(ويلزم الصوم) في شهر رمضان (لكل مسلم) لا كافر([1]) ولو أَسلم في أَثنائه قضى الباقي فقط ([2]) (مكلف) لا صغير ومجنون([3]). (قادر) لا مريض يعجز عنه، للآية([4]) وعلى ولي صغير مطيق، أمره به، وضربه عليه، ليعتاده([5])
([1]) إجماعًا، لقوله تعالى{ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ }والضمير عائد إلى المسلم، دون الكافر إجماعًا، فلا يجب عليه الصوم ولو مرتدًا، لأنه عبادة بدنية محضة تفتقر إلى نية، فكان من شرطه الإسلام، ولا يصح صوم كافر، بأي كفر كان إجماعًا، والردة تمنع صحته إجماعًا، لأن الصوم عبادة محضة، فنافاها الكفر، كالصلاة، بلا خلاف، ويقضي ما فاته زمن الردة، لأنه التزم الوجوب بالإسلام، دون الكفر الأصلي إجماعًا، وترغيبًا في الإسلام.
([2]) أي فلا يلزمه قضاء ما مضى من الأيام، وهو إجماع، لحديث وفد ثقيف: قدموا في رمضان، وضرب عليهم قبة في المسجد، فلما أسلموا، صاموا ما بقي من الشهر، فمن أسلم فيه صام بلا خلاف، ويلحق به من كلف أو أفاق، عند الجمهور، أو زال عذره المانع له من الصوم إجماعًا، ولأن كل يوم عبادة مفردة، وما قبله لا يلحق به، ومراد الشارح: لو أسلم الكافر في أثناء اليوم، أمسك بقية يومه، وقضى ذلك اليوم الذي أسلم فيه، جزم به الموفق وغيره، وفي عبارته غموض، وقال شيخ الإسلام وغيره: يمسك بقية يومه، ولا يقضي، وهو مذهب أبي حنيفة، وإحدى الروايتين عن الشافعي. وهذا أصل عند الشيخ وغيره، وهو: أن العبادات لا تلزم قبل بلوغها المكلف.
([3]) باتفاق الأئمة، حكاه الوزير وغيره، لحديث «رفع القلم عن ثلاثة، مجنون حتى يفيق، وصغير حتى يبلغ» ولأنهما غير مخاطبين، ولا يصح من المجنون، لعدم إمكان النية منه، ويصح من مميز كصلاته، ولا يجب حتى يبلغ عند أكثر أهل العلم.
([4]) وهي قوله تعلى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} فإطاقته معتبرة، حسًا وشرعًا، وكذا يجب على مقيم إجماعًا، فدخل في عبارته المقيم والمسافر، والصحيح، والمريض، والطاهر، والحائض، والنفساء، والمغمى عليه، فإن هؤلاء كلهم يجب عليهم الصوم في ذممهم، بحيث أنهم يخاطبون بالصوم، ليعتقدوا الوجوب في الذمة، والعزم على الفعل، إما أداء، وإما قضاء، ثم منهم من يخاطب بالفعل في نفس الشهر أداء، وهو الصحيح المقيم، إلا الحائض والنفساء، ومنهم من يخاطب بالقضاء فقط، وهو الحائض، والنفساء، والمريض الذي لا يقدر على الصوم أداء، وهو يقدر عليه قضاء، ومنهم من يخير بين الأمرين، وهو المسافر، والمريض الذي يمكنه الصوم بمشقة شديدة، من غير خوف التلف، وهذا مما لا نزاع فيه.
([5]) وينشأ عليه، كالصلاة، وذلك إصلاح، لا عقوبة، إلا أن الصوم أشق، فاعتبرت له الطاقة، لأنه قد يطيق الصلاة من لا يطيق الصوم، ولا يتقيد بسن، وقال المجد: لا يؤاخذ به، ويضرب عليه فيما دون العشر كالصلاة، وهو قول أكثر أهل العلم. قال: واعتباره بالعشر أولى للخبر.