دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > الناسخ والمنسوخ > الناسخ والمنسوخ للنحاس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 رجب 1432هـ/1-07-2011م, 05:35 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي سورة الأنعام

سورة الأنعام

قال أبو جعفرٍ حدّثني يموت بن المزرّع، قال: حدّثنا أبو حاتمٍ سهل بن محمّدٍ السّجستانيّ، قال: حدّثنا أبو عبيدة معمر بن المثنّى التّيميّ، قال: حدّثنا يونس بن حبيبٍ، قال سمعت أبا عمرو بن العلاء، يقول سألت مجاهدًا عن تلخيص آي القرآن المدنيّ من المكّيّ فقال سألت ابن عبّاسٍ عن ذلك فقال: " سورة الأنعام نزلت بمكّة جملةً واحدةً فهي مكّيّةٌ إلّا ثلاث آياتٍ منها نزلت بالمدينة فهي مدنيّةٌ {قل تعالوا أتل ما حرّم ربّكم عليكم} [الأنعام: 151] إلى تمام الآيات الثّلاث "
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/316]
قال أبو جعفرٍ: وإذا كانت سورة الأنعام مكّيّةٌ لم يصحّ قول من قال معنى {وآتوا حقّه يوم حصاده} [الأنعام: 141] للزّكاة المفروضة لأنّ الزّكاة إنّما فرضت بالمدينة وهذا يشرح في موضعه وإذا كانت السّورة مكّيّةً فلا يكاد يكون فيها آيةٌ ناسخةٌ وما تقدّم من السّور فهنّ مدنيّاتٌ أعني سورة البقرة وآل عمران والنّساء والمائدة حدّثني يموت بذلك الإسناد بعينه
وفي سورة الأنعام آياتٌ قد ذكرت في النّاسخ والمنسوخ
فالآية الأولى: منها قوله تعالى {قل لست عليكم بوكيلٍ} [الأنعام: 66]
قال أبو جعفرٍ حدّثنا أبو الحسن عليل بن أحمد، قال: حدّثنا
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/317]
محمّد بن هشام بن أبي خيرة، قال: حدّثنا عاصم بن سليمان، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، في قوله تعالى {قل لست عليكم بوكيلٍ} [الأنعام: 66] قال: " نسخ هذا آية السّيف {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: 5] "
قال أبو جعفرٍ: هذا خبرٌ لا يجوز أن ينسخ ومعنى: وكيلٌ حفيظٌ ورقيبٌ والنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ليس هو عليهم بحفيظٍ إنّما عليه أن ينذرهم وعقابهم إلى اللّه عزّ وجلّ
والآية الثّانية نظيرها
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/318]

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30 رجب 1432هـ/1-07-2011م, 10:34 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي

باب ذكر الآية الثّانية

قال اللّه عزّ وجلّ {وما على الّذين يتّقون من حسابهم من شيءٍ} [الأنعام: 69]
حدّثنا أبو الحسن عليل بن أحمد، قال: حدّثنا محمّد بن هشامٍ، قال: حدّثنا عاصم بن سليمان، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، في قول اللّه تعالى {وما على الّذين يتّقون من حسابهم من شيءٍ ولكن ذكرى لعلّهم يتّقون} [الأنعام: 69] قال:: " هذه مكّيّةٌ نسخت بالمدينة بقوله تعالى {وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات اللّه يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره} [النساء: 140] فنسخ هذا ما قبله وأمر المؤمنون أن لا يقعدوا مع من يكفر بالقرآن ويستهزئ به "
قال أبو جعفرٍ: {وما على الّذين يتّقون من حسابهم من شيءٍ} [الأنعام: 69] خبرٌ ومحالٌ نسخه والمعنى فيه بيّنٌ ليس على من اتّقى اللّه تعالى إذا نهى إنسانًا عن منكرٍ من حسابه شيءٌ اللّه مطالبه ومعاقبه وعليه أن ينهاه ولا يقعد معه راضيًا بقوله وفعله وإلّا كان مثله
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/319]
وهذان الحديثان وإن كانا عن ابن عبّاسٍ فإنّهما من حديث جويبرٍ، والآية الثّالثة قريبةٌ منهما
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/320]

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 30 رجب 1432هـ/1-07-2011م, 10:36 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي

باب ذكر الآية الثّالثة

قال جلّ وعزّ: {وذر الّذين اتّخذوا دينهم لعبًا ولهوًا} [الأنعام: 70]
قال أبو جعفرٍ حدّثنا أحمد بن محمّد بن نافعٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة: {وذر الّذين اتّخذوا دينهم لعبًا ولهوًا} [الأنعام: 70] قال: " نسخها {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: 5] "
قال أبو جعفرٍ: هذا ليس بخبرٍ وهو يحتمل النّسخ غير أنّ البيّن فيه أنّه ليس بمنسوخٍ وأنّه على معنى التّهديد لمن فعل هذا أي: ذره فإنّ اللّه تعالى مطالبه ومعاقبه ومثله {ذرهم في خوضهم يلعبون} [الأنعام: 91]
والصّحيح في الآية الرّابعة أنّها منسوخةٌ
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/321]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 30 رجب 1432هـ/1-07-2011م, 10:37 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي

باب ذكر الآية الرّابعة

قال جلّ وعزّ: {وهو الّذي أنشأ جنّاتٍ معروشاتٍ وغير معروشاتٍ والنّخل والزّرع مختلفًا أكله والزّيتون والرّمّان متشابهًا وغير متشابهٍ كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقّه يوم حصاده ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين} [الأنعام: 141] للصّحابة والتّابعين والفقهاء في هذه الآية خمسة أقوالٍ: منهم من قال: هي منسوخةٌ بالزّكاة المفروضة ومنهم من قال: هي منسوخةٌ بالسّنّة العشر ونصف العشر، ومنهم من قال يعني بهذا الزّكاة المفروضة ومنهم من قال: هي محكمةٌ واجبةٌ يراد بها غير الزّكاة ومنهم من قال: هي على النّدب
فممّن قال: إنّها منسوخةٌ بالزّكاة المفروضة سعيد بن جبيرٍ
حدّثنا أبو جعفرٍ قال: كما حدّثنا جعفر بن مجاشعٍ، قال: حدّثنا إبراهيم بن إسحاق، قال: حدّثنا الوليد بن صالحٍ، قال: أخبرنا شريكٌ، عن سالمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قول اللّه تعالى {وآتوا حقّه يوم حصاده} [الأنعام: 141] قال: «كان هذا قبل أن تنزل الزّكاة كان الرّجل يبدأ بعلف الدّابّة وبالشّيء»
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/322]
وهذا قول أبي جعفرٍ محمّد بن عليٍّ، وعكرمة
وقال الضّحّاك نسخت الزّكاة كلّ صدقةٍ في القرآن
وممّن قال نسخت الآية بقول النّبيّ عليه السّلام بالعشر ونصف العشر ابن عبّاسٍ فيما روي عنه
كما حدّثنا أحمد بن محمّدٍ الأزديّ، قال: حدّثنا فهدٌ، قال: حدّثنا محمّد بن سعيدٍ، قال: حدّثنا الحجّاج، عن الحكم، عن مقسمٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله تعالى: {وآتوا حقّه يوم حصاده} [الأنعام: 141] قال: «نسختها العشر ونصف العشر»
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/323]
وقرئ على عبد اللّه بن أحمد بن عبد السّلام، عن أبي الأزهر، قال: حدّثنا روحٌ، قال: أخبرنا الثّوريّ، عن مغيرة، عن شباكٍ، عن إبراهيم، {وآتوا حقّه يوم حصاده} [الأنعام: 141] قال: «نسختها العشر ونصف العشر» وهذا قول محمّد بن الحنفيّة، والسّدّيّ
وممّن قال: إنّها الزّكاة المفروضة أنس بن مالكٍ
كما حدّثنا جعفر بن مجاشعٍ، قال: حدّثنا إبراهيم بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو حفصٍ، قال: حدّثنا عبد الصّمد، قال: حدّثنا يزيد بن درهمٍ، عن أنس بن مالكٍ، {وآتوا حقّه يوم حصاده} [الأنعام: 141] قال: «الزّكاة»
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/324]
وقرئ على عبد اللّه بن أحمد بن عبد السّلام، عن أبي الأزهر، قال: حدّثنا روح بن عبادة قال: أخبرنا شعبة، عن أبي رجاءٍ، قال سألت الحسن عن قول اللّه، تعالى {وآتوا حقّه يوم حصاده} [الأنعام: 141] قال: «الزّكاة المفروضة»
قال أبو جعفرٍ: وهذا قول سعيد بن المسيّب، وجابر بن زيدٍ، وعطاءٍ، وقتادة، وزيد بن أسلم
قال: وحدّثنا بكر بن سهلٍ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن يوسف، قال: أخبرنا مالكٌ، في قول اللّه تعالى {وآتوا حقّه يوم حصاده} [الأنعام: 141] : «أنّ ذلك الزّكاة واللّه تعالى
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/325]
أعلم» وقد سمعت من يقول ذلك
قال أبو جعفرٍ: وقد قيل إنّ هذا أيضًا قول الشّافعيّ على التّأويل لأنّه لا يقول في معنى {وآتوا حقّه يوم حصاده} [الأنعام: 141] لا يخلو من أن يكون ذلك في وقت الحصاد أو بعده وبيّنت السّنّة أنّه بعده وقد قيل بل يجب على قولٍ للشّافعيّ أن تكون منسوخةً لأنّه يقول ليس في الرّمّان زكاةٌ ولا في شيءٍ من الثّمار إلّا في النّخل، والكرم وفي نصّ الآية ذكر الرّمّان والزّيتون وقد قال بمصر ليس في الزّيتون زكاةٌ لأنّه أدمٌ فهذه ثلاثة أقوالٍ
والقول الرّابع أنّ في المال حقًّا سوى الزّكاة وإنّ معنى {وآتوا حقّه يوم حصاده} [الأنعام: 141] أن يعطي منه شيئًا سوى الزّكاة وأن يخلّي بين المساكين وبين ما سقط
كما حدّثنا محمّد بن جعفرٍ الأنباريّ، قال: حدّثنا الحسن بن عفّان، قال: حدّثنا يحيى بن اليمان، عن سفيان، قال: «يدع المساكين يتّبعون أثر الحصّاد فما سقط عن المنجل أخذوه»
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/326]
وهذا قول جماعةٍ من أهل العلم منهم جعفر بن محمّدٍ وقد روي وصحّ عن عليّ بن الحسين رضي اللّه عنه أنّه أنكر حصاد اللّيل من أجل هذا
وقرئ على أحمد بن محمّد بن الحجّاج، عن يحيى بن سليمان، قال: حدّثنا حفصٌ، قال: أخبرنا أشعث، عن نافعٍ، عن ابن عمر، {وآتوا حقّه يوم حصاده} [الأنعام: 141] قال: «كانوا يعطون من اعترّ بهم»
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/327]
وهذا أيضًا قول مجاهدٍ ومحمّد بن كعبٍ وعطيّة وهو قول أبي عبيدٍ واحتجّ بحديث النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم:
«أنّه نهى عن حصاد اللّيل»
والقول الخامس: أن يكون معنى، {وآتوا حقّه يوم حصاده} [الأنعام: 141] على النّدب وهذا القول لا يعرف أحدًا من المتقدّمين قاله وإذا تكلّم أحدٌ من المتأخّرين في
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/328]
معنى آيةٍ من القرآن قد تقدّم كلام المتقدّمين فيها فخرج عن قولهم لم يلتفت إلى قوله ولم يعدّ خلافًا فبطل هذا
وأمّا القول بأنّها الصّدقة المفروضة فيعارض بأشياء
منها أنّ هذه السّورة مكّيّةٌ والزّكاة فرضت بالمدينة لا تنازع بين أهل العلم في ذلك
ومنها أنّ قوله تعالى {يوم حصاده} [الأنعام: 141] لو كان للزّكاة المفروضة وجب أن تعطى وقت الحصاد وقد جاءت السّنّة وصحّت أنّ الزّكاة لا تعطى إلّا بعد الكيل
وأيضًا فإنّ في الآية {ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين} [الأنعام: 141] فكيف يكون هذا في الزّكاة وهي معلومةٌ
وأيضًا فلو كان هذا في الزّكاة لوجب أن تكون الزّكاة في كلّ الثّمر وفي كلّ ما أنبتت الأرض وهذا لا يقوله أحدٌ نعلمه من الصّحابة ولا التّابعين ولا الفقهاء إلّا بعض المتأخّرين ممّن خرج عن الإجماع وأكثر ما قيل في هذا من قول من يحتجّ بقوله قول أبي حنيفة أنّ في كلّ هذا الزّكاة إلّا في الحطب والحشيش والقصب وقد أخرج شيئًا ممّا في الآية
ولم يختلف العلماء أنّ في أربعة أشياء منها الزّكاة: الحنطة، والشّعير، والتّمر، والزّبيب فهذا إجماعٌ
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/329]
وجماعةٌ من العلماء يقولون لا تجب الزّكاة فيما أخرجت الأرض إلّا في أربعة أشياء: الحنطة، والشّعير، والتّمر والزّبيب
فممّن قال هذا الحسن ومحمّد بن سيرين والشّعبيّ وابن أبي ليلى، وسفيان الثّوريّ، والحسن بن صالحٍ، وعبد اللّه بن المبارك، ويحيى بن آدم وأبو عبيدٍ واحتجّ أبو عبيدٍ بحديث الثّوريّ عن طلحة بن يحيى عن أبي بردة
إنّ معاذًا وأبا موسى لمّا بعثا ليعلّما النّاس أمر دينهم لم يأخذا الزّكاة فيما أخرجت الأرض إلّا من هذه الأربعة
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/330]
واحتجّ غيره أنّ أموال المسلمين محظورةٌ، فلمّا أجمع على هذه الأشياء وجبت بالإجماع ولمّا وقع الاختلاف في غيرها لم يجب فيها شيءٌ
وزاد ابن عبّاسٍ على هذه الأربعة السّلت والزّيتون وزاد الزّهريّ على هذه الأربعة الأشياء الزّيتون والحبوب كلّها وهذا قول عطاءٍ، وعمر بن عبد العزيز، ومكحولٍ، ومالك بن أنسٍ وهو قول الأوزاعيّ، واللّيث في الزّيتون الزّكاة
قال أبو جعفرٍ: وهذا القول كان قول الشّافعيّ بالعراق ثمّ قال بمصر في
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/332]
الزّيتون لا أرى أن تجب فيه الزّكاة لأنّه أدمٌ لا أنّه يؤكل بنفسه وقال يعقوب، ومحمّدٌ فيما بعد الأربعة كلّ ما يؤكل ويبقى ففيه الزّكاة
فهذه الأقوال كلّها تدلّ على أنّ الآية منسوخةٌ لأنّه ليس أحدٌ منهم أوجب الزّكاة في كلّ ما ذكر في الآية وأكثرهم اعتماده على الأشياء الأربعة فمن ضمّ إليها الحبوب وما يقتات به فإنّما قاسه عليها ومن ضمّ إليها الزّيتون فإنّما قاسه على النّخل والعنب هكذا قول الشّافعيّ بالعراق
قال أبو جعفرٍ: وقد احتجّ من يذهب إلى أنّ الآية محكمةٌ وأنّ ذلك حقٌّ في المال سوى الزّكاة
بما حدّثنا أبو عليٍّ الحسن بن غليبٍ، قال: حدّثنا عمران بن أبي عمران، قال: حدّثنا ابن لهيعة، عن درّاجٍ، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في قول اللّه تعالى {وآتوا حقّه يوم حصاده} [الأنعام: 141] قال: «ما سقط من السّنبل»
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/333]
قال أبو جعفرٍ: وهذا الحديث لو كان ممّا تقوم به حجّةٌ لجاز أن يكون منسوخًا كالآية وقد قامت الحجّة بأنّه لا فرض في المال سوى الزّكاة إلّا لمن تجب نفقته وثبت ذلك عن رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم
كما حدّثنا بكر بن سهلٍ، قال حدّثنا عبد اللّه بن يوسف، قال: أخبرنا مالكٌ، عن عمّه أبي سهيل بن مالكٍ، عن أبيه، أنّه سمع طلحة بن عبيد اللّه، يقول: " جاء رجلٌ إلى رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم من أهل نجدٍ ثائر الرّأس نسمع لصوته دويًّا ولا نفقه ما يقول حتّى دنا فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «خمس صلواتٍ في اليوم واللّيلة» قال: هل عليّ غيرها؟ قال: «لا إلّا أن تطوّع»، قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «وصيام رمضان» قال هل عليّ غيره؟ قال: «لا إلّا أن تطوّع»، وذكر له رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم الزّكاة فقال: هل عليّ غيرها؟ قال: «لا إلّا أن تطوّع» فأدبر الرّجل وهو يقول: واللّه لا أزيد على هذا ولا أنقص منه فقال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «أفلح إن صدق»
فتبيّن بهذا الحديث مع صحّة إسناده واستقامة طريقه أنّه لا فرض على المسلمين من الصّلاة إلّا الخمس ولا من الصّدقة إلّا الزّكاة فلمّا ثبت أنّه لا يجب بالآية فرضٌ سوى الزّكاة وأنّها ليست الزّكاة وأنّها ليست ندبًا لم يبق إلّا
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/334]
أن تكون منسوخةً
فأمّا {ولا تسرفوا} [الأنعام: 141] فقد تكلّم العلماء في معناه
فقال سعيد بن المسيّب معنى: " {ولا تسرفوا} [الأنعام: 141] لا تمنعوا من الزّكاة الواجبة"
وقال أبو العالية: " كانوا إذا حصدوا أعطوا ثمّ تباروا في ذلك حتّى أجحفوا فأنزل اللّه تعالى {ولا تسرفوا} [الأنعام: 141] "
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/335]
وقال السّدّيّ: «لا تعطوا أموالكم فتقعدوا فقراء»
وقال ابن جريجٍ: " نزلت في ثابت بن قيس جدّ نخلًا له فحلف أن لا يأتيه أحدٌ ألا أعطاه فأمسى ليست له تمرةٌ فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين} [الأنعام: 141] "
وقال ابن زيد ولا تسرفوا للولاة أي ولا تأخذوا ما لا يجب على النّاس
قال أبو جعفرٍ: وهذه الأقوال كلّها غير متناقضةٍ لأنّ الإسراف في اللّغة فعل ما لا ينبغي فهذا كلّه داخلٌ في أصل اللّغة فواجبٌ اجتنابه ومعنى {إنّه لا يحبّ المسرفين} [الأنعام: 141] لا يثيبهم ولا يقبل أعمالهم مجازًا
وتقدير {والزّيتون والرّمّان} [الأنعام: 141] وشجر الزّيتون والرّمّان مثل واسأل القرية
قال قتادة «متشابهًا وغير متشابهٍ يتشابه ورقه ويختلف ثمره» وقال
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/336]
غيره: يتشابه لونه ويختلف طعمه
وقرأ يحيى بن وثّابٍ {انظروا إلى ثمره} [الأنعام: 99] وهي قراءةٌ حسنةٌ لأنّه قد ذكرت أشياء كثيرةٌ فثمرٌ جمع ثمارٍ وثمارٌ جمع ثمرةٍ
قال محمّد بن جريرٍ أصل الإسراف في كلام العرب الإخطاء في إصابة غير الحقّ إمّا بزيادةٍ وإمّا بنقصانٍ من الحدّ الواجب، وأنشد [البحر البسيط]
أعطوا هنيدة يحدوها ثمانيةٌ = ما في عطائهم منٌّ ولا سرف
أي خطأٌ
واختلفوا في الآية الخامسة اختلافًا كثيرًا
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/337]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 30 رجب 1432هـ/1-07-2011م, 10:39 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي

باب ذكر الآية الخامسة

قال جلّ وعزّ: {قل لا أجد في ما أوحي إليّ محرّمًا على طاعمٍ يطعمه إلّا أن يكون ميتةً أو دمًا مسفوحًا أو لحم خنزيرٍ فإنّه رجسٌ أو فسقًا أهلّ لغير اللّه به} [الأنعام: 145]
في هذه الآية خمسة أقوالٍ
قالت طائفةٌ هي منسوخةٌ لأنّه وجب منها ألّا يحرم ألا ما فيها فلمّا حرّم رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم الحمر الأهليّة وكلّ ذي نابٍ من السّباع وكلّ ذي مخلبٍ من الطّير نسخت هذه الأشياء منها وقالت طائفةٌ: الآية محكمةٌ ولا حرام من الحيوان إلّا ما فيها وأحلّوا ما ذكرنا وغيره من الحيوان
وقالت طائفةٌ: الآية محكمةٌ وكلّ ما حرّمه رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم داخلٌ فيها
وقالت طائفةٌ هي محكمةٌ وكلّ ما حرّمه رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم مضمومٌ إليها داخلٌ في الاستثناء
والقول الخامس: إنّ هذه الآية جوّابٌ لما سألوا عنه فأجيبوا عمّا سألوا، وقد حرّم اللّه تعالى ورسوله صلّى الله عليه وسلّم غير ما في الآية
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/338]
قال أبو جعفرٍ: القول الأوّل إنّها منسوخةٌ غير جائزٍ لأنّ الأخبار لا تنسخ
والقول الثّاني: إنّها جامعةٌ لكلّ ما حرّم وإحلال الحمر الإنسيّة وغيرها قول جماعةٍ من العلماء منهم سعيد بن جبيرٍ، والشّعبيّ ويقال إنّه قول عائشة وابن عبّاسٍ وثمّ أحاديث مسندةٌ نبدأ بها فمن ذلك
ما حدّثناه أحمد بن محمّدٍ الأزديّ، قال: حدّثنا فهدٌ، قال: حدّثنا أبو نعيمٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن عبيد بن حسنٍ، عن عبد الرّحمن بن معقلٍ، عن عبد الرّحمن بن بشرٍ، عن، رجالٍ، من مزينة من أصحاب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم من الظّاهرة عن أبجر أو ابن أبجر أنّه قال: يا رسول اللّه لم يبق لي شيءٌ أستطيع أن أطعمه أهلي إلّا حمرٌ لي، قال: أطعم أهلك من سمين مالك فإنّما كرهت لكم جوّال القرية "
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/339]
فاحتجّوا بهذا الحديث في إحلال الحمر الأهليّة وقالوا: إنّما كرهها رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم لأنّها كانت تأكل القذر كما كره الجلّالة
وحدّثنا أحمد بن محمّدٍ الأزديّ، قال حدّثنا إسماعيل بن يحيى
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/341]
المزنيّ، قال: حدّثنا الشّافعيّ، قال: أخبرنا عبد الوهّاب بن عبد المجيد، عن أيّوب السّختيانيّ، عن محمّد بن سيرين، عن أنس بن مالكٍ، أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم جاءه جاءٍ فقال: أكلت الحمر ثمّ جاءه جاءٍ فقال: أكلت الحمر ثمّ جاءه جاءٍ فقال: أفنيت الحمر فأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مناديًا فنادى: إنّ اللّه جلّ وعزّ ورسوله صلّى الله عليه وسلّم ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهليّة فإنّها رجسٌ فكفئت القدور وإنّها لتفور " فهذا ما فيه من المسند، وأمّا ما جاء عن الصّحابة
فحدّثنا عليّ بن الحسين، قال: حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا يحيى بن سعيدٍ، عن القاسم بن محمّدٍ، قال: كانت عائشة رحمها اللّه " إذ ذكر لها النّهي عن كلّ ذي نابٍ من السّباع قالت: إنّ اللّه يقول: {قل لا أجد في ما أوحي إليّ محرّمًا على طاعمٍ يطعمه إلّا أن يكون ميتةً} [الأنعام: 145] الآية "
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/342]
قال أبو جعفرٍ: وهذا إسنادٌ صحيحٌ لا مطعن فيه
قال: وحدّثنا عليّ بن الحسين، قال: حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا شبابة، عن ورقاء، عن عمرو بن دينارٍ، قال: «كان جابر بن عبد اللّه ينهى عن لحوم الحمر ويأمر بلحوم الخيل» وأبى ذلك ابن عبّاسٍ وتلا {قل لا أجد في ما أوحي إليّ محرّمًا على طاعمٍ يطعمه} [الأنعام: 145] "
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/343]
حكى ذلك عمروٌ عن طاوسٍ عن ابن عبّاسٍ
وأمّا ما فيه عن التّابعين
فحدّثنا أحمد بن محمّدٍ الأزديّ، قال: حدّثنا المزنيّ، قال: حدّثنا الشّافعيّ، قال: أخبرنا سفيان، عن أبي إسحاق، قال: ذكرت لسعيد بن جبيرٍ حديث ابن أبي أوفى في النّهي عن لحوم الحمر فقال: «إنّما كانت تلك
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/344]
الحمر تأكل القذر»
وحدّثنا عليّ بن الحسين، قال: حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن عبّادٍ، عن يونس، قال قلت للشّعبيّ ما تقول في لحم الفيل؟ فقال: " قال اللّه: {قل لا أجد فيما أوحي إليّ محرّمًا} الآية "
قال أبو جعفرٍ: فهذه الأحاديث كلّها تعارض بسنّة رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم الثّابتة عنه
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/345]
فأمّا معارضتها فإنّ الحديث المسند الّذي فيه قول الرّجل للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم يبق لي شيءٌ أطعمه أهلي إلّا حمرٌ لي قد يجوز أن تكون الحمر وحشيّةً ويكون أكلها جائزًا وقد يجوز أن يكون أحلّها له على الضّرورة كالميتة
وأمّا الحديث الثّاني حديث أنسٍ الّذي فيه من أمر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مناديًا ينادي بما نادى به ففيه دليلٌ على تحريمها وهو قوله فإنّها رجسٌ، فالرّجس بالحرام أشبه منه بالحلال وفيه فكفئت القدور والحلال لا ينبغي أن يقلب والّذي تأوّله سعيد بن جبيرٍ يخالف فيه والّذي
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/346]
روي عن عائشة وابن عبّاسٍ يقال إنّ ابن عبّاسٍ رجع عنه لمّا قال له عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه:
إنّك امرؤٌ تائهٌ قد حرّم رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم المتعة ولحوم الحمر الأهليّة فرجع عن قوله، وقال بتحريم المتعة وأكل الحمر الأهليّة ومع هذا فليس لأحدٍ مع الرّسول عليه السّلام حجّةٌ ومع هذا فإنّ ابن عبّاسٍ يقول: «لا يحلّ أكل لحوم الخيل فقد أخرج الخيل من الآية والحمر
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/347]
أولى» وقوله في الخيل قول مالكٍ، وأبي حنيفة
والقول الثّالث بأنّ الآية محكمةٌ وأنّ المحرّمات داخلةٌ فيها قولٌ نظريٌّ لأنّ التّذكية إنّما تؤخذ توقيفًا فكلّ ما لم تؤخذ تذكيته بالتّوقيف فهو ميتةٌ داخلٌ في الآية
والقول الرّابع: أن يضمّ إلى الآية ما صحّ عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قولٌ حسنٌ فيكون داخلًا في الاستثناء إلّا أن يكون ميتةً أو دمًا مسفوحًا أو كذا أو كذا
وهذا قول الزّهريّ، ومالك بن أنسٍ ألا ترى أنّ الزّهريّ كان يقول بتحليل كلّ ذي نابٍ من السّباع حتّى قدم الشّام فلقي أبا إدريس الخولانيّ
فحدّثه عن، أبي ثعلبة الخشنيّ، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه حرّم كلّ ذي نابٍ من السّباع فرجع إلى قوله
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/348]
وكذا قال مالكٌ لمّا سئل عن كلّ ذي مخلبٍ من الطّير فقال: ما أعلم فيه نهيًا وهو عندي حلالٌ
وقد صحّ عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم تحريم كلّ ذي مخلبٍ من الطّير غير أنّ الحديث لم يقع إلى مالكٍ فعذر بذلك
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/349]
والقول الخامس: أنّ الآية جوّاب قولٍ حسنٍ صحيحٍ وهو قريبٌ من القول الّذي قبله لأنّها إذا كانت جوابًا فقد أجيبوا عمّا سألوا عنه وثمّ محرّماتٌ لم يسألوا عنها فهي محرّمةٌ بحالها والدّليل على أنّها جوّابٌ أنّ قبلها {قل آلذّكرين حرّم أم الأنثيين} [الأنعام: 143] وما معه من الاحتجاج عليهم وهذا القول الخامس مذهب الشّافعيّ
وفي هذه السّورة شيءٌ قد ذكره قومٌ هو من النّاسخ والمنسوخ بمعزلٍ ولكنّا نذكره ليكون الكتاب عامّ الفائدة
قال جلّ وعزّ: {ولا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم اللّه عليه وإنّه لفسقٌ} [الأنعام: 121] ففي هذه أربعة أقوالٍ
فمن النّاس من قال: هي منسوخةٌ بقوله تعالى: {وطعام الّذين أوتوا الكتاب حلٌّ لكم} [المائدة: 5]، وهم يذكرون غير اسم اللّه على ذبائحهم ومنهم من قال: هي محكمةٌ لا يحلّ أكل ذبيحةٍ إلّا أن يذكر اسم اللّه عليها فإن تركه تاركٌ عامدًا أو ناسيًا لم تؤكل ذبيحته، والقول الثّالث أن تؤكل إذا نسي أن يسمّي
والقول الرّابع: أن تؤكل ذبيحة المسلم وإن ترك التّسمية عامدًا أو ناسيًا
فالقول الأوّل قول عكرمة
قال في قول اللّه تعالى: {ولا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم اللّه عليه} [الأنعام: 121]
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/350]
قال: فنسخ ذلك واستثنى منه فقال تعالى {اليوم أحلّ لكم الطّيّبات وطعام الّذين أوتوا الكتاب حلٌّ لكم وطعامكم حلٌّ لهم} [المائدة: 5]
واحتجّ بعضهم لهذا القول:
بأنّ القاسم بن مخيمرة سئل عن ذبيحة النّصارى، هل تؤكل إذا سمّوا عليها بغير اسم اللّه تعالى فقال: نعم تؤكل ولو قالوا عليها باسم جرجس
قال أبو جعفرٍ: وهو قول مكحولٍ، وعطاءٍ قال:
قد علم اللّه تعالى ذلك منهم وأباح ذبائحهم
وهو قول ربيعة وهو يروى عن أبي الدّرداء، وعبادة بن الصّامت
وهذا القول لو كان إجماعًا لما وجب أن يكون فيه دليلٌ على نسخ الآية ولكان استثناءً
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/351]
على أنّه قد صحّ عن جماعةٍ من الصّحابة كراهة ذلك منهم عليّ بن أبي طالبٍ قال:
إذا سمعته يقول باسم المسيح فلا تأكله فإنّه ممّا أهلّ لغير اللّه به وإذا لم تسمع فكل لأنّه قد أحلّ لك ذلك
وهو قول عائشة وابن عمر وكره مالكٌ ذلك ولم يحرّمه
والقول الثّاني: إنّه لا يحلّ أكل ما لم يذكر عليه اسم اللّه تعالى في العمد والنّسيان قول الحسن، وابن سيرين، والشّعبيّ وعارضه محمّد بن جريرٍ، وقال لو لم يكن من فساده إلّا أنّ العلماء على غيره والجماعة لكان ذلك كافيًا من فساده
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/352]
قال أبو جعفرٍ: وقد ذكرنا من قال به من العلماء
حدّثنا أحمد بن محمّدٍ الأزديّ، قال: حدّثنا محمّد بن خزيمة، قال حدّثنا حجّاجٌ، قال: حدّثنا حمّادٌ، عن داود، عن الشّعبيّ، قال: {لا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم اللّه عليه} [الأنعام: 121] " وهذا أيضًا مذهب أبي ثورٍ والقول الثّالث: إنّه إذا ذبح فنسي التّسمية أكلت ذبيحته، قول سعيد بن جبيرٍ، والنّخعيّ، ومالكٍ، وأبي حنيفة، ويعقوب، ومحمّدٍ
والحجّة لهم أنّ ظاهر الآية يوجب أن لا تؤكل ذبيحة من ترك ذكر اسم اللّه تعالى عامدًا ولا ناسيًا ألا ترى أنّ فيها {وإنّه لفسقٌ} [الأنعام: 121] فخرج بهذا النّسيان لأنّه لا يقال لمن نسي فسقٌ
والقول الرّابع إنّه تؤكل ذبيحة المسلم وإن ترك التّسمية عامدًا غير متهاونٍ، قول ابن عبّاسٍ
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/353]
كما قرئ على أحمد بن شعيب بن عليٍّ، عن عمرو بن عليٍّ، قال: حدّثنا يحيى القطّان، قال: حدّثنا سفيان، قال: حدّثنا هارون بن أبي وكيعٍ، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، في قوله جلّ وعزّ: {ولا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم اللّه عليه} [الأنعام: 121] قال: " خاصمهم المشركون فقالوا: «ما ذبح اللّه فلا تأكلونه وما ذبحتم أكلتموه» فهذا من أصحّ ما مرّ وهو داخلٌ في المسند وخبر ابن عبّاسٍ بسبب نزول هذه الآية فوجب أن يكون ما لم يذكر اسم اللّه عليه يعني به الميتة وما ذبحه المشركون غير أهل الكتاب وما ذبحه المسلمون وأهل الكتاب مأكولٌ وإن لم يذكر عليه اسم اللّه جلّ وعزّ، واحتجّ ابن عبّاسٍ فقال
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/354]
اسم اللّه تعالى مع المسلم وهذا القول هو الصّحيح من قول الشّافعيّ
وقد حكى حيوة بن شريحٍ عن، عقبة بن مسلمٍ، أنّه قال: " يؤكل ما ذبحوا لكنائسهم لأنّه من طعامهم الّذي أحلّه اللّه جلّ وعزّ لنا قال: فقلت له فقد قال اللّه تعالى: {وما أهلّ لغير اللّه به} [المائدة: 3] فقال: إنّما ذلك ذبائح أهل الأوثان والمجوس "
وفي هذه السّورة {وأعرض عن المشركين} [الأنعام: 106]
روي عن ابن عبّاسٍ، قال: نسخ هذا {قاتلوا الّذين لا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر} [التوبة: 29] الآية وقال غيره ليس هذا بنسخٍ إنّما هذا من قولهم أعرضت عنه أي لم أنبسط إليه واشتقاقه من أوليته عرض وجهي وهذا واجبٌ أن
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/355]
يستعمل مع المشركين وأهل المعاصي، قال جلّ وعزّ: {أذلّةً على المؤمنين أعزّةً على الكافرين} [المائدة: 54]
وفي هذه السّورة {إنّ الّذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعًا لست منهم في شيءٍ} [الأنعام: 159]
حدّثنا أبو جعفرٍ حدّثنا أبو الحسن عليل بن أحمد، قال: حدّثنا محمّد بن هشامٍ، قال: حدّثنا عاصم بن سليمان، قال: حدّثنا جويبرٌ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، في قوله جلّ وعزّ: {إنّ الّذين فرّقوا دينهم} [الأنعام: 159] قال: " اليهود والنّصارى تركوا الإسلام والدّين الّذي أمروا به وكانوا شيعًا فرقًا أحزابًا مختلفةً {لست منهم في شيءٍ} [الأنعام: 159] نزلت بمكّة ثمّ نسخها {قاتلوا الّذين لا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر} [التوبة : 29] "
قال أبو جعفرٍ: وقال غيره ليس في هذا نسخٌ لأنّه معروفٌ في اللّغة أن يقال لست من فلانٍ ولا هو منّي إذا كنت مخالفًا له منكرًا عليه ما هو فيه وحكى سيبويه أنت منّي فرسخًا أي مادمت أسير فرسخًا
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/356]
على أنّه روى، أبو غالبٍ، عن، أبي أمامة، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، في قول اللّه عزّ وجلّ {إنّ الّذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعًا} [الأنعام: 159] قال هم الخوارج وإنّ بني إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقةً وتزيد هذه الأمّة واحدةً كلّها في النّار إلّا فرقةً واحدةً وهي الجماعة والسّواد الأعظم
فتبيّن بهذا الحديث وبظاهر الآية أنّ الّذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعًا هم أهل البدع لأنّهم إذا ابتدعوا تجادلوا وتخاصموا وتفرّقوا فليس النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ولا الفرقة النّاجية وهي الجماعة الظّاهرة منهم في شيءٍ لأنّهم منكرون عليهم ما هم فيه مخالفون لهم فهذا من النّاسخ والمنسوخ بمعزلٍ
[الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/357]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأنعام, سورة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:39 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir