دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > التفسير اللغوي > معاني القرآن للزجاج

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 شوال 1431هـ/1-10-2010م, 04:24 PM
علي بن عمر علي بن عمر غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 1,654
افتراضي المعاني الواردة في سورة الواقعة

سورة الواقعة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قوله عزّ وجلّ: (إذا وقعت الواقعة (1)
يقال لكل آت كان يتوقع قد وقع، تقول: قد وقع الأمر.
كقولك قد جاء الأمر.
والواقعة ههنا الساعة والقيامة.
وقوله: (خافضة رافعة (3)
المعنى أنها تخفض أهل المعاصي، وترفع أهل الطاعة.
و (خافضة رافعة) ا لقراءة بالرفع، والنصب جائز ولم يقرأ به إمام من القراء، وقد رويت عن الزيدي صاحب أبي عمرو ابن العلاء، فمن رفع وهو الوجه.
فالمعنى هي خافضة رافعة
ومن نصب فعلى وجهين:
أحدهما " إذا وقعت الواقعة خافضة رافعة " على الحال ويجوز على إضمار " تقع " ويكون المعنى إذا وقعت تقع خافضة رافعة - على الحال من تقع المضمر.
وقوله - عزّ وجلّ -: (ليس لوقعتها كاذبة (2)
أي لا يردها شيء كما تقول: قد حمل فلان لا يكذب، أي لا يرد حملته شيء و " كاذبة " مصدر كقولك [عافاه] الله عافية وعاقبه عاقبة، وكذلك كذب كاذبة، وهذه أسماء في موضع المصادر.
وقوله: (إذا رجّت الأرض رجّا (4)
[معاني القرآن: 5/107]
موضع " إذا " نصب.
المعنى إذا وقعت في ذلك الوقت.
ويجوز النصب على " تقع " (إذا رجّت الأرض رجّا).
ومعنى (رجّت) حركت حركة شديدة وزلزلت.
(وبسّت الجبال بسّا (5)
(بسّت) لتّت وخلطت، و (بسّت) أيضا سابت.
(فكانت هباء منبثّا (6)
غبارا، ومثله (وسيّرت الجبال فكانت سرابا).
ومثل خلطت ولتّت
قول الشاعر:
لا تخبزوا خبزا وبسّا بسّا...
ومثل [سابت وانسابت] قوله:
وانبسّ حيّات الكثيب الأهيل
وقوله عزّ وجلّ: (وكنتم أزواجا ثلاثة (7)
أي أصنافا ثلاثة، يقال للأصناف التي بعضها مع بعض أزواج كما يقال للخفين زوجان.
وقوله.: (فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة (8)
رفع بالابتداء.
والمعنى وأصحاب الميمنة ما هم، أي شيء هم (وأصحاب المشأمة) أي شيء هم.
وهذا اللفظ مجراه في العربية مجرى
[معاني القرآن: 5/108]
التعحب، ومجراه من اللّه - عزّ وجلّ - في مخاطبة العباد مجرى ما يعظم به الشأن عندهم..
ومثله (الحاقة ما الحاقة)، و (القارعة ما القارعة).
ومعنى (أصحاب الميمنة) أصحاب اليمين.
(وأصحاب المشأمة) أصحاب الشمال.
(وأصحاب اليمين) هم أصحاب المنزلة الرفيعة.
وأصحاب الشمال هم أصحاب المنزلة الدنيئة الخسيسة.
وقوله عزّ وجلّ: (والسّابقون السّابقون (10) أولئك المقرّبون (11)
معناه - واللّه أعلم - السابقون السابقون إلى طاعة اللّه عزّ وجل والتصديق بأنبيائه.
والسابقون الأول رفع بالابتداء، والثاني توكيد، ويكون الخبر (أولئك المقربون).
ثم أخبر أين محلهم فقال: (في جنّات النّعيم (12)
ويجوز أن يكون السابقون الأول رفعا بالابتداء.
ويكون خبره (السابقون) الثاني.
فيكون المعنى - واللّه أعلم - السابقون إلى طاعة اللّه السابقون إلى رحمة اللّه.
ويكون (أولئك المقربون) من صفتهم.
وقوله: (ثلّة من الأوّلين (13) وقليل من الآخرين (14)
(ثلّة) رفع على معنى هم (ثلّة).
والثّلّة: الجماعة، وهذا - واللّه أعلم - معنى (ثلّة من الأوّلين) أي جماعة ممن عاين الأنبياء وصدق بهم.
فالذين عاينوا جميع النبيين وصدّقوا بهم أكثر ممن عاين النبي عليه السلام، وذلك قوله في قصة يونس: (وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون (147) فآمنوا فمتّعناهم إلى حين (148).
هؤلاء سوى سائر من آمن بجميع الأنبياء ممن عاينهم وصدّقهم ويجوز أن يكون الثّلّة بمعنى قليل من الأولين وقليل من الآخرين.
لأن اشتقاق الثلة من القطعة.
والثل الكسر والقطع، والثّلّة نحو الفئة والفرقة.
وقوله: (على سرر موضونة (15) متّكئين عليها متقابلين (16)
[معاني القرآن: 5/109]
(متكئين، ومتقابلين) منصوبان على الحال، المعنى أولئك المقربون في جنات النعيم في هذه الحال.
والسرر جمع سرير، مثل كثيب وكثب.
ومعنى " متقابلين " ينظر بعضهم إلى وجوه بعض ولا ينظر في أقفاء بعض.
وصفوا مع نعمهم بحسن العشرة وتهذيب الأخلاق، وصفاء المودة ومن ذلك قوله عزّ وجلّ: (ونزعنا ما في صدورهم من غلّ إخوانا على سرر متقابلين (47).
وجاء في التفسير (موضونة) مرمولة ومعنى مرمولة منسوجة، نحو نسج الدروع، وجاء في التفسير أنها من ذهب.
ومثل موضونة قول الأعشى:
ومن نسج داود موضونة... يساق بها الحيّ عيرا فعيرا
وقوله عزّ وجلّ: (يطوف عليهم ولدان مخلّدون (17) بأكواب وأباريق وكأس من معين (18)
الأكواب آنية لا عرى لها ولا خراطيم، والإبريق ما له خرطوم وعروة.
(وكأس من معين).
والكأس: الإناء فيه الشراب، فإن لم يكن فيه شراب فليس بكأس.
وقوله: (من معين) معناه من خمر تجري من العيون.
وقوله: (لا يصدّعون عنها ولا ينزفون (19)
تأويله لا ينالهم عن شربها ما ينال أهل الدنيا من الصّداع.
(ولا ينزفون) لا يسكرون، والنزيف السكران، وإنما قيل له نزيف ومنزوف لأنه نزف عقله.
ويقرأ (ولا ينزفون)، معناه لا ينزف شرابهم.
وقوله عزّ وجلّ: (وحور عين (22) كأمثال اللّؤلؤ المكنون (23)
[معاني القرآن: 5/110]
بالخفض، وقرئت بالرفع، والذين قرأوها بالرفع كرهوا الخفض لأنّه عطف على قوله: (يطوف عليهم ولدان مخلّدون (17) بأكواب).
فقالوا: الحور ليس مما يطاف به، ولكن مخفوض على غير ما ذهب إليه هؤلاء لأن معنى (يطوف عليهم ولدان مخلدون) ينعمون بهذا، وكذلك ينعمون بلحم طير وكذلك ينعمون بحور عين.
ومن قرأ بالرفع فهو أحسن الوجهين لأن معنى (يطوف عليهم ولدان مخلّدون) بهذه الأشياء بمعنى ما قد ثبت لهم فكأنه قال: ولهم حور عين.
ومثله مما حمل على المعنى قول الشاعر:
بادت وغيّر آيهن مع البلي... إلاّ رواكد جمرهنّ هباء
ومشجج أما سواء قذا له... فبدا وغيره ساره المعزاء
لأنه قال: إلّا رواكد، كان المعنى بها رواكد، فحمل ومشجج على المعنى.
وقد قرئت (وحورا عينا) بالنّصب على الحمل على المعنى أيضا، لأن المعنى يعطون هذه الأشياء يعطون حورا عينا، إلا أن هذه القراءة تخالف المصحف الذي هو الإمام، وأهل العلم يكرهون أن يقرا بما يخالف الإمام.
ومعنى الحور: الشديدات البياض، والعين الكبيرات العيون حسانها.
ومعنى (كأمثال اللّؤلؤ المكنون (23)
أي كأمثال الدر حين يخرج من صدفه وكنّه.
لم يغيره الزّمان واختلاف أحوال الاستعمال وإنما يعنى بقوله: (كأمثال اللّؤلؤ) أي في صفائهن وتلألئهن كصفاء الدّرّ وتلألئه.
وقوله: (جزاء بما كانوا يعملون (24)
منصوب مفعول له.
المعنى يفعل بهم ذلك لجزاء أعمالهم.
ويجوز أن يكون (جزاء) منصوبا على أنه مصدر.
لأن معنى (يطوف عليهم ولدان
[معاني القرآن: 5/111]
مخلّدون)
يجازون جزاء بأعمالهم.
وهذا الوجه عليه أكثر النحويين.
وقوله: (إلّا قيلا سلاما سلاما (26)
(قيلا) منصوب بقوله (لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما (25) إلّا قيلا سلاما سلاما (26).
فالمعنى لا يسمعون إلّا قيلا سلاما سلاما، منصوب من جهتين إحداهما أن يكون من نعت لـ (قيلا)، فيكون المعنى لا يسمعون إلا قيلا يسلم فيه من اللغو والإثم.
والوجه الثاني أن يكون (سلاما) منصوبا على المصدر، فيكون المعنى لا يسمعون فيها إلا أن يقول بعضهم لبعض سلاما سلاما.
ودليل هذا قوله تعالى: (تحيّتهم فيها سلام).
وقوله عزّ وجلّ: (في سدر مخضود (28) وطلح منضود (29)
المخضود: الذي قد نزع شوكه، والطلح جاء في التفسير أنه شجر الموز، والطلح شجر أم غيلان أيضا، وجائز أن يكون يعنى به ذلك الشجر.
لأنّ له نورا طيب الرائحة جدّا، فخوطبوا ووعدوا بما يحبّون مثله، إلا أن فضله على ما في الدنيا كفضل سائر ما في الجنة على ما في الدنيا.
وقوله عزّ وجلّ: (وظلّ ممدود (30)
معناه تام دائم.
وقوله: (وماء مسكوب (31)
يعنى به أنه ماء لا يتعبون فيه ينسكب لهم كيف يحبون.
وقوله: (إنّا أنشأناهنّ إنشاء (35)
يعني الحور، أنشئن لأولياء الله عزّ وجل، ليس ممن وقعت عليه ولادة.
(فجعلناهنّ أبكارا (36)
لم يطمثن.
(عربا أترابا (37)
عربا، والعرب المتحببات إلى أزواجهن.
[معاني القرآن: 5/112]
وقوله: (ثلّة من الأوّلين (39) وثلّة من الآخرين (40)
معناه - واللّه أعلم - جماعة ممن تبع النبي - صلى الله عليه وسلم - وعاينه، وجماعة ممن آمن به وكان بعده.
وقوله: (وظلّ من يحموم (43)
اليحموم الشديد السواد، وقيل إنه الدخان الشديد السّواد.
وقيل (وظلّ من يحموم) أي من نار يعذبون بها.
ودليل هذا قوله عزّ وجلّ: (لهم من فوقهم ظلل من النّار ومن تحتهم ظلل) إلا أنه موصوف في هذا الموضع بشدة السواد.
(وكانوا يصرّون على الحنث العظيم (46)
قيل في التفسير: الحنث الشرك، وقيل على الإثم العظيم، وهو – واللّه أعلم - الشرك والكفر بالبعث، لأن في القرآن دليل ذلك وهو (وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لا يبعث اللّه من يموت بلى وعدا عليه حقّا) فهذا - واللّه أعلم - إصرارهم على الحنث العظيم.
(فشاربون شرب الهيم (55)
ويقرأ (شرب الهيم)، والشّرب المصدر، والشّرب الاسم، وقد قيل إن الشّرب أيضا مصدر. والهيم الإبل العطاش.
وقوله: (هذا نزلهم يوم الدّين (56)
أي هذا غذاؤهم يوم الجزاء أي يوم يجازون بأعمالهم.
وقوله: (أفرأيتم ما تمنون (58)
أي ما يكون منكم من المنيّ الذي يكون منه الولد، يقال: أمنى الرجل يمني، ومنى يمني.
فيجوز على هذا " تمنون " بفتح التاء، ولا أعلم أحدا قرأ بها، فلا تقرأنّ بها إلا أن تثبت رواية.
[معاني القرآن: 5/113]
وقوله: (أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون (59)
احتج عليهم في البعث بالقدرة على ابتداء الخلق كما قال عزّ وجلّ:
(وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحي العظام وهي رميم (78) قل يحييها الّذي أنشأها أوّل مرّة وهو بكلّ خلق عليم (79).
وقوله عزّ وجلّ: (نحن قدّرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين (60) على أن نبدّل أمثالكم وننشئكم في ما لا تعلمون (61)
أي إن أردنا أن نخلق خلقا غيركم لم يسبقنا سابق ولا يفوتنا ذلك.
وقوله: (وننشئكم في ما لا تعلمون (61)
أي إن أردنا أن نجعل منكم القردة والخنازير لم نسبق ولا فاتنا ذلك.
(ولقد علمتم النّشأة الأولى فلولا تذكّرون (62)
أي قد علمتم ابتداء الخلق فلم أنكرتم البعث.
ومعنى " لولا تذكّرون " هلّا تذكرون.
وقوله: (لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكّهون (65)
أي لو جعلنا ما تزرعون حطاما، أي أبطلناه حتى يكون متحطما لا حنطة فيه ولا شيء مما تزرعون.
(فظلتم تفكّهون).
أي تندّمون، ويجوز فظلتم تفكهون - بكسر الظاء -
وقوله: (إنّا لمغرمون (66)
أي يقولون قد غرمنا وذهب زرعنا، (بل نحن محرومون).
وقوله: (أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون (69)
وهي السحاب واحدته مزنة وجمعه مزن.
[معاني القرآن: 5/114]
وقوله: (لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون (70)
الأجاج الماء الملح الذي لا يمكن شربه ألبتّة.
(فلولا تشكرون)، معناه " فهلّا.
وقوله عزّ وجلّ: (أفرأيتم النّار الّتي تورون (71)
معناه تقدحون، تقول وري الزند يري وريا، فهو وار إذا انقدحت منه النار، وأوريت النار إذا قدحتها، والعرب تقدح بالزند والزندة، وهذا خشب يحك بعضه على بعض فيخرج منه النار، فقال:
(أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون (72) نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمقوين (73)
أي إذا رآها الرائي ذكر جهنم وما يخافه من العذاب، فذكر الله عزّ وجلّ واستجار به منها.
ومعنى (متاعا للمقوين)، المقوي الذي ينزل بالقواء.
وهي الأرض الخالية.
فذكر اللّه - عزّ وجلّ - جمع ما يدل على توحيده وما أنعم به عليهم من خلقهم، وتغذيتهم مما يأكلون ويشربون، مما يدل على قدرته ووحدانيته.
ثم قال عزّ وجلّ:
(فسبّح باسم ربّك العظيم (74)
أي فبرّئ الله - عزّ وجلّ.
[لما ذكر ما يدل على توحيده، وقدرته، وإنعامه، قال: «فسبح» أي: برّء الله ونزّهه عما يقولون في وصفه].
(فلا أقسم بمواقع النّجوم (75)
معناه أقسم، ودخلت (لا) توكيدا كما قال عزّ وجل:
(لئلّا يعلم أهل الكتاب)، معناه لأن يعلم أهل الكتاب.
ومواقع النجوم مساقطها.
كما قال - عزّ وجلّ - (فلا أقسم بربّ المشارق والمغارب).
وقيل إن مواقع النجوم يعنى به نجوم القرآن، لأنه كان ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - نجوما شيئا بعد شيء ودليل هذا القول (وإنّه لقسم لو تعلمون عظيم (76) إنّه لقرآن كريم (77).
وقوله: (في كتاب مكنون (78)
أي مصون في السماء في اللوح المحفوظ.
[معاني القرآن: 5/115]
وقوله: (لا يمسّه إلّا المطهّرون (79)
يعنى به الملائكة. لا يمسه في اللوح المحفوظ إلا الملائكة.
ويقرأ " المطهّرون " وهي قليلة، ولها وجهان:
أحدهما الذين طهّروا أنفسهم من الذنوب.
والثاني أن يكون الّذين يطهّرون غيرهم.
وقوله: (تنزيل من ربّ العالمين (80)
صفة لقوله (كريم)، وإن شئت كان مرفوعا على قوله هو تنزيل من ربّ العالمين.
وقوله عزّ وجلّ: (أفبهذا الحديث أنتم مدهنون (81)
أي أفبالقرآن تكذبون، والمدهن المداهنّ والكذاب المنافق.
وقوله عزّ وجلّ: (وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون (82)
كانوا يقولون: مطرنا بنوء كذا، ولا ينسبون السقيا إلى اللّه - عزّ وجلّ - فقيل لهم: أتجعلون رزقكم أي شكركم بما رزقتم التكذيب.
وقرئت " وتجعلون شكركم أنكم أنّكم تكذّبون " ولا ينبغي أن يقرأ بها لخلاف المصحف.
وقد قالوا إن تفسير رزقكم ههنا الشكر، ورووا أنه يقال " وتجعلون رزقي في معنى شكري " وليس بصحيح.
إنما الكلام في قوله (وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون) يدل على معنى " وتجعلون شكركم أنكم تكذبون " أي تجعلون شكر رزقكم أن تقولوا: مطرنا بنوء كذا، فتكذبون في ذلك.
وقوله: (فلولا إذا بلغت الحلقوم (83)
يعنى إذا بلغت الروح الحلقوم.
(وأنتم حينئذ تنظرون (84)
أي أنتم يا أهل الميّت في تلك الحال ترونه قد صار إلى أن تخرج نفسه.
(ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون (85)
[معاني القرآن: 5/116]
جاء في التفسير أنه لا يموت أحد حتى يعلم أهو من أهل الجنّة أم من أهل النّار.
وقوله عزّ وجلّ: (ترجعونها إن كنتم صادقين (87)
ومعناه هلّا ترجعون الروح إن كنتم غير مدينين، أي غير مملوكين مدبّرين ليس لكم في الحياة والموت قدرة، فهلّا إن كنتم كما زعمتم ومثل قولكم الذي جاء في القرآن: (الّذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين (168).
كما قال (أو كانوا غزّى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا).
فالمعنى إن كنتم تقدرون أن تؤخروا أجلا فهلّا ترجعون الروح إذا بلغت الحلقوم، وهلّا تدرأون عن أنفسكم الموت.
وقوله: (فأمّا إن كان من المقرّبين (88) فروح وريحان وجنّت نعيم (89)
بفتح الراء في (روح). ومعناه فاستراحة وبرد، (وريحان) رزق قال الشاعر:
سلام الإله وريحانه... ورحمته وسماء درر
ورويت " فروح " بضم الراء، وتفسيره فحياة دائمة لا موت بعدها (وريحان) رزق. وجائز أن يكون ريحان ههنا تحية لأهل الجنة، وأجمع النحويون أن أصل ريحان في اللغة (ريّحان) من ذوات الواو فالأصل " ريوحان " فقلبت الواو
[معاني القرآن: 5/117]
ياء وأدغمت فيها الأولى، فصارت ريحان، فخفف كما قالوا في " ميّت ميت، ولا يجوز في " ريحان " التشديد إلا على بعد لأنه قد زيد فيه ألف ونون فخفف بحذف الياء وألزم التخفيف.
ورفعه على معنى فأما إن كان المتوفى من المقربين فله روح وريحان.
وقوله: (وأمّا إن كان من أصحاب اليمين (90) فسلام لك من أصحاب اليمين (91)
وقد بيّن ما لأصحاب اليمين في أول السورة.
ومعنى (فسلام لك من أصحاب اليمين (91)
أنك ترى فيهم ما تحب من السّلامة وقد علمت ما أعدّ لهم من الجزاء.
وقوله: (وأمّا إن كان من المكذّبين الضّالّين (92) فنزل من حميم (93)
ويقرا (فنزل) بالتخفيف والتثقيل.
فمعناه فغذاء من حميم وتصلية جحيم).
أي إقامة في جحيم.
فأعلم اللّه - عزّ وجلّ - أن الجحيم ههنا للمكذبين الضالين.
وقوله: (إنّ هذا لهو حقّ اليقين (95)
أي إن هذا الذي قصصنا عليك في هذه السورة من الأقاصيص وما أعد اللّه لأوليائه وأعدائه وما ذكر مما يدل على وحدانيته ليقين حق اليقين، كما تقول: " إن زيدا لعالم حق عالم، وإنه للعالم حق العالم "
إذا بالغت في التوكيد.
وقوله: (فسبّح باسم ربّك العظيم (96)
أي فنزّه اللّه - عزّ وجلّ - عن السوء، لأن معنى سبحان اللّه تنزيه اللّه عن
[معاني القرآن: 5/118]
السوء. كذلك جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وأهل اللغة كذلك يفسّرونه. براءة اللّه من السوء.
وأنشد سيبويه في هذا المعنى:
أقول لما جاء في فخره... سبحان من علقمة الفاجر
أي أبرأ منه.
[معاني القرآن: 5/119]


التوقيع :
{ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المعاني, الواردة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:15 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir