دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب المناسك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20 صفر 1430هـ/15-02-2009م, 11:39 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي السنة أن يبيت بمنى، فإذا طلعت الشمس سار إلى عرفات ملبيا، وما هي حدود عرفة

ويَبيتُ بِمِنًى، فإذا طَلَعَت الشمسُ سارَ إلى عَرفةَ، وكُلُّها مَوْقِفٌ إلا بَطْنَ عُرَنَةَ.


  #2  
قديم 20 صفر 1430هـ/15-02-2009م, 12:33 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

.........................

  #3  
قديم 21 صفر 1430هـ/16-02-2009م, 11:00 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(ويَبِيتُ بمِنًى) ويُصَلِّي معَ الإمامِ استِحْبَاباً، (فإذا طَلَعَت الشمسُ) مِن يومِ عَرَفَةَ (سَارَ) مِن مِنًى (إلى عَرَفَةَ) فأَقَامَ بنَمِرَةَ إلى الزَّوالِ يَخْطُبُ بها الإمامُ أو نَائِبُه خُطْبَةً قصيرةً مُفْتَتَحَةً بالتكبيرِ يُعَلِّمُهم فيها الوُقُوفَ ووَقْتَه والدَّفْعَ مِنه والمَبِيتَ بمُزْدَلِفَةَ.
(وكُلُّها)؛ أي: كُلُّ عَرَفَةَ (مَوقفٌ إلا بَطْنَ عُرَنَةَ) لقولِه عليه السَّلامُ: ((كُلُّ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ وَارْفَعُوا عَنْ بَطْنِ عُرَنَةَ)) رواهُ ابنُ مَاجَهْ.


  #4  
قديم 21 صفر 1430هـ/16-02-2009م, 11:01 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(ويبيت بمنى)([1]) ويصلي مع الإمام استحبابا([2]) (فإذا طلعت الشمس) من يوم عرفة (سار) من منى (إلى عرفة) ([3]).
فأقام بنمرة إلى الزوال([4]) يخطب بها الإمام أو نائبه([5]) خطبة قصيرة([6]) مفتتحة بالتكبير([7]) يعلمهم فيها الوقوف، ووقته،والدفع منه والمبيت بمزدلفة([8]) (وكلها) أي كل عرفة (موقف([9]) إلا بطن عرنة) ([10]).
لقوله عليه السلام ((كل عرفة موقف، وارفعوا عن بطن عرنة)) رواه ابن ماجه([11]).



([1]) يصلي بها الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، والفجر، لحديث جابر: فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى، فأهلوا بالحج، فركب النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر، والمغرب والعشاء والفجر، وكل من أدركه الليل فقد بات، نام أو لم ينم، وسمي مني لأنه يمنى فيه الدم، أي: يصب.
([2]) لصلاة الحاج معه صلى الله عليه وسلم بها الفروض الخمسة، قصرا بلا جمع، قال الشيخ: والإيقاد بمنى بدعة، مكروهة باتفاق العلماء.
([3]) قال الشيخ: والسنة أن يبيت الحاج بمنى، فيصلون بها الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، والفجر، لا يخرجون منها حتى تطلع الشمس، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم فالمبيت بها، والمسير إذا طلعت الشمس، سنة باتفاق العلماء، قال: ويسيرون منها على طريق ضب، من يمين الطريق اهـ وهو المعروف الآن بطريق القناطر، والسنة في وصوله إلى عرفة أن يكون عليه، وافتراقه من مزدلفة، ينعطف على اليمين، قرب المشعر الحرام، وضب اسم للجبل الذي حذاء مسجد الخيف، قال ابن القيم: ومن أصحابه الملبي والمكبر، ولم ينكر على أحد منهم، وفيه حديث مرفوع، وقال الشيخ: ولا يزال يلبي في ذهابه من مشعر
إلى مشعر، مثل ذهابه إلى عرفات، وذهابه منها إلى مزدلفة حتى يرمي جمرة العقبة اهـ، وعرفة: اسم لموضع الوقوف، سميت: «عرفة»؛ لأن جبرئيل حج بالخليل حتى إذا أتاها قال: عرفت. روي عن علي وعطاء وغيرهما، وقيل: لعلو الناس على جباله، والعرب تسمى ما علا عرفة، وقيل: لأن الناس يتعارفون في ذلك اليوم، ويسمَّى، المشعر الحرام، والمشعر الأقصى، قال أبو طالب:
وبالمشعر الأقصى إذا قصدوا له إلا إلى تلك الشراج القوابل.
([4]) أي زوال الشمس عن كبد السماء إلى جهة المغرب، قال الشيخ: كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وهي: قرية كانت خارجة عن عرفات من جهة اليمين اهـ، وموضعها أكمة، عليها أنصاب الحرم، على يمينك إذا خرجت من مأزمي عرفة، تريد الموقف، فهي شرقي شمالي عرفة، خراب اليوم، قال ابن الهمام: ونزول النبي صلى الله عليه وسلم بنمرة لا نزاع فيه، ولأبي داود وغيره عن ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم نزل بنمرة، وهو منزل الإمام الذي ينزل بعرفة، حتى إذا كانت عند صلاة الظهر، راح مهجرًا، فجمع بين الظهر والعصر، وفي حديث جابر: وأمر بقبة من شعر فضربت له بنمرة، فنزل بها، حتى إذا زالت الشمس أمر بالقصوى فرحلت له.

([5]) أي يخطب الإمام أو نائبه بعرنة، كما خطب النبي صلى الله عليه وسلم رواه مسلم من حديث جابر، وروى الحاكم وغيره عن المستورد نحوه، قال عبد الحق: خطبته قبل الصلاة مشهورة،وعمل به الأئمة والمسلمون وقال الشيخ: يسير إليها من بطن الوادي: وهو موضع النبي صلى الله عليه وسلم الذي صلى فيه الظهر والعصر، وخطب وهو في حدود عرفة ببطن عرنة، وهناك مسجد يقال له، مسجد إبراهيم، يعني ابن محمد العباسي، لا الخليل وإنما بني في أول دولة بني العباس اهـ ثم زيد فيه من عرفة، والزيادة في نفس المسجد معلمة
بصخرات كبار فرشت هناك، فصدر المسجد من عرنة، وآخره من عرفة، وبين المسجد والحرم نحو ألف ذراع.
([6]) قال سالم للحجاج: إن كنت تريد أن تصيب السنة، فقصر الخطبة وعجل الصلاة، قال ابن عمر: صدق، رواه البخاري، قال الشيخ: خطبة نسك لا خطبة جمعة.
([7]) وتقدم أنه صلى الله عليه وسلم كان يفتتح خطبه بالحمد، وقال: ((كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أقطع)).
([8]) فيذكر العالم، ويتعلم الجاهل، ثم ينزل فيصلي بهم الظهر والعصر قصرا، يجمع بينهما، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه.
([9]) إجماعا فمن وقف في أي جزء كان من عرفات صح وقوفه، وحدها، من الجبل المشرف على عرنة، إلى الجبال المقابلة، إلى ما يلي حوائط بني عامر ويقال: قصور آل مالك، يبلغ طولها ميلين وكذا عرضها، قال الوزير: اتفقوا على أن عرفات وما قارب الجبل كله موقف، لقوله صلى الله عليه وسلم ((وقفت ههنا، وعرفة كلها موقف)) وأرسل للناس، أن يكونوا على مشاعرهم، ويقفوا بها، فإنها من إرث أبيهم إبراهيم، إلا ما كان من الحمس.
([10]) بضم العين وفتح الراء والنون، الوادي الذي يقال له مسجد عرنة، وهي مسايل، يسيل فيها الماء إذا كان المطر، فيقال لها الجبال، وهي ثلاثة جبال أقصاها مما يلي الموقف، ذكره البكري وغيره.
([11]) ولأنه لم يقف بعرفة، فلم يجزئه، كما لو وقف بمزدلفة، وحكاه ابن المنذر وغيره، إجماع الفقهاء، وقال الوزير وغيره: بطن عرنة لا يجزئ الوقوف به باتفاق الأئمة.


  #5  
قديم 12 ربيع الثاني 1432هـ/17-03-2011م, 04:09 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

قوله: «ويبيت بمنى» ، أي: يبيت بمنى ليلة التاسع، وعلى هذا فيصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر كلها في منى قصراً بلا جمع؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يكن يجمع في منى وإنما جمع في عرفة، وفي مزدلفة.
مسألة: هل هذا الحكم ـ القصر والجمع ـ خاص بأهل الآفاق أو لهم ولأهل مكة؟
المذهب ليس لأهل مكة قصر ولا جمع، لأنهم ليسوا مسافرين، إذ أن السفر ما بلغ ستة عشر فرسخاً، ومقداره بالكيلو نحو ثلاثة وثمانين كيلو، ومعلوم أن عرفة لا تبلغ ثلاثة وثمانين كيلو، ولذلك يقولون: لا يجوز لأهل مكة أن يجمعوا في مزدلفة وفي عرفة، ولا أن يقصروا في منى.
والصحيح أن أهل مكة كغيرهم من الحجاج، ولكن بشرط أن يكونوا مسافرين، أي خارجين عن مكة، وفي يومنا هذا إذا تأمل المتأمل يجد أن منى حي من أحياء مكة، وحينئذٍ يقوى القول بأنهم لا يقصرون في منى، وفي مزدلفة وفي عرفة لهم الترخص برخص السفر؛ لأنهم مسافرون، فهم يتأهبون لسفر الحج بالطعام والرحل والماء، ولذلك كان أهل مكة مع النبي صلّى الله عليه وسلّم يقصرون في منى وعرفة ومزدلفة، ويجمعون في مزدلفة وعرفة، ولم يأمرهم النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يتموا، لكن اختلف الوضع الآن.
وقال بعض أهل العلم: إن القصر والجمع في الحج ليس سببه السفر وإنما سببه النسك، وعلى هذا القول الحجاج من أهل مكة يقصرون، ويجمعون في موضع الجمع، لكن هذا القول ضعيف؛ إذ لو كان سببه النسك لكانوا إذا حلوا التحلل الثاني، -وهذا يمكن أن يكون يوم العيد- لم يحل لهم أن يقصروا في منى، ولو كان سببه النسك، لكانوا إذا أحرموا في مكة بحج أو عمرة جاز لهم الجمع والقصر، فالقول بأنه هو النسك ضعيف جداً، ولا ينطبق على القواعد الشرعية.

فَإِذَا طَلَعَت الشَّمْسُ سَارَ إِلَى عَرَفَةَ وَكُلُّهَا مَوْقِفٌ إِلاَّ بَطْنَ عُرَنَة
قوله: «فإذا طلعت الشمس سار إلى عرفة» ، أي: من اليوم التاسع فيسير إلى عرفة، وينزل أولاً بنمرة.
ونمرة قرية قرب عرفة، وليست من عرفة لا شك لأنه إذا كان بطن عرفة ليس من عرفة فهي أبعد من بطن عرنة.
فإن قال قائل: بماذا تجيبون عن حديث جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: ثم سار النبي صلّى الله عليه وسلّم ـ يعني من منى ـ حتى أتى عرفة، فوجد القبة قد ضربت له بنمرة [(1)]، فإن ظاهره أن نمرة جزء من عرفة؟
فالجواب: أن مراد جابر ـ رضي الله عنه ـ أنه لم ينزل بمزدلفة كما كانت قريش تنزل في مزدلفة، فيقفون في مزدلفة، فقول جابر: حتى أتى عرفة، يعني أنه لم يقف في مزدلفة، ولذلك قال في نفس الحديث: «ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت تصنع في الجاهلية فأجاز حتى أتى عرفة» ، فيكون هذا بياناً لمنتهى سيره، وأن منتهى سيره إلى عرفة.
وهل هذا النزول نزول نسك أو نزول راحة؟
الجواب: المعروف عند العلماء أنه نزول نسك ويحتمل أنه نزول راحة؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((ضربت له القبة في نمرة))، ((ولما طلب منه أن يضرب له قبة في منى))[(2)] قال: ((منى مناخ من سبق)) [(3)] ، لأن منى مشعر، فإقراره ضرب القبة له بنمرة ومنعه ذلك في منى يشعر بأن نمرة ليست بمشعر وأن نزوله بها للراحة فقط.
لكن المعروف أن النزول بها سنة وليس من أجل الراحة، فينزل بها إن تيسر، وهي معروفة الآن، وبعض الحجاج ينزلون فيها، ويحدثوننا أنهم يجدون راحة بالغة، ولا سيما فيما سبق، لما كان الناس يحجون على الإبل، فإنهم يحتاجون إلى الراحة.
وينزل إلى أن تزول الشمس، فإذا زالت الشمس ركب من نمرة إلى عرفة، ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((ركب من نمرة حتى أتى بطن الوادي، بطن عرنة، فنزل في بطن الوادي)) ، والظاهر عندي والله أعلم أن نزوله في بطن الوادي؛ لأن بطن الوادي في الغالب يكون رملياً، فيكون فيه لين وسهولة على الناس للجلوس وللصلاة ثم خطب الناس خطبة بليغة قرر فيها قواعد الإسلام، وشيئاً كثيراً من أحكامه، وأعلن في تلك الخطبة، أن ربا الجاهلية موضوع، وأن أول رباً يضعه ربا العباس بن عبد المطلب؛ لأنه عمه، وفي هذا دليل على أن الربا الثابت في ذمم الناس يجب وضعه، ولا يجوز أخذه حتى وإن عقد قبل إسلام العاقد، أما ما قبض من قبل من ربا، وأتى الإنسان موعظة من الله فإنه له، لكن ما بقي في ذمم الناس فإنه لا تتم التوبة منه إلا إذا تركه ولم يقبضه، وتأمل قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم في هذا الموقف العظيم: ((أول رباً أضع ربا العباس)) [(4)]؛ لأنه قريبه، والحاكم لا يحابي أقاربه في حكم الله، بل يبدأ بهم قبل الناس، حتى يعلم أنه ليس عنده محاباة في دين الله.
وكان عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ إذا منع الناس من شيء جمع أهل بيته وقال لهم: إني نهيت الناس عن كذا وكذا، والناس ينظرون إليكم نظر الطير إلى اللحم، فإن وقعتم وقعوا، وإن هبتم هابوا، وإني والله لا أوتى برجل منكم وقع في شيء مما نهيت عنه الناس إلا أضعفت لمكانه مني، فمن شاء فليتقدم ومن شاء فليتأخر[(5)].
والنبي صلّى الله عليه وسلّم قال في هذا الموقف العظيم والمجمع الكبير: ((أول ربا أضعه من ربانا ربا العباس بن عبد المطلب)) ، وقال في موضع آخر: ((وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها))[(6)]، فأقسم ـ وهو الصادق البار بلا قسم ـ أنه لو سرقت فاطمة بنت محمد سيدة نساء أهل الجنة، وأشرف النساء نسباً لقطع يدها.
وقوله: «لقطعت» ، يحتمل لقطعت يدها مباشرة، ويحتمل أمرت بقطع يدها، والأول أبلغ في كونه يقطع يد ابنته إذا سرقت.
فالحاصل أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم يضع للحكام منهجاً لو ساروا عليه لأفلحوا، وهو أن يكون أقاربهم وحاشيتهم عندهم كسائر الناس. وبعد أن خطب الناس هذه الخطبة أمر بلالاً، فأذن وأقام وصلى الظهر، ثم أقام وصلى العصر، ولم يسبح بينهما شيئاً[(7)]، وفي تقديمه الخطبة على الأذان، والجمع بين الظهر والعصر دليل على أنه لم يقصد بذلك صلاة الجمعة؛ لأن صلاة الجمعة تكون الخطبة فيها بعد الأذان، وإلا فإن ذلك اليوم كان هو يوم الجمعة في حجة النبي صلّى الله عليه وسلّم مما يدل على أن المسافر لا يقيم الجمعة حتى لو كان معه أهل الأرض جميعاً، ثم ركب حتى أتى آخر عرفة من الناحية الشرقية، فوقف هناك، وكان عادته أن يكون في أخريات قومه لا يكون في المتقدمين؛ لأجل أن يتفقد من كان محتاجاً، ولو كان موقفه في أدنى عرفة مما يلي مكة لدفع قبل الناس، وهذا من تواضعه صلّى الله عليه وسلّم وحسن سياسته.
وقف هناك وقال: ((وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف)) [(8)]، فكأنه صلّى الله عليه وسلّم يشير إلى الأمة ألا تكلف نفسها هذا الموقف الذي وقفه الرسول صلّى الله عليه وسلّم، بل كل إنسان في مكانه؛ لئلا يحصل الزحام والأذى، فيؤذي الناس بعضهم بعضاً.
قوله: «وكلها موقف إلا بطن عرنة» ، أي كل عرفة مكان للوقوف، وعرفات معروفة لها حدود معروفة تكلم عليها الأولون، والحكومة السعودية ـ وفقها الله ـ جعلت أعلاماً بعد التحري والضبط لحدودها، وفي السنوات الأخيرة لما كثر مخالفة الناس في الموقف ووقوفهم خارج حدود عرفة، جعلت العلامات واضحة بينة كبيرة.
وقوله: «وكلها موقف إلا بطن عرنة» ، دليله أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ((كل عرفة موقف، وارفعوا عن بطن عرنة)) [(9)].
وانتبه لكلمة ((بطن عرنة)) دون الحافتين اللتين لا يأتيهما السيل إلا إذا كان قوياً، فالبطن هو الممنوع، والحكمة من ذلك، هل لأنه خارج عرفة، أو لأن السنة ألا ينزل الإنسان في الأودية؟ فيه احتمال أنه من عرفة، لكن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ((ارفعوا عنه)) ؛ لأنه وادٍ ولا ينبغي للمسافر أن ينزل في الأودية، ويؤيد هذا أنه لولا أنه منها لم يقل: «ارفعوا عن بطن عرنة» ، ولكان قد عرف أن بطن عرنة خارج عرفة، وينبني على هذا لو أن إنساناً وقف في بطن عرنة ولم يدخل عرفة وخرج كمَّل حجه.
فإن قلنا: إن الوادي منها ولكن أمرنا بأن نرتفع عنه؛ لأنه وادٍ فحجه صحيح، وإن قلنا إنه ليس منها فحجه غير صحيح، وهذا يحتاج إلى تحرير بالغ؛ لأنه مهم ينبني عليه أن الإنسان أدى فريضته، أو لم يؤد فريضته، فتحريره مهم جداً.
وظاهر كلام المؤلف أن بطن عرنة، وهو بطن الوادي من عرفة، ووجه ذلك استثناؤه منها؛ لأنه لو لم يكن من عرفة ما احتاج إلى استثنائه، وعليه فنقول: بطن عرنة من عرفة، ولكن مع ذلك لا يجوز الوقوف فيه، ولهذا قال: ((وكلها موقف إلا بطن عرنة)) .
ولو وقف في الوادي ودفع منه، فحجه غير صحيح؛ لأن هذا ليس من عرفة شرعاً، وإن كان منها مكاناً.



[1]ـ[2] سبق تخريجه ص(76).
[3] أخرجه أحمد (6/187، 207)؛ وأبو داود في المناسك/ باب تحريم مكة (2019)؛ والترمذي في الحج/ باب ما جاء أن منى مناخ من سبق (881)؛ وابن ماجه في المناسك/ باب النزول بمنى (3006)؛ وابن خزيمة (2891)؛ والحاكم (1/467) عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ وصححه ابن خزيمة، وقال الحاكم: «على شرط مسلم» ووافقه الذهبي.
[4] سبق تخريجه ص(76) من حديث جابر ـ رضي الله عنه ـ.
[5] رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» رقم (30640)، (6/199).
[6] أخرجه البخاري في الحدود/ باب كراهية الشفاعة في الحد إذا رفع... (6788)؛ ومسلم في الحدود/ باب قطع يد السارق الشريف وغيره (1688) عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ.
[7] سبق تخريجه من حديث جابر ص(76).
[8] أخرجه مسلم في الحج/ باب ما جاء أن عرفة كلها موقف (1218)، (149) عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ.
[9] أخرجه الإمام أحمد (4/82) عن جبير بن مطعم وفي إسناده انقطاع، وأخرجه ابن حبان (3854) إحسانه؛ والبزار (1126) «كشف الأستار»، وابن عدي (3/1118)؛ والبيهقي (9/295) وهو منقطع أيضاً كما في «نصب الراية» (3/61).
وأخرجه الطبراني في «الكبير» (1583) وفيه ضعف كما في «نصب الراية» (3/61)، وأخرجه الحاكم (1/426)؛ والبيهقي (5/115)؛ والطحاوي في «مشكل الآثار» (1194) عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ فلعل الحديث يتقوى بهذه الطرق والمتابعات، وانظر: «التلخيص» (1048)؛ و«التعليق على صحيح ابن حبان» و«مشكل الآثار» طبعة الرسالة.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
من, السنة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:10 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir