بَابُ مَا جَاءَ فِي حِمَايَةِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم جَنَابَ التَّوْحِيدِ وَسَدِّهِ كُلَّ طَرِيقٍ يُوصِلُ إِلَى الشِّرْكِ
وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى:
{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّم حَرِيصٌ عَلَيكُم بِالمُؤمِنينَ رَءوفٌ رَّحيمٌ}[التَّوْبَةُ:128].
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((لاَ تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا، وَلاَ تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا، وَصَلُّوا عَلَيَّ؛ فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ)) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ.
وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ: (أَنَّهُ رَأَى رَجُلاً يَجِيءُ إِلَى فُرْجَةٍ كَانَتْ عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَيَدْخُلُ فِيهَا فَيَدْعُو، فَنَهَاهُ وَقَالَ: أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((لاَ تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا، وَلاَ بُيُوتَكُمْ قُبُورًا، وَصَلُّوا عَلَيَّ؛ فَإِنَّ تَسْلِيمَكُمْ يَبْلُغُنِي أَيْنَ كُنْتُمْ)) رَوَاهُ فِي (الْمُخْتَارَةِ).
فِيهِ مَسَائِلُ:
الأُولَى:
تَفْسِيرُ آيَةِ ((بَرَاءةٌ)).
الثَّانِيَةُ:
إِبْعَادُهُ أُمَّتَهُ عَنْ هَذَا الْحِمَى غَايَةَ الْبُعْدِ.
الثَّالِثَةُ:
ذِكْرُ حِرْصِهِ عَلَيْنَا وَرَأْفَتِهِ وَرَحْمَتِهِ.
الرَّابِعَةُ:
نَهْيُهُ عَنْ زِيَارَةِ قَبْرِهِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ مَعَ أَنَّ زِيَارَتَهُ مِنْ أَفْضَلِ الأَعْمَالِ.
الْخَامِسَةُ:
نَهْيُهُ عَنِ الإِكْثَارِ مِنَ الزِّيَارَةِ.
السَّادِسَةُ:
حَثُّهُ عَلَى النَّافِلَةَ فِي الْبَيْتِ.
السَّابِعَةُ:
أَنَّهُ مُتَقَرِّرٌ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ لاَ يُصَلَّى فِي الْمَقْبَرَةِ.
الثَّامِنَةُ:
تَعْلِيلُهُ ذَلِكَ بِأَنَّ صَلاَةَ الرَّجُلِ وَسَلاَمَهُ عَلَيْهِ يَبْلُغُهُ وَإِنْ بَعُدَ، فَلاَ حَاجَةَ إِلَى مَا يَتَوَهَّمُهُ مَنْ أَرَادَ الْقُرْبَ.
التَّاسِعَةُ:
كَوْنُهُ صلى الله عليه وسلم فِي الْبَرْزَخِ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَعْمَالُ أُمَّتِهِ فِي الصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ.