دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الصلاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 9 محرم 1430هـ/5-01-2009م, 03:31 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب صلاة الجماعة والإمامة (9/21) [من هو أحق الناس بالإمامة؟]


وعن عمرِو بنِ سَلَمَةَ قالَ: قالَ أبي: جئتُكُم مِن عندِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَقًّا. قالَ: ((فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا)). قالَ: فنَظَرُوا فلم يَكُنْ أحدٌ أَكْثَرَ قُرآنًا مِنِّي فقَدَّمُونِي وَأَنَا ابنُ سِتِّ أو سبعِ سنينَ. رواهُ البخاريُّ وأبو دَاوُدَ والنَّسائيُّ.
وعن أبي مسعودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: ((يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا – وفي روايَةٍ: سِنًّا – وَلَا يُؤَمَّنَّ الرَّجُلُ الرُّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرُمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ)). رواهُ مسلِمٌ.


  #2  
قديم 9 محرم 1430هـ/5-01-2009م, 06:42 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


13/382- وَعَنْ عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ قَالَ: قَالَ أَبِي: جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقًّا، فَقَالَ: ((إِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآناً))، قَالَ: فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ مِنِّي قُرْآناً، فَقَدَّمُونِي وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ.
(وَعَنْ عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ) بِكَسْرِ اللاَّمِ، هُوَ أَبُو يَزِيدَ مِن الزِّيَادَةِ، كَمَا قَالَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ مُسْلِمٌ وَآخَرُونَ: بُرَيْدٌ بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ فَدَالٍ مُهْمَلَةٍ، هُوَ عَمْرُو بْنُ سَلِمَةَ الْجَرْمِيُّ؛ بِالْجِيمِ وَالرَّاءِ مُخَفَّفٌ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: عَمْرُو بْنُ سَلِمَةَ أَدْرَكَ زَمَنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأَنَّهُ كَانَ أَقْرَأَهُمْ لِلْقُرْآنِ.
وَقِيلَ: إنَّهُ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَبِيهِ، وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي قُدُومِ أَبِيهِ، نَزَلَ عَمْرٌو الْبَصْرَةَ، وَرَوَى عَنْهُ أَبُو قِلابَةَ وَعَامِرٌ الأَحْوَلُ وَأَبُو الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ.
(قَالَ: قَالَ أَبِي)؛ أيْ: سَلِمَةُ بْنُ نُفَيْعٍ بِضَمِّ النُّونِ، أَو ابْنُ لأْيٍ؛ بِفَتْحِ اللاَّمِ وَسُكُونِ الْهَمْزَةِ عَلَى الْخِلافِ فِي اسْمِهِ: (جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقًّا) نُصِبَ عَلَى صِفَةِ الْمَصْدَرِ الْمَحْذُوفِ؛ أيْ: نُبُوَّةً حَقًّا، أَوْ أَنَّهُ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِلْجُمْلَةِ الْمُتَضَمَّنَةِ؛ إذْ هُوَ فِي قُوَّةِ: هُوَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا، فَهُوَ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِغَيْرِهِ، (قَالَ: إِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآناً. قَالَ)؛ أيْ: عَمْرُو بْنُ سَلِمَةَ: (فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ مِنِّي قُرْآناً)، وَقَدْ وَرَدَ بَيَانُ سَبَبِ أَكْثَرِيَّةِ قُرْآنِيَّتِهِ أَنَّهُ كَانَ يَتَلَقَّى الرُّكْبَانَ الَّذِينَ كَانُوا يَفِدُونَ إلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَمُرُّونَ بِعَمْرٍو وَأَهْلِهِ، فَكَانَ يَتَلَقَّى مِنْهُمْ مَا يَقْرَءُونَهُ، وَذَلِكَ قَبْلَ إسْلامِ أَبِيهِ وَقَوْمِهِ، (فَقَدَّمُونِي وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ).
فِيهِ دَلالَةٌ عَلَى أَنَّ الأَحَقَّ بِالإِمَامَةِ الأَكْثَرُ قُرْآناً، وَيَأْتِي الْحَدِيثُ بِذَلِكَ قَرِيباً، وَفِيهِ أَنَّ الإِمَامَةَ أَفْضَلُ مِن الأَذَانِ؛ لأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي الْمُؤَذِّنِ شَرْطاً. وَتَقْدِيمُهُ وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ دَلِيلٌ لِمَا قَالَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ مِنْ أَنَّهُ لا كَرَاهَةَ فِي إمَامَةِ الْمُمَيِّزِ.
وَكَرِهَهَا مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ. وَعَنْ أَحْمَدَ وَأَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ، وَالْمَشْهُورُ عَنْهُمَا الإِجْزَاءُ فِي النَّوَافِلِ دُونَ الْفَرَائِضِ. وَقَالَ بِعَدَمِ صِحَّتِهَا الْهَادِي وَالنَّاصِرُ وَغَيْرُهُمَا؛ قِيَاساً عَلَى الْمَجْنُونِ، قَالُوا: وَلا حُجَّةَ فِي قِصَّةِ عَمْرٍو هَذِهِ؛ لأَنَّهُ لَمْ يَرْوِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عَنْ أَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلا تَقْرِيرِهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ دَلِيلَ الْجَوَازِ وُقُوعُ ذَلِكَ فِي زَمَنِ الْوَحْيِ، وَلا يُقَرَّرُ فِيهِ عَلَى فِعْلِ مَا لا يَجُوزُ سِيَّمَا فِي الصَّلاةِ الَّتِي هِيَ أَعْظَمُ أَرْكَانِ الإِسْلامِ.
وَقَدْ نُبِّهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوَحْيِ عَلَى الْقَذَى الَّذِي كَانَ فِي نَعْلِهِ، فَلَوْ كَانَ إمَامَةُ الصَّبِيِّ لا تَصِحُّ لَنَزَلَ الْوَحْيُ بِذَلِكَ.
وَقَد اسْتَدَلَّ أَبُو سَعِيدٍ وَجَابِرٌ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْزِلُونَ وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ، وَالْوَفْدُ الَّذِينَ قَدَّمُوا عَمْراً كَانُوا جَمَاعَةً مِن الصَّحَابَةِ.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَلا نَعْلَمُ لَهُمْ مُخَالِفاً فِي ذَلِكَ، وَاحْتِمَالُ أَنَّهُ أَمَّهُمْ فِي نَافِلَةٍ يُبْعِدُهُ سِيَاقُ الْقِصَّةِ؛ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهُم الأَوْقَاتَ لِلْفَرَائِضِ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: ((إِنَّهُ يَؤُمُّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآناً)).
وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ: قَالَ عَمْرٌو: فَمَا شَهِدْتُ مَشْهَداً فِي جِرْمَ –اسْمُ قَبِيلَةٍ- إلاَّ كُنْتُ إمَامَهُمْ. وَهَذَا يَعُمُّ الْفَرَائِضَ وَالنَّوَافِلَ.
قُلْتُ: وَيَحْتَاجُ مَن ادَّعَى التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ، وَأَنَّهُ تَصِحُّ إمَامَةُ الصَّبِيِّ فِي هَذَا دُونَ ذَلِكَ، إلَى دَلِيلٍ. ثُمَّ الْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ صَلاةِ الْمُفْتَرِضِ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ، كَذَا فِي الشَّرْحِ، وَفِيهِ تَأَمُّلٌ.
14/383- وَعَن ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِلْماً -وَفِي رِوَايَةٍ: سِنًّا- وَلا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إلاَّ بِإِذْنِهِ)) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَعَن ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَكْثَرُهُمْ لَهُ حِفْظاً، وَقِيلَ: أَعْلَمُهُمْ بِأَحْكَامِهِ، وَالْحَدِيثُ الأَوَّلُ يُنَاسِبُ الْقَوْلَ الأَوَّلَ.
(فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِلْماً)؛ أَيْ: إسْلاماً، (وَفِي رِوَايَةٍ: سِنًّا) عِوَضاً عَنْ سِلْماً، (وَلا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ: الْفِرَاشُ وَنَحْوُهُ مِمَّا يُبْسَطُ لِصَاحِبِ الْمَنْزِلِ وَيَخْتَصُّ بِهِ، (إِلاَّ بِإِذْنِهِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ). الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى تَقْدِيمِ الأَقْرَأِ عَلَى الأَفْقَهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ.
وَذَهَبَت الْهَادَوِيَّةُ إلَى أَنَّهُ يُقَدَّمُ الأَفْقَهُ عَلَى الأَقْرَأِ؛ لأَنَّ الَّذِي يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِن الْقِرَاءَةِ مَضْبُوطٌ، وَاَلَّذِي يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِن الْفِقْهِ غَيْرُ مَضْبُوطٍ. وَقَدْ يَعْرِضُ فِي الصَّلاةِ أُمُورٌ لا يَقْدِرُ عَلَى مُرَاعَاتِهَا إلاَّ كَامِلُ الْفِقْهِ، قَالُوا: وَلِهَذَا قَدَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى غَيْرِهِ مَعَ قَوْلِهِ: ((أَقْرَؤُكُمْ أُبَيٌّ)).
قَالُوا: وَالْحَدِيثُ خَرَجَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ حَالُ الصَّحَابَةِ مِنْ أَنَّ الأَقْرَأَ هُوَ الأَفْقَهُ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَا كُنَّا نَتَجَاوَزُ عَشْرَ آيَاتٍ حَتَّى نَعْرِفَ حُكْمَهَا وَأَمْرَهَا وَنَهْيَهَا، وَلا يَخْفَى أَنَّهُ يُبْعِدُ هَذَا قَوْلُهُ: ((فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ))؛ فَإِنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى تَقْدِيمِ الأَقْرَأِ مُطْلَقاً، وَالأَقْرَأُ عَلَى مَا فَسَّرُوهُ بِهِ هُوَ الأَعْلَمُ بِالسُّنَّةِ، فَلَوْ أُرِيدَ بِهِ ذَلِكَ لَكَانَ الْقِسْمَانِ قِسْماً وَاحِداً.
وَقَوْلُهُ: ((فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً)) هُوَ شَامِلٌ لِمَنْ تَقَدَّمَ هِجْرَةً، سَوَاءٌ كَانَ فِي زَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ بَعْدَهُ؛ كَمَنْ يُهَاجِرُ مِنْ دَارِ الْكُفَّارِ إلَى دَارِ الإِسْلامِ. وَأَمَّا حَدِيثُ: ((لا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ)) فَالْمُرَادُ مِنْ مَكَّةَ إلَى الْمَدِينَةِ؛ لأَنَّهُمَا جَمِيعاً صَارَا دَارَ إسْلامٍ، وَلَعَلَّهُ يُقَالُ: وَأَوْلادُ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ حُكْمُ آبَائِهِمْ فِي التَّقْدِيمِ، وَقَوْلُهُ: ((سِلْماً))؛ أيْ: مَنْ تَقَدَّمَ إسْلامُهُ، وَلَعَلَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى مَنْ تَأَخَّرَ، وَكَذَا رِوَايَةُ: ((سِنًّا))؛ أَي: الأَكْبَرُ فِي السِّنِّ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ: ((وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ)). وَمِن الَّذِينَ يَسْتَحِقُّونَ التَّقْدِيمَ قُرَيْشٌ؛ لِحَدِيثِ: ((قَدِّمُوا قُرَيْشاً)).
قَالَ الْحَافِظُ الْمُصَنِّفُ: إنَّهُ قَدْ جَمَعَ طُرُقَهُ فِي جُزْءٍ كَبِيرٍ. وَمِنْهُم الأَحْسَنُ وَجْهاً لِحَدِيثٍ وَرَدَ بِهِ، وَفِيهِ رَاوٍ ضَعِيفٌ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ((وَلا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ)) فَهُوَ نَهْيٌ عَنْ تَقْدِيمِ غَيْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ ذُو الْوِلايَةِ، سَوَاءٌ كَانَ السُّلْطَانَ الأَعْظَمَ أَوْ نَائِبَهُ. وَظَاهِرُهُ: وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَكْثَرَ قُرْآناً وَفِقْهاً، فَيَكُونُ هَذَا خَاصًّا، وَأَوَّلُ الْحَدِيثِ عَامٌّ، وَيَلْحَقُ بِالسُّلْطَانِ صَاحِبُ الْبَيْتِ؛ لأَنَّهُ وَرَدَ فِي صَاحِبِ الْبَيْتِ حَدِيثٌ بِخُصُوصِهِ بِأَنَّهُ الأَحَقُّ.
أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ مِن السُّنَّةِ أَنْ يَتَقَدَّمَ صَاحِبُ الْبَيْتِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
وَأَمَّا إمَامُ الْمَسْجِدِ فَإِنْ كَانَ عَنْ وِلايَةٍ مِن السُّلْطَانِ أَوْ عُمَّالِهِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي حُكْمِ السُّلْطَانِ، وَإِنْ كَانَ بِاتِّفَاقٍ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَصِيرُ بِذَلِكَ أَحَقَّ، وَأَنَّهَا وِلايَةٌ خَاصَّةٌ، وَكَذَلِكَ النَّهْيُ عَن الْقُعُودِ مِمَّا يَخْتَصُّ بِهِ السُّلْطَانُ فِي مَنْزِلِهِ أَو الرَّجُلُ مِنْ فِرَاشٍ وَسَرِيرٍ وَنَحْوِهِ، وَلا يَقْعُدُ فِيهِ أَحَدٌ إلاَّ بِإِذْنِهِ. وَنَحْوُهُ قَوْلُهُ:


15/384- وَلابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ((وَلا تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلاً، وَلا أَعْرَابِيٌّ مُهَاجِراً، وَلا فَاجِرٌ مُؤْمِناً))، وَإِسْنَادُهُ وَاهٍ.


  #3  
قديم 9 محرم 1430هـ/5-01-2009م, 06:43 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


331 - وَعَنْ عُمَرَ بْنِ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ أَبِي: جِئْتُكُمْ مِنْ عندِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقًّا، قَالَ: ((فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآناً)). قَالَ: فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ مِنِّي قُرْآناً، فَقَدَّمُونِي، وَأَنَا ابْنُ سِتِّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، والنَّسَائِيُّ.
ــ
مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1 - فِيهِ أَنَّ الأذانَ فرضُ كفايةٍ، إِذَا قَامَ بِهِ مَنْ يَكْفِي سَقَطَ عَن الْبَاقِينَ.
2 - فِيهِ أَنَّ الأحقَّ بالإمامةِ فِي الصَّلاةِ مَنْ هُوَ أَكْثَرُ حِفْظاً للقرآنِ الكريمِ.
3 - فِيهِ جوازُ إمامةِ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ مِنَ الْمُمَيِّزِينَ حَتَّى فِي الفرضِ، فَإِنْ قِيلَ: لَعَلَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعْلَمْ عَنْ إِمَامَتِهِ قَوْمَهُ؟
فالجوابُ: أَنَّ اللَّهَ قَدْ عَلِمَ ذَلِكَ بِلا شَكٍّ، وكونُ اللَّهِ تَعَالَى أَقَرَّهُ، وَلَمْ يَنْزِلْ عَلَى نَبِيِّهِ وَحْيٌ عَلَى بطلانِ إِمَامَتِهِ ـ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا فَعَلَهُ حَقٌّ، وَلَيْسَ بباطلٍ.
4 - فِيهِ أَنَّ التَّمْيِيزَ يَكُونُ بالسادسةِ أَو السَّابِعَةِ، حَسَبَ قُوَّةِ إِدْرَاكِ الأطفالِ، وَكَوْنُهَا سَبْعاً عِنْدَ بَعْضِ الفقهاءِ إِنَّمَا هِيَ أَمْرٌ أَغْلَبِيٌّ عُلِّقَ بِهِ الْحُكْمُ.
5 - فِيهِ أَنَّ الْقُرْآنَ سَبَبٌ لِرِفْعَةِ الإِنْسَانِ، وَعُلُوِّ مقامِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
6 - وَفِيهِ أَنَّ الإمامةَ أَفْضَلُ من الأذانِ؛ لأَنَّ الإمامةَ أَنَاطَهَا بالعالمِ، أَمَّا الأذانُ فَأَجَازَهُ مِنْ أَيِّ أَحَدٍ، ولأنَّ الإمامةَ يَتَعَلَّقُ بِهَا منْ أحكامِ الصَّلاةِ مَا لا يَتَعَلَّقُ بِالأَذَانِ.
7 - رَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّ سَبَبَ كَثْرَةِ حفظِ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ للقرآنِ، أَنَّهُ كَانَ وَهُوَ بِبَلَدِهِ يَتَلَقَّى الرُّكْبَانَ القَادِمِينَ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَيَأْخُذُ مِنْهُمْ مَا حَفِظُوهُ، فَحَصَلَ لَهُ منْ حفظِ كِتَابِ اللَّهِ الشَّيْءُ الْكَثِيرُ، فالعلمُ بالجِدِّ والاجتهادِ.
خِلافُ الْعُلَمَاءِ:
ذَهَبَ الحنفيَّةُ إِلَى: عدمِ صِحَّةِ إمامةِ الصَّبِيِّ ـ الَّذِي دُونَ الْبُلُوغِ فِي فرضِ الصَّلاةِ وَنَفْلِهَا.
وَذَهَبَ المالكيَّةُ والحنابلةُ إِلَى عَدَمِ صِحَّةِ إمامتِهِ فِي الفرضِ دُونَ النَّفْلِ، وذَهَبَ الشافعيَّةُ إِلَى: صِحَّةِ إمامتِهِ فِي الفرضِ والنفلِ.
ودليلُ الأَئِمَّةِ الثلاثةِ: مَا رُوِيَ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ: ((لا يَؤُمَّ الْغُلامُ حَتَّى يَحْتَلِمَ)). ولأنَّ صَلاةَ الصبيِّ نافلةٌ فِي حَقِّهِ، فصلاتُهُ بالمُفْتَرِضِينَ اخْتِلافٌ فِي النِّيَّةِ بَيْنَ الإمامِ والمأمومِينَ، وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((فَلا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ)). وأيضاً لا يُؤْمَنُ عَلَى الصَّبِيِّ، وَلا يُسْتَوْثَقُ مِنْ إتيانِهِ بِشُرُوطِ الصَّلاةِ.
أَمَّا دَلِيلُ الشافعيَّةِ: فالْحَدِيثُ الَّذِي مَعَنَا، وأَنَّ مَنْ صَحَّتْ صَلاتُهُ لِنَفْسِهِ صَحَّتْ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَن الإمامِ أَحْمَدَ، وَيَشْهَدُ لَهَا عمومُ قَوْلِهِ: ((يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ (673) ، وَمَنْ جَازَتْ إِمَامَتُهُ فِي النفلِ، جَازَتْ فِي الفرضِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السِّعْدِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
332 - وَعَن ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِلْماً ـ وَفِي رِوَايَةٍ: سِنًّا ـ وَلا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ: إِخْبَارٌ بِمَعْنَى الأَمْرِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ} [النُّور: 3].
هِجْرَةً: بِكَسْرِ الْهَاءِ وَسُكُونِ الجيمِ المعجمةِ التحتيَّةِ، ثُمَّ راءٍ فَتَاءِ التأنيثِ، وَالهجرةُ: هِيَ الانتقالُ منْ بلادِ الْكُفْرِ إِلَى بلادِ الإِسْلامِ، وَلا يَزَالُ حُكْمُهَا بَاقِياً.
سِلْماً: بِكَسْرِ السينِ الْمُهْمَلَةِ، وَسُكُونِ اللامِ، ثُمَّ مِيمٍ؛ أَيْ: إِسْلاماً.
سُلْطَانِهِ: الْمُرَادُ بِهِ: ولايتُهُ، سَوَاءٌ كَانَتْ ولايةً عَامَّةً، أَوْ ولايةً خَاصَّةً.
تَكْرِمَتِهِ: بِفَتْحِ المُثَنَّاةِ الفوقيَّةِ، وَسُكُونِ الْكَافِ، وَكَسْرِ الراءِ، الْمُرَادُ بِهِ: الفراشُ وَنَحْوُهُ مِمَّا يُبْسَطُ، وَيُفْرَشُ لِصَاحِبِ المنزلِ، وَيَخْتَصُّ بِهِ.
مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1 - استحبابُ ولايةِ الإمامةِ للأفضلِ فالأفضلِ، والفضلُ هُوَ بالعلمِ الشرعيِّ والعملِ بِهِ.
2 - الواجبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا دَرْساً لِلْمُسْلِمِينَ فِي عمومِ الولاياتِ، فَلا يُقَدَّمُ فِيهَا وَيُوَلَّى عَلَيْهَا إِلاَّ مَنْ هُوَ أَهْلٌ لَهَا، وَاجْتَمَعَ فِيهِ الشرطانِ العَظِيمَانِ: الأمانةُ فِيهِ، والقُوَّةُ عَلَيْهِ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ} [القصص: 26]. وَمَا ذَلَّ الْمُسْلِمُونَ وَفَقَدُوا عِزَّهُمْ، وَعَمَّهُمُ الْفَسَادُ، إِلاَّ بِتَرْكِ هَذِهِ الأمانةِ وَإِضَاعَتِهَا، فَقَدْ جَاءَ فِي (صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ) أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ)). فَقَالَ أعرابيٌّ: كَيْفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِضَاعَتُهَا؟ قَالَ: ((إِذَا أُسْنِدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ)).
3 - تَكُونُالإمامةُ لِمَنْ هُوَ أَكْثَرُ حِفْظاً لكتابِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لأَنَّ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى أساسُ العلومِ النافعةِ، فَمَنْ كَانَ فِيهِ أَعْلَمَ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ أَفْضَلَ، فَالعبرةُ بِمَنْ هُوَ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَفِقْهِهِ، وَفِقْهِ الصَّلاةِ، وَلِذَا يُقَدَّمُ الأَفْقَهُ عَلَى مَنْ هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ حِفْظاً، وَلَكِنْ لَيْسَ فِي فِقْهِ الصَّلاةِ كَذَلِكَ.
4 - الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: ((أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ)). هُوَ أَكْثَرُهُمْ حِفْظاً للقرآنِ، وَالَّذِي يُوَضِّحُهُ الْحَدِيثُ الَّذِي قَبْلَهُ: ((وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآناً)). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (4302) ، وَمَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ (2011) والتِّرْمِذِيُّ (1715) وصَحَّحَهُ من حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عَامِرِ بنِ أُمَيَّةَ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَتْلَى أُحُدٍ: ((قَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآناً)).
5 - فَإِنِ اسْتَوَيَا فِي الْقِرَاءَةِ، فَأَعْلَمُهُم بِسُنَّةِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ السُّنَّةَ المُطَهَّرَةَ هِيَ الْوَحْيُ الثَّانِي، وَهِيَ الْمَصْدَرُ الثَّانِي للتَّشْرِيعِ.
6 - فَإِنِ اسْتَوَيَا فِي الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ وَحِفْظِهِ، وَالعلمِ بالسُّنَّةِ، وَحِفْظِهَا، فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً مِنْ بلادِ الْكُفْرِ إِلَى بلادِ الإِسْلامِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ هِجْرَةٌ فَأَقْدَمُهُمْ تَوْبَةً وَهِجْرَةً عَمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ، وَأَقْرَبُهُمْ امْتِثَالاً لِمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ.
7 - وَفِي رِوَايَةٍ:((فَأَقْدَمُهُمْ سِنًّا)). ذَلِكَ أَنَّ مَنْ قَدُمَ سِنُّهُ قَدُمَ إسلامُهُ، وَكَثَرُتْ أَعْمَالُهُ الصَّالِحَةُ.
8 - هَذَا الترتيبُ يَنْبَغِي مُلاحَظَتُهُ عِنْدَمَا يَحْضُرُ جَمَاعَةٌ لِيُصَلُّوا، أَوْ عِنْدَ إرادةِ تَوْلِيَةِ الإمامةِ لأَحَدٍ المساجدِ، أَمَّا إِذَا كَانَ للمسجدِ إمامٌ رَاتِبٌ فَهُوَ المُقَدَّمُ، وَلَوْ حَضَرَ أَفْضَلُ مِنْهُ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((وَلا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ)).
9 - هُنَا يُوجَدُ أَمْكِنَةُ صَاحِبِ المَحَلِّ الصَّالِحِ للإمامةِ يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا وَأَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ.
(أ) إِمَامُ الْمُسْلِمِينَ وَالْوَالِي عَلَيْهِمْ أَحَقُّ بِمَكَانِ ولايتِهِ منْ غَيْرِهِ.
(ب) صَاحِبُ الْبَيْتِ أَوْ صَاحِبُ الدائرةِ أَوْلَى بالإمامةِ من الزائرِ.
ولذا فَإِنَّهُ لا يَجُوزُ الجلوسُ عَلَى فراشِهِ إِلاَّ بإذنِ صَاحِبِ الْحَقِّ، فَهَذَا ترتيبُ ولايةِ إمامةِ الصَّلاةِ، تَكُونُ للأفضلِ فالأفضلِ، ولذا اسْتَدَلَّ بِهَا الصَّحَابَةُ عَلَى الأَحَقِّيَّةِ فِي الخلافةِ الكُبْرَى، فَقَدَّمُوا أَبَا بَكْرٍ خَلِيفَةً بَعْدَ وفاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقَالُوا مُسْتَدِلِّينَ عَلَى ذَلِكَ، (رَضِيَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِدِينِنَا، أَفَلا نَرْضَاكَ لِدُنْيَانَا؟!)
والشرعُ نَتَعَلَّمُ مِنْهُ بِهَذَا الترتيبِ وُجُوبَ ولايةِ الأفضلِ فالأفضلِ، حَتَّى تَسْتَقِيمَ أُمُورُنَا، وَتَصْلُحَ أَحْوَالُنَا؛ فَإِنَّ مِنْ إِضَاعَةِ الأمانةِ إِسْنَادَ الأَمْرِ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ.
10 - قَالَ فِي (الْغَايَةِ) وَمَا بَنَاهُ أَهْلُ الشوارعِ والقبائلِ من المساجدِ، فالحقُّ فِي الإمامةِ لِمَنْ رَضُوا بِهِ، وَلَيْسَ لَهُمْ عَزْلُهُ مَا لَمْ تَتَغَيَّرْ حَالُهُ.
قَالَ الإمامُ أَحْمَدُ فِي (رِسَالَتِهِ): وَمِنَ الواجبِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُقَدِّمُوا خِيَارَهُمْ، وَأَهْلَ الدِّينِ، وَالأفضلُ مِنْهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ بِاللَّهِ تَعَالَى، الَّذِينَ يَخَافُونَ اللَّهَ، وَيُرَاقِبُونَهُ.
وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: يَجِبُ أَنْ يُوَلَّى فِي الوظائفِ وإمامةِ المساجدِ الأحقُّ شَرْعاً، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: يَحْرُمُ عَلَى الإمامِ نَصْبُ فَاسِقٍ إِمَاماً للصلاةِ؛ لأَنَّهُ مأمورٌ بِمُرَاعَاةِ المصالحِ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, صلاة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:30 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir