قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (
باب القارئ يقرأ القرآن
من مواضع مختلفة أو يفصل القراءة بالكلام
252 - حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الرحمن بن حرملة، عن سعيد بن المسيب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بأبي بكر وهو يخافت، ومر بعمر وهو يجهر، ومر ببلال وهو يقرأ من هذه السورة ومن هذه السورة. فقال لأبي بكر: «مررت بك وأنت تخافت». فقال: إني أسمع من أناجي. قال: «ارفع شيئا». وقال لعمر: «مررت بك وأنت تجهر». قال: أطرد الشيطان، وأوقظ الوسنان. فقال: «اخفض شيئا». وقال لبلال: «مررت بك وأنت تقرأ من هذه السورة ومن هذه السورة». فقال: اخلط الطيب بالطيب. فقال: «اقرأ السورة على وجهها». أو قال: «على نحوها» حدثنا حجاج، عن ليث بن سعد، عن عمر مولى عفرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مر بأبي بكر وعمر وبلال مثل ذلك. إلا أنه قال لبلال: «إذا قرأت السورة فأنفدها»
[فضائل القرآن: 1/360]
253 - حدثنا أبو نعيم، عن الوليد بن عبد الله بن جميع، قال: حدثني رجل، أثق به قال: أم الناس خالد بن الوليد بالحيرة فقرأ من سور شتى، ثم التفت إلى الناس حين انصرف فقال: «شغلني الجهاد عن تعلم القرآن»
254 - حدثنا ابن أبي زائدة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: قال خالد بن الوليد: «لقد شغلني الجهاد في سبيل الله عن كثير من قراءة القرآن»
255 - حدثنا معاذ، عن ابن عون، قال: سألت ابن سيرين عن الرجل، يقرأ من السورة آيتين، ثم يدعها ويأخذ في غيرها، ثم يدعها ويأخذ في غيرها، فقال: «ليتق أحدكم أن يأثم إثما كبيرا وهو لا يشعر»
256 - حدثنا علي بن عابس، عن العلاء بن المسيب، عن أبيه، عن ابن مسعود، قال: «إذا ابتدأت في سورة فأردت أن
[فضائل القرآن: 1/361]
تحول منها إلى غيرها فتحول، إلا قل هو الله أحد فإذا ابتدأت فيها فلا تحول منها حتى تختمها»
257 - حدثنا قبيصة، عن سفيان، عن أبي سنان، عن عبد الله بن أبي الهذيل، قال: «كانوا يكرهون أن يقرؤوا بعض الآية ويدعوا بعضها». قال أبو عبيد: الأمر عندنا على الكراهة لقراءة هذه الآيات المختلفة كما أنكر الرسول صلى الله عليه وسلم على بلال، وكما اعتذر خالد من فعله، ولكراهة ابن سيرين له. وأما حديث عبد الله فإنما وجهه عندي على أن يبتدئ الرجل في السورة يريد إتمامها، ثم يبدو له في أخرى، فأما من ابتدأ القراءة وهو يريد التنقل من آية إلى آية وترك التأليف لآي القرآن فليس هذا عندنا من فعل أهل العلم، إنما يفعله الأحداث ومن لا علم له؛ لأن الله لو شاء لأنزله على ذلك، أو لفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم. على أن حجاجا حدثنا عن ابن جريج، عن عطاء، عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وبلال مثل الحديث الذي ذكرناه عنهم.
[فضائل القرآن: 1/362]
إلا أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل ذلك حسن». قال أبو عبيد: وذلك أثبت عندي لأنه أشبه بفعل العلماء
258 - حدثنا الأنصاري، عن ابن عون، قال: كان ابن سيرين يكره أن يقرأ الرجل القرآن، إلا كما أنزل؛ يكره أن يقرأ، ثم يتكلم، ثم يقرأ
259 - حدثنا معاذ، عن ابن عون، عن نافع، قال: كان ابن عمر إذا قرأ لم يتكلم حتى يفرغ مما يريد أن يقرأه قال: فدخل يوما فقال: أمسك علي سورة البقرة فأمسكها عليه. فلما أتى على مكان منها قال: «أتدري فيم أنزلت؟» قلت: لا. قال: «في كذا وكذا» ثم مضى في قراءته. قال أبو عبيد: إنما رخص ابن عمر في هذا لأن الذي تكلم به من تأويل القرآن وسببه، كالذي ذكرناه عن ابن مسعود أن أصحابه كانوا ينشرون المصحف فيقرءون، ويفسر لهم، ولو كان الكلام من أحاديث الناس وأخبارهم كان عندي مكروها أن تقطع القراءة به). [فضائل القرآن: 1/363]