دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > التفسير اللغوي > معاني القرآن للزجاج

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 شوال 1431هـ/1-10-2010م, 04:45 PM
علي بن عمر علي بن عمر غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 1,654
افتراضي المعاني الواردة في سورة الجن

سورة الجنّ
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قوله عزّ وجلّ: (قل أوحي إليّ أنّه استمع نفر من الجنّ فقالوا إنّا سمعنا قرآنا عجبا (1)
القراءة (أوحي) بإثبات الواو. - قد قرئت: (قل أحي إليّ) - بغير واو.
فمن قال: (أحي إليّ) فهو من وحيت إليه، والأكثر أوحيت إليه.
والأصل وحي، ولكن الواو إذا انضمّت قد تبدل منها الهمزة نحو: (وإذا الرّسل أقّتت)، أصله وقّتت لأنه من الوقت.
وجاء في التفسير أن هؤلاء النفر الذين من الجن استمعوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي الصبح ببطن نخلة، وهو قوله: (وإذ صرفنا إليك نفرا من الجنّ يستمعون القرآن فلمّا حضروه قالوا أنصتوا) أي قال بعضهم لبعض أمسكوا عن الكلام واستمعوا.
وقيل إنهم كانوا من جن نصيبين، وقيل إنهم كانوا من اليمن، وقيل إنهم كانوا يهودا، وقيل إنهم كانوا مشركين.
فأمّا قوله: (أنّه استمع نفر من الجنّ)، و (أنّ) مفتوحة لا غير.
وقوله: (إنّا سمعنا) وقوله: (فإنّ له)، وقوله: (فإنّه يسلك).
فهذه الثلاث مكسورة لا غير.
وقد اختلف القراء فيما في هذه السورة غير هذه الحروف الثلاث فقال بعضهم: (وأنّه، وأنّا) فأما عاصم فروى عنه أبو بكر بن عياش مثل قراءة نافع ومن تابعه، وروى حفص بن سليمان عن الفتح فيما قرأه أبو بكر بالكسر، والذي يختاره النحوّيون قراءة نافع ومن تابعه في هذه الآية عندهم ما كان محمولا على
[معاني القرآن: 5/233]
الوحي فهو (أنّه) بفتح (أنّ) وما كان من قول الجن فهو مكسور معطوف على قوله: (فقالوا إنّا سمعنا قرآنا عجبا)، وعلى هذه القراءة يكون المعنى، وقالوا إنه تعالى جدّ ربّنا، وقالوا إنه كان يقول سفيهنا.
ومن فتح فذكر بعض النحويين أنه معطوف على الهاء.
المعنى عنده فآمنا به وبأنه تعالى جدّ ربّنا وكذلك ما بعد هذا عنده، وهذا رديء في القياس.
لا يعطف على الهاء المكنية المخفوضة إلا بإظهار الخافض، ولكن وجهه أن يكون محمولا على معنى آمنا به، لأن معنى آمنا به صدقناه وعلمناه، ويكون المعنى: وصدقنا أنه تعالى جدّ ربّنا.
(وأنّه تعالى جدّ ربّنا ما اتّخذ صاحبة ولا ولدا (3)
وتأويل (تعالى جدّ ربّنا) تعالى جلال ربّنا وعظمته عن أن يتخذ صاحبة أو ولدا.
وقوله تعالى: (وأنّه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجنّ فزادوهم رهقا (6)
كان أهل الجاهلية إذا مرت جماعة منهم بواد يقولون: نعوذ بعزيز هذا الوادي من مردة الجن وسفهائهم.
ومعنى (فزادوهم رهقا) فزادوهم ذلّة وضعفا.
ويجوز - واللّه أعلم - أن الإنس الذين كانوا يستعيذون بالجن زادوا الجن رهقا، ويجوز أن يكون الجن زادوا الإنس رهقا.
وقوله: (وأنّا لمسنا السّماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا (8) وأنّا كنّا نقعد منها مقاعد للسّمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا (9)
أي كنا نستمع فالآن حين حاولنا الاستماع ورمينا بالشهب، وهي الكواكب.
و (رصدا) أي حفظة تمنع من الاستماع.
وقيل إن الانقضاض الذي رميت به الشياطين حدث بعد مبعث النبي عليه السلام وهو أحد آياته.
(وأنّا لا ندري أشرّ أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربّهم رشدا (10)
المعنى إنا لا ندري بحدوث رجم الكواكب ألصلاح في ذلك لأهل الأرض أو غيره.
[معاني القرآن: 5/234]
وقوله: (وأنّا منّا الصّالحون ومنّا دون ذلك كنّا طرائق قددا (11)
(قددا) متفرقون، أي كنا جماعات، متفرقين، مسلمين وغير مسلمين.
قوله: (وأنّا منّا المسلمون ومنّا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحرّوا رشدا (14)
هذا تفسير قولهم: (كنّا طرائق قددا)، والقاسطون: الجائرون.
وقوله (فأولئك تحرّوا رشدا).
يعني قصدوا طريق الحق والرشد، ولا أعلم أحدا قرأ في هذه السورة رشدا، والرّشد والرّشد يجوز في العربية، إلا أن أواخر الآي فيما قبل الرّشد وبعده على الفتح، مبني على فعل، فأواخر الآي أن يكون على هذا اللفظ وتستوي أحسن، فإن ثبتت في القراءة بها رواية فالقراءة بها جائزة.
ولا يجوز أن تقرأ بما يجوز في العربية إلا أن تثبت بذلك رواية وقراءة عن إمام يقتدى بقراءته، فإن اتباع القراءة السنة، وتتبع الحروف الشواذ والقراءة بها بدعة.
قوله: (وأمّا القاسطون فكانوا لجهنّم حطبا (15)
يقال قسط الرجل إذا جار، وأقسط إذا عدل.
وقوله: (وألّو استقاموا على الطّريقة لأسقيناهم ماء غدقا (16) لنفتنهم فيه)
وهذا تفسيره لو استقاموا على الطريقة التي هي طريق الهدي لأسقيناهم ماء غدقا غدقا.
والغدق الكثير، ودليل هذا التفسير قوله عزّ وجلّ: (ولو أنّ أهل القرى آمنوا واتّقوا لفتحنا عليهم بركات من السّماء والأرض).
وكقوله: (لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم)
وقد قيل إنه يعني به: لو استقاموا على طريقة الكفر.
ودليل هذا التفسير عندهم قوله تعالى: (ولولا أن يكون النّاس أمّة
[معاني القرآن: 5/235]
واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرّحمن لبيوتهم سقفا من فضّة ومعارج عليها يظهرون (33).
والذي يختار وهو أكثر التفسير أن يكون يعنى بالطريقة طريق الهدى.
لأن الطريقة معرفة بالألف واللام.
والأوجب أن يكون طريقة الهدى. واللّه أعلم.
وقوله: (لنفتنهم فيه ومن يعرض عن ذكر ربّه يسلكه عذابا صعدا (17)
لنختبرهم بذلك.
وقوله: (ومن يعرض عن ذكر ربّه يسلكه عذابا صعدا).
معناه - واللّه أعلم - عذابا شاقّا، وقيل صخرة في جهنم - وهي في اللغة - واللّه أعلم - طريقة شاقّة من العذاب.
يقال: قد وقع القوم في صعود وهبوط، إذا كانوا في غير استواء وكانوا في طريقة شاقّة.
ويقرأ (لأسقيناهم ماء غدقا)، والغدق المصدر، والغدق اسم الفاعل، تقول: غدق يغدق غدقا فهو غدق، إذا كثر الندى في المكان أو الماء.
وقوله: (وأنّ المساجد للّه فلا تدعوا مع اللّه أحدا (18)
معناه الأمر بتوحيد الله في الصلوات.
وقيل المساجد مواضع السجود من الإنسان، الجبهة والأنف واليدان والركبتان والرجلان.
و " أن " ههنا يصلح أن يكون في موضع نصب ويصلح أن يكون في موضع جرّ.
والمعنى لأن المساجد للّه. فلا تدعوا مع الله أحدا، فلما حذفت اللام صار الموضع موضع نصب.
ويجوز أن يكون جرّا وإن لم تظهر اللام، كما تقول العرب: وبلد ليس به أنيس. تريد ربّ بلد.
وقوله: (وأنّه لمّا قام عبد اللّه يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا (19)
[معاني القرآن: 5/236]
ويقرأ (لبدا)، ويجوز (لبّدا).
والمعنى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما صلّى الصبح بذات نخلة كادت الجن - لما سمعوا القرآن وتعجبوا منه - أن يسقطوا على النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقيل كادوا يعني به جميع الملأ التي تظاهرت على النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعنى (لبدا) يركب بعضه بعضا، وكل شيء ألصقته بشيء إلصاقا شديدا فقد لبدته ومن هذا اشتقاق هذه اللبود التي تفرش.
فأما من قرأ لبدا فهو جمع لبدة ولبد.
ومن قرأ لبدا نهو جمع لبدة ولبدة ولبدة فني معنى واحد.
ومعنى من قرأ (لبّدا) فهو جمع لابد ولبد، مثل راكع وركّع وغاز وغزّى.
قوله: (قل إنّي لن يجيرني من اللّه أحد ولن أجد من دونه ملتحدا (22)
أي، منجى إلا أن اشتقاقه من اللحد، وهو مثل (لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدّخلا) فالملتحد من جنس المدّخل.
ونصب (إلّا بلاغا) على البدل من قوله (ملتحدا).
المعنى ولن أجد من دونه منجى إلا بلاغا أي لا ينجيني إلا أن أبلغ عن الله ما أرسلت به.
وقوله: (قل إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربّي أمدا (25)
أي بعدا، كما قال: [(وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون)].
قوله: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا (26) إلّا من ارتضى من رسول)
هذه الآية توجب على من ادعى أنّ النّجوم تدلّه على ما يكون من حياة وموت وغير ذلك أن قد كفر بما في القرآن.
وكذلك قوله: (قل لا يعلم من في السّماوات والأرض الغيب إلّا اللّه). والاستثناء بقوله: (إلّا من ارتضى من رسول فإنّه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا (27)
معناه أنه لا يظهر على غيبه إلا الرسل، لأن الرسل يستدل على نبوتهم بالآيات المعجزات، وبأن يخبروا بالغيب فيعلم بذلك أنهم قد خالفوا غير الأنبياء.
ثم أعلم عزّ وجلّ أنه يحفظ ذلك بأن يسلك (من بين يديه ومن خلفه رصدا).
[معاني القرآن: 5/237]
إذا نزل الملك بالوحي أرسل اللّه معه رصدا يحفظون الملك من أن يأتي أحد من الجن فيستمع الوحي فيخبر به الكهنة فيخبروا به الناس فيساؤوا الأنبياء.
فأعلم الله أنه يسلك من بين يدي الملك ومن خلفه رصدا.
(ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربّهم وأحاط بما لديهم وأحصى كلّ شيء عددا (28)
فيجوز أن يكون ليعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الرسالة أتته ولم تصل إلى غيره.
ويجوز أن يكون - واللّه أعلم - ليعلم اللّه أن قد أبلغوا رسالاته، وما بعده يدل على هذا وهو قوله: (وأحاط بما لديهم وأحصى كلّ شيء عددا).
فهذا المضمر في (وأحصى) لله عزّ وجلّ لا لغيره.
ونصب (عددا) على ضربين، على معنى وأحصى كل شيء في حال العدد، فلم تخف عليه سقوط ورقة ولا حبّة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس، ويجوز أن يكون (عددا) في موضع المصدر المحمول على معنى وأحصى، لأن معنى أحصى وعدّ كل شيء عددا.
[معاني القرآن: 5/238]


التوقيع :
{ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المعاني, الواردة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:25 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir