دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > مكتبة علوم العقيدة > أصول الاعتقاد > كتاب التوحيد لابن منده

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 جمادى الآخرة 1434هـ/26-04-2013م, 11:19 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي ذكر معرفة صفات الله عز وجل التي وصف بها نفسه وأنزل بها كتابه

قال أبو عبد الله محمد بن إسحاق ابن مَنْدَهْ العَبْدي (ت: 395هـ): ( ذكر معرفة صفات الله عز وجل التي وصف بها نفسه وأنزل بها كتابه وأخبر بها الرّسول صلى الله عليه وسلم على سبيل الوصف لربّه عز وجل مبيّنًا ذلك لأمّته نقول وبالله التّوفيق:
إنّ الأخبار في صفات الله عز وجل جاءت متواترةً عن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم موافقةً لكتاب الله عز وجل نقلها الخلف عن السّلف قرنًا بعد قرن من لدن الصّحابة والتّابعين إلى عصرنا هذا على سبيل إثبات الصّفات للّه عز وجل والمعرفة والإيمان به والتّسليم لما أخبر الله عز وجل به في تنزيله وبيّنه الرّسول صلى الله عليه وسلم عن كتابه، مع اجتناب التّأويل والجحود وترك التّمثيل والتّكييف، وأنّه عز وجل أزليٌّ بصفاته الّتي وصف بها نفسه، ووصفه الرّسول صلى الله عليه وسلم غير زائلةٍ عنه ولا كائنةٍ دونه، فمن جحد صفةً من صفاته بعد الثّبوت كان بذلك جاحدًا، ومن زعم أنّها محدثةٌ لم تكن، ثمّ كانت على أيّ معنى تأوّله دخل في حكم التّشبيه، والصّفات الّتي هي محدثةٌ في المخلوق زائلةٌ بفنائه غير باقيةٍ، وذلك أنّ الله تعالى امتدح نفسه بصفاته تعالى، ودعا عباده إلى مدحه بذلك، وصدّق به المصطفى صلى الله عليه وسلم، وبيّن مراد الله عز وجل فيما أظهر لعباده من ذكر نفسه وأسمائه وصفاته، وكان ذلك مفهومًا عند العرب غير محتاجٍ إلى تأويلها، فقال عز وجل: كتب ربّكم على نفسه الرّحمة، وقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى وتقدّس: إنّي حرّمت الظّلم على نفسي، وقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم بيانًا لقوله: إنّ الله كتب على نفسه فهو عنده، إنّ رحمتي تغلب غضبي، فبيّن مراد الله فيما أخبر عن نفسه وبيّن أنّ نفسه قديمٌ غير فانٍ بفناء الخلق، وأنّ ذاته لا توصف إلاّ بما وصف، ووصفه النّبيّ صلى الله عليه وسلم لأنّ المجاوز وصفهما يوجب المماثلة، والتّمثّل والتّشبيه لا يكون إلاّ بالتّحقيق ولا يكون باتّفاق الأسماء، وإنّما وافق اسم النّفس اسم نفس الإنسان الّذي سمّاه الله نفسًا منفوسةً، وكذلك سائر الأسماء الّتي سمّى بها خلقه إنّما هي مستعارةٌ لخلقه منحها عباده للمعرفة.
[التوحيد: 3/7]
فمن الصّفات الّتي وصف بها نفسه، ومنح خلقه الكلام فالله عز وجل تكلّم كلامًا أزليًّا غير معلّمٍ ولا منقطعٍ، فيه يخلق الأشياء، وبكلامه دلّ على صفاته الّتي لا يستدرك كيفيّتها مخلوقٌ، ولا يبلغها وصف واصفٍ، والعبد متكلّمٌ بكلام محدثٍ معلّمٍ مختلفٍ فانٍ بفنائه، ووصف وجهه، فقال: {كلّ شيءٍ هالكٌ إلا وجهه} الآية، فأخبر عن فناء وجوه المخلوق وبقاء وجهه، ووصف نفسه بالسّميع والبصير، فقال: {ليس كمثله شيءٌ وهو السّميع البصير}، فأخبر أنّه سميعٌ من كلّ الجهات لكلّ الأصوات، بصيرٌ بكلّ الأشياء من كلّ الجهات لم يزل يسمع ويبصر ولا يزال كذلك، ووصف عباده بالسّمع والبصر المحدث المخلوق الفاني بفنائه الّتي تكلّ وتعجز عن جميع حقيقة المسموع والمبصر.
ووصف نفسه بالعلم والقدرة والرّحمة، ومنحها عباده؛ للمعرفة عند الوجود فيهم، والنّكرة عند وجود المضاد فيهم فجعل ضدّ العلم في خلقه الجهل، وضدّ القدرة العجز، وضدّ الرّحمة القسوة، فهي موجودةٌ في الخلق غير جائزةٍ على الخالق، فوافقت الأسماء وباينت المعاني من كلّ الجهات، ووصف الله عز وجل نفسه بالعلم، وأنّه يعلم كلّ شيءٍ من كلّ الجهات، لم يزل ولا يزال موصوفًا بالعلم غير معلّمٍ، باقٍ غير فانٍ، والعبد مضطرٌّ إلى أن يتعلّم ما لم يعلم، ثمّ ينسى، ثمّ يموت ويذهب علمه، والله موصوفٌ بالعلم بجميع الأشياء من كلّ الجهات دائمًا باقيًا، ففيما ذكرناه دليلٌ على جميع الأسماء والصّفات الّتي لم نذكرها وإنّما ينفي التّمثيل والتّشبيه النّيّة والعلم بمباينة الصّفات والمعاني، والفرق بين الخالق والمخلوق، وفي جميع الأشياء فيما يؤدّي إلى التّمثيل والتّشبيه عند أهل الجهل والزّيغ، ووجوب الإيمان بالله عز وجل وبأسمائه وصفاته الّتي وصف بها نفسه، وأخبر عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، وأنّ أسامي الخلق وصفاتهم وافقتها في الاسم وباينتها في جميع المعاني، بحدوث خلقه وفنائهم، وأزليّة الخالق وبقائه، وبما أظهر من صفاته ومنع استدراك
[التوحيد: 3/8]
كيفيّتها، فقال عز وجل: {ليس كمثله شيءٌ وهو السّميع البصير}، وإنّما صدرنا بهذا الفصل لئلاّ يتعلّق الضّالون عن الهداية، الزّائغون عن كتاب الله عز وجل وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم بالظّاهر، فيتأوّلوا الصّفات والأسماء الّتي في كتابه ونقلها الخلف الصّادق عن السّلف الطّاهر عن الله عز وجل وعن رسوله صلى الله عليه وسلم الّذين نقلوا دين الله تعالى وأحكامه وبلغوا جميع أوامر الله الّتي أمروا بإبلاغها من الصّفات وغيرها من أمور الدّين، واجتنبوا وعيد الله عز وجل في كتابه، فقال عز وجل: {إنّ الّذين يكتمون ما أنزلنا من البيّنات والهدى} الآية، فبلّغوا كما أمرهم الله عز وجل لم يأخذهم في الله لومة لائمٍ، خلفًا عن سلفٍ، جعلنا الله تعالى ممّن يتبعهم بإحسانٍ إنّه وليّ ذلك برحمته.
[التوحيد: 3/9]


التوقيع :
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
معرفة, ذكر

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:59 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir