دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > العقيدة الطحاوية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 ربيع الأول 1430هـ/1-03-2009م, 10:08 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية للشيخ: يوسف بن محمد الغفيص (مفرغ)


الجمع بين النفي والإثبات في مذهب السلف
قال المؤلف عليه رحمة الله: [ومن لم يتوق النفي والتشبيه زلَّ ولم يصب التنزيه، فإن ربنا جل وعلا موصوف بصفات الوحدانية، منعوت بنعوت الفردانية، ليس في معناه أحد من البرية] . هذه الجملة التي ساقها الطحاوي رحمه الله هي استتمام لتعليقه على توحيد الأسماء والصفات. وقوله: (ومن لم يتوق النفي والتشبيه زل ولم يصب التنزيه)، إشارة إلى أن مذهب سلف الأمة مبني على الجمع بين الإثبات والنفي، ولهذا ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه الأسماء والصفات على جهة الإثبات المفصل والمجمل، وذكر سبحانه وتعالى تنزهه عن مشابهة غيره أياً كان هذا الغير. وإن كان المصنف رحمه الله استعمل لفظ النفي مقارباً للفظ التشبيه، إلا أن لفظ النفي أشرف من لفظ التشبيه؛ فإن لفظ التشبيه منفي على الإطلاق وإن لم يصرح بنفيه في القرآن، وإنما صرح في القرآن بنفي التمثيل، ولكن نفي لفظ التشبيه مستعمل في كلام السلف. وأما النفي فإنه معنىً يقابل الإثبات في العربية، ويراد به هنا نفي الصفة، ونفي الصفة مجملاً أو مفصلاً مستعمل في القرآن، فالمجمل كقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:11] والمفصل كقوله: {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} [الكهف:49] . ولا شك أن مراد أبي جعفر رحمه الله بالنفي هنا النفي الذي تستعمله الجهمية والمعتزلة ومن شاركهم في طريقتهم من متكلمة الصفاتية، فإن هذا النفي هو النفي المذموم عند السلف، والأولى ألا يعبر بالنفي مقابلاً للتشبيه، فإن السلف برآء من طريقة التعطيل والتشبيه والتمثيل، فيكون المقابل على التحقيق لطريقة المشبهة والممثلة هي طريقة المعطلة، إلا أن النفي لصفات النقص مجمع عليه بين السلف، وهم يستعملون في ذلك طريقة القرآن، فلا يفصلون في صفات النفي؛ لأن كل إثبات مفصل في القرآن فإنه يستلزم بضرورة العقل نفي ما يقابله. ولو أن الطحاوي رحمه الله لم يستعمل لفظ النفي واستعمل لفظ التعطيل أو ما يقاربه مما ذم السلف لكان أولى. ......

الكلام عن الفرق بين صفات الله تعالى وصفات مخلوقاته
قال: (فإن ربنا جل وعلا موصوف بصفات الوحدانية، منعوت بنعوت الفردانية، ليس في معناه أحد من البرية). هذه جمل مجملة يتفق المسلمون عليها، فليس أحد من المسلمين ينازع في جمل التوحيد الأولى، ومن نازع فيما هو من جمل التوحيد الكلية فإنه لا يكون مسلماً؛ لأنها من شرط عقد الإسلام، وإن كان لا يلزم من ذلك أن يكون مناط هذه الجمل محققاً عند سائر أهل القبلة، فمن هذه الجمل المتفق عليها: أن الله موصوف بالكمال منزه عن النقص، وعن مشاركة أحد له في كماله. ولكن لا يلزم من هذا الاتفاق المجمل أن يكون هناك تحقيق عند سائر الطوائف للمناط الصحيح لهذه الجملة، فالمعتزلة مثلاً سمت نفي الصفات توحيداً، وصار من أخص أصولهم ومقدمها التوحيد، ويريدون به نفي الصفات. وأيضاً: عدم مشاركة أحد له تعالى في صفات كماله، جملة يتفق المسلمون عليها، وإن كان غلط من غلط من طوائف المشبهة في بعض أحرف هذه المسألة، وقابلهم أهل التعطيل الذين بالغوا في التفريق بين صفاته وصفات خلقه إلى حد التعطيل، وإلا فإن التفريق ثابت بالإجماع. ......

إنكار المعطلة لصفة العلو
الذين عطلوا صفة العلو عن الله سبحانه وتعالى فإنهم يستعملون لتعطيلها طرقاً، فغلاتهم كالمتفلسفة ومن اقتدى بهم من المعتزلة ومتأخري الأشاعرة يقولون: لا داخل العالم ولا خارجه، وبعض من ينتسب منهم للسنة والجماعة وهو ليس كذلك كمتأخري الأشاعرة يعبرون بنفي الجهة، وهذا تعبير عبَّر به طوائف من المعتزلة. وهذه المقالات ليس لها أثر في دين الرسل، وليس عليها مسحة الأنبياء، ولا يفقه العقل منها إلا الحكم على هذا الموصوف بالعدم، فإن ما لا يكون داخل العالم ولا يكون خارجه لا يكون إلا عدماً، فإذا قالوا: يمتنع أن يكون داخل العالم ويمتنع أن يكون خارجه فهذا هو الممتنع. ولهذا قال شيخ الإسلام وغيره: (إن طريقة هؤلاء أنهم يشبِّهون الباري بالممتنعات؛ لأنهم يقولون: يمتنع أن يكون داخل العالم ويمتنع أن يكون خارجه). ......

خلاصة أدلة منكري العلو
كل دليل ذكره المتفلسفة الإسلاميون -أي: من ينتسبون للإسلام كـابن سينا و ابن رشد وأمثالهم- أو ذكره أئمة الجهمية -كأئمة المعتزلة ونحوهم- أو ذكره المتأخرون من الأشاعرة كـأبي المعالي و محمد بن عمر الرازي و أبي الحسن الآمدي وأمثال هؤلاء، أو ذكره الماتريدية؛ كل دليل ذكره هؤلاء موجباً لنفي العلو من العقل فإنه يرجع إلى دليل واحد وهو: أن إثبات العلو يستلزم إثبات الجهة، والجهة تستلزم التحيُّز، أي: أن يكون الله في مكان معين يحوزه، سواء عبروا عنها بدليل المقابلة، أو استلزام المقابلة، أو استلزام الانطباع، أو كما زعم المعتزلة أن أخص صفات الباري القدم، ولو أثبتنا العلو أثبتنا الجهة، فيلزم أن نكون أثبتنا قديماً آخر مع الله، وهو ما يسميه بعض أئمتهم المتاخرين: دليل الغيرية.

معنى أن الله في السماء
لا شك أن السلف مجمعون على أن الله سبحانه وتعالى بائن عن خلقه، حتى قال أبو حنيفة رحمه الله: (من زعم أن الله في السماء على معنى كون الكرسي في السماء فقد كفر)، ومعنى هذا: أن قوله تعالى: {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك:16] وقوله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث معاوية بن الحكم للجارية: (أين الله؟ قالت: في السماء) ليس المقصود منه أنه في إحدى السماوات السبع أو غيرها من المخلوقات، وقد قال عن كرسيه: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ}} {[البقرة:255] فكيف بعرشه. وقول المعطلة مبني على أنهم فسروا كلام السلف وظاهر القرآن: أن الله في السماء، بمعنى أنه داخل مخلوق من مخلوقاته سواء السماء السابعة أو غيرها، وليس معنى قول السلف: إن الله في السماء، مساوياً لقولك: إن الملائكة في السماء. بمعنى: أنهم في المكان المخلوق يحيط بهم ويحتاجون إليه، ولا كمعنى قولك: إن بني آدم في الأرض، أي أنهم مستقرون بها محتاجون إليها، فيكون وجودهم مرتبطاً بوجودها؛ لكن معنى كونه في السماء، أي: أنه فوق سماواته.


الرد على منكري علو الله تعالى
لقد ذكر الله تعالى في سبعة مواضع من كتابه استواءه على عرشه، فقال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5] والعرش هو سقف المخلوقات، والله فوق عرشه، ولهذا فسَّر السلف الاستواء بالعلو، وإذا كان علياً على عرشه فإن غير العرش من المخلوقات يكون من باب أولى؛ لأن العرش هو سقف المخلوقات وهو أعظمها، فقول السلف هو القول الذي لا يمكن لعاقل -حتى ولو لم يكن مسلماً- إذا استعمل عقله الذي آتاه الله إياه إلا أن يصححه. يقول شيخ الإسلام في (منهاج السنة) و(درء التعارض)، وغيرها: (وأما قولهم: لو كان متصفاً بالعلو لكان في جهة، فإنا نقول: إن لفظ (الجهة) لفظ مجمل حادث، فإن أريد بالجهة الجهة الوجودية -أي: الجهة المخلوقة- فإن الله منزه عن سائر مخلوقاته؛ لأنه بائن عن خلقه، وإن أريد بالجهة معنىً عدمياً، وهو أنه فوق العالم؛ فإن الله سبحانه وتعالى بائن عن خلقه، فوق سماواته، مستو على عرشه). ومن باب الاستطراد يقول رحمه الله: (ومن زعم أن سائر ما يكون موجوداً يلزم أن يكون في جهة مخلوقة فقد غلط، قال: فإن العالم متناهٍ من جهة كونه مخلوقاً، قال: ومعلوم أن سقف العالم ليس في جهة أخرى، وإلا لزم التسلسل، فإذا صح ذلك فيما هو مخلوق على جهة الإمكان العقلي ففي حق الخالق من باب أولى، بل يكون هذا في حقه واجباً، وهو لتنزيهه سبحانه وتعالى عن سائر مخلوقاته). وقد كان الجاهليون فضلاً عن أتباع الرسل إذا ذكروا كونه سبحانه وتعالى في السماء يقصدون أنه في العلو، أي: فوق السماوات. وقد استعمل بعض أئمة المثبتة للعلو كـأبي محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب ؛ وأبي الحسن الأشعري دليل العقل على إثبات هذه الصفة، واستعمله أيضاً الإمام أحمد كما نص عليه شيخ الإسلام ، قال: (فإن الإمام أحمد قال لبعض أئمة الجهمية في هذه المسألة: إن الله لما خلق العالم خلقه بائناً عن ذاته، أوحالاً في ذاته؟ ومعلوم أنه لا بد أن يكون بائناً عن ذاته، قال: فإما أن يكون الله فوقنا وإما أن يكون محايزاً لنا وإما أن يكون تحتنا، والله منزَّه عن السفل وعن المشاكلة والمحايزة، فلم يبق من ضرورة العقل إلا أن يقال: إن الله فوق العرش). ولهذا كان من فقهه وأدبه صلى الله عليه وآله وسلم مع ربه لما ذكر الدعاء: (اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي، قال: وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي) ولم يقل: واحفظني من تحتي. قال شيخ الإسلام : (وهذا من أدب الأنبياء مع ربهم؛ لأن الله سبحانه وتعالى منزَّه عن السفل، وإن كان محيطاً بكل شيء ولا يخفى عليه شيء؛ فإنه الباطن الذي ليس دونه شيء).

إثبات العلو يلزم منه إثبات سائر الصفات
كل من أثبت صفة العلو فإنه يلزمه عند التحقيق أن يثبت سائر الصفات؛ ولهذا ترى أن أئمة المعطِّلة لما عطَّلوها رتبوا على تعطيلها التعطيل لعامة الصفات، بل يمكن أن يقال: إذا انغلق تعطيل صفة من الصفات على المعتزلة ردوا تعطيلها إلى كون إثباتها يستلزم إثبات العلو، وهو ما يسمونه في كتبهم بالجهة، والجهة عندهم منتفية. ومن مثال ذلك: صفة الرؤية؛ فإنه انغلق عليهم امتناعها من جهة العقل، فلم يجعلوا لمنعها من جهة العقل إلا أن إثباتها يستلزم إثبات الجهة الذي هو إثبات العلو، وهذا ما يسمى عندهم بدليل المقابلة.

السؤال عن الله تعالى بـ(أين)
إن سائر المنكرين لهذه الصفة مجمعون على أنه لا يصح أن يسأل عنه سبحانه بالأين، ويقولون: إن من سأل عنه بأين لزم أن يقوم في عقل الجاهل ما هو من التشبيه. فيقال لهم: إنه صلى الله عليه وآله وسلم لما أراد إثبات إيمان الجارية قال لها في أول سؤال: (أين الله؟ فقالت: في السماء. قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله. قال: أعتقها فإنها مؤمنة) . وقد استوعب محمد بن عمر الرازي سائر الأدلة التي أوردها أئمة الجهمية والمعتزلة وابن سينا وأمثاله، وأوردها بعض أصحابه الذين شاركوه كـأبي المعالي وغيره؛ استوعبها في كتبه المطولة كـ(المطالب العالية)، و(نهاية العقول)، و(أساس التقديس)، وزعم محمد بن عمر الرازي أنه لم يقل بإثبات هذه الصفة إلا الحشوية وأتباع محمد بن كرام المشبهة، وهذا جهل أو كذب، وأحسن أحواله الجهل، فإنه يعلم أن هذا ليس مذهباً مختصاً بهؤلاء وحدهم، وليس هناك طائفة معروفة يقال بأنها الحشوية. وإن كان مراده بذلك المثبتة للصفات، فهذا تشبيه أو استعمال دخل عليه من المعتزلة، بل إنه قال في (أساس التقديس): (ولم يثبت هذه الصفة إلا الحنبلية والكرامية). وأريد بالحنبلية أتباع الإمام أحمد ؛ لأنه يزعم أن إثباتها مختص به، وهذه دعوى قالها الرازي وجماعة حين زعموا أن هذا المذهب الذي قرره شيخ الإسلام وأمثاله هو مذهب مختص بالإمام أحمد ، وبعض هؤلاء يقول: هو مذهب للإمام أحمد وأهل الحديث، حتى لا يضيفوه إلى الشافعي و أبي حنيفة وأمثالهم من الفقهاء وغيرهم. وقد استعمل بعض المفكرين من المعاصرين مثل هذا الكلام، فصار يخصص ما ذكره شيخ الإسلام بطريقة أهل الحديث، ويعني بأهل الحديث: أحمد وأمثاله، ويجعلون الشافعي و أبا حنيفة من الفقهاء. وكل هذه طرق متكلفة، ولا شك أن السلف عُبَّادهم وفقهاؤهم ومحدثوهم، بل وعامة المسلمين على هذه الأصول، ولا يزيغ عنها إلا مخالف لأصولهم وطريقتهم، ومن يكون قد تلقى علمه ودينه عن الأصول الكلامية التي يعلم أنه من الممتنع في العقل فضلاً عن الشرع أن يعلق الإيمان والتوحيد بها. قال شيخ الإسلام في درء التعارض: (ولو كان الناس محتاجين في أصول دينهم إلى غير ما ذكره الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وما نزل عليه، لما كان هذا القرآن بياناً وهدىً للناس).

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
وأن, قوله

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:03 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir