دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > التفسير اللغوي > معاني القرآن للزجاج

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 شوال 1431هـ/1-10-2010م, 04:35 PM
علي بن عمر علي بن عمر غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 1,654
افتراضي المعاني الواردة في سورة الطلاق

سورة الطّلاق
(مدنية)
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قوله عزّ وجلّ: (يا أيّها النّبيّ إذا طلّقتم النّساء فطلّقوهنّ لعدّتهنّ وأحصوا العدّة واتّقوا اللّه ربّكم لا تخرجوهنّ من بيوتهنّ ولا يخرجن إلّا أن يأتين بفاحشة مبيّنة وتلك حدود اللّه ومن يتعدّ حدود اللّه فقد ظلم نفسه لا تدري لعلّ اللّه يحدث بعد ذلك أمرا (1)
هذا خطاب للنبي عليه السلام والمؤمنون داخلون معه في الخطاب.
ومعناه إن أردتم الطلاق كما قال: (إذا قمتم إلى الصّلاة) معناه إذا أردتم القيام إلى الصلاة.
وقوله: (فطلّقوهنّ لعدّتهنّ وأحصوا العدّة).
فطلاق السنة المجتمع عليه في قول مالك أن يطلق الرجل امرأته طاهرا من غير جماع تطليقة واحدة، ثم يتركها إذا أراد المقام على فراقها ثلاث حيض، فإذا طعنت في الحيضة الثالثة فلا يملك رجعتها، ولكن إن شاء وشاءت أن يجددا نكاحا جديدا كان ذلك لهما لأن معنى:
(لعلّ اللّه يحدث بعد ذلك أمرا)
أي بعد الطلاق الواحد.
فإذا طلقها ثلاثا في وقت واحد فلا معنى في قوله: (لعلّ اللّه يحدث بعد ذلك أمرا).
وإنما تفسيره الرجعة، أعني إذا وقع الثلاث في وقت واحد، وهذا قول مالك - رحمه الله - وقال أهل العراق إن طلقها طاهرا من غير جماع ثم أوقع عند كل حيضة تطليقة فهو أيضا عندهم طلاق السنة، وأن فعل ما قال مالك فهو عندهم سنة أيضا.
وقال الشافعي إذا طلّقها طاهرا من غير جماع فهو مطلق للسنة أيضا طلق واحدة أو ثلاثا، وهذا يسقط معه إذا كان ثلاثا.
[معاني القرآن: 5/183]
قوله: (لعلّ اللّه يحدث بعد ذلك أمرا).
وقد جاء التشديد فيمن تعدى طلاق السنة، فقال: (ذلكم يوعظ به من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر).
وقال: (ومن يتعدّ حدود اللّه فقد ظلم نفسه).
يعني بحدود اللّه حدود طلاق السنة وما ذكر مع الطلاق.
وقوله: (ولا يخرجن إلّا أن يأتين بفاحشة مبيّنة).
ويقرأ (مبيّنة).
فجعل للمطلقات السكنى، وقيل إن خروجهن من بيوتهنّ فاحشة.
وقيل الفاحشة المبينة الزنا.
ودليل هذا القول قوله: (واللّاتي يأتين الفاحشة من نسائكم)، يعني الزنا. وقيل أيضا: (إلّا أن يأتين بفاحشة مبيّنة) زنا أو سرق أو شرب خمر.
وقيل كل ما يجب فيه الحد فهو فاحشة.
قوله: (ومن يتّق اللّه يجعل له مخرجا (2) ويرزقه من حيث لا يحتسب)
معناه يجعل له مخرجا من الحرام إلى الحلال، وقيل أيضا من النار إلى الجنّة ويرزقه من حيث لا يحتسب معناه - والله أعلم - أنه إذا اتقى اللّه وآثر الحلال والصبر على أهله إن كان ذا ضيقة فتح الله عليه ورزقه من حيث لا يحتسب.
وجائز أن يكون إذا اتقى الله في طلاقه، وآثر ما عند اللّه وجرى في ذلك على السّنّة رزقه الله أهلا بدل أهله.
وقوله: (إنّ اللّه بالغ أمره قد جعل اللّه لكلّ شيء قدرا (3)
(إنّ اللّه بالغ أمره)
وتقرأ (بالغ أمره)، أي إن اللّه بالغ ما يريد.
وقرئت إنّ اللّه بالغ أمره، على رفع الأمر ببالغ، أي إنّ اللّه يبلغ أمره وينفذ.
وقوله عزّ وجلّ: (قد جعل اللّه لكلّ شيء قدرا).
وقدرا، أي ميقاتا وأجلا.
وقوله: (واللّائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدّتهنّ ثلاثة أشهر واللّائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهنّ أن يضعن حملهنّ ومن يتّق اللّه يجعل له من أمره يسرا (4)
[معاني القرآن: 5/184]
قيل في بعض التفسير إنهم سألوا فقالوا: قد عرفنا عدة التي تحيض.
فما عدة التي لا تحيض والتي لم تحض؟
فقيل إن ارتبتم، أي إذا ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر.
والذي يذهب إليه مالك، واللغة تدل عليه أن معناه إن ارتبتم في حيضها وقد انقطع عنها الحيض وكانت ممن يحيض مثلها فعدتها ثلاثة أشهر، وذلك بعد أن تترك تسعة أشهر بمقدار الحمل، ثم تعتد بعد ذلك ثلاثة أشهر، فإن حاضت في هذه الثلاثة الأشهر تمت ثلاث حيض.
وجائز أن يتأخر هذا الحيض فيكون كلما قاربت أن تخرج من الثلاثة حاضت، فهذا مذهب مالك وهو الذي يروى عن عمر رحمه اللّه.
وقال أهل العراق تترك ولو بلغت في ذلك أكثر من ثلاثين سنة ولو بلغت إلى السبعين، يعنون حتى تبلغ مبلغ من لا يحيض، وقالوا: ولو شاء اللّه لابتلاها بأكثر من ذلك، وكذلك في قوله: (واللّائي لم يحضن) معناه عند مالك معناه إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر، واليائسة عند مالك وغيره بإجماع التي قد يئست من المحيض فلا ارتياب في أمرها أنها لا تحيض تعتد ثلاثة أشهر.
ولم يأت في القرآن النّصّ على ذلك، ولكن في القرآن دليل عليه وأنا أبيّنه إن شاء الله.
فأمّا الصغيرة التي لا يوطأ مثلها فإن دخل بها ووطئها مكانه فإنما عقرها.
ولا عدة عند مالك عليها، إلا أن يكون مثلها يستقيم أن يوطأ وإنما هي عنده في عداد من لم يدخل بها.
والذي في القرآن يدل على أن اليائسة التي لا يرتاب فيها يجب أن تعتد ثلاثة أشهر لقوله: (واللّائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدّتهنّ ثلاثة أشهر واللّائي لم يحضن) فمعناه واللائي لا يحضن فعدتهن ثلاثة أشهر، فقياس اللائي لا يحضن قياس اللائي لم يحضن
[معاني القرآن: 5/185]
فلم يحتج إلى ذكر ذلك.
وإذا كان عدة المرتاب بها ثلاثة أشهر فالتي لا يرتاب بها أولى بذلك.
قوله تعالى: (وأولات الأحمال أجلهنّ أن يضعن حملهنّ).
معناه أجلهن في الانقطاع فيما بينهن وبين الأزواج أن يضعن حملهنّ.
وقوله: (أسكنوهنّ من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضارّوهنّ لتضيّقوا عليهنّ وإن كنّ أولات حمل فأنفقوا عليهنّ حتّى يضعن حملهنّ فإن أرضعن لكم فآتوهنّ أجورهنّ وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى (6)
(من وجدكم)
ويقرأ (من وجدكم)، يقال وجدت في المال وجدا، أي صرت ذا مال.
ووجدا وجدة، ووجدت الضّالّة وجدانا ووجدت على فلان وجدا، ووجدت عليه موجدة.
فأوجب اللّه تعالى السّكنى حتى تنقضي العدة.
والسكنى والنفقة على الزوج إذا طلق طلاق السنة إلى أن تأتي ثلاث حيض، فإذا أبتّ الطلاق قبل انقضاء العدة فعليه النفقة والسكنى في قول أهل العراق، وعليه السكنى في مذهب مالك والشافعي، فأما الحامل فعليه النفقة لها، وذا في القرآن نص بقوله تعالى: (وإن كنّ أولات حمل فأنفقوا عليهنّ حتّى يضعن حملهنّ).
وقوله: (فإن أرضعن لكم فآتوهنّ أجورهنّ).
أي فأعطوهن أجرة رضاعهنّ.
(وأتمروا بينكم بمعروف).
قيل في التفسير إنه الكسوة والدّثار، والمعروف - واللّه أعلم - أن لا يقصّر الرجل في نفقة المرضع التي ترضع ولده إذا كانت هي والدته لأن الوالدة أرأف بولدها من غيرها به، فلا تقصر في رضاعه والقيام بشأنه، فحق كل واحد منهما أن يأتمر في الولد بمعروف.
(وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى).
[معاني القرآن: 5/186]
معناه فليرضع الوالد غير والدة الصبي، وهذا خبر في معنى الأمر لأن لفظ.. (فسترضع له أخرى) لفظ الخبر ومعناه فليرضع.
ومثله في لفظ الخبر ومعنى الأمر قوله: (والوالدات يرضعن أولادهنّ حولين كاملين)
معناه وليرضعن أولادهنّ حولين كاملين.
قوله: (لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق ممّا آتاه اللّه لا يكلّف اللّه نفسا إلّا ما آتاها سيجعل اللّه بعد عسر يسرا (7)
أمر أهل التوسعة أن يوسّعوا على نسائهم المرضعات أولادهنّ على قدر سعتهن.
(ومن قدر عليه رزقه فلينفق ممّا آتاه اللّه).
أي من كان رزقه بمقدار القوت فلينفق على قدر ذلك، كما قال: (على الموسع قدره وعلى المقتر قدره).
(لا يكلّف اللّه نفسا إلّا ما آتاها)
أي إلا ما أعطاها.
وقوله عزّ وجلّ: (سيجعل اللّه بعد عسر يسرا).
أعلم الله المؤمنين أنهم وإن كانوا في حال ضيّقة، وقيل كان الغالب على أكثرهم في ذلك الوقت في عهد رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - الفقر والفاقة فأعلمهم عز وجل أنه سيوسر المسلمون - ففتح الله عليهم بعد ذلك وجعل يسرا بعد عسر.
وقوله عزّ وجلّ: (وكأيّن من قرية عتت عن أمر ربّها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذّبناها عذابا نكرا (8)
أي عجلنا لها العذاب، ومعناه: عتا أهلها فحاسبنا أهلها وعذّبناهم.
وقوله: (فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا (9)
أي ثقل عاقبة أمرها.
[معاني القرآن: 5/187]
(وكان عاقبة أمرها خسرا)
يعني في الآخرة وهو قوله:
(أعدّ اللّه لهم عذابا شديدا فاتّقوا اللّه يا أولي الألباب الّذين آمنوا قد أنزل اللّه إليكم ذكرا (10)
يعني بعد ذلك الذي نزل بهم في الدنيا.
ثم وعظ الله هذه الأمّة في تصديق النبي عليه السلام، واتباع أمره وأعلم أنه قد بعث رسوله ليخرج الناس من الظلمات إلى النور فقال: (فاتّقوا اللّه يا أولي الألباب الّذين آمنوا).
ومعنى أولي الألباب أصحاب العقول، وواحد أولي الألباب ذو لبّ أي ذو عقل.
(قد أنزل اللّه إليكم ذكرا (10) رسولا يتلو عليكم آيات اللّه مبيّنات ليخرج الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات من الظّلمات إلى النّور ومن يؤمن باللّه ويعمل صالحا يدخله جنّات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا قد أحسن اللّه له رزقا (11)
(رسولا) منصوب على ثلاثة أوجه:
أجودها أن يكون قوله: (قد أنزل اللّه إليكم ذكرا) دليلا على إضمار أرسل رسولا يتلو عليكم.
ويجوز أن يكون يعني بقوله (رسولا) النبي عليه السلام.
ويكون (رسولا)، منصوبا بقوله (ذكرا).
يكون المعنى قد أنزل الله إليكم ذكرا (رسولا) ذا ذكر رسولا يتلو، ويكون (رسولا) بدلا من ذكر، ويكون يعنى به جبريل عليه السلام.
ويكون دليل هذا القول قوله يعنى به جبريل عليه السلام: (نزل به الرّوح الأمين (193) على قلبك).
ومعنى: (من الظّلمات إلى النّور) من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان لأن أدلة الكفر مظلمة غير بيّنة، وأدلة الإسلام واضحة بيّنة.
قوله: (قد أحسن اللّه له رزقا).
أي رزقه اللّه الجنة التي لا ينقطع نعيمها، ولا يزول.
ثم ذكر - جلّ وعزّ - ما يدلّ على توحيده فقال:
[معاني القرآن: 5/188]
(اللّه الّذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهنّ يتنزّل الأمر بينهنّ لتعلموا أنّ اللّه على كلّ شيء قدير وأنّ اللّه قد أحاط بكلّ شيء علما (12)
ففي كل سماء وكل أرض خلق من خلقه، وأمر نافذ من أمره.
وقوله عزّ وجلّ: (لتعلموا أنّ اللّه على كلّ شيء قدير).
وقوله: (وأنّ اللّه قد أحاط بكلّ شيء علما).
(علما) منصوب على المصدر المؤكد، لأن معنى قوله: (وأنّ اللّه قد أحاط بكلّ شيء علما)
أي قد علم كل شيء علما.
ومثله: (وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمرّ مرّ السّحاب)
ثم قال: (صنع اللّه) موكّدا.
لأن معنى قوله: (صنع اللّه) صنع اللّه الجبال تمرّ مرّ السّحاب.
[معاني القرآن: 5/189]


التوقيع :
{ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المعاني, الواردة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:54 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir