فَصْلٌ
(وصَلاةُ اللَّيْلِ أَفْضَلُ مِن صَلاةِ النَّهَارِ)؛ لقَوْلِه صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: ((أَفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْدَ المَكْتُوبَةِ صَلاةُ اللَّيْلِ)). رواهُ مُسْلِمٌ عَن أَبِي هُرَيْرَةَ. فالتَّطَوُّعُ المُطْلَقُ أَفْضَلُهُ صَلاةُ اللَّيْلِ؛ لأنَّه أَبْلَغُ في الإِسْرَارِ وأَقْرَبُ إلى الإخلاصِ. (وأَفْضَلُهَا)؛ أي: الصَّلاةِ, (ثُلُثُ اللَّيْلِ بَعْدَ نِصْفِه) مُطْلقاً؛ لِمَا في الصَّحِيحِ مَرْفُوعاً: ((أَفْضَلُ الصَّلاةِ صَلاةُ دَاوُدَ, كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ, ويَقُومُ ثُلُثَهُ, ويَنَامُ سُدُسَهُ)). ويُسَنُّ قِيَامُ اللَّيْلِ وافتِتَاحُهُ برَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ.
ووَقْتُهُ مِن الغُرُوبِ إلى طُلُوعِ الفَجْرِ، ولا يَقُومُهُ كُلَّهُ إلاَّ لَيْلَةَ عِيدٍ، ويَتَوجَّهُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِن شَعْبَانَ.
(وصَلاةُ لَيْلٍ ونَهَارٍ مَثْنَى مَثْنَى)؛ لقَوْلِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: ((صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى)). رَواهُ الخَمْسَةُ وصَحَّحَهُ البُخَارِيُّ. ومَثْنَى مَعْدُولٌ عَن اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، ومَعْنَاهُ مَعْنَى المُكَرَّرِ، وتَكْرِيرُهُ لتَوْكِيدِ اللَّفْظِ, لا للمَعْنَى. وكَثْرَةُ رُكُوعٍ وسُجُودٍ أَفْضَلُ مِن طُولِ قِيَامٍ فيما لم يَرِدْ تَطْوِيلُه.
(وإِنْ تَطَوَّعَ في النَّهَارِ بأَرْبَعٍ) بتَشَهُّدَيْنِ (كالظُّهْرِ, فلا بَأْسَ)؛ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ وابنُ مَاجَهْ, عَن أَبِي أَيُّوبَ, (أنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعاً لا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بتَسْلِيمٍ)، وإن لم يَجْلِسْ إلاَّ في آخِرِهِنَّ فَقَدْ تَرَكَ الأَوْلَى, ويَقْرَأُ في كُلِّ رَكْعَةٍ معَ الفَاتِحَةِ بسُورَةٍ, وإِن زَادَ على اثْنَتَيْنِ لَيْلاً, أو أَرْبَعٍ نَهَاراً، ولو جاوزَ ثَمَانِياً نَهَاراً بسَلامٍ وَاحِدٍ, صَحَّ، وكُرِهَ في غَيْرِ الوِتْرِ، ويَصِحُّ التَّطَوُّعُ برَكْعَةٍ ونَحْوِهَا.
(وأَجْرُ صَلاةِ قَاعِدٍ) بِلا عُذْرٍ (على نِصْفِ أَجْرِ صَلاةِ قَائِمٍ)؛ لقَوْلِهِ عليه السَّلامُ: ((مَنْ صَلَّى قَائِماً فَهُوَ أَفْضَلُ، ومَنْ صَلَّى قَاعِداً فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ القَائِمِ)) مُتَّفَقٌ عليه.
ويُسَنُّ تَرَبُّعُه بمَحَلِّ قِيَامٍ وثَنْيُ رِجْلَيْهِ برُكُوعٍ وسُجُودٍ.