القارئ:
باب المفعول معه وهو الاسم المنصوب الذي يذكر لبيان من فعل معه الفعل،
نحو قولك: (جاء الأميرُ والجيشَ) و(استوى الماء والخشبةَ):
ـــــــــــــــــ
الشيخ:المفعول معه عرفه المؤلف هنا رحمه الله بقوله: (هو الاسم المنصوب الذي يذكر لبيان من فعل معه الفعل نحو قولك: جاء الأمير والجيشَ، واستوى الماء والخشبةَ):
فـالمفعول معه إذاً هو اسم، فلا يكون غير ذلك،
وهو فضلة ولا ينبغي أن يكون عمدة لا يستغني عنه ولا يصح حذفه من الكلام،
(تال لواو): ينبغي أن يقع بعد واو، هذه الواو بمعنى (مع)، لا بد أن تكون بمعنى (مع)، وهذه الواو تالية أيضاً -أي واقعة- بعد جملة، هذه الجملة فيها فعل، أو فيها اسم فيه معنى الفعل وحروفه.
هذا من التعريفات الجيدة والدقيقة له، وهو: أنه اسم فضلة تالٍ لواوٍ بمعنى (مع) تالية أو مسبوق كما ترى، (تالية لجملة) لا بد أن يكون مسبوقاً بجملة، فلو كان مسبوقاً باسم مفرد لا يمكن أن يعرب مفعولاً معه، (تالية لجملة) هذه الجملة مشتملة على فعل أو مشتملة على اسم فيه معنى الفعل وحروفه.
مثلاً إذا قلت: (سرتُ والنيلَ)، هنا عندنا: (النيل) اسم، فضلة، تالٍ لواو، بمعنى (مع)، أي: (مع النيل) وتاليةٍ لجملة، وهي (سرت) وهذه الجملة فيها فعل وهو: (سار)، وفعل وفاعل طبعاً يتكون منهما جملة، أو فيها اسم فيه معنى الفعل وحروفه مثل لو قلت: (أنا سائر والنيل) عندنا: (أنا سائر) جملة اسمية اشتملت على اسم يعمل عمل فعله وهو اسم الفاعل (سائر)، وهو متضمن لمعنى الفعل (سار) ولبعض حروفه وهو السين والألف والراء ونحوها ، فـ(سرت والنيل، أو أنا سائر والنيل) هذان مثالان تحققت فيهما الشروط أو ضابط المفعول معه.
إذا كان كذلك فإنه يصح لك حينئذٍ فيه أن تنصبه على المفعول معه.
ولكن هل النصب على المفعول معه في الاسم الواقع بعد الواو هنا هل هو واجب أو جائز؟
ولماذا لا يمكن أن يعطف عليه عطفاً فيعامل معاملة المعطوف؟
الواقع أنه هذا الاسم الواقع بعد الواو:
-تارة يتعين فيه أن يكون مفعولاً معه.
إذا لم يصح العطف أصلاً.
- وتارة يتعين فيه أن يكون معطوفاً: ولا يصح أن ينصب على المفعول معه،
وذلك إذا امتنع الاستغناء عنه؛ لأنه هو لا بد أن يكون فضلة يستغنى عنه.
- وتارة يجوز الوجهان.
فأنت حينما تقول -مثال المؤلف هنا-:
(جاء الأمير والجيشَ). هل فيه مانع هنا من العطف؟
ما عندنا مانع من العطف، فلك أن تقول:
(جاء الأمير والجيشَ) فتنصب (الجيش) على أنه مفعول معه،
ولك أن تقول: (جاء الأمير والجيشُ) فيرفع (الجيش) على أنه معطوف حينئذٍ،
ومثله لو قلت: (جاء زيد ومحمد) إذا جاءا معاً بحيث صارت الواو بمعنى (مع) فلك العطف ولك المفعول معه.
- تارة لا يصح العطف: وإنما يجب المفعول معه وذلك إذا امتنع التشريك، إذا امتنع العطف، إذا قلت مثلاً: (مات زيدٌ وطلوعَ الشمس)،
(طلوع)هل يتعين فيه أن ينصب على المفعول معه أو يجوز فيه أن يكون معطوفاً؟ هل يصح فيه العطف حينئذٍ؟ العطف ما معناه؟
العطف معناه الاشتراك في الفعل، (جاء زيدٌ وعمر) اشتركا في المجيء، العطف معناه التشريك بين المعطوف والمعطوف عليه في الفعل المتقدم: (حضر محمد وعلي) فإذا امتنع التشريك كما في: (مات زيدٌ وطلوعَ الشمس)؛ لأن طلوع الشمس لم يمت مع زيد، وإنما طلوع الشمس هنا مفعول معه منصوب، أي مات مع هذا الوقت، مع طلوع الشمس، تزامنا في الوقت ولم يتزامنا في الفعل، فهنا يتعين المفعول معه لأنه يمتنع التشريك حينئذٍ.
لو جئنا بمثال آخر، إذا قلت مثلاً: (اشترك زيدٌ وعمرو) هنا هل يصح النصب على المفعول معه في (عمرو)؟
لا يصح.
لماذا؟
لأن الواو عاطفة هنا.
لماذا لا يصح المفعول معه؟ لماذا يتعين العطف هنا؟
لأن المفعول معه فضلة يصح الاستغناء عنه. لكن هنا: (اشترك زيدٌ وعمرو)
هل تستطيع أن تستغني عن المعطوف؟
إذا قلت: (اشترك زيد) هذا الكلام صحيح؟
اشترك من الأفعال التي تقتضي اثنين كلٌّ منهما عمدة حينئذٍ، (اشترك زيدٌ وعمرو) هما متساويان في هذا الأمر، فلا يصح الاستغناء عن الثاني، فإذا لم يصح الاستغناء عن الثاني فإنه حينئذٍ لا يصح نصبه على المفعول معه؛ لأن المفعول معه فضلة يجوز الاستغناء عنه، لو قلت (مات زيدٌ) بدون (وطلوع الشمس) لصح، كلام مفهوم وصحيح: (مات زيد)، لكن إذا أردت أن تعطينا الوقت بدقه قلت: (وطلوع الشمس)، لكن (اشترك زيد) لا تصح (اشترك زيد)، (اختصم زيد) لا يصح؛ لأن الاختصام والاشتراك والتشارك هذه تقتضي اثنين، فكلاهما عمدة فلا يصح حينئذٍ النصب على المفعول معه.
إذاً هذا ضابط ييسر لكم قضية المفعول معه.
أولاً: لابد أن يكون اسما، لا يصح أن يكون فعلاً لا تقل: (لا تأكل السمك وتشرب اللبن)(تشربَ) منصوب على أنه مفعول معه؛ لأن هذا فعل مضارع، والمفعول معه يشترط فيه أن يكون اسماً.
-ولا بد أن يكون فضلة، فإن امتنع الاستغناء عنه لأي أمر فإنه لا يصح حينئذٍ.
-وأن يكون تالياً للواو فلو جئت بدلاً منها (مع) لا يعرب مفعول معه.
-وأن تكون هذه الواو بمعنى (مع)، لو كانت واواً حالية أو نحو ذلك فإنه لا يصح.
-وأن يسبق بجملة، لو قلت: (كل رجل وضيعته) هنا لا يصح (وضيعته) أن تنصب على أنها مفعول معه؛ لأنه لم يسبق بجملة، وإنما سبق بمضاف ومضاف إليه، والمضاف والمضاف إليه ليسا جملة، أو (محمدٌ وضيعته) لا يصح حينئذٍ، فلا بد أن يكون مسبوقاً بجملة، هذه الجملة فيها شيء يعمل فيه، إما فعل أو اسم بمنـزلة الفعل، ومشتمل على حروفه.
إذا انطبقت هذه الشروط، انظر حينئذٍ للمعنى:
- فتارة ترى أنه يتعين المفعول معه؛ لأن العطف ممتنع.
- وتارة ترى أنه يتعين العطف؛ لأن المفعول معه ممتنع.
- وتارة تجد أنه يجوز الأمران حينئذٍ.
كلمة فضلة وكلمة عمدة ليس المراد بها حسب مراد السامع أن كل كلام يحتاجه منك السامع إذا سألك يعتبر عمدة، لا، لا يعتبر عمدة وإن كان يحتاجه السامع، العمدة هو ما لا يقوم الكلام إلا به.
(وأما خبر كان وأخواتها واسم إن وأخواتها فقد تقدم ذكرهما في المرفوعات، وكذلك التوابع فقد تقدمت هناك).
نحن حينما تحدثنا عن (كان) قلنا إنها ترفع الاسم وتنصب الخبر، فتحدثنا عن خبرها، وحينما تحدثنا عن (إن) في المرفوعات قلنا: الأولى ترفع الاسم وتنصب الخبر، والثانية قلنا إنها تنصب الاسم وترفع الخبر، فتحدثنا عن ذلك هناك.
وحينما تحدثنا عن التوابع في باب المرفوعات أشرنا إلى أن التابع هو ما يتبع ما قبله في الإعراب.
- فإن كان المتبوع مرفوعاً رفع التابع.
-وإن كان المتبوع منصوباً نصب التابع.
-وإن كان المتبوع مجروراً جر التابع.
سواء كان هذا التابع نعتاً أو عطف بيان، أو عطف نسق أو توكيداً، أو بدل،
فإنه يتبع ما قبله في إعرابه.