دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > التفسير اللغوي > معاني القرآن للزجاج

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 شوال 1431هـ/1-10-2010م, 04:29 PM
علي بن عمر علي بن عمر غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 1,654
افتراضي المعاني الواردة في سورة الممتحنة

سورة الممتحنة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قوله تعالى: (يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا عدوّي وعدوّكم أولياء تلقون إليهم بالمودّة وقد كفروا بما جاءكم من الحقّ يخرجون الرّسول وإيّاكم أن تؤمنوا باللّه ربّكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرّون إليهم بالمودّة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضلّ سواء السّبيل)
قيل المعنى تلقون إليهم المودّة، والمعنى - واللّه أعلم - يلقون إليهم أخبار النبي عليه السلام وسرّه بالمودة التي بينكم وبينهم، ودليل هذا القول:
(تسرّون إليهم) ما يستره النبي عليه السلام بالمودة.
ويروى أنها نزلت في حاطب بن أبي بلتعة، وكان كتب إلى أهل مكة يتنصح لهم، فكتب إليهم أن رسول الله يريد أن يغزوكم فخذوا حذركم فأطلع اللّه نبيه على ذلك، وكان كتب إليهم كتابا ووجه به مع امرأة يقال إنها كانت مولاة بني هاشم، فوجّه رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - بعلي والزبير خلفها فلحقاها فسألاها عن الكتاب فأنكرت، ففتشا ما معها فلم يجدا شيئا، فقال علي رضوان اللّه عليه: إن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - لم يكذبنا فأقسم عليّ عليها لتخرجن الكتاب أو ليضربنها بالسيف، فقالت لهما: ولّيا وجوهكما وأخرجت الكتاب من قرن من قرون شعرها، فجاء بالكتاب إلى النبي عليه السلام فعرضه على حاطب فاعترف به وقال إن لي بمكة أهلا ومالا فأردت أن أتقرب منهم، ولن يرد اللّه بأسه عنهم، فأنزل الله عزّ وجلّ:
(يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّخذوا عدوّي وعدوّكم) الآية
إلى آخر القصة.
[معاني القرآن: 5/155]
وأما قوله: (إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي).
هذا شرط جوابه تقدّم.
المعنى إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي فلا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء.
وجهادا، وابتغاء) منصوبان لأنهما مفعولان لهما.
المعنى إن كنتم خرجتم لجهاد وابتغاء مرضاتي فلا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء.
ثم أعلمهم تعالى أنه ليس ينفعهم التقرب إليهم بنقل أخبار النبي عليه السلام فقال:
(إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسّوء وودّوا لو تكفرون (2)
معنى يثقفوكم يلقوكم.
(ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسّوء).
ثم أعلمهم أن أهلهم وأولادهم لا ينفعونهم شيئا في القيامة فقال:
(لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم واللّه بما تعملون بصير (3)
قرئت (يفصل) على أربعة أوجه.
يفصل بينكم على معنى يفصل اللّه بينكم، ويفصل بينكم على ما لم يسمّ فاعله، والمعنى راجع إلى الله عزّ وجلّ.
ويفصّل بينكم - بتشديد الصاد وفتحها وضم الياء على ما لم يسمّ فاعله.
وقرئت يفصّل بينكم، ويجوز نفصّل بينكم ونفصل بينكم - بالنون.
فهذه ستة أوجه.
وقوله تعالى: (قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والّذين معه إذ قالوا لقومهم إنّا برءاء منكم وممّا تعبدون من دون اللّه كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتّى تؤمنوا باللّه وحده إلّا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرنّ لك وما أملك لك من اللّه من شيء ربّنا عليك توكّلنا وإليك أنبنا وإليك المصير (4)
(قد كانت لكم أسوة)
ويجوز أسوة بضم الهمزة.
(في إبراهيم والّذين معه إذ قالوا لقومهم إنّا برءاء منكم وممّا تعبدون من دون اللّه).
فأعلم اللّه - عزّ وجلّ - أن أصحاب إبراهيم صلوات اللّه عليه تبرأوا من قومهم وعادوهم، فأمر أصحاب النبي عليه السلام أن يتأسّوا بهم وبقولهم.
[معاني القرآن: 5/156]
وقوله: (إلّا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرنّ لك).
فإن ذلك عن موعدة وعدها إياه، فلما تبين له إقامته على الكفر تبرّأ منه.
فأمّا ما يجوز في " برءاء منكم " فأربعة أوجه:
أجودها برءاء على فعلاء، مثل ظريف وظرفاء، وشريك وشركاء، وكذلك بري. وبرءاء، ويجوز براء منكم وبرآء منكم جميعا بالمد فمن قال براء بالمد فهو بمنزلة ظريف وظراف.
ومن قال براء بالضم - أبدل الضم من الكسرة كما قالوا رخلة ورخال وقال بعضهم: رخال بضم الراء وقالوا: شاة ربى وغنم ربات ورباب - بضم الراء وكسرها - وهي الحديثة النتاج، أي الحديثة الولادة.
ويجوز براء منكم بفتح الباء، لأن العرب تقول: أنا البراء منك ويقول الاثنان والثلاثة: نحن البراء منك، وكذلك تقول المرأة: أنا البراء منك.
فلا تقرأ من هذه الأوجه إلا بما قرأ به من توجد عنه القراءة.
وقوله: (ربّنا لا تجعلنا فتنة للّذين كفروا واغفر لنا ربّنا إنّك أنت العزيز الحكيم (5)
معناه لا تظهرهم علينا فيظنوا أنهم على حق فيفتتنوا بذلك.
وقوله: (عسى اللّه أن يجعل بينكم وبين الّذين عاديتم منهم مودّة واللّه قدير واللّه غفور رحيم (7)
" عسى " واجبة من اللّه.
جاء في التفسير أنه يعني بهذا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج أمّ حبيبة بنت أبي سفيان، فهذه هي المودة وقيل إنه يعني به من أسلم منهم فيكون بينكم وبينهم مودّة.
وقوله: (لا ينهاكم اللّه عن الّذين لم يقاتلوكم في الدّين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرّوهم وتقسطوا إليهم إنّ اللّه يحبّ المقسطين (8)
" أن " في موضع جر بدل من " الذين ".
المعنى لا ينهاكم أن تبروا الّذين لم يقاتلوكم في الدّين.
وهذا يدل على أن المعنى: لا ينهاكم الله عن برّ الذين
[معاني القرآن: 5/157]
بينكم وبينهم عهد ودليل ذلك قوله: (وتقسطوا إليهم) أي وتعدلوا فيما بينكم وبينهم، من الوفاء بالعهد، يقال أقسط الرجل فهو مقسط إذا عدل، وقسط فهو قاسط إذا جار، وقيل إنه يعني به النساء والصبيان.
وقوله: (إنّما ينهاكم اللّه عن الّذين قاتلوكم في الدّين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولّوهم ومن يتولّهم فأولئك هم الظّالمون (9)
(ظاهروا على إخراجكم) أي عاونوا على إخراجكم.
(أن تولّوهم)
" أن " في موضع جر أيضا على البدل.
المعنى إنّما ينهاكم اللّه عن أن تتولوا هؤلاء الذين قاتلوكم في الدّين لأن مكاتبتهم بإظهار ما أسره النبي عليه السلام موالاة.
وقوله تعالى: (يا أيّها الّذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهنّ اللّه أعلم بإيمانهنّ فإن علمتموهنّ مؤمنات فلا ترجعوهنّ إلى الكفّار لا هنّ حلّ لهم ولا هم يحلّون لهنّ وآتوهم ما أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهنّ إذا آتيتموهنّ أجورهنّ ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ذلكم حكم اللّه يحكم بينكم واللّه عليم حكيم (10)
موضع " مهاجرات " نصب على الحال، وقيل المؤمنات وإن لم يعرفن بالإيمان وقبل أن يصلوا إلى النبي عليه السلام، وإنما سمين بذلك لأن تقديرهنّ الإيمان.
(فامتحنوهنّ).
معناه اختبروهنّ.
وهذه نزلت بسبب عهد الحديبية الذي كان بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين من عاهده بمكة من خزاعة وغيرهم، وكان عليه السلام عاهدهم على أنه من جاء منهم إليه ردّه إليهم، ومن صار من عنده إليهم لم يردوه إليه، فأعلم اللّه - جلّ وعزّ - أن من أتى من المؤمنات ممن يريد الدخول في الإسلام فلا يرجعن إلى الكفّار، فذلك قوله: (فامتحنوهنّ اللّه أعلم بإيمانهنّ).
فأعلم عزّ وجلّ - أن إظهار الإيمان يدخل في جملة الإسلام، واللّه عالم
[معاني القرآن: 5/158]
بما في القلوب، وكانت المحنة إذا جاءت المرأة المهاجرة أن تحلّف باللّه أنه ما جاء بها غيرة على زوجها، ولا جاءت إلا محبّة لله ولرسوله وللرغبة في الإسلام فهذه المحنة.
وقوله تعالى: (فلا ترجعوهنّ إلى الكفّار).
أي لا تردوهن، يقال: رجع فلان ورجعته.
وقوله: (لا هنّ حلّ لهم ولا هم يحلّون لهنّ).
أي إنّ المؤمنات لا يحللن للكفار ولا الكفار يحلون للمؤمنات (وآتوهم ما أنفقوا)
فكان الزوج يعطى مهر امرأته التي آمنت، وكان يؤخذ منهم مهر من مضى إليهم من نساء المؤمنين ممن تلحق بزوجها إذا رغبت في الكفر.
فأقامت عليه.
(ولا جناح عليكم)
أي ولا إثم عليكم.
(أن تنكحوهنّ)
أي أن تزوجوهنّ.
(إذا آتيتموهنّ أجورهنّ)
وهذا دليل على أن التزويج لا بدّ فيه من مهر.
(ولا تمسكوا بعصم الكوافر).
أي إذا كفرن فقد زالت العصمة بين المشركة والمؤمن، أي قد انبتّ عقد حبل النكاح، وأصل العصمة الحبل، وكل ما أمسك شيئا فقد عصمه.
وقرئت: (ولا تمسكوا). (ولا تمسّكوا)، والأصل تتمسكوا من قولك تمسّكت بالشيء إذا أنت لم تخله من يدك أو إرادتك، فحذفت إحدى التاءين.
وقرئت (تمسّكوا)- بضم التاء والتشديد من قولك مسّك يمسّك.
وقرئت (تمسكوا) بضم التاء وتخفيف السين على معنى أمسك يمسك.
[معاني القرآن: 5/159]
وقوله: (وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفّار فعاقبتم فآتوا الّذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا واتّقوا اللّه الّذي أنتم به مؤمنون (11)
(فعاقبتم)
على فاعلتم، وقرئت فعقبتم بغير ألف وتخفيف القاف.
وجاء في التفسير فغنمتم، وتأويله لأي اللغة كانت العقبى لكم، أي كانت العقبى والغلبة لكم حتى غنمتم.
وعقبتم أجودها في اللغة، وفعقبتم بالتخفيف جيّد في اللغة أيضا.
أي صارت لكم عقبى الغلبة، إلا أنّه بالتشديد أبلغ.
ومعنى (فعاقبتم) أصبتموهم في القتال بعقوبة حتى غنمتم.
أي إن مضت امرأة منكم إلى من لا عهد بينكم وبينه.
(فآتوا الّذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا).
أي مثل ما أنفقوا في مهورهنّ، وكذلك إن مضت إلى من بينكم وبينهم عهد، فنكث في إعطاء المهر فالذي ذهبت زوجته كان يعطى من الغنيمة المهر، فلا ينقص شيء من حقه، يعطى حقّه كاملا بعد إخراج مهور النساء، فمن ثم دفع عمر بن الخطاب رحمه الله فيما رووا مهر أم أيمن.
وقوله تعالى: (يا أيّها النّبيّ إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن باللّه شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهنّ ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهنّ وأرجلهنّ ولا يعصينك في معروف فبايعهنّ واستغفر لهنّ اللّه إنّ اللّه غفور رحيم (12)
أي لا يأتين بولد ينسبنه إلى الزوج، فإن ذلك بهتان وفرية.
(ولا يعصينك في معروف).
قيل لا يعصينك في أمر في النوح، وقيل في تمزيق الثياب وخمش الوجوه ومحادثة الرجال.
والجملة أن المعنى لا يعصينك في جميع ما تأمرهن به بالمعروف.
[معاني القرآن: 5/160]
وروي أن النبي عليه السلام جلس على الصفا، وجلس عمر رحمه اللّه دونه، فكن يبايعن النبي - صلى الله عليه وسلم - على ما تضمّنته الآية، ويمسحن أيديهنّ بيد عمر.
وقيل كن يمسحن بأيديهن من وراء ثوب.
وقوله تعالى: (يا أيّها الّذين آمنوا لا تتولّوا قوما غضب اللّه عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفّار من أصحاب القبور (13)
يعني به اليهود.
(كما يئس الكفّار من أصحاب القبور).
أي كما يئس الكفار الذين لا يوقنون بالبعث من موتاهم أن يبعثوا، فقد يئس اليهود والذين عاقدوا النبي - صلى الله عليه وسلم - من أن يكون لهم في الآخرة حظ.
وقيل: (قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفّار من أصحاب القبور)
أي من الذين في القبور، يعلمون أنهم لا حظّ لهم في الآخرة.
[معاني القرآن: 5/161]


التوقيع :
{ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المعاني, الواردة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:29 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir