دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > التفسير اللغوي > معاني القرآن للزجاج

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 شوال 1431هـ/30-09-2010م, 11:32 PM
علي بن عمر علي بن عمر غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 1,654
افتراضي المعاني الواردة في سورة فصلت

سورة فصّلت
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
(حم (1) تنزيل من الرّحمن الرّحيم (2)
(تنزيل) رفع بالابتداء، وخبره (كتاب فصّلت آياته).
هذا مذهب البصريين.
وقال الفرّاء يجوز أن يكون (تنزيل) مرتفعا بـ (حم)، ويجوز أن يرتفع بإضمار هذا. المعنى هذا تنزيل من العزيز الرحيم، أي هو تنزيل.
(قرآنا عربيّا لقوم يعلمون (3)
نصب (قرآنا) على الحال.
المعنى بينت آياته قرآنا، أي بينت آياته في حال جمعه عربيا.
(لقوم يعلمون) أي بيّنا لمن يعلم.
(بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون (4)
(بشيرا ونذيرا)
من صفته.
وقوله عزّ وجلّ: (وقالوا قلوبنا في أكنّة ممّا تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إنّنا عاملون (5)
(وقالوا قلوبنا في أكنّة)
في غلف، أي ما تدعونا إليه لا يصل إلى قلوبنا لأنها في أغطية، وواحد الأكنة كنان.
(وفي آذاننا وقر).
[معاني القرآن: 4/379]
أي صمم وقفل يمنع من الاستماع لقولك أي نحن في ترك القبول منك بمنزلة من لا يستمع قولك.
(ومن بيينا وبييك حجاب).
أي حاجز في النحلة والدّين.
وهو - مثل (قلوبنا في أكنة) إلا أن معنى هذا أنا لا نجامعك في مذهب.
(فاعمل إنّنا عاملون).
أي على مذهبنا، وأنت عامل على مذهبك.
ويجوز أن يكون فاعمل في إبطال مذهبنا إنا عاملون في إبطال أمرك.
(وويل للمشركين (6) الّذين لا يؤتون الزّكاة وهم بالآخرة هم كافرون (7)
أي لا يرونها واجبة عليهم، ولا يعطونها.
(قل أئنّكم لتكفرون بالّذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك ربّ العالمين (9)
لو أراد - جل وعلا - أن يخلقها في لحظة لفعل ولكان ذلك سائغا في قدرته، ولكنه أحب أن يبصر الخلق وجوه الأناة والقدرة على خلق السّماوات والأرض في أيام كثيرة وفي لحظة واحدة لأن المخلوقين كلهم والملائكة المقربين لو اجتمعوا على أن يخلقوا مثقال ذرّة منها ما خلقوا.
وجاء في التفسير أن ابتداء خلق الأرض كان في يوم الأحد واستقام خلقها في يوم الاثنين.
(وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدّر فيها أقواتها في أربعة أيّام سواء للسّائلين (10)
(وبارك فيها وقدّر فيها أقواتها).
في الثلاثاء والأربعاء فصارت الجملة أربعة أيّام، فذلك قوله: (وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدّر فيها أقواتها في أربعة أيّام).
[معاني القرآن: 4/380]
أي في تتمة أربعة أيّام.
(سواء للسّائلين).
وسواء، ويجوز الرفع. فمن خفض جعله صفة للأيّام.
المعنى في أربعة أئام مستويات، ومن - نصب فعلى المصدر، على معنى استوت سواء، واستواء.
ومن رفع فعلى معنى هي سواء.
ومعنى (للسّائلين)، معلق بقوله: (وقدّر فيها أقواتها) لكل محتاج إلى القوت.
وإنما قيل (للسّائلين) لأن كلّا يطلب القوت ويسأله.
ويجوز أن يكون للسائلين لمن سأل في كم خلقت السماوات والأرضون؛ فقيل: خلقت الأرض في أربعة أيام سواء لا زيادة فيها ولا نقصان جوابا لمن سأل.
(ثمّ استوى إلى السّماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين (11)
معنى استوى عمد إلى السماء وقصد.
(قالتا أتينا طائعين).
على الحال منصوب، وإنما قيل طائعين دون طائعات، لأنّهنّ جرين مجرى ما يعقل ويميز، كما قيل في النجوم: (وكل في فلك يسبحون)
وقد قيل (قالتا أتينا) أي، نحن ومن فينا طائعين.
ومعنى (طوعا أو كرها) على معنى أطيعا لما أمرت طوعا، بمنزلة أطيعا الطاعة أو تكرها إكراها.
(فقضاهنّ سبع سماوات في يومين وأوحى في كلّ سماء أمرها وزيّنّا السّماء الدّنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم (12)
(فقضاهنّ).
فخلقهنّ وصنعهنّ.
قال أبو ذؤيب:
[معاني القرآن: 4/381]
وعليهما مسرودتان قضاهما... داود أو صنع السّوابغ تبّع
معناه عملهما وصنعهما.
(وأوحى في كل سماء أمرها).
قيل ما يصلحها، وقيل ملائكتها.
(وزيّنّا السّماء الدّنيا بمصابيح وحفظا).
معناه وحفظناها من استماع الشياطين بالكواكب حفظا فقال: (قل أئنّكم لتكفرون) بمن هذه قدرته (وتجعلون له أندادا) أي أصناما
تنحتونها بأيديكم.
(ذلك تقدير العزيز العليم).
أي الذي هذه صفته وله هذه القدرة ربّ العالمين.
ثم قال: (فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود (13)
أي فإن لم يقبلوا رسالتك بعد هذه الإبانة ويوحدوا اللّه.
(فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود).
أي أنذرتهم بأن ينزل بكم ما نزل بمن كفر من الأمم قبلكم، ثم قصّ قصة كفرهم والسبب في عتوّهم وإقامتهم على ضلالتهم فقال:
(فأمّا عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحقّ وقالوا من أشدّ منّا قوّة)
فأرسل اللّه عليهم ريحا صرصرا فقال:
(فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيّام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدّنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون (16)
(نحسات)
ويروى نحسات.
قال أبو عبيدة: الصرصر الشديدة الصوت.
وجاء في
[معاني القرآن: 4/382]
التفسير الشديدة البرد، ونحسات مشئومات واحدها نحس.
ومن قرأ نحسات فواحدها نحس، قال اللّه - عزّ وجلّ -:
(في يوم نحس مستمرّ (19).
(وأمّا ثمود فهديناهم فاستحبّوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون (17)
الجيّد إسقاط التنوين، ويقرأ ثمود - بالتنوين - ويجوز ثمودا بالنصب.
بفعل مضمر الذي ظهر تفسيره.
ومعنى (هديناهم) قال قتادة بينّا لهم طريق الهدى وطريق الضلالة.
(فاستحبّوا العمى على الهدى).
والاختيار رفع ثمود على الابتداء والخبر، وهذا مذهب جميع النحويين.
اختيار الرفع، وكلهم يجيز النصب.
وقوله - عزّ وجلّ -: (فأخذتهم صاعقة العذاب الهون).
فالهون والخزي الذي يهينهم ويخزيهم.
(ويوم يحشر أعداء اللّه إلى النّار فهم يوزعون (19)
يقرأ إلى النار - بفتح النون والتفخيم - وقراءة أبي عمرو - إلى النار - على الإمالة إلى الكسر - وإنّما يختار ذلك مع الراء - يعني الكسر - لأنها حرف فيه تكرير، فلذلك آثر أبو عمر الكسر.
(فهم يوزعون).
جاء في التفسير يحبس أوّلهم على آخرهم، وأصله من وزعته إذا كففته، وقال الحسن البصري حين ولي القضاء: لا بدّ للناس من وزعة.
أي لا بد لهم من أعوان يكفّون الناس عن التعدّي.
[معاني القرآن: 4/383]
(حتّى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون (20)
جاء في التفسير (جلودهم) كناية عن الفرج، المعنى شهدت فروجهم بمعاصيهم.
(وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا اللّه الّذي أنطق كلّ شيء وهو خلقكم أوّل مرّة وإليه ترجعون (21)
أي جعلنا اللّه شهودا.
(وذلكم ظنّكم الّذي ظننتم بربّكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين (23)
(وذلكم ظنّكم).
مرفوع بخبر الابتداء، و (أرداكم) خبر ثان.
ويجوز أن يكون (ظنّكم). بدلا من (ذلكم).
ويكون المعنى وظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم.
ومعنى (أرداكم) أ هلككم.
(وقيّضنا لهم قرناء فزيّنوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم وحقّ عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجنّ والإنس إنّهم كانوا خاسرين (25)
(وقيّضنا):
وسببنا من حيث لا يحتسبون.
(لهم قرناء).. الآية.
يقول زينوا لهم أعمالهم التي يعملونها ويشاهدونها.
(وما خلفهم) وما يعزمون أن يعملوه.
(وقال الّذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلّكم تغلبون (26)
أي عارضوه بكلام لا يفهم يكون ذلك الكلام لغوا، يقال: لغا يلغو لغوا، ويقال لغي يلغى لغوا إذا تكلم باللغو، وهو الكلام الذي لا يحصّل ولا تفهم حقيقته.
(ذلك جزاء أعداء اللّه النّار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون (28)
(ذلك جزاء أعداء اللّه النّار)
هذا يدل على رفعه.
قوله: (فلنذيقنّ الّذين كفروا عذابا شديدا).
المعنى ذلك العذاب الشديد جزاء أعداء اللّه.
(النّار) رفع بدل من (جزاء
[معاني القرآن: 4/384]
أعداء اللّه)
وإن شئت رفعت (النّار) على التفسير، كأنّه قيل ما هو فقيل هي لنار.
(لهم فيها دار الخلد).
أي لهم في النار دار الخلد، والنار هي الدار، كما تقول: لك في هذه الدار دار السرور، وأنت تعني الدار بعينها
كما قال الشاعر:
أخو رغائب يعطيها ويسألها... يأبى الظّلامة منه النّوفل الزّفر
وقوله عزّ وجلّ: (وقال الّذين كفروا ربّنا أرنا اللّذين أضلّانا من الجنّ والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين (29)
(أرنا)
بكسر الراء وبإسكانها - لثقل الكسرة كما قالوا في فخذ فخذ، ومن كسر فعلى الأصل، والكسر أجود لأنه في الأصل أرئنا - فحذفت الهمزة وبقيت الكسرة دليلا عليها والكسر أجود.
ومعنى الآية فيما جاء من التفسير أنه يعني بهما ابن آدم قابيل الذي قتل أخاه، وإبليس، فقابيل من الإنس وإبليس من الجنّ.
ومعنى: (نجعلهما تحت أقدامنا).
أي يكونان - في الدّرك الأسفل.
وقوله عزّ وجلّ: (إنّ الّذين قالوا ربّنا اللّه ثمّ استقاموا تتنزّل عليهم الملائكة ألّا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنّة الّتي كنتم توعدون (30)
أي: وحدوا اللّه، واستقاموا: عملوا بطاعته ولزموا سنة نبيّه.
(تتنزّل عليهم الملائكة).
بشراء يبشرونهم عند الموت وفي وقت البعث فلا تهولهم أهوال القيامة.
وقوله: (نزلا من غفور رحيم (32)
[معاني القرآن: 4/385]
معناه وأبشروا بالجنة تنزلونها نزلا.
قال أبو الحسن الأخفش: (نزلا) منصوب من وجهين:
أحدهما أن يكون منصوبا على المصدر، على معنى لكم
فيها ما تشتهي أنفسكم أنزلناه نزلا.
ويجوز أن يكون منصوبا على الحال على معنى لكم فيها ما تشتهي أنفسكم منزلا نزلا، كما تقول جاء زيد مشيا في معنى جاء زيد ماشيا.
(ومن أحسن قولا ممّن دعا إلى اللّه وعمل صالحا وقال إنّني من المسلمين (33)
(ومن أحسن قولا)
منصوب على التفسير كما تقول زيد أحسن منك وجها، وجاء في التفسير أنه يعنى به محمد - صلى الله عليه وسلم - لأنه دعا إلى توحيد اللّه، وجاء أيضا في التفسير عن عائشة وغيرها أنها نزلت في المؤذنين.
(ولا تستوي الحسنة ولا السّيّئة ادفع بالّتي هي أحسن فإذا الّذي بينك وبينه عداوة كأنّه وليّ حميم (34)
و " لا " زائدة مؤكدة، المعنى لا تستوي والسيئة.
(ادفع بالّتي هي أحسن).
معناه ادفع السيئة بالتي هي أحسن.
(كأنّه وليّ حميم): الحميم القريب.
(وما يلقّاها إلّا الّذين صبروا وما يلقّاها إلّا ذو حظّ عظيم (35)
أي ما يلقى مجازاة هذا أي وما يلقى هذه الفعلة (إلّا الّذين صبروا) أي إلّا الّذين يكظمون الغيظ.
(وما يلقّاها إلّا ذو حظّ عظيم).
الحظ ههنا الجنّة، أي وما يلقاها إلا من وجبت له الجنة.
ومعنى (ذو حظّ عظيم)، أي حظّ عظيم في الخير.
[معاني القرآن: 4/386]
(وإمّا ينزغنّك من الشّيطان نزغ فاستعذ باللّه إنّه هو السّميع العليم (36)
يقول إن نزغك من الشيطان ما يصرفك به عن الاحتمال فاستعذ باللّه من شرّه وامض على حلمك.
(ومن آياته اللّيل والنّهار والشّمس والقمر لا تسجدوا للشّمس ولا للقمر واسجدوا للّه الّذي خلقهنّ إن كنتم إيّاه تعبدون (37)
أي من علاماته التي تدلّ على أنه واحد.
وقوله: (واسجدوا للّه الّذي خلقهنّ).
وقد قال: الليل والنهار والقمر وهي مذكرة.
وقال: (خلقهنّ) والهاء والنون يدلان على التأنيث، ففيها وجهان:
أحدهما أن ضمير غير ما يعقل على لفظ التأنيث، تقول: هذه كباشك فسقها، وإن شئت فسقهن، وإنّما يكون " خلقهم " لما يعقل لا غير، ويجوز أن يكون (خلقهنّ) راجعا على معنى الآيات لأنه قال: ومن آياته هذه الأشياء.
(واسجدوا للّه الّذي خلقهنّ).
(فإن استكبروا فالّذين عند ربّك يسبّحون له باللّيل والنّهار وهم لا يسأمون (38)
هذه خطاب لمحمد - صلى الله عليه وسلم - و (الّذين) ههنا يعنى به الملائكة، فالمعنى فإن استكبروا ولم يوحّدوا اللّه ويعبدوه ويؤمنوا برسوله، فالملائكة (يسبّحون له باللّيل والنّهار).
(وهم لا يسأمون).
لا يملّون - ثم زادهم في الدلالة فقال:
(ومن آياته أنّك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزّت وربت إنّ الّذي أحياها لمحي الموتى إنّه على كلّ شيء قدير (39)
أي متهشمة متغيرة، وهو مثل هامدة.
[معاني القرآن: 4/387]
(فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزّت وربت).
ويقرأ وربأت بالهمز، ومعنى ربت عظمت، ومعنى ربأت ارتفعت لأن النبت إذا همّ أن يظهر ارتفعت له الأرض.
وقوله - عزّ وجلّ -: (إنّ الّذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النّار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنّه بما تعملون بصير (40)
(يلحدون) بفتح الياء والحاء، وتفسير يلحدون يجعلون الكلام على غير جهته، ومن هذا اللّحد لأنه الحفر في جانب القبر، يقال لحد وألحد، في معنى واحد.
(اعملوا ما شئتم).
لفط هذا الكلام لفظ أمر، ومعناه الوعيد والتهدد، وقد بيّن لهم المجازاة على الخير والشر.
وقوله عزّ وجلّ: (وإنّه لكتاب عزيز (41) لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد (42)
فيه وجهان:
أحدهما أن الكتب التي تقدمت لا تبطله ولا يأتي بعده كتاب يبطله.
والوجه الثاني أنه محفوظ من أن ينقص منه فيأتيه الباطل من بين يديه أو يزاد فيه فيأتيه الباطل من خلفه.
والدليل على هذا قوله: (إنّا نحن نزّلنا الذّكر وإنّا له لحافظون (9).
(ما يقال لك إلّا ما قد قيل للرّسل من قبلك إنّ ربّك لذو مغفرة وذو عقاب أليم (43)
أي تكذيبك كما كذب الرسل من قبلك، وقيل لهم كما يقول الكفار لك، ثم قال:
[معاني القرآن: 4/388]
(إنّ ربّك لذو مغفرة): المعنى لمن آمن بك.
(وذو عقاب أليم): لمن كذبك.
(ولو جعلناه قرآنا أعجميّا لقالوا لولا فصّلت آياته أأعجميّ وعربيّ قل هو للّذين آمنوا هدى وشفاء والّذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد (44)
(ولو جعلناه قرآنا أعجميّا لقالوا لولا فصّلت)
أي بيّنت.
(أأعجميّ وعربيّ).
وتقرأ (أأعجميّ) بهمزتين و (أعجميّ) بهمزة واحدة وبهمزة بعدها مخففة تشبه الألف، ولا يجوز أن يكون ألفا خالصة لأن بعدها العين وهي ساكنة.
وتقرأ أعجمي وعربي - بهمزة واحدة وفتح العين.
وقرأ الحسن أعجمى بهمزة وسكون العين.
والذي جاء في التفسير أن المعنى (ولو جعلناه قرآنا أعجميّا لقالوا لولا): هلّا بينت آياته، أقرآن أعجميّ ونبيّ عربي.
فمن قرأ (آأعجمي) فهمزة وألف فإنه منسوب إلى اللسان الأعجم، تقول: هذا رجل أعجمي إذا كان لا يفصح إن كان من العجم أو من العرب، وتقول: هذا رجل عجمي إذا كان من الأعاجم، فصيحا كان أم غير فصيح، ومثل ذلك: هذا رجل أعرابي إذا كان من أهل البادية، وكان جنسه من العرب أو من غير العرب، والأجود في القرآن أعجمي بهمزة وألف على جهة النسبة إلى الأعجم، ألا ترى قوله: (ولو جعلناه قرآنا أعجميّا)، ولم يقرأ أحد عجميّا.
فأمّا قراءة الحسن أعني أعجمى بإسكان العين لا على معنى الاستفهام ولكن على معنى هلّا بيّنت آياته، فجعل بعضه بيانا للعجم وبعضه بيانا للعرب، وكل هذه الأوجه الأربعة سائغ في العربية وعلى ذلك تفسيره.
[معاني القرآن: 4/389]
وقوله عزّ وجلّ: (قل هو للّذين آمنوا هدى وشفاء).
يعني القرآن.
(والّذين لا يؤمنون في آذانهم وقر).
أي هم في ترك القبول بمنزلة من في أذنه صمم.
(وهو عليهم عمى)
ويقرأ (وهو عليهم عم) بكسر الميم والتنوين، ويجوز (وهو عليهم عمي)
بإثبات الياء وفتحها، ولا يجوز إسكان الياء وترك التنوين.
(أولئك ينادون من مكان بعيد).
يعني من قسوة قلوبهم يبعد عنهم ما يتلى عليهم.
(ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربّك لقضي بينهم وإنّهم لفي شكّ منه مريب (45)
(ولولا كلمة سبقت من ربّك)
الكلمة وعدهم الساعة، قال عزّ وجلّ: (بل السّاعة موعدهم)
(من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربّك بظلّام للعبيد (46)
(ومن أساء فعليها).
أي: على نفسه.
ويدل على أن الكلمة ههنا الساعة قوله: (إليه يرد علم السّاعة).
وقوله - عزّ وجلّ -: (وما تخرج من ثمرات من أكمامها وما تحمل من أنثى ولا تضع إلّا بعلمه ويوم يناديهم أين شركائي قالوا آذنّاك ما منّا من شهيد (47)
(وما تخرج من ثمرات من أكمامها).
نحو خروج الطلع من قشره.
(ويوم يناديهم أين شركائي).
[معاني القرآن: 4/390]
المعنى أين قولكم أن لي شركاء، واللّه - جل وعلا - واحد لا شريك له.
وقد بين ذلك في قوله: (أين شركائي قالوا آذنّاك ما منّا من شهيد).
(آذناك) أعلمناك ما منا من شهيد لهم.
(وضلّ عنهم ما كانوا يدعون من قبل وظنّوا ما لهم من محيص (48)
(وظنّوا ما لهم من محيص).
أي أيقنوا.
(لا يسأم الإنسان من دعاء الخير وإن مسّه الشّرّ فيئوس قنوط (49)
لا يمل الخير الذي يصيبه، وإذا اختبر بشيء من الشر يئس وقنط.
(ولئن أذقناه رحمة منّا من بعد ضرّاء مسّته ليقولنّ هذا لي وما أظنّ السّاعة قائمة ولئن رجعت إلى ربّي إنّ لي عنده للحسنى فلننبّئنّ الّذين كفروا بما عملوا ولنذيقنّهم من عذاب غليظ (50)
(ولئن أذقناه رحمة منّا من بعد ضرّاء مسّته ليقولنّ هذا لي)
أي هذا واجب لي، بعملي استحققته، وهذا يعني به الكافرون، ودليل ذلك قوله: (وما أظنّ السّاعة قائمة ولئن رجعت إلى ربّي إنّ لي عنده للحسنى).
يقول: إني لست أوقن بالبعث وقيام الساعة، فإن كان الأمر على ذلك إن لي عنده للحسنى.
(وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسّه الشّرّ فذو دعاء عريض (51)
ويقرأ (ناء) والمعنى متقارب، يقول: إذا كان في نعمة تباعد عن ذكر اللّه ودعائه
(وإذا مسّه الشّرّ فذو دعاء عريض)
وعريض ههنا كبير، وكذلك لو كان ذو دعاء طويل كان معناه كبير.
وقوله: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتّى يتبيّن لهم أنّه الحقّ أولم يكف بربّك أنّه على كلّ شيء شهيد (53)
أي سنريهم الأعلام التي تدل على التوحيد في الآفاق، وواحدها أفق.
يقول: سنريهم آثار من مضى قبلهم ممن كذب الرسل من الأمم وآثر خلق اللّه في كل البلاد (وفي أنفسهم) من أنهم كانوا نطفا ثم علقا ثم مضغا ثم عظاما
[معاني القرآن: 4/391]
كسيت لحما، ثم نقلوا إل التمييز والعقل، وذلك كله دليل على أن الذي فعله واحد ليس كمثله شيء.
(أولم يكف بربّك أنّه على كلّ شيء شهيد).
ويجوز " إنّه "، والقراءة " أنّه " بالفتح.
وموضع (بربّك) في المعنى رفع.
المعنى أولم يكف ربك
وموضع (أنه) نصب، وإن شئت كان رفعا.
المعنى في النصب أو لم يكف ربك بأنه على كل شيء شهيد.
ومن رفع فعلى البدل، المعنى أولم يكف أن ربّك على كل شيء شهيد، أي أولم يكفهم شهادة ربّك.
ومعنى الكفاية ههنا أنه قد بين لهم ما فيه كفاية في الدلالة على توحيده وبينت رسله.
(ألا إنّهم في مرية من لقاء ربّهم ألا إنّه بكلّ شيء محيط (54)
في شك.
(ألا) كلمة يبتدأ بها ينبّه بها المخاطب توكيدا يدلّ على صحة ما بعدها.
(ألا إنّه بكلّ شيء محيط).
أي عالم بكل شيء علما يحيط بما ظهر وخفي.
[معاني القرآن: 4/392]


التوقيع :
{ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المعاني, الواردة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:51 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir