دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 شعبان 1439هـ/3-05-2018م, 03:00 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي المجلس الثالث: مجلس مذاكرة القسم الأول من تفسير سورة آل عمران

بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس مذاكرة القسم الأول من تفسير سورة آل عمران
(الآيات 1-9)


حرر القول في واحدة من المسائل التالية:
1:
المراد بالآيات المحكمة والآيات المتشابهة.
2: الوقف والابتداء في قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا}.


تعليمات الإجابة على المسائل:
هذا التطبيق مطلوب تقديمه في صورة خطوات منفصلة كالتالي:
أولا: ذكر مراجع البحث مرتّبة على مراتب مراجع الأقوال في التفسير.
ثانيا:
استخلاص الأقوال وتصنيفها ونسبتها.
ثالثا: تخريج الأقوال.
رابعا: توجيه الأقوال.
خامسا: دراسة الأقوال ونقدها وبيان الراجح منها.



تنبيهات:
- دراسة تفسير سورة آل عمران سيكون من خلال مجالس المذاكرة ، وليست مقررة للاختبار.
- مجالس المذاكرة تهدف إلى تطبيق مهارات التفسير التي تعلمها الطالب سابقا.
- لا يقتصر بحث المسائل على التفاسير الثلاثة الموجودة في المعهد.
- يوصى بالاستفادة من التفاسير الموجودة في جمهرة العلوم، وللطالب أن يستزيد من غيرها من التفاسير التي يحتاجها.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.



تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 20 شعبان 1439هـ/5-05-2018م, 03:05 AM
نورة الأمير نورة الأمير غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 749
افتراضي

1: المراد بالآيات المحكمة والآيات المتشابهة.


بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله, وبعد:
فإن القول في المحكم والمتشابه من المسائل التي اختلف فيها العلماء, وتعددت آراؤهم في تفسير المراد بها, وتبيين معناها, وسنحاول جاهدين بإذن الله استعراض أقوالهم وتوجيهها وتبيين الراجح منها بعون الله وتيسيره:

أولا: المراجع:
- تفسير الثوري.
- سنن سعيد بن منصور.
- صحيح البخاري.
- عمدة القاري.
- تفسير الطبري.
- تفسير ابن أبي حاتم.
- تفسير الزجاج.
- تفسير ابن عطية.
- تفسير ابن كثير.

ثانيا: الأقوال الواردة في المراد بالمحكم والمتشابه مع تخريجها نذكرها دون تمحيص أو توجيه وسيعقب ذلك تمحيصها وتصفيتها ثم توجيهها بإذن الله:

1- أن المحكمات ما أقره القوم ولم يحتج إلى تأويل, كآيات الخلق وأن من الماء كل شيء حي ونحوه, أما المتشابهات فهي ما اختلفوا فيه كيوم البعث والجزاء. قال به قوم وذكره الزجاج.

2- أن المحكمات: المفصلات المبينات الثابتات الأحكام، والمتشابهات هي التي فيها نظر وتحتاج إلى تأويل ويظهر فيها ببادئ النظر إما تعارض مع أخرى أو مع العقل، إلى غير ذلك من أنواع التشابه. قال به ابن عطية, وهذا نحو الحديث الصحيح، عن النبي عليه السلام: «الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور متشابهات» أي يكون الشيء حراما في نفسه فيشبه عند من لم يمعن النظر شيئا حلالا وكذلك الآية يكون لها في نفسها معنى صحيح فتشبه عند من لم يمعن النظر أو عند الزائغ معنى آخر فاسدا.

3- أن المحكمات ناسخه وحلاله وحرامه وما يؤمن به ويعمل، والمتشابه منسوخه ومقدمه ومؤخره وأمثاله وأقسامه وما يؤمن به ولا يعمل به. قال به ابن عباس, وابن مسعود, وعكرمة، وقتادة، والضحاك, ومقاتل بن حيّان، والرّبيع بن أنسٍ، والسّدّي, وذكره الطبري وابن كثير وابن عطية, ومن قال بهذا القول منهم من نص عليه نصا, ومنهم من ذكره بذكر بعض أمثلته فآليت ذكره تحت مظلة هذا القول للاتفاق في المقصد النهائي.
تخريج الأقوال:
-قول ابن عباس: روه الطبري وابن أبي حاتم، عن أبي صالحٍ، عن معاوية بن صالحٍ، عن علي بن أبي طلحة عنه.
-قول الضحاك: رواه النهدي في تفسير الثوري والطبري في تفسيره عن جويبر عنه, وعن سلمة بن نبيطٍ عنه بأكثر من طريق, وعن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ يحدّث، قال: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك, وذكر قوله, وعن أحمد بن حازمٍ عن أبي نعيمٍ عن سلمة عنه.
- قول ابن مسعود: رواه الطبري قال: حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في خبرٍ ذكره عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة الهمدانيّ، عنه.
- قول قتادة: رواه الطبري قال: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عنه.
- قول الربيع: رواه الطبري قال: حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عنه.
- قول السدي: رواه ابن أبي حاتم قال: حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ, وذكر قوله.
- قول مقاتل: رواه ابن أبي حاتم قال: قرأت على محمّد بن الفضل ثنا محمّد بن عليٍّ، أنبأ محمّد بن مزاحمٍ عن بكير بن معروفٍ، عنه.
ويقع تحت هذا القول ما اشتهر من تفسير المحكمات بأنها الآيات في آخر الأنعام, وهي قوله تعالى:{قل تعالوا أتل ما حرّم ربّكم عليكم}, إلى آخر هذه الآيات، والآيات المتشابهات {الم}, و{المر}, وما اشتبه على اليهود من هذه , ونحوها. وهو ما قال به ابن عباس, وذكره الطبري والزجاج وابن كثير, ويتضح هنا أن ابن عباس فسر المراد بذكر أحد أمثلته.
تخريج الأقوال:
- قول ابن عباس: رواه سعيد بن منصور في سننه وابن أبي حاتم عن أبي إسحاق، عن عبد اللّه بن قيسٍ، عنه.
- ورواه ابن أبي حاتمٍ، عن سعيد بن جبير عنه.
- ورواه الطبري قال: حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا العوّام، عمّن حدّثه عنه.

4- أن المحكمات ما فيه الحلال والحرام والفرائض والحدود، وما سوى ذلك فهو متشابه يصدق بعضه بعضا. قال بذلك مجاهد ويحيى بن يعمر وذكره الطبري وابن عطية وابن كثير.
تخريج الأقوال:
- قول مجاهد:
-رواه البخاري في صحيحه عنه.
-ورواه عبد بن حميد والطبري في تفسيره عن ابن أبي نجيح عنه.
-ورواه ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج عنه.
-قول يحيى بن يعمر: رواه ابن أبي حاتم والطبري عن إسحاق بن سويد عنه.
والأقوال الأخيرة وما شابهها يضعفها أن أهل الزيغ لا تعلق لهم بنوع مما ذكر دون سواه كما قال بذلك ابن عطية.

5- أن المحكمات هي التي فيهن حجة الرب وعصمة العباد ودفع الخصوم والباطل ليس لها تصريف ولا تحريف عما وضعن عليه، والمتشابهات لهن تصريف وتحريف وتأويل ابتلى الله فيهن العباد. قال به محمد بن جعفر بن الزبير ونص عليه محمد بن إسحاق بن يسار وذكره ابن عطية وابن كثير ونصا على كونه أحسن الأقوال وأوجهها, ولهذا قال تعالى: {فأمّا الّذين في قلوبهم زيغٌ} أي: ضلالٌ وخروجٌ عن الحقّ إلى الباطل {فيتّبعون ما تشابه منه} أي: إنّما يأخذون منه بالمتشابه الّذي يمكنهم أن يحرّفوه إلى مقاصدهم الفاسدة، وينزلوه عليها، لاحتمال لفظه لما يصرفونه فأمّا المحكم فلا نصيب لهم فيه؛ لأنّه دامغٌ لهم وحجّةٌ عليهم.
تخريج الأقوال:
- قول محمد بن جعفر بن الزبير: رواه ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق, عنه.
- قول ابن إسحاق: رواه ابن أبي حاتم قال: حدّثنا محمّد بن نحيى، ثنا أبو غسّان، ثنا سلمة قال: قال ابن إسحاق, وذكر قوله.

6- أن المحكم ما أحكم فيه قصص الأنبياء والأمم وبين لمحمد وأمته، والمتشابه هو ما اشتبهت الألفاظ به من قصصهم عند التكرير في السور بعضها باتفاق الألفاظ واختلاف المعاني. قال به ابن زيد وذكره الطبري وابن عطية.
تخريج الأقوال:
- قول ابن زيد: رواه الطبري في تفسيره عن يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ, وذكر قوله.

7- أن المحكمات من آي القرآن ما عرف العلماء تأويله وفهموا معناه وتفسيره والمتشابه ما لم يكن لأحد إلى علمه سبيل مما استأثر الله بعلمه دون خلقه. قال به جماعة من العلماء منهم جابر بن عبد الله بن رئاب وهو مقتضى قول الشعبي وسفيان الثوري وغيرهما, كما ذكره الطبري وابن عطية, وعقب على ذلك بقوله: أن الغيوب التي تأتي فهي من المحكمات، لأن ما يعلم البشر منها محدود وما لا يعلمونه وهو تحديد الوقت محدود أيضا، وأما أوائل السور فمن المتشابه لأنها معرضة للتأويلات, وفي بعض هذه العبارات التي ذكرنا للعلماء اعتراضات، وذلك أن التشابه الذي في هذه الآية مقيد بأنه مما لأهل الزيغ به تعلق، وفي بعض عبارات المفسرين تشابه لا يقتضي لأهل الزيغ تعلقا.

8- أن المحكمات بيّناتٌ واضحات الدّلالة، لا التباس فيها على أحدٍ من النّاس، والمتشابهات فيها اشتباهٌ في الدّلالة على كثيرٍ من النّاس أو بعضهم. قال به ابن كثير.

9- أن المحكمات فواتح السور, وذلك تفسيرا لقوله :(هن أم الكتاب) إذ منها يستخرج القرآن {الم ذلك الكتاب} منه استخرجت سورة البقرة {الم اللّه لا إله إلّا هو} منه استخرجت سورة آل عمران. قال به أبو فاختة وذكره الطبري وابن كثير وابن عطية وانتقده انتقادا حسنا فقال: وهذا قول متداع للسقوط مضطرب لم ينظر قائله أول الآية وآخرها ومقصدها وإنما معنى الآية الإنحاء على أهل الزيغ والإشارة بذلك أولا إلى نصارى نجران وإلى اليهود الذين كانوا معاصرين لمحمد عليه السلام فإنهم كانوا يعترضون معاني القرآن، ثم تعم بعد ذلك كل زائغ، فذكر الله تعالى أنه نزل الكتاب على محمد إفضالا منه ونعمة، وأن محكمه وبينه الذي لا اعتراض فيه هو معظمه والغالب عليه، وأن متشابه الذي يحتمل التأويل ويحتاج إلى التفهم هو أقله. ثم إن أهل الزيغ يتركون المحكم الذي فيه غنيتهم ويتبعون المتشابه ابتغاء الفتنة وأن يفسدوا ذات البين ويردوا الناس إلى زيغهم، فهكذا تتوجه المذمة عليهم.
تخريج الأقوال:
-قول أبو فاختة: رواه ابن أبي حاتم والطبري عن إسحاق بن سويد عنه.

10- أن المحكم ما كتب في جميع الكتب فليس من أهل دين إلا يرضى به. قال به سعيد بن جبير ومقاتل بن حيان وذكره ابن كثير.
تخريج الأقوال:
- قول سعيد: ذكره ابن كثير في تفسيره ورواه ابن أبي حاتم عن ابن لهيعة عن عطاء بن دينارٍ عنه.
- قول مقاتل: رواه ابن أبي حاتم قال: قرأت على محمّد بن الفضل بن موسى، ثنا محمّد بن عليّ بن الحسن بن شقيقٍ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، عن بكير بن معروفٍ، عنه.

ثالثا: توجيه الأقوال وتمحيصها:
نجيء الآن لمناقشة الأقوال السابقة, ومحاولة استخلاص ما تشابه منها فنضعه تحت بعض, وما لم يكن متشابها لكنه كان من باب اختلاف التنوع لا التضاد, فبعضها يصف المحكم والمتشابه من زاوية والبعض الآخر من زاوية أخرى, أما ما كان مناقضا فنجيء لمحاولة نقضه أو تبيين مكمن الخلل فيه, أو محاولة فهمه إن كان في ظاهره لبس:
- الأقوال التي نستبعدها لما فيها من نقص أو عدم اتساق لا سيما مع سياق الآية:
بالنسبة للقول الأول والتاسع والعاشر فيرد عليها بما أشار إليه ابن عطية من أن معنى الآية الإنحاء على أهل الزيغ الذين كانوا يعترضون معاني القرآن, فذكر الله تعالى أنه نزل الكتاب على محمد إفضالا منه ونعمة، وأن محكمه وبينه الذي لا اعتراض فيه هو معظمه والغالب عليه، وأن متشابهه الذي يحتمل التأويل ويحتاج إلى التفهم هو أقل, ثم إن أهل الزيغ يتركون المحكم الذي فيه غنيتهم ويتبعون المتشابه ابتغاء الفتنة وأن يفسدوا ذات البين ويردوا الناس إلى زيغهم، فهكذا تتوجه المذمة عليهم, وإذا فهمت هذا المعنى من سياق الآية عرفت أن تلك الأقوال لا تصح لأنها تتعارض مع كون مقصود الله أن المتشابه أقل, ولكن أهل الزيغ يبتغونه, إذ القول الأول يقول بما أقره القوم, وما أقره القوم قليل, ناهيك عن أن ما يقره الكفار من عصر لآخر يختلف وقد يقل ما يتفق فيه المؤمن مع الكافر بشكل تدريجي حتى يصل لمرحلة الإلحاد, وهي مرحلة تكاد لا تتفق معه فيها على أي مبدأ, فأين المحكم هنا بينك وبينه؟ وهذا مما يتعارض مع فحوى الآية الذي يقر بأن المحكم هو الغالب والمتشابه هو الأقل, كما أن من المحكم الإقرار بيوم البعث ونحو ذلك من المسلمات وكبائر الاعتقادات, وهذه مما لا يؤمن بها المشرك فهل يعني هذا أنها غير محكمة؟ فهذا مما يضعف هذا القول ويستبعده, وكذلك القول العاشر الذي ينسب المحكم إلى ما اتفقت عليه الأديان, إذ ما نراه اليوم من اختلافات هي جوهرية وتصب في العقيدة يقلل من قوة هذا القول, فالمحكم الذي قد تتفق عليه الأديان قد لا يكون إلا قليلا فلا يعول عليه, وهو مما لا يتناسب مع سياق الآية التي تنسب المحكم والمتشابه للقرآن نفسه لا قياسا على غيره, كما أن القول التاسع الذي ينسب المحكم لأوائل السور من الحروف والمقطعة ونحوها مناقض للأقوال التي هي أقوى منه سندا وقائلا بأن أوائل السور أصلا هي من المتشابه بلا شك.
أما القول السادس والرابع -فيما يخص المتشابه أما المحكم فيضاف للقول الثالث ويعتبر تابعا له- فهما كذلك مردودان من حيث عدم مناسبتهما لسياق الآية, فالسادس يصف المحكم بأنه ما اتفقت فيه القصص والمتشابه ما اختلفت فيه ألفاظها, والرابع أن المتشابه ما كان يشبه بعضه بعضا من الآيات من غير الأحكام والفرائض والحدود, وهما مبنيان على أن التشابه في ذات الألفاظ والأساليب القرآنية لا أن الاشتباه يحصل للقارئ بعدم معرفة المقصود والذي يبدو هو المراد من الآية, لأن الآية ذمت من يستغل هذه الآيات المشتبهات في محاولة تأويلها على هواه, مع تركه للمحكم البين الواضح, وهذا ما لا يتناسب مع هذين القولين.
أما القول السابع وهو مما يبدو في ظاهره صحيحا إلا أنه يحمل في داخله مغالطات أوضحها ابن عطية, فهو يقول بأن المحكم ما عرف العلماء تأويله ومعناه والمتشابه ما استأثر الله بعلمه, ورغم أن هذا يبدو للوهلة الأولى قابلا للصحة إلا أننا نعود لسياق الآية والذي من المهم أن نؤكد أنه دائما ما يجب أن يكون حكما في الحكم على صحة الأقوال, فسياق الآية لا يرمي إلى القول بأن المتشابه مما لا يعلمه إلا الله, بل أن المتشابه مما يتبعه أهل الزيغ ويؤلونه على أهوائهم, أما أهل العلم -وعلى الخلاف بأي القولين أصح هل هم يعرفون تأويله أم أنهم يؤمنون بكونه من عند الله دون معرفة- فكلاهما يبين موقف أهل العلم الذي يدل على الرسوخ في العلم, وعدم اتباع الهوى مع وجود المحكم البين الواضح, وعلى الرغم مما في هذا القول من قوة خصوصا إذا فسرت الآية بأن الراسخين في العلم لا يعلمون معناه وإنما يفوضون الأمر لله دون علم بالمعنى -فإن هذا مما يقوي هذا القول-, لكن لوجود احتمالية أخرى قوية بأن الراسخين يعلمون معناه, كما كان ابن عباس -رضي الله عنه- يقول بأنه ممن يعلم تأويله, وكما دعا له رسول الله بمعرفة تأويله, بل وكما يؤكد النص والعقل أن الأصل معرفة تأويله إذ أوضح الله في أكثر من موضع أن هذا القرآن أنزل "ليدبروا ءاياته", وكيف يفهمه ويتدبر معناه من لا يعلم تأويله أو يسعى لذلك, بل وهل الهدف من الآيات إلا إرشاد الناس لفهمها والعمل بها لا إنزالها كطلاسم لا يراد فهمها وتحليلها, فإن كل ذلك مما يقلل من احتمالية صحة هذا القول.

رابعا: القول الراجح في المسألة:
يتبقى لدينا الآن بعد استبعاد الأقوال السابقة القول الثاني والثالث والخامس والثامن, وهذه الأقوال أجدها متشابهة متقاربة, وهي بإذن الله القول الراجح في هذه المسألة, وجماعها أن المحكم مما اتضح وبان للناس فلا يحتاج لتأويل, ويدخل تحته ما اجتمع على القول به رجال من كبار السلف كابن عباس وقتادة ومجاهد وغيرهما ممن ذكرت أقوالهم تحت القول الثالث, وهو أن المحكم هو الناسخ والحلال والحرام وما يعمل به ويؤمن به, وهذا هو غالب المحكم وإن لم يكن تعريفا دقيقا له, لكنه يدخل تحت تعريفه كمثال له, وقد تشذ بعض الأحكام مما تشابهت على الناس, كما أن المتشابه هو ما كان منسوخا أو لا يعمل به مما اشتبه فيه القول الراجح ولم يتضح, ومما يقويه أن القائل به نخبة من السلف لهم باع في تفسير القرآن وفهمه, لكن العبارة الأشمل والأجمع في تعريف المحكم والمتشابه هي ما قاله ابن عطية وابن كثير ومحمد بن جعفر بن الزبير ومحمد بن إسحاق بن يسار, وكل أقوالهم تصف المحكم والمتشابه بطريقة أكثر شمولية, وجامعة لأكثر من زاوية, وخلاصة أقوالهم: أن المحكم هو البين الواضح المفصل لجميع الناس, والمتشابه هو ما اشتبه على الناس فيحتاج إلى تأويل لتعارض ظاهري أو التباس أو نحوه, وأن المحكم هو الحجة وإليه الاحتكام, والمتشابه مما يبتلي به الله عباده ليعلم به فساد قلوبهم من صلاحها, فأما أهل الزيغ فيتبعون ما تشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله, وأما أهل العلم فيؤمنون به ويرجعونه إلى المحكم.
فهذا بإذن الله هو القول الجامع الراجح في المسألة, والحمدلله رب العالمين.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 21 شعبان 1439هـ/6-05-2018م, 12:46 AM
ضحى الحقيل ضحى الحقيل غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 666
افتراضي

1: المراد بالآيات المحكمة والآيات المتشابهة.


قال تعالى في سورة آل عمران:{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7)}



قال ابن عطية الكتاب في هذه الآية القرآن بإجماع المتأولين، وقد أجمل المفسرون القول في معنى المحكم والمتشابه ثم ذكروا أقوال المفسرين وناقشوها وخلاصة ما أجملوه أن:


المحكم:
هو الواضح البين الذي لا التباس فيه على أحد من الناس.
والمتشابه:
هو الذي يحتاج إلى إبانه ويظهر فيه لأول النظر إما تعارض مع آيات أخرى، أو مع العقل، أو غير ذلك، ويكون هذا التشابه لكل الناس أو لبعضهم، ويكون هذا الاشتباه في اللفظ والتركيب لا في المراد، وهن مما ابتلى الله بهن العباد كما ابتلاهم بالحلال والحرام.
مثال:
أن نصارى نجران قالوا للنبي عليه السلام، أليس في كتابك أن عيسى كلمة وروح منه؟ قال: «نعم»، قالوا: فحسبنا إذا.
وتركوا الاحتجاج بقوله تعالى {إن هو إلا عبدٌ أنعمنا عليه}[الزّخرف: 59] وبقوله: {إنّ مثل عيسى عند اللّه كمثل آدم خلقه من ترابٍ ثمّ قال له كن فيكون} [آل عمران: 59] وغير ذلك من الآيات المحكمة المصرّحة بأنّه خلقٌ من مخلوقات اللّه، وعبدٌ، ورسولٌ من رسل اللّه.
فمن رد المتشابه إلى المحكم فقد اهتدى ومن عكس انعكس.
قال ابن كثير: " ولهذا قال تعالى: {هو الّذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكماتٌ هنّ أمّ الكتاب} أي: أصله الّذي يرجع إليه عند الاشتباه {وأخر متشابهاتٌ} أي: تحتمل دلالتها موافقة المحكم، وقد تحتمل شيئًا آخر من حيث اللّفظ والتّركيب، لا من حيث المراد.


وقد ذكر هذا القول الزجاج ووصفه بأنه قول كثير من الناس، وهو بين واضح ،كما نقل ابن عطية مقتضاه عن محمد بن جعفر بن الزبير، ووصفه بأنه أحسن الأقوال، ونقله ابن كثير عن محمّد بن إسحاق بن يسارٍ، وقال عنه أنه أحسن ما قيل في الآية.

بعد ذلك نقل المفسرون عبارات السلف في تفسير هذه الآية وناقشوها وملخص ما ذكروه:

- أولا: روايات في تحديد آيات محكمة وآيات متشابهة
كالذي نقله الزجاج وابن عطية وابن كثير عن ابن عباس رضي الله عنهما إنّه قال:
المحكمات: الآيات في آخر الأنعام, وهي قوله تعالى:{قل تعالوا أتل ما حرّم ربّكم عليكم}, إلى آخر هذه الآيات، والآيات المتشابهات {الم}, و{المر}, وما اشتبه على اليهود من هذه , ونحوها، وأضاف ابن عطية أن من المحكم الذي ذكره قوله تعالى { وقضى ربّك ألّا تعبدوا إلّا إيّاه}[الإسراء: 23]

قال ابن عطية تعليقا على هذا القول: وهذا عندي مثال أعطاه في المحكمات.

- ثانيا: تحديد أنواع للمحكم والمتشابه

ومن ذلك ما نقله ابن عطية وابن كثير عن ابن عباس:
المحكمات:
ناسخه وحلاله وحرامه وحدوده وفرائضه وما يؤمر به ويعمل.

والمتشابه:
منسوخه ومقدمه ومؤخره وأمثاله وأقسامه وما يؤمن به ولا يعمل به.
وقال ابن مسعود وغيره المحكمات الناسخات، والمتشابهات المنسوخات.
وقال بهذا القول قتادة والربيع والضحاك وعكرمة، ومجاهدٍ، ومقاتل بن حيّان، والسّدّي

قال ابن عطية عن هذا القول أيضا: وهذا عندي على جهة التمثيل أي يوجد الإحكام في هذا والتشابه في هذا، لا أنه وقف على هذا النوع من الآيات.

ومنه أيضا قول مجاهد وعكرمة:
المحكمات ما فيه الحلال والحرام، وما سوى ذلك فهو متشابه يصدق بعضه بعضا،
قال ابن عطية تعليقا على هذا القول: وهذه الأقوال وما ضارعها يضعفها أن أهل الزيغ لا تعلق لهم بنوع مما ذكر دون سواه.

ومن ذلك قول ابن زيد:
المحكم ما أحكم فيه قصص الأنبياء والأمم وبين لمحمد وأمته، والمتشابه هو ما اشتبهت الألفاظ به من قصصهم عند التكرير في السور بعضها باتفاق الألفاظ واختلاف المعاني، وبعضه بعكس ذلك نحو قوله:{حيّةٌ تسعى}[طه: 20] و{ثعبانٌ مبينٌ}[الأعراف: 107]ونحو:{اسلك يدك}و{أدخل يدك}»

- ثالثا: من أقوالهم تشابه القول الذي رجحه المفسرون، لكنهم حددوا أنواعا يوافقون على بعضها ولا يوافقون على الآخر.
قال ابن عطية: وقالت جماعة من العلماء منهم جابر بن عبد الله بن رئاب وهو مقتضى قول الشعبي وسفيان الثوري، وغيرهما: «المحكمات من آي القرآن ما عرف العلماء تأويله وفهموا معناه وتفسيره والمتشابه ما لم يكن لأحد إلى علمه سبيل مما استأثر الله بعلمه دون خلقه» قال بعضهم: وذلك مثل وقت قيام الساعة وخروج يأجوج ومأجوج والدجال ونزول عيسى ونحو الحروف المقطعة في أوائل السور.

علق ابن عطية على هذا القول بما معناه أن الغيوب من المحكمات، لأن ما يعلم البشر منها محدود وما لا يعلمونه وهو تحديد الوقت محدود أيضا، وأما أوائل السور فمن المتشابه لأنها معرضة للتأويلات

- رابعا: تفسير المتشابه بأنه ما يصدق بعضه بعضا.
ومن ذلك ما نقله ابن كثير عن مجاهدٍ: المتشابهات يصدّق بعضهنّ بعضًا.
علق ابن كثير على هذا بقوله:
"وهذا إنّما هو في تفسير قوله:{كتابًا متشابهًا مثاني}[الزّمر: 23]هناك ذكروا: أنّ المتشابه هو الكلام الّذي يكون في سياقٍ واحدٍ، والمثاني هو الكلام في شيئين متقابلين كصفة الجنّة وصفة النّار، وذكر حال الأبرار ثمّ حال الفجّار، ونحو ذلك فأمّا هاهنا فالمتشابه هو الّذي يقابل المحكم"


الترجيح :
وبذلك يتبين أن ما قرره المفسرون من أن المحكم ما لا اشتباه فيه والمتشابه ما يرد على لفظه الاشتباه بالتفصيل الذي ذكر في أول البحث هو الصواب بإذن الله

والله أعلم
والحمد لله رب العالمين

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 21 شعبان 1439هـ/6-05-2018م, 02:39 AM
علاء عبد الفتاح محمد علاء عبد الفتاح محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 599
افتراضي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس مذاكرة القسم الأول من تفسير سورة آل عمران
(الآيات 1-9)
1: المراد بالآيات المحكمة والآيات المتشابهة.


 أولاً: استخلاص الأقوال وتصنيفها ونسبتها،
اختلف أهل التأويل في المراد بقوله تعالى: "منه آياتٌ محكماتٌ هنّ أمّ الكتاب وأخر متشابهاتٌ"؛
== فأما القول الأول:
فقيل المحكمات من آي القران المعمول بهن وهن الناسخات أو المثبتات الأحكام والمتشابهات من آية المتروك العمل بهن المنسوخات
وقد قال بهذا القول: ابن مسعود، وابن عباس، وقتادة، والربيع والضحاك، وذكره ابن عطية وابن كثير.
قال ابن جرير: حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {هو الّذي أنزل عليك الكتاب} إلى: {وأخر متشابهاتٌ} فالمحكمات الّتي هي أمّ الكتاب: النّاسخ الّذي يدان به ويعمل به؛ والمتشابهات: هنّ المنسوخات الّتي لا يدان بهنّ.

== وأما القول الثاني:
فقيل الآيات المحكمات هي: الآيات في آخر الأنعام، وهي قوله تعالى:{قل تعالوا أتل ما حرّم ربّكم عليكم}, إلى آخر هذه الآيات، والآيات المتشابهات {الم}, و{المر}, وما اشتبه على اليهود من هذه , ونحوها.
وقد قال بهذا القول ابن عباس وروي عن سعيد ابن جبير، وذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: فِي قَوْلِهِ: مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ قَالَ: مِنْ هَاهُنَا قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ «3» إِلَى ثَلاثِ آيَاتٍ وَمِنْ هَاهُنَا وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إلا إياه «4» إلى ثالث آيَاتٍ بَعْدَهَا- وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ نَحْوُ ذَلِكَ. رواه ابن أبي حاتم.

== وأما القول الثالث:
فقيل المحكمات هي ما فيه من الحلال والحرام؛ والمتشابه: ما أشبه بعضه بعضًا في المعاني وإن اختلفت ألفاظه.
وقد قال بهذا القول: مجاهد، عكرمة.
قال ابن جرير: حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله:
{منه آياتٌ محكماتٌ} ما فيه من الحلال والحرام
وما سوى ذلك، فهو متشابه يصدّق بعضه بعضًا وهو مثل قوله: {وما يضلّ به إلاّ الفاسقين} ومثل قوله: {كذلك يجعل اللّه الرّجس على الّذين لا يؤمنون} ومثل قوله: {والّذين اهتدوا زادهم هدًى وآتاهم تقواهم}.
== وأما القول الرابع:
فقيل المحكمات هي التي لا تحتمل غير وجه واحد، والمتشابهات ما تحتمل أكثر من وجه.
وقال بهذا القول محمد بن جعفر بن الزبير، وذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير وقال الزجاج عنه أنه قول كثير من الناس.
قال الطبري: حدّثني محمّد بن جعفر بن الزّبير: {هو الّذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكماتٌ} فيهنّ حجّة الرّبّ وعصمة العباد، ودفع الخصوم والباطل، ليس لها تصريفٌ ولا تحريفٌ عمّا وضعت عليه، وأخر متشابهاتٌ في الصّدق لهنّ تصريفٌ وتحريفٌ وتأويلٌ ابتلى اللّه فيهنّ العباد كما ابتلاهم في الحلال والحرام، لا يصرفن إلى الباطل ولا يحرّفن عن الحقّ

== وأما القول الخامس:
فقيل إن المحكمات هي الآيات التي أحكمت من قصص الأمم ورسلهم، والمتشابهات ما اشتبه من قصصهم عند التكرير معنا واختلف لفظاً أو اشتبه لفظاً واختلف معناً.
قال به ابن زيد،
قال ابن جرير: -
حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ وقرأ: {الر كتابٌ أحكمت آياته ثمّ فصّلت من لدن حكيمٍ خبيرٍ} قال: وذكر حديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في أربعٍ وعشرين آيةً منها، وحديث نوحٍ في أربعٍ وعشرين آيةً منها.
ثمّ قال: {تلك من أنباء الغيب} ثمّ ذكر: {وإلى عادٍ} فقرأ حتّى بلغ: {واستغفروا ربّكم} ثمّ مضى، ثمّ ذكر صالحًا وإبراهيم ولوطًا وشعيبًا، وفرغ من ذلك، وهذا يقينٌ، ذلك يقينٌ أحكمت آياته ثمّ فصّلت، قال: والمتشابه ذكر موسى في أمكنةٍ كثيرةٍ، وهو متشابهٌ، وهو كلّه معنًى واحدٌ ومتشابهٌ: {اسلك فيها}، {احمل فيها}، {اسلك يدك} {أدخل يدك}، {حيّةٌ تسعى}، {ثعبانٌ مبينٌ}
== وأما القول السادس:
أن المحكم من القرآن ما عرف العلماء تأويله، وفهموا معناه وتفسيره؛ والمتشابه: ما لم يكن لأحدٍ إلى علمه سبيلٌ ممّا استأثر اللّه بعلمه دون خلقه، مثل قيام الساعة وفناء الدنيا أيضا الحروف المقطعة في أوائل السور، وما أشبه ذلك فعلمها لا يكون إلا لله،
ذكر هذا القول عن جابر بن عبد الله بن رئاب، وذكر ابن عطية عن هذا القول أنه مقتضى قول الشعبي وسفيان الثوري وغيرهما.


 ثانيا: تخريج الأقوال.
== تخريج الأقوال في القول الأول
-فأما قول ابن عباس
فرواه الطبري في تفسيره عن علي ابن أبي طلحة، وأبي صالح عنه،
-وأما قول ابن مسعود
فذكره عنه ابن عطية ولم أجده في المصادر التي بحثت فيها.
-وأما قول قتادة
فرواه الطبري في تفسيره معمر عنه.
-وأما قول الربيع
فرواه ابن أبي حاتم عن سليمان بن عامر عنه، ورواه الطبري في تفسيره عن أبي جعفر عنه،
-وأما قول الضحاك
فرواه الطبري في تفسيره عن جويبر عنه.
== تخريج الأقوال في القول الثاني
-أما قول ابن عباس
فرواه ابن أبي حاتم في تفسيره عنه،
-وأما قول سعيد بن جبير
فذكر ابن أبي حاتم أنه مروي عنه
== تخريج الأقوال في القول الثالث
-فأما قول مجاهد
فرواه البخاري في صحيحه عنه، ورواه ابن جرير في تفسيره عن أبي نجيح عنه.
== تخريج الأقوال في القول الرابع
-فأما قول محمد بن جعفر بن الزبير
قد رواه ابن جرير في تفسيره عن محمد ابن إسحاق عنه.
== تخريج الأقوال في القول الخامس
-قول ابن زيد رواه الطبري عن ابن وهب عنه.
== تخريج الأقوال في القول السادس
قول جابر بن عبد الله بن رئاب أخرجه الطبري في تفسيره.


 ثالثاً: توجيه الأقوال.
== فأما القول الأول:
فقيل المحكمات من آي القران المعمول بهن وهن الناسخات أو المثبتات الأحكام والمتشابهات من آية المتروك العمل بهن المنسوخات
وتوجيه هذا القول
هذا القول محمول على أن الآيات الناسخة هي المحكمة لأنها مثبتة لفظاً ويعمل بالحكم التي أتت به، وأما المتشابهات فهي الآيات المنسوخة لأنها قد تكون نسخت لفظاً أو حكماً أو كلاهما، وهذا القول هو من قبيل المثال.
== وأما القول الثاني:
فقيل الآيات المحكمات هي: الآيات في آخر الأنعام, وهي قوله تعالى:{قل تعالوا أتل ما حرّم ربّكم عليكم}, إلى آخر هذه الآيات، والآيات المتشابهات {الم}, و{المر}, وما اشتبه على اليهود من هذه , ونحوها.
وتوجيه هذا القول:
بأن الآيات التي ذكرها الصحابي ابن عباس رضي الله عنه هي من قبيل المثال.
== وأما القول الثالث:
فقيل المحكمات هي ما أحكم اللّه فيه بيان حلاله وحرامه؛ والمتشابه: ما أشبه بعضه بعضًا في المعاني وإن اختلفت ألفاظه.
== وأما القول الرابع:
فقيل المحكمات هي التي لا تحتمل غير وجه واحد، والمتشابهات ما تحتمل أكثر من وجه.
وتوجيه هذا القول
بأنه إذا كانت الآية واضحة الدلالة على المعنى الذي نزلت به فإن أهل الزيغ لن يكون لهم حجة فيها على ما يريدون من الباطل، وإذا كانت تحتمل أكثر من وجه فهي المتشابه فيتتبعون هذه الآيات لأجل الفتنة والتأويل الفاسد الذي يريدون.
== وأما القول الخامس:
فقيل إن المحكمات هي الآيات التي أحكمت من قصص الأمم ورسلهم، والمتشابهات ما اشتبه من قصصهم عند التكرير معنا واختلف لفظاً أو اشتبه لفظاً واختلف معناً.
== وأما القول السادس:
أن المحكم من القرآن ما عرف العلماء تأويله، وفهموا معناه وتفسيره؛ والمتشابه: ما لم يكن لأحدٍ إلى علمه سبيلٌ ممّا استأثر اللّه بعلمه دون خلقه، مثل قيام الساعة وفناء الدنيا أيضا الحروف المقطعة في أوائل السور، وما أشبه ذلك فعلمها لا يكون إلا لله،
وتوجيه هذا القول
أنه مبني على ما وقع من وفد نجران لما تتبعوا الحروف المقطعة في أوائل السور من أجل معرفة مدة بقاء النبي صلى الله عليه وسلم وأمته، فكانت هي طريقهم من أجل عدم التسليم للقرآن، فكانت من جنس المتشابه.


 رابعاً: دراسة الأقوال ونقدها وبيان الراجح منها
=فأما القول الأول والثاني فهما من قبيل التمثيل على المحكم والمتشابه لا أن المحكم موجود في الناسخ والمتشابه موجود في المنسوخ، وقد ذهب لهذا ابن عطية في تفسيره.
=وأما القول الثالث: ففيه أن التشابه المعاني ولكن تختلف الألفاظ، وهذا مع صحته في نفسه لكن ليس المقصود في السياق هنا فهو غير متعلق بما فعله المبطلون في الآيات التي تلي هذه الآية من ابتغاء الفتنة بتأويل المتشابه
=وأما القول الرابع فهو أحسن الأقوال وقول الأكثر كما ذكر ابن عطية والزجاج عنه وهو أكثرها مناسبة لسياق الآيات وما حدث مع وفد نجران.
=والقول الخامس فالكلام عليه هو نفسه المتقدم في القول الثالث
=وأما القول السادس؛ فهو قريب من القول الرابع ولكنه أقرب إلى أن يكون مثالا ومع هذا فإن الأمور الغيبية لا يسلم للقول بأنها من المتشابه كلها فإن منها ما وقع فهو من المحكم ومنها ما يكون في المستقبل وفيه أقوال

الترجيح
الذي يظهر من هذه الأقوال أنها تنقسم إلى قسمين:
=أحدهما: تحدد آيات معينة ينحصر فيها المحكم والمتشابه من الآيات، أو أنها مثال للمحكم والمتشابه منها.
وهذا القسم موجود في الأقوال: الأول والثاني

=الآخر: بيان معنى الإحكام والتشابه.
وهذا القسم موجود في الأقوال: المتبقية إجمالاً، حيث أن بعض الأقوال يكون في تعريف المحكم ثم يضرب مثال للمتشابه ولا يعرفه أو العكس لكن مجموع هذه الأقوال يبين تعريف المحكم والمتشابه، وقد جمعت في القول الرابع

الذي يترجح هو أن الآيات المحكمات هي التي ليس لها تصريف ولا تحريف عما وضعن له، والمتشابهات لهن تصريف وتحتمل أكثر من تأويل.
وهذا المعنى هو الموافق لسياق الآيات التي تلي هذه الآية حيث بين الله سبحانه وتعالى أن الذين في قلوبهم زيغ يتبعون المتشابهات بقصد ابتغاء إثارة الفتن وابتغاء تأويل الآيات على خلاف الشرع، فيحملونها على وجه تخالف آيات أخرى أو شيء آخر من الشرع الحكيم
وهذه العلة هي ما أتى في الأثر الذي رواه البخاري عن عائشة رضي اللّه عنها، قالت: تلا رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم هذه الآية: {هو الّذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكماتٌ هنّ أمّ الكتاب وأخر متشابهاتٌ} ، فأمّا الّذين في قلوبهم زيغٌ فيتّبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة، وابتغاء تأويله، وما يعلم تأويله إلّا اللّه، والرّاسخون في العلم يقولون: آمنّا به كلٌّ من عند ربّنا وما يذّكّر إلّا أولو الألباب قالت: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «فإذا رأيت الّذين يتّبعون ما تشابه منه فأولئك الّذين سمّى اللّه فاحذروهم» ). [صحيح البخاري: 6/33-34] ورواه الترمذي بلفظ قريب عنها.
وما رواه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة حيث قال: في قوله تعالى منه آيات محكمات قال المحكم ما يعمل به فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشبه منه ابتغاء الفتنة قال معمر وكان قتادة إذا قرأ هذه الآية فأما الذين في قلوبهم زيغ قال إن لم تكن الحرورية أو السبئية فلا أدري من هم ولعمري لقد كان في أصحاب بدر والحديبية الذين شهدوا مع رسول الله بيعة الرضوان من المهاجرين والأنصار خبر لمن استخبر وعبرة لمن اعتبر لمن كان يعقل أو يبصر إن الخوارج خرجوا وأصحاب رسول الله يومئذ كثير بالمدينة وبالشام وبالعراق وأزواجه يومئذ أحياء والله إن خرج منهم ذكر ولا أنثى حروريا قط ولا رضوا الذي هم عليه ولا ما لؤوهم فيه بل كانوا يحدثون بعيب رسول الله إياهم ونعته الذي نعتهم به وكانوا يبغضونهم بقلوبهم ويعادونهم بألسنتهم ويشتد والله أيديهم عليهم إذا لقوهم ولعمري لو كان أمر الخوارج هدى لاجتمع ولكنه كان ضلالة فتفرق وكذلك الأمر إذا كان من عند غير الله وجدت فيه اختلافا كثيرا فقد ألاصوا هذا الأمر منذ زمان طويل فهل أفلحوا فيه يوما قط أو أنجحوا يا سبحان الله كيف لا يعتبر آخر هؤلاء القوم بأولهم إنهم لو كانوا

وهذا القول هو الذي ذهب ابن جرير إليه حيث بين أن المراد محكمات في البيان والدلالة على ما وضعن دلالة عليه، وأما المتشابهات فالتي تحتمل أكثر من وجه أو تصريف،
وهذه الآيات المتشابهات يتعامل معها المؤمنون بردها إلى المحكمات، وأما أهل الزيغ فيحملونها على وجوه تحقق مرادهم من إحداث الفتنة.
والله أعلم.


 خامساً: المراجع
من دواوين السنة:
صحيح البخاري، وسنن الترمذي.
ومن المصادر الأصلية:
تفسير عبد الرزاق بن همام الصنعاني، تفسير ابن جرير الطبري، تفسير ابن أبي حاتم،
ومن المصادر الناقلة:
تفسير الزجاج، وابن عطية، وتفسير ابن كثير.







2: الوقف والابتداء في قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا}.

 أولاً: استخلاص الأقوال وتصنيفها ونسبتها،
==القول الأول:
الوقف على لفظ الجلالة، والابتداء يكون بقوله "والراسخون في العلم يقولون". فهو كلام مقطوع من الكلام الأول
وعليه فإن المتشابه حصر علمه في الله وحده وأما العلماء فإنهم يقولون "آمنا به كل من عند ربنا".
القائلون به
عائشة وابن عباس وعروة ابن الزبير، وأبي نهيك
روي ابن أبي حاتم عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ وَأَبِي نَهِيكٍ فِي قَوْلِهِ: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ في العلم قَالَ:
إِنَّكُمْ تَصِلُونَ هَذِهِ الآيَةَ وَهِيَ مَقْطُوعَةٌ ثُمَّ يَقْرَأُ: وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا به كل من عند رَبِّنَا فَأَثْنَى عَلَيْهِمْ إِلَى قَوْلِهِ الَّذِينَ قَالُوا وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ ثُمَّ قَالَ: وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ.
==وأما القول الثاني:
فقيل إن الراسخون معطوفة على لفظ الجلالة ، فهم داخلون في علم المتشابه في كتاب الله ومع علمهم يقولون "آمنا به كل من عند ربنا".
قال بهذا القول ابن عباس، وقال: «أنا ممن يعلم تأويله»،
وقال مجاهد: «والراسخون في العلم يعلمون تأويله ويقولون آمنا به». وكان يقول " لَوْ لَمْ يَعْلَمُوا تَأْوِيلَهُ لَمْ يَعْلَمُوا نَاسِخَهُ مِنْ مَنْسُوخِهِ، وَلَمْ يَعْلَمُوا حَلالَهُ مِنْ حَرَامِهِ، وَلا مُحْكَمَهُ مِنْ مُتَشَابِهِهِ."
القائلون به:
ابن عباس ومجاهد والربيع ومحمد بن جعفر بن الزبير وغيرهم.

 ثانيا: تخريج الأقوال
==تخريج الأقوال في القول الأول:
-فأما قول عائشة:
فرواه ابن المنذر في تفسيره، و ابن أبي حاتم في تفسيره، والطبري في تفسيره، جميعهم عن ابن أبي مليكة عنها.
-وأما قول ابن عباس:
رواه الطبري في تفسيره عن طاوس عنه.
-وأما قول عروة بن الزبير:
فرواه ابن أبي حاتم في تفسيره، والطبري في تفسيره، كلاهما عن هشام بن عروة عنه.
-وأما قول أبي نهيك:
فرواه ابن أبي حاتم في تفسيره، عن أبي منيب عنه، والطبري في تفسيره عن عبيد الله عنه.

==تخريج الأقوال في القول الثاني:
-فأما قول ابن عباس
فرواه ابن المنذر في تفسيره، وابن أبي حاتم في تفسيره، والطبري في تفسيرهم جميعهم عن مجاهد عنه، وذكره ابن عطية
-وأما قول مجاهد:
فرواه ابن أبي حاتم في تفسيره عن أبي مصلح عنه، والطبري في تفسيره عن الربيع عنه.
-وأما قول محمد بن إسحاق
ورواه عنه ابن أبي حاتم في تفسيره عن ابن إدريس عنه.
-وأما قول محمد بن جعفر بن الزبير
رواه الطبري في تفسيره عن ابن إسحاق عنه.

 ثالثاً: توجيه الأقوال.
==أما القول الأول:
فأصحابه إنما ذهبوا لهذا لأنه كما تقدم في بيان المتشابه أن منه مغيبات كعلم الساعة ونزول عيس وغيرها وهذه لا يعلمها أي أحد سوى الله.
==وأما القول الثاني:
هو أن الراسخون في العلم إنما مدحوا وكانوا راسخين لعلمهم بقدر زائد على ما يعلمه الجميع وهو المحكم، وهذا القدر هو علمهم بقدر من المتشابه.
 رابعاً: دراسة الأقوال ونقدها وبيان الراجح منها.
المتأمل للقولين المذكورين يجد أنه يمكن الجمع بينهما حيث أن كل قول منهما له متعلق حمل على القول به
فالقول الأول لما كان متعلقه المتشابه الذي اختص الله بعلمه ولم يشاركه في أحد غيره كان لابد من حصر العلم بهذا المتشابه في الله سبحانه وتعالى وأن يفرق بينه وبين أهل العلم وغيرهم.
وأما القول الثاني فكان متعلقه المتشابه الذي لم يبين لنا الله سبحانه وتعالى أنه مختص به، وهذا القدر يعلمه الراسخون في العلم بما أتاهم الله من الفقه في دينه حتى تمكنوا من معرفة المتشابه ورده إلى المحكم لمعرفة التأويل الصواب له والذي لا يخالف غيره.
وكلا القولين صحيح من حيث متعلقه الذي علق به.
الترجيح
أن كلا القولين صحيح ويمكن الجمع بينها بأن يذكر كل قول ويبين متعلقه معه فيقال:
إن الله سبحانه وتعالى يختص بعلم المتشابه الذي خص به نفسه سبحانه دون من سواه كوقت قيام الساعة فلا يعلمها أحد سواه ولا الراسخون في العلم، وأما القدر من المتشابه الذي لم يختص به الله لنفسه فيعلمه الراسخون في العلم لما لهم من الأهلية التي أمتن الله بها عليهم فتمكنوا من معرفة هذا المتشابه كل بقدره،
ويصير الوصل عندنا محمول على معرفة الراسخين لقدر من المتشابه لا تمامه،
وعلى الوقف، أن المقصود المتشابه الذي اختص الله بعلمه مع بقاء الراسخون يعلمون قدرا من المتشابه ولهذا كانوا على هذه الصفة، وهذا القول هو الذي ذهب إليه ابن عطية.
والله أعلم
 خامساً: المراجع
من دواوين السنة:
بحثت في صحيح البخاري ومسلم، وسنن سعيد ابن منصور.
ومن المصادر الأصلية:
تفسير عبد الرزاق بن همام الصنعاني، تفسير ابن جرير الطبري، وتفسير ابن المنذر النيسابوري، وتفسير ابن أبي حاتم،
ومن المصادر الناقلة:
تفسير ابن عطية، وتفسير ابن كثير.
والله أعلم


والحمد لله رب العالمين

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 21 شعبان 1439هـ/6-05-2018م, 05:28 AM
سارة المشري سارة المشري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 544
افتراضي

حرّر القول في :
: الوقف والابتداء في قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا}.


أولا: ذكر مراجع البحث مرتّبة على مراتب مراجع الأقوال في التفسير.
المرتبة الأولى: كتب التفسير في دواوين السنّة
- الجامع في علوم القرآن لعبد الله بن وهب المصري ت ( 197 )
- صحيح البخاري ت (256)

وبحثت في مستدرك الحاكم ولم يذكره ، ولم أجده عند الترمذي كذلك .

المرتبة الثانية: كتب التفسير في جوامع الأحاديث :
- تفسير السيوطي ،جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت911هـ)
وبحثت في جامع الأصول في أحاديث الرسول، لأبي السعادات ولم أجده .
وكذلك لم أجده في مجمع الزوائد للهيثمي .

المرتبة الثالثة: التفاسير المسندة المطبوعة
- تفسير عبدالرزاق (ت : 211)
- جامع البيان أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :
- تفسير القرآن العظيم ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (327هـ):
- معالم التنزيل لأبي محمد الحسين بن مسعود البغوي (ت: 516هـ).

المرتبة الرابعة: التفاسير المسندة التي طُبع شيء منها :
لم أجده في تفسير سفيان الثوري ، برواية النهدي .
ولم يذكره ابن المنذر في تفسيره .

المرتبة الخامسة: أجزاء وصحف تفسيرية مطبوعة :
- تفسير مجاهد بن جبر ، ( تفسير آدم بن أبي إياس ) ،من رواية عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ)
ولم أجده في تفسير مسلم بن خالد الزنجي .

المرتبة السادسة: التفاسير التي تنقل أقوال السلف في التفسير
- المحرر الوجيز لابن عطية(ت:542هـ).
- النكت والعيون للماوري(ت:450هـ).
- زاد المسير لابن الجوزي (ت:597هـ).
- الجامع لأحكام القرآن للقرطبي(ت:671هـ).
- تفسير ابن كثير لإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ

المرتبة الثامنة: شروح الأحاديث :
- فتح الباري لابن حجر: ت ( 852ه)
- عمدة القاري لمحمود بن أحمد بن موسى العيني ت :( 855)
- إرشاد الساري لأحمد بن محمد القسطلاني ت ( 923)
ولم أجده في حاشية السندي على البخاري .

ومن المصادر اللغوية :
من المرتبة الأولى :

- تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة الدينوري ت :( 276)
- معاني القرآن أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ)
ومن المرتبة الثالثة :
- الأضداد ، لمحمد بن القاسم بن بشار الأنباري 328

ثانيا: استخلاص الأقوال وتصنيفها ونسبتها.
وهذه المسألة تفسيرية ، ولها تعلّق باللغة وبأسباب النزول وبالقراءات .
وفيها قولين لأهل العلم : الأول : الوقف على لفظ الجلالة ( إلا الله ) ، ثم الابتداء بما بعده .
والثاني : وصل قوله تعالى ( والراسخون في العلم ) بلفظ الجلالة .

وتفصيل المسألأة كالتالي :
القول الأول : الوقف على لفظ الجلالة ( وما يعلم تأويله إلا الله ) ، وهو وقف تام ، ثم الابتداء بما بعده ( والراسخون في العلم يقولون آمنّا به ..) .
وهو أحد قولي ابن عباس رضي الله عنه ، و روي هذا القول عن عائشة ، وعروة، وأبي الشّعثاء، وأبي نهيك، وعمر بن عبدالعزيز ، ومالك ، وهو قول الكسائي والفراء والأخفش كما نقله عنهم عدد من المفسرين ( ولم يسعني الوقت للبحث عن أقوالهم ) واختيار ابن جرير الطبري .

تخريج القول الأول :
• أما قول ابن عباس فأخرجه عبدالرزاق من طريق معمر عن ابن طاووس عن أبيه عنه ، ورواه ابن جرير عنه .
حدث عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن ابن طاووسٍ، عن أبيه، قال: كان ابن عبّاسٍ يقول: {وما يعلم تأويله إلاّ اللّه} يقول الرّاسخون في العلم: آمنّا به.
• و أما ماروي عن عائشة فأخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق نافعٍ بن عمر الجمحي ، عن ابن أبي مليكة، عنها .
- قال ابن جرير (حدّثني محمّد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، قال: حدّثنا خالد بن نزارٍ، عن نافعٍ، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، قوله: {والرّاسخون في العلم يقولون آمنّا به} قالت: كان من رسوخهم في العلم أن آمنوا بمحكمه ومتشابهه، ولم يعلموا تأويله ) .
• و أمّا قول عروة فأخرجه ابن وهب عن ابن أبي الزناد، عن هشام ، عنه ، وأخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن وهب بسنده .
- حدث ابن وهبٍ، قال: أخبرني ابن أبي الزّناد، قال: قال هشام بن عروة: كان أبي يقول في هذه الآية {وما يعلم تأويله إلاّ اللّه والرّاسخون في العلم} أنّ الرّاسخين في العلم لا يعلمون تأويله، ولكنّهم يقولون: {آمنّا به كلٌّ من عند ربّنا}.
•و أما قول أبي نهيك الأسدي فأخرجه ابن جرير من طريق يحيى بن واضح عن عبيد الله عنه .
- قال ابن جرير : حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا عبيد اللّه، عن أبي نهيكٍ الأسديّ، قوله: {وما يعلم تأويله إلاّ اللّه والرّاسخون في العلم} فيقول: إنّكم تصلون هذه الآية وإنّها مقطوعةٌ {وما يعلم تأويله إلاّ اللّه والرّاسخون في العلم يقولون آمنّا به كلٌّ من عند ربّنا} فانتهى علمهم إلى قولهم الّذي قالوا.
• و أما قول أبي الشعثاء فرواه ابن أبي حاتم من طريق أبي تميلة عن أبو منيب عنه :
قال ابن أبي حاتم حدّثنا عبد اللّه بن سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو تميلة، أنبأ أبو منيبٍ، عن أبي الشّعثاء وأبي نهيكٍ في قوله: وما يعلم تأويله إلّا اللّه والرّاسخون في العلم قال:
إنّكم تصلون هذه الآية وهي مقطوعةٌ ثمّ يقرأ: والرّاسخون في العلم يقولون آمنّا به كل من عند ربّنا فأثنى عليهم إلى قوله الّذين قالوا وما يعلم تأويله إلا اللّه ثمّ قال: والرّاسخون في العلم يقولون آمنّا به.
• و أما قول عمر بن عبدالعزيز فأخرجه ابن جرير من طريق عمرو بن عثمان بن عبدالله بن موهب عنه ، وأخرجه عبد بن حميد عنه كما ذكره السيوطي .
- قال ابن جرير حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا ابن دكينٍ، قال: حدّثنا عمرو بن عثمان بن عبد اللّه بن موهبٍ، قال: سمعت عمر بن عبد العزيز، يقول: {الرّاسخون في العلم} انتهى علم الرّاسخين في العلم بتأويل القرآن إلى أن قالوا: {آمنّا به كلٌّ من عند ربّنا}.
• و أما قول مالك فأخرجه ابن جرير من طريق يونس عن أشهب عنه .
- قال ابن جرير حدّثني يونس، قال: أخبرنا أشهب، عن مالكٍ، في قوله: {وما يعلم تأويله إلاّ اللّه} قال: ثمّ ابتدأ فقال: {والرّاسخون في العلم يقولون آمنّا به كلٌّ من عند ربّنا} وليس يعلمون تأويله )

توجيه القول الأول :
اختار القائلون بهذا القول الوقف التام على لفظ الجلالة استناداً إلى عدة أمور :
1- ما أخرجه البخاري عن ابن أبي مليكة، عن القاسم بن محمّدٍ، عن عائشة رضي اللّه عنها، قالت: تلا رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم هذه الآية: {هو الّذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكماتٌ هنّ أمّ الكتاب وأخر متشابهاتٌ} ، فأمّا الّذين في قلوبهم زيغٌ فيتّبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة، وابتغاء تأويله، وما يعلم تأويله إلّا اللّه، والرّاسخون في العلم يقولون: آمنّا به كلٌّ من عند ربّنا وما يذّكّر إلّا أولو الألباب قالت: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «فإذا رأيت الّذين يتّبعون ما تشابه منه فأولئك الّذين سمّى اللّه فاحذروهم» .
2- الإعراب في الآية : فيرون أنّ الواو واو الاستئناف ، وقوله تعالى والراسخون في العلم مستأنفٌ ذكرهم بمعنى الخبر عنهم أنّهم يقولون: آمنّا بالمتشابه، وصدّقنا أنّ علم ذلك لا يعلمه إلاّ اللّه .
3- المراد ( بالمتشابه ) ، والمراد ( بتأويله ) .
فذكروا أنّ معنى المتشابه في الآية هو المتشابه الحقيقي الذي لا يعلمه إلا الله كعلم الغيب ، وقيام الساعة ، وما في معناه .
و أنّ المراد بتأويله أي وقت قيام السّاعة وانقضاء مدّة هذه الأمة وما هو كائنٌ إلاّ اللّه، دون من سواه من البشر الّذين أمّلوا إدراك علم ذلك من قبل الحساب والتّنجيم والكهانة .
4 - سبب النزول : ذكر بعضهم أن سبب نزول الآية في اليهود في تأويلهم الحروف المقطعة وإن عددها بالجمّل بقدر مدة هذه الأمة .
5 - القراءات في الآية :قال ابن الأنباري في كتابه الأضداد : في قراءة عبد الله «إن تأويله، إلّا عند الله» وفي قراءة أُبيّ، وابن عباس «ويقول الراسخون» ، وذكر هذه القراءات ابن جرير أيضا .
6 - قول بعض أهل اللغة :قال البغوي : اخْتَارَ هذا القول الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ وَالْأَخْفَشُ، وقال الخطابي فيما نقله عنه القرطبي : بأن هذا القول أَقْيَسُ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَأَشْبَهُ بِظَاهِرِ الْآيَةِ ، و أنه لا يصلح أن يكون مَوْضِعَ" يَقُولُونَ" نَصْبٌ عَلَى الْحَالِ كما يزعمونه عند الوصل ، لِأَنَّ الْعَرَبَ لَا تُضْمِرُ الْفِعْلَ وَالْمَفْعُولَ مَعًا، وَلَا تَذْكُرُ حَالًا إِلَّا مَعَ ظُهُورِ الْفِعْلِ، فَإِذَا لَمْ يَظْهَرْ فِعْلٌ فَلَا يَكُونُ حَالٌ، وَلَوْ جَازَ ذلك لجاز أَنْ يُقَالَ: عَبْدُ اللَّهِ رَاكِبًا، بِمَعْنَى أَقْبَلَ عَبْدُ اللَّهِ رَاكِبًا، وَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ مَعَ ذِكْرِ الْفِعْلِ.
7- جواز وقوعه ، وحصول الابتلاء : فقالوا بأنه يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلْقُرْآنِ تَأْوِيلٌ اسْتَأْثَرَ الله بعلمه ولم يُطْلِعْ عَلَيْهِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ، كَمَا اسْتَأْثَرَ بِعِلْمِ السَّاعَةِ، وَوَقْتِ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَخُرُوجِ الدَّجَّالِ، وَنُزُولِ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَنَحْوِهَا، وقد أنزل الله تعالى في كتابه أشياء، استأثر بعلمها، كقوله تعالى:( وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً ) فأنزل تعالى المجمل، ليؤمن به المؤمن، فيسعد، ويكفر به الكافر، فيشقى.
8 - وجه تفضيل الراسخين في العلم وثناء الله عليهم : فَضُل علمهم في ذلك على غيرهم علمهم بأنّ اللّه هو العالم بذلك دون من سواه من خلقه ،و أَثْنَى اللَّهُ عليهم بِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ ، وَلَوْلَا صِحَّةُ الْإِيمَانِ مِنْهُمْ لَمْ يَسْتَحِقُّوا الثَّنَاءَ عَلَيْهِ .
9- لقوله تعالى بعده ( كلٌّ من عند ربنا ) : قال القرطبي نقلا عن الخطابي -ولم يسعني الوقت للبحث عن كلامه - : ( وَلَوْ كَانَتِ الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ:" وَالرَّاسِخُونَ"، لِلنَّسَقِ لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ:" كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا" فَائِدَةٌ ، بمعنى أنه سبحانه قسّم في الآية محكماً و متشابها ، ثم قال {كل من عند ربنا} : أي: المحكم , والمتشابه , فلو كان كله عندهم سواء, لكان كله محكماً, ولم ينسب شيء منه إلى المتشابه .
10 - أنه لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْفِيَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ شَيْئًا عَنِ الْخَلْقِ وَيُثْبِتُهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ يَكُونُ لَهُ فِي ذَلِكَ شَرِيكٌ ، ومثل ذلك كثير في القرآن كقَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ:" قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ" ، وَقَوْلَهُ:" لَا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ" وكذلك في هذه الآية ( وما يعلم تأويله إلا الله ) .
11- اعتراض من ابن الأنباري:بأن الذي روى القول الثاني عن مجاهد ابن أبي نجيح، ولا تصح روايته التفسير عن مجاهد.

القول الثاني :
وهو قول ابن عباس ومجاهد والربيع ومحمد بن جعفر بن الزبير والضحاك ، وهو قول النحاس واختيار ابن عطية والقرطبي .

تخريج القول الثاني :
• فأما قول ابن عباس فرواه ابن جرير و عبدالرحمن بن الحسن الهمذاني من طريق ابن نجيح عن مجاهد عنه .
قال ابن جرير : حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنّه قال: أنا ممّن يعلم تأويله.
قال عبدالرحمن الهمذاني : نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد والراسخون في العلم قال يعلمون تأويله ويقولون آمنا به كل من عند ربنا).
• وأما قول مجاهد فرواه ابن جرير من طريق أبي عاصم عن عيسى عن ابن نجيح عنه ومن طريق شبل عن ابن نجيح عنه .
- قال ابن جرير : حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، والرّاسخون في العلم يعلمون تأويله ويقولون آمنّا به.
• وأما قول الربيع فرواه ابن جرير من طريق ابن ابي جعفر عن أبيه عنه .
- قال ابن جرير : حدّثت عن عمّار بن الحسن، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع: {والرّاسخون في العلم} يعلمون تأويله ويقولون آمنّا به.
• وأما قول محمد بن جعفر بن الزبير ، فرواه ابن جرير من طريق ابن حميدٍ، عن سلمة، عن ابن إسحاق عنه .
• وأما قول الضحاك فأخرجه ابن أبي حاتم من طريق حم بن نوح عن أبي معاذ عن أبي مصلح عنه .
حدّثنا عبد اللّه بن سليمان الأشعث، ثنا حم بن نوحٍ، ثنا أبو معاذٍ، ثنا أبو مصلحٍ، عن الضّحّاك: وما يعلم تأويله إلّا اللّه والرّاسخون في العلم ،

توجيه القول الثاني :
اختار القائلون بهذا القول دخول الراسخين في العلم بالمتشابه ، واستندوا إلى عدة أمور :
1- الإعراب في الآية : فيرون أنّ الواو عاطفة ، وأن قوله تعالى والراسخون في العلم معطوف على لفظ الجلالة ، و( يقولون) في موضع نصب على الحال، وإن كان مرفوعا في اللفظ، والتقدير: وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم قائلين آمنا به .
2- معنى الآية : أن الراسخين في العلم يعلمون تأويله، ويقولون: آمنا بالله ، وهوقول مجاهد كما سبق .
3- المراد ( بالمتشابه ) ، والمراد ( بتأويله ) .
أمّا المتشابه عندهم فهو المتشابه النسبي ، الذي اشتبه على بعض الناس وعلمه البعض مما يحتمل أكثر من معنى .
وأمّا تأويله فهو بمعنى تفسيره ؛ و ما يؤول إليه معنى الكلام .
4 - سبب النزول : سبب نزولها في الذين جادلوا النبي صلى الله عليه وسلم في أمر عيسى عليه السلام وقد بينه الله ، فلا يراد به المتشابه الحقيقي ، وإنما المتشابه الذي أجاب الله عنه في أمر عيسى من أنه كلمة الله وروح منه .
5 - قول بعض أهل اللغة : قال النحاس : هذا أبين من القول الأول لأن واو العطف الأولى بها أن تدخل الثاني فيما دخل فيه الأول حتى يقع دليل بخلافه .
6 - وجه تفضيل الراسخين : مدح الله عز وجل الراسخين بثباتهم في العلم ، و تَسْمِيَتَهُمْ رَاسِخِينَ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَكْثَرَ مِنَ الْمُحْكَمِ الَّذِي يَسْتَوِي فِي عِلْمِهِ جَمِيعُ مَنْ يفهم كلام العرب. وفى أي شي هُوَ رُسُوخُهُمْ إِذَا لَمْ يَعْلَمُوا إِلَّا مَا يَعْلَمُ الْجَمِيعُ .
7- لأن الخطاب بما لا يفهم بعيدٌ ، وهم لو لم يعلموا تأويله لم يعلموا ناسخه من منسوخه، ولم يعلموا حلاله من حرامه، ولا محكمه من متشابهه .
8- قول النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس ( اللهم فقهه في الدين وعلّمه التأويل ) ، و ما نقل عن ابن عباس ممّا يدلّ على علمه بتأويله .

خامسا: دراسة الأقوال ونقدها وبيان الراجح منها :
عرفنا ممّا سبق وجه اختيار كل قول ، وسبب ترجيح الوقف على لفظ الجلالة ، أو الوقف على ما بعدها ، ويرجع اختلاف القولين إلى الاختلاف في تفسير المتشابه ، وفي الحقيقة فإنّ المتشابه قسمان : أمّا الأول فهو ما لا يُعلم ممّا استأثر الله تعالى بعلمه ، وهذا لا يمكن لبشر معرفته لا ابن عباس ولا غيره ، و هذا هو مراد أهل العلم القائلين بالوقف على لفظ الجلالة ، وأمّا المتشابه النسبي ، الذي يحتمل وجوهاً في الدلالة ، أو ما خفي على البعض كالمنسوخ ، فهذا هو مراد أهل العلم القائلين بإمكان معرفة تأويله ، فيُعلم التأويل المستقيم فيه ، و يستبعد ما سواه ، و مثاله ينطبق على سبب نزول الآيات من خلاف النصارى في أمر عيسى عليه السلام ، و شرط الرسوخ في العلم معرفة صاحب العلم بكثير من هذا النوع ، وإلاّ بأيّ شيء استحق الثناء ؟
وأمّا الاستدلال بقول عليه الصلاة والسلام( فإذا رأيت الّذين يتّبعون ما تشابه منه فأولئك الّذين سمّى اللّه فاحذروهم ) ، فإمّا أن تدلّ على المتشابه الحقيقي وإما أن تدلّ على عموم المتشابه فيدخل فيه التحذير من أهل التأويل الباطل ، سواء كانوا يهودا أو نصارى أو منافقين ، و لا دليل على التخصيص بالمتشابه الحقيقي ، كما أن الثاني أقرب للمعنى ولوصف قلوبهم بالزيغ ، إذ زاغت عن المعنى الحق إلى المعنى الباطل ، مع وجود أدلة أخرى تثبت العلم بالتأويل الذي هو التفسير الصحيح ، كدعائه عليه الصلاة والسلام لابن عباس ( اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ) ، فيكون على هذا المراد بقوله ( إلا الله ) علمه على الاستيفاء والكمال بنوعيه جميعا ، وعطفنا (الراسخون )على اسم الله تعالى، المراد منه إدخالهم في علم التأويل لا على الكمال، بل علمهم إنما هو في النوع الثاني من المتشابه، و هذا سائغ لغة وعقلا .
وأمّا القول بأنّ نصب ( يقولون ) على الحال غير سائغ ، فهذا غير صحيح ، بل يسوغ أن يكون من المعطوف دون المعطوف عليه ، كقوله : ( للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم ) إلى قوله : ( والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ) الآية [ الحشر : 8 - 10 ] ، وكقوله تعالى : ( وجاء ربك والملك صفا صفا ) [ الفجر : 22 ] أي : وجاءت الملائكة صفوفا صفوفا ، ذكره ابن كثير .
وأمّا القراءات في الآية ، فلا إشكال فيها في أنّ علم المتشابه الحقيقي لله تعالى وحده ، وأنّ الراسخون في العلم يقولون في كلٍّ آمنّا به ، سواءً كان متشابهاً حقيقيا أو نسبيا ، علموه أو جهلوه ، ووجه إيمانهم إقرارهم باستئثار الله بعلم الغيب ، و ردّهم المتشابه للمحكم مما ينتج عنه إيمانهم بالمعنى الصحيح من المتشابه النسبي ، و الذبّ عن تأويل آي القرآن تأويلاً باطلاً باتباع الهوى .
والواقع يدلّ على علم الراسخين في العلم بنوع من المتشابه ، فالعالم هو من يعرف الناسخ من المنسوخ ، والمحكم من المتشابه .
وأمّا وجه الابتلاء في الآية فهو صحيح وهو واقع بالمتشابه النسبي ، وما أكثر من يستدل بالمتشابه على بدعته ولا يرده إلى المحكم ، وهذا هو محكّ الابتلاء .
وأمّا اعتراض ابن الأنباري بعدم صحة رواية ابن نجيح عن مجاهد ، فقد قال ابن تيمية :( وقول القائل لا تصح رواية ابن ابي نجيح عن مجاهد جوابه: أن تفسير ابن أبي نجيح عن مجاهد من أصح التفاسير بل ليس في أيدي أهل التفسير كتاب أصح منه ) ، و إعراب ( الرّاسخون ) يحتمل الوجهين، ولذلك قال ابن عباس بهما، والمعنى فيهما متقارب على التفصيل السابق .

وعلى هذا يترجح القول بتقارب القولين حسب المراد بالمتشابه ، والأَولى أن يكون عامّا ، وسبب النزول يوافق القول بالعموم ، فيمكن أن ينتج لنا قول ثالث يجمع القولين ، الأول القائل بالتشابه الحقيقي الذي لا يعلمه إلا الله ، والثاني القائل بالتشابه النسبي فيما ترددت فيه أوجه الدلالة ، فيكون علم الله بالمتشابه كله تاما كاملا ، وعلم العلماء فيه ناقص ، وخاص بالمتشابه النسبي ، وهو خلاصة قول ابن عطية .

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 10 شوال 1439هـ/23-06-2018م, 11:54 PM
ضحى الحقيل ضحى الحقيل غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 666
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المعذرة لم أنتبه لتغير التعليمات بشأن الواجب وأديته كالمعتاد
بإذن الله أعيد الحل قريبا

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 14 شوال 1439هـ/27-06-2018م, 04:15 AM
ضحى الحقيل ضحى الحقيل غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 666
افتراضي

المراد بالآيات المحكمة والآيات المتشابهة.
قال تعالى في سورة آل عمران: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7)}

قال الشيخ السعدي:
"القرآن العظيم كله محكم كما قال تعالى {كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير} فهو مشتمل على غاية الإتقان والإحكام والعدل والإحسان {ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} وكله متشابه في الحسن والبلاغة وتصديق بعضه لبعضه ومطابقته لفظا ومعنى، وأما الإحكام والتشابه المذكور في هذه الآية فإن القرآن كما ذكره الله {منه آيات محكمات} أي: واضحات الدلالة، ليس فيها شبهة ولا إشكال {هن أم الكتاب} أي: أصله الذي يرجع إليه كل متشابه، وهي معظمه وأكثره، {و} منه آيات {أخر متشابهات} أي: يلتبس معناها على كثير من الأذهان: لكون دلالتها مجملة، أو يتبادر إلى بعض الأفهام غير المراد منها، فالحاصل أن منها آيات بينة واضحة لكل أحد، وهي الأكثر التي يرجع إليها، ومنه آيات تشكل على بعض الناس، فالواجب في هذا أن يرد المتشابه إلى المحكم والخفي إلى الجلي، فبهذه الطريق يصدق بعضه بعضا ولا يحصل فيه مناقضة ولا معارضة"

وقد لخص رحمه الله معنى المحكم والمتشابه، بعباراته السلسة وأسلوبه الواضح وفيما يلي دراسة لمعنى المحكم والمتشابه مستخلصة من أقوال السلف وكتب التفسير وبالله التوفيق.

أجمل المفسرون القول في معنى المحكم والمتشابه ثم ذكروا أقوال المفسرين وناقشوها، بعد أن قرروا أن الكتاب المذكور في الآية هو القرآن الكريم، قال ابن عطية: "الكتاب في هذه الآية القرآن بإجماع المتأولين"، وخلاصة ما أجملوه أن:

المحكم:
هو الواضح البين الذي لا التباس فيه على أحد من الناس.

والمتشابه:
هو الذي يحتاج إلى إبانه ويظهر فيه لأول النظر إما تعارض مع آيات أخرى، أو مع العقل، أو غير ذلك، ويكون هذا التشابه لكل الناس أو لبعضهم، ويكون هذا الاشتباه في اللفظ والتركيب لا في المراد، وهن مما ابتلى الله بهن العباد كما ابتلاهم بالحلال والحرام.
مثال:
أن نصارى نجران قالوا للنبي عليه السلام، أليس في كتابك أن عيسى كلمة وروح منه؟ قال: «نعم»، قالوا: فحسبنا إذا.
وتركوا الاحتجاج بقوله تعالى {إن هو إلا عبدٌ أنعمنا عليه} [الزّخرف: 59] وبقوله: {إنّ مثل عيسى عند اللّه كمثل آدم خلقه من ترابٍ ثمّ قال له كن فيكون} [آل عمران: 59] وغير ذلك من الآيات المحكمة المصرّحة بأنّه خلقٌ من مخلوقات اللّه، وعبدٌ، ورسولٌ من رسل اللّه.
فمن رد المتشابه إلى المحكم فقد اهتدى ومن عكس انعكس.
قال ابن كثير: " ولهذا قال تعالى: {هو الّذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكماتٌ هنّ أمّ الكتاب} أي: أصله الّذي يرجع إليه عند الاشتباه {وأخر متشابهاتٌ} أي: تحتمل دلالتها موافقة المحكم، وقد تحتمل شيئًا آخر من حيث اللّفظ والتّركيب، لا من حيث المراد.

وقد ذكر هذا القول الزجاج ووصفه بأنه قول كثير من الناس، وهو بين واضح، كما نقل ابن عطية مقتضاه عن محمد بن جعفر بن الزبير، ووصفه بأنه أحسن الأقوال، ونقله ابن كثير عن محمّد بن إسحاق بن يسارٍ، وقال عنه أنه أحسن ما قيل في الآية، كما ذكر معناه السعدي في تفسيره وهو الذي فهمته من كلام ابن عاشور والله أعلم .

ويوافق هذا القول:
- ما رواه ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير قال: المحكمات حجة الرب وعصمة العباد ودفع الخصوم والباطل ليس لها تصريف ولا تحريف عما وضعت عليه {وأخر متشابهات} في الصدق لهن تصريف وتحريف وتأويل ابتلى الله فيهن العباد كما ابتلاهم في الحلال والحرام لا يصرفن إلى الباطل ولا يحرفن عن الحق.
- وما رواه ابن أبي حاتم عن ابن إسحاق: منه آياتٌ محكماتٌ فهنّ حجّة الرّبّ وعصمة العباد، ودمغ الخصوم والباطل ليس لهنّ تصريفٌ ولا تحريفٌ عمّا وضعن عليه، وأخر متشابهاتٌ لم يفصل فيهنّ القول كفصله في المحكمات، تتشابه في عقول الرّجال ويتخالجها التّأويل، فابتلى اللّه فيها العباد كابتلائهم في الحلال والحرام.

بعد ذلك نقل المفسرون عبارات السلف في تفسير هذه الآية وناقشوها وملخص ما ذكروه:

- أولا: روايات في تحديد آيات محكمة وآيات متشابهة
كالذي رواه الطبري وابن أبي حاتم في تفسيرهما عن ابن عباس في قوله: "منه آيات محكمات"، قال: هي الثلاث الآيات من ههنا: (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ) [سورة الأنعام: 151، 152] ، إلى ثلاث آيات، والتي في "بني إسرائيل": (وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ) [سورة الإسراء: 23 - 39] ، إلى آخر الآيات، قال ابن أبي حاتم وروي عن سعيد ابن جبير مثله، كما رواه سعيد بن منصور والحاكم دون الإشارة إلى آيات الإسراء
وقد ذكر الزجاج وابن عطية وابن كثير في تفاسيرهم هذا الأثر عن ابن عباس رضي الله عنهما.

وجاء من ذلك في المتشابه تحديدها بالأحرف المقطعة في أوائل السور كالذي رواه ابن أبي حاتم عن مقاتل: قال وأخر متشابهاتٌ يعني فيما بلغنا: الم والمص والمر والر، فهؤلاء الأربع المتشابهات

قال ابن عطية تعليقا على هذا القول: وهذا عندي مثال أعطاه في المحكمات.

- ثانيا: تحديد أنواع للمحكم والمتشابه
ومن ذلك
ما رواه الطبري في تفسيره عن ابن عباس بعدة طرق " المحكمات: ناسخه، وحلالُه، وحرَامه، وحدوده وفرائضُه، وما يؤمن به ويعمل به = قال: "وأخر متشابهات"، والمتشابهات: منسوخه، ومقدّمه ومؤخره، وأمثاله وأقسامه، وما يؤمن به ولا يُعمل به، وروى نحوه ابن أبي حاتم.
كما روى "أن المحكم هو الناسخ الذي يعمل به والمتشابه هو المنسوخ الذي لا يعمل" عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب رسول الله وعن قتادة والربيع والضحاك
قال ابن أبي حاتم: وروي عن عكرمة ومجاهدٍ قتادة والضّحّاك ومقاتل بن حيّان والرّبيع بن أنسٍ.
والسّدّيّ قالوا: المحكم الّذي يعمل به.، وروى عبد الرزاق عن قتادة: المحكم الذي يعمل به

كما ذكره ابن عطية وابن كثير
قال ابن عطية عن هذا القول أيضا: وهذا عندي على جهة التمثيل أي يوجد الإحكام في هذا والتشابه في هذا، لا أنه وقف على هذا النوع من الآيات.
وقال ابن عاشور عن القول بأن المحكم الناسخ والمتشابه المنسوخ " وَهَذَا بَعِيدٌ عَنْ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا هُنَا لِعَدَمِ مُنَاسَبَتِهِ لِلْوَصْفَيْنِ وَلَا لِبَقِيَّةِ الْآيَةِ".

ومن ذلك:
ما رواه البخاري والطبري عن مجاهد في قوله: "منه آيات محكمات"، ما فيه من الحلال والحرام، وما سوى ذلك فهو"متشابه"، يصدّق بعضُه بعضًا = وهو مثل قوله: (وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلا الْفَاسِقِينَ) [سورة البقرة: 26] ، ومثل قوله: (كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) [سورة الأنعام: 125] ، ومثل قوله: (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ) [سورة محمد: 17]، وروى نحوه الهمذاني في تفسير مجاهد
كما روى ابن أبي حاتم عن مجاهد قوله يصدق بعضه بعضا.

كما روى ابن أبي حاتم عن الربيع قوله: هي الآمرة والزّاجرة.

قال ابن عطية تعليقا على هذا القول: وهذه الأقوال وما ضارعها يضعفها أن أهل الزيغ لا تعلق لهم بنوع مما ذكر دون سواه.
وعلق ابن كثير على القول بأن المتشابه يصدق بعضه بعضا بقوله:
"وهذا إنّما هو في تفسير قوله:{كتابًا متشابهًا مثاني}[الزّمر: 23]هناك ذكروا: أنّ المتشابه هو الكلام الّذي يكون في سياقٍ واحدٍ، والمثاني هو الكلام في شيئين متقابلين كصفة الجنّة وصفة النّار، وذكر حال الأبرار ثمّ حال الفجّار، ونحو ذلك فأمّا هاهنا فالمتشابه هو الّذي يقابل المحكم"

ومن ذلك قول ابن زيد لذي رواه عنه الطبري ومقتضى قوله:
المحكم ما أحكم فيه قصص الأنبياء والأمم وبين لمحمد وأمته، والمتشابه هو ما اشتبهت الألفاظ به من قصصهم عند التكرير في السور بعضها باتفاق الألفاظ واختلاف المعاني، وبعضه بعكس ذلك نحو قوله:{حيّةٌ تسعى}[طه: 20] و{ثعبانٌ مبينٌ}[الأعراف: 107]ونحو:{اسلك يدك}و{أدخل يدك}»

ثالثا/ ذكروا أقوالا تشابه القول الراجح، لكن تحدد أنواعا يوافق على بعضها ولا يوافق على الآخر.
قال ابن عطية: وقالت جماعة من العلماء منهم جابر بن عبد الله بن رئاب وهو مقتضى قول الشعبي وسفيان الثوري، وغيرهما: «المحكمات من آي القرآن ما عرف العلماء تأويله وفهموا معناه وتفسيره والمتشابه ما لم يكن لأحد إلى علمه سبيل مما استأثر الله بعلمه دون خلقه» قال بعضهم: وذلك مثل وقت قيام الساعة وخروج يأجوج ومأجوج والدجال ونزول عيسى ونحو الحروف المقطعة في أوائل السور.

علق ابن عطية على هذا القول بما معناه أن الغيوب من المحكمات، لأن ما يعلم البشر منها محدود وما لا يعلمونه وهو تحديد الوقت محدود أيضا، وأما أوائل السور فمن المتشابه لأنها معرضة للتأويلات

الترجيح :
وبذلك يتبين أن ما قرره المفسرون من أن المحكم ما لا اشتباه فيه والمتشابه ما يرد على لفظه الاشتباه بالتفصيل الذي ذكر في أول البحث هو الصواب بإذن الله

وقد ذكر ابن حجر في فتح الباري أن في المسألة عشرة أقوال ولم يذكر منها إلا اثنين وصفهما بأنهما أشهر الأقوال وأقربها للصواب وهي:
1. "أن المحكم ما وضح معناه والمتشابه نقيضه وسمّي المحكم بذلك لوضوح مفردات كلامه وإتقان تركيبه بخلاف المتشابه" قال ابن حجر عن هذا القول أنه جرى عليه المتأخرون، وهو القول الذي رجحه المفسرون حسب البحث.
2. "المحكم ما عرف المراد منه إمّا بالظّهور وإمّا بالتّأويل والمتشابه ما استأثر اللّه بعلمه كقيام السّاعة وخروج الدّجّال والحروف المقطّعة في أوائل السّور"، وعلق عليه ابن حجر بقوله بقوله: "وذكر الأستاذ أبو منصورٍ البغداديّ أنّ الأخير هو الصّحيح عندنا وبن السّمعانيّ أنّه أحسن الأقوال والمختار على طريقة أهل السّنّة"

كما ذكر ابن عاشور نحو هذين القولين وقال أنهما قولا الجمهور في هذه المسألة.

واللّه أعلم

والحمد لله رب العالمين

المراجع:
المرتبة الأولى: كتب التفسير في دواوين السنة:
- سنن سعيد، لسعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): (
-كتاب تفسير القرآن من صحيح البخاري (ت:256هـ)، مع شروحاته " فتح الباري" و "عمدة القاري" و " إرشاد الساري" " وحاشية السندي"
-كتاب التفسير من مستدرك أبي عبد الله الحاكم النيسابوري(ت:405هـ).

المرتبة الثانية: كتب التفسير في جوامع الأحاديث
الدر المنثور لجَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (

المرتبة الثالثة: التفاسير المسندة المطبوعة

1. تفسير القرآن العزيز، لعبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت: 211هـ).
2: وجامع البيان عن تأويل آي القرآن، لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري (ت: 310هـ).
3. وتفسير القرآن العظيم، عبد الرحمن ابن أبي حاتم الرازي (ت: 327هـ)،


المرتبة السادسة: التفاسير التي تنقل أقوال السلف في التفسير
1. الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن أبي طالب القيسي(ت:437هـ)
2. النكت والعيون للماوردي(ت:450هـ).
3. المحرر الوجيز لابن عطية(ت:542هـ).
4. زاد المسير لابن الجوزي (ت:597هـ).
5. الجامع لأحكام القرآن للقرطبي(ت:671هـ).
6. تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير الدمشقي (ت:774هـ.

ومن التفاسير المتأخرة
التحرير والتنوير للابن عاشور
وتفسير السعدي
ولم أجد شيئا في تفسير أضواء البيان

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 17 شوال 1439هـ/30-06-2018م, 11:21 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تقويم مجلس مذاكرة القسم الأول من تفسير سورة آل عمران
الآيات (1 - 9)



الوقف والابتداء في قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله}
1: سارة المشري أ+
أحسنت وأجدت بارك الله فيك ونفع بك.

2: علاء عبد الفتاح أ+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
ويستفاد من توجيه الأستاذة سارة للأقوال ففيه زيادات مفيدة.


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 17 شوال 1439هـ/30-06-2018م, 04:11 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

المراد بالآيات المحكمة والآيات المتشابهة
المحكم والمتشابه من المباحث المهمّة في علوم القرآن وفي علوم أخرى أيضا، لذا فإن المؤلّفات في علوم القرآن تعتبر من المصادر المهمّة في معرفة المحكم والمتشابه، وكذلك المؤلّفات الخاصّة فيه.
أيضا الرجوع إلى كتب أهل اللغة ومعرفة معنى الإحكام والتشابه عند العرب مهمّ في معرفة المحكم والمتشابه من القرآن ومهمّ في توجيه أقوال السلف وتفهّمها.



3: ضحى الحقيل ب
بارك الله فيك ونفع بك.
وأشكر لك جهدك في محاولة فهم الأقوال وتصنيفها، وإليك بعض الملاحظات المهمّة التي أرجو أن تفيدك في تحرير مسائل الخلاف عموما:
- عدم البدء ببيان معنى المحكم والمتشابه لغة، والرجوع إلى أهل اللغة في ذلك.
- عدم حصر جميع الأقوال.
- عدم تخريج الأقوال، وهذا ملاحظ في غالب تطبيقاتك -على ما أذكر- وأودّ أن أطمئن هل هو لصعوبة في التخريج أم عدم انتباه له أم مجرّد الرغبة في الاختصار؟
- عدم توجيه الأقوال، ومن المعلوم أن توجيه الأقوال أو بعضها قد يصعب على الطالب، فيجب أن يبيّن ذلك حتى يوضّح له ما خفي عليه، لأن هذه المجالس مجالس تعلّم قبل أن تكون تكاليف.
- قلتِ: "ثالثا/ ذكروا أقوالا تشابه القول الراجح، لكن تحدد أنواعا يوافق على بعضها ولا يوافق على الآخر."
هذه الصياغة تحتاج إلى مراجعة، غير أن القول الذي رجّحتيه ليس محلّ إجماع حتى يسلّم له.
- تأمّلي هذه العبارة في الترجيح: "وبذلك يتبين أن ما قرره المفسرون من أن المحكم ما لا اشتباه فيه والمتشابه ما يرد على لفظه الاشتباه بالتفصيل الذي ذكر في أول البحث هو الصواب بإذن الله".
فكونك تعرّفين المتشابه بأنه ما يرد على لفظه الاشتباه لا يصحّ لأنك عرّفت اللفظ بنفسه، ثم بنيتِ على ذلك أيضا أن المحكم ما لا اشتباه فيه، دون أن يظهر أصلا ما معنى الاشتباه، وإن كنتِ بيّنتِ معناه في أول البحث إلا أن عبارات الترجيح يجب أن تكون واضحة بيّنة.
وخلاصة ما ذكر في المتشابه -بعد الاتّفاق أن المحكم هو الواضح البيّن الدلالة- أن المتشابه على معنيين:
1. متشابه كلّي، وهو ما استأثر الله بعلمه وخفي عن جميع الخلق كحقائق المغيّبات ومآلاتها.
2. متشابه نسبي، وهو ما خفي ودقّ عن بعض الخلق دون بعض إما لغموضه أو التباسه بغيره، فيعلمه الرسخون في العلم ويجهله غيرهم.
وهما ما نقلتيه عن ابن حجر، ولكل قول انتصر جماعة من أهل العلم، والصحيح أن الجمع بينهما ممكن غير متعارض.
والأقوال الواردة في هذه المسألة إما أن تكون في تعريف المحكم والمتشابه أو تمثيل لبعض ما يصدق عليه وصف الإحكام أو التشابه من الآيات.


علاء عبد الفتاح أ
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
وأوصيك بمراجعة مبحث المحكم والمتشابه من كتب علوم القرآن وكذلك المؤلّفات الخاصّة فيه لمعرفة وجه الأقوال المأثورة فيهما، وكذلك معرفة معنى الإحكام والتشابه في اللغة ابتداء.


4: نورة الأمير أ
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
وأثني جدا على اجتهادك، وأوصيك بمتابعة القراءة بخصوص هذه المسألة فستكون فيها زيادات نافعة بإذن الله.




رزقكم الله العلم النافع والعمل الصالح


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الثالث

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:58 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir