8/421 - وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((إِنَّ طُولَ صَلاةِ الرَّجُلِ، وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ، مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ طُولَ صَلاةِ الرَّجُلِ وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ): بِفَتْحِ الْمِيمِ ثُمَّ هَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ نُونٍ مُشَدَّدَةٍ؛ أَيْ: عَلامَةٌ، (مِنْ فِقْهِهِ)؛ أَيْ: مِمَّا يُعْرَفُ بِهِ فِقْهُ الرَّجُلِ، وَكُلُّ شَيْءٍ دَلَّ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ مَئِنَّةٌ لَهُ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
وَإِنَّمَا كَانَ قِصَرُ الْخُطْبَةِ عَلامَةً عَلَى فِقْهِ الرَّجُلِ؛ لأَنَّ الْفَقِيهَ هُوَ الْمُطَّلِعُ عَلَى حَقَائِقِ الْمَعَانِي وَجَوَامِعِ الأَلْفَاظِ، فَيَتَمَكَّنُ مِن التَّعْبِيرِ بِالْعِبَارَةِ الْجَزْلَةِ الْمُفِيدَةِ؛ وَلِذَلِكَ كَانَ مِنْ تَمَامِ روايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ: ((فَأَطِيلُوا الصَّلاةَ، وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ، وَإِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْراً)).
فَشَبَّهَ الْكَلامَ الْعَامِلَ فِي الْقُلُوبِ الْجَاذِبَ لِلْعُقُولِ بِالسِّحْرِ؛ لأَجْلِ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِن الْجَزَالَةِ وَتَنَاسُقِ الدَّلالَةِ، وَإِفَادَةِ الْمَعَانِي الْكَثِيرَةِ، وَوُقُوعِهِ فِي مَجَازِهِ مِن التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إلاَّ مَنْ فَقِهَ فِي الْمَعَانِي وَتَنَاسُقِ دَلالَتِهَا؛ فَإِنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِن الإِتْيَانِ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَإِنَّهُ أُوتِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ.
وَالْمُرَادُ مِنْ طُولِ الصَّلاةِ الطُّولُ الَّذِي لا يَدْخُلُ فَاعِلُهُ تَحْتَ النَّهْيِ، وَقَدْ كَانَ يُصَلِّي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُمُعَةَ بِالْجُمُعَةِ وَالْمُنَافِقِينَ؛ وَذَلِكَ طُولٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى خُطْبَتِهِ، وَلَيْسَ بِالتَّطْوِيلِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ.