دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > ألفية ابن مالك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25 ذو الحجة 1429هـ/23-12-2008م, 05:48 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي دليل السالك للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان


نُونا التَّوْكِيدِ

ما يُؤَكَّدُ مِن الأفعالِ وَشُرُوطُ التوكيدِ
635- لِلْفِعْلِ تَوْكِيدٌ بِنُونَيْنِ هُمَا = كَنُونَيِ اذْهَبَنَّ وَاقْصِدَنْهُمَا
636- يُؤَكِّدَانِ افْعَلْ وَيَفْعَلْ آتِيَا = ذَا طَلَبٍ أوْ شَرْطاً امَّا تَالِيَا
637- أوْ مُثْبَتاً فِي قَسَمٍ مُسْتَقْبَلا = وَقَلَّ بَعْدَ مَا وَلَمْ وَبَعْدَ لا
638- وَغَيْرِ إمَّا مِنْ طَوَالِبِ الْجِزَا = وَآخِرَ الْمُؤَكَّدِ افْتَحْ كَابْرُزَا
لتوكيدِ الفعْلِ نُونَانِ:
1- ثَقِيلَةٌ مُشَدَّدَةٌ، مَبنيَّةٌ على الفتْحِ.
2- خفيفةٌ سَاكِنَةٌ، مَبْنِيَّةٌ على السُّكُونِ.
ويُؤَكَّدُ بهما الأمْرُ مُطْلَقاً مِنْ غيرِ شَرْطٍ، ولا يُؤَكَّدُ بهما الماضي، وأمَّا المُضَارِعُ ففيهِ تفصيلٌ كما سيأتي إنْ شاءَ اللَّهُ.
أثَرُ النُّونِ على الفعْلِ
ولَهُمَا على الفِعْلِ أَثَرَانِ: لَفْظِيٌّ، ومَعنويٌّ.
1- أمَّا الْمَعنويُّ، فهوَ تخليصُ المضارِعِ للمستقبَلِ، وتقويَةُ الاستقبالِ في فعْلِ الأمرِ، إضافةً إلى إفادةِ التوكيدِ. والمشدَّدَةُ أبْلَغُ في التوكيدِ؛ لأنَّ زيادةَ الْمَبْنَى تَدُلُّ على زيادةِ المعنى غالباً.
2- أمَّا اللَّفْظِيُّ، فهوَ أنَّ المُضَارِعَ والأمرَ يُبْنَيَانِ على الفتْحِ بشَرْطِ أن تَتَّصِلَ بِهِمَا اتِّصالاً مُباشِراً، كما تَقَدَّمَ في أوَّلِ الكتابِ [بَابُ المُعْرَبِ والْمَبْنِيِّ]. فمِثالُ المضارِعِ: لأَنْصُرَنَّ المظلومَ، لا تَرْغَبَنَّ فيمَنْ زَهِدَ عنكَ. فـ(اللامُ): واقعةٌ في جوابِ قَسَمٍ مُقَدَّرٍ، و(أَنْصُرَ): فعْلٌ مضارِعٌ مَبنيٌّ على الفتْحِ، والنونُ للتوكيدِ، والفاعِلُ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ وُجوباً تقديرُهُ، (أَنَا). و(لا): ناهيَةٌ، (تَرْغَبَ): فعْلٌ مضارِعٌ مَبنيٌّ على الفتْحِ في مَحَلِّ جَزْمٍ. ومثالُ الأمْرِ: اشْكُرَنَّ مَنْ أحْسَنَ إليكَ. فـ(اشْكُرْ): فعْلُ أمْرٍ مَبنيٌّ على الفتْحِ، والنونُ للتوكيدِ، والفاعلُ ضميرٌ مُستَتِرٌ.
وتوكيدُ المضارِعِ قدْ يكونُ واجِباً، وقدْ يكونُ مُمْتَنِعاً، وقدْ يكونُ جائزاً بكَثْرَةٍ أوْ بقِلَّةٍ.
1- التَّوْكِيدُ الواجبُ
فالحالةُ الأُولَى: أنْ يكونَ توكيدُهُ واجباً، وذلكَ إذا وَقَعَ جواباً لقسَمٍ، واستوفَى ثلاثةَ شُروطٍ:
1- أنْ يكونَ مُتَّصِلاً بـ(لامِ) القسَمِ.
2- أنْ يكونَ مُسْتَقْبَلاً.
3- أنْ يكونَ مُثْبَتاً.
نحوُ: واللَّهِ لأَبْذُلَنَّ النصيحةَ. قالَ تعالى: {وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ}.
2- التوكيدُ المُمْتَنِعُ
الحالةُ الثانيَةُ: أنْ يكونَ توكيدُهُ مُمْتَنِعاً، وذلكَ في مَوْضِعَيْنِ:
الأوَّلُ: إذا كانَ جَواباً لقَسَمٍ ولم يَسْتَوْفِ شُروطَ وُجوبِ التوكيدِ، فيَمتنِعُ توكيدُهُ إذا فَصَلَ بينَ الفعْلِ ولامِ القَسَمِ فاصِلٌ؛ نحوُ: واللَّهِ لَسَوْفَ أبْذُلُ النصيحةَ. قالَ تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}. أوْ كَانَ الفِعْلُ للحالِ وليسَ للاستقبالِ؛ نحوُ: وَرَبِّي لأَقُومُ بوَاجِبِي الآنَ. أوْ كانَ الفعْلُ مَنْفِيًّا؛ نحوُ: ورَبِّ الكَعْبَةِ لا أنْصُرُكَ إن اعتَدَيْتَ. قالَ تعالى: {تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ}؛ لأنَّ التقديرَ: لا تَفْتَأُ، فحُذِفَ حرْفُ النفيِ.
الموضِعُ الثاني الذي يَمتنِعُ فيهِ توكيدُهُ: إذا لم يُسْبَقْ بما يَجْعَلُ تَوْكِيدَهُ جائزاً.
3- التوكيدُ الجائزُ بِكَثْرَةٍ
الحالةُ الثالثةُ: أنْ يكونَ تَوكيدُهُ جائزاً بكثرةٍ، وذلكَ إذا كانَ مَسبوقاً بـ(إن) الشرطيَّةِ الْمُدْغَمَةِ في (مَا) الزائدةِ للتوكيدِ، أوْ مَسبوقاً بأداةِ طلَبٍ تُفيدُ الأمْرَ أو النهيَ أو الاستفهامَ أوْ غيرَها.
فمِثالُ المضارِعِ المسبوقِ بـ(إمَّا): إمَّا تفْعَلَنَّ الخيرَ تَنَلْ جَزاءَهُ، والأصْلُ: إنْ تَفْعَلْ، زِيدَتْ (مَا) على (إن) الشرطيَّةِ وأُدْغِمَتْ فيها. قالَ تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ}. فـ(الواوُ): استئنافيَّةٌ، وَ(إِمَّا): إنْ: حَرْفُ شرْطٍ جازِمٌ، و(مَا): صِلَةٌ للتوكيدِ، (تَخَافَنَّ): فعْلٌ مضارِعٌ مَبنيٌّ على الفتْحِ في مَحَلِّ جَزْمٍ فعْلِ الشرْطِ، والنونُ للتوكيدِ، والفاعِلُ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ وُجوباً تقديرُهُ: (أنتَ)، وجملةُ (فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ) جوابُ الشرْطِ في مَحَلِّ جَزْمٍ.
ومِثالُ المسبوقِ بأداةٍ تُفيدُ الأمرَ: لِتَرْحَمَنَّ المسكينَ، أوْ: لِتَرْحَمْ. والنهيَ؛ نحوُ: لا تُؤَخِّرَنَّ فعلَ الخيرِ إلى غَدٍ، أوْ: لا تُؤَخِّرْ. قالَ تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الَّظالِمُونَ}. فـ (لا): ناهيَةٌ، وَ(تَحْسَبَنَّ): فعْلٌ مضارِعٌ مَبنيٌّ على الفتْحِ في مَحَلِّ جَزْمٍ، والنونُ للتوكيدِ، والفاعلُ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ. والاستفهامَ؛ نَحوُ: هلْ تَصِلَنَّ رَحِمَكَ؟ أوْ: هلْ تَصِلُ...؟
التوكيدُ الجائزُ بقِلَّةٍ
الحالةُ الرابعةُ: أنْ يكونَ توكيدُهُ جائزاً بقِلَّةٍ، وذلكَ إذا وَقَعَ المضارِعُ بعدَ (مَا) الزائدةِ التي لم تُدْغَمْ في (إن) الشرطيَّةِ؛ كقولِ العَرَبِ: (بِعَيْنٍ مَا أَرَيَنَّكَ). فـ(مَا): زائدةٌ للتوكيدِ، وَ(أَرَيَنَّ): مضارِعٌ مَبنيٌّ على الفتْحِ، والنونُ للتوكيدِ، والكافُ: مفعولٌ بهِ.
وكذا يَقِلُّ التوكيدُ إذا وَقَعَ المضارِعُ بعدَ (لَمْ)؛ نحوُ: مَنْ مَرَّتْ بهِ مَوَاسِمُ الطاعةِ ولم يَسْتَغِلَّنَّهَا فهوَ مَحرومٌ. أوْ بعدَ (لا) النافيَةِ؛ نحوُ: بادِرْ بالعمَلِ زَمَنَ الشبابِ لا يَفُوتَنَّكَ. ومنهُ قولُهُ تعالى: {لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ}. أوْ بعدَ أداةِ شَرْطٍ غيرِ (إن) الْمُدْغَمَةِ في (مَا)؛ نحوُ: مَنْ يَصِلَنَّ رَحِمَهُ يَسْعَدْ.
وإلى ما تَقَدَّمَ أشارَ بقولِهِ: (للفعلِ توكيدٌ بنُونَيْنِ.. إلخ)؛ أيْ: أنَّ الفعْلَ يُؤَكَّدُ بأحَدِ النُّونَيْنِ؛ إحَدَاهُما: مُشَدَّدَةٌ؛ نَحْوُ: (اذْهَبَنَّ)، والثانيَةُ: مُخَفَّفَةٌ؛ نحوُ: (اقْصِدَنَّهُمَا). وأفادَ بقولِهِ: (لِلْفِعْلِ)، أنَّهُ لا يُؤَكَّدُ بِهِمَا غيرُهُ. ثمَّ قالَ: (يُؤَكِّدَانِ افْعَلْ)؛ أيْ: فِعْلَ الأمرِ مُطْلَقاً بلا شرْطٍ، (ويَفْعَلْ)؛ أي: المضارِعَ. وفُهِمَ منهُ أنَّ الماضيَ لا يُؤَكَّدُ. وقولُهُ: (آتِياً)، حالٌ مِنْ ضميرِ (يَفْعَلْ).
وقدْ يُستفادُ منهُ شَرْطُ الاستقبالِ، فإنْ أُريدَ بهِ الحالُ لم يُؤَكَّدْ. (ذَا طلَبٍ): وهذا يَشْمَلُ المُضَارِعَ المقرونَ بلامِ الأمْرِ ولا الناهيَةِ وغيْرِهِما.
(أَوْ شَرْطاً امَّا تَالِيَا)؛ أيْ: أَوْ آتِياً شَرْطاً تالياً (إمَّا). (أَوْ) آتِياً (مُثْبَتاً فِي) جوابِ (قَسَمٍ مُسْتَقْبَلا). ولم يَذْكُرْ شَرْطَ الاتِّصالِ باللامِ.
(وقَلَّ) التوكيدُ (بعدَ مَا وَلَمْ) وبعدَ (لا) وبعدَ (غَيْرِ إِمَّا) الشرطيَّةِ (مِنْ طَوَالِبِ الْجَزَا)؛ أيْ: قَلَّ التوكيدُ بعدَ باقِي الأدواتِ الشرطيَّةِ التي تَطْلُبُ جزاءً. ثمَّ بَيَّنَ أنَّ آخِرَ الفعْلِ المُؤَكَّدِ يُبنَى على الفتْحِ (كابْرُزَا)، وأصْلُهُ: (ابْرُزَنْ) بنونِ التوكيدِ الخفيفةِ الْمُنْقَلِبَةِ ألِفاً لأَجْلِ الوقْفِ كما سيأتي إنْ شاءَ اللَّهُ.

طريقةُ توكيدِ الأفعالِ بالنونِ
639- وَاشْكُلْهُ قَبْلَ مُضْمَرٍ لَيْنٍ بِمَا = جَانَسَ مِنْ تَحَرُّكٍ قَدْ عُلِمَا
640- والْمُضْمَرَ احْذِفَنَّهُ إلاَّ الأَلِفْ = وَإنْ يَكُنْ فِي آخِرِ الْفِعْلِ أَلِفْ
641- فَاجْعَلْهُ مِنْهُ رَافِعاً غَيْرَ الْيَا = = وَالْوَاوِ يَاءً كَاسْعَيَنَّ سَعْيَا
642- وَاحْذِفْهُ مِنْ رَافِعِ هَاتَيْنِ وَفِي = وَاوٍ وَيَا شَكْلٌ مُجَانِسٌ قُفِي
643- نَحْوُ اخْشَيِنْ يَا هِنْدُ بِالْكسْرِ وَيَا = قَوْمُ اخْشَوُنْ وَاضْمُمْ وَقِسْ مُسَوِّيَا
إذا أُريدَ توكيدُ الفِعْلِ فلا يَخْلُو ممَّا يأتي:
1- أنْ يكونَ مُسْنَداً للواحِدِ. فإنْ كانَ صحيحاً بُنِيَ آخِرُهُ على الفتْحِ، فتقولُ في (أنتَ تَصْبِرُ): لَتَصْبِرَنَّ. وإنْ كانَ مُعْتَلاًّ بالواوِ أو الياءِ فكذلكَ، فتقولُ في (أنتَ تَدْعُو): لَتَدْعُوَنَّ، وفي (أنتَ تَقْضِي): لَتَقْضِيَنَّ. وإنْ كانَ معْتَلاًّ بالألِفِ قُلِبَتْ ياءً؛ لِتَقْبَلَ الفتحةَ، فتقولُ في (أَنْتَ تَرْضَى): لَتَرْضَيَنَّ.
2- أنْ يكونَ الفعْلُ مُسْنَداً إلى ألِفِ الاثنينِ. فإنْ كانَ صَحيحاً حُذِفَتْ نونُ الرفْعِ وأُتِيَ بنونِ التوكيدِ الثقيلةِ مَكسورةً، وحُرِّكَ ما قبلَ الألِفِ بالفتْحِ، فتقولُ في (أَنْتُمَا تَصْبِرَانِ): لَتَصْبِرَانِّ. وإنْ كانَ مُعْتَلاًّ بالواوِ أو الياءِ بَقِيَا وتَحَرَكَّا بالفتحةِ؛ لمناسَبَةِ الألِفِ، فتقولُ في (أَنْتُمَا تَدْعُوَانِ وَتَقْضِيَانِ): لَتَدْعُوَانِّ وَلَتَقْضِيَانِّ. وإنْ كانَ مُعتلاًّ بالألِفِ قُلِبَتْ ياءً مفتوحةً، فتقولُ في (أنتَ تَرْضَى): أَنْتُمَا تَرْضَيَانِ، وبعدَ توكيدِهِ: لَتَرْضَيَانِّ.
3- أنْ يكونَ مُسْنَداً إلى واوِ الجماعةِ أوْ ياءِ المخاطَبَةِ. فإنْ كانَ صحيحاً حُذِفَتْ نُونُ الرفْعِ وواوُ الجماعةِ، وحُرِّكَ ما قَبْلَها بالضَّمِّ، وحُذِفَتْ ياءُ المخاطَبَةِ وحُرِّكَ ما قَبْلَها بالكسْرِ، فتقولُ في (أنتم تَصْبِرُونَ): لَتَصْبِرُنَّ، والأصْلُ: تَصْبِرُونَنَّ. وتقولُ في (أنتِ تَصبِرِينَ): لَتَصْبِرِنَّ، والأصْلُ: تَصْبِرِينَنَّ.
وإنْ كانَ معْتَلاًّ بالألِفِ حُذفت الألِفُ وأُبْقِيَت الفتحةُ التي كانت قَبْلَها وأُبْقِيَتْ واوُ الجماعةِ مَضمومةً، وياءُ المخاطَبَةِ مَكسورةً، فتقولُ في (أَنْتُمْ تَرْضَوْنَ): لَتَرْضَوُنَّ. وفي: أَنْتِ تَرْضِينَ: لَتَرْضَيِنَّ.
وإنْ كانَ مُعْتَلاًّ بالواوِ أو الياءِ حُذِفَا معَ نونِ الرفْعِ ووَاوِ الجماعةِ وياءِ المخاطَبَةِ، وحُرِّكَ ما قَبْلَ الواوِ بالضمِّ، وما قَبْلَ الياءِ بالكسْرِ، فتقولُ في (أنتمَ تَدْعُونَ): لَتَدْعُنَّ، والأصْلُ: تَدْعُوونُنَّ. وتقولُ فِي (أنتِ تَدْعِينَ): لَتَدْعِنَّ، والأصْلُ: تَدْعُوِينَنَّ. وتقولُ في (أنتم تَقْضُونَ): لَتَقْضُنَّ، والأصْلُ: تَقْضِيُونَنَّ. وتَقُولُ في (أنتِ تَقْضِينَ): لَتَقْضِنَّ، والأصْلُ: تَقْضِيِينَنَّ.
4- أنْ يكونَ مُسْنَداً لنونِ الإناثِ، فيُبْنَى آخِرُ الفعْلِ على السكونِ، ويُؤْتَى بنونِ التوكيدِ الثقيلةِ مكسورةً، ويُزادُ ألِفٌ فارِقَةٌ بينَ نونِ الإناثِ ونونِ التوكيدِ، سَوَاءٌ كانَ الفعْلُ صَحيحاً؛ نحوُ: لَتَصْبِرْنَانِّ. أوْ مُعْتَلاًّ بالواوِ أو الياءِ؛ نحوُ: لَتَدْعُونَانِّ، وَلَتَقْضِينَانَّ. فإنْ كانَ مُعْتَلاً بالألِفِ قُلِبَتْ ياءً؛ نحوُ: لَتَرْضَيْنَانِّ.
وفي طَرِيقَةِ توكيدِ الفعْلِ يقولُ ابنُ مالِكٍ في آخِرِ البيتِ السابقِ: (وآخِرَ المُؤَكَّدِ افْتَحْ كَابْرُزَا). وهذهِ قاعدةٌ عامَّةٌ، وهيَ أنَّ آخِرَ الفعْلِ المُؤَكَّدِ يُبْنَى على الفتْحِ. ويَدْخُلُ في ذلكَ الفعْلُ المسنَدُ للواحدِ كما تَقَدَّمَ.
ثمَّ ذَكَرَ ما يُستثنَى مِنْ هذهِ القاعدةِ، وهوَ المسنَدُ إلى ألِفِ الاثنينِ أوْ واوِ الجماعةِ أوْ ياءِ المخاطَبَةِ، فقالَ: (واشْكُلْهُ)؛ أيْ: واشْكُلْ آخِرَ الفعْلِ المؤكَّدِ حالةَ كونِ الآخِرِ (قبلَ مُضْمَرٍ لَيْنٍ)؛ أيْ: ضميرٍ ذي لِينٍ، والمرادُ الألِفُ والواوُ والياءُ، (بِمَا جَانَسَ)؛ أيْ: ذلكَ المضمَرَ، (مِنْ تَحَرُّكٍ قدْ عُلِمَا)؛ أيْ: مِنْ مُتَحَرِّكٍ قدْ عُلِمَ، فَتُجانِسُ الألِفُ الفتحةَ، والواوُ الضمَّةَ، والياءُ الكسرةَ.
(والْمُضْمَرُ)؛ أي: الضميرُ المسنَدُ إليهِ الفعْلُ، وهوَ واوُ الجماعةِ وياءُ المخاطَبَةِ وألِفُ الاثنينِ، (احْذِفَنَّهُ)؛ لالتقاءِ الساكنينِ، (إلاَّ الألِفْ)؛ أيْ: ألِفَ الاثنينِ، أَبْقِهَا فلا تَحْذِفْها؛ لِخِفَّتِها، أوْ لِئَلاَّ يَلْتَبِسَ المفرَدُ بالمثنَّى. وهذا كلُّهُ في الفعْلِ إذا كانَ صحيحَ الآخِرِ. ويَدخُلُ فيهِ المعتَلُّ بالواوِ والياءِ.
فإنْ كانَ الفعْلُ مُعْتَلاًّ بالألِفِ، فقدْ بَيَّنَهُ بقولِهِ: (وَإِنْ يَكُنْ في آخِرِ الفِعْلِ أَلِفْ) كيَرْضَى (فاجْعَلْهُ منْهُ)؛ أي: اجْعَل الألِفَ مِن الفعْلِ. (رَافِعاً): حَالٌ مِن الفعْلِ؛ أيْ: حالَ كونِ الفعْلِ رافعاً (غيرَ الياءِ والواوِ)؛ أيْ: رافعاً غيرَ ياءِ المخاطَبَةِ وواوِ الجماعةِ، بأنْ رَفَعَ الاسمَ الظاهِرَ أوالضميرَ المستَتِرَ أوْ ألِفَ الاثنينِ أوْ نونَ الإناثِ؛ نحوُ: هلْ يَرْضَيَنَّ الصَّدِيقُ، أتَرْضَيَنَّ يا أخِي، أَتَرْضَيَانِّ يا أَخَوَيَّ، هلْ تَرْضَيْنَانِّ يا أَخَوَاتِي؟ وقولُهُ: (ياءً)، مفعولٌ ثانٍ لـ(اجْعَلْ)، والمعنى: اجْعَل الألِفَ الذي في آخِرِ الفعْلِ ياءً إذا كانَ الفعْلُ رَافِعاً غيرَ واوِ الجماعةِ وياءِ المخاطَبَةِ ممَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. وقولُهُ: (كاسْعَيَنَّ سَعْيَا)، مثالٌ للأمْرِ المُسْنَدِ للمخاطَبِ الواحدِ.
فإنْ كانَ الفعْلُ رافعاً واوَ الجماعةِ أوْ ياءَ المُخَاطَبَةِ فقدْ بَيَّنَهُ بقولِهِ: (وَاحْذِفْهُ)؛ أي: الألِفَ، (مِنْ رافِعِ هاتَيْنِ)؛ أيْ: مِن الفعْلِ رافعِ (هَاتَيْنِ)، وهُما واوُ الجماعةِ وياءُ المخاطَبَةِ، وتَبْقَى الفتحةُ قبلَهما دَليلاً على الألِفِ.
(وفِي واوٍ وَيَا شَكْلٌ مُجانِسٌ قُفِي): معنى (مُجَانِسٌ)؛ أيْ: مُنَاسِبٌ للضميرِ. ومعنى (قُفِي)؛ أيْ: تُبِعَ فيهِ كلامُ العرَبِ. والمعنى: أنَّ الواوَ بعدَ حذْفِ الألِفِ تُضَمُّ والياءُ تُكْسَرُ، وإنَّما حُرِّكَا ولم يُحْذَفَا؛ لأنَّ قَبْلَهما حركةً غيرَ مُجانِسَةٍ، وهيَ فتحةُ الألِفِ المحذوفةِ. وقولُهُ: (نحوُ اخْشَيِنْ يا هنْدُ بالكسْرِ)، مثالٌ للمعتَلِّ بالألِفِ المُسْنَدِ لياءِ المُخَاطَبَةِ، فتُكْسَرُ ياءُ المخاطَبَةِ بعدَ حذْفِ الألِفِ. وَ(يَا قَوْمُ اخْشَوُنْ) بحذْفِ الألِفِ، (واضمُمْ)؛ أيْ: واوَ الجماعةِ وقِسْ على ذلكَ (مُسَوِيًّا)؛ أيْ: ما لم يُذْكَرْ بما ذُكِرَ؛ لأنَّ القاعدةَ واحدةٌ.
وأمَّا ما يَتَعَلَّقُ بِنُونِ الإناثِ وهوَ الرابعُ فيما تَقَدَّمَ فسَيَذْكُرُهُ في أحكامِ نونِ التوكيدِ الخفيفةِ.

الأحكامُ الخاصَّةُ بنونِ التوكيدِ الخفيفةِ
644- وَلَمْ تَقَعْ خَفِيفَةٌ بَعْدَ الأَلِفْ = لَكِنْ شَدِيدَةٌ وَكَسْرُهَا أُلِفْ
645- وَأَلِفاً زِدْ قَبْلَهَا مُؤَكِّدَا = فِعْلاً إلَى نُونِ الإْنَاثِ أُسْنِدَا
646- وَاحْذِفْ خَفِيفَةً لِسَاكِنٍ رَدِفَ = وَبَعْدَ غَيْرِ فَتْحَةٍ إذَا تَقِفْ
647- وَارْدُدْ إذَا حَذَفْتَهَا فِي الْوَقْفِ مَا = مِنْ أَجْلِهَا فِي الْوَصْلِ كَانَ عُدِمَا
648- وَأبْدِلَنْهَا بَعْدَ فَتْحٍ ألِفَا = وَقْفاً كَمَا تَقُولُ فِي قِفاً: قِفَا

تَنْفَرِدُ نونُ التوكيدِ الخفيفةِ بأربعةِ أحكامٍ:
الأوَّلُ: أنَّها لا تَقَعُ بعدَ الألِفِ، فلا تَقولُ: اصْبِرَانْ يا مُحَمَّدَانِ، بِنُونٍ مُخَفَّفَةٍ، بلْ يَجِبُ التشديدُ فتقولُ: اصبرانِّ، بنونٍ مشدَّدَةٍ مكسورةٍ.
الثاني: أنَّها لا تُؤَكِّدُ الفعْلَ المسنَدَ إلى نونِ الإناثِ؛ لأنَّ الفعْلَ المسنَدَ إلى هذهِ النونِ يَجِبُ أنْ يُؤْتَى بعدَ فاعلِهِ بألِفٍ فاصلةٍ بينَ النُّونَيْنِ كما تَقَدَّمَ، فتقولُ: اصْبِرْنَانِّ يا هِنداتُ، بنونٍ ثَقيلةٍ مكسورةٍ. ولا تأتي الخفيفةُ؛ لأنَّها لا تَقَعُ بعدَ الألِفِ كما مَضَى.
الثالثُ: وُجوبُ حَذْفِها لَفْظاً لا خَطًّا إذا وَقَعَ بعدَها ساكِنٌ، ولم يُوقَفْ عليها. وسَبَبُ حَذْفِها التقاءُ الساكنَيْنِ؛ نحوُ: لا تَتَعَوَّدَنْ الكذِبَ، فتُحْذَفُ النونُ الخفيفةُ عندَ النُّطْقِ، وتَبْقَى الفتحةُ التي قَبْلَها دَليلاً عليها. ومنهُ قولُ الشاعرِ:
لا تُهِينَ الفقيرَ عَلَّكَ أنْ تَرْ = كَعَ يوماً والدهْرُ قدْ رَفَعَهْ
فحَذَفَ نونَ التوكيدِ في قولِهِ: (لا تُهِينَ)، وأصْلُهُ: (لا تُهِينَنْ)، فالتَقَى ساكنانِ - نونُ التوكيدِ واللامُ في (الفقيرِ) - فحُذِفَت النونُ وبَقِيَت الفتحةُ التي قَبْلَها دَليلاً على النونِ المحذوفةِ. وثُبوتُ الياءِ معَ وُجودِ الجازِمِ دليلٌ على أنَّ الفعْلَ مُؤَكَّدٌ، وإلاَّ لقِيلَ: لا تُهِنِ الفقيرَ.
الرابعُ: وُجوبُ قَلْبِها ألِفاً عندَ الوَقْفِ عليها، بشَرْطِ أنْ تكونَ بعدَ فتحةٍ؛ نحوُ: ابْتَعِدَنْ عنْ مُجَالَسَةِ الْمُغتابِ، فتقولُ في الوقْفِ: ابْتَعِداً. وإعرابُهُ: فعْلُ أمْرٍ مَبنيٌّ على الفتْحِ لاتِّصالِهِ بنُونِ التوكيدِ الخفيفةِ الْمُنْقَلِبَةِ ألِفاً للوقْفِ، والفاعِلُ (أنتَ).
فإنْ وَقَعَتْ بعدَ ضَمَّةٍ أوْ كسرةٍ حُذِفَتْ نُطْقاً لا كِتابةً، ورُدَّ ما كانَ حُذِفَ لأَجْلِها؛ لِزَوالِ عِلَّةِ الحذْفِ، وهيَ التقاءُ السَّاكنَيْنِ. تقولُ في الوَصْلِ: لا تَخَافُنْ إلاَّ ذُنُوبَكم، لا تَخَافِنْ إلاَّ ذَنْبَكِ. وتقولُ في الوقْفِ: لا تَخَافُوا، لا تَخَافِي، بِحَذْفِ نونِ التوكيدِ الخفيفةِ للوقْفِ. وتُرَدُّ واوُ الجماعةِ وياءُ المخاطَبَةِ اللَّتَيْنِ حُذِفَتَا لأَجْلِ نونِ التوكيدِ؛ للتَّخَلُّصِ مِن التقاءِ الساكنَيْنِ.
وإلى هذهِ الأحكامِ أشارَ بقولِهِ: (ولم تَقعْ خَفيفةٌ بعدَ الألِفْ.. إلخ)؛ أيْ: لا تَقَعُ نونُ التوكيدِ الخفيفةُ بعدَ الألِفِ، بلْ يَجِبُ أنْ تكونَ شَديدةً؛ أي: النونَ الثقيلةَ، وتكونُ مَبنيَّةً على الكسْرِ، وهذا الأوَّلُ.
وأشارَ إلى الثاني بقولِهِ: (وألِفاً زِدْ قَبْلَها.. إلخ)؛ أيْ: زِدْ قَبْلَها مباشرَةً ألِفاً حينَ يكونُ الفعْلُ المُؤَكَّدُ مُسْنَداً إلى نونِ الإناثِ.
وأشارَ إلى الثالثِ والرابعِ بقولِهِ: (واحْذِفْ خَفيفةً.. إلخ)؛ أي: احْذِفْ نونَ التوكيدِ الخفيفةَ إذا رَدِفَها ساكِنٌ؛ أيْ: وَلِيَها ووَقَعَ بعدَها. وكذا احْذِفْها إذا وَقَعَتْ عندَ الوقوفِ عليها بعدَ غيرِ الفتحةِ، والمرادُ: الضمَّةُ والكسرةُ.
ثمَّ بَيَّنَ أنَّكَ إذا وَقَفْتَ وَجَبَ أنْ تَرُدَّ إلى الفعْلِ ما عُدِمَ منهُ (أيْ ما حُذِفَ منْهُ) في حالةِ الوصْلِ بسَبَبِها. ثمَّ بَيَّنَ أنَّها إذا وُقِفَ عليها بعدَ حَرْفٍ مفتوحٍ وجَبَ قَلْبُها ألِفاً. وساقَ لذلكَ مِثالاً وهوَ (قِفَنْ)؛ حيثُ وَقَعَت النونُ بعدَ فتحةٍ فعندَ الوَقْفِ يُقالُ: قِفاً.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
التوكيد, نونا

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:35 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir