دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى الخامس

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #5  
قديم 13 شعبان 1443هـ/16-03-2022م, 03:15 PM
إيمان جلال إيمان جلال غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 380
افتراضي

اختر مجموعة من المجموعات التالية، وخرج الأقوال فيها، وبين حالها، ووجهها، ورجح ما تراه راجحا في معنى الآية:

المجموعة الأولى:
1) قول مجاهد في تفسير قول الله تعالى: "تماما على الذي أحسن"، قال: على المؤمنين والمحسنين.
التخريج:
رواه ابن جرير من طريق المثنى عن أبي حذيفة عن شبل عن ابن أبي نجيح عنه مثله.
كما أخرجه عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن أبي نجيح عنه، كما جاء في الدر المنثور للسيوطي.
وبلفظ: على المؤمنين.
رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح عنه.
كما رواه آدم بن أبي إياس بلفظ المفرد (المؤمن) من طريق إبراهيم عن آدم عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عنه.
وبلفظ: على المحسنين. (على قراءة الحسن)
رواه ابن جرير من طريق محمد بن عمرو عن أبي عاصم عن عيسى عن ابن أبي نجيح عنه.
التوجيه:
يصح تفسير الآية بما فسرها به مجاهد، فتكون "الذي" بمعنى (الذين)، وأحسن فعل ماض صلة (الذين). وتكون "على" هنا بمعنى (لام الجر). كقولك: أتم الله عليه، وأتم الله له.
ذكر قطرب دليلا من اللغة: كما تقول: أوصي بمالي للذي غزا وحج، تريد الغازين الحاجين، ويجوز أن تأتي "الذي" بمعنى (من).
وهو موافق لقراءة عبد الله بن مسعود في مصحفه: (تماما على الذين أحسنوا). وقد ذكر السيوطي أن قراءة ابن الأنباري عن هارون: "تماما على المحسنين". فتكون "الذي" لجنس المحسنين.
فيكون المعنى: وآتينا موسى الكتاب تفضلا منا على المحسنين من الأنبياء ومن المؤمنين من أهل ملتهم وإتماما للنعمة عندهم.
فموافقة قول مجاهد للقراءة الثابتة عن ابن مسعود، وقبولها من جهة اللغة، ويؤيده ما استدل به ابن كثير، وهو قوله تعالى: ""يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي"، كل هذا يؤيد صحة تفسير مجاهد للآية. والله أعلم.

وقد قال الدكتور عبد اللطيف الخطيب: والأحسن حمل مثل هذه القراءة على التفسير.

تحرير مسألة معنى "تماما على الذي أحسن":
جاء في الآية عدة قراءات، في كل قراءة معنى، وهي:
القراءة الأولى: (تماما على الذين أحسنوا). وهي قراءة عبد الله بن مسعود وابن محيصن. وقرأ الحسن: (تماما على المحسنين).
وعلى هذه القراءة، جاء المعنى:
وآتينا موسى الكتاب تفضلا منا على المحسنين من الأنبياء ومن المؤمنين من أهل ملتهم وإتماما للنعمة عندهم. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم (عن مجاهد).
ذكره ابن عطية وابن الجوزي وابن كثير.
ذكره الفراء، وقطرب، وعبد الله بن مسلم بن قتيبة، والزجاج، والنحاس.
. قال البغويّ: والمحسنون: الأنبياء والمؤمنون.
قال النحاس: قال الحسن: كان فيهم محسن وغير محسن، وأنزل الكتاب تماما على الذي أحسن، واستدل بقراءة ابن مسعود.
وعلى هذا القول تكون "الذي" بمعنى (الذين)، وأحسن فعل ماض صلة (الذين). وتكون "على" هنا بمعنى (لام الجر). كقولك: أتم الله عليه، وأتم الله له.
ذكر قطرب دليلا من اللغة: كما تقول: أوصي بمالي للذي غزا وحج، تريد الغازين الحاجين، ويجوز أن تأتي "الذي" بمعنى (من).
وهو موافق لقراءة عبد الله بن مسعود في مصحفه: (تماما على الذين أحسنوا). وقد ذكر السيوطي أن قراءة ابن الأنباري عن هارون: "تماما على المحسنين". فتكون "الذي" لجنس المحسنين.
الأدلة والشواهد:
استدل ابن كثير بقوله تعالى: "يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي".

القراءة الثانية: (تماما على الذي أحسنُ) بالرفع، خبر مبتدأ محذوف، أي هو أحسن. وهي قراءة يحيى بن يعمر وابن أبي إسحاق والحسن والأعمش والسلمي وأبو رزين.
وعلى هذه القراءة، جاء المعنى:
تماما على الذي هو أحسن الأشياء. رواه ابن جرير وذكره ابن عطية وابن كثير.
ذكره الفراء وقطرب، وأجازه الزجاج، وذكره النحاس.
"أحسن" بضم النون لتكون صفة تفضيل، رفعت على خبر ابتداء مضمر تقديره هو.
ولكن أبو الفتح ضعف هذه القراءة لقبح حذف المبتدأ العائد، كما قال ابن جرير بأن هذه القراءة لا يستجيز القراءة بها، وإن كان لها في العربية وجه صحيح، لخلافها ما عليه الحجّة مجمعةٌ من قراءة الأمصار. أما المهدوي فقد قال: بأنه فيه بعد، من أجل حذف المبتدأ العائد على "الذي".
الأدلة والشواهد:
قال تعالى: "لننزعن من كل شيعة أيهم أشد". ذكره قطرب.

القراءة الثالثة: (تماما على الذي أحسنَ)، فهو فعل ماض. وهي قراءة الجماعة.
وعلى هذه القراءة، جاء المعنى على ثلاثة أقوال، هما:
القول الأول: "أحسنَ" فعل ماض مبني على الفتح، وهو صلة ل "الذي"، وفيه ضمير يعود على "الذي" تقديره: تماما على المحسن. قاله مكي وذكره الدكتور عبد اللطيف الخطيب.
فالمشار إليه هنا هو (موسى عليه السلام)، والمعنى: تماما على ما أحسن موسى من عبادة ربه والاضطلاع بأمور نبوته، وقيامه بأوامرنا ونواهينا. فقد أحسن موسى فيما أعطاه الله، ومن أحسن في الدنيا تمم له ذلك في الآخرة. قاله قتادة والربيع.
وبتفصيل أكثر: رواه عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم (عن قتادة)، وهو حاصل ما رواه ابن جرير وابن أبي حاتم (عن الربيع) واختاره ابن جرير.
ذكره ابن عطية، وابن كثير.
ذكره الفراء، والنحاس.
قال ابن جرير بأن: "الذي" بمعنى (ما)، وتكون "أحسن" منصوبة لأنها فعل ماض.
الأدلة والشواهد:
ذكر ابن كثير قوله تعالى: "وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن، قال إني جاعلك للناس إماما، قال ومن ذريتي، قال لا ينال عهدي الظالمين".
قال ابن كثير: بأن "الذي" بمعنى (ما) المصدرية، كقوله تعالى: "وخضتم كالذي خاضوا" أي كخوضهم.

القول الثاني: "أحسنَ" فعل ماض مبني على الفتح في محل جر على أنها صفة ل "الذي". قال العكبري: وهو ليس بشيء لأن الموصول لابد له من صلة. ذكره الدكتور عبد اللطيف الخطيب. وروى ابن جرير هذا القول.
وهذا الذي ذكره العكبري مذهب الكوفيين، وهو خطأ عند البصريين، وذكر القرطبي هذا مذهبًا للفراء والكسائي فقد أجازاه. وذكر الزجاج أن هذا خطأ فاحش.
ذكره الفراء والزجاج.
قال بعض نحويي الكوفة: أن "أحسن" هي صفة ل "الذي" من حيث قارب المعرفة، إذ لا تدخله الألف واللام، كما تقول العرب: مررت بالذي خير منك، ولا يجوز فالذي عالم. ولكن الزجاج خطأ هذا القول.
تكون "أحسن" في موضع خفض غير أنه نصب، وسبب خفضه: ردا على "الذي" ولكنه لا يجوز خفضه كونه ممنوعا من الصرف، ولكن جاورت "أحسن" "الذي" فعرفت بتعريفها، فكان كالمعرفة. تقول العرب: مررت بالذي خيرٍ منك وشرٍّ منك.
ذكره ابن عطية.

القول الثالث: "أحسنَ" فعل ماض مبني على الفتح والفاعل محذوف، والهاء محذوفة، وتقديره: تماما على الذي أحسنه الله. قاله مكي، وذكره الدكتور الخطيب.
فالمشار إليه هنا هو (الله عز وجل)، والمعنى هنا كما ذكره الماوردي على قولين:
- القول الأول: تماما على إحسان الله إلى أنبيائه، أي تفضلا وإكمالا على إحسان الله فيه إلى عباده من النبوات والنعم، فقد أحسن الله إلى أنبيائه أن هداهم للإسلام، وآتاهم الكتب تماما لنعمته عليهم وإحسانه عليهم.
- القول الثاني: تماما على إحسان الله إلى موسى، فجاءت التوراة تماما على إحسان الله إلى موسى زيادة على ما أحسن الله إليه. قاله ابن زيد وأبو صخر.
وبتفصيل أكثر: رواه ابن جرير وابن أبي حاتم (عن ابن زيد)، ورواه ابن أبي حاتم (عن أبي صخر)
ذكره ابن عطية والماوردي وابن كثير.
ذكره قطرب.
"الذي" بمعنى "ما"، و "أحسن" في موضع نصب على أنه فعل ماض. ومعنى "تماما" أي زيادة على ذلك.

التوجيه:
اختار ابن جرير معنى القول الأول من القراءة الثالثة، وأن الله آتى موسى التوراة نعمة منه تعالى عليه لما سلف منه من الأعمال الصالحة وحسن الطاعة.
أما بالنسبة للقراءة الأولى، فهي ثابتة عن ابن مسعود، وهي جائزة عند العرب أن تطلق المفرد على ما تريد من الجمع كقوله تعالى: "والعصر، إن الإنسان لفي خسر"، فالعرب تفعل ذلك خاصة في "الذي" وفي (الألف واللام) إذا أرادت به الكل والجميع.
اختار قطرب معنى القراءة الأولى، وقال: أتينا موسى الكتاب تتميما منا للأنبياء وللمؤمنين – الكتب. ولم يستبعد أن ينصرف القول أيضا إلى معنى آخر.
ولكن ابن جرير قال بأنه لا دليل عليه من ظاهر فهم الآية، وأن الأولى تأويل الكلام على الظاهر إلا أن يكون من العقل أو الخبر دليل واضح على أنه المراد.
وبالنسبة للقول الثالث من القراءة الثالثة: ثم آتى الله موسى الكتاب تماما على الذي أحسنّا، أو تماما على الذي أحسن، وصف تعالى نفسه بإيتائه الكتاب، ثم على هذا القول صرفه الخبر بقوله "أحسن" إلى غير المخبر عن نفسه بقرب ما بين الخبرين لدليل واضح على أنه غير المعنى المراد من الآية كما ذكر ابن جرير.
وضعّف ابن جني القراءة الثانية محتجا بعدم جواز حذف المبتدأ العائد على الذي، لأن تقديره: تماما على الذي هو أحسن.
وقال الطبري: (وهذه قراءة لا أستجيز القراءة بها، وإن كان لها في العربية وجه صحيح؛ لخلافها ما عليه الحجة مجمعة من قراء الأمصار).
وقال المهدوي: (وفيه بعد، من أجل حذف المبتدأ العائد على الذي).

وعليه: فإن التوجيه السليم للمعنى – والله أعلم – هو:
صحة المعنى المراد من القراءة الأولى لثبوتها، وكذلك صحة القولين الأول والثالث من القراءة الثالثة، على المعاني المذكورة عندها، أي:
- أن الله آتى موسى الكتاب تفضلا منا على المحسنين من الأنبياء ومن المؤمنين من أهل ملتهم وإتماما للنعمة عندهم.
- وأن الله آتى موسى الكتاب تماما على ما أحسن موسى من عبادة ربه والاضطلاع بأمور نبوته، وقيامه بأوامرنا ونواهينا.
- وأن الله آتى موسى الكتاب تماما على إحسان الله إلى موسى زيادة على ما أحسن الله إليه من النبوة.
والله أعلم.

2) قول محمد بن كعب القرظي: "مناديا ينادي للإيمان": المنادي القرآن.
التخريج:
رواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والخطيب البغدادي (في المتفق والمفترق) عن موسى بن عبيدة عنه.
ورواه عبد بن حميد عنه كما جاء في الدر المنثور للسيوطي.

التوجيه:
تفسير محمد بن كعب القرظي للمراد بالمنادي أنه القرآن صحيح، كون القرآن هو أصل الإيمان ومصدره الرئيسي. فالمؤمن يستمع للقرآن فيجيب إليها ويحسن فيها فيزيده إيمانا، فالإنس قالوا: "فآمنا"، والجن قالوا: "إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به". فالقرآن ينادي للإيمان: أي إلى الإيمان، وكما استدل على ذلك الفراء: كقوله تعالى: "الذي هدانا لهذا" أي: هدانا إلى هذا و "أوحى لها" يريد إليها.
ومما يدل على صحة التفسير بأنه القرآن، قوله تعالى: "سمعنا مناديا للإيمان" والقرآن يسمع، وكل مؤمن يسمعه، قال تعالى على لسان الجن: "إنا سمعنا قرآنا عجبا".
وقوله تعالى: "أن آمنوا بربكم فآمنا"، فالقرآن مصدر الإيمان بالله والدعوة إليه، ولا يعني أنه لم يدع لبقية أركان الإيمان، قال ابن عثيمين: فمن آمن بالله آمن بكل ما أخبر الله به، ومنه بقية الأصول الستة: ملائكة الله، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، فعلى هذا يكون الإيمان بالله متضمنا للإيمان ببقية أركان الإيمان، ويكون ذكرها أحيانا مفصلة من باب التفصيل والبيان، وليس من باب التخصيص، فإن الإيمان بالله يتضمن هذا كله، (( أن آمنوا بربكم فآمنا )) يعني أقررنا بذلك مع الانقياد، مع القبول والإذعان .

تحرير المراد ب "المنادي":
جاء عن أهل التفسير قولان في المراد ب "المنادي"، هما:
القول الأول: القرآن. قاله محمد بن كعب القرظي وقتادة.
وبتفصيل أكثر: رواه الثوري وقتادة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم (عن محمد بن كعب القرظي وعن قتادة) واختاره ابن جرير بأن كل الناس سمعوه، بعكس النبي صلى الله عليه وسلم ليس كل أحد من المؤمنين رآه.
وذكره الماوردي ابن عطية والقرطبي والآلوسي.
الأدلة والشواهد:
قال تعالى: "فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا، يهدي إلى الرشد فآمنا به".

القول الثاني: النبي محمد صلى الله عليه وسلم. قاله ابن جريج.
وبتفصيل أكثر: رواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم (عن ابن جريج)، ورواه ابن أبي زمنين.
وذكره الماوردي وابن عطية والقرطبي وابن كثير.

التوجيه:
اختار ابن جرير القول الأول، لأن القرآن وصل إلى كل مؤمن، بينما لم ير النبي صلى الله عليه وسلم كل أحد، وهذا لا يعني أن تفسير المراد ب "المنادي" لا يشمل النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ذكر القرطبي: أن من سمع القرآن فكأنما لقي النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الآلوسي: والقُرْآنُ ظاهِرٌ باقٍ عَلى مَمَرِّ الأيّامِ والدُّهُورِ يَسْمَعُهُ مَن أدْرَكَ عَصْرَ نُزُولِهِ ومَن لَمْ يُدْرِكْ، ولِأهْلِ القَوْلِ الأوَّلِ أنْ يَقُولُوا: مَن بَلَغَهُ بِعْثَةُ الرَّسُولِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ ودَعْوَتُهُ جازَ لَهُ أنْ يَقُولَ: سَمِعْنا مُنادِيًا وإنْ كانَ فِيهِ ضَرْبٌ مِنَ التَّجَوُّزِ، وأيْضًا المُرادُ بِالنِّداءِ الدُّعاءُ، ونِسْبَتُهُ إلَيْهِ صَلّى اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ أشْهَرُ وأظْهَرُ فَقَدْ قالَ تَعالى: ﴿ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ﴾، ﴿أدْعُو إلى اللَّهِ﴾، ﴿وداعِيًا إلى اللَّهِ﴾ وهي إلَيْهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ حَقِيقَةٌ وإلى القُرْآنِ عَلى حَدِّ قَوْلِهِ:
تُنادِيكَ أجْداثٌ وهُنَّ صُمُوتٌ وسُكّانُها تَحْتَ التُّرابِ سُكُوتُ
فيجوز كلا القولين، فالنبي صلى الله عليه وسلم جاء بالقرآن، والقرآن صدّق النبي المرسل محمد صلى الله عليه وسلم.

3) قول طاووس بن كيسان: (الحفدة الخدم )
التخريج:
رواه ابن جرير عن ابن بشار عن عبد الرحمن عن زمعة عن ابن طاووس عنه.

التوجيه:
وافق قول طاووس في تفسيره لمعنى "حفدة" المعنى اللغوي لها، قال الخليل بن أحمد وقطرب وابن قتيبة: (أصل الحفد: الخفة في العمل ومداركة الخطو والإسراع في المشي).
قال قطرب: (حفد يحفد حفدًا، وحفودًا وحفدانًا؛ وهو الخفة في العمل والخدمة). وهو الغاية من اقتناء الخادم، أن يكون سريعا خفيفا في الحركة.
وقال الخليل بن أحمد عند العرب: (الحفدة الخدم، واحدهم: حافد، خرج مخرج كامل والجميع كملة).
وعليه فإن المعنى الذي ذكره كيسان موافق للمعنى اللغوي، فيكون معنى حفدة، هم الخدم، مهما اختلفت مسمياتهم، فسواء كانوا من الأبناء أولادا وبناتا، أم من أبنائهم، أم من الأصهار والأختان، أم من بني المرأة من غير زوجها، أم الخدم من غير القرابة وهم المماليك، فكلهم داخل في مسمى الخدم. فيكون معنى الآية:
يمتن تعالى على عباده أن جعل لهم من أزواجهم سكنا، ورزقهم منهن الخدم: سواء البنين أو البنات أو أبنائهم، أو الأصهار والأختان أو أبناء المرأة من غير الزوج، نتيجة لهذا التزاوج ولهذه المصاهرة، أو من غير القرابة، فيكون معنى "من أزواجكم" أي من آدم وحواء (أي من جنس البشر) خدما مماليك يخدمونهم ويقضون حوائجهم بالأجرة، فالبشر بجملتهم لا يستغني بعضهم عن بعض. فكل الأقوال لها وجه من الصحة، ومخرج في التأويل، فجاء تفسير طاووس بموافقة المعنى اللغوي للفظة.

تحرير معنى "حفدة"
جاء عن أهل التفسير عدة أقوال في معنى "حفدة"، يمكن اختصارها إلى خمسة أقوال، هي:
القول الأول: هم الخدم (الأعوان والأنصار من غير القرابة). قاله ابن عباس ومالك والحسن وعكرمة ومجاهد وطاووس وقتادة والضحاك.
وبتفصيل أكثر: رواه ابن وهب (عن مالك)، ورواه عبد الرزاق (عن الحسن)، ورواه مسلم بن خالد الزنجي وابن جرير (عن ابن عباس)، ورواه ابن جرير (عن عكرمة وعن مجاهد وعن طاووس وعن الحسن وعن أبي مالك وعن قتادة والضحاك)، ورواه الحاكم (عن ابن عباس).
وذكره الخليل بن أحمد، ويحيى بن سلام، وابن شكيل، وأبو عبيدة، وقطرب، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وعبد الله بن يحيى بن المبارك، وابن قتيبة، والزجاج، والسجستاني، والنحاس، وغلام ثعلب، وابن فارس، وابن سيده، وابن منظور.
وذكره الماوردي وابن عطية وابن الجوزي والقرطبي وابن كثير.
الأدلة والشواهد:
- قال الشاعر: حَفَدَ الولائدُ بينَهُنَّ وأُسلِمَتْ ... بأكُفّهِنَّ أزِمَّةُ الأجمالِ
- جاء في القنوت عن عمر رضي الله عنه: (وإليك نسعى ونحفد): أي نأتي بسرعة ونخف في العمل.

القول الثاني: ولد الولد (جمع حفيد). قاله ابن عباس وعكرمة وابن زيد.
وبتفصيل أكثر: رواه عبد الرزاق (عن عكرمة)، ورواه البخاري وابن جرير (عن ابن عباس وعن ابن زيد).
وذكره الخليل بن أحمد وابن فارس وابن سيده وابن منظور وابن عاشور.
وذكره الماوردي وابن عطية وابن الجوزي والقرطبي وابن كثير.
الأدلة والشواهد:
قال تعالى: "فبشرناها بإسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب". ذكره ابن عاشور. أن من منة الله على عباده ولد الولد، فسماها الله (بشرى).

القول الثالث: الأصهار والأختان (الأعوان والأنصار من القرابة من أهل الزوج والزوجة). قاله ابن مسعود وابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير والحسن وأبو الضحى وأبو إبراهيم وإبراهيم.
وبتفصيل أكثر: ورواه عبد الرزاق (عن عبد الله بن مسعود)، ورواه مسلم بن خالد الزنجي (عن مجاهد)، ورواه ابن جرير (عن عبد الله بن مسعود وعن ابن عباس وعن أبي الضحى وعن أبي إبراهيم وعن سعيد بن جبير وعن إبراهيم وعن الحسن).
وذكره يحيى بن سلام وابن شميل والفراء وعبد الله بن يحيى بن المبارك وابن قتيبة والزجاج والسجستاني وغلام ثعلب وابن فارس وابن سيده وابن منظور.
وذكره الماوردي وابن عطية وابن الجوزي والقرطبي وابن كثير.

القول الرابع: بنو المرأة من زوجها الأول. رواه ابن جرير (عن ابن عباس).
وذكره السجستاني وابن منظور.
وذكره الماوردي وابن عطية وابن الجوزي

القول الخامس: البنات.
ذكره الخليل بن أحمد والزجاج.
وذكره ابن عطية.
الأدلة والشواهد:
قال الخليل بن أحمد: البنات هن خدم الأبوين في البيت.

التوجيه:
على القول الأول: بيّن ابن عطية أن "من أزواجكم" بمعنى من آدم وحواء، لعموم اشتراك البشر فيهما، فجعل الله لهم البنين والخدمة من غير القرابة، فمن لم يكن له زوجة، فقد جعل الله له الخدم وحصلت تلك النعمة، فتستقيم لفظة "الحفدة" على مجراها في اللغة، إذ البشر بجملتهم لا يستغني أحد منهم عن حفدة.
فمن جعل معنى "حفدة" البنين: جعل العطف هو لعطف تغاير الصفات لموصوف واحد. فتكون منة الله أن جعل للناس بنين، وجعلهم خدمة لوالديهم، قد جمعوا بين البنوة والخدمة. وكما ذكر ابن الجوزي: كانوا في الجاهلية تخدمهم أولادهم.
وكأنه قال" بنين وهم حفدة". ويتم توجيه "من أزواجكم" على أنها من الزوجة المباشرة ليكون النسل لهم من البنات والبنين المذكورين في الآية.
وقد وجه بعض المفسرين معنى "الحفدة" هنا بأنها الخدم من ناحية الإعراب: أن هناك انقطاع عما قبله ينوى به التقديم، وكأنه قال: جعل لكم حفدة، وجعل لكم من أزواجكم بنين.
وعلى القول الثاني:
قال ابن عاشور: (والحَفَدَةُ: جَمْعُ حافِدٍ، مِثْلُ كَمَلَةٍ جَمْعُ كامِلٍ، والحافِدُ أصْلُهُ المُسْرِعُ في الخِدْمَةِ، وأُطْلِقَ عَلى ابْنِ الِابْنِ؛ لِأنَّهُ يَكْثُرُ أنْ يَخْدِمَ جَدَّهُ لِضَعْفِ الجَدِّ بِسَبَبِ الكِبَرِ).
وقال أيضا: (فَأنْعَمَ اللَّهُ عَلى الإنْسانِ بِحِفْظِ سِلْسِلَةِ نَسَبِهِ بِسَبَبِ ضَبْطِ الحَلْقَةِ الأُولى مِنها، وهِيَ كَوْنُ أبْنائِهِ مِن زَوْجِهِ ثُمَّ كَوْنُ أبْناءِ أبْنائِهِ مِن أزْواجِهِمْ، فانْضَبَطَتْ سِلْسِلَةُ الأنْسابِ بِهَذا النِّظامِ المُحْكَمِ البَدِيعِ، وغَيْرُ الإنْسانِ مِنَ الحَيَوانِ لا يَشْعُرُ بِحَفَدَتِهِ أصْلًا، ولا يَشْعُرُ بِالبُنُوَّةِ إلّا أُنْثى الحَيَوانِ مُدَّةً قَلِيلَةً قَرِيبَةً مِنَ الإرْضاعِ، والحَفَدَةُ لِلْإنْسانِ زِيادَةٌ في مَسَرَّةِ العائِلَةِ، قالَ تَعالى ﴿فَبَشَّرْناها بِإسْحاقَ ومِن وراءِ إسْحاقَ يَعْقُوبَ﴾)
قال القرطبي نقلا عن المهدوي [وقد بحثت في كتب المهدوي لأجد أصل هذا القول فلم أوفق]: (وهو ظاهر القرآن بل نصه)، وقال: (والظاهر عندي أن "بنين" هم أولاد الرجل لصلبه، و "حفدة" أولاد أولاده، وليس في قوة اللفظ أكثر من هذا، ويكون تقدير الآية: وجعل لكم من أزواجكم بنين، ومن البنين حفدة).
وعلى القول الثالث: فقد نقل النحاس عن الأصمعي قوله: (الختن من كان من قبل المرأة مثل أبيها وأخيها وما أشبهها، والأصهار من الرجل والمرأة جميعا. يقال: أصهر فلان إلى بني فلان وصاهر). [وقد بحثت عن أصل كلام الأصمعي منه مباشرة فلم أوفق لذلك]. وقال القرطبي: (يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَبَا الْمَرْأَةِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ أَقْرِبَائِهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَبَنَاتٍ تُزَوِّجُونَهُنَّ، فَيَكُونُ لَكُمْ بِسَبَبِهِنَّ أَخْتَانٌ).
فهذا من عادة القرابة أن يخدم بعضهم بعضا غالبا، وأن "من أنفسكم أزواجا" أنه من الزوج والزوجة مباشرة، فبالمصاهرة تحصل القرابة التي من شأنها أن يخدم بعضهم البعض غالبا.

وعلى القول الرابع: فإن أبناء الزوجة في البيت من غير الزوج عادة ما يكونون ممن يقومون بالخدمة.
وقد تلحق بالأختان والأصهار من قبل أقارب الزوجة.

وعلى القول الخامس: فإن من عادة البنات أن يكنّ خدما لوالديهم في البيت.
فمن فسرها على أنها البنات، جعل العطف في "بنين وحفدة" عطف لتغاير الجنسين، فجنس الإناث يختلف عن جنس الذكور.
ويتم توجيه "من أزواجكم" على أنها من الزوجة المباشرة ليكون النسل لهم من البنات والبنين المذكورين في الآية.
ذكر ابن عطية قول الزهراوي: لأنهن خدم الأبوين، ولأن لفظة "البنين" لا تدل عليهن، واستدل بقوله تعالى: "المال والبنون زينة الحياة الدنيا"، وإنما الزينة في الذكور.

فمن الأقوال المذكورة أعلاه نلحظ أن معنى الخدمة والإسراع فيها بيّنا واضحا هنا، وتحته يندرج خدمة البشر بعضهم لبعض مع اختلاف مسمياتهم ودرجة قربهم وبعدهم، ولذلك تبنى بعض اللغويين هذا المعنى، كونه سائغ شرعا.
فتكون كل الأقوال داخلة في معنى "حفدة" وأنها من المنن العظيمة التي امتن الله بها على عباده، أن رزقهم خدمة وأعوان، فكل من أسرع في حاجتك فهو حافد قرابة كان أو غير قرابة: سواء كان من البنين أو البنات، أو أبنائهم، أو أقاربهم من الأصهار والأختان، أو من غير الأقارب كالخدم الذين تدفع لهم الأجرة.
بل وتدخل الزوجة في ذلك: قال القرطبي نقلا عن المهدوي [وقد بحثت في كتب المهدوي لأجد أصل هذا القول فلم أوفق]: (فَقَدْ خَرَجَتْ خِدْمَةُ الْوَلَدِ وَالزَّوْجَةِ مِنَ الْقُرْآنِ بِأَبْدَعِ بَيَانٍ، قاله ابن العربي رَوَى الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيَّ دَعَا النَّبِيَّ ﷺ لِعُرْسِهِ فَكَانَتِ امْرَأَتُهُ خَادِمَهُمْ ... الْحَدِيث". وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: (أَنَا فَتَلْتُ قَلَائِدَ بُدْنِ النَّبِيِّ ﷺ بِيَدِي. الْحَدِيثَ). وَلِهَذَا قَالَ عُلَمَاؤُنَا: عَلَيْهَا أَنْ تَفْرِشَ الْفِرَاشَ وَتَطْبُخَ الْقِدْرَ وَتَقُمَّ الدَّارَ، بِحَسَبِ حَالِهَا وَعَادَةِ مِثْلِهَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فكَأَنَّهُ جَمَعَ لَنَا فِيهَا السَّكَنَ وَالِاسْتِمْتَاعَ وَضَرْبًا مِنَ الْخِدْمَةِ بِحَسَبِ جَرْيِ الْعَادَةِ). وأضاف: (وَهَذَا أَمْرٌ دَائِرٌ عَلَى الْعُرْفِ الَّذِي هُوَ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ، فَإِنَّ نِسَاءَ الْأَعْرَابِ وسكان البوادي يخدمن أزواجهن (حتى فِي اسْتِعْذَابِ الْمَاءِ وَسِيَاسَةِ الدَّوَابِّ).
قال ابن جرير: (ولم يكن اللّه تعالى دلّ بظاهر تنزيله ولا على لسان رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم ولا بحجّة عقلٍ، على أنّه عنى بذلك نوعًا من الحفدة دون نوعٍ منهم، وكان قد أنعم بكلّ ذلك علينا، لم يكن لنا أن نوجّه ذلك إلى خاصٍّ من الحفدة دون عامٍ، إلاّ ما أجمعت الأمّة عليه أنّه غير داخلٍ فيهم).

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مجلس, أداء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:08 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir