعلى لسان نبيّه عليه السّلام، وكما هو مفهومٌ في فطرة المسلمين، علمائهم وجهّالهم، أحرارهم ومماليكهم، ذكرانهم وإناثهم، بالغيهم وأطفالهم، كلّ من دعا اللّه جلّ وعلا: فإنّما يرفع رأسه إلى السّماء ويمدّ يديه إلى اللّه، إلى أعلاه لا إلى أسفل قال أبو بكرٍ: قد ذكرنا استواء ربّنا على العرش في الباب قبل، فاسمعوا الآن ما أتلو عليكم من كتاب ربّنا الّذي هو مسطورٌ بين الدّفّتين، مقروءٌ في المحاريب
[التوحيد: 1/254]
والكتاتيب، ممّا هو مصرّحٌ في التّنزيل أنّ الرّبّ جلّ وعلا في السّماء، لا كما قالت الجهميّة المعطّلة: إنّه في أسفل الأرضين فهو في السّماء عليهم لعائن اللّه التّابعة قال اللّه تعالى: {أأمنتم من في السّماء أن يخسف بكم الأرض} [الملك: 16] وقال اللّه تعالى: {أم أمنتم من في السّماء أن يرسل عليكم حاصبًا} [الملك: 17]، أفليس قد أعلمنا - يا ذوي الحجا - خالق السّماوات والأرض، وما بينهما في هاتين الآيتين: أنّه في السّماء وقال عزّ وجلّ: {إليه يصعد الكلم الطّيّب، والعمل الصّالح يرفعه} [فاطر: 10]، أفليس العلم محيطًا يا ذوي الحجا والألباب أنّ الرّبّ جلّ وعلا فوق من يتكلّم بالكلمة الطّيّبة، فتصعد إلى اللّه كلمته؟، لا كما زعمت المعطّلة الجهميّة أنّه تهبط إلى اللّه الكلمة الطّيّبة كما تصعد إليه ألم تسمعوا يا طلّاب العلم، قوله تبارك وتعالى لعيسى ابن مريم: {يا عيسى إنّي متوفّيك ورافعك إليّ} [آل عمران: 55]، أليس إنّما يرفع الشّيء من أسفل إلى أعلى، لا من أعلى إلى أسفل؟
[التوحيد: 1/255]
وقال اللّه عزّ وجلّ: {بل رفعه اللّه إليه} [النساء: 158]، ومحالٌ أن يهبط الإنسان من ظهر الأرض إلى بطنها، أو إلى موضعٍ أخفض منه وأسفل فيقال: رفعه اللّه إليه، لأنّ الرّفعة في لغة العرب - الّذين بلغتهم خوطبنا - لا تكون إلّا من أسفل إلى أعلى وفوق ألم تسمعوا قول خالقنا جلّ وعلا يصف نفسه: {وهو القاهر فوق عباده} [الأنعام: 18]، أو ليس العلم محيطًا، إنّ اللّه فوق جميع عباده، من الجنّ والإنس، والملائكة، الّذين هم سكّان السّماوات جميعًا؟ أو لم تسمعوا قول الخالق البارئ {وللّه يسجد ما في السّماوات وما في الأرض من دابّةٍ، والملائكة وهم لا يستكبرون يخافون ربّهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون} [النحل: 50] فأعلمنا الجليل جلّ وعلا في هذه الآية أيضًا أنّ ربّنا فوق ملائكته، وفوق ما في السّماوات، وما في الأرض، من دابّةٍ، أعلمنا أنّ ملائكته يخافون ربّهم الّذي فوقهم والمعطّلة تزعم أنّ معبودهم تحت الملائكة، ألم تسمعوا قول خالقنا: {يدبّر الأمر من السّماء إلى الأرض ثمّ يعرج إليه} [السجدة: 5]، أليس معلومًا في اللّغة السّائرة بين العرب
[التوحيد: 1/256]
الّتي خوطبنا بها وبلسانهم نزل الكتاب، أنّ تدبير الأمر من السّماء إلى الأرض، إنّما يدبّره المدبّر، وهو في السّماء لا في الأرض، كذلك مفهوم عندهم: أنّ المعارج: المصاعد، قال اللّه تعالى: {تعرج الملائكة والرّوح إليه} [المعارج: 4]، وإنّما يعرج الشّيء من أسفل إلى أعلى وفوق، لا من أعلى إلى دون وأسفل، فتفهّموا لغة العرب لا تغالطوا وقال جلّ وعلا: {سبّح اسم ربّك الأعلى} [الأعلى: 1] فالأعلى: مفهومٌ في اللّغة: أنّه أعلى شيءٍ، وفوق كلّ شيءٍ، واللّه قد وصف نفسه في غير موضعٍ من تنزيله ووحيه، أعلمنا أنّه العليّ العظيم، أفليس العليّ يا ذوي الحجا ما يكون عليًّا، لا كما تزعم المعطّلة الجهميّة أنّه أعلى وأسفل، ووسطٌ، ومع كلّ شيءٍ، وفي كلّ موضعٍ من أرضٍ وسماءٍ، وفي أجواف جميع الحيوان ولو تدبّروا آيةً من كتاب اللّه ووفّقهم اللّه لفهمها: لعقلوا أنّهم جهّالٌ، لا يفهمون ما يقولون، وبأنّ لهم جهل أنفسهم، وخطأ مقالتهم وقال اللّه تعالى لمّا سأله كليمه موسى عليه السّلام أنّ يريه ينظر إليه قال: {لن تراني ولكن انظر إلى الجبل} [الأعراف: 143] إلى قوله: {فلمّا تجلّى ربّه للجبل جعله دكًّا} [الأعراف: 143]
[التوحيد: 1/257]
أفليس العلم محيطًا يا ذوي الألباب أنّ اللّه عزّ وجلّ لو كان في كلّ موضعٍ، ومع كلّ بشرٍ وخلقٍ كما زعمت المعطّلة، لكان متجلّيًا لكلّ شيءٍ، وكذلك جميع ما في الأرض، لو كان متجلّيًا لجميع أرضه سهلها ووعرها وجبالها، وبراريها ومفاوزها، ومدنها وقراها، وعمرانها وخرابها، وجميع ما فيها من نباتٍ، وبناءٍ لجعلها دكًّا كما جعل اللّه الجبل الّذي تجلّى له دكًّا، قال اللّه تعالى: {فلمّا تجلّى ربّه للجبل جعله دكًّا} [الأعراف: 143]
[التوحيد: 1/258]
حدّثنا الحسن بن محمّدٍ الزّعفرانيّ، وعليّ بن الحسين، ويحيى بن حكيمٍ، قالوا: ثنا معاذ بن معاذٍ العنبريّ، قال: ثنا حمّاد بن سلمة، عن
[التوحيد: 1/258]
ثابتٍ، عن أنس بن مالكٍ، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في قوله: {فلمّا تجلّى ربّه للجبل جعله دكًّا} [الأعراف: 143] قال: بأصبعه هكذا، وأشار بالخنصر من الظّفر يمسكه بالإبهام قال: فقال حميدٌ لثابتٍ: يا أبا محمّدٍ، دع هذا، ما تريد إلى هذا؟ قال: فضرب ثابتٌ منكب حميدٍ، وقال: ومن أنت يا حميد؟، وما أنت يا حميد، حدّثني به أنس بن مالكٍ عن رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم وتقول أنت: دع هذا،
[التوحيد: 1/259]
هذا لفظه حدّثنا يحيى بن حكيمٍ، وقال الزّعفرانيّ، وعليّ بن الحسين، عن حمّاد بن سلمة، قال عليٌّ: ثنا ثابتٌ البنانيّ، عن أنس بن مالكٍ، عن رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم. وقال الزّعفرانيّ، عن ثابتٍ البنانيٍّ، عن أنسٍ، عن رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، في قوله: {فلمّا تجلّى ربّه للجبل جعله دكًّا} [الأعراف: 143] قال: هكذا، ووصف معاذٌ أنّه أخرج أوّل مفصلٍ من خنصره، فقال له حميدٌ الطّويل: يا أبا محمّدٍ ما تريد إلى هذا؟ فضرب صدره ضربةً شديدةً، وقال: فمن أنت يا حميد، يحدّثني أنس بن مالكٍ، عن رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، وتقول: أنت ما تريد إلى هذا؟ غير أنّ الزّعفرانيّ قال: هكذا ووضع إبهامه اليسرى على طرف خنصره الأيسر على العقد الأوّل حدّثنا عبد الوارث بن عبد الصّمد، قال: ثنا أبي، ثنا حمّاد بن
[التوحيد: 1/260]
سلمة، قال: ثنا ثابتٌ، عن أنس بن مالكٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «لمّا تجلّى ربّه للجبل رفع خنصره وقبض على مفصلٍ منها فانساخ الجبل»، فقال له حميدٌ: أتحدّث بهذا؟ فقال: حدّثنا أنسٌ عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وتقول: لا تحدّث به. حدّثنا محمّد بن يحيى، قال: ثنا عفّان بن مسلمٍ، قال: ثنا حمّاد بن سلمة، قال: ثنا ثابتٌ، عن أنسٍ، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، في قوله تعالى: {فلمّا تجلّى ربّه للجبل جعله دكًّا} [الأعراف: 143] قال: تجلّى قال بيده هكذا، ووصف عفّان بطرف إصبعه الخنصر، قال: فساخ الجبل، فقال حميدٌ لثابتٍ: أتحدّث بمثل هذا؟ قال: فرفع ثابتٌ يده، فضرب صدره، وقال: حدّثنيه أنسٌ عن رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم وتقول: أتحدّث بمثل هذا؟
[التوحيد: 1/261]
حدّثنا محمّدٌ قال: ثنا الهيثم بن جميلٍ قال: ثنا حمّادٌ، عن ثابتٍ، عن أنسٍ، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بمثله وحدّثنا محمّدٌ، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا حمّادٌ، قال: ثنا ثابتٌ، عن أنسٍ، أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم تلا هذه الآية: {فلمّا تجلّى ربّه للجبل جعله دكًّا وخرّ} [الأعراف: 143] موسى صعقًا، قال: فحكاه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فوضع خنصره على إبهامه فساح الجبل فتقطّع.
[التوحيد: 1/262]
وحدّثنا محمّدٌ قال: ثنا حجّاجٌ يعني ابن منهالٍ، حمّاد بن سلمة بمثله عن ثابتٍ، عن أنسٍ رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قرأ هذه الآية: {فلمّا تجلّى ربّه للجبل} [الأعراف: 143] حدّثنا محمّدٌ قال: ثنا سليمان بن حربٍ، عن حمّاد بن سلمة، عن ثابتٍ، عن أنسٍ قال: تلا رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: بهذا نحو حديثهم. فاسمعوا ياذوي الحجا دليلًا آخر من كتاب اللّه: أنّ اللّه جلا وعلا في السّماء، مع الدّليل على أنّ فرعون مع كفره وطغيانه قد أعلمه موسى عليه السّلام بذلك، وكأنّه قد علم أنّ خالق البشر في السّماء
[التوحيد: 1/263]
ألا تسمع قول اللّه يحكي عن فرعون قوله: {يا هامان ابن لي صرحًا لعلّي أبلغ الأسباب أسباب السّماوات فأطّلع إلى إله موسى} [غافر: 37] ففرعون عليه لعنة اللّه يأمر ببناء صرحٍ، فحسب أنّه يطّلع إلى إله موسى، وفي قوله: {وإنّي لأظنّه كاذبًا} [غافر: 37]، دلالةٌ على أنّ موسى قد كان أعلمه أنّ ربّه جلّ وعلا أعلى وفوق وأحسب أنّ فرعون إنّما قال لقومه: {وإنّي لأظنّه كاذبًا} [غافر: 37]، استدراجًا منه لهم، كما خبّرنا جلّ وعلا في قوله: {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلمًا وعلّوًا} [النمل: 14] فأخبر اللّه تعالى: أنّ هذه الفرقة جحدت - يريد بألسنتهم - لمّا استيقنتها قلوبهم، فشبّه أن يكون فرعون إنّما قال لقومه: {وإنّي لأظنّه كاذبًا} [غافر: 37] وقلبه: أنّ كليم اللّه من الصّادقين، لا من الكاذبين، واللّه أعلم، أكان فرعون مستيقنًا بقلبه على ما أوّلت أم مكذّبًا بقلبه ظانًّا أنّه غير صادقٍ وخليل اللّه إبراهيم عليه السّلام عالمٌ في ابتداء النّظر إلى الكواكب والقمر والشّمس أنّ خالقه عالٍ فوق خلقه حين نظر إلى الكواكب والقمر والشّمس، ألا تسمع قوله: {هذا ربّي} [الأنعام: 76]، ولم يطلب معرفة خالقه، من أسفل، إنّما طلبه من أعلى مستيقنًا عند نفسه أنّ ربّه في السّماء لا في الأرض
[التوحيد: 1/264]


التوقيع :
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ذكر, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:18 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir