دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > مكتبة علوم العقيدة > أصول الاعتقاد > الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية لابن بطة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15 رجب 1434هـ/24-05-2013م, 09:34 PM
أم صفية أم صفية غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Feb 2013
المشاركات: 212
افتراضي بابٌ ذكر اللّفظيّة والتّحذير من رأيهم ومقالاتهم

قال أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري الحنبلي (ت: 387هـ): (بابٌ ذكر اللّفظيّة والتّحذير من رأيهم ومقالاتهم واعلموا رحمكم اللّه أنّ صنفًا من الجهميّة اعتقدوا بمكر قلوبهم، وخبث آرائهم، وقبيح أهوائهم، أنّ القرآن مخلوقٌ، فكنّوا عن ذلك ببدعةٍ اخترعوها، تمويهًا وبهرجةً على العامّة، ليخفى كفرهم، ويستغمض إلحادهم على من قلّ علمه، وضعفت نحيزته، فقالوا: إنّ القرآن الّذي تكلّم اللّه به وقاله، فهو كلام اللّه غير مخلوقٍ، وهذا الّذي نتلوه ونقرؤه بألسنتنا، ونكتبه في مصاحفنا ليس هو القرآن الّذي هو كلام اللّه، هذا حكايةٌ لذلك، فما نقرؤه نحن حكايةٌ لذلك

[الإبانة الكبرى: 5/317]
القرآن بألفاظنا نحن، وألفاظنا به مخلوقةٌ، فدقّقوا في كفرهم، واحتالوا لإدخال الكفر على العامّة بأغمض مسلكٍ، وأدقّ مذهبٍ، وأخفى وجهٍ، فلم يخف ذلك بحمد اللّه ومنّه وحسن توفيقه على جهابذة العلماء والنّقّاد العقلاء، حتّى بهرجوا ما دلّسوا، وكشفوا القناع عن قبيح ما ستروه، فظهر للخاصّة والعامّة كفرهم وإلحادهم، وكان الّذي فطن لذلك وعرف موضع القبيح منه الشّيخ الصّالح، والإمام العالم العاقل أبو عبد اللّه أحمد بن محمّد بن حنبلٍ رحمه اللّه، وكان بيان كفرهم بيّنًا واضحًا في كتاب اللّه عزّ وجلّ، وسنّة نبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم. وقد كذّبهم القرآن والسّنّة بحمد اللّه، قال اللّه عزّ وجلّ: {وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتّى يسمع كلام اللّه} [التوبة: 6] ولم يقل: حتّى يسمع حكاية كلام اللّه. وقال تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} [الأعراف: 204]، فأخبر أنّ السّامع إنّما يسمع إلى القرآن، ولم يقل: إلى حكاية القرآن. وقال تعالى: {وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الّذين لا يؤمنون بالآخرة حجابًا مستورًا} [الإسراء: 45] وقال عزّ وجلّ: {وإذ صرفنا إليك نفرًا من الجنّ يستمعون القرآن} [الأحقاف: 29]
[الإبانة الكبرى: 5/318]
وقال تعالى: {قل أوحي إليّ أنّه استمع نفرٌ من الجنّ فقالوا إنّا سمعنا قرآنًا عجبًا يهدي إلى الرّشد فآمنّا به} [الجن: 2] ولم يقل: إنّا سمعنا حكاية قرآنٍ عجبٍ. وقال تعالى: {فاقرءوا ما تيسّر من القرآن} وقال تعالى: {وإذا ذكرت ربّك في القرآن وحده} [الإسراء: 46] وقال تعالى: {وننزّل من القرآن ما هو شفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين} [الإسراء: 82] ولم يقل: من حكاية القرآن. ومثل هذا في القرآن كثيرٌ، من تدبّره عرفه. وجاء في سنّة المصطفى صلّى اللّه عليه وسلّم، وكلام الصّحابة والتّابعين، وفقهاء المسلمين، رحمة اللّه عليهم أجمعين، ما يوافق القرآن ويضاهيه، والحمد للّه، بل أكثرهم لا يعلمون. قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ قريشًا منعتني أن أبلّغ كلام ربّي» . ولم يقل حكاية كلام ربّي. وقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه» ولم يقل: من تعلّم حكاية القرآن.
[الإبانة الكبرى: 5/319]
وقال «مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة، إن تعاهدها صاحبها أمسكها، وإن تركها ذهبت» . وقال صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا تسافروا بالقرآن إلى أرض العدوّ، مخافة أن يناله العدوّ» . وقال اللّه تعالى: {إنّه لقرآنٌ كريمٌ في كتابٍ مكنونٍ لا يمسّه إلّا المطهّرون تنزيلٌ من ربّ العالمين} [الواقعة: 77] . فنهى أن يمسّ المصحف إلّا طاهرٌ، لأنّه كلام ربّ العالمين، فكلّ ذلك يسمّيه اللّه عزّ وجلّ قرآنًا، ويسمّيه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قرآنًا، ولا يقول: حكاية القرآن، ولا حكاية كتاب اللّه، ولا حكاية كلام اللّه. وقال عبد اللّه بن مسعودٍ: إنّ هذا القرآن كلام اللّه فلا تخلطوا به غيره. وقال عبد اللّه أيضًا: تعلّموا كتاب اللّه واتلوه، فإنّ لكم بكلّ حرفٍ عشر حسناتٍ. فهذا ونحوه في القرآن والسّنن، وقول الصّحابة والتّابعين، وفقهاء المسلمين، ما يدلّ العقلاء على كذب هذه الطّائفة من الجهميّة الّذين احتالوا
[الإبانة الكبرى: 5/320]
ودقّقوا في قولهم: القرآن مخلوقٌ. ولقد جاءت الآثار عن الأئمّة الرّاشدين وفقهاء المسلمين الّذين جعلهم اللّه هداةً للمسترشدين، وأنسًا لقلوب العقلاء من المؤمنين، ممّا أمروا به من إعظام القرآن وإكرامه، ممّا فيه دلالةٌ على أنّ ما يقرؤه النّاس ويتلونه بألسنتهم هو القرآن الّذي تكلّم اللّه به، واستودعه اللّوح المحفوظ، والرّقّ المنشور، حيث يقول اللّه تعالى: {بل هو قرآنٌ مجيدٌ في لوحٍ محفوظٍ} [البروج: 21]، وقوله تعالى: {وكتابٍ مسطورٍ في رقٍّ منشورٍ} [الطور: 2]
[الإبانة الكبرى: 5/321]
118 - حدّثنا أبو بكرٍ أحمد بن سلمان قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا أبو تقيٍّ هشام بن عبد الملك قال: حدّثنا عثمان بن
[الإبانة الكبرى: 5/321]
سعيدٍ، حدّثني سلم بن سالمٍ، عن نوح بن أبي مريم، عن أبي شيبة، عن مكحولٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنّه رأى رجلًا يمحو لوحًا برجله، فنهاه وقال ابن عبّاسٍ: «لا تمح القرآن برجلك» فلو كان حكاية القرآن لما نهاه، أو قال: إنّ هذا حكاية القرآن، فلا تمحه
[الإبانة الكبرى: 5/322]
119 - حدّثنا أبو ذرّ بن الباغنديّ، قال: حدّثنا سعدان بن نصرٍ، قال: حدّثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدّثنا عثمان بن عبد الرّحمن، قال: حدّثنا عمر بن موسى، عن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدّه، قال: «نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يكتب القرآن على الأرض»
[الإبانة الكبرى: 5/323]
120 - حدّثنا محمّد بن يحيى بن عمر بن عليّ بن حربٍ، قال: حدّثنا أبو داود الحفريّ، قال: حدّثنا سفيان يعني الثّوريّ، عن محمّد بن
[الإبانة الكبرى: 5/323]
الزّبير، قال: مرّ عمر بن عبد العزيز على رجلٍ قد كتب في الأرض، يعني قرآنًا أو شيئًا من ذكر اللّه، فقال: «لعن اللّه من كتبه، ضعوا كتاب اللّه مواضعه»
[الإبانة الكبرى: 5/324]
121 - وأخبرني أبو صالحٍ محمّد بن أحمد بن ثابتٍ قال: حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن عمرو بن حمدون قال: أخبرنا عليّ بن عبد العزيز
[الإبانة الكبرى: 5/324]
البغويّ، عن أبي عبيدٍ القاسم بن سلّامٍ، عن محمّد بن الزّبير، عن عمر بن عبد العزيز، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا تكتبوا القرآن إلّا في شيءٍ طاهرٍ» قال: وسمعت عمر بن عبد العزيز يقول: لا تكتبوا القرآن حيث يوطأ
[الإبانة الكبرى: 5/325]
122 - حدّثنا ابن أبي دارمٍ، قال: حدّثنا إسحاق بن يحيى بن أبي رزمة، قال: حدّثنا محمّد بن عبيدٍ، قال: حدّثنا محمّد بن الفضل، قال:
[الإبانة الكبرى: 5/325]
أخبرنا زيدٌ العمّيّ، عن الحسن، عن خمسةٍ من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نهى أن يمحى اسم اللّه بالبصاق "
[الإبانة الكبرى: 5/326]
123 - حدّثنا أبو شيبة عبد العزيز بن جعفرٍ، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل، قال: حدّثنا ابن نميرٍ، عن الأعمش، عن مجاهدٍ، قال: «كانوا يكرهون أن يمحى اسم اللّه بالرّيق»
[الإبانة الكبرى: 5/326]
124 - وحدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن مخلدٍ العطّار قال: حدّثنا عمر ابن أخت بشر بن الحارث قال: سمعت بشر بن الحارث، يقول: سمعت سليمان بن حربٍ، قال: رأيت ابن المبارك يغسل ألواحه بالماء لا يمحوها بريقه "
[الإبانة الكبرى: 5/327]
125 - وحدّثنا ابن مخلدٍ، قال: حدّثنا عليّ بن إسماعيل البزّاز المعروف بعلّوية قال: حدّثني يحيى الصّامت، قال: سألت ابن المبارك عن الألواح، يكون فيها مكتوب القرآن، أيكره للرّجل أن يمحوه بالبزاق؟ قال: «نعم أكرهه، ليمسحها بالماء»
126 - قال: وسألت ابن المبارك عن الألواح يكون فيها مكتوب القرآن، أيكره أن يمحوه الرّجل برجله؟ قال: نعم، قال: ليمحه بالماء، ثمّ يضربه برجله "
[الإبانة الكبرى: 5/328]
127 - أخبرني أبو القاسم الجابريّ، عن أبي بكرٍ الخلّال، قال: حدّثنا حرب بن إسماعيل، قال: قلت لإسحاق بن راهويه: الصّبيّ يكتب القرآن
[الإبانة الكبرى: 5/328]
على اللّوح، أيمحوه بالبزاق؟ قال: «يمحوه بالماء، ولا يعجبني أن يبزق عليه»، وكره أن يمحوه بالبزاق
[الإبانة الكبرى: 5/329]
128 - حدّثنا ابن مخلدٍ، قال: حدّثنا عمر، قال: سمعت بشرًا، يقول: «أكره أن يمحو الصّبيان، ألواحهم بأرجلهم في الكتّاب، وينبغي للمعلّم أن يؤدّبهم على هذا» . قال الشّيخ: فتفهّموا رحمكم اللّه ما روي عن هؤلاء الأئمّة العلماء رحمهم اللّه من إعظام القرآن وإجلاله وتنزيهه، ولو كان حكاية القرآن لما احتاجوا إلى هذا التّشديد
[الإبانة الكبرى: 5/329]
129 - حدّثني أبي رحمه اللّه، وأبو القاسم عمر بن يحيى العسكريّ قالا: حدّثنا أبو جعفرٍ محمّد بن الحسن بن بدينا قال: سألت أبا عبد اللّه أحمد بن محمّد بن حنبلٍ فقلت: يا أبا عبد اللّه، أنا رجلٌ من أهل الموصل، الغالب على أهل بلدنا الجهميّة، وفيهم أهل سنّةٍ نفرٌ يسيرٌ محبوكٌ، وقد وقعت
[الإبانة الكبرى: 5/329]
مسألة الكرابيسيّ فأفتنتهم، قول الكرابيسيّ: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، فقال لي أبو عبد اللّه: «إيّاك إيّاك إيّاك إيّاك، وهذا الكرابيسيّ، لا تكلّمه، ولا تكلّم من يكلّمه، أربع مرارٍ أو خمسًا»، إنّ في كتابي أربعًا، قلت: يا أبا عبد اللّه فهذا القول عندك ما يتشعّب منه يرجع إلى قول جهمٍ؟ قال: «هذا كلّه قول جهمٍ»
[الإبانة الكبرى: 5/330]
130 - حدّثنا أبو بكرٍ محمّد بن بكرٍ قال: حدّثنا أبو داود، قال: كتبت رقعةً فأرسلت بها إلى أبي عبد اللّه، وهو يومئذٍ متوارٍ، فأخرج إليّ جوابه مكتوبًا فيه: قلت: رجلٌ يقول: التّلاوة مخلوقةٌ، وألفاظنا بالقرآن مخلوقةٌ، والقرآن ليس بمخلوقٍ، وما ترى في مجانبته؟ وهل يسمّى مبتدعًا؟ وعلى ما يكون عقد القلب في التّلاوة والألفاظ؟ وكيف الجواب فيه؟ قال: " هذا يجانب، وهو قول المبتدع، وما أراه إلّا جهميًّا، وهذا كلام الجهميّة، القرآن ليس بمخلوقٍ.
[الإبانة الكبرى: 5/330]
قالت عائشة: تلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {هو الّذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكماتٌ} [آل عمران: 7] الآية، قال: فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إذا رأيتم الّذين يتّبعون ما تشابه منه فاحذروهم، فإنّهم هم الّذين عنى اللّه عزّ وجلّ، فالقرآن ليس بمخلوقٍ»
[الإبانة الكبرى: 5/331]
131 - قال أبو داود: وسمعت أحمد يتكلّم في اللّفظيّة، وينكر عليهم كلامهم، وقال له هارون: يا أبا عبد اللّه هم جهميّةٌ؟ فجعل يقول: هم، هم، ولم يصرّح بشيءٍ، ولم ينكر عليه قوله: هم جهميّةٌ
[الإبانة الكبرى: 5/331]
132 - وحدّثنا محمّد بن بكرٍ، قال: حدّثنا أبو داود، قال: حدّثنا يعقوب بن إبراهيم الدّورقيّ، أنّ أحمد بن محمّد بن حنبلٍ قال له: «إنّ اللّفظيّة إنّما يدورون على كلام جهمٍ، يزعمون أنّ جبريل إنّما جاء بشيءٍ مخلوقٍ إلى
[الإبانة الكبرى: 5/331]
مخلوقٍ»، يعني: جبريل مخلوقٌ، جاء به إلى محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم
[الإبانة الكبرى: 5/332]
133 - وحدّثنا أبو بكرٍ محمّد بن بكرٍ قال: حدّثنا أبو داود، قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم، قال: سألت أحمد بن حنبلٍ قلت: هؤلاء الّذين يقولون: ألفاظنا بالقرآن مخلوقٌ، قال: «هم شرٌّ من قول الجهميّة، ومن زعم هذا فقد زعم أنّ جبريل جاء بمخلوقٍ، وأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم تكلّم بمخلوقٍ»
[الإبانة الكبرى: 5/332]
134 - وحدّثنا محمّد بن بكرٍ، قال: حدّثنا أبو داود، قال: سمعت أحمد بن صالحٍ، ذكر اللّفظيّة، فقال: «هؤلاء أصحاب بدعةٍ، ويكثر عليهم أكثر من البدعة»
[الإبانة الكبرى: 5/332]
135 - قال: وسمعت إسحاق بن إبراهيم، سئل عن اللّفظيّة، فبدّعهم
[الإبانة الكبرى: 5/332]
136 - وحدّثني أبو صالحٍ محمّد بن أحمد قال: حدّثنا أبو جعفرٍ
[الإبانة الكبرى: 5/332]
محمّد بن داود قال: حدّثنا أبو بكرٍ محمّد بن إسحاق قال: حدّثنا يعقوب الدّورقيّ، قال: قلت لأحمد بن حنبلٍ: هؤلاء الّذين يقولون: لفظنا بالقرآن مخلوقٌ؟ فقال: " القرآن على أيّ جهةٍ ما كان لا يكون مخلوقًا أبدًا، قال اللّه تعالى: {وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتّى يسمع كلام اللّه} [التوبة: 6]، ولم يقل: حتّى يسمع كلامك يا محمّد "، فقلت له: إنّما يدور هؤلاء على الإبطال والتّعطيل، قال: «نعم»، وقال أحمد بن حنبلٍ: «عليهم لعنة اللّه»
[الإبانة الكبرى: 5/333]
137 - وحدّثني أبو صالحٍ، قال: حدّثنا محمّد بن داود، قال: حدّثنا أبو بكر بن زنجويه، قال: جاءني إبراهيم الكرمانيّ فأخبرني، عن صالحٍ، قال: جاء عبّاسٌ فقال: يا أبا عبد اللّه إنّ قومًا عندنا يقولون: لفظنا بالقرآن
[الإبانة الكبرى: 5/333]
مخلوقٌ، فيقولون: ليس بمخلوقٍ، قال: «لا، ما سمعت أحدًا يقول هذا»
[الإبانة الكبرى: 5/334]
138 - وحدّثني أبو صالحٍ، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، قال: حدّثني الحارث الصّائغ، قال: وسمعته، يعني أبا عبد اللّه، يسأل عن قول حسينٍ الكرابيسيّ، قيل له: إنّه يقول: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، فقال: " هذا قول جهمٍ قال اللّه عزّ وجلّ: {وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتّى يسمع كلام اللّه} [التوبة: 6]، فمن يسمع كلام اللّه؟ أهلكهم وضع الكتب، تركوا آثار رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأقبلوا على الكلام "، فقلت له: إذا قال: لفظي بالقرآن، فهو جهميٌّ؟ قال: " فأيّ شيءٍ بقي إذا قال: لفظي بالقرآن مخلوقٌ؟ "
[الإبانة الكبرى: 5/334]
139 - وحدّثني أبو صالحٍ، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ محمّد بن داود قال: حدّثني أبو الحارث، قال: ذهبت أنا وأبو موسى إلى أبي عبد اللّه، فقال له أبو موسى: يا أبا عبد اللّه هذا الأمر الّذي قد أحدثوه تشمئزّ منه القلوب، والنّاس يسألوننا عنه، يقولون: لفظنا بالقرآن مخلوقٌ؟ قال أبو عبد اللّه بالانتهار منه: «هذا كلام سوءٍ رديءٌ خبيثٌ، لا خير فيه»، قال له أبو موسى: أليس تقول: القرآن كلام اللّه ليس مخلوقًا على كلّ حالٍ، وبجميع الجهات والمعاني؟
[الإبانة الكبرى: 5/334]
قال: «نعم، وكلّما تشعّب من هذا، فهو رديءٌ خبيثٌ»
[الإبانة الكبرى: 5/335]
140 - حدّثنا أبو جعفرٍ عمر بن محمّد بن رجاءٍ قال: حدّثنا أبو نصرٍ عصمة بن أبي عصمة قال: حدّثنا الفضل بن زيادٍ، قال: حدّثنا أبو طالبٍ أحمد بن حميدٍ قال: قلت لأبي عبد اللّه: أخبرني ساكني، أنّ رجلًا، بالرّميلة كان يقول بقول الكرابيسيّ لفظه بالقرآن مخلوقٌ، فمنعوه يصلّي بهم، فجاء فسألك عن الرّجل يقول: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، يصلّى خلفه؟ فقلت له: لا، فرجع إليهم فأخبرهم بقولك، وقال: إنّي تائبٌ، وأستغفر اللّه ممّا قلت، فقالوا له: صلّ بنا فصلّى بهم، قال: هو كان نفسه، سألني رجلٌ طويل اللّحية بعدما صلّيت الظّهر، فقلت له: لم تكلّمون فيما قد نهيتم عنه، لا يصلّى خلفه ولا يجالس "
[الإبانة الكبرى: 5/335]
141 - حدّثنا أبو حفصٍ، قال: حدّثنا أبو نصرٍ، قال: حدّثنا الفضل،
[الإبانة الكبرى: 5/335]
قال: حدّثنا أبو طالبٍ، قال: قلت: يا أبا عبد اللّه، إنّي قد احتججت عليهم بالقرآن والحديث، وأحبّ أن أعرضه عليك، قال اللّه تعالى: {وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتّى يسمع كلام اللّه} [التوبة: 6]، أليس من محمّدٍ يسمع كلام اللّه؟ قال اللّه عزّ وجلّ: {وقد كان فريقٌ منهم يسمعون كلام اللّه ثمّ يحرّفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون} [البقرة: 75] وقال اللّه عزّ وجلّ: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ باللّه من الشّيطان الرّجيم} [النحل: 98] وقال: {وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك} [الإسراء: 45] وقال: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له} [الأعراف: 204] وقال: {اتل ما أوحي إليك من كتاب ربّك لا مبدّل لكلماته} [الكهف: 27] وقال: {وأن أتلو القرآن فمن اهتدى} [النمل: 92]، أليس يتلو القرآن؟ . وقال عزّ وجلّ: {فاقرءوا ما تيسّر من القرآن}، فعلى كلّ حالٍ، فهو
[الإبانة الكبرى: 5/336]
قرآنٌ. وقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في حديث جابرٍ: «إنّ قريشًا منعوني أن أبلّغ كلام ربّي» . وقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لمعاوية بن الحكم: «إنّ هذه الصّلاة لا يصلح فيها شيءٌ من كلام النّاس إلّا القرآن»، فالقرآن غير كلام النّاس. وقال أبو بكرٍ رضي اللّه عنه: لا واللّه، ولكنّه كلام اللّه. فقال لي: ما أحسن ما احتججت به، جبريل جاء إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بمخلوقٍ، والنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم جاء إلى النّاس بمخلوقٍ
[الإبانة الكبرى: 5/337]
142 - حدّثنا أبو حفصٍ، قال: حدّثنا أبو أيّوب، قال: حدّثنا عبد اللّه بن سويدٍ، قال: سمعت أبا إسحاق الهاشميّ، يقول: سألت أبا عبد اللّه
[الإبانة الكبرى: 5/337]
أحمد بن حنبلٍ، فقلت: إذا قالوا لنا: القرآن بألفاظنا مخلوقٌ، نقول لهم: ليس هو بمخلوقٍ بألفاظنا أو نسكت؟ فقال: " اسمع ما أقول لك: القرآن في جميع الوجوه ليس بمخلوقٍ " ثمّ قال أبو عبد اللّه: «جبريل حين قاله للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كان منه مخلوقًا؟ والنّبيّ حين قاله كان منه مخلوقًا؟ هذا من أخبث قولٍ وأشرّه» ثمّ قال أبو عبد اللّه: «بلغني عن جهمٍ أنّه قال بهذا في بدء أمره»
[الإبانة الكبرى: 5/338]
143 - حدّثنا أبو حفصٍ، قال: حدّثنا أبو نصرٍ، قال: حدّثنا الفضل، قال: حدّثنا أبو طالبٍ، عن أبي عبد اللّه، قال: قلت له: كتب إليّ من طرسوس أنّ الشّرّاك يزعم أنّ القرآن كلام اللّه، فإذا تلوته فتلاوته مخلوقةٌ، قال: «قاتله اللّه، هذا كلام جهمٍ بعينه»، قلت: رجلٌ قال في القرآن: كلام اللّه ليس بمخلوقٍ، ولكنّ لفظي هذا به مخلوقٌ؟ قال: «هذا كلام سوءٍ، من قال هذا فقد جاء بالأمر كلّه» قلت: الحجّة فيه حديث أبي بكرٍ: لمّا قرأ: {الم غلبت الرّوم} [الروم: 2] فقالوا: هذا جاء به صاحبك؟ قال: لا، ولكنّه كلام اللّه، قال: «نعم، هذا وغيره إنّما هو كلام اللّه، إن لم يرجع عن هذا فاجتنبه، ولا تكلّمه، هذا مثل ما قال الشّرّاك» .
[الإبانة الكبرى: 5/338]
قلت: كذا بلغني، قال: «أخزاه اللّه، تدري من كان خاله؟» قلت: لا، قال: «كان خاله عبدك الصّوفيّ، وكان صاحب كلامٍ ورأي سوءٍ، وكلّ من كان صاحب كلامٍ، فليس ينزع إلى خيرٍ»، واستعظم ذلك واسترجع، وقال: «إلى ما صار أمر النّاس؟»
[الإبانة الكبرى: 5/339]
144 - حدّثنا أبو الفضل جعفر بن محمّدٍ القافلائيّ قال: حدّثنا إسحاق بن إبراهيم بن هانئٍ النّيسابوريّ، قال: وسمعت أبا عبد اللّه، يقول: «من زعم أنّ لفظي بالقرآن مخلوقٌ، فهو جهميٌّ» وقال: «أرأيت جبريل جاء إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فتلا عليه تلاوة جبريل للنّبيّ القرآن، كان مخلوقًا؟ ما هو بمخلوقٍ»
[الإبانة الكبرى: 5/339]
145 - حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن مخلد بن حفص بن جعفرٍ العطّار قال: حدّثنا أبو يوسف محمّد بن المثنّى الدّينوريّ قال: حدّثنا أبو بكرٍ
[الإبانة الكبرى: 5/339]
محمّد بن عمران بن موسى الدّينوريّ قال: حدّثنا أبو أحمد الأسديّ، قال: دخلت على أبي عبد اللّه أحمد بن محمّد بن حنبلٍ رضي اللّه عنه وسألته فقلت: يا أبا عبد اللّه، لفظي بالقرآن مخلوقٌ أو غير مخلوقٍ؟ فما أجابني بشيءٍ، ثمّ أعدت عليه المسألة، فما أجابني فيها بشيءٍ، قال: ثمّ خرجت في سفري إلى مكّة، فصارت البادية في طريقي على شبه الحبس من شدّة الفكرة في أمره، قال: فدخلت إلى مكّة، فقطع بي الطّواف، فخرجت إلى بئر زمزم، وقبّة الشّراب، فصلّيت فيها ركعتين، ثمّ نعست فرأيت ربّ العزّة تبارك وتعالى في
[الإبانة الكبرى: 5/340]
منامي، فكان آخر ما قلت له: إلهي، قراءتي بكلامك غير مخلوقٍ؟ قال: نعم. قال: فقوي عزمي، فلمّا قضيت حجّي وسفري، دخلت بغداد وقد تغيّر أبو عبد اللّه تغيّرًا شديدًا، فقلت له: يا أبا عبد اللّه لفظي بالقرآن مخلوقٌ؟ أو غير مخلوقٍ؟ فانبسط إليّ وقال: " ما حالك، توجّه القرآن على خمس جهاتٍ: حفظٌ بالقلب، وتلاوةٌ باللّسان، وسمعٌ بالأذن، وبصرٌ بعينٍ، وخطٌّ بيدٍ؟ " فأشكل عليّ قوله، وبقيت فيه متحيّرًا، فقال لي: «ما حالك، القلب مخلوقٌ، والمحفوظ به غير مخلوقٍ، واللّسان مخلوقٌ، والمتلوّ به غير مخلوقٍ، والأذن مخلوقٌ، والمسموع إليه غير مخلوقٍ، والعين مخلوقٌ، والمنظور إليه منه غير مخلوقٍ»، قال: فقلت: يا أبا عبد اللّه العين تنظر إلى السّواد في الورق؟ فقال لي: " مه، أصحّ شيءٍ في هذا خبر نافعٍ، عن ابن عمر، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «لا تسافروا بالقرآن إلى أرض العدوّ»، ولم يذكر حبرًا ولا ورقًا "، قال: ثمّ رجع معي إلى باب الدّار وهو يكلّمني بهذا، إذ أتته امرأةٌ معها رجلٌ، فقال: يا أبا عبد اللّه قد ذهبت إلى عبد الوهّاب، فما أجابها في المسألة، وتحبّ أن تسألك، فقال لها: وما مسألتك؟، قالت: مسألتي أنّ زوجي حلف بالطّلاق أنّه لا يكلّم جارًا له سنةً، فمرّ به بعد أيّامٍ وهو يقرأ فلحن، فردّ عليه، قال: فحرّمت من هذا إلى غيره؟ قال: " لا، قال: فاذهب فإنّك لم تحنث، إنّك كلّمته كلام الخالق دون المخلوقين "
[الإبانة الكبرى: 5/341]
146 - حدّثنا أبو بكرٍ أحمد بن سليمان النّجّاد قال: حدّثنا عبد اللّه
[الإبانة الكبرى: 5/341]
بن أحمد بن حنبلٍ، قال: سألت أبي فقلت: إنّ قومًا يقولون: ألفاظنا بالقرآن مخلوقةٌ؟ قال: «هم جهميّةٌ، وهم شرٌّ ممّن يقف» . وقال: " هذا هو قول جهمٍ، وعظّم الأمر عنده في هذا، وقال: قال اللّه عزّ وجلّ: {وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتّى يسمع كلام اللّه} [التوبة: 6]، وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «حتّى أبلّغ كلام ربّي»، وقال صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ هذه الصّلاة لا يصلح فيها شيءٌ من كلام النّاس» فمن قال: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، فهو جهميٌّ "
147 - قال: فقلت لأبي: إنّ الكرابيسيّ يقول: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، فقال: «هذا كلام سوءٍ رديءٌ، وهو كلام الجهميّة، كذب الكرابيسيّ، هتكه اللّه، الخبيث» وقال: «قد خلف هذا بشرًا المرّيسيّ»
148 - قال عبد اللّه: وكان أبي يكره أن يتكلّم في اللّفظ بشيءٍ، وأن يقال: لفظي به مخلوقٌ أو غير مخلوقٍ
[الإبانة الكبرى: 5/342]
149 - حدّثنا أبو محمّدٍ عبد اللّه بن سليمان الورّاق، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبلٍ، قال: سألت أبي: ما تقول في رجلٍ قال: التّلاوة
[الإبانة الكبرى: 5/342]
مخلوقةٌ، وألفاظنا بالقرآن مخلوقةٌ، والقرآن كلام اللّه ليس بمخلوقٍ؟ قال: «هذا كافرٌ، وهو فوق المبتدع، وهذا كلام الجهميّة» . قلت: ما ترى في مجانبته؟ وهل يسمّى مبتدعًا؟ فقال: " هذا يجانب، وهو فوق المبتدع، وهذا كلام الجهميّة، ليس القرآن بمخلوقٍ، قالت عائشة: تلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {هو الّذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكماتٌ} [آل عمران: 7]، والقرآن ليس بمخلوقٍ "
[الإبانة الكبرى: 5/343]
150 - حدّثنا أبو حفصٍ عمر بن محمّدٍ قال: حدّثنا أبو جعفرٍ محمّد بن داود، قال: حدّثنا أبو بكرٍ المرّوذيّ، قال: سمعت أبا عبد اللّه، يقول: " افترقت الجهميّة على ثلاث فرقٍ: الّذين قالوا: مخلوقٌ، والّذين شكّوا، والّذين قالوا: ألفاظنا بالقرآن مخلوقٌ "
[الإبانة الكبرى: 5/343]
151 - قال المرّوذيّ: قلت لأبي عبد اللّه: إنّ رجلًا من أصحابنا زوّج أخته من رجلٍ، فإذا هو من هؤلاء اللّفظيّة، يقول: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، وقد كتب الحديث، فقال أبو عبد اللّه: «هذا شرٌّ من جهميٍّ» . قلت: فتفرّق بينهما؟ قال: نعم، قلت: فإنّ أخاها يفرّق بينهما؟ قال: «قد أحسن»، وقال: «أظهروا الجهميّة، هذا كلامٌ ينقض آخره أوّله» . قلت لأبي عبد اللّه: إنّ الكرابيسيّ يقول: من لم يقل: لفظي بالقرآن مخلوقٌ فهو كافرٌ؟ قال: «بل هو الكافر» . وقال: «مات بشرٌ المرّيسيّ وخلفه حسينٌ الكرابيسيّ»
[الإبانة الكبرى: 5/344]
152 - حدّثنا أبو حفصٍ، قال: حدّثنا أبو نصرٍ، قال: حدّثنا الفضل، قال: حدّثنا أبو طالبٍ، عن أبي عبد اللّه، قال: سأله يعقوب بن الدّورقيّ عن من قال: لفظنا بالقرآن مخلوقٌ، كيف تقول في هذا؟ قال: لا يكلّم هؤلاء ولا يكلّم هذا، القرآن كلام اللّه غير مخلوقٍ على كلّ جهةٍ، وعلى كلّ وجهٍ تصرّف، وعلى أيّ حالٍ كان، قال اللّه تعالى: {وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتّى يسمع كلام اللّه} [التوبة: 6] .
[الإبانة الكبرى: 5/344]
وقول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: لا يصلح في الصّلاة شيءٌ من كلام النّاس ". وقال صلّى اللّه عليه وسلّم: حتّى أبلّغ كلام ربّي. هذا قول جهمٍ، على من جاء بهذا غضب اللّه "
[الإبانة الكبرى: 5/345]
153 - حدّثنا أبو حفصٍ، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ محمّد بن داود قال: وسمعت عبد الوهّاب يعني ابن الحكم الورّاق، يقول: «الواقفة واللّفظيّة واللّه جهميّةٌ» حلف عليها غير مرّةٍ
[الإبانة الكبرى: 5/345]
154 - قال أبو جعفرٍ: وسمعت أبا زهيرٍ محمّد بن زهيرٍ يقول: " القرآن كلام اللّه غير مخلوقٍ على جميع الجهات، فقال: من قال: هذا يعني: لفظي، فهو يدخل فيه كلٌّ ". قال الشّيخ: فبهذه الرّوايات والآثار الّتي أثرناها وروّيناها عن سلفنا وشيوخنا وأئمّتنا نقول، وبهم نقتدي، وبنورهم نستضيء، فهم الأئمّة العلماء العقلاء النّصحاء، الّذين لا يستوحش من ذكرهم، بل تنزل الرّحمة إذا نشرت أخبارهم، ورويت آثارهم، فنقول: إنّ القرآن كلام اللّه، ووحيه، وتنزيله، وعلمٌ من علمه، فيه أسماؤه الحسنى، وصفاته العليا، غير مخلوقٍ كيف تصرّف،
[الإبانة الكبرى: 5/345]
وعلى كلّ حالٍ، لا نقف، ولا نشكّ، ولا نرتاب، ومن قال: مخلوقٌ، أو قال: كلام اللّه ووقف، أو قال: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، فهؤلاء كلّهم جهميّةٌ ضلّالٌ كفّارٌ، لا يشكّ في كفرهم، ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، فهو ضالٌّ مضلٌّ جهميٌّ، ومن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوقٍ، فهو مبتدعٌ، لا يكلّم حتّى يرجع عن بدعته، ويتوب عن مقالته فهذا مذهبنا، اتّبعنا فيه أئمّتنا، واقتدينا بشيوخنا، رحمة اللّه عليهم، وهو قول إمامنا أحمد بن حنبلٍ رحمه اللّه
[الإبانة الكبرى: 5/346]
155 - حدّثنا أبو حفصٍ عمر بن محمّد بن رجاءٍ قال: حدّثنا أبو جعفرٍ محمّد بن داود قال: حدّثنا أبو بكرٍ المرّوذيّ، قال: وسمعت أبا الحسن عبد الوهّاب الورّاق، يقول: " ما سمعت عالمًا يقول: لفظي بالقرآن غير مخلوقٍ، فمن هؤلاء عند أبي عبد اللّه الّذين خالفوا قوله، إذا وقفت غدًا بين يدي اللّه، فسألني: بمن اقتديت؟ أيّ شيءٍ أقول؟ وأيّ شيءٍ ذهب على أبي عبد اللّه من أمر الإسلام؟ وأبو عبد اللّه عالم هذه المسألة، فقد بلي منذ عشرين سنةً في هذا الأمر، فمن لم يصر إلى قول أبي عبد اللّه، فنحن نظهر خلافه ونهجره، ولا نكلّمه، إذا قلنا: القرآن غير مخلوقٍ، ومن قال: لفظي بالقرآن، فهو جهميٌّ، فأيّ شيءٍ بقي، وإنّما هذا من طريق أصحاب الكلام، وأصحاب
[الإبانة الكبرى: 5/346]
الكلام لا يفلحون "
[الإبانة الكبرى: 5/347]
156 - حدّثنا أبو حفصٍ، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ، قال: قال إسحاق بن داود: " نحن نقتدي بمن مات، أحمد بن حنبلٍ إمامنا، وهو من الرّاسخين في العلم، يقول: ما سمعت عالمًا يقول: لفظي بالقرآن غير مخلوقٍ، وأيّ شيءٍ ذهب على أبي عبد اللّه من أمر الإسلام؟ إذا قلنا: من قال: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، فهو جهميٌّ، وقلنا كما قال العلماء: القرآن كلام اللّه غير مخلوقٍ حيثما تصرّف، فأيّ شيءٍ بقي؟ من قال: لفظي بالقرآن غير مخلوقٍ؟ فنحن نهجره ولا نكلّمه، وهذه بدعةٌ، وما غضب أحدٌ في هذا الأمر وهو دون غضب أبي عبد اللّه، أبو عبد اللّه يغضب الغضب الشّديد، حتّى جعلوا يسكّتونه "
[الإبانة الكبرى: 5/347]
157 - حدّثنا أبو حفصٍ، حدّثنا أبو جعفرٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ، سمعت الحسن عليّ بن مسلمٍ يقول: " القرآن كلام اللّه غير مخلوقٍ، هذا قول أبي عبد
[الإبانة الكبرى: 5/347]
اللّه، فبه نقتدي إذ كنّا لم ندرك في عصره أحدًا تقدّمه في العلم والمعرفة والدّيانة، وكان مقدّمًا عند من أدركنا من علمائنا، فما علمت أنّ أحدًا بلي بمثل ما بلي به فصبر، فهو قدوةٌ وحجّةٌ لأهل هذا العصر، ولمن يجيء بعدهم، فنحن متّبعون لمقالته، وموافقون له، فمن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوقٍ، فقد أبدع، وليس هو من كلام العلماء، وهذا ممّا أحدثه أصحاب الكلام المبتدعة، وقد صحّ عندنا أنّ أبا عبد اللّه أنكر على من قال ذلك، وغضب منه الغضب الشّديد، وقال: ما سمعت عالمًا قال هذا، فمن خالف أبا عبد اللّه فيما نهى عنه، فنحن غير موافقين له، منكرون عليه، وقد أدركنا من علمائنا مثل عبد اللّه بن المبارك، وهشيم بن بشيرٍ، وإسماعيل ابن عليّة، وسفيان بن عيينة،
[الإبانة الكبرى: 5/348]
وعبّاد بن عبّادٍ، وعبّاد بن العوّام، وأبي بكر بن عيّاشٍ، وعبد اللّه بن إدريس، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، ويحيى بن زائدة، ويوسف بن يعقوب بن الماجشون، ووكيعٍ، ويزيد بن هارون، وأبي أسامة، وقد
[الإبانة الكبرى: 5/349]
أدركوا هؤلاء كلّهم التّابعين، وسمعوا عنهم، ورووا عنهم، ما منهم أحدٌ قال: لفظي بالقرآن غير مخلوقٍ، فنحن لهم متّبعون، ولما أحدث بعدهم مخالفون "
[الإبانة الكبرى: 5/350]
158 - حدّثنا أبو حفصٍ، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ يعني المرّوذيّ، قال: وقال إسحاق بن حنبلٍ: " من قال: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، فهو جهميٌّ، ومن زعم أنّ لفظه بالقرآن غير مخلوقٍ، فقد ابتدع، فقد نهى أبو عبد اللّه عن هذا، وغضب منه وقال: ما سمعت عالمًا قال هذا، أدركت العلماء مثل: هشيمٍ، وأبي بكر بن عيّاشٍ، وسفيان بن عيينة، فما سمعتهم قالوا هذا، وأبو عبد اللّه أعلم النّاس بالسّنّة في زمانه، لقد ذبّ عن دين اللّه، وأوذي في اللّه، وصبر على السّرّاء والضّرّاء ". قال أبو يوسف: فمن حكى عن أبي عبد اللّه أنّه قال: لفظي بالقرآن غير مخلوقٍ، فقد كذب، ما سمعت أبا عبد اللّه قال هذا، إنّما قال أبو عبد اللّه:
[الإبانة الكبرى: 5/350]
اللّفظيّة جهميّةٌ، وأبو عبد اللّه أعلم النّاس بالسّنّة في زمانه
[الإبانة الكبرى: 5/351]
159 - حدّثنا أبو حفصٍ قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ، قال: وسمعت يعقوب الدّورقيّ، يقول: " القرآن كلام اللّه غير مخلوقٍ، فمن زعم أنّه مخلوقٌ فهو كافرٌ، ومن قال: لفظه بالقرآن مخلوقٌ، فهو جهميٌّ، ومن قال: لفظه بالقرآن غير مخلوقٍ، فهو مبتدعٌ محدثٌ، يهجر ولا يكلّم ولا يجالس، لأنّ القرآن صفات اللّه وأسماؤه، والقرآن كلام اللّه حيث تصرّف غير مخلوقٍ، ومن حكى عنّي أنّي رجعت عن تبديع من قال هذا، فهو كذّابٌ "
[الإبانة الكبرى: 5/351]
160 - حدّثنا أبو حفصٍ، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ، قال: سمعت أبا بكر بن سهل بن عسكرٍ، يقول: " القرآن كلام اللّه غير مخلوقٍ حيث تصرّف، والقرآن من علم اللّه، ومن زعم أنّه ليس من علم اللّه، فهو كافرٌ، ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوقٌ فهو جهميٌّ كافرٌ باللّه، ومن قال: إنّ لفظي بالقرآن غير مخلوقٍ، فلم أر أحدًا من العلماء قال: لفظي بالقرآن غير مخلوقٍ، ونحن متّبعون لأحمد بن محمّد بن حنبلٍ في هذه المسألة، فمن خالفه فنحن
[الإبانة الكبرى: 5/351]
منه بريئون في الدّنيا والآخرة، سمعت عبد الرّزّاق يقول: إن يعش هذا الرّجل يكن خلفًا من العلماء، يريد أحمد بن حنبلٍ، رحمه اللّه "
[الإبانة الكبرى: 5/352]
161 - حدّثنا أبو حفصٍ قال: حدّثنا أبو جعفرٍ قال: حدّثنا أبو بكرٍ، قال: سمعت عبد اللّه بن أيّوب المخرّميّ، يقول: " القرآن كلام اللّه غير مخلوقٍ، ومن قال: إنّه مخلوقٌ، فقد أبطل الصّوم والحجّ والجهاد وفرائض اللّه، ومن أبطل واحدةً من هذه الفرائض فهو كافرٌ باللّه العظيم، ومن قال: إنّ لفظي بالقرآن غير مخلوقٍ، فهو ضالٌّ مبتدعٌ، أدركت ابن عيينة، ويحيى بن سليمٍ، ووكيع بن الجرّاح، وعبد اللّه بن نميرٍ، وجماعةً من علماء الحجاز والبصرة والكوفة، ما سمعت أحدًا منهم قال: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، ولا: غير مخلوقٍ. وقد صحّ عندنا أنّ أبا عبد اللّه أحمد بن حنبلٍ نهى أن يقال: لفظي
[الإبانة الكبرى: 5/352]
بالقرآن غير مخلوقٍ، فمن قال بخلاف ما قال أبو عبد اللّه فقد صحّت بدعته "
[الإبانة الكبرى: 5/353]
162 - حدّثنا أبو حفصٍ، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى الأزديّ، قال: حدّثني مسدّدٌ، قال: كنت عند يحيى بن سعيدٍ القطّان، وجاء يحيى بن إسحاق بن توبة العنبريّ، فقال له يحيى بن سعيدٍ: حدّث هذا، يعني مسدّدًا كيف قال حمّاد بن زيدٍ فيما سألته؟ قال: سألت حمّاد بن زيدٍ عن من قال: كلام النّاس ليس بمخلوقٍ، فقال: هذا كلام أهل الكفر "
[الإبانة الكبرى: 5/353]
163 - قال يحيى بن إسحاق بن توبة العنبريّ: سألت معتمر بن
[الإبانة الكبرى: 5/353]
سليمان عن من قال: كلام النّاس ليس بمخلوقٍ قال: «هذا كفرٌ»
[الإبانة الكبرى: 5/354]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ذكر, بابٌ

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:31 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir