دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الإقرار

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 جمادى الآخرة 1431هـ/26-05-2010م, 07:20 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي مَن أقر بشيء غير مفسَّر

( فصلٌ ) إذا قالَ : له عَلَيَّ شيءٌ أو كذا قيلَ له: فَسِّرْهُ، فإن أَبَى حُبِسَ حتى يُفَسِّرَه , فإن فَسَّرَه بِحَقِّ شُفْعَةٍ أو بأقلِّ مالٍ قُبِلَ، وإن فَسَّرَه بِمَيْتَةٍ أو خمْرٍ أو كقِشْرِ جوزةٍ لم يُقْبَلْ، ويُقْبَلُ بكلبٍ مباحٍ نفْعُه أو حَدِّ قَذْفٍ، وإن قالَ: له علَيَّ أَلْفٌ. رُجِعَ في تفسيرِ جِنْسِه إليه , فإن فَسَّرَه بجِنْسٍ أو بأجناسٍ قُبِلَ منه، وإذا قالَ: له علَيَّ ما بينَ دِرهمٍ وعشرةٍ. لَزِمَه ثمانيةٌ، وإن قالَ: ما بينَ دِرْهَمٍ إلى عشرةٍ أو من دِرْهَمٍ إلى عَشرةٍ. لزِمَه تِسعةٌ، وإن قالَ: له عَلَيَّ دِرهمٌ أو دِينارٌ. لَزِمَه أحدُهما ويُعيِّنُه، وإن قالَ: له علَيَّ تَمْرٌ في جِرابٍ , أو سِكِّينٌ في قِرابٍ , أو فَصٌّ في خَاتَمٍ. ونحوِه , فهو مُقِرٌّ بالأوَّلِ.
تَمَّ
والحمدُ للهِ أَوَّلًا وآخِرًا وظاهرًا وباطنًا , كما يُحِبُّ رَبُّنا وَيَرْضَى .

  #2  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 05:53 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

.........................

  #3  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 05:54 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي


فصلٌ
في الإقرارِ بالمُجْمَلِ، وهو ما احْتَمَلَ أمرَيْنِ فأكثرَ على السَّوَاءِ, ضِدُّ المُفَسَّرِ. (إذا قالَ) إنسانٌ: (له)- أي: لزيدٍ مثلاً- (عليَّ شَيْءٌ. أو) قالَ: له عليَّ (كذا)، أو كذا كذا، أو كذا وكذا، أو: له عليَّ شيءٌ وشيءٌ. (قِيلَ له)- أي: للمُقِرِّ-: (فَسِّرْهُ). أي: فَسِّرْ ما أَقْرَرْتَ به لِيَتَأَتَّى إلزامُه بهِ، (فإنْ أبَى) تَفْسِيرَهُ, (حُبِسَ حتَّى يُفَسِّرَهُ)؛ لِوُجُوبِ تفسيرِهِ عليه، (فإنْ فَسَّرَهُ بِحَقِّ شُفْعَةٍ، أو) فَسَّرَهُ (بأقلِّ مالٍ, قُبِلَ) تفسيرُه، إلاَّ أنْ يُكَذِّبَهُ المُقَرُّ له ويَدَّعِيَ جِنْساً آخَرَ، أو لا يَدَّعِيَ شَيئاً، فيَبْطُلَ إقرارُه. (وإنْ فَسَّرَه)- أي: فَسَّرَ ما أَقَرَّ به مُجْمَلاً- (بمَيْتَةٍ أو خَمْرٍ) أو كلبٍ لا يُقْتَنَى، (أو) بما لا يُتَمَوَّلُ؛ (كقِشْرِ جَوْزَةٍ) أو حَبَّةِ بُرٍّ أو ردِّ سلامٍ أو تَشْمِيتِ عاطسٍ ونحوِهِ, (لم يُقْبَلْ) منه ذلكَ؛ لِمُخَالَفَتِهِ لِمُقْتَضَى الظاهرِ، (ويُقْبَلُ) منه تفسيرُه (بكلبٍ مُباحٍ نَفْعُه)؛ لِوُجُوبِ رَدِّهِ، (أو حَدِّ قَذْفٍ)؛ لأنَّه حقُّ آدَمِيٍّ؛ كما مَرَّ، وإنْ قالَ المُقِرُّ: لا عِلْمَ لي بما أَقْرَرْتُ به. حَلَفَ إنْ لم يُصَدِّقْهُ المُقَرُّ له، وغَرِمَ له أقلَّ ما يَقَعُ عليهِ الاسمُ، وإنْ ماتَ قبلَ تفسيرِهِ, لم يُؤْخَذْ وَارِثُه بشيءٍ، ولو خَلَّفَ تَرِكَةً؛ لاحتمالِ أنْ يكونَ المُقَرُّ بهِ حدَّ قَذْفٍ، وإنْ قالَ: له عَلَيَّ مالٌ, أو مالٌ عَظِيمٌ أو خطيرٌ أو جليلٌ. ونحوَه, قُبِلَ تفسيرُه بأقلِّ مُتَمَوَّلٍ، حتَّى بأمِّ ولدٍ، (وإنْ قالَ) إنسانٌ عن إنسانٍ: (له عَلَيَّ ألفٌ. رُجِعَ في تفسيرِ جنسِه إليهِ)؛ أي: إلى المُقِرِّ؛ لأنَّه أَعْلَمُ بما أرادَهُ، (فإنْ فَسَّرَهُ بجنسٍ واحدٍ) مِن ذهبٍ أو فِضَّةٍ أو غَيْرِهما، (أو) فَسَّرَهُ (بأجناسٍ, قُبِلَ مِنه) ذلكَ؛ لأنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُهُ، وإنْ فَسَّرَهُ بنحوِ كلابٍ, لم يُقْبَلْ، و: له عليَّ ألفٌ ودرهمٌ أو وثوبٌ ونحوُه، أو دينارٌ وألفٌ، أو ألفٌ وخمسونَ دِرهماً، أو خَمْسونَ وألفُ درهمٍ، أو ألفٌ إلاَّ دِرهماً، فالمُجْمَلُ من جنسِ المُفَسَّرِ معَه، و: له في هذا العبدِ شِرْكٌ أو شَرِكَةٌ، أو: هو لِي وله، أو: شَرِكَةٌ بَيْنَنَا، أو: له فيه سَهْمٌ، رُجِعَ في تفسيرِ حِصَّةِ الشريكِ إلى المُقِرِّ، و: له عليَّ ألفٌ إلاَّ قليلاً. يُحْمَلُ على ما دونَ النصفِ. (وإذا قالَ) المُقِرُّ عن إنسانٍ: (له عَلَيَّ ما بينَ دِرْهَمٍ وعَشَرَةٍ, لَزِمَهُ ثمانيةٌ)؛ لأنَّ ذلكَ هو مُقْتَضَى لَفْظِهِ، (وإن قالَ): له عليَّ (ما بينَ درهمٍ إلى عَشَرَةٍ، أو) قالَ: له عليَّ (مِن دِرْهَمٍ إلى عَشَرَةٍ. لَزِمَه تِسْعَةٌ)؛ لِعَدَمِ دُخُولِ الغايةِ، وإنْ قالَ: أَرَدْتُ بقَوْلِي: مِن دِرْهَمٍ إلى عَشَرَةٍ. مجموعَ الأعدادِ؛ أي: الواحدَ والاثنيْنِ والثلاثةَ والأربعةَ والخمسةَ والستَّةَ والسبعةَ والثمانيةَ والتسعةَ والعَشَرَةَ, لَزِمَه خمسةٌ وخمسونَ، و: له ما بينَ هذا الحائطِ إلى هذا الحائطِ. لا يَدْخُلُ الحائطانِ، و: له عليَّ دِرْهَمٌ فوقَ دِرْهَمٍ، أو تحتَ دِرْهَمٍ، أو معَ درهمٍ، أو فوقَه درهمٌ أو تحتَه، أو معَه درهمٌ، أو قبلَه أو بعدَه درهمٌ، بل درهمانِ، لَزِمَهُ دِرهمانِ. (وإنْ قالَ) إنسانٌ عن آخَرَ: (له عليَّ درهمٌ أو دينارٌ. لَزِمَهُ أحدُهما)، ويُرْجَعُ في تَعْيِينِهِ إليه؛ لأنَّ (أَوْ) لأحدِ الشيئيْنِ، وإنْ قالَ: له دِرْهَمٌ، بل دينارٌ. لَزِمَاهُ، (وإنْ قالَ) المُقِرُّ: (له عليَّ تَمْرٌ في جِرَابٍ. أو) قالَ: له عليَّ (سِكِّينٌ في قِرَابٍ، أو) قالَ: له (فَصٌّ في خاتَمٍ. ونحوَه) كـ: لَهُ ثوبٌ في مِنْدِيلٍ، أو عبدٌ عليه عِمَامَةٌ، أو دَابَّةٌ عليها سَرْجٌ، أو زيتٌ في زِقٍّ، (فهو مُقِرٌّ بالأوَّلِ) دونَ الثاني، وكذا لو قالَ: له عِمامةٌ عَلَى عبدٍ، أو فرسٌ مُسَرَّجَةٌ، أو سيفٌ في قِرَابٍ. ونحوَه، وإنْ قالَ: له خاتَمٌ فيه فَصٌّ، أو سيفٌ بقِرَابٍ. كانَ إقراراً بهما، وإنْ أَقَرَّ له بخاتَمٍ, وأَطْلَقَ, ثمَّ جَاءَهُ بخاتَمٍ فيه فَصٌّ وقالَ: ما أَرَدْتُ الفَصَّ. لم يُقْبَلْ قولُه. وإقرارُه بشجرٍ أو بشجرةٍ ليسَ إقراراً بأرضِها، فلا يَمْلِكُ غَرْسَ مكانِها لو ذَهَبَتْ، ولا يَمْلِكُ رَبُّ الأرضِ قَلْعَها. وإقرارُه بأَمَةٍ ليسَ إقراراً بِحَمْلِها، وكذا لو أَقَرَّ بِبُسْتَانٍ, شَمِلَ الأشجارَ، وبشجرةٍ شَمِلَ الأغصانَ.
وهذا آخِرُ ما تَيَسَّرَ جَمْعُهُ، واللهَ أَسْأَلُ أنْ يُعِمَّ نَفْعَه، وأنْ يَجْعَلَهُ خالصاً لِوَجْهِهِ الكريمِ، وسَبَباً للفوزِ لَدَيْهِ بِجَنَّاتِ النعيمِ، والحمدُ للهِ الذي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصالحاتُ، والصلاةُ والسلامُ على سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وآلِهِ وصَحْبِهِ على مَمَرِّ الأوقاتِ، آمِينَ، إنَّه جَوَادٌ كريمٌ, كريمٌ بِمَنِّهِ.
قالَ ذلك جَامِعُه ومُؤَلِّفُه فقيرُ رَحْمَةِ رَبِّهِ العَلِيِّ الشيخُ منصورُ بنُ يُونُسَ بنِ صلاحِ الدِّينِ بنِ حَسَنِ بنِ أحمدَ بنِ عليِّ بنِ إِدْرِيسَ البهوتيُّ الحَنْبَلِيُّ، عفا اللهُ عنَّا وعنه. وقالَ فَرَغْتُ مِنه يومَ الجُمُعَةِ ثَالِثَ شَهْرِ رَبِيعٍ الثانِي مِن شهورِ سَنَةِ ثلاثٍ وأربعينَ وألفٍ، والحمدُ للهِ وَحْدَهُ، وصَلَّى اللهُ على سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وآلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ.

  #4  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 05:57 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم


فصل في الإقرار بالمجمل([1])

وهو: ما احتمل أمرين فأكثر، على السواء([2]) ضد المفسر([3]) (إذا قال) إنسان (له) أي لزيد مثلا (على شيء([4]) أو) قال له علي (كذا) أو كذا كذا، أو كذا وكذا([5]) أو له علي شيء وشيء([6]) (وقيل له) أي: للمقر (فسره) أي فسر ما أقررت به، ليتأتى إلزامه به([7]) (فإن أبى) تفسيره (حبس حتى يفسره) لوجوب تفسيره عليه([8]).


(فإن فسره بحق شفعة([9]) أو) فسره (بأقل مال، قبل) تفسيره([10]) إلا أن يكذبه المقر له، ويدعي جنسا آخر([11]) أو لا يدعي شيئا فيبطل إقراره([12]) (وإن فسره) أي فسر ما أقر به مجملا (بميتة أو خمر) أو كلب لا يقتنى (أو) بمال لا يتمول (كقشر جوزة) أو حبة بر، أو رد سلام، أو تشميت عاطس ونحوه (لم يقبل) منه ذلك، لمخالفته لمقتضى الظاهر([13]) (ويقبل) منه تفسيره (بكلب مباح نفعه) لوجوب رده([14]) (أو حد قذف) لأنه حق آدمي كما مر([15]).


وإن قال المقر لا علم لي بما أقررت به، حلف إن لم يصدقه المقر له، وغرم له أقل ما يقع عليه الاسم([16]) وإن مات قبل تفسيره لم يؤاخذ وارثه بشيء، ولو خلف تركه، لاحتمال أن يكون المقر به حد قذف، وإن قال: له علي مال، أو مال عظيم، أو خطير أو جليل، ونحوه([17]) قبل تفسيره، بأقل متمول([18]) حتى بأم ولد([19]) (وإن قال) إنسان عن إنسان (له علي ألف رجع في تفسير جنسه إليه) أي إلى المقر، لأنه أعلم بما أراده([20]).


(فإن فسره بجنس) واحد من ذهب أو فضة أو غيرهما (أو) فسره (بأجناس قبل منه) ذلك لأن لفظه يحتمله([21]) (وإن فسره بنحو كلاب، لم يقبل([22]) وله علي ألف ودرهم، أو ثوب ونحوه، أو دينار وألف، أو ألف وخمسون درهما أو خمسون وألف درهم، أو ألف إلا درهم، فالمجمل من جنس المفسر معه([23]) وله في هذا العبد شرك أو شركة([24]) أو هو لي وله أو هو شركة بيننا، أو له فيه سهم، رجع في تفسير حصة


الشريك إلى المقر، وله علي ألف إلا قليلا، يحمل على ما دون النصف([25])) (وإن قال) المقر عن إنسان (له علي ما بين درهم وعشرة، لزمه ثمانية) لأن ذلك هو مقتضى لفظه([26]) (وإن قال) له علي (ما بين درهم إلى عشرة أو) قال له علي (من درهم إلى عشرة لزمه تسعة) (لعدم دخول الغاية([27]) وإن قال أردت بقولي من درهم إلى عشرة مجموع الأعداد؛ أي: الواحد والاثنين، والثلاثة والأربعة، والخمسة والستة والسبعة والثمانية، والتسعة والعشرة، لزمه خمسة وخمسون([28]) وله ما بين هذا الحائط إلى هذا الحائط، لا يدخل الحائطان([29]))


وله علي درهم فوق درهم، أو تحت درهم، أو مع درهم، أو فوقه أو تحته، أو معه درهم أو قبله، أو بعده درهم، أو درهم بل درهمان، لزمه درهمان([30]) (وإن قال إنسان) عن آخر (له علي درهم أو دينار، لزمه أحدهما) ويرجع في تعيينه إليه لأن أو لأحد الشيئين وإن قال: له درهم بل دينار، لزماه([31]) (وإن قال) المقر (له علي تمر في جراب([32]) أو) قال له علي (سكين في قراب([33]) أو) قال له (فص في خاتم ونحوه) كثوب في منديل، أو عبد عليه عمامة، أو دابة عليها سرج، أو زيت في زق (فهو مقر بالأول) دون الثاني([34]) وكذا لو قال: له عمامة على عبد، أو فرس مسرجة


أو سيف في قرابه ونحوه([35]) وإن قال له خاتم فيه فص([36]) أو سيف بقراب، كان إقرارا بهما([37]) وإن أقر له بخاتم وأطلق، ثم جاءه بخاتم فيه فص، وقال: ما أردت الفص، لم يقبل قوله([38]) وإقراره بشجر أو شجرة، ليس إقرارا بأرضها، فلا يملك غرس مكانها، ولو ذهبت([39]) ولا يملك رب الأرض قلعها([40]) وإقراره بأمة، ليس إقرارا بحملها([41]) ولو أقر ببستان شمل الأشجار([42]).


وبشجرة شمل الأغصان([43])
وهذا آخر ما تيسر جمعه، والله أسأل أن يعم نفعه وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم، وسببا للفوز لديه بجنات النعيم، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وآله وصحبه على مدى الأوقات.
قال: فرغت منه يوم الجمعة، ثالث شهر ربيع الثاني، من شهور سنة ثلاث وأربعين وألف، والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.


([1]) وهو نقيض المبين، وإنما صح الإقرار بالمجمل، ولم تصح الدعوى به، لكون الإقرار على المقر، والدعوى للمدعي، فيلزمه تبيين ما عليه، عند الجهالة، دون ماله، والمدعي له، داع إلى تحرير دعواه، ولا كذلك المقر.
([2]) وقيل: ما لا يفهم معناه عند الإطلاق.
([3]) أي: المبين.
([4]) قيل له: فسر ما أقررت به.
([5]) صح الإقرار: قال في الشرح: بغير خلاف.
([6]) أو قال: له علي شيء شيء.
([7]) أي قال له الحاكم، فسره لأنه يلزمه تفسيره، لأن الحكم بالمجهول لا يصح، فإن فسره بشيء، وصدقه المقر له، ثبت.
([8]) لأنه حق عليه، فإذا امتنع منه حبس عليه، كالمال، وكما لو عينه وامتنع من أدائه، وإن امتنع من تفسيره، قيل له، إن بينته وإلا جعلناك ناكلا.
([9]) قبل، لأنه حق واجب يئول إلى المال.
([10]) لأن الشيء يصدق عليه أقل مال، قال في الإنصاف، بلا نزاع.
([11]) أي: غير الذي فسره به.
([12]) لتكذيبه المقر له، ويحلف المقر إن ادعى المقر له جنسا آخر.
([13]) ولأن إقراره اعتراف بحق عليه، وهذه المذكورات لا تثبت في الذمة، ورد السلام ونحوه، يسقط بفواته.
([14]) أي، ويقبل من المقر بمجمل، تفسيره بكلب مباح نفعه، ككلب صيد، أو ماشية أو زرع، لوجوب رده، فيتناوله الإيجاب.
([15]) أي أو فسر ما أقر به مجملا بحد قذف، قيل، لأنه يصح إطلاقه، على ما ذكر ونحوه، حقيقة وعرفا، ولأن حد القذف حق لآدمي فقبل تفسيره به، كما مر في بابه.
([16]) أي حلف أنه لا علم له بما أقر به، من قولي له علي شيء، أو كذا ونحوه إن لم يصدقه المقر له، وغرم المقر للمقر له، أقل ما يقع عليه الاسم، كالوصية بشيء، فتعطى الورثة أقل ما يقع عليه الاسم، وإن صدقه المقر له خلي سبيله.
([17]) كالكثير والنفيس، والعزيز.
([18]) لأنه عند الفقير عظيم، ولأنه لا حد له في الشرع، ولا في اللغة، ولا في العرف، ويختلف الناس فيه، فقد يكون عظيما عند بعض، حقيرا عند آخرين.
([19]) هذا المذهب، وقال الشيخ: يرجع إلى عرف المتكلم، فيحمل مطلق كلامه على محتملاته، وقال ابن القيم: الحق أنه لا يقبل من الملك ونحوه، تفسيره بأدنى متمول واعتبر الأصحاب العرف، والمقاصد في الإيمان، ولا فرق.
([20]) ولأنه يحتمل الدنانير، والدراهم، أو غيرها، ففي الألف إيهام، كالشيء.
([21]) قال في الإنصاف بلا نزاع.
([22]) ظاهره: ولو كانت مباحة، لبعده عن الظاهر، وهذا مع ما تقدم، مع أنه إذا قال: له على شيء، أو كذا يقبل تفسيره بكلب مباح نفعه، فلعل ما هنا، إذا فسره بالكلاب التي لا يصح بيعها.
([23]) ولا يقبل منه إن فسره بغير ذلك، لأنه ذكر مبهما مع مفسر، فكان المبهم من جنس المفسر، لأن العرب تكتفي بتفسير إحدى الجملتين عن الأخرى، كقوله ]وَازْدَادُوا تِسْعًا[ أي سنين، ولو قال: له علي بعض العشرة، فله تفسيره بما شاء منها، وإن قال: شطرها فهو نصفها، وقيل ما شاء، ذكره في الرعاية، واقتصر عليه في الإنصاف.
([24]) ومقتضى الشركة يقتضي التسوية، وفي النكت، هما فيه سواء، وهو مقتضى القاعدة وفي الإنصاف: لو قيل هو بينهما نصفين، كان له وجه، ويؤيده قوله تعالى: ]فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ[ وأما قوله: أوله فيه سهم، فقال القاضي: السهم سدس، وجزم به في الوجيز.
([25]) وكذا له على ألف إلا شيئا، وإن قال: له علي معظم الألف، أو قريب من ألف، يلزمه أكثر من نصف الألف، ويرجع في تفسيره إليه، ويحلف على الزيادة إن ادعيت عليه.
([26]) لأن ذلك ما بينهما، وكذا إن عرفهما بالألف واللام.
([27]) بناء على أن الغاية ليست داخلة في المغيا، وهو أبعد استعمالات في اللغة، قال الخلوتي: والصحيح منها، أنها إن كانت من جنس المغيا، دخلت وإلا فلا.
([28]) لأن مجموعها كذلك، ولك أن تزيد أول العدد، وهو واحد على العشرة فيصير أحد عشر، وتضربها في نصف العشرة، يبلغ ذلك.
([29]) ذكره القاضي محل وفاق، وكذا لو قال: له ما بين هذين الحائطين، ولأنه إنما أقر بما بينهما.
([30]) لأن هذه الألفاظ تجري مجرى العطف، لأن معناها الضم، فكأنه أقر بدرهم، وضم إليه آخر.
([31]) لأن الأول لا يمكن أن يكون الثاني، ولا بعضه، فلزماه، وكذا نظائره حيث كان المضرب عنه، ليس المذكور بعده، ولا بعضه لزمه الجميع.
([32]) بكسر الجيم.
([33]) بكسر القاف.
([34]) وكذا كل مقر بشيء، جعله ظرفا، أو مظروفا، لأنهما شيئان متغايران لا يتناول الأول منهما الثاني: ولا يلزم أن يكون الظرف والمظروف لواحد، والإقرار إنما يثبت مع التحقيق، لا مع الاحتمال.
([35]) من الظروف وغيرها، أي فإقرار بالأول لا الثاني، لأن الأول لم يتناول الثاني كما تقدم.
([36]) كان مقرا بهما، لأن الفص جزء من الخاتم.
([37]) فالباء للمصاحبة فكأنه قال: سيف مع قراب، لأن الباء تعلق الثاني بالأول، والوصف يبين الموصوف، ويوضحه فلا يغايره.
([38]) لأن الخاتم اسم للجميع، والفص جزء من الخاتم، أشبه ما لو قال: له عندي ثوب فيه علم، وظاهره، لو جاء بخاتم بلا فص، وقال: هذا الذي أردت قبل، لأن لفظه يحتمله.
([39]) لأنه تصرف في ملك الغير، بغير إذنه.
([40]) وكذا البيع والوقف، لأن الظاهر أنها وضعت بحق، وثمرتها للمقر له، لأنها نماؤها فتتبعها.
([41]) لأنه قد لا يتبعها.
([42]) والبناء والأرض، لأنه اسم للجميع، إلا أن يمنع مانع، ككون الأرض أرض عنوة.
([43]) والعروق والورق لأنه اسم للجميع وفي الثمرة ما سبق من التفصيل في بيع الأصول والثمار.

  #5  
قديم 14 ربيع الثاني 1432هـ/19-03-2011م, 02:38 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

إِذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ، أَوْ كَذَا، قِيلَ لَهُ: فَسِّرْهُ، فَإِنْ أَبَى حُبِسَ حَتَّى يُفَسِّرَهُ، فإِنْ فَسَّرَهُ بِحَقِّ شُفْعَةٍ أَوْ بِأَقَلِّ مَالٍ قُبِلَ، وَإِنْ فَسَّرَهُ بِمَيْتَةٍ أَوْ خَمْرٍ أَوْ قِشْرِ جَوْزَةٍ لَمْ يُقْبَلْ،....
هذا الفصل عقده المؤلف للإقرار بالشيء المجمل المبهم، والتابع لغيره.
قوله: «إِذَا قَالَ لَهُ: عَلَيَّ شَيْءٌ» «شيءٌ» كلمة، مطلقة مجملة، غير مبينة، ما ندري هذا الشيء؟
قوله: «أو كذا» أي: قال: له عليَّ كذا، وكلمة «كذا» أو «كذا كذا» ـ أيضاً ـ مجملة غير مبينة، فهنا ثبت إقرار، ولم يُبِيَّن المُقَرُّ به، فماذا نصنع؟ قال المؤلف:
«قِيلَ لَهُ: فَسِّرْهُ» أي قيل للمقر: فسره، ما هذا الشيء الذي قلت: إنه لفلان عليك؟ قال: الشيء الذي له علي مائة درهم، فيلزمه مائة درهم، أو قال: له علي كذا، قيل: فسِّر هذا المبهم، قال: مائة دينار، فيلزمه مائة دينار، فإن ادعى المُقَر له أنه مائة دينار في المسألة الأولى، ومائتا دينار في المسألة الثانية، فإن أتى ببينة، وإلا فالقول قول المقر؛ لأنه غارم ولم يثبت الحق إلا من قِبَلِه، فكان مرجع تفسيره إليه.
قوله: «فَإِنْ أَبَى حُبِسَ حَتَّى يُفَسِّرَهُ» يعني منع من الذهاب والمجيء حتى يفسره؛ لأنه لما قال: له علي كذا، تعلق به حق للغير، وهذا الحق مبهم فيجب عليه أن يفسره.
فإذا فسره فتارة يقبل تفسيره، وتارة لا يقبل، فإن فسره بأمر يعتبر ويُقَرُّ به عادة ويلتزم به الإنسان لغيره قبل؛ ولهذا قال:
«فَإِنْ فَسَّرَهُ بِحَقِّ شُفْعَةٍ أَوْ بِأَقَلِّ مَالٍ قُبِلَ» إذا فسره بحق شفعة قبل، مثال ذلك: بعتُ نصيبي من هذه الأرض على زيد، وشريكي عمرو، فقال زيد الذي اشترى نصيبي لعمرو: لك علي شيء، قيل له: ما الشيء الذي لي عليك؟ قال: حق الشفعة، والشفعة أن عمرواً له الحق أن ينتزع ما بعته على زيد فإذا فسره بحق الشفعة قبل.
أو فسره بحق خيار قُبِل، مثاله: اشترى زيد من عمرو سلعة على أن للمشتري الخيار ثلاثة أيام، فقال البائع: له علي شيء، قلنا: فسره، قال: حق خيار، يصح؛ لأن هذه حقوق تتعلق بالأموال.
وإذا فسره بأقل مال قبل، قال: له علي شيء، قلنا: فسره، قال: خمس وعشرون هللة، يصح؛ لأنها تعتبر مالاً.
قوله: «وَإِنْ فَسَّرَه بِمَيْتَةٍ أَوْ خَمْرٍ أَوْ قِشر جَوْزَةٍ لَمْ يُقْبَلْ» قال: له عندي شيء، أو له علي شيء، قلنا: ما هو؟ قال: جيفة شاة، لا يقبل هذا؛ لأنها غير متموَّلة فلا تثبت في الذمة، أو فسره بخمر فلا يقبل؛ لأنه غير متموَّل، فليس بمال شرعي، أو فسره بقشرة جوزة، والجوز معروف، قال: له عندي شيء، ما هذا الشيء؟ قال: قشرة جوزة، هذا لا يقبل؛ لأنه غير متموَّل، قال: عندي له شيء، فقيل: ما هو؟ فقال: حبة ذرة، فلا يقبل؛ لأنه غير متموَّل، مع أنه بالإمكان أنه يبذر هذه الحبة وتأتي بسبع سنابل، في كل سنبلة مائة حبة، لكن نقول: هذه ما جرت العادة بأن الإنسان يلتزم لغيره بمثلها، ولو فسره بتمرة فالظاهر أن هذه يرجع فيها للحال الواقعة، فمثلاً إذا كنا في زمن مجاعة ـ نسأل الله السلامة ـ فالتمرة لا شك أنها شيء، وكم أنقذت من عاطب وهالك، أما إذا كان في زمن رخاء فإنها ليست بشيء، والرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال: «اتقوا النار ولو بشق تمرة» [(278)].
الخلاصة: إذا فسره بما يتمول قُبِل، وإذا فسر بما لا يتمول عادة كقشر الجوزة، أو شرعاً كالخمر، أو لخبثه والرغبة عنه كالميتة فإن ذلك لا يقبل، ولهذا نقول: الميتة غير متمولة من أجل خبثها والرغبة عنها، وإلا فمن الممكن دبغ جلدها، ويطهر بالدبغ، فيمكن أن تكون متمولة.
وكذلك إذا لم يكن من الحقوق المالية، ولا يتعلق بالمال فلا يقبل تفسيره به، فلو قال: له علي شيء، فقيل: فسره؟ قال: له علي إذا عطس فحمد الله أن أقول له: يرحمك الله، أو له علي إذا سلم أن أرد السلام، نقول: هذا لم تجرِ العادة بالإقرار به والتزام الإنسان إياه في ذمته، وعلى هذا فلا يقبل تفسيره بذلك، إنما يقبل في المال والحقوق المالية كحق الشفعة.
قوله: «وَيُقْبَلُ بِكَلْبٍ مُبَاحٍ نَفْعُهُ أَوْ حَدِّ قَذْفٍ» فإذا قال: له علي شيء، قيل: فسره، قال: كلب صيد، أو كلب ماشية، أو كلب حراسة، فيقبل؛ لأنه يجب رده على صاحبه، فلو أن أحداً غصب كلباً مباح النفع وجب عليه أن يرده إلى صاحبه، وإن كان لو أتلفه لم يضمن، لكن من أجل انتفاع صاحبه به يجب عليه رده.
كذلك يقبل بحد قذف؛ لأن هذا حق لآدمي فهو كالحق المالي، فإذا قال: له علي شيء، قيل: ما هو؟ قال: حد قذف؛ لأنني قذفته، وحقه عليَّ أن أجلد ثمانين جلدة، فهذا يقبل.
وقيل: إنه لا يقبل أي: في الأمرين جميعاً، قالوا: لأنه لا يتموَّل.
وإن ادعى المُقَر له شيئاً، قيل له: أثبت البينة، وإلا فلا شيء لك.
قوله: «وَإِن قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ رجع في تفسير جنسه إليه» «ألف» عدد مبهم، لا يعرف جنسه، نقول: فسره، ألف درهم؟ ألف دينار؟ ألف ثوب؟ فنرجع في تفسيره إليه.
قوله: «فَإِن فَسَّرَهْ بِجِنْسٍ أَوْ أَجْنَاسٍ قُبِلَ مِنْهُ» بجنس واحد بأن قال: ألف دينار، فإذا قال: ألف دينار ودرهم فهذان جنسان، لكن هل نقول: يلزمه في هذا المثال ألف دينار وزيادة درهم، أو نقول: ألف دينار ودرهم، يعني ألف من الدنانير والدراهم؟ الظاهر الأول ألف دينار ودرهم، لكن لو قال: ألف دنانير ودراهم، فحينئذ يلزمه من الجنسين ما لا يزيد على الألف، ولكن نقول: إذا لم يبين النسبة فهما أنصاف يعني مناصفة، فيلزمه خمسمائة دينار وخمسمائة درهم، ومثله ـ أيضاً ـ ألفٌ قمصٌ وسراويل، أما ألف قميص وسروال، فكالأولى، يعني يلزمه ألف قميص زائداً السروال.

وَيُقْبَلُ بِكَلْبٍ مُبَاحٍ نَفْعُهُ، أَوْ حَدِّ قَذْفٍ، وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ رُجِعَ فِي تَفْسِيرِ جِنْسِهِ إِلَيْهِ، فَإِنْ فَسَّرَهُ بِجِنْسٍ أَوْ أَجْنَاسٍ قُبِلَ مِنْهُ، وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةٍ لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ، وَإِنْ قَالَ: مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ إِلَى عَشَرَةٍ، أَوْ مِنْ دِرْهَمٍ إِلَى عَشَرَةٍ لَزِمَهُ تِسْعَةٌ، .....
قوله: «وإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ وَعَشَرةٍ لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ» لأن الذي بين الواحد والعشرة ثمانية.
قوله: «وإن قَالَ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ إلى عَشَرَةٍ أو مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ لَزِمَهُ تِسْعَةً» هاتان صورتان ما بين درهم إلى عشرة هذه صورة، والثانية من درهم إلى عشرة يلزمه تسعة، الصورة الثانية الأمر فيها ظاهر؛ لأنه ذكر ابتداء الغاية وانتهاءها، وابتداء الغاية داخل لا انتهاؤها، فالدرهم داخل والعشرة خارجة، فيلزمه تسعة.
لكن قوله: ما بين درهم إلى عشرة مشكل؛ لأنك إن قلت: إن انتهاء الغاية خارج أخرجت العشرة، والبينونة تقضي أن الطرفين خارجان، فإذا قال: ما بين درهم إلى عشرة، فعلى القاعدة يلزمه ثمانية، وهذا أحد القولين في هذه الصورة، أنه إذا قال: ما بين درهم إلى عشرة لا تلزمه إلا ثمانية؛ لأن «درهم» الأول خرج و«عشرة» خرجت؛ لأن «إلى» للغاية، وما بعدها غير داخل، لكن الذين يقولون بأنه تلزمه تسعة، يقولون: إن الغاية لا يدخل فيها المُغَيَّا إذا ذكر الابتداء، يعني إذا جاءت «من» ، أما إذا لم يذكر الابتداء فإن المُغَيَّا داخل، وعلى هذا نقول: «ما بين درهم» يخرج الدرهم وتدخل العشرة، فيلزمه تسعة، واستدل بعضهم بأن المرافق داخلة في الغسل في قوله تعالى: {{وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}} [المائدة: 6] ؛ لأنها لم تذكر «من» ، فلما قال: إلى المرافق بدون ذكر ابتداء الغاية، صارت الغاية داخلة.
وينبغي أن يقال: إن مسألة الإقرارات يرجع فيها إلى العرف لا إلى ما تقتضيه اللغة؛ لأن الإقرارات مبنية على ما يتعارفه الناس في عاداتهم ونطقهم، وقد سبق لنا في كتاب الأيمان وفي كتاب الوصايا أن العرف مقدم على الحقيقة اللغوية، فإذا كان عرف الناس أنه إذا قال: له ما بين درهم إلى عشرة، يعني ثمانية، فإنه يلزمه ثمانية، وإذا قال: ما بين درهم إلى عشرة، يعني أنه لا يدري فهو من ريال إلى عشرة، فهنا لا يلزمه إلا ما عيَّنه المتكلم، وهذه تقع كثيراً، يقول: أنا لست متأكداً، فإنه يجب له علي شيء، لكنه من ريال إلى عشرة، فقد يكون ريالاً، ريالين، ثلاثة، أربعة، خمسة، ستة، سبعة، ثمانية، تسعة، أو عشرة، فيرجع في هذا إلى العرف، ولهذا لو أراد مجموع العدد في قوله: من درهم إلى عشرة لزمه خمسة وخمسون، فصارت المسألة الآن مبنية على ما يراد، وعلى ما جرى به العرف، فعندنا ثلاث مراتب، ما أراده، وما جرى به العرف، ثم بعد ذلك الحقيقة اللغوية، وهذا هو الصحيح في هذه المسائل.
قوله: «وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ أَوْ دِينَارٌ لَزِمَهُ أَحَدُهُما» لأن «أو» للشك لم تعين أحد الأمرين، فيرجع في التعيين إلى نفس المقر، مثاله: سئل رجل: ما الذي يطلبك فلان؟ قال: ما أدري، إما درهم أو دينار، نقول: يرجع في التعيين إلى المقر، ومن الناحية العملية لو قال المقر له: أنا متأكد أنه دينار، فالورع في هذا الباب أن يدفع له ديناراً؛ لأنه هو شاكٌّ وصاحبه متيقن، لا سيما إذا كان المقر له رجلاً صدوقاً ثقة وأميناً، فإنه يتأكد عليه حينئذ أن يدفع إليه الدينار.

وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ أَوْ دِيْنَارٌ لَزِمَهُ أَحَدُهُمَا. وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ تَمْرٌ فِي جِرَابٍ، أَوْ سِكِّينٌ فِي قِرَابٍ، أَوْ فَصٌّ فِي خَاتَمٍ، وَنَحْوُهُ فَهُوَ مُقِرٌّ بِالأَْوَّلِ، والله سبحانه وتعالى أعلم.
قوله: «وإن قَالَ: لَهُ عَلَيَّ تَمْرٌ فِي جِرَابٍ، أَوْ سِكِّينٌ فِي قِرَابٍ، أَوْ فَصٌّ فِي خَاتَمٍ ونَحْوُه فهُوَ مُقِرٌّ بِالأَوَّلِ» إذا قال: له علي تمر في جراب، والجراب وعاء يجعل فيه التمر، فهل هو مقر بالجراب، أو بالتمر وحده أو بهما جميعاً؟ يقول: بالأول أي: بالتمر، فإذا قال: له علي تمر في جراب، قلنا: ما عليك إلا التمر، ثم عيِّن التمر كثيراً أو قليلاً؛ لأنه كثيراً ما تجري العادة بأن يأتي الإنسان بتمر من شخص يسرقه أو يأخذه خطأ أو ما أشبه ذلك، ويضعه في جراب عنده، هو مالكه.
أو «سكين في قراب» يلزمه السكين فقط، أما القراب فلا؛ لأنه ربما يأخذ سكين شخص خطأ، أو سرقة، أو غصباً ثم يضعها في قراب عنده، وهذا كثير، فهو لا يقر إلا بالأول، بخلاف ما لو قال: سيف في قراب، فإنه مُقِرٌّ بهما جميعاً، والفرق أن القراب ملازم للسيف غالباً أو دائماً ولا تكاد تجد سيفاً صلتاً، لكن السكين غالباً أنه في غير قراب، مثل ما لو قال: سكين في كرتون، لا يدخل الكرتون، أو سكين في صندوق، فما يدخل الصندوق، إذن هناك فرق بين الملازم وغير الملازم.
«أو فص في خاتم ونحوه فهو مقر بالأول» وهو الفص، والخاتم غير مقر به؛ لأنه ربما يسرق فصاً ويضعه في خاتمه، وهذا كثير، ولأن الفص تابع للخاتم ولا عكس، فلو قال: خاتم في فص، يمكن أن نجعل «في» بمعنى «مع»، فيلزمه خاتم ذو فص، وإذا قال: خاتم فيه فص يلزمه الأمران، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

* * *
انتهت بفضل الله تعالى وعونه وتوفيقه الدروس العلمية التي عقدها فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين المتوفى رحمه الله تعالى عام 1421هـ لشرح كتاب «زاد المستقنع في اختصار المقنع» لمؤلفه الشيخ الفقيه الفاضل شرف الدين أبو النجا الحجاوي المتوفى رحمه الله تعالى عام 960هـ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.



[278] أخرجه البخاري/ باب اتقوا النار ولو بشق تمرة... (1417)، وأخرجه مسلم في الزكاة/ باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة... (67) (1016) عن عدي بن حاتم رضي الله عنه.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مَن, أقر

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:58 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir