دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > العقيدة الواسطية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 ذو الحجة 1429هـ/3-12-2008م, 11:26 PM
فاطمة فاطمة غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 758
افتراضي التنبيهات السنية للشيخ: عبد العزيز بن ناصر الرشيد

وقَدْ دَخَلَ في هذهِ الجُمْلَةِ مَا وَصَفَ اللهُ بهِ نَفْسَهُ في سُورَةِ الإِخْلاَصِ، التي تَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ.( 28)
حَيْثُ يَقُولُ: ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ( 29)
اللهُ الصَّمَدُ.( 30)
لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ. ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ).( 31)

(28) قولُه: (وقد دخلَ في هذه الجملةِ): أي المتقدِّمةِ من قولِهِ: (وقد جمعَ فيما وصفَ وسمَّى به نفسَهُ).
قولُه: (في سورةِ الإخلاصِ): أي سورةِ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، فإنَّها اشتملتْ على النَّفي والإثباتِ: إثباتِ صفاتِ الكمالِ ونفيِ التَّشبيهِ والمثالِ، ومعاني التنـزيهِ ترجعُ إلى هذين الأصلين، وهذا عكسُ ما عليه أهلُ البدعِ من الجهميَّةِ والمعتزلةِ وغيرِهم. فإنَّهم يَنْفُونَ صفاتِ الكمالِ، ويُثبتون ما لا يوجدُ إلا في الخيالِ.
قولُه: (الجملةِ): وهي لغةً: جماعةُ الشَّيءِ وما تركَّبَ من مُسْنَدٍ ومُسْنَدٍ إليه، جمعُه جُملٌ.
قولُه: (سورةِ): السُّورةُ: القطعةُ من القرآنِ معلومةُ الأوَّلِ والآخرِ.
قولُه: (الإخلاصِ): أي سورةُ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) سُمِّيتْ بسورةِ الإخلاصِ لأنَّها أخلصتْ في صفةِ اللهِ، ولأنَّها تُخَلِّصُ قارِئَها من الشِّركِ العلميِّ الاعتقاديِّ.
قوله: (تَعدلُ): عَدلُ الشَّيءِ بالفتحِ: ما سِوَاه من غَيرِ جِنْسِه، وبالكسرِ ما سواه من جِنْسِه).
قولُه: (ثُلُثَ القُرْآنِ): وذلك لأنَّ معانِيَ القرآنِ ثلاثةُ أنواعٍ: توحيدٌ، وقَصصٌ، وأحكامٌ، وهذه السُّورةُ صفةُ الرَّحمنِ فيها التَّوحيدُ وحدَهُ، وفي صحيحِ البخاريِّ عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلا سمِعَ رَجُلا يقرأ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) يردِّدُها، فلمَّا أصبح جاء إلى النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- فذكرَ له ذلك، وكأنَّ الرجلَ يَتَقالُّها، فقال النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: ((وَالَّذي نَفْسِي بِيَدِه إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ))، الحديثَ. والأحاديثُ بِكونِها تعدلُ ثلثَ القرآنِ تكادُ تبلغُ مبلغَ التَّواترِ، انتهى مِن كلامِ ابنِ القيِّمِ رحمه اللهُ.

(29) قال القسطلانيُّ: وذلك لأنَّ القرآنَ على ثلاثةِ أنحاءٍ: قَصَصٍ، وأحكامٍ، وصفاتِ اللهِ، و(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) متضمِّنةٌ للتَّوحيدِ والصِّفاتِ، فهي ثلثُه. قال: وفيه دليلٌ على شرفِ علمِ التَّوحيدِ، وكيف لا والعلمُ يُشْرفُ بشرفِ المعلومِ، ومعلومُ هذا العلمِ هو اللهُ وصفاتُه وما يجوزُ عليه وما لا يجوزُ، فما ظنُّك بشرفِ منـزلتِه وجلالةِ محَلِّهِ. انتهى.
وفي هذا الحديثِ دليلٌ على تفاضلِ القرآنِ، وكذلك تفاضلِ آياتِ الصِّفاتِ، وأنَّ علمَ التَّوحيدِ أفضلُ العلومِ، إذ شَرَفُ العلمِ بشرفِ موضوعِه.
وسببُ نزولِ هذه السُّورةِ: هو ما رواه أحمدُ، عن أُبَيِّ بنِ كعبٍ، أنَّ المشركين قالُوا للنَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: انسبْ لنا ربَّك، فأنزلَ اللهُ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) وأخرجَه التِّرمذيُّ والطَّبريُّ، فالمُشركون سألوا رسولَ اللهِ عن حقيقةِ ربِّه من أيِّ شيءٍ، فدلَّهم على نفسِه بصفاتِه فلم يجعلْ لهم سبيلاً إلى معرفةِ الذَّاتِ والكُنهِ، فحقيقةُ الذَّاتِ والكُنْهِ غيرُ معلومةٍ للبشرِ، فقال -سُبْحَانَهُ وتعالى: (قُلْ) يا محمَّدُ، لهؤلاءِ المُشركين (اللهُ أَحَدٌ) أي منفردٌ في ذاتِه، وأسمائِه، وصفاتِه، وأفعالِهِ، لا شريكَ له، ولا مثيلَ، ولا نظيرَ، (أَحَدٌ) بمعنى واحدٍ، ولا يُطلقُ هذا اللفظُ في الإثباتِ إلا عليه سُبْحَانَهُ، لأنَّه الكاملُ في جميعِ صفاتِه وأحكامِه، وفي هذا دليلٌ على أنَّ القرآنَ كلامُ اللهِ، إذ لو كانَ كلامَ النَّبيِّ أو غيرِه لم يقلْ (قُلْ) ففيه الرَّدُّ على المعتزلةِ القائلينَ إنَّ القرآنَ كلامُ محمَّدٍ أو جبريلَ.
قال ابنُ القيِّمِ رحمهُ اللهُ تعالى: فدلَّ على أنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- مُبَلِّغٌ عن اللهِ، فكان مُقتضى البلاغِ التَّامِّ أنْ يقولَ: (((قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ففيه الرَّدُّ على الجهميَّةِ والمعتزلةِ وإخوانِهم ممَّن يقولُ هو كلامُه ابْتدَأَهُ من قِبَلِ نفسِه، ففي هذا أبلغُ ردٍّ لهذا القولِ، وأنَّه -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- بَلَّغَ ما أُمِرَ بتبليغهِ، على وجههِ ولفظهِ، فقيلَ له: (قُلْ) فقال: (قُلْ) لأنَّه مبلِّغٌ محضٌ، فما على الرَّسولِ إلا البلاغُ المبينُ، وفيه دليلٌ على الجهرِ بالعقيدةِ والتَّصريحِ بِها.

(30) قولُه: (اللهُ الصَّمَدُ): قال أبو وائلٍ: الصـَّمدُ: السـَّيـِّدُ الَّذي انتهى سُؤدُده، والعربُ تـُسمِّي أشرافَها: الصَّمدَ، لكثرةِ الأوصافِ المحمودةِ للمسمَّى به، قال الشَّاعرُ:

ألا بكَّرَ النَّاعي بخيرِ بني أسدٍ بعمرِ بنِ مسعودٍ وبالسَّيِّدِ الصَّمَدِ
فإنَّ الصَّمدَ مَن تُصمدُ إليه القلوبُ بالرَّغبةِ والرَّهبةِ، وذلك لكثرةِ خصالِ الخيِرِ فيه. انتهى. وقال عكرمةُ عن ابنِ عبَّاسٍ: معنى الصَّمدِ: هو الَّذي يصمدُ إليه الخلائقُ في حوائِجهم ومسائِلهم.
وقال الرَّبيعُ بنُ أنسٍ: هو الَّذي لم يلدْ ولم يولدْ، كأنَّه جعلَ ما بعدَهُ تفسيرًا له، وهو تفسيرٌ جيِّدٌ، وقد تقدَّمَ الحديثُ من روايةِ ابنِ جريرٍ عن أُبَيِّ بنِ كعبٍ في ذلك وهو صريحٌ في ذلك. انتهى. من ابنِ كثيرٍ.
قال الشَّيخُ تقيُّ الدِّينِ رحمهُ اللهُ تعالى: ومَن قالَ: إنَّ الصَّمَدَ هو الَّذي لا جوفَ له، فقولُه لا يُناقضُ هذا التَّفسيرَ، فإنَّ اللفظةَ من الاجتماعِ، فهو الَّذي اجتمعَتْ فيه صفاتُ الكمالِ ولا جوفَ له، فإنَّما لم يكنْ أَحَدٌ كفوًا له لمَّا كان صَمَدًا كاملاً في صمدانيَّتِه، فلو لم يكنْ له صفاتُ كمالٍ ونعوتُ جلالٍ ولم يكنْ له علمٌ ولا قدرةٌ ولا سمعٌ ولا بصرٌ ولا يقومُ به فعلٌ ولا يفعلُ شيئًا ألبتَّةَ ولا له حياةٌ ولا كلامٌ ولا وجهٌ، ولا يدٌ ولا فوقَ عرشِه ولا يَرضى ولا يغضبُ ولا يُرى ولا يمكنُ أنْ يُرى ولا يُشارُ إليه لكان العَدَمُ المحضُ كفوًا له، فإنَّ هذه الصِّفةَ منطبقةٌ على المعدومِ، فلو كان ما يقولُه المعطِّلونَ هو الحقَّ لم يكنْ صمدًا وكان العدمُ كفوًا له، فاسمُه الأحدُ دلَّ على نفيِ المشاركةِ والمماثلةِ، واسمُه الصَّمدُ دلَّ على أنَّه مُستحقٌّ لصفاتِ الكمالِ، فصفاتُ التَّنـزيهِ ترجعُ إلى هذين المَعْنيين: نفيِ النَّقائصِ عنه، وذلك من لوازمِ إثباتِ صفاتِ الكمالِ، فمَن ثبتَ له الكمالُ التَّامُّ انتفى عنه النُّقصانُ المضادُّ له، والكمالُ من مدلولِ اسمِهِ الصَّمدِ.
والثَّاني: أنَّه ليسَ كمثلِه شيءٌ في صفاتِ الكمالِ الثَّابتةِ له، وهذا من مدلولِ اسمهِ الأحدِ، فهذان الاسمانِ العظيمانِ يتضمَّنان تنـزيهَهُ عن كلِّ نقصٍ وعيبٍ، وتنـزيهَه في صفاتِ الكمالِ أنْ يكونَ له مُماثِلٌ في شيءٍ منها، فالسُّورةُ تضمَّنَتْ كُلَّ ما يجبُ نفيُه عن اللهِ، وما يجبُ إثباتُه للهِ من وجهَيْنِ: من جهةِ اسمهِ الصَّمدِ، ومن جهةِ أنَّ كلَّ ما نُفِيَ عنهُ من الأصولِ والفروعِ والنَّظيِرِ استلزمَ ثُبوتَ صفاتِ الكمالِ، فإنَّ ما يمدحُ به من النَّفي فلابدَّ أن يتضمَّنَ ثبوتًا، وإلا فالنَّفيُ المحضُ عَدَمٌ محضٌ، والعدمُ المحضُ ليس بشيءٍ، فضلاً عن أنْ يكونَ صفةَ كمالٍ. انتهى مِن كلامِ الشَّيخِ تقيِّ الدِّينِ بنِ تيميةَ بتصرُّفٍ.

(31) قولُه: (لَمْ يَلِدْ): فيه الرَّدُّ على اليهودِ والنَّصارى والمُشركين، فإنَّ اليهودَ قالُوا: عُزيرٌ ابنُ اللهِ، وقالَتِ النَّصارى: المسيحُ ابنُ اللهِ، ومشركوا العربِ زعموا: أنَّ الملائكةَ بناتُ اللِه، تعالى اللهُ عن قولِهم.
قولُه: (ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) الكفوُ: المثلُ والشَّبيهُ، فهذه السُّورةُ تضمَّنت توحيدَ الاعتقادِ والمعرفةِ وما يجبُ إثباتُه للرَّبِّ من الأحديَّةِ المنافيةِ لمطلقِ المشاركةِ بوجهٍ من الوجوهِ، والصمديَّةِ المثبتةِ له جميعَ صفاتِ الكمالِ الَّذي لا يلحقُه فيها نقصٌ بوجهٍ من الوجوهِ، ونفيِ الولدِ والوالدِ الَّذي هو من لزومِ صمديَّتِه وغِناهُ وأحديَّتهِ، ونفيِ الكفؤِ المتضمِّنِ لنفيِ التَّشبيهِ والتَّمثيلِ، فتضمَّنتْ هذه السُّورةُ إثباتَ كلِّ كمالٍ، ونفيَ كلِّ نقصٍ عنه، ونفيَ إثباتِ مثلٍ له، أو شبيهٍ له في كمالِه، ونفيَ مطلقِ الشَّريكِ عنه، فهذه الأصولُ هي مَجامِعُ التَّوحيدِ العلميِّ الاعتقاديِّ، الَّذي يباينُ به صاحبُه جميعَ فرقِ الضَّلالِ والشِّركِ، ولهذا كانتْ تعدلُ ثلثَ القرآنِ، فأخلصتْ سورةُ الإخلاصِ الخبرَ عنه، وعن أسمائهِ وصفاتهِ، فعدلتْ ثلثَ القرآنِ، وخلَّصتْ قارئَها المؤمنَ بها من الشِّركِ العلميِّ.اهـ.، مِن كلامِ ابنِ القيِّمِ رحمه اللهُ تعالى ملخَّصًا.
وفي هذهِ السُّورةِ الجمعُ بين النَّفيِ والإثباتِ، وفيها الإجمالُ في النَّفيِ، والتَّفصيلُ في الإثباتِ، وهذه طريقةُ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ خلافًا لأهلِ الكلامِ المذمومِ، وتضمَّنتْ هذه السُّورةُ أنواعَ التَّوحيدِ الثَّلاثةَ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تضمن, سورة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:34 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir