دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > ألفية العراقي

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 ذو القعدة 1429هـ/14-11-2008م, 07:38 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الشاذ

الشاذُّ

وذُو الشذوذِ ما يُخَالِفُ الثِّقَهْ = فيه الْمَلاَ فالشافِعِيُّ حَقَّقَهْ
والحاكِمُ الْخِلافَ فيه ما اشْتَرَطْ = وللخَليلِي مُفْرَدَ الراوِي فَقَطْ
وردَّ ما قالاَ بفَرْدِ الثِّقَةِ = كالنَّهْيِ عن بَيْعِ الوَلاَ والْهِبَةِ
وقولِ مسلِمٍ روى الزُّهرِيُّ = تِسعينَ فَرْدًا كلُّها قَوِيُّ
(165) واختارَ فيما لم يخالَف انَّ مَنْ = يَقْرُبُ مِن ضَبْطٍ ففَرْدُه حَسَنْ
أو بَلَغَ الضبْطَ فصَحِّحْ أو بَعُدْ = عنه فما شَذَّ فاطْرَحْهُ وَرُدّْ


  #2  
قديم 6 ذو الحجة 1429هـ/4-12-2008م, 01:55 PM
مسلمة 12 مسلمة 12 غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,159
افتراضي شرح الناظم

الشاذُّ
(161) وذُو الشذوذِ ما يُخَالِفُ الثِّقَهْ فيه الْمَلاَ فالشافِعِيُّ حَقَّقَهْ
(162) والحاكِمُ الْخِلافُ فيه ما اشْتَرَطْ وللخَليلِي مُفْرَدَ الراوِي فَقَطْ
(163) وردَّ ما قالاَ بفَرْدِ الثِّقَةِ كالنَّهْيِ عن بَيْعِ الوَلاَ والْهِبَةِ
(164) وقولِ مسلِمٍ روى الزُّهرِيُّ تِسعينَ فَرْدًا كلُّها قَوِيُّ
(165) واختارَ فيما لم يخالَفْ أنَّ مَنْ يَقْرُبُ مِن ضَبْطٍ ففَرْدُه حَسَنْ
(166) أو بَلَغَ الضبْطَ فصَحِّحْ أو بَعُدْ عنه فما شَذَّ فاطْرَحْهُ وَرُدّ
اخْتَلَفَ أهْلُ العلْمِ بالحديثِ في صِفةِ الحديثِ الشاذِّ فقالَ الشافعِيُّ: ليس الشاذُّ مِن الحديثِ أنْ يَرْوِيَ الثقَةُ ما لا يَرْوِي غيرُه، وإنما الشاذُّ أنْ يَرْوِيَ الثِّقَةُ حَديثاً يُخالِفُ ما رَوَى الناسُ.
وحكى أبو يَعْلَى الْخَليليُّ عن جَماعةٍ مِن أهْلِ الْحِجازِ نحوَ هذا، وقالَ الحاكِمُ: هو الحديثُ الذي يَنْفَرِدُ به ثِقةٌ مِن الثِّقاتِ وليس له أصْلٌ بِمُتابِعٍ لذلك الثِّقةِ فلم يَشترِطِ الحاكِمُ فيه مخالَفَةَ الناسِ، وذكَرَ أنه يُغَايِرُ الْمُعَلَّلَ مِن حيثُ إنَّ الْمُعَلَّلَ وُقِفَ على عِلَّتِه الدالَّةِ على جِهةِ الوَهْمِ فيه، والشاذَّ لم يُوقَفْ فيه على عِلَّتِه كذلك، وقالَ أبو يَعْلَى الخليليُّ: الذي عليه حُفَّاظُ الحديثِ أنَّ الشاذَّ ما ليس له إلاَّ إسنادٌ واحدٌ يَشِذُّ بذلك شيخٌ ثِقَةً كانَ أو غيرَ ثِقَةٍ فما كانَ عن غيرِ ثِقَةٍ فمَتروكٌ لا يُقْبَلُ، وما كان عن ثِقَةٍ يُتَوَقَّفُ فيه ولا يُحْتَجُّ به، فلم يَشترِط الخليلُ في الشاذِّ تَفَرُّدَ الثِّقَةِ بل مُطْلَقَ التَّفَرُّدِ.
وقولُه: (وَرَدَّ) أي: ابنُ الصلاحِ ما قالَ الحاكِمُ والخليليُّ بإفرادِ الثِّقاتِ الصحيحةِ وبقولِ مسلِمٍ الآتي ذِكْرُه، فقالَ ابنُ الصَّلاحِ: أمَّا ما حَكَمَ الشافِعِيُّ عليه بالشذوذِ فلا إشكالَ في أنه شاذٌّ غيرُ مَقبولٍ، قالَ: وأمَّا ما حَكيناهُ عن غيرِه فيُشْكِلُ بما يَنفرِدُ به العدْلُ الحافِظُ الضابِطُ كحديثِ ((إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ)) ثم ذكَرَ مَواضِعَ التفَرُّدِ منه.
ثم قالَ: وأَوْضَحُ مِن ذلك في ذلك حديثُ عبدِ اللهِ بنِ دِينارٍ عن ابنِ عمرَ "أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ نَهَى عن بَيْعِ الولاءِ وهِبَتِه" تَفَرَّدَ به عبدُ اللهِ بنُ دِينارٍ.
وحديثُ مالِكٍ عن الزُّهْرِيِّ عن أنَسٍ "أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ دخَلَ مَكَّةَ وعلى رأسِه الْمِغْفَرُ" تَفرَّدَ به مالِكٌ عن الزُّهْرِيِّ، فكلُّ هذه مُخَرَّجَةٌ في الصحيحينِ مع أنه ليس لها إلاَّ إسنادٌ واحِدٌ تَفَرَّدَ به ثِقَةٌ.
قالَ: وفي (غرائِبِ الصحيحِ) أشباهٌ لذلك غيرُ قَليلةٍ، قالَ: وقد قالَ مسلِمُ بنُ الحَجَّاجِ للزُّهْرِيِّ نحوَ تسعينَ حَرْفاً يَرويهِ عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ لا يُشارِكُه فيه أحَدٌ بأسانيدَ جِيادٍ قالَ: فهذا الذي ذَكرناهُ وغيرُه مِن مَذاهِبِ أئِمَّةِ الحديثِ يُبَيِّنُ لك أنه ليس الأمْرُ في ذلك على الإطلاقِ الذي أتى به الخليليُّ والحاكمُ، بل الأمْرُ في ذلك على تَفصيلٍ نُبَيِّنُه فنقولُ:
إذا انْفَرَدَ الراوِي بشيءٍ نُظِرَ فيه فإنْ كانَ مُخَالِفاً لِمَا رواه مَن هو أَوْلَى منه بالحفْظِ لذلك وأَضْبَطُ كان ما انْفَرَدَ به شاذًّا مَردوداً، وإن لم يكنْ فيه مخالَفَةٌ لِمَا رواه غيرُه وإنما هو أمْرٌ رواه هو ولم يَرْوِه غيرُه، فيُنْظَرُ في هذا الراوِي الْمُنْفَرِدِ فإنْ كانَ عَدْلاً حافظاً موثوقاً بإتقانِه وضبْطِه قُبِلَ ما انْفَرَدَ به، ولم يَقْدَحِ الانفرادُ فيه كما سَبَقَ فيما مَرَّ مِن الأَمْثِلَةِ، وإنْ لم يَكُنْ مِمَّنْ يُوثَقُ بحِفْظِه وإتقانِه لذلك الذي انْفَرَدَ به كان انفرادُه به خارِماً له مُزَحْزِحاً له عن حَيِّزِ الصحيحِ.
ثم هو بعدَ ذلك دائرٌ بينَ مَراتِبَ مُتفاوِتَةٍ بحَسْبِ الحالِ فيه، فإن كان المنفَرِدُ به غيرَ بعيدٍ مِن درجةِ الحافِظِ الضابِطِ المقبولِ تَفَرُّدُه، اسْتَحْسَنَّا حديثَه ذلك، ولم نَحُطَّهُ إلى قَبيلِ الحديثِ الضعيفِ، وإنْ كانَ بعيداً مِن ذلك رَدَدْنَا ما انْفَرَدَ به، وكان مِن قَبيلِ الشاذِّ المنْكَرِ. انتهى.
وهذا معنى قولِه: (واختارَ) أي ابنُ الصلاحِ في التفَرُّدِ الذي لم يخالَفْ.
وقولُه: (وَرُدَّ) هو أمْرٌ معطوفٌ على قولِه فاطْرَحْهُ قالَ ابنُ الصَّلاحِ: فخَرَجَ مِن ذلك أنَّ الشاذَّ المردودَ قِسمانِ:
(أحَدُهما) الحديثُ الفَرْدُ المخالِفُ.
و(الثاني) الفَرْدُ الذي ليس في راوِيهِ مِن الثِّقَةِ والضبْطِ ما يَقَعُ جابراً لِمَا يُوجِبُه التفَرُّدُ والشذوذُ مِن النَّكارَةِ والضعْفِ واللهُ أعْلَمُ.
وسيأتي مِثالٌ لقِسْمَي الشاذِّ في البابِ الذي بَعْدَه.

  #3  
قديم 23 ذو الحجة 1429هـ/21-12-2008م, 11:21 AM
مسلمة 12 مسلمة 12 غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,159
افتراضي فتح الباقي لأبي زكريا الأنصاري

الشاذُّ

وذُو الشذوذِ ما يُخَالِفُ الثِّقَهْ فيه الْمَلاَ فالشافِعِيُّ حَقَّقَهْ
والحاكِمُ الْخِلافَ فيه ما اشْتَرَطْ وللخَليلِي مُفْرَدُ الراوِي فَقَطْ
(وذو الشُّذوذِ) أيْ: والشاذُّ في الحديثِ اصْطِلاَحًا: (ما يُخَالِفُ) الراوِي (الثِّقَة فيه) بزيادةٍ أو نَقْصٍ في السنَدِ أو الْمَتْنِ (الْمَلاَ) - بالإسكانِ للوَزْنِ أو لِنِيَّةِ الوقْفِ - أيِ: الجماعةَ الثِّقاتِ فيما رَوَوْهُ وتَعَذَّرَ الجمْعُ بينَهما.
(فالشافعِيُّ) بهذا التعريفِ (حَقَّقَهْ)؛ لأنَّ العددَ أَوْلَى بالحفْظِ مِن الواحِدِ.
ويُؤْخَذُ منه أنَّ ما يُخَالِفُ الثِّقَةُ فيه الواحدَ الأحفَظَ شاذٌّ، وفي كلامِ ابنِ الصلاحِ وغيرِه ما يُفْهِمُه، وجَرَى عليه شيخُنا.
مِثالُ الشذوذِ في السنَدِ: ما رواه التِّرْمِذِيُّ وغيرُه مِن طريقِ ابنِ عُيَيْنَةَ، عن عَمْرِو بنِ دِينارٍ، عن عَوْسَجَةَ، عن ابنِ عَبَّاسٍ: (أنَّ رَجُلاً تُوُفِّيَ على عهْدِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ ولم يَدَعْ وارِثًا إلا مَوْلًى هو أَعْتَقَهُ ...) الحديثُ.
فإنَّ حَمَّادَ بنَ زَيْدٍ رَواهُ عن عَمْرٍو، عن عَوْسَجَةَ، ولم يَذْكُرِ ابنَ عَبَّاسٍ، لكنْ تابَعَ ابنَ عُيَيْنَةَ على وَصْلِه ابنُ جُرْيَجٍ وغيرُه.
قالَ أبو حاتمٍ: المحفوظُ حديثُ ابنِ عُيَيْنَةَ.
فحَمَّادٌ مع كونِه مِن أهْلِ العدالةِ والضبْطِ رَجَّحَ أبو حاتمٍ رِوايةَ مَن هُمْ أكثرُ عَدَدًا منه.
ومِثالُه فِي الْمَتْنِ: زِيادةُ يومِ عَرَفَةَ في حديثِ: ((أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ)) فإنه مِن جميعِ طُرُقِه بدونِها، وإنما جاءَ بها موسى بنُ عَلِيِّ بنِ رَبَاحٍ، عن أبيه، عن عُقبةَ بنِ عامِرٍ.
فحديثُ موسى شاذٌّ، لكنه صَحَّحَه ابنُ حِبَّانَ والحاكمُ، وقالَ: إنه على شرْطِ مُسْلِمٍ. وقالَ التِّرْمِذِيُّ: إنه حسَنٌ صحيحٌ.
ولعلَّه زيادةُ ثِقَةٍ غيرُ مُنافِيَةٍ.
(والحاكمُ الخِلافَ فيه) أيِ: الشاذِّ (ما اشْتَرَطْ) بل قالَ: هو ما انفَرَدَ به ثِقَةٌ، وليس له أصْلٌ بمتابِعٍ لذلك الثِّقَةِ.
فقَيَّدَ بالثِّقَةِ دُونَ المخالَفَةِ.
وذَكَرَ أنه يُغايِرُ الْمُعَلَّلَ؛ بأنَّ الْمُعَلَّلَ وُقِفَ على عِلَّتِه الدالَّةِ على جِهَةِ الوَهْمِ فيه، والشاذَّ لم يُوقَفْ فيه على عِلَّةٍ كذلك.
(وللخليليْ) بالإسكانِ لِمَا مَرَّ غيرَ مَرَّةٍ، نِسبةً لِجَدِّه الأَعْلَى؛ لأنه أبو يَعْلَى الخليلُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ أحمدَ بنِ إبراهيمَ بنِ الخليلِ القَزْوِينِيُّ - قولٌ ثالثٌ نَسَبَه إلى حُفَّاظِ الحديثِ؛ وهو: أنَّ الشاذَّ (مفْرَدُ الراوِي فقط) ثِقَةً أو غيرَ ثِقَةٍ، خالَفَ أو لم يُخَالِفْ.
فما انْفَرَدَ به الثِّقَةُ يُتَوَقَّفُ فيه ولا يُحْتَجُّ به؛ لكنه يَصْلُحُ أنْ يكونَ شاهدًا، وما انْفَرَدَ به غيرُ الثِّقَةِ مَتروكٌ.
وردَّ ما قالاَ بفَرْدِ الثِّقَةِ كالنَّهْيِ عن بَيْعِ الوَلاَ والْهِبَةِ
وقولِ مسلِمٍ: روى الزُّهرِيُّ تِسعينَ فَرْدًا كلُّها قَوِيُّ
واختارَ فيما لم يخالِفْ أنَّ مَنْ يَقْرُبُ مِن ضَبْطٍ ففَرْدُه حَسَنْ
أو بَلَغَ الضبْطَ فصَحِّحْ أو بَعُدْ عنه فمَمَّا شَذَّ فاطْرَحْهُ وَرُدّْ
(ورَدَّ) ابنُ الصلاحِ (ما قالاَ) أيِ: الحاكمُ والخليليُّ (بفَرْدِ الثِّقَةِ) المُخْرَّجِ له في كُتُبِ الصحيحِ المشتَرِطِ فيه نَفْيُ الشذوذِ، فإنَّ العددَ ليس بشرْطٍ فيه على المعتَمَدِ.
(كـ) حديثِ (النهْيِ عن بَيْعِ الْوَلاَ) بالقصْرِ للوزْنِ (والْهِبَهْ) له، فإنه لم يَصِحَّ إلاَّ مِن رِوايةِ عبدِ اللهِ بنِ دِينارٍ، عن ابنِ عمرَ، مع أنه في الصحيحينِ.
(وقولِ) أيْ: ورَدَّ أيضًا ما قالاَ بقولِ الإمامِ (مسلِمٍ) في بابِ الأَيْمَانِ والنُّذورِ مِن (صحيحِه): (رَوَى الزُّهْرِيُّ) نحو (تِسعينَ فَرْدًا) لا يُشارِكُه في رِوايتِها أحَدٌ (كُلُّها قَوِيُّ) إسنادُها.
(و) بعدَ رَدِّه ما قالاه (اختارَ) مما اسْتَخْرَجَه مِن كلامِ الأَئِمَّةِ (فيما لم يُخَالِفْ) فيه الثقةُ غيرَه، وإنما أتى بشيءٍ انْفَرَدَ به (أنَّ مَن يَقْرُبُ مِن ضَبْطٍ) تامٍّ (ففَرْدُهُ حَسَنْ)؛ كحديثِ إسرائيلَ، عن يوسفَ بنِ أبي بُرْدَةَ، عن أبيهِ، عن عائشةَ قالتْ: كانَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ إذا خَرَجَ مِن الْخَلاَ قالَ: ((غُفْرَانَكَ))؛ فقد قالَ التِّرْمِذِيُّ فيه: حسَنٌ غريبٌ لا نَعْرِفُه إلاَّ مِن حديثِ إسرائيلَ عن يوسفَ، عن أبي بُرْدَةَ.
(أو بَلَغَ الضبْطَ) التامَّ (فصَحِّحْ) أنتَ فَرْدَه؛ كحديثِ النهْيِ عن بَيْعِ الوَلاءِ وهِبَتِه (أو بَعُدْ عَنْهُ) بأن قَلَّ ضَبْطُه (فمِمَّا شَذَّ) أيْ: ففَرْدُه مِن الشاذِّ (فاطْرَحْهُ وَرُدّْ).
فالشاذُّ المردودُ كما قالَه ابنُ الصلاحِ قِسمانِ:
أحدُهما: الحديثُ الفَرْدُ المخالِفُ، وهو ما عَرَّفَه الشافعيُّ.
وثانيهما: الفَرْدُ الذي ليس في رَاوِيهِ مِن الثِّقَةِ والضبْطِ ما يَقَعُ جابرًا لِمَا يُوجِبُه التَّفَرُّدُ والشذوذُ مِن النَّكَارَةِ والضعْفِ.
وقولُه: (وَرَدْ) تأكيدٌ وتَكْمِلَةٌ.

  #4  
قديم 26 ذو الحجة 1429هـ/24-12-2008م, 05:39 PM
مسلمة 12 مسلمة 12 غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,159
افتراضي فتح المغيث شرح ألفية الحديث للسخاوي

(الشاذُّ)
وذُو الشذوذِ ما يُخَالِفُ الثِّقَهْ فيه الْمَلاَ فالشافِعِيُّ حَقَّقَهْ
والحاكِمُ الْخِلافَ فيه ما اشْتَرَطْ وللخَليلِيْ مُفْرَدَ الراوِي فَقَطْ
وردَّ ما قالاَ بفَرْدِ الثِّقَةِ كالنَّهْيِ عن بَيْعِ الوَلاَ والْهِبَةِ
وقولِ مسلِمٍ روى الزُّهرِيُّ تِسعينَ فَرْدًا كلُّها قَوِيُّ
واختارَ فيما لم يخالَف انَّ مَنْ يَقْرُبُ مِن ضَبْطٍ ففَرْدُه حَسَنْ
أو بَلَغَ الضبْطَ فصَحِّحْ أو بَعُدْ عنه فمِمَّا شَذَّ فاطْرَحْهُ وَرُدّْ
لَمَّا كانَ تعارُضُ الوصْلِ والإرسالِ مُفْتَقِراً لبيانِ الحكْمِ فيما يقابِلُ الراجحَ منهما، ناسَبَ بعدَ التدليسِ المقدَّمِ مُناسبتُه ذكْرُ الشاذِّ ثم الْمُنْكَرِ.
والشاذُّ لغةً: المنفَرِدُ عن الجمهورِ، يُقالُ: شَذَّ يَشُِذُّ بضَمِّ الشينِ المعجَمَةِ وكسْرِها شُذوذاً إذا انفَرَدَ، (وذو الشذوذِ) يَعنِي الشاذَّ اصطلاحاً: (ما يُخالِفُ) الراوي (الثقَهْ فيه) بالزيادةِ أو النقْصِ في السنَدِ أو في الْمَتْنِ (الْمَلاَ) بالهمْزِ وسُهِّلَ تَخفيفاًَ، أيْ الجماعةَ الثقاتَ مِن الناسِ؛ بحيث لا يُمكِنُ الجمْعُ بينَهما.
(فالشافعِيُّ) بهذا التعريفِ (حَقَّقَه)، وكذا حكاه أبو يَعْلَى الخليليُّ عن جماعةٍ مِن أهلِ الْحِجازِ وغيرِه عن الْمُحَقِّقِينَ؛ لأنَّ العددَ الكثيرَ أَوْلَى بالحفْظِ مِن الواحدِ، وهو مُشعِرٌ بأنَّ مخالفَتَه للواحدِ الأحفَظِ كافيةٌ في الشذوذِ، وفي كلامِ ابنِ الصلاحِ ما يُشيرُ إليه؛ حيث قالَ: (فإنْ كانَ مُخَالِفاً لِمَا رواه مَن هو أَوْلَى منه بالحفْظِ لذلك وأضبَطُ، كان ما انفرَدَ به شاذًّا مَردوداً).
ولذا قالَ شيخُنا: (فإنْ خُولِفَ - أي: الراوِي - بأرجحَ منه لِمَزيدِ ضبْطٍ أو كثرةِ عَددٍ أو غيرِ ذلك مِن وُجوهِ الترجيحاتِ- فالراجحُ يُقالُ له: المحفوظُ، ومقابِلُه وهو المرجوحُ، يقالُ له: الشاذُّ).
ومِن هنا يَتَبَيَّنُ أنه لا يُحكمُ في تَعارُضِ الوصْلِ والرفعِ مع الإرسالِ والوقْفِ بشيءٍ مُعَيَّنٍ، بل إنْ كانَ مَن أَرْسَلَ أو وَقَفَ مِن الثقاتِ أرجَحَ قُدِّمَ، وكذا بالعكْسِ.
مثالُ الشذوذِ في السنَدِ: ما رواه التِّرمذيُّ والنَّسائيُّ وابنُ ماجهْ مِن طريقِ ابنِ عُيينةَ عن عمرِو بنِ دِينارٍ عن عَوسجةَ عن ابنِ عبَّاسٍ أنَّ رَجُلاً تُوُفِّيَ على عهْدِ رسولِ الله صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولم يَدَعْ وارثًا إلاَّ مولًى هو أَعْتَقَه... الحديثَ؛ فإنَّ حَمَّادَ بنَ زَيدٍ رواهُ عن عَمْرٍو مُرسَلاً بدونِ ابنِ عبَّاسٍ، لكن قد تابَعَ ابنَ عُيينةَ على وَصْلِه ابنُ جُريجٍ وغيرُه، ولذا قالَ أبو حاتمٍ: المحفوظُ حديثُ ابنِ عُيَيْنَةَ هذا، مع كَوْنِ حَمَّادٍ مِن أهلِ العدالةِ والضبْطِ، ولكنه رَجَّحَ رِوايةَ مَن هم أَكثرُ عددًا منه.
ومثالُه في الْمَتْنِ: زِيادةُ يومِ عرفةَ في حديثِ: ((أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ))، فإنَّ الحديثَ مِن جميعِ طُرُقِه بدونِها، وإنما جاءَ بها موسى بنُ عليِّ بنِ رَباحٍ عن أبيه عن عُقبةَ بنِ عامرٍ، كما أشارَ إليه ابنُ عبدِ الْبَرِّ.
قالَ الأَثْرَمُ: والأحاديثُ إذا كَثُرَتْ، كانتْ أَثبتَ مِن الواحدِ الشاذِّ، وقد يَهِمُ الحافظُ أحيانًا. على أنه قد صَحَّحَ حديثَ موسى هذا ابنُ خُزيمةَ وابنُ حِبَّانَ والحاكمُ، وقالَ: إنه على شرْطِ مسلِمٍ.
وقالَ التِّرمذيُّ: إنه حسَنٌ صحيحٌ، وكأنَّ ذلك لأنها زِيادةُ ثِقةٍ غيرُ مُنافيةٍ لإمكانِ حَمْلِها على حاضِرِي عرفةَ. وبما تَقَرَّرَ عِلْمُ أنَّ الشافعيَّ قَيَّدَ التفرُّدَ بقَيْدَيْنِ: الثقَةِ والمخالَفَةِ.
(والحاكمُ) صاحبُ (المستَدْرَكِ) و(الْمَعرِفَةِ) (الْخلافُ) للغيرِ (فيه) أيْ: في الشاذِّ (ما اشْتَرَطْ) بل هو عندَه ما انفَرَدَ به ثِقةٌ مِن الثقاتِ، وليس له أصْلٌ بمتابِعٍ لذلك الثِّقَةِ، فاقتصَرَ على قَيْدِ الثقةِ وَحْدَه، وبَيَّنَ ما يُؤخذُ منه أنه يُغايِرُ الْمُعَلَّلَ؛ مِن حيث إنَّ ذاك وَقَفَ على عِلَّتِه الدالَّةِ على جِهةِ الوهْمِ فيه مِن إدخالِ حديثٍ في حديثٍ أو وصْلِ مرسَلٍ، أو نحوِ ذلك كما سيأتي.
والشاذُّ لم يُوقَفْ له على عِلَّةٍ أيْ مُعَيَّنَةٍ؛ وهذا يُشعرُ باشتراكِ هذا مع ذاكَ في كونِه يَنقدِحُ في نفْسِ الناقدِ أنه غَلَطٌ، وقد تَقْصُرُ عبارتُه عن إقامةِ الْحُجَّةِ على دَعواهُ، وإنه مِن أَغمضِ الأنواعِ وأَدَقِّها، ولا يَقومُ به إلاَّ مَن رَزَقَه اللهُ الفَهْمَ الثاقبَ، والحفْظَ الواسِعَ، والمعرِفَةَ التامَّةَ بمراتِبِ الرواةِ، والْمَلَكَةَ القوِيَّةَ بالأسانيدِ والمتونِ. وهو كذلك، بل الشاذُّ -كما نُسِبَ لشيخِنا- أدَقُّ مِن الْمُعَلَّلِ بكثيرٍ.
ثم إنَّ الحاكمَ لم يَنفردْ بهذا التعريفِ، بل قالَ النوويُّ في (شرْحِ الْمُهَذَّبِ): (إنه مذْهَبُ جَماعاتٍ مِن أهْلِ الحديثِ، قالَ: وهذا ضَعيفٌ).
(وللخليليِّ) نِسبةً لِجَدِّه الأَعْلَى؛ لأنه الحافظُ أبو يعلى الخليلُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ أحمدَ بنِ إبراهيمَ بنِ الخليلِ القَزوينيُّ، وهو قَولٌ ثالثٌ فيه (مُفْرَدُ الراوي فقط) ثِقةً كان أو غيرَ ثِقةٍ، خالَفَ أو لم يُخالِفْ، فما انفرَدَ به الثِّقَةُ يُتَوَقَّفُ فيه ولا يُحْتَجُّ به، ولكنْ يَصْلُحُ أنْ يكونَ شاهِدًا، وما انْفَرَدَ به غيرُ الثِّقةِ فمتروكٌ.
والحاصلُ _ كما قالَ شيخُنا_ مِن كلامِهم أنَّ الخليليَّ يُسَوِّي بينَ الشاذِّ والفَرْدِ المطلَقِ، فيَلْزَمُ على قولِه أنْ يكونَ في الشاذِّ الصحيحِ وغيرِ الصحيحِ، فكلامُه أعَمُّ، وأَخَصُّ منه كلامُ الحاكمِ؛ لأنه يُخرِجُ تَفَرُّدَ غيرِ الثقةِ، ويَلْزَمُ على قولِه أنْ يكونَ في الصحيحِ الشاذِّ وغيرِ الشاذِّ، وهو ما لا يكونُ فَرْدًا، بل اعتَمَدَ ذلك في صَنيعِه؛ حيث ذَكَرَ في أمثلةِ الشاذِّ حديثًا أَخْرَجَه البخاريُّ في صحيحِه مِن الوجهِ الذي حَكَمَ عليه بالشذوذِ.
وأَخَصُّ منه كلامُ الشافعيِّ لتَقييدِه بالمخالَفَةِ، مع كونِه يَلزَمُ عليه ما يَلْزَمُ على قولِ الحاكمِ، لكنَّ الشافعيَّ صَرَّحَ بأنه مَرجوحٌ، وأنَّ الروايةَ الراجحةَ أَوْلَى، وهلْ يَلزَمُ مِن ذلك عدَمُ الحكْمِ عليه بالصِّحَّةِ؟ مَحَلُّ تَوَقُّفٍ، أُشيرَ إليه في الكلامِ على الصحيحِ، وأنه يَقْدَحُ في الاحتجاجِ لا في التسميةِ، ويُستأنَسُ لذلك بالمثالِ الذي أَوْرَدَه الحاكمُ مع كونِه في الصحيحِ، فإنه مُوافِقٌ على صِحَّتِه، إلا أنه يُسَمِّيهِ شَاذًّا، ولا مُشَاحَّةَ في التسميةِ.
(و) لكنْ (رَدَّ) ابنُ الصلاحِ (ما قالاَ) أيْ: الحاكمُ والخليليُّ (بفَرْدِ الثقةِ) المخَرَّجِ في كُتُبِ الصحيحِ الْمُشْتَرَطِ فيه نفيُ الشذوذِ، لكونِ العددِ غيرَ شَرْطٍ فيه على الْمُعْتَمَدِ، بل الصحَّةُ تُجامِعُ الغَرابةَ.
وأمثلةُ ذلك فيها كثيرةٌ؛ (كـ) حديثِ (النَّهْيِ عن بَيعِ الوَلاَ) بالقصْرِ للضرورةِ (والْهِبَةِ)؛ فإنه لم يَصِحَّ إلاَّ مِن رِوايةِ عبدِ اللهِ بنِ دِينارٍ عن ابنِ عمرَ، حتى قالَ مسلِمٌ عَقِبَهُ: الناسُ كلُّهم في هذا الحديثِ عِيالٌ عليه، وحديثُ ابنِ عُيينةَ الْمُخَرَّجُ في الصحيحينِ عن عمرِو بنِ دِينارٍ عن أبي العباسِ الشاعرِ عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ في حِصارِ الطائفِ تَفَرَّدَ به ابنُ عُيينةَ الْمُخَرَّجُ في الصحيحينِ عن عمرٍو، وعمرٌو عن أبي العباسِ، وأبو العباسِ عن ابنِ عمرَ.
(و) كذا رَدَّهُ بـ (قولِ مُسلِمٍ) هو ابنُ الْحَجَّاجِ في الأيمانِ والنُّذورِ مِن (صحيحِه) (روى الزُّهْرِيُّ) نحوَ (تِسعينَ) بتقديمِ الْمُثَنَّاةِ (فَرْدًا) لا يُشارِكُه أحَدٌ في رِوايتِها (كلُّها) إسنادُها (قَوِيُّ) هذا مع إمكانِ الجوابِ عن الحاكِمِ بما أَشْعَرَ به اقتصارُه على جِهةٍ واحدةٍ في الْمُغَايَرَةِ بينَه وبينَ الْمُعَلَّلِ؛ مِن كونِ الشاذِّ أيضاً يَنقدِحُ في نفْسِ الناقدِ أنه غَلَطٌ؛ حيثُ يقالُ: ما في الصحيحِ مِن الأفرادِ مُنْتَفٍ عنه ذلك.
وأمَّا الخليليُّ فليس في كلامِه ما يُنافِي ذلك أيضاً، لاسيما وليس هو ممن يَشْتَرِطُ العددَ في الصحيحِ.
(و) بعدَ أنْ رَدَّ ابنُ الصلاحِ كلامَهما (اختارَ) مما استَخْرَجَه مِن صَنيعِ الأئمَّةِ (فيما لم يُخالِفْ) الثقَةُ فيه غيرَه، وإنما أتى بشيءٍ انفرَدَ به (أنَّ مَن يَقْرُبُ مِن ضَبْطٍ) تامٍّ (ففَرْدُهُ حَسَن).
ومنه حديثُ إسرائيلَ عن يوسُفَ بنِ أبي بُردةَ عن أبيه عن عائشةَ، قالتْ: كان رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا خَرَجَ مِن الخلاءِ، قالَ: ((غُفْرَانَكَ))، فقد قالَ التِّرمِذِيُّ عَقِبَ تَخريجِه: حسَنٌ غريبٌ، لا نَعْرِفه إلا مِن حديثِ إسرائيلَ عن يوسُفَ عن أبي بُرْدَةَ.
قالَ: ولا نَعرفُ في هذا البابِ إلا حديثَ عائشةَ (أو بَلَغَ الضبْطَ) التامَّ (فَصَحِّحْ) فَرْدَه، وقد تَقدَّمَ مِثالُه، (أو بَعُدْ) عنه بأنْ لم يكنْ ضابطاً أَصْلاً (فـ) فَرْدُه (مما شَذَّ فاطْرَحْهُ ورُدْ) ما وَقَعَ لك منه، وأَمثلتُه كثيرةٌ.
وحينئذٍ فالشاذُّ المردودُ -كما قالَه ابنُ الصلاحِ- قِسمانِ: أحَدُهما: الحديثُ الفرْدُ المخالِفُ وهو الذي عَرَّفَهُ الشافعيُّ.
وثانيهما: الفرْدُ الذي ليس في راوِيهِ مِن الثقةِ والضبْطِ ما يَقعُ جابراً لِمَا يُوجِبُ التفَرُّدَ والشذوذَ مِن النكارةِ والضعْفِ. انتهى.
وتَسميةُ ما انفَرَدَ به غيرُ الثقةِ شاذًّا كتَسميةِ ما كان في رُواتِه ضَعيفٌ أو سَيِّئُ الحفْظِ، أو غيرُ ذلك مِن الأمورِ الظاهرةِ مُعَلَّلاً، وذلك فيهما منافٍ لغُموضِهما، فالأَلْيَقُ في حَدِّ الشاذِّ ما عَرَّفَه به الشافعيُّ، ولذا اقتَصَرَ شيخُنا في (شَرْحِ النُّخْبَةِ) عليه، كما أنَّ الأَلْيَقَ في الْحَسَنِ ما اقتصَرَ عليه التِّرْمِذِيُّ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الشاذ

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:24 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir