سورة الانفطار
(مكّيّة)
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله عزّ وجلّ: (إذا السّماء انفطرت (1)
أي انشقت، تتشقق السماء يوم القيامة بالغمام، كما قال عزّ وجلّ:
(وإذا الكواكب انتثرت (2)
أي تساقطت وتهافتت.
(وإذا البحار فجّرت (3)
فجّر العذب إلى المالح.
(وإذا القبور بعثرت (4)
يعني بحثرت، أي قلب ترابها وبعث الموتى الذين فيها.
(علمت نفس ما قدّمت وأخّرت (5)
(ما قدّمت) من عمل أمرت به وما (أخّرت) منه فلم تعلمه.
وقيل: وأخرت سنّت من سنة - عمل بها بعدها.
قوله تعالى: (يا أيّها الإنسان ما غرّك بربّك الكريم (6)
أي ما خدعك وسوّل لك حتى أضعت ما وجب عليك.
وقوله: (الّذي خلقك فسوّاك فعدلك (7)
(فعدّلك)
أي خلقك في أحسن تقويم وتقرأ (فعدلك) بالتخفيف والتشديد جميعا.
وقوله: (في أيّ صورة ما شاء ركّبك (8)
يجوز أن يكون (ما) صلة مؤكدة، ويكون المعنى في أي صورة شاء ركبك. إما طويلا وإما قصيرا، إما مستحسنا وإما غير ذلك. ويجوز أن يكون
[معاني القرآن: 5/295]
ما في معنى الشرط والجزاء، فيكون المعنى في أي صورة ما شاء أن يركبك فيها ركبك
وقوله: (كلّا بل تكذّبون بالدّين (9)
أي بل تكذبون بأنكم تبعثون وتدانون، أي تجازون بأعمالكم، ثم أعلمهم - عزّ وجلّ - أن أعمالهم محفوظة فقال:
(يعلمون ما تفعلون (12)
فيكتبونه عليهم.
وقوله: (يصلونها يوم الدّين (15)
يوم الجزاء وهو يوم القيامة.
وقوله (وما هم عنها بغائبين (16) وما أدراك ما يوم الدّين (17)
فكرر ذكر اليوم تعظيما لشأنه.
وقوله: (يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ للّه (19)
وقرئت (يوم) لا يملك نفس.
فمن قرأ بالرفع فعلى أن اليوم صفة لقوله (يوم الدّين)
ويجوز أن يكون رفعا بإضمار هو، فيكون المعنى هو لا تملك لنفس شيئا، ويجوز أن يكون في موضع رفع وهو مبني على الفتح لإضافته إلى قوله " لا تملك " لأن " ما " أضيف إلى غير المتمكن قد يبنى على الفتح وإن كان في موضع رفع أو جر كما قال الشاعر:
لم يمنع الشّرب منها غير أن نطقت... حمامة في غصون ذات أوقال
فأضاف غير إلى أن نطقت فبناه على الفتح، وجائز أن يكون نصبه على معنى هذه الأشياء المذكورة، يكون (يوم لا تملك نفس لنفس شيئا).
[معاني القرآن: 5/296]