دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > مكتبة علوم الحديث الشريف > جامع متون الأحاديث > جامع الأصول من أحاديث الرسول

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 جمادى الأولى 1431هـ/6-05-2010م, 12:13 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي كتاب القدر

حرف القاف
الكتاب الأول: في القدر
الفصل الأول: في الإيمان بالقدر
7574 - (ت) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يؤمن عبد، حتى يؤمن بالقدر خيره وشرّه من الله، وحتى يعلم أنّ ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه» أخرجه الترمذي

[شرح الغريب]
القدر والقضاء: قال الخطابي - رحمه الله -: قد يحسب كثير من الناس أن معنى القدر من الله والقضاء: معنى الإجبار والقهر للعبد على ما قضاه وما قدره، ويتوهم أن قوله -صلى الله عليه وسلم-: «فحاج آدم موسى» من هذا الوجه، وليس كذلك، وإنما معناه: الإخبار عن تقدم علم الله بما يكون من أفعال العباد واكتسابهم، وصدورها عن تقدير منه، وخلق لها خيرها وشرها، والقدر: اسم لما صدر مقدرا عن فعل القادر، كالهدم، والنشر، والقبض: أسماء لما صدر من فعل الهادم، والناشر، والقابض، يقال: قدرت الشيء، وقدرته - خفيفة وثقيلة - بمعنى واحد، والقضاء في هذا: معناه: الخلق، كقوله تعالى: {فقضاهن سبع سموات في يومين} [فصلت: 12] أي: خلقهن، وإذا كان الأمر كذلك، فقد بقي عليهم من وراء علم الله فيهم: أفعالهم واكتسابهم، ومباشرتهم تلك الأمور، وملابستهم إياها عن قصد وتعمد، وتقدم إرادة واختيار، فالحجة إنما تلزمهم بها، واللائمة تلحقهم عليها، وجماع القول في هذا: أنهما أمران لا ينفك أحدهما عن الآخر، لأن أحدهما بمنزلة الأساس، والآخر: بمنزلة البناء، فمن رام الفصل بينهما، فقد رام هدم البناء ونقضه، وإنما كان موضع الحجة لآدم عليه السلام على موسى عليه السلام: أن الله سبحانه كان قد علم من آدم أنه يتناول الشجرة، ويأكل منها، فكيف يمكنه أن يرد علم الله فيه، وأن يبطله بعد ذلك؟ وبيان هذا في قوله تعالى: {وإذ قال ربك للملائكة: إني جاعل في الأرض خليفة} [البقرة: 30] فأخبر قبل كون آدم أنما خلقه للأرض، وأنه لا يتركه في الجنة حتى ينقله عنها إليها، وإنما كان تناوله الشجرة سببا لوقوعه إلى الأرض التي خلق لها، وليكون فيها خليفة وواليا على من فيها، وإنما أدلى آدم بالحجة على هذا المعنى، ودفع لائمة موسى عن نفسه، ولذلك قال: «أتلومني على أمر قد قدره الله عليّ من قبل أن يخلقني؟» فقول موسى - وإن كان منه في النفوس شبهة، وفي ظاهره متعلق، لاحتجاجه بالسبب الذي جعل أمارة لخروجه من الجنة - فقول آدم في تعلقه بالسبب الذي هو بمنزلة الأصيل أرجح وأقوى، والفلج قد يقع مع المعارضة بالترجيح، كما يقع بالبرهان الذي لا معارض له.

7575 - (د) ابن الديلمي رحمه الله -: قال: «أتيت أبيّ بن كعب فقلت له: قد وقع في نفسي شيء من القدر، فحدّثني، لعلّ الله أن يذهبه من قلبي، فقال: لو أن الله عذّب أهل سماواته وأهل أرضه عذّبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم كانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم، ولو أنفقت مثل أحد ذهبا في سبيل الله ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو متّ على غير هذا: لدخلت النار. قال: ثم أتيت عبد الله بن مسعود، فقال مثل ذلك، قال: ثم أتيت حذيفة بن اليمان، فقال مثل ذلك، ثم أتيت زيد بن ثابت، فحدّثني عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل ذلك» أخرجه أبو داود.
7576 - (د ت) عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -: قال لابنه عند الموت: يابني إنك لن تجد طعم حقيقة الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إنّ أول ما خلق الله القلم، قال له: اكتب، قال: يا رب، وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كلّ شيء حتى تقوم الساعة، يابنيّ، إنّي سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: من مات على غير هذا فليس مني».أخرجه أبو داود.
وفي رواية الترمذي: قال عبد الواحد بن سليم: قدمت مكّة، فلقيت عطاء بن أبى رباح، فقلت له: يا أبا محمد، إنّ بالبصرة قوما يقولون: لا قدر، فقال: يا بنيّ، أتقرأ القرآن؟ قلت: نعم فقال: فاقرأ (الزخرف) فقرأت {حم والكتاب المبين، إنا جعلناه قرآنا عربيّا لعلكم تعقلون، وإنّه في أم الكتاب لدينا لعليّ حكيم} ثم قال: أتدري ما أمّ الكتاب؟ قلت: لا، قال: فإنه كتاب كتبه الله قبل أن يخلق السموات والأرض، فيه: إن فرعون من أهل النار، وفيه {تبّت يدا أبي لهب وتبّ} قال عطاء: ولقد لقيت الوليد بن عبادة بن الصامت، صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسألته: ما كانت وصية أبيك لك عند الموت؟ فقال لي: دعاني فقال لي: يابني، اتق الله، واعلم أنك لن تتّقي الله حتى تؤمن بالله، وتؤمن بالقدر كلّه خيره وشرّه، وإن متّ على غير هذا دخلت النار، إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، قال: ما أكتب؟ قال: اكتب القدر، فكتب ما كان وما هو كائن إلى الأبد.

الفصل الثاني: في العمل مع القدر
7577 - (ت) عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -: قال: «خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفي يديه كتابان، فقال: أتدرون ما هذان الكتابان؟ قلنا: لا يا رسول الله، إلا أن تخبرنا، فقال للذي في يده اليمنى: هذا كتاب من رب العالمين، فيه أسماء أهل الجنة، وأسماء آبائهم وقبائلهم، ثم أجمل على آخرهم،فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبدا، ثم قال للذي في شماله: هذا كتاب من رب العالمين، فيه أسماء أهل النار، وأسماء آبائهم وقبائلهم، ثم أجمل على آخرهم، فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبدا، قال أصحابه: ففيم العمل يا رسول الله إن كان أمر قد فرغ منه؟ فقال: سدّدوا وقاربوا، فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة وإن عمل أيّ عمل، وإن صاحب النار يختم له بعمل أهل النار وإن عمل أيّ عمل، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيديه، فنبذهما، ثم قال: فرغ ربكم من العباد، فريق في الجنة، وفريق في السعير» أخرجه الترمذي.

[شرح الغريب]
سددوا وقاربوا: السداد: الصواب في القول والعمل، والمقاربة: القصد فيهما.
أجمل على آخرهم: أجملت الحساب: إذا جمعته وكملت أفراده، أي: جمعوا، يعني أهل الجنة وأهل النار عن آخرهم، وعقدت جملتهم، فلا يتطرق إليها زيادة ولا نقصان.

7578 - (خ م د) عمران بن حصين - رضي الله عنه -: قال: قال رجل: «يا رسول الله: أعلم أهل الجنة من أهل النار؟ قال: نعم، قال: ففيم يعمل العاملون؟ قال: كلّ ميسّر لما خلق له» أخرجه مسلم وأبو داود.
وفي رواية البخاري «أيعرف أهل الجنة من النار؟ قال: نعم، قال: فلم يعمل العاملون؟ قال: كلّ يعمل لما خلق له، أو لما يسّر له».
ولمسلم من رواية أبي الأسود الدّيلي، قال: قال لي عمران بن حصين: أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه، أشيء قضي عليهم، ومضى عليهم من قدر قد سبق، أو فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيّهم وثبتت الحجّة عليهم؟ فقلت: بل شيء قضي عليهم ومضى عليهم، قال: أفلا يكون ظلما؟ قال: ففزعت من ذلك فزعا شديدا، وقلت: كل شيء خلق الله وملك يده، فلا يسأل عمّا يفعل وهم يسألون، فقال لي: يرحمك الله، إني لم أرد بما سألتك إلا لأحرز عقلك، وإن رجلين من مزينة أتيا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالا: يا رسول الله، أرأيت ما يعمل الناس اليوم، ويكدحون فيه، أشيء قضي عليهم ومضى فيهم من قدر [قد] سبق، أو فيما يستقبلون به مما أتاهم [به] نبيّهم، وثبتت الحجّة عليهم؟ فقال: لا، بل شيء قضي عليهم، ومضى فيهم، وتصديق ذلك في كتاب الله {ونفس وما سوّاها، فألهمها فجورها وتقواها} [الشمس: 7،8].

[شرح الغريب]
يكدحون: الكدح: السعي والكسب والاجتهاد فيه، وكد النفس في طلبه.

7579 - (خ م د ت) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: قال: «كنا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقعد، وقعدنا حوله، ومعه مخصرة، فنكس،وجعل ينكت بمخصرته، ثم قال: ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار، ومقعده من الجنة، فقالوا: يا رسول الله أفلا نتّكل على كتابنا؟ فقال: اعملوا، فكلّ ميسّر لما خلق له، أمّا من كان من أهل السعادة، فسيصير لعمل أهل السعادة، وأمّا من كان من أهل الشقاء، فسيصير لعمل [أهل] الشقاء، ثم قرأ {فأمّا من أعطى واتّقى، وصدّق بالحسنى، فسنيسّره لليسرى...} [الليل: 5، 7]».أخرجه البخاري ومسلم.
وفي رواية الترمذي قال: «كنّا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقعد، وقعدنا حوله ومعه مخّصرة، فجعل ينكت بها ثم قال: ما منكم من أحد، أو [ما] من نفّس منّفوسة، إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة والنار، وإلا قد كتبت شقيّة أو سعيدة، فقال رجل: يا رسول الله أفلا نمكث على كتابنا وندع العمل؟ فمن كان منّا من أهل السعادة، ليكوننّ إلى أهل السعادة، ومن كان منّا من أهل الشّقاوة، ليكوننّ إلى أهل الشقاوة؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: بل اعملوا، فكلّ ميسّر، فأمّا أهل السعادة، فييسّرون لعمل أهل السعادة، وأمّا أهل الشقاوة، فييسّرون لعمل أهل الشقاوة، ثم قرأ: {فأما من أعطى واتقى، وصدّق بالحسنى، فسنيسّره لليسّرى، وأما من بخل واستغنى، وكذّب بالحسنى، فسنيسّره للعسرى} [الليل: 5 - 10]».
وفي أخرى للترمذي قال: «بينما نحن مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو ينكت [في] الأرض، إذ رفع رأسه إلى السماء، ثم قال: ما منكم من أحد إلا قد علم - وفي رواية: إلا قد كتب - مقعده من النار، ومقعده من الجنة، قالوا: أفلا نتّكل يا رسول الله؟ قال: لا، اعملوا، فكلّ ميسّر لما خلق له».
وأخرج أبو داود الراوية الأولى من روايتي الترمذي.

[شرح الغريب]
مخصرة: المخصرة: كالسوط ونحوه مما يمسكه الإنسان بيده من عصى ونحوها.
ينكت: النكت: ضرب الشيء بالعصا واليد ليؤثر فيه.
نفس منفوسة: أي: مولودة، يقال: نفست المرأة [ونفست] - بفتح النون وضمها - إذا ولدت.

7580 - (م) - جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما - قال: جاء سراقة بن مالك بن جعشم، فقال: يارسول الله، بيّن لنا ديننا كأنّا خلقنا الآن، فيم العمل اليوم، فيما جفّت به الأقلام، وجرت به المقادير، أم فيما نستقبل؟ قال: لا بل جفّت به الأقلام. وجرت به المقادير، قال: ففيم العمل؟ قال: اعملوا، فكلّ ميسّر لما خلق له، وكلّ.
7581 - (ت) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: قال: قال عمر: «يا رسول الله أرأيت ما نعمل فيه، أمر مبتدع - أو مبتدأ - أو فيما قد فرغ منه؟ فقال: فيما قد فرغ منه يا ابن الخطاب، وكل ميسّر، أمّا من كان من أهل السعادة، فإنه يعمل للسعادة، وأمّا من كان من أهل الشقاء، فإنه يعمل للشقاء».
وفي رواية: قال: «لما نزلت {فمنّهم شقيّ وسعيد} [هود: 105] سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقلت: يا نبيّ الله، فعلام نعمل، على شيء قد فرغ منه، أو على شيء لم يفرغ منه؟ قال: بل على شيء قد فرغ منه، وجرت به الأقلام يا عمر، ولكنّ كلّ ميسّر لما خلق له» أخرجه الترمذي.

الفصل الثالث: في القدر عند الخلقة
7582 - (خ م د ت) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: «حدّثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو الصادق المصدوق: إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمّه أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك،ثم يبّعث الله إليه ملكا بأربع كلمات: بكتّب رزقه وأجله وعمله، وشقي أو سعيد،ثم ينّفخ فيه الروح، فوالذي لا إله غيره، إنّ أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة،حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها،وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها» أخرجه البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود، وفيها زيادة «أو قدر ذراع».
وفي رواية ذكرها رزين قال: «إذا وقعت النطفة في الرحم طارت في الرحم أربعين يوما، ثم تكون علقة أربعين، ثم تكون مضغة أربعين، فإذا بلغت أن تخّلق بعث الله ملكا يصوّرها، فيأتي الملك بتراب بين إصبعيه فيخلطه في المضغة، ثم يعجنه بها، ثم يصوّر كما يؤمر، فيقول: أذكر، أو أنثى؟ أشقيّ، أم سعيد؟ وما عمره؟ وما رزقه؟ وما أثره؟ وما مصائبه؟ فيقول الله عز وجل، ويكتب الملك، فإذا مات ذلك الجسد دفن حيث أخذ ذلك التراب».

[شرح الغريب]
أثره: أثر الرجل، أراد به: أجله، سمّي بذلك لأنه يتبع الأجل.
يجمع في بطن أمه نطفة: قال الخطابي: قال ابن مسعود في تفسيره: إن النطفة إذا وقعت في الرحم فأراد الله أن يخلق منها بشرا طارت في بشر المرأة تحت كل ظفر وشعر، ثم تمكث أربعين يوما، ثم تنزل دما في الرحم، فذلك جمعها.
النطفة: الماء القليل والكيير، والمراد به المني ها هنا.
علقة: العلقة: الدم الجامد.
مضغة: المضغة: القطعة اليسيرة من اللحم بقدر ما يتمضغ.

7583 - (خ م) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «وكّل الله بالرّحم ملكا، فيقول: أى ربّ نطفة؟ أي ربّ علقة؟ أي ربّ مضّغة؟ فإذا أراد أن يقضي خلقها، قال: يا ربّ، أذكر، أم أنثى؟ أشقيّ، أم سعيد؟ فما الرزق؟ فما الأجل؟ فيكتب ذلك في بطن أمه» أخرجه البخاري ومسلم.
7584 - (م) عامر بن واثلة - رحمه الله - أنه سمع عبد الله بن مسعود يقول: «الشقيّ من شقي في بطن أمه، والسعيد من وعظ بغيره، فأتى رجلا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقال له: حذيفة بن أسيد الغفاري، فحدّثه بذلك من قول ابن مسعود، فقال له: وكيف يشقى رجل بغير عمل؟ فقال له الرجل: أتعجب من ذلك؟ فإنى سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إذا مرّ بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة، بعث الله إليها ملكا فصوّرها، وخلق سمعها، وبصرها، وجلدها، ولحمها، وعظامها، ثم قال: يا رب، أذكر، أم أنثى؟ فيقضي ربّك ماشاء، ويكتب الملك، ثم يقول: يا رب، أجله؟ فيقول ربّك ما شاء، ويكتب الملك، ثم يقول: يا رب رزّقه؟ فيقضي ربك ما شاء، ويكتب الملك، ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده، فلا يزيد على [ما] أمر ولا ينقص».
وفي رواية قال: «دخلّت على أبي سريحة، حذيفة بن أسيد الغفاري فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأذنيّ هاتين يقول: إنّ النطفة تقع في الرحم أربعين ليلة، ثم يتصوّر عليها الملك - قال زهير أبو خيثمة: حسبته قال: الذي يخلقها - فيقول: يا ربّ، أذكر، أو أنثى؟ فيجعله الله ذكرا أو أنثى، ثم يقول: يا رب، أسويّ، أو غير سوي؟ ثم يقول: [يا ربّ] ما رزّقه، ما أجله؟ ثم يجعله الله شقيا أو سعيدا».
وفي أخرى رفع الحديث إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أن ملكا موكّلا بالرحم، إذا أراد الله عز وجل أن يخلق شيئا، بإذن الله لبضع وأربعين ليلة...» ثم ذكر نحوه. أخرجه مسلم.

7585 - (ت) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: قال: «قام فينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مقاما، فقال: لا يعدي شيء شيئا، فقال أعرابي: يا رسول الله، فما بال الإبل يأتيها البعير الأجرب الحشفة بذنبه فيجربها كلّها؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فمن أجرب الأول منها؟ ألا لا عدوى ولا صفر، إن الله خلق كلّ نفّس وكتب حياتها ورزقها ومصائبها ومحابّها» أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
يعدي: أعدى المريض: إذا تجاوز من واحد إلى آخر، كما تعدي الجرب،وقد نفى الشرع تأثيرها،و أبطل مذهب العرب فيها، وقد تقدم شرح ذلك في كتاب الطيرة والعدوى من حرف الطاء، وكذلك تقدم فيه شرح قوله: لا صفر، مستوفى فيطلب منه.

7586 - أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنّ روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها».
أخرجه....

[شرح الغريب]
روح القدس: القدس: الطهارة: وروح القدس: اسم جبريل عليه السلام أي: الروح المقدسة الطاهرة.
نفث في روعي: النفث: النفخ بالفم، والروع: النفس، يقول: نفث في روعي، أي: ألقي في قلبي، وأوقع في نفسي، وألهمني

7587 - (م ط) - طاوس اليماني قال: أدركت ناسا من أصحاب رسول الله يقولون: كلّ شيء بقدر، قال: وسمعت ابن عمر يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «كل شي بقدر حتى العجز والكيس». أخرجه مسلم، والموطأ.
[شرح الغريب]
الكيس: العقل.

الفصل الرابع: في القدر عند الخاتمة
7588 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا أراد الله بعبد خيرا استعمله، فقيل له: كيف يستعمله يا رسول الله؟ قال: يوفّقه لعل صالح قبل الموت». أخرجه الترمذي

7589 - (م) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل الجنة، ثم يخّتم له عمله بعمل أهل النار، وإنّ الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل النار ثم يختم له عمله بعمل أهل الجنة» أخرجه مسلم.
الفصل الخامس: في الهدي والضلال
7590 - (ت) عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنّ الله خلق خلّقه في ظلمه، فألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى، ومن أخطأه ضلّ، فلذلك أقول: جفّ القلم على علم الله» أخرجه الترمذي.

7591 - (ط) عمرو بن دينار - رحمه الله - قال: سمعت ابن الزبير يقول في خطبته «إن الله هو الهادي والفاتن» أخرجه الموطأ.
الفصل السادس: في الرضى بالقدر
7592 - (ت) سعيد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من سعادة ابن آدم: رضاه بما قضى الله، ومن شقاوة ابن آدم: تركه استخارة الله، ومنّ شقاوة ابن آدم: سخطه بما قضى الله». أخرجه الترمذي.

7593 - (م) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «المؤمن القويّ خير وأحبّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلّ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أنّي فعلت لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدّر الله وما شاء فعل، فإن «لو» تفتح عمل الشيطان» أخرجه مسلم.
الفصل السابع: في حكم الأطفال
7594 - (م د س) عائشة - رضي الله عنها قالت: «توفّي صبي، فقلت: طوبى له، عصّفور من عصافير الجنة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أولا تدرين أن الله خلق الجنة، وخلق النار، فخلق لهذه أهلا ولهذه أهلا؟».
وفي رواية: قالت: «دعي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى جنازة حبي من الأنصار، فقلت: يا رسول الله، طوبى لهذا، عصفور من عصافير الجنة، لم يعمل السّوء، ولم يدركه، فقال: أو غير ذلك يا عائشة، إن الله خلق للجنة أهلا، خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم، وخلق للنار أهلا، خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم» أخرجه مسلم.
وأخرج أبو داود والنسائي الثانية، وقالا فيه: «طوبى لهذا، لم يعمل سوءا ولم يدر به».

[شرح الغريب]
طوبى: فعلى من الطيب، وقيل: هو اسم الجنة، وقيل: هو اسم شجرة فيها.

7595 - (د) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: قلت: «يا رسول الله ذراري المؤمنين؟ فقال: من آبائهم؟ فقلت: يا رسول الله بلا عمل؟ قال: الله أعلم بما كانوا عاملين، قلت: يا رسول الله، فذراريّ المشركين؟ قال: من آبائهم، فقلت: بلا عمل؟ قال: الله أعلم بما كانوا عاملين». أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
ذراري ذرادي: الذراري: جمع ذرية، وهم الأولاد.
الله أعلم بما كانوا عاملين: قال الخطابي: ظاهر هذا الكلام: يوهم أنه لم يفت السائل عنهم، وأنه رد الأمر في ذلك إلى علم الله من غير أن يكون قد جعلهم من المسلمين،أو ألحقهم بالكافرين،وليس هذا وجه الحديث، وإنما معناه: أنهم كفار يلحقون في الكفر بآبائهم، لأن الله قد علم أنهم. لو بقوا أحياء حتى يكبروا لكانوا يعملون عمل الكفار، ويدل على صحة هذا التأويل: قوله في حديث عائشة: «قلت: يارسول الله: بلا عمل؟ قال الله أعلم بما كانوا عاملين» قال الخطابي: وقال ابن المبارك فيه: إن كل مولود من البشر إنما يولد على فطرته التي جبل عليها، من السعادة والشقاوة،وعلى ما سبق له من قدر الله، وتقدم في مشيئه فيه، من كفر وإيمان،وكل منهم صائر في العافية إلى ما فطر عليه وخلق له، وعامل في الدنيا بالعمل المشاكل لفطرته من السعادة والشقاوة،فمن أمارة الشقاوة للطفل: أن يولد بين نصرانيين أو يهوديين، فيحمل أنه لشقاوته على اعتقاد دين اليهود أو النصاري،أو يعلمانه اليهودية أو النصرانية،أو يموت قبل أن يعقل فيصف الدين، فهو محكوم له بحكم والديه إذ هو في حكم الشريعة تبع لوالديه، وذلك معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: «فأبواه يهودانه أو ينصرانه».

7596 - (خ م دس) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: قال «سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أولاد المشركين؟ فقال: الله إذ خلقهم أعلم بما كانوا عاملين» أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
7597 - (خ م س) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: «سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أطفال المشركين، عمّن يموت منهم وهو صغير؟ قال: الله أعلم بما كانوا عاملين».
وفي أخرى «سئل عن ذراريّ المشركين...» الحديث أخرجه البخاري [ومسلم] والنسائي.

الفصل الثامن: في محاجة آدم وموسى
7598 - (خ م ط دت) (خ م س) أبو هريرة - رضي الله عنه -: عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «حاجّ آدم موسى، فقال: أنت الذي أخرجت الناس من الجنة بذنبك وأشقيتهم؟ قال: فقال آدم لموسى: أنت الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه أتلومني على أمر كتبه الله عليّ قبل أن يخلقني؟ أو قدّره عليّ قبل أن يخلقني؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فحجّ آدم موسى».
وفي رواية قال: «احتجّ آدم وموسى، فقال موسى: يا آدم، أنت أبونا خيّبتنا وأخرجتنا من الجنة، فقال له آدم: أنت موسى اصطفاك الله بكلامه، وخطّ لك بيده، أتلومني على أمر قدّره الله عليّ قبل أن يخلقني بأربعين عاما؟ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: فحجّ آدم موسى، [فحجّ آدم موسى]».
وفي أخرى قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «احتجّ آدم وموسى، فقال له موسى: أنت آدم الذي أخرجت خطيئتك من الجنّة؟» وفي رواية: «أخرجتنا وذريتك من الجنة، قال: أنت موسى؟ أليس الله اصطفاك برسلاته وبكلامه، ثم تلومني على أمر قد قدّر عليّ قبل أن أخّلق؟».
وفي أخرى «قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: التقى آدم وموسى، قال موسى: أنت الذي أشقيت الناس، وأخرجتهم من الجنة؟ قال آدم: أنت الذي اصطفاك الله برسالاته واصطنعك لنفسه، وأنزل عليك التوراة؟ قال: نعم، قال: فوجدتها، كتب عليّ قبل أن يخلقني؟ قال: نعم، فحجّ آدم موسى» أخرجه البخاري ومسلم.
ولمسلم: «أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: تحاجّ آدم وموسى، فقال له موسى: أنت آدم الذي أغويت الناس، وأخرجتهم من الجنة؟ فقال آدم: أنت الذي أعطاه الله علم كل شيء، واصطفاه برسالاته؟ قال: نعم، قال: فتلومني على أمر قدّر عليّ قبل أن أخلق؟».
وفي أخرى له قال: «احتجّ آدم وموسى عند ربهما، فحجّ آدم موسى، قال موسى: أنت آدم الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته وأسكنك في جنّته، ثم أهبطت الناس بخطيئتك إلى الأرض؟ قال آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه، وأعطاك الألواح فيها تبيان كلّ شيء، وقرّبك نجيا؟ فبكم وجدت الله كتب التوارة قبل أن أخلق؟ قال موسى: بأربعين عاما، قال آدم: فهل وجدت فيها {وعصى آدم ربّه فغوى} [طه: 121]؟ قال: نعم، قال: أفتلومني على أن عملت عملا كتبه الله عليّ أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ [قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فحجّ آدم موسى عليهما السلام]». وأخرج الموطأ رواية مسلم الأولى.
وأخرجه أبو داود الرواية الثانية من المتفق عليه.
وفي رواية الترمذي قال: «احتجّ آدم وموسى، فقال: موسى: يا آدم أنت الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، أغويت الناس وأخرجتهم من الجنّة؟ فقال آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله بكلامه أتلومني على عمل عملته كتبه الله عليّ قبل أن يخلق السموات والأرض؟ قال: فحجّ آدم موسى».

[شرح الغريب]
المحاجة: المجادلة والمخاصمة، حاججت فلانا فحججته، أي: جادلته فغلبته.
نجيا: النجي: المناجي،وهو المشاور والمحادث، وقوله: «اصطنعك لنفسه» تمثيل لما أعطاه الله من منزلة التقريب والتكريم، مثل حاله بحال من يراه بعض الملوك - بجوامع خصال فيه وخصائص - أهلا لئلا يكون أحد أقرب منزلة منه إليه، ولا ألطف محلا، فيوليه من الكرامة ويستخلصه لنفسه.والاصطناع: افتعال من من الصنيعة، وهي، العطية والكرامة والإحسان.
الإغواء: الإضلال، غوى الرجل يغوى وأغوى غيره.
تبيان: التبيان: الإيضاح، وكشف الشيء ليظهر ويتبين.

7599 - (د) عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن موسى عليه السلام قال: يارب أرنا آدم الذي أخرجنا ونفسه من الجنة، فأراه الله آدم، فقال له: أنت أبونا آدم؟ فقال له آدم: نعم، قال: أنت الذي نفخ الله فيك من روحه، وعلّمك الأسماء، وأمر الملائكة فسجدوا لك؟ قال: فما حملك على أن أخرجتنا ونفسك من الجنة؟ قال له آدم: ومنّ أنت؟ قال: أنا موسى، قال: أنت الذي - وذكر نحو حديث أبي هريرة وأتمّ منه - قال فيه: أنت نبيّ بني إسرائيل الذي كلّمك الله من وراء الحجاب ولم يجعل بينك وبينه رسولا من خلقه؟ قال: نعم، قال: فما وجدت أن ذلك كان في كتاب الله قبل أن أخلق؟ قال: نعم، قال: فلم تلومني؟ في شيء سبق من الله فيه القضاء قبلي؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند ذلك: فحجّ آدم موسى» أخرجه أبو داود.

الفصل التاسع: في ذم القدرية
[شرح الغريب]
القدرية: في إجماع أهل السنة والجماعة: هم الذين يقولون: الخير من الله والشر من الإنسان،وإن الله لا يريد أفعال العصاة، وسموا بذلك لأنهم أثبتوا للعبد قدرة توجد الفعل بانفرادها واستقلالها دون الله تعالى، ونفوا أن تكون الأشياء بقدر الله وقضائه،وهؤلاء مع ضلالتهم يضيفون، هذا الاسم إلى مخالفيهم من أهل الهدى،فيقولون: أنتم القدرية، حين تجعلون الأشياء جارية بقدر من الله، وأنكم أولى بهذا الاسم منا، وهذا الحديث يبطل ما قالوا،فإنه -صلى الله عليه وسلم- قال: «القدرية مجوس هذا الأمة» ومعنى ذلك: أنهم لمشابهتهم المجوس في مذهبهم، وقولهم بالأصلين -وهما النور والظلمة - فإن المجوس يزعمون أن الخيرمن فعل النور، والشر من فعل الظلمة فصاروا بذلك ثنوية، وكذلك القدرية لما أضافوا الخير إلى الله، والشر إلى العبيد، أثبتوا قادرين خالقين للأفعال كما أثبت المجوس، فأشبوهم، وليس كذلك غير القدرية، فإن مذهبهم أن الله تعالى خالق الخير والشر، لايكون شيء منهما إلا بخلقه ومشيئته، فالأمران معا مضافان إليه خلقا وإيجادا، وإلى العباد مباشرة واكتسابا.
7600 - (د) حذيفة بن اليمان - رضي الله عنهما -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لكلّ أمّة مجوس، ومجوس هذه الأمة الذين يقولون: لا قدر، من مات منهم لا تشهدوا جنازتهم، ومن مرض منهم فلا تعودوهمّ، هم شيعة الدّجّال، وحق على الله أن يلحقهم بالدجال» أخرجه أبو داود.

[شرح الغريب]
الشيعة: الأولياء والأنصار.

7601 - أبو هريرة - رضي الله عنه - مثله - وزاد«فلا تجالسوهم ولا تفاتحوهم الكلام» أخرجه...
7602 - (د) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «القدرية مجوس هذه الأمّة، إن مرضوا فلا تعودوهمّ، وإن ماتوا فلا تشهدوهم» أخرجه أبو داود.
7603 - (د) عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تجالسوا أهل القدر ولا تفاتحوهم» أخرجه أبو داود.
7604 - (ت)عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «صنّفان من أمّتي ليس لهم في الإسلام نصيب: المرجئة والقدريّة»أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
المرجئة: طائفة من فرق المسلمين، يقولون: إنه لا يضر مع الإيمان معصية، كما أنه لا ينفع مع الكفر طاعة، وهذا مذهب سوء، أما في جانب الكفر: فصحيح، فإنه لا ينفع معه طاعة، وأما في جانب الإيمان: فكيف لا يضر؟ والقائل بهذا بفتح باب الإباحة، فإن الإنسان إذا علم أنه لا تضر المعاصي مع إيمانه ارتكب كل ما تحدثه به نفسه منها، علما أنها لا تضره، وهؤلاء هم أضداد القدرية، فإن من مذهبهم، أن الكبيرة إذا لم يتب منها يخلد صاحبها في النار، وإن كان مؤمنا، فانظر إلى هذا الاختلاف العظيم، والتناقض الزائد في الآراء المختلفة الأهواء، نعوذ بالله من ذلك، وانظر كيف هدى الله أهل الحق والعدل إلى أقوم طريق، فأثبتوا للعاصي جزاء، ونفوا الخلود في النار، عليها الذي هو جزاء الكافرين، ويعضد ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: «خير الأمور أوسطها».

7605 - (ت د) نافع - مولى ابن عمر: «أن رجلا جاء ابن عمر فقال: إن فلانا يقرأ عليك السلام، فقال ابن عمر: إنه بلغني أنه قد أحدث التكذيب بالقدر، فإن كان قد أحدث فلا تقرئه مني السلام، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: يكون في هذه الأمّة، أوفي أمّتي - الشك منه - خسف ومسخ، وذلك في المكذّبين بالقدر».
وفي رواية أبي داود: قال: «كان لابن عمر صديق من أهل الشام يكاتبه، فكتب إليه عبد الله بن عمر: إنه بلغني أنّك تكلّمت في شيء من القدر، فإياك أن تكتب إليّ، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: سيكون في أمتي أقوام يكذّبون بالقدر».
وفي رواية الترمذي نحو الأولى، وفيها قال: «بلغني أنه قد أحدث فإن كان قد أحدث....» وذكر الحديث، وقال في آخره: «خسف ومسخ، أو قذففي أهل القدر».

الفصل العاشر: في أحاديث شتى
7606 - (م ت) عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وعرشه على الماء» أحرجه مسلم.
وفي رواية الترمذي «قدّر الله المقادير قبل أن يخلق السموات والأرضين بخمسين ألف سنة».

7607 - (ت) أبو عزة، [يسار بن عبد]، - رضي الله عنهما -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا قضى الله لعبد أن يموت بأرض جعل له إليها حاجة، [أو بها حاجة]» أخرجه الترمذي.
7608 - (ت) مطر بن عكامس - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا قضى الله لعبد أن يموت بأرض جعل له إليها حاجة». أخرجه الترمذي.
7609 - أبو عثمان مولى أبي هاشم - رحمه الله - قال: «سألت أبا هريرة عن القدر؟ فقال: اكتف منه بآخر سورة الفتح {محمد رسول الله والذين معه أشدّاء على الكفار رحماء بينهم، تراهم ركّعا سجّدا} [الفتح 29: ] فنعتهم قبل أن يخلقهم، بما علم أنهم يكونون عليه إذا خلقهم وقال تعالى فيهم: {ذلك مثلهم في التوراة، ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه، فآزره فاستغلظ...} الآية» [الفتح: 29] أخرجه....
[شرح الغريب]
شطأه: شطء الزرع: فراخه التي تتفرع من الأصل.
فآزره: أي: قواه وشده.

7610 - مالك بن أنس - رحمه الله - قال: «بلغني أنه قيل لإياس بن معاوية: ما رأيك في القدر؟ قال: رأي ابنتي» يريد: لا يعلم سرّه إلا الله، وبه كان يضرب المثل في الفهم.
وقال رجل وقد سئل عن أمر ما من القدر، فقال: ألست تؤمن به؟ قال: بلا، قال: فحسبك، حدثني علي بن الحسين بن علي عن أبيه أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» وقال: بلغني أنه قيل للقمان: ما بلغ منك ما نرى؟ قال: أداء الأمانة، وصدق الحديث، وترك ما لا يعنيني. أخرجه....

7611 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: «خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ونحن نتنازع في القدر، فغضب حتى احمرّ وجهه حتى كأنما فقئ في وجنتيه حبّ الرّمّان، فقال: أفبهذا أمرتم، أم بهذا أرسلت إليكم؟ إنما هلك من كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر، عزمت عليكم أن لا تنازعوا فيه» أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
فقئ: فكأنما فقئ في وجهه حبّ الرّمّان، أي: شقّ وفقص.


التوقيع :
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
القدر, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:43 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir