دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى الثامن

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #4  
قديم 17 ربيع الثاني 1441هـ/14-12-2019م, 10:37 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كوثر التايه مشاهدة المشاركة
فهرسة مسائل المجلس الأول في مذاكرة مقدمة التحرير والتنوير
للأمام العلامة الطاهر ابن عاشور- رحمه الله-

التمهيد:
فضل القرآن الكريم وحفظه:
-أنزله قانوناً عاماً معصوماً
-مهيمناً على ما سبقه من الكتب.
-موافقاً للعقل السليم والرأي السديد.
-جمع مصالح الدنيا والدين.
-أعجز به المؤمن والجاحد وشهد له له الراغب والمختار والحاسد
-أصبح به النبي صلى الله عليه وسلم سيد الحكماء المربين وبه شرح صدره
-قيض له صحابة النبي صلى الله عليه وسلم الأشداء الرحماء، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
سبب تألف ابن عاشور لتفسيره:
[هنا خلطتِ منهجه في التأليف بسبب التأليف]
-أمنية منه –رحمه الله- ورغبة في إبداء ما فيه من نكت ومحاسن ومصالح، وأن يعمد إلى ما أشاده الأقدمون ويهذبه ويزيده، لا ينقضه ويبيده.
-أن يقف موقف الحكم بين طوائف المفسرين وهم أحد رجلين:
*رجل معتكف على ما شاد الأقدمون
*رجل آخذ بمعوله في هدم ما مضت عليه القرون.
-تمييز ما يفتح الله عليه من فهم في معان القرآن.
-تخصيص البلاغة وبيان وجوه الاإعجاز ونكت البلاغة العربية.
-الاهتمام بتناسب الآي، وقد اعتنى به الرازي والبقاعي في نظم الدررولم يأتيا بما فيه مقنع.
-الاهتمام بتبين معاني المفرادات وضبطها.
-البحث في اتناسب السور
-أهم التفاسير عند ابن عاشور كما ذكرها:
-تفسير الكشاف للزمخشري.
-المحرر الوجيز لابن عطية.
-مفاتيح الغيب للرازي.
-تفسير البيضاوي الملخص من الكشاف ومن مفاتيح الغيب.
-ما كتبه الخافجي على تفسير البيضاوي.
-تفسير الآلوسي.
-ما كتبه الطيبي والقزويني والطقب التفتزاني على – الكشاف.
-تفسير أبو السعود.
-تفسير القرطبي.
-الموجود من تفسير من تفسير الشيخ محمد بن عرفة التونسي، من تقييد تلميذه.
-تفاسير الأحكام.
-تفسير الطبري.
-كتاب درة التنزيل المنسوب للفخؤ الرازي أو الراغب الأصفهاني.
اسم تفسير ابن عاشور:
-سماه: " تحرير المعنى السديد، وتنوير العقل الجديد، من تفسير الكتاب المجيد".
-اختصره:" التحرير والتنوير".
المقدمة الأولى:
في التفسير والتأويل وكون التفسير علماً
معنى التفسير لغة:
التفسير لغة: مصدر فسر بيتشديد السين، الذي هو مضاعف فسر بالتخفيف، وكلاهما فعل متعد، وهو الإبانة والكشف لدلول كلام أو لفظ بكلام آخر.
معنى التفسير اصطلاحاً:
اسم للعلم الباحث عن بيان معاني ألفاظ القرآن وما يستفاد منها باختصار أو توسع، والمناسبة بينهما.
موضوع علم التفسير:
ألفاظ القرآن من حيث البحث عن معانيه، وما يستنبط منه
العلم إذا أُطلق فهو:
العلم إذا اُطلق فهو إما:
1- إما التصور أو التصديق كما هو عند أهل المنطق.
2-يراد به الملكة المسماة بالعقل.
3-التصديق الجازم مقابل الجهل.
4-مسائل ضُبطت ضبطاً خاصاً، وهي مطلوبات خبرية يبرهن عليها في ذلك العلم قضايا كلية.
مباحث علم التفسير:
[وفي هذا بيان للمآخذ على عد علم التفسير من العلوم]
هي تصورات جزئية غالباً وليست بقضايا كلية يبرهن عليها، لأن تفسير الألفاظ، فهو من قبيل التعريف اللفظي، وأما الاستنباط فمن دلالة الالتزام وليس ذلك من القضية.
لماذا عدوا التفسير علماً:
1-لكون مباحثه تؤدي إلى استنباط علوم كثيرة وقواعد كلية.
2-العلم ما كان مباحثها مفيدة كمالاً علميا وفيه إفادة.
3-التعاريف اللفظية تصديقات على رأي بعض المحققين فهي تؤول إلى قضايا.
4-إن علم التفسير لا يخلو من قواعد كلية.
5-أن حق التفسير أن يشتمل على بيان أصول التشريع وكلياته.
6-أن التفسير كان أول ما اشتغل به علماء الإسلام قبل الاشتغال بتدوين بقية العلوم، وهذا هو الفصل.
عد العلماء المتقدمين التفسير علماً:
1-عده الغزالي من أصول العلم الشرعية وأولها.
2-عده البيضاوي أنه رأس العلوم الإسلامية.
3-إن اعتبرنا ما فيه من بيان مكي ومدني، وناسخ ومنسوخ، ومن قواعد الااستنباط التي تذكر في علم أصول الفقه، ووغيرها فهو من متممات العلوم كما ذكر الغزالي.
فضل علم التفسير:
1-التفسير أول العلوم الإسلامية ظهوراً.
2-اشتهر علم التفسير في زمن الصحابة وكان من أعلامه علي وابن عباس رضي الله عنهما، في التابعين مثل مجاهد وسعيد ابن جبير، وزادت الحاجة خاصة مع دخول غير العرب في الإسلام.
أول تصنيف في التفسير:
أو من صنف فيه عبدالملك بن جريج المكي ت: 149ه، جمع آثاراً وغيرها، وروى عن أصحاب ابن عباس.
تفاسير منسوبة لابن عباس:
صُنفت تفاسير نُسبت لابن عباس ومنها:
-الصحيح المقبول كرواية علي بن أبي طلحة واعتمدها البخاري في صحيحه معلقة، وهناك رواية مقاتل ورواية الضحاك.
-ومنها المردود الذي لا يثبت مثل الرواية من طريق محمد بن السائب الكلب عن أبي صالح عن ابن عباس، أبو صالح مُتهم بالكذب.
وكذلك رواية محمد بن مروان السدي عن الكلبي.
-الرواية عن ابن عباس اتخذها الوضاعون والمدلسون ملجأ لتصحيح ما يروونه.
تفاسير منسوبة لابن عباس:
-وأكثر ما نُسب ‘لى علي رضي الله عنه من الموضوعات، إلا ما روي بسند صحيح في البخاري.
-لعلي رضي الله عنه أفهاماً في القرآن.
مسالك التفسير في كتب المفسرين:
-مسلك النقل وما يؤثر عن السلف، وأول من صنف فيه مالك ابن أنس في الموطأ، و الداودي تلميذ السيوطي، واشتهر به الإمام الطبري.
-مسلك النظر: كأبي اسحاق الزجاج وأبي علي الفارسي.
- شغف كثير بنقل القصص عن الإسرائيليات فكثرت الموضوعات
-من علماء النظر اللذان غاصا على معاني الآيات، وشواهدها من كلام العرب وذكر كلام المفسرين، الإمامان الجليلان ابن عطية بالمغرب وكتابه المحرر الوجيز وغلب عليه منحى الشريعة، والإمام الزمخشري في المشرف وكتابه الكشاف بالبلاغة العربية أخص.
الفرق بين التفسير والتأويل:
1-أن التفسير مساو للتأويل، ودليله دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس: ( اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل)، أي: فهم معاني القرآن، وإليه ذهب ثعلب وابن الأعرابي وأبو عبيدة، وهو ظاهر كلام الراغب، وتشهد له اللغة والآثار، فالغاية المقصودة من اللفظ معناه وهو ما أراده المتكلم به من المعاني فساوى التفسير.
2-أن التفسير للمعنى الظاهر والتأويل للمتشابه.
3-التأويل صرف اللفظ عن ظاهر معناه إلى معنى آخر محتمل لدليل.
المقدمة الثانية:
في استمداد علم التفسير:
معنى استمداد علبم التفسير:
هو توقفه على معلومات سابق وجودها على وجود ذلك العلم عند مدونيه، فقرنوا الفعل بحرفي الطلب، وليس كل ما يذكر في العلم معدودا من مدده، بل مدده ما يتوقف عليه تقومه.
ومع هذا فإن بعض المفسرين لهم توسع متفاوت واستطرادات في غير ما يُعد من مدد التفسير كما عن الفخر الرازي.
استمداد علم التفسير:
1-العربية : وهي معرفة مقاصد العرب من كلامهم وأدب لغتهم سواء حصلت تلك المعرفة بالسجية أو السليقة.
وممارسة استعمال أساليب العرب وكلامهم يحصل بها للمولد ذوق يقوم عنده مقام السليقة والسجية عند العربي القح، ويكون ذلك بتتبع استعمال البلغاء والتدبر في الكلام المقطوع ببلوغه غاية البلاغة.
-والذوق: كيفية للنفس تدرك بها الخواص ومزايا التي للكلام البليغ.
-قواعد العربية مجموع علوم اللسان العربي وهي: متن اللغة، والتصريفـ والنحو، والمعاني، والبيان، واستعمال العرب المتبع من أساليبهم في خطبهم وأشعارهم وتراكيب بلغائهم، ويدخل في مادة الاستعمال العربي ما يؤثر عن بعض السلف في فهم معاني بعض الآيات على قوانين استعمالها.
[استعمال العرب خارج عن قواعد العربية، كأنه لديك قسمان: 1. القواعد، 2. استعمال العرب]
-ويرجع الاهتمام باللغة العربية لأن القرآن نزل بلسانها.
-ولعلمي البيان والمعاني مزيد اختصاص بعلم التفسيرلما فيه من بيان الإعجاز وتفاصيل المعاني.
-وللشعر أهمية في التفسير، ومن ذلك:
*لا يستغني المفسر عنه في بيان خفاء المعنى.
*يفيد فيي ترجيح أحد الاحتمالات في التفسير على الآخر.
-وذُكر أن الإمام أحمد كره استعمال الشعر في التفسير، وإن ثبت فلعله يريد كراهة أن يذكر لإثبات صحة ألفاظ القرآن كما يقع عند الملاحدة.
2-الآثار: وهي :
-ما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم من بيان المراد من بعض القرآن في مواضع الإشكال والإجمال، وذلك شيء قليل،كما رُوي عن عائشة رضي الله عنها:"ما كان رسول الله يفسر من القرآن إلا آيات معدودات علمه إياهن جبريل"، وفي هذا يقول ابن عطية:" معناه في مغيبات القرآن وتفسير مجمله مما لا سبيل إليه إلا بتوقيف"..
قال ابن عاشور: أو كان تفسير لا توقيف فيه، كما بين لعدي بن حاتم أن الخيط الأبيض والخيط الأسود هما سواد الليل وبياض النهار
-وما نقل عن الصحابة الذين شاهدوا الوحي ونقلوه عن الرسول صلى الله عليه وسلم من بيان سبب النزول، وناسخ ومنسوخ، وتفسير مبهم، وتوضيح واقعة دون الرأي.
- -إجماع الأمة على تفسير معنى، إذ لا يكون إلا عن مستند , مثال: إجماعهم على أن المراد من الأخت في آية الكلالة الأولى هي الأخت للأم، والمعلومات بالضرورة كلها ككون الصلاة مراد منها الهيئة المخصوصة دون الدعاء.
3-القراءات: ذكر القراءة كذكر الشاهد من كلام العرب، فلا يحتاج إليها إلا في حين الاستدلال باقلراءة على تفسير غيرها، وترجيح أحد المعاني القائمة من الآية، أو لاستظهار على المعنى.
فالقراءة المشهورة حجة لغوية، وإن كانت شاذة فحجتها من حيث أن قارئها ما قرأ يها إلا استناداً لاستعمال عربي صحيح، لا من حيث الرواية.
4-أخبار العرب: وهي وإن كانت من جملة أدب العرب إلا أن تخصيصها بالذكر تنبيها لمن يتوهم أن الاشتغال بها من اللغو، فهي يستعان بها على فهم ما أوجزه القرآن، لأن سوقها في القرآن إنما يذكر القصص والأخبار للموعظة والاعتبار.
5-أصول الفقه: وهو آلة المفسر لا ستنباط المعاني الشرعية من الآيات القرآنية، وتحصل أن بعضه يكون مادة التفسير من جهتين:
*علم أصول الفقه قد أودعت فيه مسائل كثيرة هي من طرق استعمال العرب، ووفهم موارد اللغة.
*أن علم الأصول يضبط قواعد الاستنباط.
6-علم الكلام: عده الآلوسي أخذاً عن السكاكس أنه في جملة ما يتوقف عليه علم التفسير، ويرى ابن عاشور أنه لا أثر له في التفسير، وأن ما يتوسع فيه المفسر لا يصير مادة للتفسير.
أما علم الفقه فلم يعده ابن عاشور مادة للتفسير كنا فعل السيوطي لأن الفقه متأخر عن التفسير وفرع منه.
التمييز بين التفسير ومدده:
-لا يعد من علم التفسير والآثار المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير آيات، ولا ما يروى عن الصحابة في ذلك، لأن ذلك من التفسير لا من مدده.
-لا يعد من استمداد التفسير ما في بعض أي القرآن من معنى يفسر بعضاً آخر منها، لأن ذلك من قبيل حمل بعض الكلام على بعض، كتخصيص العموم وتقييد المطلق وبيان المجمل وتأويل الظاهر ودلالة الاقتضاء، وفحوى الخطاب ولحن الخطاب، ومفهوم المخالفة.
التفسير هو رأس العلوم:
اعلم أن استمداد علم التفسير، من هذه المواد لا ينافي كونه رأس العلوم الإسلامية، وأما استمداده من بعض العلوم الإسلامية، فذلك استمداد لقصد تفصيل التفسير على وجه أم من الإجمال، وهو أضل لما استمد منه.
رد ابن عاشور على ابن هشام:
ذكر ابن هشام في مغني اللبيب، في حرف "لا" عن أبي علي الفارسي أن القرآن كله كالسورة الواحدو، ولهذا يذكر الشيء في سورة وجوابة في سورة أخرى.
وقال ابن عاشور: هذا كلام لا يحسم إطلاقه،لأن القرآن قد يحمل بعض آياته على بعض، وقد يستقل بعضها عن بعض، إذ ليس يتعين أن يكون المعنى المقصود في بعض الآيات مقصوداً في جميع نظائرها، بله ما يقارب غرضها.
المقدمة الثالثة:
في صحة التفسير بغير المأثور ومكعنى التفسير بالرأي ونحوه:
التناسب بين التفسير بالرأي وقوله صلى الله عليه وسلم: " من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ":
-ما اتسعت التفاسير وتنفننت مستنبطات معاني القرآن إلا بما رزقه الذين أوتوا العلم من فهم في كتاب الله، وهذا مصداق قول العلماء " إن القرآن لا تنقضي عجائبه".
-لو كان التفسير مقصوراً على بيان معاني مفردات القرآن من جهة العربية لكان التفسير نزراً، وهذا مشاهد في كثرة أقوال السلف من الصحابة فمن يليهم، قال الغزالي والقرطبي: لا يصح أن يكون كل ما قاله الصحابة في التفسير مسموعا من النبي صلى الله عليه وسلم لوجهين:
1-أنه لم يثبت التفسير عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا في آيات قليلة.
2-أنهم اختلفوا في التفسير على وجوه مختلفة لا يمكن الجمع بينها، وسماعها كلها من النبي صلى الله عليه وسلم محال.
-ما جاء في البخاري: عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قال: قُلْتُ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: هَلْ عِنْدَكُمْ كِتَابٌ؟
قال: «لاَ، إِلَّا كِتَابُ اللَّهِ، أَوْ فَهْمٌ أُعْطِيَهُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ.."ِ».
-استنباطات الأحكام التشريعية من القرآن في خلال القرون الثلاثة الأولى وهي من قبيل التفسير.
الجواب عن الشبهة التي نشأتن من الآثار المروية في التحذير من تفسير القرآن بالرأي فمرجعه إلى أحد خمسة وجوه:
1-أن المراد بالرأي هو القول عن مجرد خاطر دون استناد إلى نظر في أدلة العربية ومقاصد الشريعة وتصاريفها، وما لا بد منه من معرفة الناسخ والمنسوخ وسبب النزول.
2-أن لا يتدبر القرآن حق تدبره فيفسره بما يخطر له من بادئ الرأي دون إحاطة بجوانب الآية ومواد التفسير مقتصراً على بعض الأدلة دون بعض.
3-أن يكون له ميل إلى نزعة أو مذهب أو نحلة فيتأول القرآن على وفق رأيه ويصرفه عن المراد.
4-أن يفسر القرآن برأي مستند إلى ما يقتضيه اللفظ ثم يزعم أن ذلك هو المراد دون غيره لما في ذلك من التضييق على المتأولين.
5-أن يكون القصد من التحذير أخذ الحيطة في التدبر والتأويل ونبذ التسرع إلى ذلك.
موقف صنفان من العلماء وتوجيه القول فيه:
-الصنف الأول: اشتد الغلو في الوةرع ببعضهم كالأصمعي كان لا يفسر كلمة من العربية كانت واقعة في القرآن.
والتوجيه: أن هذا ضرب من الزرع، والحق أن الله تعالى ما كلفنا في غير أصول الاعتقاد بأكثر من حصول الظن المستند إلى الأدلة، والأدلة متنوعة على حسب أنواع المستند فيه، وأدلة فهم الكلام معروفة وقد تم بيانها.
-الصنف الثاني: جمدوا على القول بأن تفسير القرآن يجب أن لا يعدو ما هو مأثور، ولم يضبطوا مرادهم من المأثور عمن يؤثر.
التوجيه: فإن التزموا تفسير الرسول صلى الله عليه وسلم للقرآن فقط فقد ضيقوا سعة معاني القرآن، وناقضوا أنفسهم فيما دونوه من التفاسير، وغلطوا سلفهم فيما تأولوه، فلا ملجأ لهم من الاعتراف بأن أئمة المسلمين من الصحابة فمن بعدهم لم يقصروا أنفسهم على ما بلغهم من تفسير النبي صلى الله عليه وسلم.
وإن أرادوا بالمأثور ما كان مرويا قبل تفسير الأول مثل ما يروى عن أصحاب ابن عباس وابن مسعود، فقد أخذوا يفتحون الباب من شقه، إذ لا محيص لهم من الاعتراف بأن التابعين لهم أقوال في معاني القرآن، وهي ثابتى في تفسير الطبري، ولا يلب في كل آية أن يختار ويرجح بشواهد من كلام العرب.
أقسام المفسرين بالمأثور:
1-قسم التزموا على ما روي عن الصحابة والتابعين كتفسير ابن أبي حاتم، والطبري، ,غن كان لو ترجيحات واستشهاد بكلام العرب.
2- قسم لم يحبسوا أنفسهم في تفسير القرآن على ما هو مأثور كالفراء وأبي عبيدة من الأولين، والزجاج والرماني ممن بعدهم، ثم الذين سلكوا طريقهم مثل الزمخشري وابن عطية، فلله درهم.
طوائف صرفت تفسير القرآن إلى هواها ولم تلتزم منهج المحققين:
1-الباطنية- غلاة الشيعة-، ويُعرفون عند المؤرخين بالإسماعيلية لأنهم ينسبون مذهبهم إلى جعفر بن إسماعيل الصادق، ويعتقدون عصمته وإمامته:
-لقبوا بالباطنية من الباطن حيث صرفوا اللفظ عن ظاهره وفسروا القرآن بما يوافق الهوى.
-زعموا أن القرآن إنما نزل متضمنً لكنايات ورموز وأغراض لمعان خفية في صورة ألفاظ تفيد معاني ظاهرة ليشتغل بها عامة المسلمين، وذلك للفرار من أدلة القرآن والسنة ومحاجتهم بها.
-زعموا أنهم الحكماء وأن مذهبهم قائم على قواعد الحكمة الإشراقية، ومذهب التناسخ، ومن طقوس اليهودية والنصرانية، وبعض طراشق الفلسفة ودين زرادشت.
-عندهم أن الله يحل في كل رسول وإمام وفي الماكن المقدسة، وأنه يشبه الخلق تعالى وتقدس.
-من تكلفهم في التفسير في قوله تعالى: " وإن منكم إلا وارها"، أي: لا يصل أحد إلى الله إلا بعد جوازه على الأراء الفاسدة إما في صباه أو بعد ذلك.
-موقف العلماء في الرد عليهم:
رد عليهم الغزالي في كتابه "المستظهري"، وقال: إذا قلنا بالباطن فالباطن لا ضبط له، بل تتعارض فيه الخواطر، فيمكن تنزيل الآية على وجوه شتى، والذي يتخذونه حجة لهم يمكن أن ينقلب عليهم
-المعنى الظاهرلا يمكن الاختلاف فيه لا ستناده للغة الموضوعة من قبل.
بين ابن العربي في كتابه " العواصم" شيئا من فضائح مذهبهم.
2-الصوفية: [التفسير الإشاري كما يرد عن بعض الصوفية] هم من أهل الاشارات في بعض معان لا تجري على ألفاظ القرآن، ولكن بتأويل ونحوه، فهم لا يعنون أنها تفسير للقرآن إنما يعنون تصلح للتمثل بها في غرض المتكلم فيه، فهم سموها إشارات لا معاني وبذلك فارقوا الباطنية.
موقف العلماء من الصوفية:
منهم من يراها مقبولة كما هو رأي الغزالي في الإحياء.
منهم من ردها كابن العربي في العواصم، وأبطل أن يكون للقرآن باطنا غير الظاهر.
ويرى المصنف أن هذه الإشارات لا تعدو واحداً من ثلاثة أنحاء:
1-ما كان يجري فيه معنى الآية مجرى التمثيل لحال شبيه بذلك المعنى، وذكر الآية عند تلك الحالة كالنطق بلفظ المثل.
2-ما كان من نحو التفاؤل فقد يكون للكلمة معنى يسبق من صورتها إلى السمع هو غير معناها المراد وذلك من باب انصراف ذهن السامع إلى ما هو المهم عنده، فهذا يأخذ صدى موقع الكلام في السمع ويتأوله على ما شغل به قلبه.
3-عبر ومواعظ وشأن أهل النفوس اليقظى أن ينتفعوا من كل شيء ويأخذوا الحكمة حيث وجدوها.
وكل إشارة خرجت عن حد هذه الثلاثة الأحوال ما عداها فهي تقترب إلى قول الباطنية رويداً رويداً إلى أن تبلغ عين مقالاتهم.
تنبيه:
-ليس من الإشارة ما يعرف في الأصول بدلالة الإشارة، وفحوى الخطاب، وفهم الاستغراق من لام التعريف في المقام الخطابي، ودلالة التضمن والالتزام.
-وما أخذ العلماء من تنبيهات القرآن استدلالا لمشروعية أشياء، كاستدلالهم على مشروعية الوكالة من قوله تعالى: " فايعقوا أحدكم بورقكم هذه".
فجميع ما تقدم مما قامت فيه الدلالة العرفية مقام الوضعية واتحدت في إدراكه أفهام أهل العربية فكان من المدلولات التبعية.

المقدمة الرابعة:
فيما يحق أن يكون غرض المفسر:
المقصد الأعلى من إنزال القرآن:
-أنزل الله تعالى القرآن الكريم لصلاح أمر الناس وبيان مراد الله، فالمقصد الأعلى منه صلاح الأحوال الفردية والجماعية والعمرانية.
الصلاح الفردي:
هو تهذيب النفس وتزكيتها ورأس الأمر صلاح الاعتقاد، ثم صلاح السريرة بالعبادات الظاهرة والباطنة.
الصلاح الجماعي:
أوله الصلاح الفردي إذ الأفراد أجزاء المجتمع، ومن شيء زائد على ذلك وهو ضبط تصرف الناس مع بعضهم.
الصلاح العمراني:
هو حفظ نظام العالم الإسلامي وضبط تصرفات الأقاليم.
الحكمة لاختيار اللسان العربي للوحي:
1-كون العرب هم المتلقين للشرع وإبلاغ مراده، ولتصفية نفوسهم حيث اختارهم الله لتلقي الشريعة وبثها.
2-كون لسانهم أفصح الألسن وأسهلها انتشاراً، وأكثرها تحملاً للمعاني مع إيجاز لفظه.
لأن الأمة المتلقية له أمة سلمت من أفن الرأي عند المجادلة، ولم تقعد بها عن النهوض أغلال التكالب على الرفاهية ، ولا عن تلقي الكمال الحقيقي.
المقاصد الأصيلة التي جاء بها القرآن:
1-إصلاح الاعتقاد وتعليم العقد الصحيح.
2-تهذيب الأخلاق
3-التشريع وهو الأحكام خاصة وعامة.
4-سياسة الأمة وحفظ نظامها.
5-القص وأخبار الأمم السابقة للتأسي بأحوالهم.
6-التعليم بما يناسب حالة عصر المخاطبين، وما يؤهلهم لتلقي الشريعة ونشرها.
7-المواعظ والإنذار والتحذير والتبشير.
8-الإعجاز بالقرآن ليكون آية دالة على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم.
غرض المفسر:
بيان ما يصل إليه أو ما يقصده من مراد الله تعالى في كتابه بأتم بيان يحتمله المعنى ولا يأباه اللفظ من كل ما يوضح المراد من مقاصد القرآن، أو ما يتوقف عليه فهمه أكمل فهم، أو يخدم المقصد تفصيلاً وتفريعاً، مع إقامة الحجة.
طرائق المفسرين للقرآن:
1-الاقتصار على الظاهر من المعنى الأصلي للتركيب مع بيانه وإيضاحه وهذا هو الأصل.
2-قسم منهم فرعوا وفصلوا في الأحكام، وخصوها بالتآليف الواسعة، وكذلك تفاريع الخلاق والآداب التي أكثرمنها الغزالي في الإحياء. [استنباط المعاني من وراء اللفظ الظاهر، مثلا فحوى الخطاب]
3-تجلب مسائل علمية من علوم لها مناسبة بمقصد الآيى، إما على أن يومئ إليه معنى الآية ولو بتلويح.
وشرط كون ذلك مقبولاً أن يسلك فيه مسلك الإيجاز، فلا يجلب إلا الخلاصة من ذلك العلم ولا يصير الاستطراد كالغرض المقصود.
والعلماء على الطريقة الثالثة على قسمين:
الأولى: يرون من الحسن التوفيق بين العلوم غير الدينية وآلاتها وبين المعاني القرآنية، ويرون أن القرآن مشيراً إلى كثير منها.
موقف الإمام الشاطبي في طريق بعض المفسرين في الخروج عما يصلح له اللفظ العربي:
يرى الإمام الشاطبي أنه لا يصح في مسلك الفهم والإفهام إلا ما يكون عاما لجميع العرب، فلا يتكلف فيه فوق ما يقدرون عليه، وحجته في ذلك:
-ما تقرر من أمية الشريعة وأنها جارية على مذاهبهم.
-تجاوز الدعوى على القرآن ةإضافة علوم لا تعرفها العرب لم يصح عند السلف الصالح الأعلم بالقرآن.
-ما تضمن القرآن من علوم هي من علوم العرب ومعهودها.
رد ابن عاشور على الشاطبي:
1-ما بناه الشاطبي يقتضي أن القرآ، لم يقصد منه انتقال العرب من حال إلى حال وهذا باطل.
2-أن مقاصد القرآن راجعة إلى عموم الدعوة وهو معجزة باقية فلا بد أن يكون فيه ما يصلح لأنه تتناوله فهوم الناس في الأزمنة والأمكنة.
3-أن السلف قالوا أن القرآ، لا تنقضي عجائبه يعنون معانيه، ولو كان كما قال الشاطبي لانقضت عجائبه بانحصار أنواع معانيه.
4-أن من تمام إعجازه أن يتضمن من المعاني مع إيجاز لفظه ما لم تف به الأسفار المتكاثرة.
5-أن مقدار أفهام المخاطبي به ابتداء لا يقضي إلا أن يكون المعنى الأصلي مفهوما لديهم، فأما ما زاد على المعاني الأساسية فقد يتهيأ لفهمه أقوام، وتحجب عنه أقوام.
6-أن عدم تكلف السلف عليها إن كان فيما ليس راجعاً إلى مقاصده، فنحن نساعد عليه، وإن كان فيما يرجع إليها فلا نسلم وقوفهم عند ظواهر الآيات بل قد بينوا وفصلوا وفرعوا في علوم عنوا بها.
موقف ابن العربي والتوفيق بين العلوم الفلسفية والمعاني القرآنية:
أنكر ابن العربي التوفيق بين العلوم الفلسفية والمعاني القرآنية، ولم يتكلم عن غير هاته العلوم.
رأي ابن عاشور في علاقة العلوم بالقرآن:
1-علوم تضمنها القرآن كأخبار الأنبياء والأمم وتهذيب الأخلاق والفقه والتشريع والاعتقاد والأصول والعربية والبلاغة.
2-علوم تزيد المفسر علماً كالحكمة والهيأة وخواص المخلوقات.
3-علوم أشار إليها أو جاءت مؤيدة له كعلم طبقات الأرض والطب والمنطق.
4-علوم لا علاقة لها به إما لبطلانها الزجر والعيافة والميثولوجيا، وإما لأنها لا تعين على خدمته كعلم العروض والقوافي.
المقدمة الخامسة:
في أسباب النزول:
تعريف أسباب النزول:
هي حوادث يروى أن آيات من القرآن نزلت لأجلها لبيان حكمها أو لحكايتها أو إنكارها أو نحو ذلك
التوسع والإفراط في مسألة اسباب النزول
-أولع كثير من المفسرين بتطلب أسباب النزول ، وأغربوا في ذلك وأكثروا.
-نتيجة الإفراط بالبعض في أسباب النزول كاد أن يوهم الناس بأن جميع القرآن نزل بسبب
-تفاقم أمر أسباب نزول القرآن وأصبح دائراً بين القصد والإسراف.
-كان في غض الطرف عنه وإرسال حبله على غاربه خطر عظيم على فهم القرآن.
-تلقف أساطين المفسرين الروايات الضعيفة وأثبتوها في كتبهم ولم ينتبهوا لمراتبها قوة وضعفا.
-محاولة بعض الرواة تعيين مراد تخصيص عام أو تقييد مطلق أو إلجاء إلى محمل فتح الباب لدخول روايات ضعيفة، ووقفت عرضة أمام معاني التفسير.
قواعد في أسباب النزول:
1-أسباب نزول القرآن توقيفية ، ولا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل.
2-العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب
3-معظم القرآن نزل ابتدائيا وليس لسبب.
أهمية معرفة أسباب النزول
-من أسباب النزول ما لاغنى للمفسر عنه، لأن فيه بيان مجمل أو أيضاح خفي وموجز.
-من أسباب النزول ما يدل المفسر على طلب الأدلة التي بها تأويل الآية كم في وقله تعالى: " لا يحسبن الذين يفروحون بما أوتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا".
-من أسباب النزول ما ينبه المفسر إلى إدراك خصوصيات بلاغية تتبع مقتضى المقامات وتصويره، وبيان إعجازه.
-ومنها ما تُذكر مثلاً لما يساويها في مدلولات الآيات النازلة، كآية اللعان، - ومثلها يفيد حكماً شرعياً-
أقسام أسباب النزول عند صحة أسانيدها:
1-المقصود من الآية يتوقف فهم المراد منها على علمه فلابد من البحث عنه للمفسر، وهذا منه تفسير المبهمات كما في قوله تعالى:" قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها".
2-حوادث تسببت عليها تشريعات، كلآيات التي نزلت في فدية من أصار رأسه أذى وهو محرم، وهذا القسم لا يفيد البحث فيه إلا زيادة نفهم في معنى الآية وتمثيلاً لحكمها، ولا يخشى توهم تخصيص الحكم بتلك الحادثة، واتفق العلماء على أن أصل التشريع لا يكون خاصاً.
3-حوادث تكثر أمثالها تختص بشخص واحد فنزلت الآية لإعلانها وبيان أحكامها وزجر من يرتكبها، ويكثر فيها قول المفسرين : نزلت في كذا...وهم يريدون أن من الأحوال التي تشير إليها تلك الحالة الخاصة فكأنهم يريدون التمثيل، ومنها الآيات النازلة في المنافقين في سورة براءة، وكثر فيها قوله تعالى: ( ومنهم ، ومنهم).
4-حوادث حدثت وفي القرآن آيات تناسب معانيها سابقة أو لاحقة فيقع في عبارات بعض السلف ما يوهم أن تلك الحوادث هي المقصود من تلك الآيات، مع أن المراد أنها مما يدخل في معنى الآية، ويدل له وجود اختلاف كثير بين الصحابة في كثير من أسباب النزول. .
وفي هذا يقول الزركشي في الاتقان: " قد عرف من عادة الصحابة والتابعين أن أحدهم إذا قال نزلت هذه الآية في كذا، فإنه يريد بذلك أنها تتضمن هذا الحكم لا أن هذا كان السبب في نزولها"..
5-قسم يبين مجملات، ويدفع متشابهات، ومثاله قوله تعالى: " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، فشق ذلك على الصحابة وسألوا فيه النبي صلى الله عليه وسلم، فبين لهم ما يدفع ما أشكل عليهم حيث ظنوا أن (الظلم) هو المعصية، فقال لهم إنه ليس بذلك، إنما هو الشرك كما قال لقمان في وصيته لابنه: " إن الشرك لظلم عظيم".
ومن هذا القسم ما لايبين مجملاً ولا يؤول متشابهاً، ولكنه يبين وجه تناسب الآي بعضها مع بعض كما في قوله تعالى: " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء"، فجاء في الحديث الملازمة بين الشرط وجزتؤه كما قالت عائشة رضي الله عنها: " هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في ماله فيريد أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها فنهوا أن ينكهوهن إلا أن يقسطوا لهن في الصداق، فأمروا أن ينكحوا ما طاب لهن من النساء سواهن.
المقدمة الخامسة
في القراءات:
عرض القراءات في مقدمة ابن عاشور بين مقبل ومدبر:
-أراد ابن عاشور أن يحجم عن عرض القراءات لأنه علم جليل مستقل خُص بالتدوين والتأليف، وأشبع فيه أصحابه وأسهبوا بما ليس عليه مزيد.
- ذكره ابن عاشور لأن عناية الكثير من المفسرين بذكر اختلاف القراءات في ألفاظ القرآن حتى في كيفيات الأداء.
اختلاف القراءات ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم
ما جاء في صحيح البخاري من حديث عمر بن الخطاب مع هشام بن حكيم بن حزام، أن الزُّبَيْرِ، عَنْ عبدالرَّحْمَنِ بْنِ عبدالْقَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَؤُهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ أَقْرَأَنِيهَا، فَكِدْتُ أَنْ أَعْجَلَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَمْهَلْتُهُ حَتَّى انْصَرَفَ، ثُمَّ لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ، فَجِئْتُ بِهِ رَسُولَ اللهِ ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَأْتَنِيهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : «أَرْسِلْهُ، اقْرَأْ»، فَقَرَأَ الْقِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : «هَكَذَا أُنْزِلَتْ»، ثُمَّ قَالَ لِي: «اقْرَأْ»، فَقَرَأْتُ، فَقَالَ: «هَكَذَا أُنْزِلَتْ، إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ
وفي الحديث قصد التوسع والرخصة.
هل الحديث منسوخاً أم لا؟
1-جماعة من العلماء رأوا أنه منسوخاً ومنهم الباقلاني وابن عبد البر والطبري وابن عيينة وغيرهم،أن ذلك كان رخصة في صدر الإسلام، ثم نُسخ بحمل الناس على لغة قريش، وزال العذر لكثرة الحفظ وتيسير الكتابة.
ثم اختلفوا في تحديد معنى الرخصة على ثلاثة أقوال:
1-المراد بالأحرف الكلمات المترادفة للمعنى الواحد، فالقارئ مخيرا أن يقرأ باللفظ الذي يحضره من المرادفات تسهيلا عليهم حتى يحيطوا بالمعنى، وعلى هذا قيل المراد بالسبعة حقيقة العدد وهو قول الجمهور فيكون تحديداً للرخصة بأن لا يتجاوز سبعة مفردات أو سبع لهجات أي من سبع لغات
2-ثم اختلفوا في تعيين اللغات السبعة:
1- فقالت جماعة منهم أبو عبيدة وابن عطية وأبو حاتم والباقلاني هي من عموم لغات العرب وهم: قريش، وهذيل، وتيم الرباب، والأزد وربيعة وهوازن وسعد بن بكر من هوازن، وبعضهم يعد قريشاً، وبني دارم والعليا من هوازن وهم سعد بن بكر ، وجشم لن بكر، ونصر بن معاوية وثقيف، وبعضهم يعد خزاعة ويطرح تميماً .
2-وقال أبو الأعلى الأهوازي، وابن عبد البر وابن قتيبة: هي لغات قبائل العرب من مضر وهم قريش، وهذيل وكنانة وقيس وضبة وتيم الربا وأسد بن خزيمة وكلها من مضر.
3-والقول الثالث أن العدد غير مراد به حقيقته، بل هو كناية عن التعدد والتوسع، إلى هذا ذهب ابن عبدالبر
كما في {كان الله سميعا عليما} أن يقرأ عليما حكيما ما لم يخرج عن المناسبة.
2-والذين اعتبروا الحديث محكماً ذهبوا في تأويله، فبهم عدة أقوال في توجيه ذلك:
- جماعة منهم البيهقي وأبو الفضل الرازي أن المراد بالأحرف السبعة أنواع أغراض القرآن، كالأمر والنهي والحلال والحرام، أو أنواع كلامه كالخبر والإنشاء، والحقيقة والمجاز، أو دلالته كالعموم والخصوص، والظاهر المؤول، ولا يخفى أن كل ذلك لا يناسب سياق الحدث على اختلاف رواياته من قصد التوسع والرخصة، وقد تكلف هؤلاء فذكروا كلاماً لا يسلم من النقض.
-وذهب جماعة منهم أبو عبيد وثعلب والأزهري وعزي لا بن عباس أن المراد أنه نزل مشتملاً على سبع لغات من لغات العرب مبثوثة في آيات القرآن لكن لا على تخيير القارئ، وذهبوا إلى تعيينها إلى نحو ما ذهب إليه القائلون بالنسخ.
والخلاف بينهما:
-أن الأولين- الذين قالوا بنسخ الحديث- ذهبوا إلى تخيير القارئ في الكلمة الواحد.
-ذهب الفريق الثاني أرادوا أن القرآن مبثوثة فيه فيه كلمات من تلك اللغات، لكن على وجه التعيين لا على وجه التخيير. كما قال أبو هريرة: ما سمعت السكين إلا في قوله تعالى: " وآتت كل واحدة منهن سكينا"، ما كنا نقول إلا المدية.
-وذهب جماعة أن المراد من الأحرف لهجات العرب في كيفيات النطق كالفتح والإمالة، والمد والقصر والهمز والتخفيف، على معنى أن ذلك رخصة للعرب مع المحافظة على كلمات القرآن، وهذا احسن الأجوبة.
وهناك أجوبة ضعيفة لا ينبغي للعالم التعجريج عليها وقد أنهى بعضهم جملة الأجوبة إلى خمسة وثلاثين جواباً .
توجيه لابن عاشور في حديث ابن الخطاب رضي الله عنه:
يحتمل الحديث أن الإخلال يرجع إلى ترتيب آي السور، بأن يكون هشاماً قرأ سورة الفرقان على غير الترتيب الذي قرأ به عمر، فتكون تلك رخصة لهم أن يحفظوا سور القرآن بدون تعيين ترتيب الآيات من السورة، ثم لم يزل الناس يتوخون بقراءتهم موافقة قراءة النبي صلى الله عليه وسلم حتى كان ترتيب المصحف في عهد الصديق رضي الله عنه على نحو العرضة الأخيرة، وكان الإجماع.
شبهة عند البعض رد عليه ابن عاشور:
يظن البعض أن المراد في الحديث ما يطابق القراءات السبع التي اشتهرت بين أهل فن القراءات، وذلك غللط، ولم يقله أحد من أهل العلم، وأجمع العلماء على خلافة كما قال ابن شامة: فإن انحصار القراءات في سبع لم يدل عليهن دليل ، ولكنه أمر حصل إما بدون قصد أو بقصد التيمن بعدد السبعة أو بقصد إيهام أن السبعة هي المرادة من الحديث تنويهاً بشأنها بين العامة.
أول من جمع القراءات:
قال ابن العربي: أول من جمع القراءات في سبع ابن مجاهد.
وقال السيوطي: وعلى رأس الثلاثمائة اتفق الأئمة على أن قراءة يعقوب من القراءات السبعة الصحيحة، وكذلك قراءة أبي جعفر وشيبة.
أحوال القراءات:
1-حالة لا تعلق لها بالتفسير بحال، وهي الاختلاف في وجوه النطق بالحروف والحركات كمقادير المد والإمالات والتخفيف والتسهيل والتحقيق والجهر والهمس والغنة، ومزية القراءات من هذه الجهة عائدة إلى أنها حفظت على أبناء العربية ما لم يحفظه غيرها وهو تحديد كيفيات نطق العرب بالحروف في مخارجها وصفاتها، وبيان اختلاف العرب في لهجات النطق بتلقي ذلك عن قراءة القرآن من الصحابة بالأسانيد الصحيحة، وهذا غرض مهم جدا لكن لا علاقة له بالتفسير لعدم تأثيره في اختلاف معان الآي، وفيها أيضاً سعة من بيان وجوه الإعراب في العربية، فلذلك فهي مادة كبرى لعلوم العربية، وتبقى القراءات القرآنية هي الأصل ولا يحامها علم النحو، وقد أفرط الزمخشري في توهين بعض القراءات لنخالفتها لما اصطلح عليه النحاة، وذلك من إعراضه عن معرفة الأسانيد.
والشروط التي اتفق عليها علماء القراءات والفقهاء هي:
1-أن تكون وافقت وجهاً من العربية.
2-وافق خط المصحف الإمام.
3-صح سندها، قال ابن العربي: "ومعنى ذلك عندي أن تواترها تبع لتواتر المصحف الذي وافقته وما دون ذلك فهو شاذ".
وعلق ابن عاشور على قول ابن العربي:" وهذه الشروط الثلاثة هي شروط قبول القراءة إذا كانت غير متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم بأن كانت صحيحة السند ولم تبلغ حد التواتر، وأما القراءة المتواترة فهي غنية عن هذه الشروط لأن تواترها يجعلها حجة في العربية ويغنيها عن الاعتضاد بموافقة المصحف المجمع عليه، ألا ترى أن جمعاً من أهل القراءات المتواترة قرؤوا قوله تعالى: " وما هو على الغيب بضنين"، بظاء مشالة، أي: بمتهم، وقد كتبت في المصاحف كلها بالضاد الساقطة.
أما صحة السند الذي تروى به القراءة لتكون مقبولة فهو شرط لا محيد عنه، إذ قد تكون موافقة للمصحف وموافقة لوجه من وجوه العربية لكنها لا تكون مروية بسند صحيح فليست قراءة صحيحة.
الاختلاف في المصحف الذي وزع على الأمصار:
الاختلاف قد يكون يسير نادر بين بعضها، مثل: زيادة الواو في " وسارعوا إلى مغفرة من ربكم"، في مصحف الكوفة، ومثل زيادة فاء في قوله تعالى: " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم" في الشورى.
انحصار توفر الشروط في الروايت العشر للقراء العشرة.
نافع بن أبي نعيم المدني، وعبد الله بن كثير المكي، وأبو عمرو المازني البصري وعبد الله بن عامر الدمشقي، وعاصم بن أبي النجود الكوفي، وحمزة بن حبيب الكوفي، والكسائي علي بن حمزة الكوفي، ويعقوب بن إسحاق الحضرمي البصري، وأبو جعفر يزيد بن القعقاع المدني، وخلف البزار.
بعض العلماء يجعل قراءة ابن محيصن واليزيدي والحسن والأعمش دون العشر مرتية.
عد الجمهور سوى ذلك شاذا.
أسانيد القراءات العشر
تنتهي إلى ثمانية من الصحابة رضوان الله عليهك وهم: عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله من مسعود، وأبي بن كعب، وأبو الدرداء، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري.
المراد بقراءة النبي صلى الله عليه وسلم:
-ما روي من قراءات بأسانيد صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم , في كتب الصحيح
-لا يجوز لغير من سمعها من النبي صلى الله عليه وسلم القراءة بها لأنها غير متواترة
-اصطلح المفسرون على اطلاق (قراءة النبي) عليها، لأنها غير منتسبة إلى أحد من أئمة الرواية في القراءات
2-الحالة لها تعلق بالتفسير وهي التي يكون فيها اختلاف القراء في حروف الكلمات متثل" مالك يوم الدين" و : "ملك يوم الدين"، و"ننشرها" ، و "ننشزها"، وكذلك اختلاف الحركات التي يختلف يها معنى الفعل " ولما ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك يصُدون" ضم الصاد بمعنى يصدون غيرهم عن الإيمان، ، " ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك يصِدون" كسر الصاد بمعنى صدودهم في أنفسهم، وكلا المعنيين حاصل منهم.
وهنا تعلقها بالفسير لأن ثبوت أحد اللفظين في قراءة يبين المراد من نظيره في القراءة الأخرى، أو يثير معنى غيره.
علة نزول الوحي بتعدد الوجوه:
1-تكثر المعاني، فيكون وجود الوجهين فأكثر في مختلف القراءات مجزئا عن آيتين فأكثر.
2-نظير هذا في استعمال العرب للتضمين، ونظير التورية والتوجيه في البديع ونظير مستتبعات التراكيب في علم المعاني.
3-هو زيادة ملاءمة بلاغة القرآن.
مأخذ ابن عاشور وأبو حيان على أبي علي الفارسي:
-يؤخذ غلى أبي علي الفارسي في كتابه الحجة أن هيختار حمل معنى إحدى القراءتين على معنى الأخرى، كقوله في قراءة الجمهور : " فإن الله هو الغني الحميد"، وقراءة نافع وابن عامر: " فإن الله الغني الحميد"، باسقاط (هو) أن من أثبت (هو) يحسن أن يعتبره ضمير فصل لا مبتدأ، لأنه لو كان مبتدأ لم يجز حذفه في قراءة نافع وابن عامر، قال أبو حيان: " وما ذهب إليه ليس بشيء لأن بنى ذلك على توافق القراءتين، وليس كذلك".
مراتب القراءات الصحيحة والترجيح بينها:
-اتفق الأئمة على أن اقراءات التي لا تخالف الألفاظ التي كتبت في نصحف عثمان هي متواترة
-ما كان نطقه صالحاً لرسم المصحف واختلف فيه فهو مقبول وما هو بمتواتر.
-اللفظ المقروء غير محتاج إلى الأسانيد لأنه ثبت بالتواتر.
-وجوه الإعراب في القرآ ن أكثرها متواتر إلا ما ساغ في إعرابان.
-ما خالف الوجود الصحيحة في العربية ففيه نظر لأن لا ثقة لنا بانحصار فصيح كلام العرب فيما صار إلى نحاة البصرة والكوفة، وبهذا نبطل كثيرا مما زيفه الزمخشري من القراءات المتواترة بعلة أنها جرت على وجوه ضعيفة في العربية.
هل تتفاوت القراءات العشر بخصوصيات البلاغة وتفضيل بعضها على بعض؟
-رأى كثيراً من العلماء لا مانع من ترجيح قراءة على غيرها، ومنهم الإمام الطبري والعلامة الزمخشري، وفي أكثر ما رجح به نظر.
ويرى ابن رشد أن ذلك قد يكون عند المفسرين لكونها أظهر من جهة الإعراب، أصح في النقل، وأيسر في اللفظ، كما كان العمل جاريا في قرطبة بأن يقرأ الإمام بقراءة ورش.
(لعل ابن رشد قدم تفسيرا للترجيح والله أعلم لا يتوافق مع عظمة القرآن وأنه كله من الله وكله صح سنده وتواتر ، ولم يعلق ابن عاشور على هذا الرأي إلا أنه أجاب عن إشكال الإعجاز)
ولكن هل يفضي الترجيح إلى أن تكون الراجحة أبلغ من المرجوحة فيفضي إلى أن المرجوحة أضعف في الإعجاز؟
-حدد الإعجاز مطابقة الكلام لجميع مقتضى الحال، وهو لا يقبل التفاوت، ويجوز مع ذلك أن يكون بعض الكلام المعجز مشتملاً على لطائف وخصوصيات تتعلق بوجوه الحسن كالجناس والمبالغة أو تتعلق بزيادة الفصاحة، أو بالتفنن مثل " أم تسألهم خرجاً فخراج ربك خير"
-على أنه يجوز أن تكون إحدى القراءات بترخيص من النبي صلى الله عليه وسلم للتيسير، ولا يعكر ذلك على كونها أيضاً بالغة الطرف الأعلى من البلاغة وهو ما يقر بحد الإعجاز.
-الإعجاز لايلزم أن يكون في كل آية من آي القرآن لأن التحدي كان بمثل سورة.

القراءات التي يقرأ بها اليوم في بلاد الإسلام من القراءات العشر: قراءة نفع برواية قالون وبرواية ورش ، وقراءة عاصم برواية حفص، وقراءة أبي عمرو البصري.
(اشتهرت القراءات اليوم أكثر من زمن ابن عاشور رحمه الله وهذا وعد الله بتبليغ دينه ونصرته)
تنبه: اقتصر ابن عاشور في تفسيره على التعرض لاختلاف القراءات العشر المشهورة، وبنى تفسيره على قراءة نافع برواية عيسى ابن مينا المدني الملقب بقالون لأنها القراءة المدنينة ، ويقرأ بها معظم أهل تونس- بلد المفسر-، ثم ذكر خلاف بقية القراءة العشرة.
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
- راجعي التعليق على الأخ هيثم أعلاه.
ويضاف عليه من باب ضرب المثال:
أن تعلقي على تعليق ابن عاشور على الأقوال في الأحرف السبعة من خلال ما درستيه في دورة جمع القرآن.
- في بعض المباحث اختصار لكثير من المسائل مثل المقدمة الرابعة، وفي الفهرسة نحرص على ذكر جميع المسائل، ولو على سبيل الإجمال إن كانت استطرادية، إشارة لورودها في هذا الكتاب.
التقويم: أ
زادكِ الله توفيقًا وسدادًا.

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, السابع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:08 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir