دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > الفتوى الحموية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 محرم 1432هـ/11-12-2010م, 02:16 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي 18: كلام الإمام ابن عبد البر والحافظ البيهقي

وَقَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: ( رُوِّينَا عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَمَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ فِي أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ قَالُوا: أَمِرُّوهَا كَمَا جَاءَتْ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: ( مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مِنْ نَقْلِ الثِّقَاتِ، أَوْ جَاءَ عَنِ أصحابه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَهُوَ عِلْمٌ يُدَانُ بِهِ وَمَا أُحَدَثَ بَعْدَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْلٌ فِيمَا جَاءَ عَنْهُمْ فَهُوَ بِدْعَةٌ وَضَلاَلَةٌ ).
وَقَالَ فِي ( شَرْحِ الْمُوَطَّإِ ): لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى حَدِيثِ النُّزُولِ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ النَّقْلِ، صَحِيحُ مِنْ جِهَةِ الإِسْنَادِ، ولاَ يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْحَدِيثِ فِي صِحَّتِهِ، وَهُوَ مَنْقُولٌ مِنْ طُرُقٍ سِوَى هَذِهِ، مِنْ أَخْبَارِ الْعُدُولِ عَنِ النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ فِي السَّمَاءِ عَلَى الْعَرْشِ استوى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ، كَمَا قَالَت الْجَمَاعَةُ، وَهُوَ مِنْ حُجَّتِهِمْ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ فِي قَوْلِهِمْ: إِنَّ اللَّهَ تعالى فِي كُلِّ مَكَانٍ بذاته المقدسة.
قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ ما قال أَهْلُ الْحَقِّ قَوْلُ اللَّهِ - وَذِكْرُ بَعْضِ الآيَاتِ - إِلَى أَنْ قَالَ: وَهَذَا أَشْهَرُ وَأَعْرَفُ عِنْدَ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ مِنْ أَنْ يُحْتَاجَ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ حِكَايَتِهِ؛ لأنَّهُ اضْطِرَارٌ لَمْ يُوقِفْهُمْ عَلَيْهِ أَحَدٌ، وَلا أَنْكَرَهُ عَلَيْهِمْ مُسْلِمٌ.
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَيْضًا: أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ الَّذِينَ حُمِلَ عَنْهُم التَّأْوِيلُ، قَالُوا فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} هُوَ عَلَى الْعَرْشِ وَعِلْمُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَمَا خَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ مَنْ يُحْتَجُّ بِقَوْلِهِ.
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ أَيْضًا: أَهْلُ السُّنَّةِ مُجْمِعُونَ عَلَى الإِقْرَارِ بِالصِّفَاتِ الْوَارِدَةِ كُلِّهَا فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَالإِيمَانِ بِهَا، وَحَمْلِهَا عَلَى الْحَقِيقَةِ، لاَ عَلَى الْمَجَازِ، إِلاَّ أَنَّهُمْ لاَ يُكَيِّفُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلاَ يَحُدُّونَ فِيهِ صِفَةً مَحْصُورَةً(1).
وَأَمَّا أَهْلُ الْبِدَعِ - الْجَهْمِيَّةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ كُلُّهَا وَالْخَوَارِجُ: فَكُلُّهُمْ يُنْكِرُونهَا، وَلا يَحْمِلُون شَيْئًا مِنْهَا عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَيَزْعُمُون أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِهَا مُشَبِّهٌ، وَهُمْ عِنْدَ مَنْ أَقَرَّ بِهَا نَافُونَ لِلْمَعْبُودِ، وَالْحَقُّ فِيمَا قَالَهُ الْقَائِلُونَ: بِمَا نَطَقَ بِهِ كِتَابُ اللَّهِ، وَسُنَّةُ رَسُولِهِ صلَّى الله عليه وسلَّم وَهُمْ أَئِمَّةُ الْجَمَاعَةِ. هذا كلام ابن عبد البر إمام أهل المغرب.
وَفِي عَصْرِهِ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ مَعَ تَوَلِّيهِ لِلْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي الْحَسَنِ الأَشْعَرِيِّ، وَذَبِّهِ عَنْهُمْ(2).
قَالَ فِي كِتَابِه ( الأَسْمَاء وَالصِّفَاتِ ) ( بَابُ مَا جَاءَ فِي إِثْبَاتِ الْيَدَيْنِ صِفَتَيْنِ - لاَ مِنْ حَيْثُ الْجَارِحَةُ(3) لِوُرُودِ خَبَرِ الصَّادِقِ بِهِ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ )، وَقَالَ: (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ).
وَذَكَرَ الأَحَادِيثَ الصِّحَاحَ فِي هَذَا الْبَابِ، مِثْلَ قَوْلِهِ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ، فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ: ( يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ، خَلَقَكَ الله بِيَدِهِ ) وَمِثْلَ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ: ( أَنْتَ مُوسَى اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلاَمِهِ، وَخَطَّ لَكَ الأَلْوَاحَ بِيَدِهِ ) وَفِي لَفْظٍ ( وَكَتَبَ لَكَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ ) وَمِثْلَ مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: ( إنَّه سبحانه غَرَسَ كَرَامَةَ أَوْلِيَائِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ بِيَدِهِ ) وَمِثْلَ قَوْلِهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ( تَكُونُ الأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُبْزَةً وَاحِدَةً يَتَكَفَّؤُهَا الْجَبَّارُ بِيَدِهِ، كَمَا يَتَكَفَّأُ أَحَدُكُمْ خُبْزَتَهُ فِي السَّفَرِ، نُزُلاً لأَهْلِ الْجَنَّةِ ).
وَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِثْلَ قَوْلِهِ: ( بِيَدِي الأَمْرُ ) ( وَالْخَيْرُ في يَدَيْكَ ) ( وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ) و( َأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ ) وَقَوْلِهِ: ( الْمُقْسِطُونَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ ) وَقَوْلِهِ: ( يَطْوِي اللَّهُ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ؟ ثُمَّ يَطْوِي الأَرَضِينَ بِشِمَالِهِ ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ الْجَبَّارُونَ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ؟ ).
وَقَوْلُهُ: ( يَمِينُ اللَّهِ مَلأَى لاَ يُغِيضُهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَمِينِهِ وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَبِيَدِهِ الأُخْرَى الْقسطُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ ) وَكُلُّ هَذِهِ الأَحَادِيثِ فِي الصّحاح.
وَذَكَرَ أَيْضًا قَوْلَهُ: ( إِنَّ اللَّهَ لَمَّا خَلَقَ آدَمَ قَالَ لَهُ وَيَدَاهُ مَقْبُوضَتَانِ: اخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْتَ. قَالَ: اخْتَرْتُ يَمِينَ رَبِّي، وَكِلْتَا يَدَيْ رَبِّي يَمِينٌ مُبَارَكَةٌ ). وَحَدِيثَ: ( إِنَّ اللَّهَ لَمَّا خَلَقَ آدَمَ مَسَحَ على ظَهْرَهُ بيده ) إِلَى أَحَادِيثَ أُخَرَ ذَكَرَهَا مِنْ هَذَا النَّوْعِ.
ثُمَّ قَالَ ( الْبَيْهَقِيُّ ): أَمَّا الْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُفَسِّرُوا مَا كَتَبْنَا مِن الآيَاتِ والأَخْبَارِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ، وَسَائِرِ الصِّفَاتِ الْخَبَرِيَّةِ مَعَ أَنَّهُ يَحْكِي قَوْلَ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ(4).
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى فِي كِتَابِ ( إِبْطَالِ التَّأْوِيلِ): لاَ يَجُوزُ رَدُّ هَذِهِ الأَخْبَارِ وَلا التَّشَاغُلُ بِتَأْوِيلِهَا، وَالْوَاجِبُ حَمْلُهَا عَلَى ظَاهِرِهَا، وَأَنَّهَا صِفَاتُ اللَّهِ، لاَ تُشَبَّهُ صفاتَ سَائِرِ الْمَوْصُوفِينَ بِهَا مِنَ الْخَلْقِ، وَلا نَعْتَقِدُ التَّشْبِيهَ فِيهَا، لَكِنْ عَلَى مَا رُوِيَ عَن الإِمَامِ أَحْمَدَ وَسَائِرِ الأَئِمَّةِ.
وَذَكَرَ بَعْضَ كَلاَمِ الزُّهْرِيِّ، وَمَكْحُولٍ، وَمَالِكٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَاللَّيْثِ، وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَسفيان بْنِ عُيَيْنَةَ، وَالْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ، وَوَكِيعٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَأَسْوَدَ بْنِ سَالِمٍ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ، وَغَيْرِهِمْ فِي هَذَا الْبَابِ. وَفِي حِكَايَةِ أَلْفَاظِهِمْ طُولٌ. إِلَى أَنْ قَالَ: ( وَيَدُلُّ عَلَى إِبْطَالِ التَّأْوِيلِ: أَنَّ الصَّحَابَةَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ حَمَلُوهَا عَلَى ظَاهِرِهَا، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِتَأْوِيلِهَا، وَلاَ صَرْفِهَا عَنْ ظَاهِرِهَا، فَلَوْ كَانَ التَّأْوِيلُ سَائِغًا لَكَانُوا إِلَيْهِ أَسْبَقَ، لِمَا فِيهِ مِنْ إِزَالَةِ التَّشْبِيهِ وَرَفْعِ الشُّبْهَةِ.


  #2  
قديم 5 محرم 1432هـ/11-12-2010م, 02:17 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي تعليق سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله

(1) هذا كلامٌ عظيمٌ، كلامُه رَحِمَهُ اللَّهُ كلُّه كلامٌ عظيمٌ وكلامٌ رَزِينٌ قَوِيٌّ مُوَافِقٌ للحقِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
(2) بسببِ مَيْلِه إلى الأشعرِيِّينَ، حَصَلَ له مِن الأغلاطِ ما حَصَلَ، وابنُ عبدِ البرِّ في هذا أعْلَمُ منه بمذهبِ أهلِ السنَّةِ، وأسْلَمُ مِنه وأكبرُ شأناً، والبَيْهَقِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ- له علمٌ وله حِفظٌ وله دِرَايَةٌ عظيمةٌ، ولكنَّه وَقَعَتْ له أغلاطٌ في التأويلِ بسببِ تَوَلِّيه الأَشْعَرِيِّينَ مِن أصحابِ أبي الحسَنِ الأشعريِّ. واللَّهُ المُسْتَعَانُ.
(3) قولُه: الجَارِحَة. هذا مِمَّا دَخَلَتْ عليه أيضاً.
(4) لم يُفَسِّرُوها. أي: لم يَتَأَوَّلُوها، بل أَمَرُّوها كما جاءَتْ مِن غيرِ تأويلٍ، معَ الإيمانِ بها، وأنَّها حقٌّ، بلا تَكْيِيفٍ، كما قالوا في الاستواءِ وغيرِ ذلكَ، هذا قولُ أهلِ السنَّةِ والجماعةِ، خلافاً للمتكَلِّمِينَ المتأوِّلِينَ.
والبَيْهَقِيُّ وَقَعَ له أشياءُ مِن التأويلِ تَبِعَ فيها الأشاعِرَةَ، وغَلِطَ فيها رَحِمَهُ اللَّهُ، والذي عليه أهلُ السنَّةِ والجماعةِ هو تَرْكُ التأويلِ، والإيمانُ بجميعِ الصفاتِ والأسماءِ الثابتةِ في القرآنِ الكريمِ، وفي السنَّةِ المطهَّرَةِ، إيماناً ليسَ معَه تأويلٌ ولا تَكْيِيفٌ، معَ الإيمانِ بمعناها، وأنَّها حقٌّ، وأنَّها صفاتٌ للهِ لائقةٌ باللَّهِ سبحانه وتعالى، يَدٌ حقيقَةً، قَدَمٌ حقيقةً، سَمْعٌ حقيقةً، إلى غيرِ ذلك، لكن لا يُشَابِهُ خَلْقَه في شيءٍ مِن صفاتِه جلَّ وعلا؛ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} سبحانه وتعالى.
(5) يعني: لأجلِ الإِيهامِ، والتَّوَقُّفُ مِن كلامِ أهلِ البِدَعِ، فالقرآنُ كلامُ اللَّهِ وليسَ بمخلوقٍ، مِنه بَدَأَ وإليه يَعُودُ. وقولُ السلَفِ: لا يُقالُ: لفظي بالقرآنِ مخلوقٌ، ولا لفظي بالقرآنِ غيرُ مخلوقٍ؛ لأنَّ فيه إجمالاً، فإنْ أَرَادَ باللفظِ الصوتَ فهو مخلوقٌ، وإنْ أرادَ باللفظِ الملفوظَ به، وهو القرآنُ، فهو غيرُ مخلوقٍ، هو كلامُ اللَّهِ عزَّ وجلَّ؛ فلهذا أنْكَرُوا هذه العبارةَ؛ لئلا تُتَّخَذَ وَسِيلَةً لرأيِ الجَهْمِيَّةِ والمُعْتَزِلَةِ.


  #3  
قديم 29 صفر 1435هـ/1-01-2014م, 08:39 PM
سليم سيدهوم سليم سيدهوم غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: ليون، فرنسا
المشاركات: 1,087
افتراضي شرح الشيخ يوسف بن محمد الغفيص

[وقال القاضي أبو يعلى في كتاب إبطال التأويل لا يجوز رد هذه الأخبار ولا التشاغل بتأويلها والواجب حملها على ظاهرها وأنها صفات الله لا تشبه صفات سائر الموصوفين بها من الخلق; ولا يعتقد التشبيه فيها; لكن على ما روي عن الإمام أحمد وسائر الأئمة.
وذكر بعض كلام الزهري ومكحول ومالك والثوري والأوزاعي والليث وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وسفيان بن عيينة والفضيل بن عياض ووكيع وعبد الرحمن بن مهدي والأسود بن سالم وإسحاق بن راهويه وأبي عبيد ومحمد بن جرير الطبري وغيرهم في هذا الباب.
وفي حكاية ألفاظهم طول.
إلى أن قال: ويدل على إبطال التأويل: أن الصحابة ومن بعدهم من التابعين حملوها على ظاهرها; ولم يتعرضوا لتأويلها ولا صرفوها عن ظاهرها; فلو كان التأويل سائغاً لكانوا أسبق إليه; لما فيه من إزالة التشبيه ورفع الشبهة.
].

ننبه هنا إلى أن المتقدمين قبل هذا العصر كانوا يتوسعون في نقل اسم الكتاب، ومن أمثلة ذلك: أن شيخ الإسلام حينما يذكر كتابه درء تعارض العقل والنقل يسميه في كتبه بأسماء متقاربة، فتارةً يقول: وقد ذكرنا في درء تعارض العقل والنقل، وتارة يقول: وقد ذكرنا فيما صنفناه في موافق المنقول للمعقول أو نحو هذه العبارات.
وهنا يقول: إبطال التأويل، وقد طبع هذا الكتاب باسم إبطال التأويلات وهو للقاضي أبي يعلى الحنبلي، من أئمة الحنابلة الكبار، وهو على مذهب أهل السنة والجماعة، المائلين عن علم الكلام وأهله، لكنه رحمه الله وافق كثيراً من المقالات التي عليها أصحاب أبي الحسن الكبار في مسائل الصفات الفعلية، وإن كان رجع عن كثير من ذلك، وإن لم يستتم الرجوع، لكن لا شك أن حاله المتأخرة والأخيرة ليست كحاله الأولى، ففي حاله الأولى كان موافقاً موافقةً ظاهرة للكلابية وفضلاء الأشعرية، لكنه فيما بعد رجع عن كثير من ذلك.
فهو في الجملة إمام محقق، وقد صنف كتابه إبطال التأويلات رداً على كتاب تأويل الأخبار لـ أبي بكر بن فورك الأشعري، وقد تقدم ذكر هذا الكتاب في قول المصنف: وهذه التأويلات الموجودة اليوم بأيدي الناس مثل أكثر التأويلات التي يذكرها أبو بكر بن فورك.
وفي زمن القاضي أبي يعلى حصل نزاع مشهور في زمن الدولة السلجوقية بين الأشعرية والحنبلية، وكان ذلك في زمن أيضاً يقارب زمن أبي القاسم القشيري، حيث صنف القشيري رسالة الشكاية، فحصل بين الأشاعرة والحنابلة بعض الاختلاف الشديد، وكان السلطان إذ ذاك مائلاً إلى الحنابلة في الجملة.
وهذا الخلاف مشهور عند أهل التاريخ والأخبار، وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله طرفاً منه.
ولـ أبي يعلى كذلك تصنيف فاضل في الإيمان، وهو باسم كتاب الإيمان، وهو مطبوع أيضاً.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
18, كمال

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:04 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir