14- بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى:
{أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا ولا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ}
[الأَعْرَاف:191،192]
وَقَوْلِهِ:
{وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ (13) إن تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا استَجَابُوا لَكُمْ وَيَومَ القِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِركِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِير}[فَاطِر:13،14].
وَفِي (الصَّحِيحِ) عَنْ أَنَسٍ قَالَ: (شُجَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، فَقَالَ: ((كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ شَجُّوا نَبِيَّهُمْ؟)) فَنَزَلَتْ:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ}[آل عِمْرَان:28].
وَفِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: ((أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ فِي الرَّكْعَةِ الأَخِيرَةِ مِنَ الْفَجْرِ: ((اللهُمَّ الْعَنْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا))، بَعْدَ مَا يَقُولُ:((سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ))؛ فَأَنْزَلَ اللهُ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ}[آل عِمْرَان:28])).
وَفِي رِوَايَةٍ: ((يَدْعُو عَلَىصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، وَسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَالْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، فَنَزَلَتْ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ}[آل عِمْرَان:28])).
وَفِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: ((قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أُنْزِلَ عَلَيهِ: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}[الشُّعَرَاء:214] فَقَالَ:((يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ؛ لاَ أُغْنِي عَنكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا، يَاعَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ لاَ أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا، يَا صَفِيَّةُ -عَمَّةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم- لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، سَلِينِي مِنْ مَالِي مَا شِئْتِ، لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا)).
فِيهِ مَسَائِلُ:
الأُولَى:
تَفْسِيرُ الآيَتَيْنِ.
الثَّانِيَةُ:
قِصَّةُ أُحُدٍ.
الثَّالِثَةُ:
قُنُوتُ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَخَلْفَهُ سَادَاتُ الأَوْلِيَاءِ يُؤَمِّنُونَ فِي الصَّلاَةِ.
الرَّابِعَةُ:
أَنَّ الْمَدْعُوَّ عَلَيْهِمْ كُفَّارٌ.
الْخَامِسَةُ:
أَنَّهُمْ فَعَلُوا أَشْيَاءَ مَا فَعَلَهَا غَالِبُ الْكُفَّارِ، مِنْهَا: شَجُّهُمْ نَبِيَّهُمْ، وَحِرْصُهُمْ عَلَى قَتْلِهِ، وَمِنْهَا: التَّمْثِيلُ بِالْقَتْلَى مَعَ أَنَّهُمْ بَنُو عَمِّهِمْ.
السَّادِسَةُ:
أَنْزَلَ اللهُ عَلَيْهِ فِي ذَلِك
َ {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ}.
السَّابِعَةُ:
قَوْلُهُ: {أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ} فَتَابَ عَلَيْهِمْ فَآمَنُوا.
الثَّامِنَةُ:
الْقُنُوتُ فِي النَّوَازِلِ.
التَّاسِعَةُ:
تَسْمِيَةُ الْمَدْعُوِّ عَلَيْهِمْ فِي الصَّلاَةِ بَأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ.
الْعَاشِرَةُ:
لَعْنُ الْمُعَيَّنِ فِي الْقُنُوتِ.
الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ:
قِصَّتُهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}
.
الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ:
جِدُّهُ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الأَمْرِ بِحَيْثُ فَعَلَ مَا نُسِبَ بِسَبَبِهِ إِلَى الْجُنُونِ وَكَذَا لَوْ فَعَلَهُ مُسْلِمٌ الآنَ.
الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ:
قَوْلُهُ لِلأَبْعَدِ وَالأَقْرَبِ: ((لاَ أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا))، حَتَّى قَالَ: ((يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ.. لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا))
فَإِذَا صَرَّحَ وَهُوَ سَيِّدُ الْمُرْسَلِينَ بِأَنَّهُ لاَ يُغْنِي شَيْئًا عَنْ سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، وَآمَنَ الإِنْسَانُ بِأَنَّهُ لاَ يَقُولُ إِلاَّ الْحَقَّ، ثُمَّ نَظَرَ فِيمَا وَقَعَ فِي قُلُوبِ خَوَاصِّ النَّاسِ الْيَوْمَ، تَبَيَّنَ لَهُ تَرْكُ التَّوْحِيدِ وَغُرْبَةُ الدِّينِ.