دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة البناء في التفسير > منتدى المسار الثالث

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #3  
قديم 2 محرم 1444هـ/30-07-2022م, 07:32 PM
جوري المؤذن جوري المؤذن غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الرابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2020
المشاركات: 215
افتراضي

رسالة تعريفية مختصرة عن سفير سيد الأنبياء و قدوة العلماء الصحابي الجليل : معاذ بن جبل -رضي الله عنه- .
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين ، أما بعد :
إن الله -تعالى- أكرم عباده باصطفاء بعض من خلقه وفضلهم على غيرهم لينهلوا من علمهم وأخلاقهم ويكونوا قدوة حسنة لهم في حياتهم ، يسيروا سيرهم و يحملوا رايتهم من بعدهم ، كما جاء في صحيح البخاري في حديث عمران بن حصين -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال :" خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ... " . فالنبي -عليه الصلاة والسلام- فاضل بين المسلمين على أساس قوة التدين وقوة الإيمان ، وبيّن في هذا الحديث أن خير القرون قرنه الذي هو فيه وهم الصحابة ، فالصحابة هم أفضل المسلمين ؛ لأنهم عاصروا النبي -عليه الصلاة والسلام- و وضح لهم أمور الدين وأخذوها عنه مباشرة ، ومن هؤلاء الصحابة الكرام الصحابي الجليل : معاذ بن جبل -رضي الله عنه- .

اسمه ونسبه :
هو معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ بن كعب بن عمرو ، أبو عبد الرحمن الأنصاري الخزرجي الأوْدي ، البدري . روى الواقدي عن رجاله أن معاذ شهد بدراً او له عشرون سنة أو إحدى وعشرون .
قال شباب : أمه هي هند بنت سهل من بني رفاعة ، ثم من جهينة ، ولأمه ولد من الجد بن قيس .


إسلامه :
أسلم معاذ بن جبل -رضي الله عنه- شاباً على يد الداعية المكي مصعب بن عمير بعد العقبة الأولى بالمدينة ، قال عطاء : أسلم معاذ و له ثمان عشرة سنة . سافر إلى مكة و بايع النبي -عليه الصلاة والسلام- بيعة العقبة الثانية ، وكان إسلامه ذا أثر عظيم فبعد مبايعته النبي -عليه الصلاة والسلام- و عودته من مكة إلى المدينة كان يخرج ليلاً يكسر أصنام بني سلمة ويخرج داعياً اليهود إلى الإسلام ، ويقول لهم : يا معشر يهود ، اتقوا الله وأسلموا ، فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد -عليه الصلاة والسلام- ونحن أهل شرك ، و تخبروننا أنه مبعوث ، و تصفونه لنا بصفته . فكان من أثر ذلك أن أسلم رجل كبير من رجال يثرب و هو عمرو بن الجموح .


جمال خلقه وأخلاقه :
معاذ بن جبل رزقه الله ومنّ عليه بجمال المخبر والمظهر فهو سفير سيد الأنبياء و قدوة العلماء و أسوة العقلاء و أحد الفقهاء العظماء و الزهاد الأتقياء والعبّاد الأخفياء ، سيد الشباب الصلحاء ومقدّم الشجعان الأصفياء ، كان جواداً كريماً بلغ من كرمه أنه خرج من ماله لله -تعالى- مرتين ، و من قوله -رضي الله عنه- في ذلك :" من جعل الله غناه في قلبه فقد هُدي ومن لا فليس بنافعته دنياه " . و كان يمتاز عن غيره بحدة الذكاء وقوة العارضة -البديهة- ، و روعة البيان وعلو الهمة ، فهذا بعض من جمال أخلاقه و مخبره .
أما ما أوتيه من جمال الخلق والمظهر، فكان -رضي الله عنه- طويلاً ، حسناً جميلاً ، بهي الطلعة ، حسن الثغر ، أكحل العينين، مجموع الحاجبين ، جعد الشعر ، براق الثنايا ، إذا تكلم كأنما يخرج من فيه نور ولؤلؤ . روى أبو مسلم الخولاني قال : أتيت مسجد دمشق فإذا حلقة فيها كهول من أصحاب محمد -عليه الصلاة والسلام- و إذا شاب فيهم أكحل العين براق الثنايا ، كلما اختلفوا في شيء ردوه إلى الفتى ، فقلت لجليس لي : من هذا ؟! فقال : معاذ بن جبل .



صحبة معاذ بن جبل للنبي -عليه الصلاة والسلام- :
كان معاذ بن جبل -رضي الله عنه- في صحبة الرسول الكريم وملازماً له ملازمة المحب لحبيبه ، فتربّى في مدرسة الرسول -عليه الصلاة والسلام- وتخرّج على يديه فنهل العلم من ينابيعه الغزيرة ، وتحلّى بجميل الصفات والسمات من خير قدوة . وكان الأثر العظيم لهذه الصحبة والملازمة أن نال شرف محبة رسول الله -عليه الصلاة و السلام- ، وأعظِم به من شرف !
وفي ذلك يقول معاذ بن جبل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أخذ بيده يوماً ثم قال : "يا معاذ إني لأحبك" فقال له معاذ : "بأبي أنت وأمي يا رسول الله وأنا احبك" قال -عليه الصلاة والسلام- : "أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" . و كان معاذ بن جبل ممن حظيَ بثناء رسول الله ، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "نعم الرجل معاذ بن جبل" .



علمه و تعليمه :
لا شك أن ملازمة معاذ بن جبل لرسول الله كان لها الأثر العظيم في جعله منارة في العلم وأحد فقهاء عصره وأكثرهم أخذاً للقران ، فلما قدم الرسول الكريم على المدينة مهاجراً لزمه معاذ ملازمة الظل لصاحبه ، فأخذ عنه القرآن وتلقّى عليه شرائع الإسلام ، حتى أصبح من أقرأ الصحابة لكتاب الله ، ومن أعظمهم فقهاً . و اختاره رسول الله ليُعلّم المسلمين الداخلين في الإسلام حديثاً أمور دينهم ، فقد نال معاذ بن جبل شرف شهادة رسول الله له بالعلم والفقه ، فقال -عليه الصلاة والسلام "أعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل" . كما نال ثقة رسوله الكريم بما لديه من العلم و الفقه بإرساله إلى اليمن للقضاء ، فعن معاذ بن جبل قال : "لما بعثني النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لي : كيف تقضي إن عرض القضاء ؟ قلت : أقضي بما في كتاب الله ، فإن لم يكن فبما قضى به رسول الله ، قال فإن لم يكن فيما قضى به الرسول ؟ قال : اجتهد رأيي ولا آلو . فضرب صدري وقال : الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله" .
وكان يشكر نعمة العلم بنشره بين المسلمين وتعليمهم إياه فكان خير معلم للمسلمين ، وفي ذلك روى الشعبي قال : حدثني فروة بن نوفل الأشجعي قال : كنا عند عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- جلوساً ، فقال : إن معاذاً كان أمةً قانتاً لله حنيفاً ولم يكُ من المشركين . فقال فروة : فقلت في نفسي : غلط أبو عبد الرحمن ، إنما قال الله -عز وجل- "إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله" [النحل:120] . فقال ابن مسعود -رضي الله عنه- : إن معاذاً كان أمة قانتاً لله حنيفاً ولم يكُ من المشركين . فقال : يا أبا عبد الرحمن ! نسيتها . قال : لا ، نسي من نسي ، ما نسيت ، [وهل سمعتني ذكرت إبراهيم؟] و لكنّا كنا نشبه معاذاً بإبراهيم -عليه السلام- . هل تدري ما الأمة ، و ما القانت ؟ قال فروة : الله أعلم . قال : إن الأمة معلم الخير ، و القانت المطيع لله و للرسول ، وكان معاذ يعلّم الناس الخير ، و مطيعاً لله ولرسوله -صلى الله عليه و سلم- .


أعماله في خدمة الإسلام والمسلمين :
إن المسلم المخلص في إسلامه ، المحبّ لدينه يسعى لرفع كلمة التوحيد وإعلاء شأن دينه وخدمته بكل ما يستطيع بذله ، وكل ذلك يتمثّل في معاذ بن جبل فكان له -رضي الله عنه- عدة أعمال عظيمة قدمها للإسلام والمسلمين زادته فضلاً وإحساناً ، ومن أول الأعمال وأجلّها : جمع القرآن ، فهو بهذا العمل نال الشرف في عهد رسول الله ، قال أنس بن مالك -رضي الله عنه- :" جمع القرآن على عهد رسول الله أربعة من الأنصار: أبي بن كعب ، و زيد ، و معاذ بن جبل ، و أبو زيد أحد عمومتي " .
وتقلّد معاذ -رضي الله عنه- أعمال أخرى عظيمة ، منها :
- الإفتاء في زمن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- وخليفتيه أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- . فعن محمد بن سهل بن أبي حثمة عن أبيه قال : كان الذين يفتون على عهد رسول الله -عليه الصلاة والسلام- ثلاثة من المهاجرين : عمر ، وعثمان ، وعلي . وثلاثة من الأنصار : أبي بن كعب ، و معاذ ، وزيد .
وقال نيار الأسلمي -رضي الله عنه- : كان عمر -رضي الله عنه- يستشير في خلافته إذا حزبه أمر أهل الشورى ، و من الأنصار : معاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت .
- تعليم الناس القرآن والشرائع في مكة واليمن بأمر من رسول الله -عليه الصلاة والسلام- .
- كان عاملاً للنبي -عليه الصلاة والسلام -على الجند باليمن .
- كان جابياً للزكاة في زمن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- ، وخليفتيه من بعده .



وفاته :
لا شك أن المسلمين بفقدهم لمعاذ بن جبل فقدوا رجلاً عظيماً كان جبلاً راسخاً في العلم ، لكن الله حفظ سيرته وعلمه و جعلهما باقية لمن جاء بعده ، ومما جاء في وفاته ما رواه ابن أبي الدنيا في المحتضرين : لما نزل بمعاذ -رضي الله عنه- الموت جعل يبكي ، فقيل له : أتبكي وقد صحبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- و أنت ، وأنت ؟ فقال : ما أبكي جزعاً من الموت أن حلّ بي ، ولا دنيا تركتها بعدي ، ولكن بكائي أن الله قبض قبضتين ، فجعل واحدة في الجنة ، و واحدة في النار ، فلا أدري في أي القبضتين أكون ؟ .
توفي -رضي الله عنه- عام طاعون عمواس وهو ابن ثمانية وثلاثين .
واختلف في سنة وفاته ، قال يزيد بن عبيدة : توفي معاذ سنة سبع عشرة ، وقال المدائني وجماعة : سنة سبع أو ثمان عشرة .



من أهم الفوائد التي استفدتها من دراسة سيرة الصحابي الجليل معاذ بن جبل -رضي الله عنه- ما يلي :
1-الاقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام- يورث البركة والرفعة وعلو الشأن للمسلم .
2-الإخلاص لله -تعالى- في القول والعمل سبب في محبة الله لعبده .
3-أن المسلم الحق لا تبعثه غزارة العلم على التكبر ، بل تجعله أكثر تواضعاً وليناً مع أخوانه .
4-من صدق في نشر العلم و تعليمه صرف همته في ذلك وبذل كل الوسائل في تحقيق مراده .
5-أن المسلم الذي يصدق لقاء ربه فإنه يستعد لذلك بالتزود من الأعمال الصالحة وطلب مرضاة الله .
6-تحري المعلم الفاضل للصغار والناشئة ، فهو ليس معلم للعلوم فقط ، بل قدوة لهم في الصفات والتعاملات .



بعد قراءة سيرة معاذ بن جبل -رضي الله عنه- يشتاق القلب لمرافقة معلم البشرية محمد -عليه الصلاة والسلام- الذي جعل من أصحابه الكرام مشاعل هدى ونور لمن بعدهم ، فأنعم وأكرم بهم من رجال نشروا دين الإسلام و أعلوا كلمة الحق ، وكانوا خير مثال لنا وخير قدوة . -نسأل الله -تعالى- أن يجمعنا بهم في جنات النعيم- .



-وصلّ اللهم وسلم على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين- .


المراجع

أبو عبدالله شمس الدين الذهبي. (13 3, 2015). سير أعلام النبلاء. تم الاسترداد من المكتبة الوقفية: https://waqfeya.net/book.php?bid=591
أحمد عبدالعزيز الحمدان. (1437). سير أعلام الصحابة والقرابة. جدة: الأمة.
عبدالرحمن رأفت الباشا. (15 10, 2008). صور من حياة الصحابة. تم الاسترداد من المكتبة الوقفية: https://waqfeya.net/book.php?bid=1416

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مذاكرة, مجلس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:50 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir