دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأسيس في التفسير > صفحات الدراسة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 جمادى الآخرة 1435هـ/2-04-2014م, 05:34 AM
ليلى باقيس ليلى باقيس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2,071
افتراضي صفحة الطالبة: ليلى باقيس لدراسة التفسير

بسم الله الرحمن الرحيم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 1 رجب 1435هـ/30-04-2014م, 06:49 AM
ليلى باقيس ليلى باقيس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2,071
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم


ملخصات في التفسير


مختصر من: معاني القرآن لأبي إسحاق للزجاج 311هــ، والمحرر الوجيز في التفسير لأبي محمد بن عطية الأندلسي 541هــ، وتفسير القرآن لابن كثير 774هــ -رحمهم الله-

مقدمة
قال الله تعالى: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحقّ ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون * اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها قد بيّنا لكم الآيات لعلكم تعقلون}
قال ابن كثير رحمه الله في مقدمة تفسيره: ففي ذكره تعالى لهذه الآية بعد التي قبلها تنبيه على أنه تعالى كما يحيي الأرض بعد موتها، كذلك يلين القلوب بالإيمان والهدى بعد قسوتها من الذنوب والمعاصي، والله المؤمّل المسئول أن يفعل بنا ذلك إنه جواد كريم.

ملخص تفسير الآيات من (1- 5) من سورة البقرة
مقدمات
سورة البقرة مدنية بلا خلاف، وهي من أوائل ما نزل بها، نزلت في مدد شتى، وعدد آياتها ست وثمانون ومائتان آية.
فضلها:
- في الحديث الصحيح: قال صلى الله عليه وسلم: ((تجيء البقرة وآل عمران يوم القيامة كأنهما غيايتان بينهما شرق، أو غمامتان سوداوان، أو كأنهما ظُلّة من طير صوافّ تُجادلان عن صاحبهما)).
- وقال صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه)). البخاري
- وروى أبو هريرة عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله الشيطان)).
- وقال صلى الله عليه وسلم: (( أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة)).
- وعن ابن مسعود: إن لكل شيء سناما، وإن سنام القرآن سورة البقرة.

تفسير قوله تعالى: {الم}
اختلف فيها على قولين:
الأول: قال الشعبي والثوري وجماعة من المحدثين: هي سر الله في القرآن، وهي من المتشابه الذي انفرد الله بعلمه، ولا يجب أن يتكلّم فيها، ولكن نؤمن بها وتمرّ كما جاءت.
الثاني: وقال الجمهور من العلماء: بل يجب أن يتكلم فيها، وتلتمس الفوائد التي تحتها، واختلفوا في ذلك على اثنى عشر قولا: -لابن عباس فيها ثلاثة أقوال-
- قال علي وابن عباس: هي اسم الله الأعظم، إلا أنّا لا نعرف تأليفه منها.
- قال ابن عباس: هي أسماء الله أقسم بها.
- قال زيد بن أسلم: هي أسماء للسور.
- قال قتادة: هي أسماء للقرآن.
- قال مجاهد: هي فواتح للسور، وبمثل هذا قال أبوعبيدة والأخفش: إنها افتتاح كلام.
- قال قوم: هي حساب (أبي جاد) لتدل على مدة ملة محمد صلى الله عليه وسلم.
- قال قطرب: هي إشارة إلى حروف المعجم كأنه يقول للعرب إنما تحديتكم بنظم من هذه الحروف التي عرفتم.
قال ابن كثير: ولهذا كل سورة افتتحت بالحروف فلابد أن يذكر فيها الانتصار للقرآن، وبيان إعجازه، وعظمته.

تفسير قوله تعالى: {ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين}
قال ابن عباس{ذلك}: بمعنى هذا.
{الكتاب}: القرآن.
عن ابن مسعود وناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: {لا ريب}: لا شك.
ومعناه: أن هذا الكتاب هو (القرآن) لا شك فيه أنه نزل من عند الله.
وقال بعضهم: هذا خبر معناه النهي: أي لا ترتابوا فيه.
{هدًى}: معناه رشاد وبيان.
وخُصّت الهداية للمتقين كما دلّت غيرها من الآيات على اختصاص المؤمنين بالنفع بالقرآن؛ لأنه هو في نفسه هدى ولكن لا يناله إلا الأبرار.
عن ابن مسعود {هدى للمتقين}: نورا للمتقين.
{للمتقين}: المعنى الذين يتقون الله تعالى بامتثال أوامره، واجتناب معاصيه، كان ذلك وقاية بينهم وبين عذاب الله.
وعن ابن مسعود {للمتقين}: هم المؤمنون.
وقال قتادة: هم الذين نعتهم الله بقوله: {الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة}
واختار ابن جرير أن الآية تعمّ ذلك كله، قال ابن كثير: وهو كما قال.

تفسير قوله تعالى: {الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون}
قال ابن عباس {الذين يؤمنون}: يصدّقون.
وعن الزهري: الإيمان: العمل.
قال ابن جرير: والأولى أن يكونوا موصوفين بالإيمان بالغيب قولا وعملا واعتقادا.
ومنهم من فسّره بالخشية؛ والخشية خلاصة الإيمان والعلم.
{بالغيب}: والغيب لغة ما غاب عنك من أمر.
وهو ما غاب عنهم مما أخبرهم به النبي صلى الله عليه وسلم من أمر الغيب والنشور والقيامة، وكل ما غاب عنهم مما أنبأهم به فهو غيب.
واختلفت عبارات السلف فيه وكلّها صحيحة:
قال أبو العالية: يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وجنته وناره ولقائه، والحياة بعد الموت، والبعث فهذا غيب كله.
قال زيد بن أسلم: {يؤمنون بالغيب}: بالقدر
قال عطاء بن أبي رباح: من آمن بالله فقد آمن بالغيب.
فكلّ هذه متقاربة في معنى واحد؛ لأن جميع هذه المذكورات من الغيب الذي يجب الإيمان به.
{ويقيمون الصلاة}: معناه يتمّون الصلاة.
قال ابن عباس {ويقيمون الصلاة}: أي يقيمون الصلاة بفروضها.
قال ابن عباس: إقامة الصلاة إتمام الركوع والسجود والتلاوة والخشوع والإقبال عليها فيها.
وأصل الصلاة في كلام العرب: الدعاء.
وفي الشرع استعمل في ذات الركوع والسجود والأفعال المخصوصة في الأوقات المخصوصة.
{ومما رزقناهم ينفقون}: يصدقون، والرزق عند أهل السنة ما صح الانتفاع به حلالا كان أو حراما.
وينفقون معناه هنا: يؤتون ما ألزمهم الشرع من زكاة وما ندبهم إليه.
قال ابن عباس {ينفقون}: يؤتون الزكاة، وقيل: الآية في النفقة في الجهاد، وقيل في نفقة الرجل على أهله.
والآية تعم الجميع، فهذه الأقوال تمثيل.

تفسير قوله تعالى: {والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون}
اختلف المتأوّلون فيمن المراد بهذه الآية وبالتي قبلها: -أي فيمن نزلت-
فقال قوم: الآيتان جميعا في جميع المؤمنين.
وقال آخرون: هما في مؤمني أهل الكتاب
وقال آخرون: الآية الأولى في مؤمني العرب، والثانية في مؤمني أهل الكتاب.
قال ابن عطية: وهذه الأقوال لا تتعارض.
{بما أنزل إليك} يعني: القرآن
{وما أنزل من قبلك} يعني الكتب السالفة.
{وبالآخرة} قيل: الدار الآخرة، وقيل: النشأة الآخرة.
{يوقنون}: معناه يعلمون علما متمكنا في نفوسهم، واليقين أعلى درجات العلم، وهو الذي لا يمكن أن يدخله شك بوجه.
وسميت (الآخرة) لانها بعد الدنيا.

تفسير قوله تعالى: {أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون}
{أولئك}: إشارة إلى المذكورين، و(الهدى): الإرشاد، و(الفلح): الظفر بالبغية، وإدراك الأمل، وورد بمعنى البقاء.
يقول الله تعالى: (أولئك) أي المتصفون بما تقدم من الإيمان بالغيب وإقام الصلاة والانفاق من الذي رزقهم الله والإيمان بما أنزل الله إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ومن قبله من الرسل والإيمان بالدار الآخرة، وهو يستلزم الاستعداد لها (على هدى) أي على نور وبيان وبصيرة من الله تعالى {وأولئك هم المفلحون}أي في الدنيا والآخرة.
قال ابن جرير: {أولئك على هدى من ربهم}معنى ذلك أنهم على نور من ربهم وبرهان واستقامة وسداد بتسديد الله إيّاهم، وتوفيقه لهم.
{وأولئك هم المفلحون}المدركون ما طلبوا عند الله بأعمالهم وإيمانهم من الفوز بالثواب والخلود في الجنات.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23 رمضان 1435هـ/20-07-2014م, 08:27 AM
ليلى باقيس ليلى باقيس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2,071
افتراضي تلخيص تفسير الآيات من سورة البقرة [165 إلى 167]

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165) إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167)}
القراءات:
· القراءات في قوله تعالى: {ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب} ط ج
· القراءات في قوله تعالى: {إذ تبرّأ الذين اتّبعوا من الذين اتبعوا} ط
التفسير:
· مقصد الآية ك ط ج
· معنى الأنداد ك ط ج
· معنى قوله تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحبّ الله} ك ج
· معنى قوله تعالى: {والذين آمنوا أشدّ حبّا لله} ك ط ج
· معنى قوله تعالى: {ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب} ك ط
· فائدة دخول (إذ) ط
· معنى قوله تعالى: {أن القوة لله جميعا} ك
· فائدة لفظ (جميعا) ج
· أثر اختلاف القراءات في تفسير قوله تعالى قوله : {ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب} ط ج
· معنى قوله تعالى {إذ تبرّأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا} ك ط ج
· متعلق (إذ) في قوله تعالى: {إذ تبرّأ} ط
·معنى قوله تعالى: {ورأوا العذاب} ك
· معنى قوله تعالى: {وتقطعت بهم الأسباب} ك ط ج
·معنى قوله تعالى: {وقال الّذين اتّبعوا لو أنّ لناكرّةً فنتبرّأ منهم كما تبرّءوا منّا} ك ط ج
· معنى {كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم} ك ط ج
المسائل العقدية:
· عظم ذنب شرك المحبة ك
· إثبات صفة القوة لله تعالى ط
المسائل اللغوية:
· إفراد لفظ (يتخذ) ط
· فائدة لفظ (من دون) ط
· فائدة الضمير في قوله تعالى {يحبونهم} ط
· فائدة حذف جواب (لو) ط ج
· العامل في (أن) في قوله تعالى: {أن القوة لله جميعا} ط ج
الإعراب:
· إعراب {يحبونهم كحب الله} ط
·إعراب الكاف في {كذلك} ط
· إعراب (جميعا) ج
مسائل نحوية:
· ضم ألف (اتبِعوا) ج
الاستطرادات:
· فائدة نحويةج


تلخيص تفسير الآيات من سورة البقرة [165 إلى 167]

قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًايُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِوَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَلِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165)}


القراءات:
· القراءات في قوله تعالى: {ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب} ط ج
- قرأ نافع وابن عامر «ترى» بالتاء ، وبفتح «أن» في الموضعين
- وقرأ الحسن وقتادة وشيبة وأبوجعفر بالتاء وكسر الهمزة من «إن»
- وقرأ حمزة والكسائي وأبو عمرو وعاصم وابن كثير «يرى» بالياء، وفتح الألف من «أن»،
- وقرأت طائفة «يرى» بالياء وكسر الألف من «إن»،
- وقرأ ابن عامر وحده «يرون» بضم الياء والباقون بفتحها.
ذكره ابن عطية، وهو حاصل ما ذكره الزجاج ولكن دون أن ينسب القراءات.

التفسير:
· مقصد الآية ك ط ج
يذكر تعالى في هذه الآية الجاحدين المشركين معجبا من سوء ضلالهم مع الآيات البينات، حيث جعلوا له أندادا وهم يعلمون أنها لا تنفع ولاتضرّ، ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.
· معنى الأنداد ك ط ج
لغة: الأمثال والنظراء، ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير
والمراد به في الآية:
1: الأوثان؛ وهو قول مجاهد وقتادة، ذكره ابن عطية
2: الرؤساء المتبعون، وهو قول ابن عباس، ذكره ابن عطية
· معنى قوله تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحبّ الله} ك ج
قال الزجاج: (أي: يسوّون بين هذه الأوثان وبين اللّه عزّ وجلّ في المحبة) وبمثل ذلك قال ابن عطية وابن كثير.
ورد الزجاج قول بعض النحويين: يحبونهم كحبكم أنتم للّه، وقال: (وهذا قول ليس بشيء, ودليل نقضه قوله:{والّذين آمنواأشدّ حبّاً للّه})
وهذا الشرك يعرف بشرك المحبة.
قال ابن عطية: (تفسير دون بسوى أو بغير لا يطرد)
· معنى قوله تعالى: {والذين آمنوا أشدّ حبّا لله} ك ط ج
قال ابن كثير: (ولحبّهم للّه وتمام معرفتهم به، وتوقيرهم وتوحيدهم له، لا يشركون به شيئًا، بل يعبدونه وحده ويتوكلون عليه، ويلجؤون في جميع أمورهم إليه.)
وقال ابن عطية: (ثم أخبر أن المؤمنين أشدّ حبًّا للّه لإخلاصهم وتيقنهم الحق)
وقال الزجاج: ( والمعنى: أن المخلصين الذين لا يشركون مع اللّه غيره هم المحبّون حقاً).
فيتبيّن من كلام المفسرين: أن المؤمنين أهل الإخلاص هم الذين وقر في قلوبهم محبة الله تعالى وحققوها.
· معنى قوله تعالى: {ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب} ك ط
في الآية توعد تعالى المشركين الظالمين لأنفسهم، وتقدير الآية: أنهم لو عاينوا العذاب لعلموا حينئذٍ أنّ القوّة للّه جميعًا، ذكر ذلك ابن كثير وابن عطية.
والرؤية في هذه الآية:
قيل بمعنى يعلم؛ روي ذلك عن المبرد والأخفش ، ذكره ابن عطية
وقيل: هي رؤية بصر؛ قاله أبو علي، ذكره ابن عطية.
· فائدة دخول (إذ) ط
قال ابن عطية: (تقريبا للأمر وتصحيحا لوقوعه)
· معنى قوله تعالى: {أن القوة لله جميعا} ك
قال ابن كثير: (أي: إنّ الحكم له وحده لاشريك له، وأنّ جميع الأشياء تحت قهره وغلبته وسلطانه)
· فائدة لفظ (جميعا) ج
قال الزجاج: (المعنى أن القوة ثابتة للّه عزّوجلّ في حال اجتماعها)
· أثر اختلاف القراءات في تفسير قوله تعالى قوله : {ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب} ط ج
اختلفت القراءات في هذه الآية على أربعة أوجه ذكرها ابن عطية مفصلة مع ما يترتب عليها من اختلاف التأويل، وذكرها الزجاج دون النسبة، وملخص ذلك:
- قرئت (ترى) بفتح "أن"
- وقرئت "ترى" بكسر "أن"
والتاء خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم : يراد به الناس.
- وقرئت "يرى" بفتح "أن"
- وقرئت "يرى" بكسر "أن"
فيكون جواب قوله تعالى: {ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب}:
- في حال فتح "أن":
الأول: لعلموا حين يرون العذاب أن القوة لله جميعا، فالجواب مضمر على هذا النحو من المعنى، ذكره الزجاج وابن عطية.
الثاني: لعلموا حين يرون العذاب مضرة اتخاذهم الأنداد وأنها لا تنفع، ذكره الزجاج
الثالث: ترك الجواب للمبالغة، والتقدير لرأيتم أمرا عظيما. ذكره ابن عطية
- في حال كسر "أن":
الأول: ترك الجواب لعظيم الموصوف، ويكون التقدير: لرأيتم أمرا عظيما لا تبلغ صفته، ذكره الزجاج وابن عطية
الثاني: لقالوا أن القوة لله جميعا، ذكره ابن عطية
- وقال الزجاج : (فتح "أن" أجود وأكثر في القراءة).

قوله تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَالَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَوَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166)}
القراءات:
· القراءات في قوله تعالى: {إذ تبرّأ الذين اتّبعوا من الذين اتبعوا} ط
قال ابن عطية: (قرأ مجاهد بتقديم الفعل المسند إلى المتبعين للرؤساء وتأخير المسند إلى المتبعين.).

التفسير:
· معنى قوله تعالى {إذ تبرّأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا} ك ط ج
قال ابن كثير: ( ثمّ أخبرعن كفرهم بأوثانهم وتبرّؤ المتبوعين من التّابعين)
وتبرير المتبوعين أنهم قالوا إنّا لم نضل هؤلاء بل كفروا بإرادتهم، وحاول المتبعون تعليق ذنوبهم على المضلين، ذكره ابن عطية.
وقيل في المراد بـــ (الذين اتّبِعوا):
1: كا من عبد من دون الله
2: الشياطين المضلّون، قاله قتادة.
3: هم رؤساهم، قاله الربيع وعطاء
ذكر ذلك ابن عطية وقال: (ولفظ الآية يعم هذا كله)، واختار الزجاج أنهم الرؤساء السادة.
وأما الذين اتبَعوا فالمراد بهم: العبدة لغير الله، والضالون المقلدون لرؤسائهم أو للشياطين، ذكر ذلك الزجاج وابن عطية.
· متعلق (إذ) في قوله تعالى: {إذ تبرّأ} ط
قال ابن عطية: (وإذ يحتمل أن تكون متعلقة بــــ شديد العذاب، ويحتمل أن يكون العامل فيها: اذكر)
·معنى قوله تعالى: {ورأوا العذاب} ك
قال ابن كثير: ( أي: عاينوا عذاب اللّه)
· معنى قوله تعالى: {وتقطعت بهم الأسباب} ك ط ج
السبب لغة: قال ابن عطية: (والسبب في اللغة: الحبل الرابط الموصل، فيقال في كل ما يتمسك به فيصل بين شيئين)
وقال الزجاج: (أي: انقطع وصلهم الذي كان جمعهم.)
قال ابن كثير: (وتقطّعت بهم الحيل وأسباب الخلاص ولم يجدوا عن النّار معدلا ولامصرفا.)
واختلف في المراد بالأسباب في الآية على أقوال:
1: أي المودة، رواه عطاء عن ابن عباس وروي عن مجاهد، ذكره ابن كثير
2: الأرحام، قاله ابن عباس، ذكره ابن عطية.
3: العهود، قاله مجاهد، ذكره ابن عطية.
4: المنازل التي كانت لهم في الدنيا، ذكره ابن عطية.
5: الأعمال، قاله ابن زيد والسدي، ذكره ابن عطية.

قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّلَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُاللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167)}

التفسير:
· معنى قوله تعالى: {وقال الّذين اتّبعوا لو أنّ لناكرّةً فنتبرّأ منهم كما تبرّءوا منّا} ك ط ج
قال ابن عطية: (المعنى وقال الأتباع الذين تبرئ منهم: لو رددنا إلى الدنيا حتى نعمل صالحا ونتبرأ منهم) وبمثل هذا المعنى قال الزجاج وابن كثير، وزاد ابن كثير: (وهم كاذبون في هذا، بل لو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه)
ومعنى الكرة: قال ابن عطية: (العودة إلى حال قد كانت)
· معنى {كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم} ك ط ج
كذلك:قال ابن عطية: (الإشارة بذلك إلى حالهم وقت تمنيهم الكرة)
والرؤية: قيل رؤية بصر، وقيل رؤية قلب ذكره ابن عطية.
واختلف في المراد بأعمالهم في الآية على قولين:
الأول: قيل هي أعمالهم الفاسدة التي ارتكبوها، قاله الربيع وابن زيد، ذكره ابن عطية
الثاني: قيل هي الأعمال الصالحة التي تركوها، قاله ابن مسعود والسدي ذكره ابن عطية.
قال ابن عطية: (وأضيفت هذه الأعمال إليهم من حيث هم مأمورون بها، وأما إضافة الفاسدة إليهم فمن حيث عملوها)
والحسرة في اللغة: قال ابن عطية: (والحسرة أعلى درجات الندامة والهم بما فات، وهي مشتقة من الشيء الحسير الذي قد انقطع وذهبت قوته كالبعير والبصر، وقيل هي من حسر إذا كشف)
واستدل لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: ((يحسر الفرات عن جبل من ذهب))
قال الزجاج: (لأن ما عمله الكافر غير نافعه معكفره )
قال ابن كثير: (تذهب وتضمحلّ)

المسائل العقدية:
· عظم ذنب شرك المحبة ك
قال ابن كثير: (أمثالًا ونظراء يعبدونهم معه ويحبّونهم كحبّه، وهو اللّه لا إله إلّا هو، ولا ضدّ له ولا ندّ له،ولا شريك معه. وفي الصّحيحين عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: قلت: يا رسول اللّه، أيّ الذّنب أعظم؟ قال: "أن تجعل للّه ندًّا وهو خلقك".)
· إثبات صفة القوة لله تعالى ط
قال ابن عطية: (وثبتت بنص هذه الآية القوة لله بخلاف قول المعتزلة)

المسائل اللغوية:
· إفراد لفظ (يتخذ) ط
قال ابن عطية: (وخرج يتّخذ موحدا على لفظ من والمعنى جمعه)
· فائدة لفظ (من دون) ط
قال ابن عطية: (ومن دون لفظ يعطي غيبة ما تضاف إليه دون عن القضية التي فيها الكلام)
· فائدة الضمير في قوله تعالى {يحبونهم} ط
قال ابن عطية: (وجاء ضميرها في يحبّونهم ضمير من يعقل لما أنزلت بالعبادة منزلة من يعقل) أي الأوثان.
· فائدة حذف جواب (لو) ط ج
وقد حذف جواب لو مبالغة
قال الزجاج: (جواب لو إنما يترك لعظيم الموصوف)
· العامل في (أن) في قوله تعالى: {أن القوة لله جميعا} ط ج
قال ابن عطية: (ويعمل في «أن» الفعل الظاهر وهو أرجح من أن يكون العامل فيها مقدرا)
الإعراب:
· إعراب {يحبونهم كحب الله} ط
ويحبّونهم في موضع نصب نعت للأنداد، أو على الحال من المضمر في يتّخذ، أو يكون في موضع رفع نعت ل من وهذا على أن تكون من نكرة.
والكاف من كحبّ في موضع نصب نعت لمصدر محذوف، و «حب» مصدر مضاف إلى المفعول في اللفظ وهو على التقدير مضاف إلى الفاعل المضمر، تقديره كحبكم الله أو كحبهم الله
· إعراب الكاف في {كذلك} ط
والكاف من قوله كذلك يريهم قيل: هي في موضع رفع على خبر ابتداء تقديره الأمر كذلك، وقيل: هي كاف تشبيه مجردة،
· إعراب (جميعا) ج
منصوبة - على الحال
مسائل نحوية:
·ضم ألف (اتبِعوا) ج
وإنما ضمّت الألف في قوله {اتّبعوا} لضمّة التاء، والتاء ضمت علامة ما لم يسمّ فاعله
الاستطرادات:
· فائدة نحوية: ضم أول الفعل المبني للمجهول، وما كان ساكن الأول اجتلبت له ألف وصل وضم ما كان متحركا منه (ج)
قال الزجاج: (إنما يضم لما لم يسم فاعله الأول من متحركات الفعل، فإذا كان في الأول ساكن اجتلبت له ألف الوصل، وضم ما كان متحركاً، فكان المتحرك من اتبعوا التاء الثانية فضمت دليلاًعلى ترك الفاعل.)

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13 شوال 1435هـ/9-08-2014م, 02:48 PM
ليلى باقيس ليلى باقيس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2,071
افتراضي تلخيص تفسير سورة البقرة [من الآية (159) إلى الآية (162) ]

بسم الله الرحمن الرحيم
المرحلة الثانية
تلخيص تفسير سورة البقرة [من الآية (159) إلى الآية (162) ]

{ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (162)}

التفسير:
· معنى قوله تعالى: {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البيّنات والهدى من بعد ما بيّناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون} ك
· المراد بقوله تعالى: {إن الذين يكتمون} ك ط ج
· معنى: {البيّنات والهدى} ط
· سبب نزول قوله تعالى: {إن الذين يكتمون ما أنزلنا ...} الآية. ط
· المراد باللاعنون في قوله تعالى: {ويلعنهم اللاعنون} ك ط ج
· معنى قوله تعالى: {في الكتاب} ط
· معنى قوله تعالى: { إلا الذين تابوا وأصلحوا وبيّنوا} ك ط ج
· معنى قوله تعالى : {وأصلحوا} ط
· معنى قوله تعالى: {وبيّنوا} ط
· معنى قوله تعالى: {فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم} ك ط ج
· معنى قوله تعالى: {إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة} ك ط ج
· معنى قوله تعالى: {والناس أجمعين} ط
· معنى قوله تعالى: {لا يخفف عنهم العذاب} ك ط
· مرد الضمير في {خالدين فيها} ط ج
· معنى قوله تعالى: {ولا هم ينظرون} ك
فوائد الآية

ملخص التفسير

التفسير:
· معنى قوله تعالى: {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البيّنات والهدى من بعد ما بيّناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون} ك
هذا وعيدٌ شديدٌ لمن كتم ما جاءت به الرسل من الدّلالات البيّنة على المقاصد الصّحيحة والهدى النّافع للقلوب، من بعد ما بيّنه اللّه -تعالى -لعباده في كتبه، التي أنزلها على رسله.
· المراد بقوله تعالى: {إن الذين يكتمون} ك ط ج
قيل: المراد أحبار اليهود ورهبان النصارى الذين كتموا أمر محمد صلى الله عليه وسلم.
· معنى: {البيّنات والهدى} ط
قال ابن عطية:والبيّنات والهدى: أمر محمد صلى الله عليه وسلم،ثم يعم بعد كل ما يكتم من خير.
· سبب نزول قوله تعالى: {إن الذين يكتمون ما أنزلنا ...} الآية. ط
قال الطبري: «وقد روي أن معينين منهم سألهم قوم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عما في كتبهم من أمره فكتموا فنزلت. ذكره ابن عطية
· المراد باللاعنون في قوله تعالى: {ويلعنهم اللاعنون} ك ط ج
قال ابن عطية:
واختلف في اللاعنين:
1: فقال قتادة والربيع: الملائكة والمؤمنون، وهذا ظاهر واضح جار على مقتضى الكلام.
2: وقال مجاهد وعكرمة: هم الحشرات والبهائم يصيبهم الجدب بذنوب علماء السوء الكاتمين فيلعنونهم.
3: وقال البراء بن عازب اللّاعنون كل المخلوقات ما عدا الثقلين الجن والإنس
4: وقال ابن مسعود: المراد بها ما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن كل متلاعنين إن استحقا اللعنة وإلا انصرفت على اليهود".
قال: وهذه الأقوال الثلاثة لا يقتضيها اللفظ ولا تثبت إلا بسند يقطع العذر
· معنى قوله تعالى: {في الكتاب} ط
التوراة والإنجيل ثم يدخل القرآن مع تعميم الآية، قاله ابن عطية.
وقيل: القرآن
· معنى قوله تعالى: { إلا الذين تابوا وأصلحوا وبيّنوا} ك ط ج
قال ابن كثير: استثنى اللّه تعالى من هؤلاء من تاب إليه فقال: {إلا الّذين تابوا وأصلحوا وبيّنوا}أي: رجعوا عمّا كانوا فيه وأصلحوا أعمالهم وأحوالهم وبيّنوا للنّاس ما كانوا كتموه.
· معنى قوله تعالى : {وأصلحوا} ط
قال ابن عطية: وأصلحوا أي في أعمالهم وأقوالهم.
· معنى قوله تعالى: {وبيّنوا} ط
قيل معناه بينوا توبتهم بمبرز العمل والبروع فيه،
وقيل: المعنى بينوا أمر محمد صلى الله عليه وسلم، ذكره ابن عطية.
· معنى قوله تعالى: {فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم} ك ط ج
قال الزجاج: أعلم الله عزّ وجلّ: أنه يقبل التوبة ويرحم , ويغفر الذنب الذي لا غاية بعده.
· معنى قوله تعالى: {إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة} ك ط ج
قال ابن كثير: أخبر تعالى عمّن كفر به واستمرّ به الحال إلى مماته بأنّ {عليهم لعنة اللّه والملائكة والنّاس أجمعين * خالدين فيها}
وقال ابن عطية: الآية محكمة فيمن مات على الكفر.
وقال أبو العالية وقتادة: إنّ الكافر يوقف يوم القيامة فيلعنه اللّه، ثمّ تلعنه الملائكة، ثمّ يلعنه النّاس أجمعون، ذكره ابن كثير.
· معنى قوله تعالى: {والناس أجمعين} ط
فيها أقوال:
1: قال قتادة والربيع: المراد ب النّاس المؤمنون خاصة.
2: قال أبو العالية: معنى ذلك في الآخرة، وذلك أن الكفرة يلعنون أنفسهم يوم القيامة،
3: قالت فرقة: معنى ذلك أن الكفرة يقولون في الدنيا: لعن الله الكافرين، فيلعنون أنفسهم من حيث لا يشعرون.
· معنى قوله تعالى: {لا يخفف عنهم العذاب} ك ط
قال ابن كثير: أي: لا ينقص عمّا هم فيه.
هو إعلام منه تعالى برفع وجوه الرفق عنهم لأن العذاب إذا لم يخفف ولم يؤخر فهو النهاية، قاله ابن عطية.
· مرد الضمير في {خالدين فيها} ط ج
قيل: عائد على اللعنة، وقيل: على النار.
· معنى قوله تعالى: {ولا هم ينظرون} ك
أي: لا يغيّر عنهم ساعةً واحدةً، ولا يفتّر، بل هو متواصلٌ دائمٌ، قاله ابن كثير.
وقيل: ينظرون معناه يؤخرون عن العذاب، ويحتمل أن يكون من النظر، ذكره ابن عطية وقال: والأول أظهر.
فوائد الآيات:
-الآيات تتناول كل من كتم علما من دين الله يحتاج إلى بثه.
-كاتم العلم يلعنه الله والملائكة والناس أجمعون واللاعنون.
-الداعية إلى كفر أو بدعة إذا تاب، تاب الله عليه.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 شوال 1435هـ/9-08-2014م, 03:09 PM
ليلى باقيس ليلى باقيس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2,071
افتراضي تلخيص تفسير سورة البقرة [من الآية (163) إلى الآية (164) ]

بسم الله الرحمن الرحيم

تلخيص تفسير سورة البقرة [من الآية (163) إلى الآية (164) ]

{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)}

التفسير:
· مقصد الآيات. ك ط ج
· معنى قوله تعالى: {وإلهكم إله واحد } الآية ك ط ج
· معنى واحد. ط
· فضل الآية. ك
· معنى قوله تعالى: {إن في خلق السموات والأرض} ك ط ج
· معنى قوله تعالى: {واختلاف الليل والنهار} ك ط
· معنى قوله تعالى: {والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس} ك
· معنى: (ما ينفع الناس) ط
· سبب تخصيص نعمة البحر بما ينفع. ط
· معنى قوله تعالى: {وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها} ط
· معنى قوله تعالى: {وبثّ فيها من كلّ دابة} ط ك
· معنى قوله تعالى: {وتصريف الرياح} ك ط ج
· معنى قوله تعالى: {والسحاب المسخّر بين السماء والأرض} ك ط
· معنى قوله تعالى: {لآيات لقوم يعقلون} ك ج
· سبب نزول قوله تعالى: {إن في خلق السماوات والأرض ...} الآية ك


ملخص التفسير

تفسير قوله تعالى: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163) )
التفسير:
· فضل الآية. ك
في الحديث عن شهر بن حوشبٍ، عن أسماء بنت يزيد بن السّكن، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "اسم اللّه الأعظم في هاتين الآيتين: {وإلهكم إلهٌ واحدٌ لا إله إلا هو الرّحمن الرّحيم} و {الم * اللّه لا إله إلا هو الحيّ القيّوم}[آل عمران: 1، 2]
· مقصد الآيات. ك ط ج
يخبر تعالى عن تفرده بالإلاهية.
· معنى قوله تعالى: {وإلهكم إله واحد } الآية ك ط ج
يخبر تعالى عن تفرّده بالإلهيّة، وأنّه لا شريك له ولا عديل له، بل هو اللّه الواحد الأحد الفرد الصّمد، الذي لا إله إلّا هو وأنّه الرّحمن الرّحيم.
· معنى واحد. ط
قال ابن عطية: وواحدٌ في صفة الله تعالى معناه نفي المثيل والنظير والند.


تفسير قوله تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164) )
· معنى قوله تعالى: {إن في خلق السموات والأرض} ك ط ج
أي: في لطافتها و ارتفاعها واتّساعها وكواكبها السّيّارة والثّوابت ودوران فلكها، وهذه الأرض في كثافتها و انخفاضها وجبالها وبحارها وقفارها ووهادها وعمرانها ومافيها من المنافع.
· معنى قوله تعالى: {واختلاف الليل والنهار} ك ط
أي: هذا يجيء ثمّ يذهب ويخلفه الآخر ويعقبه، لا يتأخّر عنه لحظةً.
· معنى قوله تعالى: {والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس} ك
أي: في تسخير البحر لحمل السّفن من جانبٍ إلى جانبٍ لمعاش النّاس، والانتفاع بما عند أهل ذلك الإقليم، ونقل هذا إلى هؤلاء وما عند أولئك إلى هؤلاء.
· معنى: (ما ينفع الناس) ط
قال ابن عطية: «ما ينفع الناس» هي التجارات وسائر المآرب التي يركب لها البحر من غزو وحج.
· سبب تخصيص نعمة البحر بما ينفع. ط
قال ابن عطية: والنعمة بالفلك هي إذا انتفع بها، فلذلك خص ذكر الانتفاع إذ قد تجري بما يضر.
· معنى قوله تعالى: {وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها} ط
يعني به الأمطار التي بها إنعاش العالم وإخراج النبات والأرزاق.
· معنى قوله تعالى: {وبثّ فيها من كلّ دابة} ط ك
أي: على اختلاف أشكالها وألوانها ومنافعها وصغرها وكبرها، وهو يعلم ذلك كلّه ويرزقه لا يخفى عليه شيءٌ من ذلك.
قال ابن عطية: وبثّ معناه فرق وبسط، ودابّةٍ تجمع الحيوان كله، وقد أخرج بعض الناس الطير من الدواب، وهذا مردود.
· معنى قوله تعالى: {وتصريف الرياح} ك ط ج
قال الزجاج: وتصريفها أنها تأتي من كل أفق فتكون شمالا مرة وجنوبا مرة ودبورا مرة وصبا مرة، وتأتي لواقح للسحاب.
· معنى قوله تعالى: {والسحاب المسخّر بين السماء والأرض} ك ط
أي: سائرٌ بين السّماء والأرض يسخّر إلى ما يشاء اللّه من الأراضي والأماكن.
قال ابن عطية: وتسخيره بعثه من مكان إلى آخر.
· معنى قوله تعالى: {لآيات لقوم يعقلون} ك ج
أي: في هذه الأشياء دلالاتٌ بيّنةٌ على وحدانيّة اللّه تعالى.
· سبب نزول قوله تعالى: {إن في خلق السماوات والأرض ...} الآية ك
- عن ابن عبّاسٍ قال: أتت قريشٌ محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا: يا محمّد إنّما نريد أن تدعو ربّك أن يجعل لنا الصّفا ذهبًا، فنشتري به الخيل والسّلاح، فنؤمن بك ونقاتل معك. قال: "أوثقوا لي لئن دعوت ربّي فجعل لكم الصّفا ذهبًا لتؤمننّ بي" فأوثقوا له، فدعا ربّه، فأتاه جبريل فقال: إنّ ربّك قدأعطاهم الصّفا ذهبًا على أنّهم إن لم يؤمنوا بك عذّبهم عذابًا لم يعذّبه أحدًا من العالمين. قال محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم: "ربّ لا بل دعني وقومي فلأدعهم يومًا بيومٍ". فأنزل اللّه هذه الآية: {إنّ في خلق السّماوات والأرض واختلاف اللّيل والنّهار والفلك الّتي تجري في البحر بما ينفع النّاس} الآية.
- عن عطاءٍ، قال: نزلت على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بالمدينة: {وإلهكم إلهٌ واحدٌ لا إله إلا هو الرّحمن الرّحيم} فقال كفّار قريشٍ بمكّة: كيف يسع النّاس إلهٌ واحدٌ؟ فأنزل اللّه تعالى: {إنّ في خلق السّماوات والأرض واختلاف اللّيل والنّهار والفلك الّتي تجري في البحر بما ينفع النّاس} إلى قوله: {لآياتٍ لقومٍ يعقلون} فبهذا يعلمون أنّه إلهٌ واحدٌ، وأنّه إله كلّ شيءٍ وخالق كلّ شيءٍ.
- عن أبي الضّحى قال: لمّا نزلت: {وإلهكم إلهٌ واحدٌ} إلى آخر الآية، قال المشركون: إن كان هكذا فليأتنا بآيةٍ. فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {إنّ في خلق السّماوات والأرض واختلاف اللّيل والنّهار} إلى قوله: {يعقلون}.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 1 ذو القعدة 1435هـ/26-08-2014م, 07:27 PM
ليلى باقيس ليلى باقيس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2,071
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

ملخص تفسير قول الله تعالى: {الم} وبيان ما قيل في الأحرف المقطعة في أوائل السور


المسائل:
التفسير
· معنى (الم) والحروف المقطعة في أوائل السور والمراد بها ج ط ك
· الحكمة الّتي اقتضت إيراد هذه الحروف في أوائل السّور ج ط ك

الإعراب
· إعراب (الم)

فوائد:
القراءات
· اختلاف القراءات في الحروف المقطعة في أوائل السور
· القراءات والوقف على (الم) آل عمران
التجويد
· كيفية أداء الحروف المقطعة في أوائل السور
فوائد نحوية
· إعراب أبجد هوز


ملخص تفسير قول الله تعالى: {الم} وبيان ما قيل في الأحرف المقطعة في أوائل السور


· معنى (الم) والحروف المقطعة في أوائل السور والمراد بها ج ط ك
اختلف في الحروف التي في أوائل السور على قولين:
الأول: قالوا: هي سرّ الله في القرآن، وهي من المتشابه الذي انفرد الله بعلمه، ولا يجب أن يتكلم فيها، ولكن يؤمن بها وتمرّ كما جاءت، ، ذكره الزجاج عن الشعبي، وذكر نحوه ابن عطية عن الشعبي وسفيان وجماعة من المحدثين ،وذكره ابن كثير وزاد في نسبته إلى الربيع، وقال: حكاه القرطبيّ في تفسيره عن أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعليٍّ وابن مسعودٍ رضي اللّه عنهم به، واختاره أبو حاتم بن حبّان.
الثاني وهو قول الجمهور: أنهم فسّروها،ولكنهم اختلفوا في معناها.
وعدّ ابن عطية الأقوال في ذلك إلى اثنى عشر قولا، منها ثلاثة لابن عباس ذكره ابن عطية والزجاج وابن كثير.
فالقول الأول: أنها افتتاح كلام، ذكره الزجاج وابن عطية عن أبي عبيدة والأخفش، وذكره ابن عطية وابن كثير عن مجاهد، وجاء عن مجاهد أنها فواتح للسور ذكره ابن كثير.
الثاني: وقيل لتدل على أن هذا القرآن مؤلف من هذه الحروف المقطعة ؛ كأنه يقول للعرب: إنما تحديتكم بنظم من هذه الحروف التي عرفتم؛ ذكره الزجاج وابن عطية عن قطرب.
الثالث: قيل: لما أعرض المشركون عن سماع القرآن بمكة نزلت ليستغربوها فيفتحوا لها أسماعهم فيسمعون القرآن بعدها فتجب عليهم الحجة، ذكره ابن عطية، وذكر الزجاج نحوه عن قطرب.
الرابع: أنها أسماء للسور، ذكره ابن عطية وابن كثير عن ابن زيد.
وقال ابن كثير: "[قال العلّامة أبو القاسم محمود بن عمر الزّمخشريّ في تفسيره: وعليه إطباق الأكثر، ونقله عن سيبويه أنّه نصّ عليه]، ويعتضد هذا بما ورد في الصّحيحين، عن أبي هريرة: "أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقرأ في صلاة الصّبح يوم الجمعة: {الم}السّجدة، و{هل أتى على الإنسان}".
الخامس: أنها أسماء للقرآن، ذكره ابن عطية عن قتادة، وذكر نحوه ابن كثير عن مجاهد، وقال ابن كثير: ولعلّ هذا يرجع إلى معنى قول عبد الرّحمن بن زيدٍ: أنّه اسمٌ من أسماء السّور.
السادس: أنها حساب أبي جاد لتدل على مدة ملة محمد صلى الله عليه وسلم كما ورد في حديث حيي بن أخطب، ذكره ابن عطية عن أبي العالية رفيع وغيره، وذكر نحوه ابن كثير عن أبي العالية والربيع مع زيادة كونها من أسمائه تعالى وآلائه وبلائه.
السابع: قيل هي أمارة قد كان الله تعالى جعلها لأهل الكتاب أنه سينزل على محمد كتابا في أول سور منه حروف مقطعة، ذكره ابن عطية.
الثامن: وقيل: هي حروف كل واحد منها إما أن يكو ن من اسم من أسماء الله، وإما من نعمة من نعمه، وإما من اسم ملك من ملائكته، أو نبي من أنبيائه؛ ذكره ابن عطية عن ابن عباس.
التاسع: وقيل:هي تنبيه؛ ذكره ابن عطية.
العاشر: قيل:هي حروفٌ من حروف المعجم، استغني بذكر ما ذكر منها في أوائل السّور عن ذكر بواقيها، ذكره ابن كثير عن ابن جرير
الحادي عشر: الأوجه التي رويت عن ابن عباس في معناها:و يروى لابن عباس في معناها ثلاثة أوجه:
-أقسم الله بها، ذكره الزجاج وابن عطية، وذكره ابن كثير عن ابن عباس وعكرمة.
-اسم لله تعالى، ذكره الزجاج، وذكره ابن عطية عن ابن عباس وعلي، وذكره ابن كثير عن الشعبي وابن عباس وسالم بن عبدالله وإسماعيل بن عبد الرّحمن السّدّيّ الكبير.
-معناه أنا الله أعلم، ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.وقال الزجاج:واختاره أبو إسحاق.
والصواب في ذلك:
اختار ابن عطية ما قاله الجمهور وهو أن تفسر هذه الحروف ويلتمس لها التأويل، وهو اختيار ابن كثير حيث قال: المتعيّن أنّ لها معنًى في نفس الأمر، فإن صحّ لنا فيها عن المعصوم شيءٌ قلنا به، وإلّا وقفنا حيث وقفنا، وقلنا: {آمنّا به كلٌّ من عند ربّنا}[آل عمران: 7].
ولم يجمع العلماء فيها على شيءٍ معيّنٍ، وإنّما اختلفوا، فمن ظهر له بعض الأقوال بدليلٍ فعليه اتّباعه، وإلّافالوقف حتّى يتبيّن.



· الحكمة الّتي اقتضت إيراد هذه الحروف في أوائل السّور ك ط ج
فيها أقوال:
قيل: إنّما ذكرت لنعرف بها أوائل السّور. ذكره ابن كثير عن ابن جريرٍ، وقال: وهذا ضعيفٌ؛ لأنّ الفصل حاصلٌ بدونها بالبسملة تلاوةً وكتابةً.
وقيل: بل ابتدئ بها لتفتح لاستماعها أسماع المشركين -إذ تواصوا بالإعراض عن القرآن -حتّى إذا استمعوا له تلي عليهم المؤلّف منه. ذكره ابن كثير عن ابن جريرٍ وقال: وهو ضعيفٌ أيضًا؛ لأنّه لو كان كذلك لكان ذلك في جميع السّور لايكون في بعضها، فغالبها ليس كذلك
كما أنّ هذه السّورة والّتي تليها أعني البقرة وآل عمران مدنيّتان ليستا خطابًا للمشركين، وذكر نحوه الزجاج عن قطرب، وابن عطية دون أن يسنده.
وقيل: بل إنّما ذكرت هذه الحروف في أوائل السّور الّتي ذكرت فيها بيانًا لإعجاز القرآن، وأنّ الخلق عاجزون عن معارضته بمثله، هذا مع أنّه [تركّب] من هذه الحروف المقطّعة الّتي يتخاطبون بها، ذكره ابن كثير، وذكر نحوه الزجاج وابن عطية عن قطرب.
وقيل: وأمّا من زعم أنّها دالّةٌ على معرفة المدد، وأنّه يستخرج من ذلك أوقات الحوادث والفتن والملاحم، فقد ادّعى ما ليس له،وطار في غير مطاره، وقد ورد في ذلك حديثٌ ضعيفٌ، ذكره ابن كثير، وذكر نحوه ابن عطية عن أبي العالية.


مسائل لغوية:
· إعراب (الم)
قال الزجاج: إجماع النحويين أن هذه الحروف مبنية على الوقف لا تعرب،
وقال: قال أبو إسحاق: وشرح هذه الحروف وتفسيرها: أنها ليست تجري مجرى الأسماء المتمكنة، والأفعال المضارعة التي يجب لها الإعراب، وإنما هي تقطيع الاسم المؤلف الذي لا يجب الإعراب فيه إلا مع كماله، فقولك "جعفر" لا يجب أن تعرب منه الجيم ولا العين ولا الفاء ولا الراء، دون تكميل الاسم، فإنما هي حكايات وضعت على هذه الحروف، فإن أجريتها مجرى الأسماء وحدثت عنها قلت: هذه كاف حسنة، وهذاكاف حسن.
وكذلك سائر حروف المعجم، فمن قال: هذه كاف أنث لمعنى الكلمة، ومن ذكر فلمعنى الحرف، والإعراب وقع فيها؛ لأنك تخرجها من باب الحكاية.
وقال ابن عطية: وموضع الم من الإعراب رفع على أنه خبر ابتداء مضمر، أو على أنه ابتداء، أو نصب بإضمار فعل، أو خفض بالقسم، وهذا الإعراب يتجه الرفع منه في بعض الأقوال المتقدمة في الحروف، والنصب في بعض، والخفض في قول ابن عباس رضي الله عنه أنها أسماء لله أقسم بها.



فوائد:
القراءات
· اختلاف القراءات في الحروف المقطعة في أوائل السور
قال الزجاج: فأما {ص}؛فقرأ الحسن: "صادِ والقرآن"، فكسر الدال، فقال أهل اللغة: معناه: صاد القرآن بعملك، أي: تعمّده، وسقطت الياء للأمر، ويجوز أن تكون كسرت الدال لالتقاء السّاكنين إذا نويت الوصل,، وكذلك قرأ عبد الله بن أبي إسحاق: "صاد والقرآن"، وقرأ أيضا "قاف والقرآن المجيد".
فالكسر في مذهب بن أبي إسحاق لالتقاء السّاكنين.
وقرأ عيسى بن عمر: "صادَ والقرآن" بفتح الدّال، وكذلك قرأ "نون والقلم " و" قاف والقرآن " بالفتح أيضًا، لالتقاءالسّاكنين.
وقال أبو الحسن الأخفش: يجوز أن يكون "صاد" و"قاف" و"نون" أسماء للسور منصوبة إلا أنها لا تصرف كما لا تصرف جملة أسماء المؤنث.
والقول الأول أعني التقاء السّاكنين، والفتح والكسر من أجل التقائها أقيس؛ لأنه يزعم أنه ينصب هذه الأشياء كأنه قال: أذكر صاد.
وكذلك يجيز في{حم} و{طس} النصب و{ياسين} أيضاً على أنها أسماء للسور، ولو كان قرئ بها؛ لكان وجهه الفتح لالتقاء السّاكنين.


· القراءات والوقف على (الم) آل عمران
وأما قوله عزّوجلّ {الم اللّه}: ففي فتح الميم قولان:
أحدهما لجماعة من النحويين: وهو أن هذه الحروف مبنية على الوقف، فيجب بعدها قطع ألف الوصل، فيكون الأصل: "أ. ل. م. اللّه لا إله إلا هو"، ثم طرحت فتحة الهمزة على الميم، وسقطت الهمزة كما تقول: واحد. اثنان، وإن شئت قلت: واحدِ. اثنان فألقيت كسرة "اثنين" على الدال.
وقال قوم من النحويين: لا يسوغ في اللفظ أن ينطق بثلاثة أحرف سواكن، فلا بد من فتحة الميم في: {الم اللّه}لالتقاء السّاكنين، يعني: الميم واللام والتي بعدها، وهذا القول صحيح لا يمكن في اللفظ غيره.
فأمّا من زعم أنه إنما ألقي حركة الهمزة فيجب أن يقرأ: {الم الله}وهذا لا أعلم أحداً قرأ به إلا ما ذكر عن الرؤاسي، فأما من رواه عن عاصم؛ فليس بصحيح الرواية.
وقال بعض النحويين: لو كانت محركة لالتقاء السّاكنين لكانت مكسورة، وهذا غلط، لو فعلنا في التقاء السّاكنين إذا كان الأول منهما ياء لوجب أن تقول: "كيف زيد وابن زيد" وهذا لا يجوز، وإنما وقع الفتح؛ لثقل الكسرة بعدالياء.


التجويد
· كيفية أداء الحروف المقطعة في أوائل السور.
قال الزجاج: فأما {كهيعص} فلا تبين فيها النون مع الصاد في القراءة، وكذلك{حم * عسق}لا تبين فيها النون مع السين.
قال الأخفش وغيره من النحويين: لم تبين النون؛ لقرب مخرجها من السين والصاد.
فأما{نون * والقلم} فالقراءة فيها تبيين النون مع الواو التي في{والقلم} وبترك التبيين، إن شئت بينت وإن شئت لم تبيّن، فقلت "نون والقلم"؛ لأن النون بعدت قليلاً عن الواو.


فوائد نحوية:
· إعراب أبجد هوز
قال الزجاج: فأما إعراب (أبي جاد) و (هوز) و (حطي)، فزعم سيبويه أن هذه معروفات الاشتقاق في كلام العرب، وهي مصروفة.
وقال: فأما (كلمون) و (سعفص) و (قريشيات)، فأعجميات.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 9 صفر 1436هـ/1-12-2014م, 01:51 PM
ليلى باقيس ليلى باقيس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2,071
افتراضي حل أسئلة اللقاء العلمي الأول عن تفسير ابن كثير

بسم الله الرحمن الرحيم

حل أسئلة اللقاء العلمي الأول عن تفسير ابن كثير

إجابة الأسئلة:
س1: بيّن خصائص تفسير ابن كثير.
من خصائص تفسيره:
- التنبيه على الإسرائيليّات
- المعرفة الواسعة بفنون الحديث وأحوال الرجال
- شدّة العناية بتفسير القرآن بالقرآن
- تفسيره أشهر ما دوّن في التفسير بالمأثور، بعد تفسير الطبري.
- وهو من أصح التفاسير بالمأثور.
- يجمع أصح الآثار الواردة في تفسير الآية، مع الكلام على رتبتها غالبا.
- يمتاز كذلك بحسن البيان وعدم التعقيد، وعدم التشعب في المسائل.
- له طريقته ومنهجه الحسن في التفسير:
فهو يذكر الآية ثم يفسّرها بعبارة سهلة موجزة
ثم يقوم بتوضيح الآية بآية أخرى إن أمكنه ذلك، ويعارض ما بين الآيتين.
ثم يشرع في سرد الأحاديث المرفوعة التي تتعلق بالآية، ويبيّن ما يُحتجّ به وما لا يُحتجّ به منها.
وبعد تفسير القرآن بالقرآن، والقرآن بالسنة، يتبع ذلك بأقوال الصحابة، والتابعين ومن يليهم من علماء السلف، ويقوم بترجيح بعض الأقوال على بعض.
وعندما يشرح آية من آيات الأحكام فإنه يدخل في المناقشات الفقهية من دون إطالة.

س2: بيّن باختصار أهم مصادر ابن كثير من دواوين السنّة ومن كتب التفسير ومن كتب اللغة.
موارد ابن كثير كثيرة، فمن كتب التفسير التي ينقل عنها:
- تفسير ابن جرير الطبري، ويكثر النقل عنه
- تفسير ابن أبي حاتم
- يأخذ شيئا من تفسير الرازي
- وأحيانا يأخذ عن الكشاف للزمخشري [وأحيانا يأخذ منه لينقده نقدا]
- تفسير ابن مردويه
- تفسير وكيع
- وينقل عن القرطبي
- وينقل عن ابن عطية
- وعن الماوردي
- والهداية في التفسير لمكي بن أبي طالب.
ومن دواوين السنة:
مسند الإمام أحمد، وكثيرا ما يذكره ويقدّمه في الذكر قبل الصحيحين.
الأمهات الست
ويأخذ من كتاب (الإشراف على معرفة الأطراف) لابن عساكر
و (التمهيد) لابن عبد البر
ودواوين السنة المتعددة.
ومصادر ابن كثير في اللغة:
(إعراب القرآن) للنحّاس
و (الزّاهر) لابن الأنباري
و (الصحاح) لأبي نصر الجوهري، ويكثر من الأخذ عنه،
و (معاني القرآن) للزجاج.

س3: بيّن منهج ابن كثير في إيرادالإسرائيليات.
تعامل ابن كثير مع الإسرائيليات على شكلين:
أولا:الإعراض عنها دون إشارة إليه، مثاله: الحديث الطويل المروي عن أبي بن كعب في فضائل القرآن سورة سورة، وقد ذكره بعض المفسرين.
الثاني: أنه يوردها، وما أورده له منه ثلاثة مواقف:
-النقد العام الإجمالي، مثاله: قوله تعالى: {فخسفنا به وبداره الأرض} قال: ذُكر هاهنا إسرائيليات غريبة، أضربنا عنها صفحا.
-النقد الخاص التفصيلي، مثاله: عند قوله تعالى: {وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة}ذكر قصة بني إسرائيل عند طلبهم للبقرة التي وصف الله لهم، وأنهم وجدوها عند رجل كان من أبرّ الناس بأبيه، قالوا هذه السياقات عن عبيدة، وأبي العالية، والسديّ وغيرهم فيها اختلاف ما، والظاهر أنها مأخوذة من كتب بني إسرائيل، وهي مما يجوز نقلها، ولكن لا تصدّق ولا تكذّب، فلهذا لا يعتمد عليها إلا ما وافق الحقّ عندنا، والله أعلم.
-السكوت وعدم النقد، مثاله: أنه يذكر بعض الإسرائيليات ولا ينقدها؛ مثل طول آدم عليه السلام، كم كان طوله، في قوله تعالى: {وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا} قال: وضع الله تعالى البيت مع آدم، أهبط الله آدم إلى الأرض، وكان مهبطه بأرض الهند، وكان رأسه في السماء ورجلاه في الأرض، فكانت الملائكة تهابه، إلى آخره.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 26 ربيع الثاني 1436هـ/15-02-2015م, 09:47 AM
ليلى باقيس ليلى باقيس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2,071
افتراضي تلخيص تفسير الآيات من سورة البقرة [253 - 254]

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير قول الله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْشَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَاجَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَايُرِيدُ (253) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَة ٌوَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254)}



المسائل التفسيرية:
· مقصد الآية ك ط
· المراد بتفضيل الرسل بعضهم على بعض ط ج
· مرجع الضمير في قوله تعالى: {منهم من كلم الله}
· المراد من الرسل بقوله تعالى: {منهم من كلّم الله} ك ط ج
· معنى (كلّم الله) ج
· المراد من الرسل بقوله تعالى: {ورفع بعضهم درجات} ج ط
· المراد بالدرجات. ج ط ك
· الجمع بين هذه الآية وحديث أبي هريرة المرفوع في الصحيحين ك
· معنى (آتينا) ج
· معنى (البيّنات) ك ج
· المراد بالبيّنات التي آتاها الله تعالى عيسى ابن مريم. ج ط ك
· مرجع ضمير التكلم في قوله: (آتينا) ، (أيّدناه) ك
· المراد (بروح القدس) ك
· مقصد قوله تعالى: {ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم ..} الآية ك ط
· مرجع الضمير في قوله: {من بعدهم} ط ج
· المراد بالاسم الموصول (الذين)
· معنى البيّنات في قوله تعالى: {من بعد ما جاءتهم البيّنات} ج
· مرجع الضمير في قوله تعالى: {من بعد ما جاءتهم البيّنات}
· مناسبة قوله تعالى: {ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم} بأول الآية. ط
· المراد بالاختلاف في قوله تعالى: {ولكن اختلفوا} ط
· المراد بالقتال في الآية. ط
· معنى قوله تعالى: {ولو شاء الله ما اقتتلوا} ج
· مقصد الآية الثانية. ك
· معنى الآية إجمالًا ك

· المراد بالإنفاق في الآية ط ج ك
· المراد باليوم في قوله تعالى: {من قبل أن يأتي يوم} ج ك

· المراد بالبيع في الآية ك ط
· معنى الخلّة ج ك ط
· معنى الشفاعة. ط
· المراد بالشفاعة المنفية في الآية ك
· الشفاعة الممنوعة يوم القيامة ط
· الشفاعة الحاصلة يوم القيامة ط
· حقيقة الشفاعة ط
· سبب وصف يوم القيامة بأنه لا بيع فيه ولا خلّة ولا شفاعة ك ط
· الفرق بين خلّة أهل التقوى وغيرهم ط
· معنى الظلم ج ط
·مناسبة الآية لما قبلها ط
·مناسبة آخر الآية لأولها ط
· الفرق بين قول (والكافرون هم الظالمون) وبين قول (والظالمون هم الكافرون) ط ك
· دلالة الآية على المبادرة إلى الإنفاق في سبيل الله ووجوه الخير والتحذير من الإمساك ط ك

المسائل العقدية:
· تفضيل بعض النبيين على بعض. ط ك
· إثبات الكلام صفة لله تعالى. ج ك ط
· إثبات مشيئة الله تعالى، وأنها نافذة ك
· الإيمان بالقضاء والقدر ك

المسائل البلاغية:
· فائدة دخول (لا) مع حروف العطف. ج
· فائدة الضمير في قوله تعالى: {والكافرون هم الظالمون} ك

الإعراب:
· إعراب {تلك الرسل فضّلنا بعضهم على بعض} ج ط
· إعراب {لا بيع فيه ولا خلّة ولا شفاعة} ج



تلخيص تفسير الآيات من سورة البقرة[253إلى254]



قوله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (253)}



مسائل التفسير:
· مقصد الآية
تقرير سنة الاختلاف بين الناس بعد إرسال الرسل، وقتال المؤمنين للكافرين على مر الدهر، وأن ذلك كله بقضاء الله وقدره، وله سبحانه الحكمة في ذلك، وهو الفعال لما يريد، مستخلص مما ذكره ابن عطية
· المراد بتفضيل الرسل بعضهم على بعض
هو تفاضلهم في المزايا والخصائص والآيات التي منحها الله تبارك وتعالى لبعض أنبيائه ورسله، وهذا التفاضل بينهم إنما يكون في الجملة دون تعيين مفضول، وهذا حاصل ما ذكره ابن عطية وما جاء في حاشية المحرر
· مرجع الضمير في قوله تعالى: {منهم من كلم الله}
أي من الرسل من كلمه الله، يفهم هذا مما ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير
· المراد من الرسل بقوله تعالى: {منهم من كلّم الله}
منهم من قال: هو موسى عليه السلام، وهذا ما ذهب إليه الزجاج وابن عطية
ومنهم من قال: هو موسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام، وكذلك آدم للحديث المروي في صحيح ابن حبان عن أبي ذر، وهذا ما ذكره ابن كثير
قال ابن عطية: (وقد تأول بعض الناس أن تكليم آدم كان في الجنة، فعلى هذا تبقى خاصة موسى)
· معنى (كلّم الله)
أي كلّمه الله، وإنما حذفت الهاء من الصلة لطول الاسم، ذكره الزجاج
· المراد من الرسل بقوله تعالى: {ورفع بعضهم درجات}
فيه خلاف:
1: فقيل: هي إشارة إلى محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا قول مجاهد ذكره ابن عطية، وذكره الزجاج دون نسبة.
فالمراد بالدرجات على هذا القول: المزايا والخصائص التي اختصّ بها النبي صلى الله عليه وسلم أنه بعث إلى الناس كافة، وأعطي الخمس التي لم يعطها أحد قبله، وهو أعظم الناس أمة، وختم الله به النبوات إلى غير ذلك من معجزاته وباهر آياته، وأعظمها القرآن، وهذا حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية
2: وقيل: يحتمل أن يُراد به محمد وغيره ممن عظمت آياته، ذكره ابن عطية
فالمراد بالدرجات: الخصائص والمزايا مما اختصّ الله تبارك وتعالى بها بعض النبيين دون بعض، فيكون الكلام تأكيدا للأول، ذكره ابن عطية.
3: وقيل: يحتمل أن يُراد بذلك رفع إدريس المكان العليّ، ذكره ابن عطية
4: وقيل: هي منازل الأنبياء في السموات بحسب تفاوت منازلهم عند اللّه عزّ وجلّ، ذكره ابن كثير واستدلّ له بحديث الإسراء.
فتكون الدرجات في المسافة، والمراد بها منازل الأنبياء في السماء، ذكره ابن عطية، وهو في معنى ما ذكره ابن كثير.
· الجمع بين هذه الآية وحديث أبي هريرة المرفوع في الصحيحين: "لا تفضلوني على الأنبياء"
قال ابن كثير: الجواب من وجوهٍ:
أحدها: أنّ هذا كان قبل أن يعلم بالتّفضيل وفي هذا نظرٌ.
الثّاني: أنّ هذا قاله من باب الهضم والتّواضع.
الثّالث: أنّ هذا نهيٌ عن التّفضيل في مثل هذه الحال الّتي تحاكموا فيها عند التّخاصم والتّشاجر.
الرّابع: لا تفضّلوا بمجرّد الآراء والعصبيّة.
الخامس: ليس مقام التّفضيل إليكم وإنّما هو إلى اللّه عزّ وجلّ وعليكم الانقياد والتّسليم له والإيمان به.
· معنى (آتينا)
أي أعطينا، ذكره الزجاج
· معنى (البيّنات)
الحجج والدلائل القاطعة، ذكره الزجاج وابن كثير
· المراد بالبيّنات التي آتاها الله تعالى عيسى ابن مريم.
هي الحجج التي تدل على إثبات نبوته - صلى الله عليه وسلم - من إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى والإنباء بما غاب عنه، ذكره الزجاج وابن عطية، وأشار إليها ابن كثير
·مرجع ضمير التكلم في قوله: (آتينا) ، (أيّدناه)
لله تبارك وتعالى، ذكره ابن كثير
· المراد (بروح القدس)
جبريل عليه السلام، ذكره ابن عطية وابن كثير
· مقصد قوله تعالى: {ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم ..} الآية
إخبار من الله تعالى أن كل ذلك بقضاء وقدر، وإرادة من الله تعالى، فمشيئته نافذة ولا رادّ لقضائه، ولهذا قال: {ولكنّ الله يفعل ما يريد}، وهذا حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير
· مرجع الضمير في قوله: {من بعدهم}
أي من بعد الرسل، ذكره الزجاج، وبنحو ذلك ذكر ابن عطية
· المراد بالاسم الموصول في قوله (الذين من بعدهم)
ظاهر اللفظ أن المراد به القوم الذين جاؤوا من بعد جميع الرسل، ولكن المعنى أنهم الذين جاءوا من بعد كلّ نبيّ، ذكره ابن عطية
· معنى البيّنات في قوله تعالى: {من بعد ما جاءتهم البيّنات}
هي الحجج والبراهين التي وضحت لهم، ذكره الزجاج
· مرجع الضمير في قوله تعالى: {من بعد ما جاءتهم البيّنات}
هم الذين اختلفوا وتقاتلوا بعد كل نبي أرسل إليهم، يُفهم ذلك مما ذكره الزجاج وابن عطية
· المراد بالاختلاف في قوله تعالى: {ولكن اختلفوا}
أي اختلف الناس بعد كل نبي، فمنهم من آمن ومنهم من كفر بغيا وحسدا، وعلى حطام الدنيا، ذكره ابن عطية
· مرجع الضمير في قوله تعالى: {ولو شاء الله ما اقتتلوا}.
هو قتال المؤمنين والكافرين على مر الدهر، وذلك هو دفع الله الناس بعضهم ببعض، ذكر ذلك الزجاج وابن عطية وابن كثير
· مناسبة قوله تعالى: {ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم} بأول الآية.
أن الناس بالرغم من إرسال الرسل وقيام الحجة اختلفوا إلى مؤمن وكافر، فاقتتلوا، وكلّ ذلك بقضاء الله وقدره، وله الحكمة في ذلك، وهذا حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير
· معنى قوله تعالى: {ولو شاء الله ما اقتتلوا}
أي: لو شاء الله ما أمر بالقتال بعد وضوح الحجة، ذكره الزجاج، وبنحوه ذكر ابن عطية.
وقيل: ويجوز أن يكون لو شاء اللّه أن يضطرهم أن يكونوا مؤمنين غير مختلفين لفعل ذلك، ذكره الزجاج.

المسائل العقدية:
· تفضيل بعض النبيين على بعض.
قال ابن عطية: ونص الله في هذه الآية على تفضيل بعض الأنبياء على بعض، وبنحوه قال الزجاج وابن كثير
· إثبات الكلام صفة لله تعالى.
في قوله تعالى: {منهم من كلم الله} فموسى - صلى الله عليه وسلم - أسمعه الله كلامه من غير وحي ، ذكره الزجاج وبنحوه قال ابن عطية وابن كثير
· إثبات مشيئة الله تعالى، وأنها نافذة
قال ابن عطية: وذلك كله بقضاء وقدر وإرادة من الله تعالى، ولو شاء خلاف ذلك لكان، وبنحو ذلك قال ابن كثير
· الإيمان بالقضاء والقدر
قال ابن كثير: كلّ ذلك عن قضاء اللّه وقدره؛ ولهذا قال: {ولكنّ اللّه يفعل ما يريد} ، وبنحو ذلك قال ابن عطية


الإعراب:
· إعراب {تلك الرسل فضّلنا بعضهم على بعض}
تلك: رفع بالابتداء.
والرّسل: خبره.
ويجوز أن يكون الرّسل عطف بيان وفضّلنا الخبر، ذكره ابن عطية
ويجوز أن يكون الرّسل صفة لتلك، وخبر الابتداء (فضلنا بعضهم على بعض)، ذكره الزجاج
وتلك إشارة إلى جماعة مؤنثة اللفظ، ذكره ابن عطية وأشار إليه الزجاج




تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَابَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254)}

· مقصد الآية.
قال ابن عطية: ندب الله تعالى بهذه الآية، إلى إنفاق شيء مما أنعم به، وحذر تعالى من الإمساك، إلى أن يجيء يوم لا يمكن فيه بيع ولا شراء ولا استدراك بنفقة في ذات الله.
· معنى الآية إجمالًا
قال ابن كثير: يأمر تعالى عباده بالإنفاق ممّا رزقهم في سبيله، وهو سبيل الخير، ليدّخروا ثواب ذلك عند ربّهم ومليكهم وليبادروا إلى ذلك في هذه الحياة الدّنيا.
· المراد بالإنفاق في الآية

فيه أقوال:
الأول: أن الآية تجمع بين الزكاة الواجبة والتطوع، وهذا قول ابن جريج، ذكره ابن عطية وقال: وهذا كلام صحيح.
الثاني: جميع وجوه البرّ من سبيل خير وصلة رحم ونحوها، ذكره ابن كثير وابن عطية وأشار أن ظاهر الآية يدلّ على ذلك.
الثالث: الإنفاق في الجهاد في سبيل الله وإعانة بعضهم بعضًا، ذكره الزجاج وابن عطية ورجّحه مستدلًا أن الآية قبلها في ذكر القتال، وأن هذه الآية ختمت بقوله تعالى: {والكافرون هم الظالمون} أي فكافحوهم بالقتال وندب إلى الإنفاق في سبيله.
· المراد باليوم في قوله تعالى: {من قبل أن يأتي يوم}
هو يوم القيامة، ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير
· المراد بالبيع في الآية
فيه قولان:
الأول: البيع بمعنى البيع والشراء، ذكره ابن عطية
الثاني: أن يكون بمعنى الفدية، وهو أن يشتري المرء نفسه ومراده بماله، ذكره ابن عطية وابن كثير.
· معنى الخلّة
معناها: الصداقة، ذكره الزجاج وابن كثير
وقد يدخل في معنى الخلة كذلك أنساب الرجل، ذكره ابن كثير مستدلا بقوله تعالى: {فإذا نفخ في الصّور فلا أنساب بينهم يومئذٍ ولا يتساءلون}[المؤمنون:101]
· معنى الشفاعة.
الشفاعة المعروفة في الدنيا: انتداب الشافع لكي يشفع، وقد يكون في ذلك تحكم منه وكره المشفوع عنده، ذكره ابن عطية
· المراد بالشفاعة في الآية
أي أنه لا شفاعة للكفار يوم القيامة، ذكره ابن عطية، واستدل لذلك ابن كثير بقوله تعالى: {فما تنفعهم شفاعة الشّافعين}
وحمل ابن جرير الآية على عموم اللفظ وخصوص المعنى، ذكره ابن عطية وقال: وهذا لا يحتاج إليه؛ لأن الشفاعة المعروفة في الدنيا من انتداب الشافع وتحكمه مرتفعة يوم القيامة البتة، فلا تكون شفاعة إلا بإذن الله، ولا تكون إلا للمؤمنين.
· الشفاعة الممنوعة يوم القيامة
الأول: الشفاعة المعروفة في الدنيا من انتداب الشافع وتحكمه على كره المشفوع عنده، فهذه مرتفعة يوم القيامة البتة، فلا يكون أمر إلا بإذن الله، ذكره ابن عطية.
الثاني: الشفاعة في الكافرين، ذكره ابن عطية وابن كثير
· الشفاعة الحاصلة يوم القيامة
ما كانت بإذن الله، وهذه إنما تكون للمؤمنين؛ لأن حقيقتها رحمة من الله تعالى، ذكره ابن عطية
وبهذا يُجمع بين الآية وغيرها من النصوص المثبتة للشفاعة، فالمنفي في الآية الشفاعة في الكافرين، والمثبتة في غيرها هي الشفاعة للمؤمنين.
· حقيقة الشفاعة

هي رحمة من الله تعالى، لكنه سبحانه أراد أن يشرّف الذي أذن له في أن يشفع، ذكره ابن عطية
· سبب وصف يوم القيامة بأنه لا بيع فيه ولا خلّة ولا شفاعة
لبيان أنه لا يمكن في ذلك اليوم بيع ولا شراء ولا استدراك بنفقة في ذات الله، ولأن المرء قد يشتري نفسه ومراده بماله، فأخبر تعالى أنه لا يباع أحدٌ من نفسه ولا يفادى بمالٍ، ولو جاء بملء الأرض ذهبًا.
ولأن الخلة النافعة تقتضي المساهمة، كما كانت في الدنيا، فأخبر تعالى بعدم نفعها يوم القيامة.
وكذلك الشفاعة المعروفة في الدنيا مرتفعة منفية يوم القيامة، إلا ما كانت بإذنه تعالى، فلا شفاعة للكفار، وإنما رحمته تعالى للمؤمنين.
وهذا حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير
· الفرق بين خلّة أهل التقوى وغيرهم
خلة أهل التقوى باقية بينهم في ذلك اليوم ولكنه غير محتاج إليها، وأما خلة غيرهم فهي لا تغني عن صاحبها من الله شيئا، ذكره ابن عطية.
[قال في حاشية المحرر فيما ذكره ابن عطية في خلة أهل التقوى: وفيه نظر]
· معنى الظلم
هو من وضع الأمر في غير موضعه، ذكره الزجاج وابن عطية
· مناسبة الآية لما قبلها
أن الآية قبل في ذكر القتال وأن الله يدفع بالمؤمنين في صدور الكافرين، وفي هذه الآية ندب تعالى إلى الإنفاق في سبيله، وهذا على القول بأن الراجح في المراد بالإنفاق هو النفقة في سبيل الله، يُفهم هذا مما ذكره ابن عطية
· مناسبة آخر الآية لأولها

أن الله تعالى وصف الكافرين بالظلم وفي ذلك حث على مكافتحهم بالقتال بالأنفس وإنفاق الأموال في سبيل الله، ذكره ابن عطية
· الفرق بين قول (والكافرون هم الظالمون) وبين قول (والظالمون هم الكافرون)
أن الآية حكمت على كل كافر بأنه ظالم، ولو قال: والظالمون هم الكافرون، لكان الحكم على كل ظالم -وهو من وضع الشيء في غير موضعه- بالكفر، حاشية المحرر.
عن عطاء بن دينارٍ أنّه قال: الحمد للّه الّذي قال: {والكافرون هم الظّالمون} ولم يقل: والظالمون هم الكافرون. رواه ابن أبي حاتمٍ وذكره ابن كثير، وذكره ابن عطية.
· دلالة الآية على المبادرة إلى الإنفاق في سبيل الله ووجوه الخير والتحذير من الإمساك
قال ابن عطية: ندب الله تعالى بهذه الآية، إلى إنفاق شيء مما أنعم به، وحذر تعالى من الإمساك، إلى أن يجيء يوم لا يمكن فيه بيع ولا شراء ولا استدراك بنفقة في ذات الله، وبنحو ذلك قال ابن كثير.

المسائل البلاغية:
· فائدة دخول (لا) مع حروف العطف.
للتأكيد، ذكره الزجاج
· فائدة الضمير في قوله تعالى: {والكافرون هم الظالمون}
الحصر، أي: ولا ظالم أظلم ممّن وافى اللّه يومئذٍ كافرًا. ذكره ابن كثير


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 8 رجب 1436هـ/26-04-2015م, 08:19 PM
ليلى باقيس ليلى باقيس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2,071
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

حل أسئلة اللقاء العلمي: مدخل لقراءة كتاب "معاني القرآن وإعرابه" لأبي إسحاق الزجاج


إجابة الأسئلة:
السؤال الأول: بيّن عناية علماء اللغة العربية بمعاني القرآن، واذكر أهمّ المؤلفات في ذلك.
المقصود من إنزال القرآن هو العمل به، وهذا لا يكون إلا بفهم معانيه، ولهذا اعتنى العلماء ببيان معاني القرآن وكثرت مؤلفاتهم فيه.
وممن كانت لهم عناية بمعاني القرآن علماء اللغة، بل أكثر من اشتهر من علماء اللغة إنما اشتهر بكلامه في معاني القرآن، وكون القرآن عربي يعني أن أول وسيلة من وسائل فهم الشريعة هي معرفة علوم العربية، لذلك كانت علوم اللغة من أهم الأمور التي ينبغي للمفسّر العناية بها وتحصيلها.
وقد كان لعلماء اللغة في كلامهم في معاني القرآن جملة من الأسس، من أهمها:
الأساس الأول: أن القرآن عربي، وهذا لا خلاف فيه بين العلماء، ولكن هذه القضية الكليّة تزداد جلاءً وتقريرًا بالأدلة التفصيلية، لذلك كان من همّ علماء اللغة أن يستدلّوا بكلّ ما في القرآن من كلام العرب.
الأساس الثاني: أن بعض الملاحدة طعن في عربية القرآن، مستدلّا على ذلك بوجود ألفاظ أعجميّة، أو كلمات لا تعرفها العرب فيما يزعم، فكان من همّ العلماء كذلك أن يجيبوا عن هذه الطعون إجابات مفصّلة، كما هو واضح في كتب ابن قتيبة وغيره.
ومن أهم مؤلفات علماء اللغة في معاني القرآن:
- كتاب مجاز القرآن لأبي عبيدة معمر بن المثنى.
- كتاب معاني القرآن للأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة.
- معاني القرآن للفراء يحيى بن زياد.
- معاني القرآن وإعرابه للزجاج.

السؤال الثاني: ترجم بإيجاز لأبي إسحاق الزجاج.
اسمه وكنيته ولقبه
هو إبراهيم بن السري، وكنيته: أبو إسحاق، ولقبه: الزجاج؛ لأنه كان يخرق الزجاج، وهذا حكاه هو عن نفسه بنفسه فقال: كنت أخرق الزجاج فاشتهيت النحو فلزمت المبرّد.
ولادته ونشأته
قيل ولد عام 241 هــ
ونشأ نشأة كوفية، دارسًا على شيخه ثعلب، ثم انتقل بعدها إلى المدرسة البصرية دارسًا على شيخه المبرّد ولزمه، ومع أخذ الزجاج من المدرستين الكوفية والبصرية، إلا أنه ينتمي للمدرسة البصرية.
شيوخه
كان وافر الحظ من الشيوخ، فمن شيوخه:
- إمام الكوفيين أبي العباس ثعلب
- إسماعيل بن إسحاق المالكي القاضي، صاحب كتاب أحكام القرآن.
- الإمام المبرّد محمد بن يزيد أبو العباس، وهو الذي كان صاحب الأثر الأكبر على الزجاج علميّا وماليّا.
تلاميذه
- ابن درستويه صاحب كتاب تصحيح الفصيح.
- أبو جعفر النحاس صاحب كتاب معاني القرآن أيضًا.
- أبو القاسم الزجاجي النحوي المشهور صاحب كتاب الجمل.
- الإمام أبو علي الفارسي النحوي المشهور صاحب كتاب الإغفال.
- الإمام أبو منصور الأزهري صاحب كتاب تهذيب اللغة.
طلبه للعلم
قال: كنت أخرق الزجاج فاشتهيت النحو، فلزمت المبرّد لتعلّم النحو، وكان لا يعلّم مجانًا، فقال لي: أي شيء صناعتك، فقلت له: أخرق الزجاج، وكسبي في كل يوم درهم ونصف، وأريد أن تبالغ في تعليمي وأنا أعطيك كل يوم درهمًا، (أي يعطيه ثلثي دخله اليومي).
قال: فلزمته، وكنت أخدمه في أموره، وأعطيه الدرهم، وينصحني في العلم، حتى استقللت.
علم الزجاج
يظهر من كتابه معاني القرآن أنه كان واسع المعرفة والاطلاع.
كما يظهر واضحًا من ردوده على العلماء السابقين، وعرضه للاحتمالات الممكنة في تفسير الآية، وتقديم بعضها على بعض، وتلمّسه الأوجه لما لم يرجّحه من الأقوال، مقدار عقله وفهمه.
فعلمه بالنحو والصرف
هذا أوضح من أن يستدل عليه، وصفه ابن جني بشدة الفحص والاستدلال.
وعلمه باللغة والبلاغة
وهذا واضح كذلك في كتابه، و يعدّ الزجاج من أكثر اللنحويين ذكرًا في كتب اللغة.
وقد اعتنى الإمام الأزهري بنقل كلامه في تهذيب اللغة.
وأما ما جاء من القول بأن الزجاج كان ضعيفًا في اللغة، فالمقصود أنه لم يكن متوسّعًا في علم الغريب، وهذا لا يضرّه.
علمه بالقراءات
وهو كذلك واضح في كتابه معاني القرآن، فهو يحكي كثيرًا عن القراءات ويذكر صحيحها ومقبولها ومنكرها، ويكرر كثيرًا بلزوم اتباع رسم المصحف وعدم مخالفته، وأنّ القراءة المجمع عليها أولى بالاتباع.
علمه بالتفسير
وهذا واضح كذلك في كتابه، فهو ينقل القول المأثور وقد يرجّح خلافه للغة، ونجد أنه يكرر في ردّه على بعضهم فيقول: هذا كلام من لا يعرف الرواية.
وفي هذا ردّ على من زعم أنّ الزجاج لم تكن له عناية بالتفسير المأثور، وأنه يفسّر بمحض اللغة.
علمه بالفقه والحديث
لا يظهر كثيرًا في كتابه، إلا أنه يوجد فيه إشارات لبعض المسائل الفقهية ككلامه في صلاة الخوف.
علمه بالعقيدة
يظهر في جوابه على الاعتراضات الواردة في الآيات وحلّه للإشكالات فيها، بالجمع بين التعارض الظاهري بين آيتين.
ومما انتقد على الزجاج في مسائل العقيدة
- أنكر عليه ابن عطية كلامه في بعض الآيات، وأنه أتى بكلام أهل البدع الذين يرون أنه تعالى لا يخلق أفعال العباد.
- وذهب أبو حيان إلى أن الزجاج معتزلي.
والتحقيق فيما نسب إلى الزجاج من هذه الأقوال، أن يُقال:
- أنه ليس بمعتزلي، فله نصوص في خلقه تعالى لأفعال العباد.
- وأنه ولو وافق المعتزلة في بعض المسائل، فهو قد خالفهم في كثير من المسائل، وكان كثيرًا ما يقول وهذا قول أهل السنة ويرجّحه.
آثاره
له مؤلفات كثيرة:
- أشهرها كتاب معاني القرآن وإعرابه.
- كتاب بعنوان: (فعلت وأفعلت)
- وله كتاب في العروض.
- وآخر في تفسير أسماء الله.
وغير ذلك من الكتب، وكثير منها لم يصلنا.
نماذج من تفسيره
قال الزجاج في ص 202 : (ومعنى ملتهم في اللغة سنتهم، ومن هذا الملّة؛ أي الموضع الذي يختبز فيه؛ لأنها تؤثّر في مكانها كما يؤثّر في الطريق، وكلام العرب إذا اتفق لفظه فأكثره مشتق بعضه من بعض، وآخذ بعضه برقاب بعض) قال الشيخ أبو مالك العوضي: وهذه قاعدة وفائدة نفيسة من كلام الزجاج نقلها العلماء عنه من بعده، وهي تلخّص مذهبه في هذا العلم.
وفاته
ذكروا أنه عاش فوق الثمانين سنة، والمشهور أنه توفي عام 311ه ، وقيل 316 ه.

السؤال الثالث: بيّن مكانة كتاب "معاني القرآن وإعرابه" لأبي إسحاق الزجاج، وما سبب عناية العلماء به؟
كتاب الزجاج في معاني القرآن وإعرابه هو من الكتب الأصول التي اعتمد عليها العلماء، بل يمكن القول بأنه أول الكتب نضجًا في هذا العلم، ولهذا ظهرت عناية العلماء بكتابه عناية فائقة، وقد صنّفه الزجاج وذكر أنه أراد به أن يبيّن معاني القرآن وإعرابه بالقصد الأول، ومعرفة تفسيره بالقصد الثاني.
ومن مزايا كتابه:
1: حسن بيانه
فهو يشبه في ذلك طريقة الإمام الطبري، وشيخه المبرّد.
وذلك بشرح المسائل العلمية شرحًا وافيًا يثلج الصدور ويقرّب البعيد.
مع اجتهاده في التعبير عن الألفاظ اللغوية بطريقة حسنة السبك.
2: ردوده على العلماء السابقين
فهو يردّ على أبي عبيدة صاحب مجاز القرآن كثيرًا؛ لأن أباعبيدة كثيرًا ما كان يعتمد على محض اللغة في التفسير.
ويردّ أحيانًا على الفرّاء، وكثيرًا ما يردّ عليه من غير ذكر اسمه.
ويردّ كذلك على المازني من النحويين وغيره، ولا سيّما في الأقوال التي ينفردون بها عن غيرهم.
3: مصادر كتابه
كتب معاني القرآن السابقة لكتابه، وما أخذه عن شيوخه كالمبرّد وثعلب.
كما أنه ينقل أحيانًا عن كتاب العين للخليل.
واستفاد كذلك من كتاب قطرب في التفسير، وهو مفقود.
وكتاب أبي عبيدة في القراءات وغير ذلك.
وممن استفادوا من الزجاج:
- أبو جعفر النحاس، استفاد من شيخه الزجاج.
- الإمام أبو منصور الأزهري في تهذيب اللغة، قال: ما وقع في كتابي من تفسير القرآن فهو من كتابه.
- وممن استفادوا منه كذلك: الثعلبي في تفسيره، والواحدي في تفسيره، والبغوي في تفسيره، وغيرهم.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 28 شوال 1436هـ/13-08-2015م, 10:12 AM
ليلى باقيس ليلى باقيس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2,071
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم


بلغة المفسّر من علوم الحديث
لفضيلة الشيخ المحدّث:سعد بن عبد الله الحميّد.

الواجب:
- استخلص المسائل التي تناولها الشيخ في محاضرته، واذكر خلاصة القول في كلّ مسألة.
المسائل التي تناولها الشيخ في محاضرته ترجع إلى أربعة عناصر رئيسية:
الأول: مقدمات
- التفريق بين الخبر والإنشاء.
فالإنشاء: لا يحتاج إلى مبدأ التثبّت، ولا يفتقر إلى علوم الآلة التي وضعت لقبول الأخبار وردّها، والمراد بالإنشاء: هو ما ينشأه الإنسان من كلام.
أما الخبر: فهو يحتاج إلى تثبّت، وتأكّد من صحّته، ومن ثمّ قبوله أو ردّه.
وعلوم الحديث وضعها المحدّثون لتكون ضوابط لقبول الأخبار وردّها، لا لقبول الإنشاء وردّه.
وكتب التفسير لا يخرج ما فيها عن كونه خبرًا أو إنشاءً؛ فإن كان إنشاءً فهذا لا يحتاج إلى تثبّت، ولكن يُنظر إليه وفق الضوابط التي وضعها المفسرون لقبول التفسير، كموافقتها للغة، وعدم معارضتها لشيء من قواعد الشريعة في أبواب الاعتقاد، وأصول الفقه ونحو ذلك.
وأما ما كان من باب الأخبار: فالأصل أن الأخبار تفتقر إل مبدأ التثبّت.
- مبدأ التثبت في الأخبار.
هو مبدأ مطلوب لدى كل الأمم، فهو مبدأ عقلي لا شك فيه.
وتختلف أمة الإسلام عن غيرها في الضوابط التي وضعتها لقبول هذه الأخبار، ومن ذلك قضية الإسناد التي هي من خصائص هذه الأمة.
فإذا نظرنا في الإسناد، وتثبّتنا من صحته إلى قائله، فهذا هو المطلوب، أمّا إذا وُجد في الإسناد ما يجعلنا نعيد النظر فيه، والتريّث في الحكم عليه، فحينئذ يكون التعامل مع هذا الخبر حسب الضوابط الشرعية التي وضعها أئمة هذا العلم.
فالتثبّت المراد به هنا: تطبيق منهج المحدّثين في قبول الأخبار والمرويّات أو ردّها.
- القواعد التي وضعها المفسرون لتفسير القرآن.
تفسير القرآن بالقرآن.
وتفسير القرآن بالسنة.
وتفسير القرآن بأقوال الصحابة والتابعين.
وتفسير القرآن بلغة العرب.

الثاني: هل تطبق قواعد المحدّثين على مرويات التفسير؟
- المراد بمرويّات التفسير: ما جاء في السنة، وفي أقوال الصحابة والتابعين، فهذا ما يقصد به التثبّت من صحته إلى قائله، فليس كلّ ما يُروى في التفسير يُقبل به دون تثبّت.
- وبالرجوع إلى كتب التفسير التي تُروى بالإسناد: كتفسير عبد الرزاق، وتفسير سفيان الثوري، وتفسير ابن جرير، وابن المنذر، وسعيد بن منصور، وابن أبي حاتم، وكتب التفاسير التي تضمّنتها كتب الحديث: ككتاب التفسير في صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وجامع الترمذي، والسنن الكبرى للنسائي، وكتاب التفسير في مستدرك الحاكم، نجد في هذه الكتب أن العلماء اعتنوا عناية شديدة بنقل التفسير بالإسناد؛ مما يدلّ على أنّ التعامل مع التفسير كالتعامل مع غيره من القضايا الشرعية التي يُعتنى فيها بالأسانيد.
فالأصل هو تطبيق قواعد المحدّثين على مرويّات التفسير، ولهذا نجد هؤلاء العلماء أوردوا هذه المرويّات بالأسانيد، وهذا من حيث الأصل.
- ومما يدلّ كذلك على أن مرويات التفسير يطبّق عليها منهج المحدّثين في قبول الأخبار وردّها، كبقيّة الأحاديث التي تُروى في جميع أبواب الدين: ما جاء في كتب العلل من مرويّات التفسير، -ككتاب العللل لابن أبي حاتم-، فنجد المحدثين يعلّون مرويّات التفسير كما يعلّون المرويّات في كتاب الطهارة والصلاة وغيرها من أبواب الدين.
وهذا من حيث الأصل؛ فما كان يُحتاج فيه إلى التشديد فلا يمكن أن يقال بعدم تطبيق قواعد المحدثين، ولكن هذا الأصل يمكن التخفف فيه فيما يسع فيه التخفيف والتساهل.

الثالث: التفصيل في مرويات التفسير فيما يطبّق عليه قواعد المحدثين، وما يمكن التساهل فيه.
أولًا: مرويّات التفسير التي يطبّق عليها قواعد المحدثين في قبول الأخبار وردّها.
1: إذا كانت الرواية تتضمّن حُكمًا، وكان هذا الحكم مستفاد من هذه الرواية، بأن كانت الرواية حديثا أو قولًا لصحابي أو تابعي، فهنا لابد من تطبيق قواعد المحدثين على هذه الرواية.
إذ كيف تُشترط الصحة في قبول الأخبار في الأحكام التي ترد في كتب الحديث في أبواب الطهارة والزكاة وغيرها، ولا يُطبق هذا الأمر إذا جاء نحو ذلك في كتب التفسير، فهذا تفريق بين المتماثلات.
2: المرويّات التي تتعلق بأبواب الاعتقاد، إما في أسماء الله وصفاته، أو غيرها من أبواب الاعتقاد، فهذه أيضًا لابد معها من التثبّت بتطبيق قواعد المحدثين، وإلا فإن دين الله سيكون عرضة للوضع والكذب.
3: وجود المرويات الإسرائيلية في كتب التفسير، ومنها ما يُروى على أنه مرفوع للنبي صلى الله عليه وسلم، أو أنها من أقوال الصحابة؛ كالإسرائيليات المرويّة في تفسير قوله تعالى: {ببابل هاروت وماروت}.
ثانيًا: مرويات التفسير التي يمكن التساهل والتخفف في قبولها.
1: التسامح في قبول المرويّات التي تتضمّن بيان لمعاني الآيات، ولا تتضمّن أحكامًا؛ كتسامح المحدّثين من قبول رواية (الضحاك عن ابن عباس) وهي منقطعة، وأشدّ منه قبول (جويبر بن سعيد عن الضحاك) سواء عن الضحاك من قوله، أو من رواية الضحاك عن ابن عباس.
ولو تضمّنت هذه الروايات حكمًا شرعيًا يحتاج إلى ما يستند عليه ويقوّيه، فلابد في هذه الحالة من تطبيق قواعد المحدّثين.
ومن هذا النوع كذلك: التساهل في التفسير مما يندرج تحت لغة العرب؛ لأن القرآن نزل بلسان عربي مبين، فما كان مبنيّا على أساس سليم من اللغة، ولا يتعارض مع شيء من القواعد في أبواب الاعتقاد أو في باب أصول الفقه ونحو ذلك، فهذا يكون مقبولًا ويتساهل فيه، وإن كان ما تضمّنه من المعاني المستنبطة لا نجدها في الكتب القديمة، فهذا لا بأس به.
2: قبول المحدثين للمرويات بدرجة الحسن.
المراد بالحديث الحسن هنا على الاطلاق القديم، كما هو في كلام التابعين وعلماء الحديث كالإمام أحمد وابن المديني والبخاري والترمذي وكان أكثر من أشاع ذلك وأشهره.
ووصف الحسن عند هؤلاء يطلق في كثير من الأحيان على بعض الأحاديث التي فيها ضعف؛ لكنه ضعف يمكن أن يُتسامح فيه، فالحديث إذا تضمّن حكمًا قد ورد في بعض الأحاديث الأخرى، فهم يتساهلون في قبوله، وقد يعدّونه من باب الترغيب والترهيب، أو من باب الفضائل ونحو ذلك، وقاعدتهم في ذلك معروفة: قالوا: إذا روينا في الحلال والحرام شددنا، وإذا روينا في الفضائل تساهلنا.
الخلاصة:
الأصل أن تطبق قواعد المحدثين على المرويّات، ولكن هذا الأصل يمكن التخفف فيه والتساهل فيما يسع فيه التخفيف والتساهل.

الرابع: بيان أقل ما يحتاجه المفسّر من القواعد الضابطة في علم الحديث.
- المفسّر لا يمكن أن يكون محدّثًا -أي على الإطلاق-، فلا يمكن القول بأنه لا يفسّر القرآن إلا محدّث يملك القدرة والآلة فهذا تحجير لواسع.
وقواعد المحدثين التي يمكن للمفسّر الإلمام بها للحكم على مرويات التفسير:
1: أن ينظر إلى أحكام الأئمة التي حكموا بها على هذه المرويّات؛ مثل كتاب العلل لابن أبي حاتم، وكتاب العلل للترمذي، وكتاب العلل للدراقطني، ففيها بعض المرويات التي أعلّها هؤلاء الأئمة، فيكون بذلك قد خُدم وكفي، فيحمد الله تعالى على هذه النعمة أنه قد كُفي، ويقول في هذا الحديث أعلّه الإمام الفلاني، ولا يستشهد به، ولا يستدل به.
2: وكذلك عكس ذلك؛ أنه إذا وجد من صحح هذه الرواية من الأئمة؛ كأن وجدت في بعض الكتب التي اشترطت الصحة كصحيح البخاري أو صحيح مسلم، أو وجدها في جامع الترمذي وصححه ولم يُخالف من إمام آخر.
أو وجدها في مستدرك الحاكم وصححه ولم يتعقبه الذهبي، مع التنبيه: أن مستدرك الحاكم يحتاج لدقة أكثر، فلا يُكتفى بتصحيحه وحكمه، بل يُنظر في أسانيده؛ لأن الذهبي لم يتعقبه في كل شيء، فيحتاج أن يبذل فيه جهدًا آخر؛ كأن ينظر هل هناك من تكلم على هذه الرواية تصحيحا أو تضعيفا من أئمة آخرين عرفوا بالتشديد في تطبيق قواعد المحدثين كالإمام أحمد وابن المديني ونحوهم من أئمة الحديث.
3: ثم إن لم يجد من تكلّم في هذه الرواية وكفاه الحكم عليها، فإنه يأخذ من علوم الحديث بالمقدار الذي يعينه إلى حدّ ما في النظر في الإسناد، فينظر هل فيه أحد ضعّف، وهذا يمكن فعله من باب الحيطة، وقد يكفيه في ذلك الرجوع إلى (تقريب التهذيب) من أحكام ابن حجر على رجال الإسناد.
وغاية هذا إن وجد الحديث مداره على راوٍ معين وهو ضعيف، غاية هذا أن لا يستشهد بهذه الرواية.
4: كذلك يمكنه أن يستعين بمن يخدمه في هذا من طلبة العلم المعروفين بالقدرة على الحكم على الأحاديث، وهم كُثر والحمدلله.

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 2 ذو القعدة 1436هـ/16-08-2015م, 03:01 PM
ليلى باقيس ليلى باقيس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2,071
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

فضل علم التفسير وحاجة الأمة إليه
لفضيلة الشيخ: عبد العزيز الداخل -حفظه الله-


إجابةُ الأسئلة:
1: اذكر ثلاثًا من فضائل تعلم التفسير ؟
فضائل علم التفسير كثيرة، وفائدته لطالب العلم في نفسه خاصّة، ولأمته عامّة عظيمة جليلة، وهذه الفضائل ترجع إلى وجوه هي الأصول، لتدلّ على ما ورائها من فروع الفضائل:
الأول: أصل هذه الفضائل أن علم التفسير معين على فهم كلام الله عزوجل ومعرفة مراده، ومن أوتي فهم القرآن فقد أوتي خيرًا كثيرًا؛ إذ بهذا الفهم يستخرج من العلم شيء كثير مبارك، وسبيل فهم القرآن هو معرفة تفسيره، فعكرمة مولى ابن عباس قال فيه سلام بن مسكين: كان أعلم الناس بالتفسير. ومن أسباب سعة علمه بالتفسير ما أوتيه عكرمة من فهم القرآن، حتى إنه كان يذكر لابن عباس وجوهًا في التفسير فيستحسنها ابن عباس ويجيزه.
الثاني: أن القرآن كلام الله تعالى، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد.
والاشتغال بالتفسير اشتغال بأفضل الكلام وأشرفه وأحسنه وأعظمه بركة، قال تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدّبروا آياته وليتذكّر أولوا الألباب}
الثالث: وهو مترتب على الفضل السابق، وهو أن المفسّر كثير الاشتغال بالقرآن ومعانيه، فأكثر وقته يكون في مصاحبة هذا القرآن تلاوة وتدبّرا ودراسة، فينال بذلك مصاحبة القرآن، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه.)) رواه مسلم.
وهذه المصاحبة للمفسر العالم بكتاب الله تعالى العامل بهداه هي أجل أنواع مصاحبة القرآن؛ لأنها مصاحبة تلاوة، وتفقه فيه، واهتداء بهداه.

2: بين بالدليل حاجة الأمة إلى فهم القرآن ؟
علم التفسير من أشرف العلوم وأجلّها وأعظمها بركة وأوسعها معرفة، وحاجة الأمة إليه ماسّة، قال تعالى: { الر . كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد }
وقال تعالى: { قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين . يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم}
فبتعلّم علم التفسير يتوصّل إلى تفسير القرآن وفهم معانيه وبيانها للناس، ومن ثمّ دعوتهم وتذكيرهم به، وبيان ما تضمّنه من النذارة والوعيد لمن خالف هداه وأعرض عنه، والبشارة والوعد لمن آمن به واتبع هداه، وبه يبيّن للناس ما فيه من الهدى الذي يفرّقون به بين الحقّ والباطل، ويخرجون به من الظلمات إلى النور، فحاجتهم إلى علم التفسير حاجة ملحة ضرورية.
ومن أوجه حاجة الأمّة كذلك إلى فهم القرآن حاجتها إلى فهم القرآن والاهتداء به في معاملة أعدائها على اختلاف أنواعها، فمن أفضل ما جاهدت به الأمة أعداءها من الكفار هو مجاهدتهم بالقرآن وبهداه؛ إذ به يبيّن الحقّ وحسنه، ويبيّن به الباطل وقبحه، وتظهر به حجة الله.
ومن ذلك أيضًا حاجتها إلى معرفة صفات المنافقين وعلاماتهم وحيلهم، وكيف يكون التعامل معهم والحذر منهم، فإذا عرف طالب علم التفسير ما أنزله الله تعالى في كتابه في شأنهم وتفقه في ذلك كلّه، وبيّنه للناس وحذّرهم من مقاصدهم السيئة الخبيثة التي يبطنونها، فإنه يحصل من ذلك خير عظيم، ونجاة وسلامة من خطرهم وكيدهم، قال تعالى: {هم العدو فاحذرهم}
- فحاجة الأمة إلى فهم القرآن والاهتداء به في كلّ شئونها ماسّة بل ضرورية،
وتعرّف طالب العلم على أنواع هذه الحاجات مهم ليقوم بواجب الدعوة إلى الله تعالى بالإسهام في سدّ حاجة الأمة فيما يمكنه، مما يفتح عليه من أنواع هذه الحاجات فيتعلّم الهدى فيها، ويتعلّم كيف يبيّنه للناس، ثم يدعو إلى الله على بصيرة.

3: كيف يستفيد الداعية وطالب العلم من علم التفسير في الدعوةِ إلى الله تعالى؟
مجالات الدعوة بالتفسير مجالات كثيرة متنوعة، فينبغي للداعية وطالب العلم أن يجتهد في تأهيل نفسه لسدّ حاجة الأمّة في تلك المجالات؛ ومن ذلك:
- إقامة دروس ودورات علمية في تفسير كتاب الله وبيان معانيه، لفهم مراد الله تعالى، وتدبّر آياته، والاهتداء به في جميع أبواب الدين من العقائد والأحكام والأخلاق وغيرها.
- إذا كثر في مجتمع من المجتمعات أصحاب ملة من الملل أو نحلة من النحل، واحتاجوا إلى من يرشدهم لبيان ما هم عليه من الضلال، وكيف تكون دعوتهم إلى الحق، فطالب علم التفسير يجد بيان ذلك في كتاب الله فيرشدهم إلى معاملتهم على الهدى الرباني، ويبيّن لهم الحق الذي ضلّوا فيه، ويدعوهم إليه بالحكمة والموعظة الحسنة.
- ومثل ذلك يُقال في مجتمع فشا فيه منكر من المنكرات: فطلاب علم التفسير من الرجال والنساء كلّ في محلّه وموضعه يتعلّم من كتاب الله ما يعرف به الهدى، ثمّ يدعو به من حوله لعلّهم يهتدون.
- وكذلك دعوة غير المسلمين من الكفار، يُدعون إلى الإسلام بتفسير آيات من القرآن؛ فيعرّفون بالله تعالى وبأسمائه وصفاته، وأنه تعالى لم يخلق الخلق سدًى وإنما خلقهم لغاية وهي عبادته سبحانه، وأرسل لذلك الرسل مبشّرين ومنذرين، فمن آمن واتبع هداه فاز ونجا، ومن أعرض عن هداه وخالفه فقد خاب وخسر، وقد قال أبو وائل شقيق بن سلمة: (استخلف علي عبدالله بن عباس على الموسم، فخطب الناس، فقرأ في خطبته سورة البقرة، وفي رواية: سورة النور، ففسّرها تفسيرًا لو سمعته الروم والديلم لأسلموا). ذكره ابن كثير في تفسيره.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 30 ذو القعدة 1436هـ/13-09-2015م, 09:44 PM
ليلى باقيس ليلى باقيس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2,071
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم



تلخيص تفسير البسملة


مسائل البحث:
· فضل البسملة. ط ك
· نزول البسملة. ط ك
المسائل التفسيرية:
· معنى الباء في قوله: {باسم} ج ط ك
· معنى اسم. ج ط
· معنى اسم الله (الله). ط ك
· اشتقاق لفظ الجلالة (الله). ط ك
· مسألة: الاسم والمسمّى هل هما واحد؟ ط ك
· معنى (الرحمن الرحيم) ج ط ك
· وجه التكرير في قوله: (الرحمن الرحيم)، وهما اسمان مشتقّان من الرّحمة. ط ك
مسائل عدّ الآي
· عدد حروف البسملة. ط
الوقف والابتداء
· وصل الرحيم بالحمد. ط ك
أحكام البسملة
· هل البسملة آية من الفاتحة. ط ك
· هل البسملة آية مستقلة في أول كلّ سورة. ط ك
· كتابة البسملة في أول المكاتبات. ط
· حكم البسملة في الصلاة. ك
· حكم الجهر بالبسملة في الصلاة. ك
· المواضع التي يستحبّ فيها البسملة. ك
· حكم البسملة في أول الوضوء. ك
· حكم البسملة عند الذبح. ك
· حكم البسملة عند الأكل. ك
مسائل لغوية:
المسائل الصرفية
· سبب سقوط ألف (باسم الله). ج ط
· اشتقاق لفظ (اسم). ج ط
· اشتقاق اسم الله (الرحمن). ك
الإعراب
· إعراب الباء في (بسم الله). ج ط
· إعراب (ربّ العالمين * الرحمن الرحيم). ج
مسائل استطرادية
· إعراب الحروف التي يتكلّم بها وهي على حرف واحد. ج

ملخص تفسير البسملة
· فضل البسملة. ط ك
من فضائلها:
- افتتح بها الصحابة كتاب اللّه، ذكره ابن كثير.
- بها يُعرف فصل السورة عما بعدها، فعن ابن عبّاسٍ رضي الله عنه قال: (كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لا يعرف فصل السّورة حتّى ينزل عليه{بسم اللّه الرّحمن الرّحيم}). رواه أبو داود في سننه بإسنادٍ صحيحٍ وأخرجه الحاكم في مستدركه أيضًا وروي مرسلًا عن سعيد بن جبير، ذكره ابن كثير.
- كان النبي صلى الله عليه وسلم يكتب في كتبه ورسائله: (باسمك اللهم)، فلما نزلت:{إنّه من سليمان وإنّه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم}كتبها، ذكره ابن عطية وعزاه للشعبي والأعمش.
- جاء في الحديث أنه إذا قال العبد: بسم الله، تصاغر الشيطان حتى يصير مثل الذباب، رواه الإمام أحمد في مسنده والنسائي في اليوم والليلة وابن مردويه في تفسيره، ذكره ابن كثير.
- قال علي بن الحسين رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى: {وإذا ذكرت ربّك في القرآن وحده ولّوا على أدبارهم نفوراً}،قال: (معناه إذا قلت: {بسم الله الرحمن الرحيم})، ذكره ابن عطية.
- لم تنزل البسملة على نبي غير سليمان بن داود و نبينا محمد عليهما الصلاة والسلام، رواه ابن مردويه، ذكره ابن كثير.
- هي اسم من أسماء الله تعالى، وما بينها وبين اسم اللّه الأكبر، إلّا كما بين سواد العينين وبياضهمامن القرب، رواه ابن أبي حاتم وابن مردويه عن عثمان بن عفان مرفوعًا، ذكره ابن كثير.
- حلف اللّه تعالى بعزّته وجلاله ألّا يسمّى اسمه على شيءٍ إلّا بارك فيه، رواه ابن مردويه عن جابر بن عبد الله موقوفًا، ذكره ابن كثير.
- البسملة تيجان السور، وهذا مروي عن جعفر بن محمد الصادق، ذكره ابن عطية.
· نزول البسملة. ط
روي أن جبريل أول ما جاء النبي عليه الصلاة السلام قال له: ((قل:{بسم الله الرحمن الرحيم})).
ذكره ابن عطية وعزاه لابن عباس وعمرو بن شرحبيل ولبعض طرق حديث خديجة وحملها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ورقة.

المسائل التفسيرية:
· معنى الباء في قوله: {باسم} ج ك
فيه قولان:
الأول: الباء للاستعانة، وما تتعلق به محذوف، وبهذا المعنى فسّرها الزجاج وابن عطية وابن كثير.
الثاني: أن معنى الباء: الإلصاق، تقول كتبت بالقلم، والمعنى: أن الكتابة ملصقة بالقلم، وهذا ما ذهب إليه سيبويه ، ذكره الزجاج.[وذلك لأن أصل معاني الباء الإلصاق، وهو معنى لايفارقها؛ فلهذا اقتصر عليه سيبويه.]
· متعلق الباء في قوله: (باسم الله) ج ط ك
متعلق الباء في قوله (باسم الله) محذوف، واختلف في تقديره على قولين:
الأول: من قدّره باسمٍ، تقديره: باسم اللّه ابتدائي، وهذا مذهب نحاة البصرة، ذكره ابن عطية وابن كثير دون نسبة، وقال ابن عطية أنه الظاهر من مذهب سيبويه.
الثاني: من قدّره بالفعل ، تقديره: بدأت باسم اللّه الرحمن الرحيم أو أبدأ بسم اللّه أو ابتدأت بسم اللّه، وهذا مذهب نحاة الكوفة، ذكره ابن عطية وابن كثير دون نسبة.
واختار الزجاج القول الثاني، وصحح ابن كثير القولين وقال: هما متقاربان، واحتجّ لذلك:
- أن كلا القولين قد ورد به القرآن، فمن قدّره باسمٍ،فلقوله تعالى: {وقال اركبوا فيها بسم اللّه مجراها ومرساها إنّ ربّي لغفورٌ رحيمٌ}
ومن قدّره بالفعل، فلقوله: {اقرأ باسم ربّك الّذي خلق}
- أنّ الفعل لا بدّ له من مصدرٍ، فلك أن تقدّر الفعل ومصدره، وذلك بحسب الفعل الّذي سمّيت قبله، إن كان قيامًا أو قعودًا أو أكلًا أو شربًا أو قراءةً أو وضوءًا أو صلاةً، فالمشروع ذكر[اسم] اللّه في الشّروع في ذلك كلّه، تبرّكًا وتيمّنًا واستعانةً على الإتمام والتّقبّل، فعن ابن عبّاسٍ أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ((قل: باسم اللّه يامحمّد))، يقول: اقرأ بذكر اللّه ربّك، وقم، واقعد بذكر اللّه. مختصرا مما رواه ابن جرير وابن أبي حاتم.
· معنى اسم. ج ط
فيه قولان:
الأول: قالوا: إنّه مشتق من السمو، والسمو: الرفعة، يقال: سما يسمو، وجمعه أسماء، وهذا مذهب البصريين، واختاره الزجاج وابن عطية.
الثاني: قالوا: أصل اسم مأخوذ من " وسمت " من السمة، وهي العلامة؛ لأن الاسم علامة لمن وضع له، وهذا مذهب الكوفيين.
وغلّط الزجاج أصحاب هذا القول، وكذا ضعّفه ابن عطية، وحجتهم:
يلزم قولهم: أنه لو كان "اسم" "وسمة" لكان تصغيره إذا حذفت منه ألف الوصل "وسيم" وجمعه " أسامي" ، فالتصغير والجمع يردان هذا المذهب الكوفي؛ لأن التصغير والجمع يردان الأشياء إلى أصولها.
· معنى اسم الله (الله). ط ك
(اللّه) علمٌ على الرّبّ تبارك وتعالى، وهواسمٌ لم يسمّ به غيره تبارك وتعالى؛ يقال: إنّه الاسم الأعظم؛ لأنّه يوصف بجميع الصّفات، كما قال تعالى: {هو اللّه الّذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشّهادة هو الرّحمن الرّحيم * هو اللّه الّذي لا إله إلا هو الملك القدّوس السّلام المؤمن المهيمن العزيز الجبّار المتكبّر سبحان اللّه عمّا يشركون * هو اللّه الخالق البارئ المصوّر له الأسماء الحسنى يسبّح له ما في السّماوات والأرض وهو العزيز الحكيم}
ذكره ابن كثير، وبنحوه قال ابن عطية.
· اشتقاق لفظ الجلالة (الله). ط ك
اختلف الناس في اشتقاقه على أقوال:
القول الأول: أنه مشتق من أله الرجل إذا عبد، وتأله إذا تنسك، وهذا ذهب إليه كثير من أهل العلم.
واستدلّوا لذلك:
- بقول رؤبة بن العجّاج: لله در الغانيات المدّه.......سبّحن واسترجعن من تألّهي
فقد صرّح الشّاعر بلفظ المصدر، وهوالتّألّه، من أله يأله إلاهةً وتألّهًا.
- أنّ ابن عبّاسٍ قرأ: "ويذرك وإلاهتك" قال: (عبادتك)، أي: أنّه كان يعبد ولا يعبد، وكذا قال مجاهدٌ وغيره.
قالوا: فاسم الله مشتق من هذا الفعل، لأنه الذي يألهه كل خلق ويعبده، فإلاه فعال من هذا.
- واستدلّ بعضهم على كونه مشتقًّا بقوله: {وهو اللّه في السّماوات وفي الأرض} أي: المعبود في السّماوات والأرض،كما قال:{وهو الّذي في السّماء إلهٌ وفي الأرض إلهٌ}
وهذا حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير.
واختلف في هذا القول كيف تعلل (إله) حتى جاء (الله):
فقيل: أنّ أصله: إلاهٌ، مثل فعالٍ، فأدخلت الألف واللّام بدلًا من الهمزة، وهذا قول الخليل، نقله عنه سيبويه وقال: مثل النّاس، أصله: أناسٌ.
وقيل: أصله: الإله حذفوا الهمزة وأدغموا اللّام الأولى في الثّانية، وهذا قول الكسائيّ والفرّاء، واحتجّوا له بقوله تعالى: { لكنّا هو اللّه ربّي} أي: لكنّ أنا.
وقيل: أصل الكلمة: لاه، فدخلت الألف واللّام للتّعظيم وهذا اختيار سيبويه. قال الشّاعر:
لاه ابن عمّك لا أفضلت في حسبٍ.......عنّي ولا أنت ديّاني فتخزوني
ذكر هذه الأقوال ابن كثير، وأوردها ابن عطية دون نسبة.
القول الثاني: أنّه اسمٌ جامدٌ لا اشتقاق له، والألف واللام لازمة له لا لتعريف ولا لغيره، وهذا قول الخليل وسيبويه وأكثر الأصوليّين والفقهاء، ذكره ابن كثير وابن عطية دون نسبة.
واختاره فخر الدين واحتجّ له من وجوه:
منها: أنّه لو كان مشتقًّا لاشترك في معناه كثيرون.
ومنها: أنّ بقيّة الأسماء تذكر صفات له، فتقول: اللّه الرّحمن الرّحيم الملك القدّوس، فدلّ أنّه ليس بمشتقٍّ.
ومنها: قوله تعالى: {هل تعلم له سميًّا}.
ذكره ابن كثير وقال: في استدلاله بهذه الآية على كون هذا الاسم جامدًا غير مشتقٍّ نظرٌ، واللّه أعلم.
القول الثالث: قالوا: هو مشتقٌّ من وله: إذا تحيّر، والوله ذهاب العقل؛ يقال: رجلٌ والهٌ، وامرأةٌ ولهى، فاللّه تعالى تتحيّر أولو الألباب والفكر في حقائق صفاته، فعلى هذا يكون أصله: ولّاه، فأبدلت الواو همزةً، كما قالوا في وشاحٍ: أشاح، ووسادةٍ: أسادةٌ، ذكره ابن عطية وابن كثير
وما سبق ذكره من الأقوال هو أشهر ما قيل في اشتقاق هذا الاسم الكريم، وجاء في ذلك أقوال أخرى ذكرها فخر الدين الرازي ونقلها ابن كثير كالتالي:
- قيل: إنّه مشتقٌّ من ألهت إلى فلانٍ، أي: سكنت إليه، فالعقول لا تسكن إلّا إلى ذكره، والأرواح لا تفرح إلّا بمعرفته؛ لأنّه الكامل على الإطلاق دون غيره قال اللّه تعالى: {ألا بذكر اللّه تطمئنّ القلوب}
- وقيل:من لاه يلوه: إذا احتجب
- وقيل:اشتقاقه من أله الفصيل، إذ ولع بأمّه، والمعنى: أنّ العباد مألوهون مولعون بالتّضرّع إليه في كلّ الأحوال.
- وقيل:مشتقٌّ من أله الرّجل يأله: إذا فزع من أمرٍ نزل به فألّهه، أي: أجاره، فالمجير لجميع الخلائق من كلّ المضارّ هو اللّه سبحانه؛ لقوله تعالى: {وهو يجير ولا يجار عليه}
- وقيل:إنّه مشتقٌّ من الارتفاع، فكانت العرب تقول لكلّ شيءٍ مرتفعٍ: لاها، وكانوا يقولون إذا طلعت الشّمس: لاهت.
- وأوهى هذه الأقوال وأضعفها: ما ذهب إليه بعضهم إلى أنّ اسم اللّه تعالى عبرانيٌّ لا عربيٌّ، وهذا ذكره الفخر ثمّ ضعّفه، وقال فيه ابن كثير: وهو حقيقٌ بالتّضعيف كما قال.
· مسألة: الاسم والمسمّى هل هما واحد؟ ط ك
قال فخر الدّين الرّازي: (إن كان المراد بالاسم هذا اللّفظ الّذي هو أصواتٌ مقطّعةٌ وحروفٌ مؤلّفةٌ، فالعلم الضّروريّ حاصلٌ أنّه غير المسمّى، وإن كان المراد بالاسم ذات المسمّى، فهذا يكون من باب إيضاح الواضحات وهو عبثٌ، فثبت أنّ الخوض في هذا البحث على جميع التّقديرات يجري مجرى العبث.). نقله ابن كثير وبنحوه قال ابن عطية.
فالاسم قد يرد في الكلام ويراد به الذات،كقولك زيد قائم، وقد يراد به التسمية ذاتها، كقولك أسد ثلاثة أحرف، ففي الأول يقال الاسم هو المسمى بمعنى يراد به المسمى، وفي الثاني لا يراد به المسمى. ذكره ابن عطية
وذكر ابن كثير أن للناس في هذه المسألة ثلاثة أقوال:
أحدها:أنّ الاسم هو المسمّى، وهو قول أبي عبيدة وسيبويه، واختاره الباقلّانيّ وابن فوركٍ.
وقالت الحشويّة والكرّاميّة والأشعريّة: الاسم نفس المسمّى وغير التّسمية، ذكره الفخر الرازي.
الثاني: أن الاسم غير المسمّى ونفس التّسمية، وهذا قول المعتزلة، ذكره الفخر.
الثالث: أنّ الاسم غير المسمّى وغير التّسمية، واختاره الفخر الرازي، واستدل على مغايرة الاسم للمسمّى بأمور منها:
أنّه قد يكون الاسم موجودًا والمسمّى مفقودًا كلفظة المعدوم.
وبأنّه قد يكون للشّيء أسماءٌ متعدّدةٌ كالمترادفة.
وأنه قد يكون الاسم واحدًا والمسمّيات متعدّدةٌ كالمشترك.
وذلك دالٌّ على تغاير الاسم والمسمّى.
واحتجّ من قال: الاسم هو المسمّى:
- بقوله تعالى: {تبارك اسم ربّك}، والمتبارك هو اللّه.
- وأيضًا إذا قال الرّجل: زينب طالقٌ، يعني امرأته طالقٌ، طلّقت، ولو كان الاسم غير المسمّى لما وقع الطّلاق.
· معنى (الرحمن الرحيم) ج ط ك
هما اسمان مشتقّان من الرحمة على وجه المبالغة، [وهي في اللغة:بمعنى الحنوّ والعطف.]
ورحمن أشدّ مبالغة من رحيم، ومعناه: أنه انتهى إلى غاية الرحمة، وذلك لأن بناء (فعلان) من أبنية ما يبالغ في وصفه، وهي أبلغ من فعيل، وفعيل أبلغ من فاعل، لأن راحمايقال لمن رحم ولو مرة واحدة، ورحيما يقال لمن كثر منه ذلك، والرحمن النهاية في الرحمة، وهذاحاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.
وعن ابن عبّاسٍ قال: (الرّحمن: الفعلان من الرّحمة، وهومن كلام العرب) رواه ابن جرير، ذكره ابن كثير.
وقال الزجاج: (هذه الصفات لله عزوجل، معناه فيما ذكر أبو عبيدة: ذو الرحمة، ولا يجوز أن يقال الرحمن إلا لله).
وعن الحسن قال: (الرّحمن اسمٌ لايستطيع النّاس أن ينتحلوه، تسمّى به تبارك وتعالى). رواه ابن أبي حاتم، ذكره ابن كثير.
وعنه قال: (الرّحمن اسمٌ ممنوعٌ). رواه ابن جرير، ذكره ابن كثير.
ومما ورد في الأثر من التفريق بين معنيهما:
- قيل: هما بمعنى واحد، ولكن أحدهما أبلغ من الآخر، ذكره ابن عطية وهو اختيار القرطبي ذكر ذلك ابن كثير وقال: وفي كلام ابن جريرٍ ما يفهم حكاية الاتّفاق على هذا.
قال ابن عبّاسٍ: (هما اسمان رقيقان، أحدهما أرقّ من الآخر)، أي أكثر رحمةً، ذكره ابن كثير.
- وقيل: الرحمن بجميع خلقه، فهو اسم عام في جميع أنواع الرحمة التي يختصّ به الله تعالى ، والرحيم بالمؤمنين، وهذا قول أبو علي الفارسي ورواه ابن جرير عن العرزميّ، ذكره ابن عطية وابن كثير.
واستدلوا لهذا:
بقوله تعالى: {ثمّ استوى على العرش الرّحمن}، وبقوله: {الرّحمن على العرش استوى} قالوا: فذكر الاستواء باسمه الرّحمن ليعمّ جميع خلقه برحمته، وقال: {وكان بالمؤمنين رحيمًا} فخصّهم باسمه الرّحيم، قالوا: فدلّ على أنّ الرّحمن أشدّ مبالغةً في الرّحمة لعمومها في الدّارين لجميع خلقه، والرّحيم خاصّةٌ بالمؤمنين.
-وقيل: الرحمن رحمن الدنيا والآخرة، والرحيم رحيم الآخرة، كما جاء ذلك في أحاديث مرفوعة وآثار، ذكره ابن عطية وابن كثير.
وقال ابن عطية في جميع هذه الأقوال أنها تتعاضد.
- وقيل:كان الرحمن فلما اختزل وتسمّى به مسيلمة قال الله لنفسه: (الرحمن الرحيم)، ذكره ابن عطية وقال: (وهذا ضعيف، لأن{بسم الله الرحمن الرحيم}كان قبل أن ينجم أمر مسيلمة، وأيضا فتسمي مسيلمة بهذا لم يكن مما تأصل وثبت).
وأشار ابن كثير إلى أنه قد روي عن عطاء الخراساني نحو هذا القول، ومما قاله ابن كثير: (واسمه تعالى الرّحمن خاصٌّ به لم يسم به غيره، كما قال تعالى: {قل ادعوا اللّه أو ادعوا الرّحمن أيًّا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى}، ولمّا تجهرم مسيلمة الكذّاب وتسمّى برحمن اليمامة كساه اللّه جلباب الكذب وشهر به؛ فلا يقال إلّا مسيلمة الكذّاب، فصار يضرب به المثل في الكذب بين أهل الحضر من أهل المدر، وأهل الوبر من أهل البادية والأعراب.)
- وقيل: الرحمن عبرانيّ، والرحيم عربيّ، وهذا القول نُسب للمبرد، وقال فيه النحاس: (هذا القول مرغوب عنه)، ذكره ابن كثير
·وجه التكرير في قوله: (الرحمن الرحيم)، وهما اسمان مشتقّان من الرّحمة. ط ك
فإن قيل:ما وجه التكرير في قوله تعالى: {الرحمن الرحيم} وهما اسمان مشتقان من الرحمة؟
[قيل:لكلّ كلمة منهما معنًى لا تؤدّي الأخرى منهما عنها.]
فمن جهة اللغة: الرحمن أشدّ مبالغة من الرحيم، فبناء (فعلان) من أبنية ما يبالغ في وصفه، وهي أبلغ من فعيل، وفعيل أبلغ من فاعل؛ لأن راحماً يقال لمن رحم ولو مرة واحدة، ورحيما يقال لمن كثر منه ذلك، والرحمن النهاية في الرحمة، فـــ "رحمن" الذي وسعت رحمته كلّ شيء، وهذا حاصل قول الزجاج وابن عطية وابن كثير.
وأما من جهة ما أُثر في ذلك من الأقوال ففيه اختلاف:
1: فقيل: في تأويل كل واحد منهما من المعنى الذي ليس الآخر منهما:
فقالت طائفة: الرحمن بجميع الخلق، والرحيم بالمؤمنين، وهذا قول أبو علي الفارسي ورواه ابن جرير عن العرزميّ، ذكره ابن عطية وابن كثير.
وقالت طائفة: الرحمن رحمن الدنيا والآخرة، والرحيم رحيم الآخرة، كما جاء ذلك في أحاديث مرفوعة وآثار، ذكره ابن عطية وابن كثير.
2: وقيل: أنه تعالى فصل بتكرير الرحيم على الرحمن بين اسمه واسم غيره من خلقه، ذكره ابن عطية وضعّفه، وابن كثير وعزاه لعطاء الخراساني.
3: وقيل: جمع بينهما للتوكيد، ذكره ابن كثير وردّ قول من قال: أن الرحيم أشدّ مبالغة من الرحمن لأنه أكّد به، وقال: (إنما هو من باب النعت بعد النعت)، وأنه تعالى إنما ابتدأ باسمه الرحمن لأنه أخصّ وأعرف من الرحيم.
4: وقيل: الرحيم عربيّ، والرحمن عبرانيّ، ولهذا جمع بينهما، وهذا القول نُسب للمبرد، وقال فيه النحاس: (هذا القول مرغوب عنه)، ذكره ابن كثير
مسائل عدّ الآي:
· عدد حروف البسملة. ط
قال ابن عطية: والبسملة تسعة عشر حرفا.
الوقف والابتداء:
· وصل الرحيم بالحمد. ط ك
واختلف في ذلك:
- فمنهم من قطعها، فسكن الميم ووقف عليها وابتدأ بألف مقطوعة، وهذا قرأ به قوم من الكوفيين، كما جاء في حديث أمّ سلمة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقطّع قرآنه حرفًا حرفًا{بسم اللّه الرّحمن الرّحيم * الحمد للّه ربّ العالمين * الرّحمن الرّحيم * مالك يوم الدّين}، رواه الإمام أحمد وابن خزيمة والحاكم.
-ومنهم من وصلها بقوله: {الحمد للّه ربّ العالمين} وكسرت الميم لالتقاء السّاكنين وهم الجمهور.
ومن شاء أن يقدر أنه أسكن الميم ثم لما وصل حركها للالتقاء ولم يعتد بألف الوصل فذلك سائغ، والأول أخصر.
وحكى الكسائيّ عن بعض العرب أنّها تقرأ بفتح الميم وصلة الهمزة، كما قرئ قوله تعالى:{الم * اللّه لا إله إلا هو}.
وهذا حاصل ما ذكره ابن عطيّة وابن كثير، وقال ابن عطية فيما حكاه الكسائي: ولم ترو هذه قراءة عن أحد فيما علمت.
أحكام البسملة:
· كتابة البسملة في أول المكاتبات. ط
ويستدل لهذا:
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكتب"باسمك اللهم"، حتى أمر أن يكتب"بسم الله" فكتبها، فلما نزلت{قل ادعوا اللّه أو ادعوا الرّحمن} كتب: "بسم الله الرحمن".فلما نزلت: {إنّه من سليمان وإنّه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم}كتبها، ذكره ابن عطية وعزاه للشعبي والأعمش.
- أن الصحابة افتتحوا بها كتاب اللّه، ذكره ابن كثير.
· هل البسملة آية من الفاتحة. ط ك
من الأحاديث التي يستدل بها على هذه المسألة:
1: حديث جابر بن عبد الله مرفوعًا: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "كيف تفتتح الصلاة يا جابر؟"، قلت: بـ{الحمد لله ربالعالمين}.قال: "قل: {بسم الله الرحمن الرحيم}." ذكره ابن عطية
2: حديث أبي هريرة مرفوعًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أتاني جبريل فعلمني الصلاة فقرأ{بسم الله الرحمن الرحيم}يجهر بها".ذكره ابن عطية
3: عن أمّ سلمة: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قرأ البسملة في أوّل الفاتحة في الصّلاة وعدّها آيةً، رواه ابن خزيمة في صحيحه، ذكره ابن كثير وقال: لكنّه من رواية عمر بن هارون البلخيّ، وفيه ضعفٌ. وروى له الدّارقطنيّ متابعًا، عن أبي هريرةمرفوعًا. وروى مثله عن عليٍّ وابن عبّاسٍ وغيرهما.
ونحوها من الأحاديث التي جاء فيها الاستفتاح في الصلاة بالبسملة قبل الحمد.
فهذه الأحاديث تقتضي أن البسملة آية من الفاتحة، ولكن يردّ ذلك كما ذكره ابن عطية:
1: حديث أبي بن كعب الصحيح مرفوعًا: أن النبي صلى الله عليهوسلم قال له: "هل لك ألاتخرج من المسجد حتى تعلم سورة ما أنزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الفرقان مثلها"، قال: فجعلت أبطئ في المشي رجاء ذلك، فقال لي: "كيف تقرأ إذا افتتحت الصلاة؟" قال: فقرأت{الحمد لله رب العالمين}حتى أتيت على آخرها.
2: الحديث الصحيح بقوله عز وجل: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي، يقول العبد: {الحمد لله رب العالمين}".
3: ويرده أنه لم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أبي بكر، ولا عن عمر، ولا عثمان، رضي الله عنهم أنهم قرؤوا في صلاتهم: {بسم الله الرحمن الرحيم}.
4: ويرده عدد آيات السورة لأن الإجماع أنها سبع آيات، وقيل: أنها ست آيات، وهذا شاذ لا يعول عليه، وقول الله تعالى: {ولقدآتيناك سبعاً من المثاني}هو الفصل في ذلك.
ولهذا اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال:
القول الأول: أنّها آيةٌ من كلّ سورةٍ إلّا براءةٌ، وهذا قول ابن عبّاسٍ، وابن عمر، وابن الزّبير، وأبو هريرة، وعليٌّ، ومن التّابعين:عطاءٌ، وطاوسٌ، وسعيد بن جبيرٍ، ومكحولٌ، والزّهريّ، وبه يقول عبد اللّه بن المبارك، والشّافعيّ، وأحمد بن حنبلٍ، في روايةٍ عنه، وإسحاق بن راهويه، وأبو عبيدٍ القاسم بن سلام، رحمهم الله.
القول الثاني: ليست آيةٌ من الفاتحة ولا من غيرها من السّور، وهذا قول مالكٌ وأبي حنيفة وأصحابهما.
القول الثالث: هي آيةٌ من الفاتحة وليست من غيرها، وهذا قول الشّافعيّ في بعض طرق مذهبه، وأشار ابن عطية أن كثير من قرّاء مكة والكوفة كانوا يعدّونها من الفاتحة.
القول الرابع: أنّها بعض آيةٍ من أوّل كلّ سورةٍ، وهذا القول الثاني للشّافعيّ.
القول الخامس: هي آيةٌ مستقلّةٌ في أوّل كلّ سورةٍ لا منها، وهذا قول داود وهي روايةٌ عن الإمام أحمد بن حنبلٍ، وحكاه أبو بكرٍ الرّازيّ، عن أبي الحسن الكرخيّ، وهما من أكابر أصحاب أبي حنيفة، رحمهم اللّه.
ذكر هذه الأقوال ابن كثير، وقال في القولين الثالث والرابع: (هما غريبان)، وذكر ابن عطية القولين الثاني والثالث، وقال فيما رجحه ابن المبارك من القول الأول أنه قول شاذ، وليس كذلك إذ قال به جماعة من الصحابة والتابعين كما ذكر ذلك ابن كثير.
ويظهر ترجيح ابن عطية للقول الثاني وهو ما ذهب إليه مالك رحمه الله؛ لأنه وجّه حديث جابر وأبي هريرة -السابقان- فقال: حديث جابر، وأبي هريرة- إذا صحّا-: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى القراءة فيهما قراءة تعليم فأمره بالبسملة لهذا لا لأنها آية، ولم يفعل ذلك مع أبيّ لأنه قصد تخصيص السورة ووسمها من الفضل بما لها، فلم يدخل معها ما ليس منها، وليس هذا القصد في حديث جابر وأبي هريرة، والله أعلم.
وأما حديث أم سلمة، فقد سبق فيه أن ابن كثير ذكره وقال: فيه ضعفٌ.
· هل البسملة آية مستقلة في أول كلّ سورة. ط ك
اتّفق العلماء على أنّها بعض آيةٍ من سورة النّمل، ثمّ اختلفوا: هل هي آيةٌ مستقلّةٌ في أوّل كلّ سورةٍ، أو من أوّل كلّ سورةٍ كتبت في أوّلها، أو أنّها بعض آيةٍ من أوّل كلّ سورةٍ، أو أنّها كذلك في الفاتحة دون غيرها، أو أنّها إنّماكتبت للفصل، لا أنّها آيةٌ؟ على أقوالٍ للعلماء سلفًا وخلفًا:
القول الأول: أنّها آيةٌ من كلّ سورةٍإلّا براءةٌ، وهذا قول ابن عبّاسٍ، وابن عمر، وابن الزّبير، وأبو هريرة، وعليٌّ، ومن التّابعين:عطاءٌ، وطاوسٌ، وسعيد بن جبيرٍ، ومكحولٌ، والزّهريّ، وبه يقول عبد اللّه بن المبارك، والشّافعيّ، وأحمد بن حنبلٍ، في روايةٍ عنه، وإسحاق بن راهويه، وأبو عبيدٍ القاسم بن سلام، رحمهم الله.
القول الثاني: ليست آيةٌ من الفاتحة ولا من غيرها من السّور، وهذا قول مالكٌ وأبي حنيفة وأصحابهما.
القول الثالث: هي آيةٌ من الفاتحة وليست من غيرها، وهذا قول الشّافعيّ في بعض طرق مذهبه، وأشار ابن عطية أن كثير من قرّاء مكة والكوفة كانوا يعدّونها من الفاتحة.
القول الرابع: أنّها بعض آيةٍ من أوّل كلّ سورةٍ، وهذا القول الثاني للشّافعيّ.
القول الخامس:هي آيةٌ مستقلّةٌ في أوّل كلّ سورةٍ لا منها، وهذا قول داود وهي روايةٌ عن الإمام أحمد بن حنبلٍ، وحكاه أبو بكرٍ الرّازيّ، عن أبي الحسن الكرخيّ، وهما من أكابر أصحاب أبي حنيفة، رحمهم اللّه.
ذكر هذه الأقوال ابن كثير، وقال في القولين الثالث والرابع: (هما غريبان)، وذكر ابن عطية القولين الثاني والثالث، وقال فيما رجحه ابن المبارك من القول الأول أنه قول شاذ، وليس كذلك إذ قال به جماعة من الصحابة والتابعين كما ذكر ذلك ابن كثير.
· حكم البسملة في الصلاة. ك
وهذا مفرّع على ما سبق بيانه من الاختلاف في البسملة؛
- فمن قال بأنها آية من أوائل السور فهؤلاء رأوا البسملة في الصلاة، وهذا هو الثّابت عن الخلفاء الأربعة وطوائفٍ من الصّحابة والتّابعين وأئمّة المسلمين سلفًا وخلفًا، وهو مذهب أبي حنيفة، والشافعي، والثّوريّ، وأحمد بن حنبلٍ.
لكنهم اختلفوا هل يجهر بها مع الفاتحة أو لا يجهر بها، على قولين يأتي بيانه بإذن الله في مسألة الجهر بالبسملة والإسرار بها في الصلاة.
ومما يحتجّ به لهذا القول:
- أنّ أبا هريرة صلّى فجهر في قراءته بالبسملة، وقال بعد أن فرغ: "إنّي لأشبهكم صلاةً برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم". رواه النّسائيّ في سننه وابن خزيمة وابن حبّان في صحيحيهما، والحاكم في مستدركه، وصحّحه الدّارقطنيّ والخطيب والبيهقيّ وغيرهم.
- عن ابن عبّاسٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يفتتح الصّلاة بـ{بسم اللّه الرّحمن الرّحيم}. رواه أبو داود والتّرمذيّ، وقال التّرمذيّ: وليس إسناده بذاك.
ورواه الحاكم في مستدركه، عن ابن عبّاسٍ قال: "كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يجهر بـ{بسم اللّه الرّحمن الرّحيم}"، ثمّ قال: صحيحٌ.
- عن أنس بن مالكٍ أنّه سئل عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "كانت قراءته مدًّا"، ثمّ قرأ{بسم اللّه الرّحمن الرّحيم}، يمدّ{بسم اللّه}، ويمدّ{الرّحمن}، ويمدّ{الرّحيم}. رواه البخاري.
- عن أمّ سلمة، قالت: "كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقطع قراءته: {بسم اللّه الرّحمن الرّحيم}.{الحمد للّه ربّ العالمين}.{الرّحمن الرّحيم}.{مالك يوم الدّين}". رواه أحمد وأبي داود وابن خزيمة والحاكم، وقال الدّارقطنيّ: إسناده صحيحٌ.
- ما سبق من حديث جابر مرفوعًا: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "كيف تفتتح الصلاة يا جابر؟"، قلت: بـ{الحمد لله رب العالمين}.قال: "قل: {بسم الله الرحمن الرحيم}."
- وحديث أبي هريرة مرفوعًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أتاني جبريل فعلمني الصلاة فقرأ{بسم الله الرحمن الرحيم}يجهر بها".
- ما رواه أنس: أنّ معاوية صلّى بالمدينة، فترك البسملة، فأنكر عليه من حضره من المهاجرين ذلك، فلمّا صلّى المرّة الثّانية بسمل. رواه الشّافعيّ والحاكم في مستدركه.
- ومن الحجّة في ذلك: أنّها بعض الفاتحة.
القول الثاني: أنّه لا يقرأ البسملة بالكلّيّة، لا جهرًا ولا سرًّا، وهذا قول الإمام مالكٍ، واحتجّوا:
- بحديث عائشة رضي اللّه عنها قالت: "كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يفتتح الصّلاة بالتّكبير، والقراءة بـ{الحمد للّه ربّ العالمين}". رواه مسلم
- وحديث أنس بن مالك قال: "صلّيت خلف النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وأبي بكرٍ وعمر وعثمان، فكانوا يستفتحون بالحمد للّه ربّ العالمين".متفق عليه، وعند مسلمٍ بزيادة: "لا يذكرون{بسم اللّه الرّحمن الرّحيم}في أوّل قراءةٍ ولا فيآخرها". ونحوه في السّنن عن عبد اللّه بن مغفّل، رضي اللّه عنه.
- حديث أبي بن كعب الصحيح مرفوعًا : أن النبي صلى الله عليهوسلم قال له: "هل لك ألاتخرج من المسجد حتى تعلم سورة ما أنزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الفرقان مثلها"، قال: فجعلت أبطئ في المشي رجاء ذلك، فقال لي: "كيف تقرأ إذا افتتحت الصلاة؟" قال: فقرأت{الحمد لله ربالعالمين}حتى أتيت على آخرها. -وقد سبق في مسألة هل البسملة آية من الفاتحة-
-الحديث الصحيح بقوله عز وجل: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي، يقول العبد: {الحمد لله رب العالمين}". –وقد سبق-
ملخّصًا مما ذكره ابن عطية وابن كثير.
· حكم الجهر بالبسملة في الصلاة. ك
اختلفوا فيه على أقوال:
الأول: قالوا: يجهر بها مع الفاتحة والسّورة، وهو مذهب طوائفٍ من الصّحابة والتّابعين وأئمّة المسلمين سلفًا وخلفًا.
فممن جهر بها من الصحابة: أبوهريرة، وابن عمر، وابن عبّاسٍ، ومعاوية، ونقله الخطيب عن الخلفاء الأربعة، وهم: أبو بكرٍ وعمر وعثمان وعليٌّ، ذكره ابن كثير وقال: هوغريبٌ؛ لأن الثابت عنهم أنه لا يُجهر بها في الصلاة.
ومن التّابعين:سعيد بن جبيرٍ، وعكرمة، وأبي قلابة، والزّهريّ، وعليّ بن الحسين، وابنه محمّدٍ، وسعيد بن المسيّب، وعطاءٍ، وطاوسٍ، ومجاهدٍ، وسالمٍ، وغيرهم.
وحجّتهم:
1: أنّها بعض الفاتحة، فيجهر بها كسائر أبعاضها.
2: أن أبا هريرة صلّى فجهر في قراءته بالبسملة، وقال بعد أن فرغ: "إنّي لأشبهكم صلاةً برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم". رواه النّسائيّ في سننه وابن خزيمة وابن حبّان في صحيحيهما، والحاكم في مستدركه، وصحّحه الدّارقطنيّ والخطيب والبيهقيّ وغيرهم.
3: حديث ابن عبّاسٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يفتتح الصّلاة بـ{بسم اللّه الرّحمن الرّحيم}. رواه أبو داود والتّرمذيّ، ثمّ قال التّرمذيّ: وليس إسناده بذاك.
وقد رواه الحاكم في مستدركه، عن ابن عبّاسٍ قال: "كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يجهر بـ{بسم اللّه الرّحمن الرّحيم}"، ثمّ قال: صحيحٌ.
4: حديث أنس بن مالكٍ أنّه سئل عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "كانت قراءته مدًّا"، ثمّ قرأ{بسم اللّه الرّحمن الرّحيم}، يمدّ{بسم اللّه}، ويمدّ{الرّحمن}، ويمدّ{الرّحيم}. رواه البخاريّ.
5: حديث أمّ سلمة، قالت: "كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقطع قراءته:{بسم اللّه الرّحمن الرّحيم}.{الحمد للّه ربّ العالمين}.{الرّحمن الرّحيم}.{مالك يوم الدّين}". رواه الإمام أحمد وأبي داود وابن خزيمة والحاكم، وقال الدّارقطنيّ: إسناده صحيحٌ.
6: ما رواه أنس: أنّ معاوية صلّى بالمدينة، فترك البسملة، فأنكر عليه من حضره من المهاجرين ذلك، فلمّا صلّى المرّة الثّانية بسمل. رواه الشّافعيّ والحاكم في مستدركه.
القول الثاني: أنّه لا يجهر بالبسملة في الصّلاة، وهذا هو الثّابت عن الخلفاء الأربعة وعبد اللّه بن مغفّلٍ، وطوائفٍ من سلف التّابعين والخلف، وهو مذهب أبي حنيفة، والثّوريّ، وأحمد بن حنبلٍ.
القول الثالث: أنّه لا يقرأ البسملة بالكلّيّة، لا جهرًا ولا سرًّا، وهو قول مالكٍ. وحجّتهم:
1: حديث عائشة، رضي اللّه عنها، قالت: "كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يفتتح الصّلاة بالتّكبير، والقراءة بـ{الحمد للّه ربّ العالمين}." رواه مسلمٍ.
2: حديث أنس بن مالكٍ،قال: "صلّيت خلف النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وأبي بكرٍ وعمر وعثمان، فكانوا يستفتحون بالحمدللّه ربّ العالمين". متفق عليه، وزاد مسلم : "لا يذكرون{بسم اللّه الرّحمن الرّحيم}في أوّل قراءةٍ ولا في آخرها".ونحوه في السّنن عن عبد اللّه بن مغفّل، رضي اللّه عنه.
3: حديث أبي بن كعب مرفوعًا : أن النبي صلى الله عليهوسلم قال له: "هل لك ألاتخرج من المسجد حتى تعلم سورة ما أنزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الفرقان مثلها"، قال: فجعلت أبطئ في المشي رجاء ذلك، فقال لي: "كيف تقرأ إذا افتتحت الصلاة؟" قال: فقرأت{الحمد لله رب العالمين}حتى أتيت على آخرها. صحيح
4: الحديث القدسي بقوله عز وجل: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي، يقول العبد: {الحمد لله رب العالمين}". صحيح
ذكر هذه الأقوال ابن كثير، ثم ذكر إجماعهم على صحّة صلاة من جهر بالبسملة ومن أسرّ.
· المواضع التي يستحبّ فيها البسملة. ك
- في أوّل كل عمل وقول،. لما جاء: "كلّ أمرٍ لا يبدأ فيه بـ{بسم اللّه الرّحمن الرّحيم}،فهو أجذم".
-في أوّل الخطبة، ويستدل لذلك بالأثر السابق.
- عند دخول الخلاء، لما ورد من الحديث في ذلك.
- في أوّل الوضوء، لما جاء من رواية أبي هريرة، وسعيد بن زيدٍ، وأبي سعيدٍ مرفوعًا: "لا وضوء لمن لم يذكر اسم اللّه عليه" . رواه أحمد وأصحاب السّنن، وقال فيه ابن كثير: وهو حديثٌ حسنٌ.
ومن العلماء من أوجبها عند الذّكر هاهنا، ومنهم من قال بوجوبها مطلقًا.
- عند الذّبيحة، وهذا مذهب الشّافعيّ وجماعةٍ.
وأوجبها آخرون عند الذّكر، ومطلقًا في قول بعضهم.
- عند الأكل،لما جاء في الحديث أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال لربيبه عمر بن أبي سلمة: "قل: باسم اللّه، وكل بيمينك، وكل ممّا يليك". رواه مسلم.
ومن العلماء من أوجبها والحالة هذه.
- عندالجماع، لحديث ابن عبّاسٍ مرفوعًا: "لو أنّ أحدكم إذا أتى أهله قال: باسم اللّه، اللّهمّ جنّبنا الشّيطان، وجنّب الشّيطان ما رزقتنا،فإنه إن يقدر بينهما ولدٌ لم يضرّه الشّيطان أبدًا". متفق عليه.
ذكره ابن كثير.
· حكم البسملة في أول الوضوء. ك
وفيه ثلاثة أقوال:
الأول: أنها تستحبّ في أوّل الوضوء.
الثاني: واجبة عند الذكر.
الثالث: قالوا بوجوبها مطلقًا.
ذكره ابن كثير، واختار القول الأول، واستدل له بما جاء من رواية أبي هريرة، وسعيد بن زيدٍ، وأبي سعيدٍ مرفوعًا: "لا وضوء لمن لم يذكر اسم اللّه عليه" . رواه أحمد وأصحاب السّنن، وقال فيه ابن كثير: وهو حديثٌ حسنٌ.
· حكم البسملة عند الذبح. ك
وفيه ثلاثة أقوال:
الأول: أنها تستحبّ عندالذّبيحة، وهذا مذهب الشّافعيّ وجماعةٍ.
الثاني: واجبة عند الذّكر.
الثالث: قالوا بوجوبها مطلقًا .
ذكره ابن كثير، ويظهر ترجيحه للقول الأول منها.
· حكم البسملة عند الأكل. ك
وفيه قولان:
الأول: الاستحباب.
الثاني: الوجوب.
ذكره ابن كثير، ورجّح القول الأول لما جاء في الحديث أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال لربيبه عمر بن أبي سلمة: "قل: باسم اللّه، وكل بيمينك، وكل ممّا يليك". رواه مسلم.
مسائل لغوية:
المسائل الصرفية:
· سبب سقوط ألف (باسم الله). ج ط
- لأنها ألف وصل دخلت ليتوصل بها إلى النطق بالسّاكن، ذكره الزجاج.
- ولكثرة الاستعمال فحذفت للاختصار والتخفيف، ذكره الزجاج وابن عطية.
واختلف النحاة في حذف الألف إذا كتب «باسم الرحمن وباسم القاهر»:
فقيل: يحذف الألف. وهذا قول الكسائي وسعيد الأخفش.
وقيل: لا تحذف إلا مع بسم الله فقط، لأن الاستعمال إنما كثر فيه، وهذا قول يحيى بن زياد.
ذكر هذه الأقوال ابن عطية وقال: فأما في غير اسم الله تعالى فلا خلاف في ثبوت الألف.
· اشتقاق لفظ (اسم). ج ط
فيه قولان:
الأول: قالوا: إنّه مشتق من السمو، والسمو: الرفعة، يقال: سما يسمو، وجمعه أسماء، وهذا مذهب البصريين، واختاره الزجاج وابن عطية.
الثاني: قالوا: أصل اسم مأخوذ من " وسمت " من السمة، وهي العلامة؛ لأن الاسم علامة لمن وضع له، وهذا مذهب الكوفيين.
وغلّط الزجاج أصحاب هذا القول، وكذا ضعّفه ابن عطية، وحجتهم:
يلزم قولهم: أنه لو كان "اسم" "وسمة" لكان تصغيره إذا حذفت منه ألف الوصل "وسيم" وجمعه " أسامي" ، فالتصغير والجمع يردان هذا المذهب الكوفي؛ لأن التصغير والجمع يردان الأشياء إلى أصولها.
· اشتقاق اسم الله (الرحمن). ك
الرّحمن الرّحيم: اسمان مشتقّان من الرّحمة على وجه المبالغة، ورحمن أشدّ مبالغةً من رحيمٍ.
والدّليل على أنّه مشتقٌّ: ما جاء في حديث عبد الرّحمن بن عوفٍ، أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "قال اللّه تعالى: [أنا الرّحمن خلقت الرّحم وشققت لها اسمًا من اسمي، فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته]:" رواه التّرمذيّ وصحّحه، وقال القرطبي: وهذا نصٌّ في الاشتقاق فلا معنى للمخالفة والشّقاق.
ذكره ابن كثير.
الإعراب
· إعراب الباء في (بسم الله). ج ط
هي مكسورة أبدًا؛
-لأنه لا معنى لها إلا الخفض، فوجب أن يكون لفظها مكسوراً؛ ليناسب لفظها عملها.
- وليفصل بينها وبين ما يجر من الحروف وهو اسم نحو: "كاف" قولك: كزيد، ومن ذلك قول الأعشى:
أتنتهون ولا ينهى ذوي شطط.......كالطّعن يذهب فيه الزيت والفتل
- أو لكونها لا تدخل إلا على الأسماء فخصت بالخفض الذي لا يكون إلا في الأسماء.
وهذا حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية.
· إعراب (ربّ العالمين * الرحمن الرحيم). ج
الخفض؛ لأنها ثناء على اللّه -عزّ وجلّ-، فكان إعرابها إعراب اسمه، ذكره الزجاج وقال أنه لا يجوز غيره، وإن كان الرفع والنصب جائزين في الكلام، ولا يتخير لكتاب الله عزّ وجلّ إلا اللفظ الأفضل الأجزل.
وفي غير القرآن جاز الرفع والنصب؛
-فمن نصب (ربّ العالمين) فإنما ينصب: لأنّه ثناء على اللّه، كأنه لمّا قال: الحمد للّه استدل بهذا اللفظ أنه ذاكر اللّه، فكأنه قال : أذكر ربّ العالمين.
-ومن رفع فهو يريد: هو ربّ العالمين.
قال الشاعر:
وكل قوم أطاعوا أمرَ مُرشدِهم.......إلا نميراً أطاعت أمر غاويها
الظـــاعـــنين ولمّـا يُظــعنوا أحداً.......والقــائلين لـــمن دار نخــلّـــيهـا
فيجوز أن ينصب (الظاعنين) على ضربين:
- على إنّه تابع نميراً.
- وعلى الذم، كأنّه قال: أذكر الظاعنين.
ولك أن ترفع تريد: هم الظاعنون.
مسائل استطرادية
· إعراب الحروف التي يتكلّم بها وهي على حرف واحد. ج
قال الزجاج: (أصل الحروف التي يتكلم بها، وهي على حرف واحد الفتح أبدا إلا أن تجيء علة تزيله؛ لأن الحرف الواحد لا حظ له في الإعراب، ولكن يقع مبتدأ في الكلام ولا يبدأ بساكن فاختير الفتح؛ لأنه أخف الحركات،تقول: "رَأيت زيدًا وعمرًا"، فالواو مفتوحة، وكذلك "فعمرًا" الفاء مفتوحة، وإنماكسرت اللام في قولك: " لزيد "؛ ليفصل بين لام القسم ولام الإضافة.
ألا ترى أنك لو قلت: "إنّ هذا لِزيد"، علم أنه ملكه، ولوقلت: " إن هذا لَزيد "، علم أنّ المشار إليه هو زيد، فلذلك كسرت اللام في قولك "لِزيد"، ولو قلت: "إنّ هذا المال لَك"، "وإن هذا لَأنت" فتحت اللام؛ لأنّ اللبس قد زال.
والذي قلناه في اللام هو مذهب سيبويه ويونس والخليل وأبي عمرو بن العلاء وجميع النحويين الموثوق بعلمهم.
وكذلك تقول: " أَزيد في الدار"؛فالألف مفتوحة، وليس في الحروف المبتدأة -مما هو على حرف- حرف مكسور إلا الباء ولام الأمر وحدهما، وإنما كسرتا للعلة التي ذكرنا، وكذلك لام الإضافة، والفتح أصلها.
وأما لام (كي) في قولك: "جئت لتقوم يا هذا "، فهي لام الإضافة التي في قولك " المال لزيد"، وإنما نصبت (تقوم) بإضمار "أن" أو "كي" التي في معنى "أن"، فالمعنى: جئت لقيامك.
وما قلناه في اشتقاق " اسم " قول لانعلم أحدا فسره قبلنا.
وأمّا قولك: " لِيضرب زيد عمرًا "، فإنما كسرت اللام ليفرق بينها وبين لام التوكيد، ولا يبالى بشبهها بلام الجر؛ لأنّ لام الجر لا تقع في الأفعال، وتقع لام التوكيد في الأفعال، ألا ترى أنك لو قلت: " لتضرب" -وأنت تأمر- لأشبه لام التوكيد إذا قلت: "إنك لتضرب"، فهذا جملة ما في الحروف التي على حرف واحد. )


رد مع اقتباس
  #13  
قديم 8 ذو الحجة 1436هـ/21-09-2015م, 08:41 PM
ليلى باقيس ليلى باقيس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2,071
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم


تفسير قول الله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255) }


مسائل علوم الآية:
· اسم الآية.
· فضل آية الكرسي.
القراءات:
· القراءة سنة. ج
· القراءة الثانية في (القيوم). ك ج ط
· القراءة الثانية في (يؤده). ط
المسائل التفسيرية:
· مقصد الآية. ك ج ط
· معنى (الله لا إله إلا هو). ك ج
· معنى (الحيّ) ك ج ط
· معنى (القيّوم) ك ج ط
· معنى (لا تأخذه) ك ط
· فائدة التعبير بلفظ (لا تأخذه) ط
· معنى (سنة) ك ج ط
· معنى النوم ط
· سبب عطف النوم على السنة ك
· فائدة النفي في قوله تعالى: {لا تأخذه سنة ولا نوم} ك ج ط
· سبب نزول قوله تعالى: {له ما في السماوات وما في الأرض} ط
· مقصد قوله تعالى: {له ما في السماوات وما في الأرض} ك
· مرجع هاء الضمير في قوله تعالى: {له ما في السماوات وما في الأرض} ك
· معنى اللام في قوله تعالى: {له ما في السماوات وما في الأرض} ك ط
· فائدة التعبير بــ (ما) وفيهم من يعقل. ط
· مرجع هاء الضمير في قوله: {عنده}، {بإذنه} ك
· معنى (إلا بإذنه) ج
·المراد بالشفاعة في الآية. ك ج ط
· معنى قوله تعالى: {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} ك ج ط
· الشفاعة المنفية. ج
· دلالة قوله تعالى: {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} ك ج ط
· مرجع الضمير في قوله: {يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم} ك ط
· المراد بقوله تعالى: {ما بين أيديهم وما خلفهم} ك ج ط
· معنى قوله تعالى: {يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم} ك
· المراد بالإحاطة في قوله تعالى: {ولا يحيطون بشيء من علمه} ك ج
· مرجع الضمير في قوله: {ولا يحيطون} ك
· مرجع الضمير في قوله تعالى: {بشيء من علمه} ك
· معنى: (من علمه) ط ك
· معنى الاستثناء في قوله: (إلا بما شاء) ج
· معنى الكرسي في اللغة.ج
· المراد بالكرسي. ك ج ط
· المراد بأن كرسيه وسع السماوات والأرض. ك
· دلالة قوله تعالى: {وسع كرسيّه السماوات والأرض} ط
· موضع الكرسي من العرش. ك
· فضل العرش على الكرسي. ك
· معنى (ولا يؤده). ك ج ط
· مرجع هاء الضمير في قوله تعالى: {ولا يؤده} ك ج
· مرجع الضمير في قوله: {حفظهما} ك
· دلالة قوله : {ولا يؤده حفظهما} ك
· معنى (العليّ).
·معنى (العظيم).
مسائل علوم القرآن.
· تفاضل كلام الله.
مسائل لغوية:
· إعراب (الله لا إله إلا هو) ط ج
· اشتقاق (القيوم) ط
المسائل العقدية:
· طريقة السلف في فهم آيات الصفات والأسماء.
· الإيمان بالكرسي.
· الإيمان بعرش الرحمن.
· الإيمان بأسماء الله وصفاته
· إثبات الشفاعة في أهل الكبائر من المسلمين.
· إثبات القدمين صفة لله تعالى.
· إثبات علوّ الله تعالى.
· السلف يثبتون الاسم والصفة التي تضمنتها.
· النفي والإثبات في أسماء الله تعالى وصفاته *
سنن وآداب.
· قراءة آية الكرسي عند النوم.
· قراءة آية الكرسي في الصباح والمساء.
· قراءة آية الكرسي في دبر الصلوات المكتوبة.
تلخيص تفسير آية الكرسيّ

مسائل علوم الآية:
· اسم الآية.
هي آية الكرسي.
- عن أبيّ بن كعبٍ: أنه كان له جرن فيه تمر يتعاهده، فوجده ينقص، فحرسه ذات ليلة، فإذا من الجنّ من يصيب منه، فقال له أبيّ: فما الذي يجيرنا منكم؟ قال: هذه الآية: آية الكرسيّ. فأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: ((صدق الخبيث)). مختصرا مما رواه الحافظ أبو يعلى والحاكم وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
- عن أنس بن مالك قال: سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا من صحابته فقال: ((أي فلان هل تزوّجت؟))، قال: لا وليس عندي ما أتزوّج به، قال: ((أو ليس معك: {قل هو الله أحد}؟))، قال: بلى. قال: ((ربع القرآن. أليس معك: {قل يا أيها الكافرون}؟)) قال: بلى. قال: ((ربع القرآن. أليس معك {إذا زلزلت}؟)) قال: بلى. قال: ((ربع القرآن. أليس معك: {إذا جاء نصر الله والفتح}؟)) قال: بلى. قال: ((ربع القرآن. أليس معك آية الكرسيّ: {الله لا إله إلا هو}؟)) قال: بلى. قال: ((ربع القرآن)). رواه أحمد
- عن أبي ذرّ جندب بن جنادة أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله أيّما أنزل عليك أعظم؟ فال: ((آية الكرسي: {الله لا إله إلا هو الحيّ القيّوم})). مختصرا مما رواه أحمد والنسائي.
ذكر هذه الأحاديث ابن كثير.
- ويروى عن ابن عباس أنه قال: أشرف آية في القرآن آية الكرسيّ، ذكره الزجاج
· فضل آية الكرسي.
من فضائلها:
1: صحّ الحديث عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بأنّها أفضل آيةٍ في كتاب اللّه.
- عن أبيّ بن كعب: أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم سأله: «أيّ آيةٍ في كتاب اللّه أعظم؟» قال: اللّه ورسوله أعلم. فردّدها مرارًا ثمّ قال أبيٌّ: آية الكرسيّ. قال: «ليهنك العلم أبا المنذر، والّذي نفسي بيده إنّ لها لسانًا وشفتين تقدّس الملك عند ساق العرش». رواه أحمد ومسلمٌ وليس عنده زيادةٌ: "والّذي نفسي بيده ... ".
- عن أبي ذرٍّ جندب بن جنادة أنه قال للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم: يا رسول اللّه أيّما أنزل عليك أعظم؟ قال: «آية الكرسيّ:{اللّه لا إله إلا هو الحيّ القيّوم}» مختصرًا مما رواه أحمد والنسائي.
ذكر هذه الأحاديث ابن كثير.
- ويروى عن ابن عباس أنه قال: أشرف آية في القرآن آية الكرسيّ، ذكره الزجاج
2: جاء في فضلها أنها تجير من الجن والشياطين.
- عن أبيّ بن كعبٍ: أنّه كان له جرنٌ فيه تمرّ يتعاهده، فوجده ينقص، فحرسه ذات ليلةٍ، فإذا من الجنّ من يصيب منه، فقال له أبيّ: فما الّذي يجيرنا منكم؟ قال: هذه الآية: آية الكرسيّ. فأخبر بذلك النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «صدق الخبيث». مختصرًا مما رواه الحافظ أبو يعلى والحاكم وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ذكره ابن كثير
3: من قرأها إذا أوى إلى فراشه فإنه لا يزال عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح. [وذلك لاشتمالها على أجلّ المعارف وأوسع الصفات. ذكره السعدي]
- عن أبي هريرة: أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وكله بحفظ زكاة رمضان، فأتاه آت فجعل يحثو من الطّعام، فأخذه ليرفعه للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم فاشتكى حاجة وعيال، فخلّى سبيله، فلما أصبح قال له النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة؟» فقال: يا رسول اللّه شكا حاجةً شديدةً وعيالًا فرحمته وخلّيت سبيله. فقال: «أما إنّه قد كذبك وسيعود»، فعرف أنّه سيعود لقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّه سيعود"، فعاد وتكرر منه ذلك ثلاث ليال، فلما كانت الثالثة قال له أبو هريرة: لأرفعنّك إلى رسول الله، وهذا آخر ثلاث مرّات تزعم أنّك لا تعود ثمّ تعود. فقال: دعني أعلّمك كلماتٍ ينفعك اللّه بها. فقال:ما هنّ. قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسيّ: {اللّه لا إله إلا هو الحيّ القيّوم} حتّى تختم الآية فإنّك لن يزال عليك من اللّه حافظٌ ولا يقربك شيطانٌ حتّى تصبح، فخلّى سبيله ولما أصبح أخبر النبي صلّى اللّه عليه وسلّمبذلك، فقال لي:«أما إنّه صدقك وهو كذوبٌ تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليالٍ يا أبا هريرة؟» قلت: لا قال: «ذاك شيطانٌ». رواه البخاريّ معلّقًا بصيغة الجزم والنّسائيّ في "اليوم واللّيلة"، ذكره ابن كثير

4: أنها لا تقرأ في بيت فيه شيطان إلا خرج منه.
- عن عبد اللّه بن مسعودٍ: خرج رجلٌ من الإنس فلقيه رجلٌ من الجنّ فقال: هل لك أن تصارعني؟ فإن صرعتني علّمتك آيةً إذا قرأتها حين تدخل بيتك لم يدخل شيطانٌ؟ فصارعه فصرعه الإنسي، ثم عاد فصارعه فصرعه الإنسيّ، فقال: تقرأ آية الكرسيّ فإنّه لا يقرؤها أحدٌ إذا دخل بيته إلا خرج الشيطان وله خبخٌ كخبج الحمار. فقيل لابن مسعودٍ: أهو عمر؟ فقال: من عسى أن يكون إلّا عمر. رواه أبو عبيد في كتاب الغريب.
- عن أبي هريرة: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «سورة البقرة فيها آيةٌ سيّدة آي القرآن لا تقرأ في بيتٍ فيه شيطانٌ إلّا خرج منه! آية الكرسيّ». رواه الحاكم من طريق حكيم بن جبير، وحكيم بن جبير قال فيه الترمذي: تكلّم فيه شعبة وضعّفه، ذكره ابن كثير وقال: وكذا ضعّفه أحمد ويحيى بن معينٍ وغير واحدٍ من الأئمّة وتركه ابن مهديٍّ وكذّبه السّعديّ.
5: أنها مشتملة على اسم الله الأعظم.
- عن أسماء بنت يزيد بن السّكن قالت: «سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول في هاتين الآيتين {اللّه لا إله إلا هو الحيّ القيّوم} و {الم * اللّه لا إله إلا هو الحيّ القيّوم} [آل عمران:1، 2] «إنّ فيهما اسم اللّه الأعظم». رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والتّرمذيّ وقال: حسن صحيح.
6: من قرأها دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنّة إلا أن يموت.
عن أبي أمامة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من قرأ دبر كلّ صلاةٍ مكتوبةٍ آية الكرسيّ لم يمنعه من دخول الجنّة إلّا أن يموت». رواه ابن مردويه والنّسائيّ في "اليوم واللّيلة" وابن حبّان في صحيحه. ذكره ابن كثير وقال: وقد زعم أبو الفرج بن الجوزيّ أنّه حديثٌ موضوعٌ فاللّه أعلم.
7: أنها تحفظ من قرأها في أول النهار وأول الليل.
عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من قرأ: {حم} المؤمن إلى: {إليه المصير} وآية الكرسيّ حين يصبح حفظ بهما حتّى يمسي ومن قرأهما حين يمسي حفظ بهما حتّى يصبح» رواه الترمذي وقال: هذا حديثٌ غريبٌ.
8: أنها تعدل ربع القرآن كما جاء في حديث أنس، وقيل: تعدل ثلثه ذكره ابن عطية.
- عن أنس بن مالكٍ قال: سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم رجلًا من صحابته فقال: «أي فلان هل تزوّجت؟»، قال: لا وليس عندي ما أتزوّج به. قال: «أوليس معك:{قل هو اللّه أحدٌ}؟» قال: بلى. قال: «ربع القرآن. أليس معك: {قل يا أيّها الكافرون}؟» قال: بلى. قال: «ربع القرآن. أليس معك {إذا زلزلت}؟» قال: بلى. قال: «ربع القرآن. أليس معك: {إذا جاء نصر اللّه والفتح}؟» قال: بلى. قال: «ربع القرآن. أليس معك آية الكرسيّ: {اللّه لا إله إلا هو}؟» قال: بلى. قال: «ربع القرآن». رواه أحمد، ذكره ابن كثير.
9: أنها متضمنة التوحيد والصفات العلى، ذكره ابن عطية.
القراءات
· القراءة سنة. ج
قال الزجاج: (وإن قلت في الكلام: لا إله إلا الله لجاز، أما القرآن فلا يقرأ فيه إلا بما قد قرأت القرّاء به، وثبتت به الرواية الصحيحة)
· القراءة الثانية في (القيوم). ك ج ط
يجوز (القيّام) بالألف، وكان عمر يقرأ بها، وقرأ بها: ابن مسعود وعلقمة وإبراهيم النخعي والأعمش.
ومعناهما واحد.
وهذا حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير
· القراءة الثانية في (يؤده). ط
بتخفيف الهمزة التي على الواو الأولى، بأن تجعل بين بين، لا تخلص واوًا مضمومة، ولا همزة محققة، كما قيل لؤم لوم، روي ذلك عن الزهري وأبي جعفر والأعرج بخلاف عنهم.
ذكره ابن عطية.
المسائل التفسيرية:
· مقصد الآية. ك ج ط
الإخبارٌ بأنّه تعالى المتفرّد بالإلهيّة لجميع الخلائق، وأنه تعالى متصف بالصفات العلى، التي قد بلغت الغاية في الكمال والجمال، وهذا حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير
· معنى (الله لا إله إلا هو). ك ج
أي لا إله لكل مخلوق إلا هو سبحانه، هو المتفرّد بالألاهية لجميع الخلائق، وهذا حاصل ما ذكره الزجاج وابن كثير
· معنى (الحيّ) ك ج ط
أي الحي في نفسه الذي لا يموت أبدًا الدائم البقاء، وهذا حاصل ما ذكره الزجاج وابن كثير
وأورد ابن عطية أقوالا لأهل البحث في معنى (الحيّ) ذكرها الطبري، منها:
الأول: قالوا: الله حيّ لا بحياة، قال ابن عطية: وهذا قول المعتزلة، وهو قول مرغوب عنه.
الثاني: قالوا: هو حيّ بحياة هي صفة له. [وهذا قول السلف، فهم يقررون أن كل اسم فهو متضمن للاسم والصفة.]
[قال ابن عثيمين: الحيّ: اسم من أسماء الله تعالى، فالحيّ متضمّن للحياة الكاملة التي لم تسبق بعدم، ولا يلحقها زوال، الحياة المستلزمة لكمال الصفات من العلم، والقدرة، والسمع، والبصر، وغيرها.]
· معنى (القيّوم) ك ج ط
قيّوم بناء مبالغة ، والقيّوم والقيّام بمعنى واحد، ومعناه: أي هو القائم على كل أمربما يجب له، وهذا قول مجاهد والربيع والضحاك، ذكره ابن عطية.
فهو القائم تعالى بتدبير سائر أمر خلقه في إنشائهم ورزقهم وعلمه بأمكنتهم، فجميع الموجودات مفتقرة إليه لا قوام لها بدون أمره.
قال تعالى: {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرّها ومستودعها}
وقال تعالى: {ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره}
وهذا حاصل ما ذكره الزجاج وابن كثير
[قال السعدي: القيوم هو الذي قام بنفسه وقام بغيره، وذلك مستلزم لجميع الأفعال التي اتصف بها ربّ العالمين من فعله ما يشاء من الاستواء والنزول والكلام والخلق والرزق والإماتة والإحياء وسائر أنواع التدبير. وأما الحي فهو من الحياة الكاملة المستلزمة لجميع صفات الذات كالسمع والبصر والعلم والقدرة ونحو ذلك.]
· معنى (لا تأخذه) ك ط
أي لا تغلبه، ذكره ابن كثير وبنحو هذا المعنى قال ابن عطية
·فائدة التعبير بلفظ (لا تأخذه) ط
قال ابن عطية: (وفي لفظ الأخذ غلبة ما، فلذلك حسنت في هذا الموضع بالنفي.)
· معنى (سنة) ك ج ط

اختلفت فيه أقوال المفسّرين:
قيل: النعاس؛ وبه فسّر الزجاج وابن كثير وزاد الوسن، وذكره ابن عطية في الأقوال التي أوردها وعزاه لابن عباس.
وقيل: بدء النعاس، وهو الوسن وقيل في تعريفه: هو فتور يعتري الإنسان، وترنيق في عينيه، وليس يفقد معه كلّ ذهنه، وبهذا المعنى فسّر السنة الضحاك والسدي، ذكره ابن عطية واستدل لصحته بقول عدي بن الرقاع في التفريق بين الوسن والنوم:
وسنان أقصده النعاس فرنّقت .... في عينه سنة وليس بنائم
وقيل: الوسنان هو الذي يقوم من النوم وهو لا يعقل حتى ربّما جرّد السيف على أهله، وهذا قول زيد، ذكره ابن عطية وقال: فيه نظر، فليس ذلك بمفهوم من كلام العرب.
· معنى النوم ط
هو المستثقل الذي يزول معه الذّهن، ذكره ابن عطيّة
· سبب عطف النوم على السنة ك
لأنه أقوى من السنة، ذكره ابن كثير

· فائدة النفي في قوله تعالى: {لا تأخذه سنة ولا نوم} ك ج ط
لبيان أنه تعالى لا تدركه آفة، ولا يلحقه خلل بحال من الأحوال، وأنه تعالى لا يغفل عن تدبير أمر الخلق، وهذ حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية
- عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات، فقال: ((إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يُرفع إليه عمل النهار قبل عمل الليل، وعمل الليل قبل عمل النهار، حجابه النور أو النار، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه.)) رواه مسلم، ذكره ابن كثير
- وعن موسى عليه السلام أنه سأل الملائكة: هل ينام الله عز وجل، فأعطوه قارورتين وحذّروه أن يكسرهما، فنعس وهما في يده، فضرب إحداهما بالأخرى فكسرهما، ذكره ابن عطية وابن كثير وقال: رواه عبدالرزاق وابن جرير. وقال: وهو من أخبار بني إسرائيل، وهو مما يُعلم أن موسى عليه السلام لا يخفى عليه مثل هذا من أمر الله عز وجل وأنه منزّه عنه.
[قوله تعالى: {لا تأخذه سنة ولا نوم} من الصفات المنفية، وذلك لثبوت كمال ضدّه، وهو كمال حياته سبحانه وقيوميته.]
· سبب نزول قوله تعالى: {له ما في السماوات وما في الأرض} ط
قال ابن جرير: (هذه الآية نزلت لمّا قال الكفّار ما نعبد أوثاننا هذه إلا ليقربونا إلى الله، فقال الله: ((له ما في السماوات وما في الأرض)).). ذكره ابن عطيّة
· مقصد قوله تعالى: {له ما في السماوات وما في الأرض} ك
يخبر الله تعالى بأن الجميع عبيده وفي ملكه، وتحت قهره وسلطانه، فهو كقوله تعالى: {إن كلّ من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدًا}، ذكره ابن كثير
· مرجع هاء الضمير في قوله تعالى: {له ما في السماوات وما في الأرض} ك
لله تعالى، ذكره ابن كثير
· معنى اللام في قوله تعالى: {له ما في السماوات وما في الأرض} ك ط
هي لام الملك، فهو تعالى مالك الجميع وربّه، ذكره ابن عطية، وبنحوه يُفهم مما ذكره ابن كثير.
·فائدة التعبير بــ (ما) وفيهم من يعقل. ط
قال ابن عطية: (وجاءت العبارة بــ (ما) وإن كان في الجملة من يعقل، من حيث المراد الجملة والموجود.).
· مرجع هاء الضمير في قوله: {عنده}، {بإذنه} ك
لله تعالى، ذكره ابن كثير.
· معنى (إلا بإذنه) ج
أي بأمره، ذكره الزجاج
· معنى قوله تعالى: {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} ك ج ط
أي أنه لا يتجاسر أحد على أن يشفع لأحدٍ عند الله تعالى، لا أن يأذن الله تعالى له بالشفاعة، كما في حديث الشفاعة: ((آتي تحت العرش فأخرّ ساجدًا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقال: ارفع رأسك، وقل تسمع، واشفع تشفّع، قال: فيحدّ لي حدّا فأدخلهم الجنّة.)) متفق عليه
ذكره ابن كثير، وبنحوه قال الزجاج وابن عطية
· المراد بالشفاعة في الآية. ك ج ط
فسّرها ابن عطية وابن كثير بالشفاعة في الآخرة، فذكروا منها: شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في أهل الموقف.
وشفاعة الأنبياء والعلماء والصالحين وغيرهم.
وفسّرها الزّجاج بالشفاعة في الدنيا والآخرة، فجعل من الشفاعة الدعاء في الدنيا؛ كدعاء المؤمنين بعضهم لبعض.
[والدعاء شفاعة، ودليله: قوله صلى الله عليه وسلم: ((ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلًا لا يشركون بالله شيئًا إلا شفّعهم الله فيه.)).]
· الشفاعة المنفية. ج
هي ما ادّعاه المشركون أن الأصنام تشفع لهم، {ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله}، فأنبأ الله تعالى أنه لا شفاعة يومئذٍ إلا بإذنه، ذكره الزجاج
· دلالة قوله تعالى: {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} ك ج ط
تدلّ على عظمة الله تعالى وجلاله وكبريائه، فلا شفاعة إلا بإذنه، وهذا حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير
· مرجع الضمير في قوله: {يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم} ك ط
- جميع الكائنات، ذكره ابن كثير
- وقيل: عائدان على كل من يعقل ممن تضمّنه قوله: (له ما في السماوات وما في الأرض)، ذكره ابن عطية.

· المراد بقوله تعالى: {ما بين أيديهم وما خلفهم} ك ج ط
فيه أقوال:
- قيل: ما بين أيديهم: الماضي والحاضر، ذكره ابن كثير، ولفظ الزجاج: الغيب الذي تقدّمهم.
وما خلفهم: المستقبل، وهو الغيب الذي يأتي من بعدهم، حاصل ما ذكره الزجاج وابن كثير.
- وقيل: ما بين أيديهم: الدنيا.
وما خلفهم: الآخرة، وهذا قول مجاهد، وبنحوه قال السدي وغيره، ذكره ابن عطية وقال: (وهذا في نفسه صحيح عند الموت؛ لأن ما بين اليد هو كل ما تقدم الإنسان، وما خلفه هو كلّ ما يأتي بعده.)

· معنى قوله تعالى: {يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم} ك
أي أن علم الله تعالى محيط بجميع الكائنات، ماضيها وحاضرها ومستقبلها، ذكره ابن كثير [وهذا على القول الأول في المراد بما بين أيديهم وما خلفهم.]
· المراد بالإحاطة في قوله تعالى: {ولا يحيطون بشيء من علمه} ك ج
الإحاطة: العلم، فهو لا يعلمون شيئًا من علم الله إلا بما أعلمهم الله إيّاه، وأطلعهم عليه، وهذا حاصل ما ذكره الزجاج وابن كثير
· مرجع الضمير في قوله: {ولا يحيطون} ك
جميع الكائنات، ذكره ابن كثير
· مرجع الضمير في قوله تعالى: {بشيء من علمه} ك
أي من علم الله تعالى، ذكره ابن كثير
· معنى: (من علمه) ط ك
فيه قولان:
الأول: من معلوماته، ذكره ابن عطية وابن كثير
الثاني: علم ذاته وصفاته، ذكره ابن كثير
[قال ابن عثيمين: وكلا المعنيين صحيح، وقد نقول: أن الثاني أعم–ولذا اقتصر عليه ابن عطية-؛ لأن معلومه يدخل فيه علمه بذاته وصفاته وما سوى ذلك.]

· معنى الاستثناء في قوله: (إلا بما شاء) ج
أي إلا بما أنبأ الله به على ألسنة رسله ليكون دليلا على تثبيت نبوّتهم، ذكره الزجاج [وبطرق وأسباب أخرى.]

· معنى الكرسي في اللغة.ج
المعروف في اللغة: أن الكرسيّ هو الشيء الذي يُعتمد عليه ويُجلس عليه، وقد ثبت ولزم بعضه بعضًا، ومنه الكراسة والكرسي ما تلبّد بعضه على بعض في آذان الغنم ومعاطن الإبل، ذكره الزجاج
· المراد بالكرسي. ك ج ط
فيه أقوال:
الأول: أنه موضع القدمين، وهذا قول ابن عباس وأبي موسى الأشعريّ والسديّ والضحاك ومسلم البطين، ذكره ابن عطية وابن كثير.
فعن ابن عباس قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله عز وجل: {وسع كرسيه السماوات والأرض}، قال: ((كرسيّه موضع قدميه، والعرش لا يقدر قدره إلا الله عزوجل)) . رواه شجاع بن مخلد في تفسيره مرفوعا، ذكره ابن كثير وقال: وهو غلط.
ورواه وكيع في تفسيره عن سعيد بن جبير عن ابن عباس موقوفًا، وكذا رواه الحاكم عن ابن عباس موقوفًا مثله، وقال: صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه.
ورواه ابن مردويه عن السدي عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا، وقال فيه ابن كثير: ولا يصحّ أيضًا.
[قال العيني: أراد ابن كثير بقوله: (وهو غلط)، أن رفعه غلط، وليت شعري ما الفرق بين كونه موقوفًا وبين كونه مرفوعًا في هذا الموضع؛ لأن هذا لا يُعلم من جهة الوقف.](1)
وقال الشيخ الرشيد في شرحه للعقيدة الواسطية: حديث ابن عباس قد روي مرفوعًا، والصواب أنه موقوف على ابن عباس.]
وذكر هذا القول ابن عطية وعزاه لأبي موسى الأشعري والسدي، ولفظ أبي موسى: (أنه موضع القدمين) فأوّله ابن عطية: أن المراد بذلك أن الكرسي من العرش كموضع القدمين في أسرّة الملوك.
ولفظ السدي: (هو موضع قدميه) فاستشكل الضمير على ابن عطية وقال: (وأما عبارة السدي فقلقة) وذلك لعودة الضمير فيها إلى الله تعالى، وفي ذلك إثبات صفة القدمين لله تعالى، وابن عطية ممن تأثّر بعقيدة الأشاعرة.
والحق كما هو متقرر في اعتقاد أهل السنة والجماعة: أن القدم صفة خبرية للرحمن، آحادها عندنا أبعاض وأجزاء، فنؤمن أن للرحمن قدمين تليقان بذاته وجلاله، وجاء في الحديث أنه تعالى: "يضع الجبار فيها قدمه" أي في جهنم؛ إذ لا تسكن جهنم حتى يضع الجبّار فيها قدمه.
القول الثاني: علمه، وهذا قول ابن عباس، ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير وزاد في عزوه لسعيد بن جبير.
فعن ابن عباس في قوله: {وسع كرسيّه السماوات والأرض} قال: علمه، رواه ابن جرير وابن أبي حاتم، ذكره ابن كثير.
وذكر ابن عطية أن الطبري رجّح هذا القول، وقال منه الكراسة للصحائف التي تضمّ العلم، ومنه قيل للعلماء الكراسي؛ لأنهم المعتمد عليهم.
[وأنكر هذا القول وردّه جملة من أهل العلم؛ فقال الشيخ الرشيد في شرحه للعقيدة الواسطية: وأما ما زعمه بعضهم أن معنى (كرسيّه): علمه، ونسبه إلى ابن عباس، فليس بصحيح، بل هو من كلام أهل البدع المذموم.
ونقل الشيخ ابن فياض عن الدارمي إنكاره لهذا القول؛ إذ المعروف عن السلف أن الكرسيّ موضع قدميّ الرحمن جلّ جلاله، فهو الصحيح المشهور عن ابن عباس.
وقال الشيخ خليل هراس: وأما ما أورده ابن كثير عن ابن عباس في تفسيره الكرسي بالعلم، فإنه لا يصح، ويفضي إلى التكرار في الآية.]
القول الثالث: أن الكرسي هو العرش، وهذا قول الحسن البصري، ذكره ابن عطية وابن كثير.
وضعّف هذا القول وردّه ابن كثير قال: والصحيح أن الكرسيّ غير العرش، فالعرش أكبر منه، كما دلّت على ذلك الآثار والأخبار، وقد اعتمد ابن جرير على حديث عبد الله بن خليفة عن عمر في ذلك، وعندي في صحته نظر، والله أعلم.
الرابع: أن الكرسي مخلوق عظيم، عليه السماوات السبع والأرضون، فالسماوات والأرض بالنسبة للكرسي كحلقة ملقاة في فلاة، وهذا قول عطاء، ذكره الزجاج وابن عطية ورجّحه مستدلًا بقوله صلى الله عليه وسلم: ((ما السماوات السبع في الكرسي إلا كدراهم سبعة ألقيت في ترس.)). رواه ابن جرير عن أبي وذكره ابن كثير.
وأشار الزجاج إلى أنه أظهر الأقوال، وذلك للمناسبة بينه وبين معنى الكرسي في اللغة.
وهذا الذي أشار إليه الزجاج متحقق كذلك في القول الأول.
القول الخامس: قيل: كرسيه قدرته التي يمسك بها السماوات والأرض، ذكره الزجاج وقال: وهذا قريب من قول ابن عباس، أي القول الثاني، فيقال فيه ما قيل في القول الثاني من التضعيف.
الخلاصة:
[القول الأول صححه جمع من أهل العلم كالشيخ خليل هراس و عبد العزيز الرشيد وابن فياض وابن عثيمين وغيرهم، وذكره الشيخ صالح الفوزان دون جزم.
قال ابن فياض: (وهذا هو المعروف عن السلف، قال الدارمي: هذا الذي عرفناه عن ابن عباس صحيحًا مشهورًا.).
والقول الرابع في حقيقته متفق مع القول الأول؛ ولكن دون تعيين الكرسي بأنه موضع القدمين، ويظهر ميل الشيخ السعدي لهذا القول، والله أعلم.]

· المراد بأن كرسيه وسع السماوات والأرض. ك
أي أن السماوات والأرض في جوف الكرسي، وذلك لسعته وعظمته، فالسماوات السبع والأرضون السبع في سعة الكرسي بمنزلة الحلقة في المفازة، وهذا القول مستخلص مما نقله ابن كثير عن السدي وابن عباس وحديث أبي ذر مرفوعًا.
· دلالة قوله تعالى: {وسع كرسيّه السماوات والأرض} ط
أنها تنبئ عن عظم مخلوقات الله تعالى، وفي هذا بيان لعظم قدرته سبحانه وأنه لا يؤده حفظ هذا الأمر العظيم، ذكره ابن عطية
· موضع الكرسي من العرش. ك
قيل: الكرسي تحت العرش، وهو مروي عن أبي مالك.
وقيل: الكرسي بين يدي العرش، وهو قول السدي.
ذكره ابن كثير

· فضل العرش على الكرسي. ك
العرش أكبر وأعظم من الكرسي، فالكرسي في العرش كحلقة ملقاة في فلاة.
فعن أبي ذرّ أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكرسيّ، فقال: ((والذي نفسي بيده ما السماوات السبع والأرضون السبع عند الكرسي، إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة.)). رواه ابن مردويه، ذكره ابن كثير.

· معنى (ولا يؤده). ك ج ط
أي لا يثقله، ذكره الزجاج وابن عطية وعزاه لابن عباس والحسن وقتادة وغيرهم، وابن كثير وزاد: بل ذلك سهل عليه يسير لديه.
· مرجع هاء الضمير في قوله تعالى: {ولا يؤده} ك ج
لله تعالى، ذكره الزجاج وابن كثير
وقيل: جائز أن يكون للكرسي، ذكره الزجاج.

· مرجع الضمير في قوله: {حفظهما} ك
أي السماوات والأرض ومن فيهما وما بينهما، ذكره ابن كثير
· دلالة قوله : {ولا يؤده حفظهما} ك
أنه تعالى لا يغيب ولا يعزب عنه شيء، فهو تعالى القائم على كل نفس بما كسبت، وأن جميع الأشياء محتاجة فقيرة إليه وهو الغني الحميد.
ذكره ابن كثير
[وهذه من الصفات المنفية، والصفة الثبوتية التي يدلّ عليها هذا النفي هي كمال القدرة والعلم والقوة والرحمة، ذكره ابن عثيمين.]

· معنى (العليّ).
[أي العالي على كل شيء، في ذاته وصفاته وأفعاله.
فالسلف يثبتون لله تعالى العلوّ المطلق من جميع الوجوه:
علو الذات: بكونه تعالى فوق جميع المخلوقات.
علو القدر: فله كل صفات الكمال ونعوت الجلال.
علو القهر: فهو القادر على كل شيء.
فأهل السنة يثبتون لله تعالى العلو الذاتي والمعنوي (علو الذات والصفات).]
وذكر ابن عطية أن المراد به: علو القدرة والمنزلة، لا علو المكان، قال: لأن الله تعالى منزّه عن التحيّز. [فابن عطية لا يثبت لله تعالى صفة العلو، لتأثره بمذهب الأشاعرة].
ثم أورد ابن عطية أقوالا ذكرها ابن جرير:
الأول: عن قوم قالوا: هو العليّ عن خلقه بارتفاع مكانه عن أماكن خلقه، ذكره ابن عطية ثم قال: وهذا قول جهلة مجسّمين، وكان الوجه ألا يُحكى. [والصواب أن هذا هو الحق وهو قول السلف، [فابن جرير رحمه الله نقل إثبات المكان عن السلف من المفسرين وارتضى تفسيرهم رحمهم الله تعالى].]

· معنى (العظيم).
[معناه الموصوف بالعظمة، الذي لا شيء أعظم منه، ولا أجلّ، ولا أكبر.
وله سبحانه التعظيم الكامل في قلوب أنبيائه وملائكته وأصفيائه.
فالعظمة: عظمة قدره ذاتًا وصفة.
فأهل السنة يثبتون لله تعالى العظمة الذاتية والمعنوية، فهو تعالى أعلم من كلّ شيء في ذاته وصفاته وأفعاله.]
واقتصر ابن عطية على اثبات العظمة المعنوية لله تعالى، فقال: هي صفة بمعنى عظم القدر والخطر لا على معنى عظم الأجرام. والذي قاده لهذا القول تأثره بعقيدة الأشاعرة.
مسائل علوم القرآن.
· تفاضل كلام الله.
لما ثبت أن آية الكرسي أعظم آية في كتاب الله، فهي متضمنة التوحيد والصفات العلى.
عن أبي ذرّ جندب بن جنادة أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله أيّما أنزل عليك أعظم؟ فال: ((آية الكرسي: {الله لا إله إلا هو الحيّ القيّوم})). مختصرا مما رواه أحمد والنسائي.
مسائل لغوية:
· إعراب (الله لا إله إلا هو) ط ج
نصب (إله) على الاستثناء، والمعنى: لا إله لكل مخلوق إلا هو.
(الله): لفظ الجلالة مبتدأ.
(لا إله): مبتدأ ثان.
وخبره: محذوف تقديره: معبود أو موجود [وهذا التقدير خطأ باعتبار وصحيح باعتبار آخر، فإن كان مرادهم مطلق وجود فهذا خطأ؛ لأن الآلهة التي اتخذت من دون الله كثيرة، وإن مرادهم بالوجود: الوجود المعتبر شرعًا فهذا حق، ولكن الصحيح الذي لا خطأ فيه ودلت عليه الأدلة الصحيحة تقديره بـ (حق)، قال تعالى: {ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل}]
(إلا هو): بدل من موضع (لا إله).
ذكره ابن عطية
· اشتقاق (القيوم) ط
القيوم: فيعول، من القيام، أصله: قيُووم، اجتمعت الياء والواو، وسبقت إحداهما بالسكون فأُدغمت الأولى في الثانية بعد قلب الواو ياء، ذكره ابن عطية
المسائل العقدية:
· طريقة السلف في فهم آيات الصفات والأسماء. ك
طريقة السلف في آيات والأحاديث الصحاح في الأسماء والصفات إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه، ذكره ابن كثير
· الإيمان بالكرسي.*
وذلك كما دل عليه قوله تعالى: {وسع كرسيه السماوات والأرض}، ففيه إثبات الكرسي، وهو موضع القدمين.
· الإيمان بعرش الرحمن.
فالله تعالى عالٍ فوق خلقه مستو على عرشه، وعرشه تعالى أكبر وأعظم من الكرسي، فالكرسي في العرش كحلقة ملقاة في فلاة.
· الإيمان بأسماء الله وصفاته *
تضمنت آية الكرسي جملة من أسماء الله تعالى وصفاته، فمن الأسماء التي تضمنتها: الله، الحيّ، القيوم، العلي، العظيم، والصفات التي تضمنتها هذه الأسماء.
ومن الصفات كذلك التي تضمنتها هذه الآية: إثبات المشيئة، وعموم علمه، وإثبات العلو، وإثبات العظمة والقوة والقدرة لله تعالى، وغيرها من الصفات العلى.
· إثبات الشفاعة في أهل الكبائر من المسلمين.
لما ثبت في الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم يشفع فيمن دخل النار من أمته، وكذلك يشفع الأنبياء والملائكة والصالحون وغيرهم.
· إثبات القدمين صفة لله تعالى.
فالكرسي موضع قدمي الرحمن جل جلاله، كما هو معروف عن السلف، والقدم صفة خبرية للرحمن، آحادها عندنا أبعاض وأجزاء، فنؤمن أن للرحمن قدمين تليقان بذاته وجلاله، وجاء في الحديث أنه تعالى: "يضع الجبار فيها قدمه" أي في جهنم؛ إذ لا تسكن جهنم حتى يضع الجبّار فيها قدمه.

· إثبات علوّ الله تعالى.
فمن أسمائه تعالى العلي، وفيه إثبات علو الله تعالى المطلق من كل الوجوه.
· السلف يثبتون الاسم والصفة التي تضمنتها.
فالحي يتضمن إثبات الحي اسما لله تعالى، وإثبات الحياة صفة له.
[قال ابن باز رحمه الله: (فكل أسماء الله تعالى على الذات والصفة، فكل الأسماء أسماء وصفات.)]
· [النفي والإثبات في أسماء الله تعالى وصفاته.] *
من قواعد أهل السنة والجماعة أنهم يجمعون في الأسماء والصفات بين النفي والإثبات.
وطريقة أهل السنة والجماعة: الإجمال في النفي والتفصيل في الإثبات، كما قال تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}
ومن النفي المفصّل الذي جاء في القرآن: قوله تعالى: {لا تأخذه سنة ولا نوم}وذلك لكمال حياته وقيوميته سبحانه؛ لأنه ليس في أسماء الله وصفاته نفي محض، بل كل نفي وجد في أسماء الله وصفاته فهو لإثبات كمال ضدّه؛ إذ النفي المحض عدم، والعدم ليس بشيء، فقوله تعالى: {لا تأخذه سنة ولا نوم} مستلزم لكمال حياته وقيوميته سبحانه.
سنن وآداب.
· قراءة آية الكرسي عند النوم.
لحديث أبي هريرة في حفظه للزكاة، وأنه كان يأتيه آت يحثو من الطعام، وفيه أنه قال له: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسيّ: {اللّه لا إله إلا هو الحيّ القيّوم} حتّى تختم الآية فإنّك لن يزال عليك من اللّه حافظٌ ولا يقربك شيطانٌ حتّى تصبح. فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فأقرّه على ما قال. رواه البخاريّ معلّقًا بصيغة الجزم والنّسائيّ في "اليوم واللّيلة"، ذكره ابن كثير
· قراءة آية الكرسي في الصباح والمساء.
لحديث أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من قرأ: {حم} المؤمن إلى: {إليه المصير} وآية الكرسيّ حين يصبح حفظ بهما حتّى يمسي ومن قرأهما حين يمسي حفظ بهما حتّى يصبح» رواه الترمذي وقال: هذا حديثٌ غريبٌ، ذكره ابن كثير
· قراءة آية الكرسي في دبر الصلوات المكتوبة.
لحديث أبي أمامة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من قرأ دبر كلّ صلاةٍ مكتوبةٍ آية الكرسيّ لم يمنعه من دخول الجنّة إلّا أن يموت».رواه ابن مردويه والنّسائيّ في "اليوم واللّيلة" وابن حبّان في صحيحه. ذكره ابن كثير وقال: وقد زعم أبو الفرج بن الجوزيّ أنّه حديثٌ موضوعٌ فاللّه أعلم.

____________________________________________________________________________
(1) قال الحاكم في المستدرك:«ليعلم طالب هذا العلم أنّ تفسير الصّحابيّ الّذي شهد الوحي والتّنزيل عند الشّيخين حديثٌ مسندٌ».
[ ..] ما بين المعكوفين تم إضافته من خارج المقرر الدراسي.
* تشير هذه العلامة للمواضع التي رجعت فيها في الغالب لكلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله .

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 1 محرم 1437هـ/14-10-2015م, 01:14 PM
ليلى باقيس ليلى باقيس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2,071
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير قول الله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272) لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)}

علوم الآية:
· سبب نزول قوله تعالى: {ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء .. (272)} ك ط
· القول بنسخ الآية ط
· سبب نزول قوله تعالى: {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار ... (274)} ك ط
· القول بنسخ الآية ط
القراءات:
· القراءات في قوله تعالى: {يحسبهم} ط
المسائل التفسيرية:
· مقصد قوله تعالى: {ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء ...} الآية ك ط
· المخاطب بقوله تعالى: {ليس عليك هداهم}. ج ط ك
· المراد بالهداية في قوله تعالى: {ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء} ط ج
· دلالة قوله: {ليس عليك هداهم}. ج ط
· مرجع الضمير في قوله: {ليس عليك هداهم} ك
· معنى: {ولكنّ الله يهدي من يشاء} ج ط
· دلالة قوله تعالى: {ولكنّ الله يهدي من يشاء} ج ط
· المراد بالخير في الآية. ط
· معنى كون نفقة المرء على غيره هي لنفسه. ك ط
· مرجع الضمير في قوله: {وما تنفقوا} ، {وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله} ك ج
· معنى الاستثناء في قوله: {وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله} ك ج ط
· المخاطب في قوله: {يوفّ إليكم} ط
· معنى: {وما تنفقوا من خير يوفّ إليكم} ط
· المراد بالظلم في قوله تعالى: {وأنتم لا تُظلمون} ط
· المناسبة بين جمل الآية: {وما تنفقوا من خير فلأنفسكم}، {وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله}، {وما تنفقوا من خير يوفّ إليكم وأنتم لا تظلمون}. ط ج ك
· معنى اللام في قوله {للفقراء} ط
· المراد بالفقراء في الآية. ط ك
· لم خصّ فقراء المهاجرين بالذكر دون غيرهم. ط
· معنى أحصروا. ط
· المراد بالإحصار في الآية. ط ك ج
· المراد بسبيل الله. ط
· معنى الضرب في الأرض. ط ك
· المراد بالضرب في الأرض في الآية ط ك ج
· معنى لا يستطيعون ج
· المراد بنفي الاستطاعة في قوله: {لا يستطيعون ضربًا في الأرض} ط ك ج
· سبب بقاء المهاجرين فقراء في المدينة. ط
· المراد بالجاهل في قوله: {يحسبهم الجاهل} ك ط
· المقصود بالغنى في قوله: {يحسبهم الجاهل أغنياء} ط
· معنى التعفف ج ط ك
· معنى كونهم أغنياء من التعفف. ط ك ج
· معنى (من) في قوله: {من التعفف} ط
· دلالة قوله: {يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف} ط

· المخاطب في قوله: {تعرفهم} ك
· مرجع الضمير في قوله: {تعرفهم} ك
· معنى السيما ك ط
· المراد بالسيمياء التي يُعرف بها هؤلاء المتعففون. ط
· معنى إلحافًا. ك ط ج
· معنى نفي السؤال في قوله تعالى: {لا يسألون الناس إلحافًا} ط ك ج
· من الملحف؟ ك ج
· معنى: {وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم} ط
· مناسبة ختم الآية بذلك. ك

· مقصد قوله تعالى: {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار ...} ك
· المقصود بالآية. ط ك
· الغرض من الفاء في قوله: {فلهم أجرهم} ج ط
· المراد بالخوف، والحزن في قوله: {ولا خوف عليهم ولا هم يحزنزن} ك ط -وقد سبق في الآيات -

المسائل العقدية:
· أن النبي صلى الله عليه وسلم ليس له من الأمر شيء، بل الأمر كلّه لله عزوجل. ط
· في الآية رد على القدرية والمعتزلة ط
· أنواع الهداية. ط ج
· إثبات الوجه صفة لله تعالى.
أحكام الآية:
· الصدقة المباح إعطاؤها للكافر. ط
· هل يُعطى القريب الكافر من صدقة الفريضة. ط
المسائل اللغوية:
· إعراب {ابتغاء} ط

· اللغات في {يحسبهم} ط
· إعراب {الذين} ج
· متى تكون (الذين) بمعنى الشرط ط
مسائل سلوكية:
· النهي عن سؤال الناس. ك

تلخيص تفسير الآيات من سورة البقرة[272إلى274]



قول الله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272)}



علوم الآية:
· سبب نزول قوله تعالى: {ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء .. (272)} ك ط

الأول: أنه كان ناس من الأنصار لهم قرابات في بني قريظة والنضير وكانوا لا يتصدقون عليهم رغبة في أن يسلموا، فنزلت الآية، وهذا مروي عن ابن عباس، ذكره ابن عطية وبنحوه ذكر ابن كثير.
قال ابن عباس: كانوا يكرهون أن يرضخوا لأنسابهم من المشركين، فسألوا فرخّص لهم، فنزلت هذه الآية: {ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء ... } الآية، رواه النسائي، ذكره ابن كثير.

الثاني: أن المسلمين كانوا يتصدقون على فقراء أهل الذمة فلما كثر فقراء المسلمين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تتصدقوا إلا على أهل دينكم»، فنزلت هذه الآية مبيحة للصدقة على من ليس من دين الإسلام، وهذا قول سعيد بن جبير، ذكره ابن عطية وحكى عن النقاش بنحوه.
وروى ابن أبي حاتم بنحوه عن ابن عباس، ذكره ابن كثير.
الثالث: أن أسماء بنت أبي بكر أرادت أن تصل جدها أبا قحافة ثم امتنعت عن ذلك لكفره، فنزلت الآية، ذكره ابن عطية.
[معنى يرضخوا: رضخ له من ماله يرضخ رضخا ، ورضخ له من ماله رضيخة : أعطاه عطية مقاربة ، بين القليل والكثير. حاشية جامع البيان لابن جرير]
· القول بنسخ الآية ط
حكى ابن عطية عن النقاش في سبب نزول هذه الآية أن يهوديًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم من الصدقات، فأجابه صلى الله عليه وسلم أنه ليس له من صدقة المسلمين شيء، فخرج اليهودي، وأنزل الله الآية، فدعاه وأعطاه، ثم نسخت هذه الآية، بآية الصدقات في سورة التوبة.
[قول النقاش يظهر فيه أن المراد بالصدقة فيه هي صدقة الفريضة، وقال ابن عطية لا يجزئ دفعها للكافر، واستدل لذلك بأن الآثار التي وردت في سبب نزول الآية هي في صدقة التطوع، وأن الإجماع على أن الذميّ لا يُعطى من زكاة الأموال.]
المسائل التفسيرية:
· مقصد الآية ك ط

إباحة الصدقة على من ليس من أهل الإسلام، قاله ابن عطية وبنحوه قال ابن كثير.
· المخاطب بقوله تعالى: {ليس عليك}. ج ط ك
محمد صلى الله عليه وسلم، يُفهم ذلك مما ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير
· المراد بالهداية في قوله تعالى: {ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء} ط ج
هي هداية التوفيق وخلق الهدى في القلب، فهو الهدى الذي ليس على محمد صلى الله عليه وسلم، فهذا الهدى لا يكون إلا لله عز وجل، قال بذلك الزجاج وابن عطية.
· دلالة قوله: {ليس عليك هداهم}. ج ط
أي أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يملك هدايتهم، وإنما عليه البلاغ، وهداية الدعاء والدلالة والإرشاد، حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية.
· مرجع الضمير في قوله: {ليس عليك هداهم} ك
للكفار، وهذا قول الزجاج وابن عطية وابن كثير.
ويستدل لذلك بما جاء في سبب نزول الآية، وحكى ابن عطية عن ابن جرير أن مقصد النبي صلى الله عليه وسلم بمنع الصدقة عنهم إنما كان ليسلموا، فقال الله تعالى: {ليس عليك هداهم}.
[وقيل: المراد بالهداية هو هدايتهم إلى الإتيان بما أمروا به والانتهاء عما نهوا عنه كالمنّ والأذى والإنفاق من الخبيث، وهذا ما عليه جماعة من المفسّرين. حاشية المحرر]
· معنى: {ولكنّ الله يهدي من يشاء} ج ط
أي يوفّق من يشاء للهداية، فخلق الهدى في القلب لا يكون إلا لله عزوجل، حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية.
وقيل: لو شاء لاضطرهم إلى أن يهتدوا، ذكره الزجاج وضعّفه.
· دلالة قوله تعالى: {ولكنّ الله يهدي من يشاء} ج ط
أنه لا مهتدي إلا بتوفيق الله عزوجل، قال بذلك الزجاج وبنحوه قال ابن عطية.
· المراد بالخير في الآية. ط
المال؛ لأنه اقترن بذكر الانفاق، ذكره ابن عطية
· معنى قوله: {وما تنفقوا من خير فلأنفسكم} [كيف تكون نفقة المرء على غيره هي لنفسه؟]. ك ط
أي أن نفقة المسلم طلبًا للأجر إنما هي لنفسه، لما يؤجر ويثاب عليها، كقوله تعالى: {من عمل صالحًا فلنفسه}، حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير.
· معنى الاستثناء في قوله: {وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله} ك ج ط
فيه أقوال:
الأول: أنها شهادة من الله تعالى للذين علم الله أنهم لا يريدون بنفقتهم إلا ما عنده عز وجل، فالآية خاصة بالمؤمنين.
وبهذا قال الزجاج وابن كثير وعزاه للحسن.
وذكره ابن عطية ولكنه جعل الآية في الصحابة بالخصوص بأنها شهادة لهم أنهم إنما ينفقون ابتغاء وجه الله، فهو خبر منه تعالى بيان لفضلهم، ثم الآية تتناول غيرهم من الأمة ممن ينفقون ابتغاء وجه الله تعالى.
الثاني: أن النفقة المعتد بها المقبولة هي ما كان ابتغاء وجه الله.
فهي هنا بمعنى الاشتراط عليهم، ذكره ابن عطية واختاره.
الثالث: أن المتصدق إذا تصدق ابتغاء وجه الله فلا عليه ما كان عمله.
أي أنه مثاب على قصده ولا عليه لمن أصاب ألبرّ أو فاجر أو مستحق أو غيره، وهذا قول عطاء الخراساني، أشار إليه ابن عطيه وذكره ابن كثير وحسّنه، واستدل له بما قال الله تعالى بعده: {وما تنفقوا من خير يوفذ إليكم وأنتم لا تظلمون}
وبحديث أبي هريرة مرفوعًا: أن رجلًا تصدق ليلة فوضع صدقته في يد زانية، فتحدذث الناس، ثم الليلة الأخرى وضعها في يد غني، فتحدّث الناس، وفي الثالثة وضعها في يد سارق، فتحدّث الناس، فقيل له: أما صدقتك فقد قبلت، فالزانية لعلّها تستعفّ، والغني لعلّه يعتبر، والسارق لعله يستعفّ، متفق عليه.
· مرجع الضمير في قوله: {وما تنفقوا} ، {وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله} ك ج
يعود للمؤمنين، ذكره الزجاج.
[وقد يعود للصحابة؛ على القول بأن الآية شهادة من الله تعالى لهم، وهذا في أحد الأقوال في تفسير الآية.]
· المخاطب في قوله: {يوفّ إليكم} ط
المنفقون ابتغاء وجه الله، ذكره ابن عطية.
[وهذا على القول بأن عود الضمير في قوله: {وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله } للمؤمنين، وعلى القول الثاني في عود الضمير: فالمخاطب هم الصحابة.]
· معنى: {وما تنفقوا من خير يوفّ إليكم} ط
أي أن ثواب الإنفاق يوفّ إلى المنفقين في الآخرة، قال بنحو ذلك ابن عطية.
· المراد بالظلم في قوله تعالى: {وأنتم لا تُظلمون} ط
هو بخسهم شيئا من ثواب ما أنفقوا.
والمعنى أنهم لا يبخسون منه شيئا بل يوفّون أجورهم في الآخرة، قال بنحو ذلك ابن عطية.
· المناسبة بين جمل الآية: {وما تنفقوا من خير فلأنفسكم}، {وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله}، {وما تنفقوا من خير يوفّ إليكم وأنتم لا تظلمون}. ط ك ج
ختم الله تعالى الآية بقوله: {وما تنفقوا من خير يوفّ إليكم وأنتم لا تظلمون} وفيه بيان وتفسير لما سبق من قوله: {وما تنفقوا من خير فلأنفسكم} أي أن نفقة المسلم إنما هي لنفسه، لما يؤجر ويثاب عليها في الآخرة، فيوفّى أجره ولا يبخس منه شيئًا.
وهي دليل ومستند لكل من تصدّق ابتغاء وجه الله بأنه قد وقع أجره على الله، وهو مثاب على قصده، ولا عليه في نفس الأمر لمن أصاب بصدقته ألبرّ أو فاجر، مستحق أو غيره.
حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير
[وجاء في حاشية المحرر: واعلم أن هذه الجمل الثلاث ليست من باب التكرار والتأكيد، بل لكل واحدة منها وصف يخصّه ويميّزه.]
المسائل العقدية:
· أن النبي صلى الله عليه وسلم ليس له من الأمر شيء، بل الأمر كلّه لله عزوجل. ط
فالنبي صلى الله عليه وسلم إنما عليه البلاغ، وهي هداية الدعاء والدلالة ، أما هداية التوفيق وخلق الهدى في القلوب فليس ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، وإنما ذلك لله عزوجل.
حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية
· في الآية رد على القدرية والمعتزلة ط
فقوله تعالى: {ولكن الله يهدي من يشاء} فيه إخبار أنه تعالى يهدي من يشاء أي يرشده، وفي هذا رد على القدرية وطوائف المعتزلة، ذكره ابن عطية
· أنواع الهداية. ط ج
نوعان:
- هداية التوفيق وخلق الهدى في القلوب، وهذه لا تكون إلا لله عزوجل.
- هداية الدعوة والدلالة والتبليغ، وهذه تكون للنبي صلى الله عليه وسلم وغيره.
حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية
· إثبات صفة الوجه لله تعالى. ك ط
قوله تعالى: {وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله} تضمن إثبات صفة الوجه لله عزّ وجل، وهو من صفاته الذاتية، فهو وجه على حقيقته يليق بجلاله (ليس كمثله شيء).
أحكام الآية:
· الصدقة المباح إعطاؤها للكافر. ط
هي صدقة التطوّع، أما المفروضة فلا يجزئ دفعها للكافر، ذكره ابن عطية واستدل لذلك بما جاء من الآثار في سبب نزول هذه الآية.
وحكى ابن عطية عن ابن المنذر إجماع أهل العلم أن الذميّ لا يُعطى من زكاة الأموال شيئا.
وردّ قول من ترخّص بهذه الآية في أن يعطي الرجل قراباته من المشركين من صدقة الفريضة، قال فيه ابن عطية: وهذا مردود عندي.
· هل يُعطى القريب الكافر من صدقة الفريضة. ط
قال بذلك المهدوي مستدلا بهذه الآية، ذكره ابن عطية وردّه.
المسائل اللغوية:
· إعراب (ابتغاء) ط
نصب على المفعول من أجله، ذكره ابن عطية



قول الله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273)}


القراءات:
· القراءات في قوله تعالى: {يحسبهم} ط
- (يحسَبُهم) بفتح السين في كل القرآن، وهي قراءة ابن عامر وعاصم وحمزة.
- (يحسِبهم) بكسر السين في كل القرآن، وهي قراءة نافع وأبو عمرو والكسائي.
ذكره ابن عطية.
المسائل التفسيرية:
· معنى اللام في قوله {للفقراء} ط
متعلقة بمحذوف تقديره: الإنفاق أو الصدقة للفقراء، ذكره ابن عطية
· المراد بالفقراء في الآية. ط ك
هم فقراء المهاجرين، من قريش وغيرهم، وهذا قول مجاهد والسدي وغيرهما، ذكره ابن عطية وابن كثير.
وقال ابن عطية: ثم الآية تتناول كل من دخل تحت صفة الفقر غابر الدهر. [فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.]
· لم خصّ فقراء المهاجرين بالذكر دون غيرهم. ط
خصّهم بالذكر لأنه لم يكن هناك سواهم، فالأنصار كانوا أهل أموال وتجارة في قطرهم، ذكره ابن عطية.
· معنى أحصروا. ط ج
أي حبسوا ومنعوا.
- ومن أهل اللغة من جعل أُحصر وحُصر بمعنى واحد من الحبس والمنع، سواء كان ذلك بعدو أو بمرض نحوه من الأعذار، حكاه ابن عطية عن ابن سيده.
- ومنهم من فرّق بينهما فجعل حُصر في العدو، وأُحصر في المرض ونحوه من الأعذار، وهذا الظاهر في اختيار الزجاج.
[وارتضى ابن عطية هذا القول ووجهه بأن الإحصار في منع النفس بمرض ونحوه، والحصر في منع الغير كالعدو.] حاشية المحرر.
· المراد بالإحصار في الآية. ط ك ج
فيه أقوال:
الأول: من فسّره بالعدو، فقالوا: أحصرهم عدوّهم لأنه شغلهم بالجهاد، وهذا قول السدي، ذكره الزجاج دون نسبة وابن عطية.
وهؤلاء جعلوا أحصر وحُصر بمعنى واحد.
الثاني: قالوا: أحصرهم فرض الجهاد فمنعهم من التصرف، وهذا قول ابن زيد وقتادة ورجحه الطبري، ويظهر اختيار الزجاج وابن عطية وابن كثير لهذا القول.
وهؤلاء فرّقوا بين أُحصر وحُصر، فقالوا أحصر إنما يكون بالمرض والأعذار، وهؤلاء حبسوا أنفسهم بربقة الدين وقصد الجهاد وخوف العدو إذ أحاط بهم الكفر، فصار خوف العدو عذرًا أحصروا به.
· المراد بسبيل الله. ط
فيه احتمالان:
- الجهاد، وبذلك قال الزجاج.
- الدخول في الإسلام، والانقطاع إلى الله وإلى رسوله، وبذلك قال ابن كثير.
وذهب ابن عطية إلى أن اللفظ يتناول هذين الاحتمالين.
· معنى الضرب في الأرض. ط ك
هو السفر، وضرب الأرض هو المشي إلى حاجة الإنسان في البراز، حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير.
· المراد بالضرب في الأرض في الآية ط ك ج

السفر للتسبب في طلب المعاش وفي التجارة، ذكره ابن عطية وابن كثير وبنحوه ذكر الزجاج.
واستدل له ابن كثير بقوله تعالى: {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة}، وقوله تعالى: {علم الله أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله} فالضرب في الأرض هو السفر.
· معنى لا يستطيعون ج
أي لا يقدرون، ذكره الزجاج

· المراد بنفي الاستطاعة في قوله: {لا يستطيعون ضربًا في الأرض} ط ك ج
ليس المعنى أنهم لا يقدرون أن يتصرفوا أو يتحركوا، ولكنهم منعهم من التصرف والحركة وهم قادرون عليها أمران:
الأول: أنهم لما ألزموا أنفسهم أمر الجهاد، منعهم ذلك من التصرف، ذكره الزجاج.
الثاني: لكون البلاد كلها كفرا مطبقًا، ذكره ابن عطية.
· سبب بقاء المهاجرين فقراء في المدينة. ط
لسببين بقوا في صدر الهجرة فقراء:
الأول: لقلة عدد المسلمين؛ فكان هذا يمنعهم من الاكتساب بالجهاد.
الثاني: إنكار الكفار عليهم إسلامهمن وكون البلاد كلها كفرًا مطبقًا، فمنعهم هذا من التصرف في التجارة.
ذكره ابن عطية.
· المراد بالجاهل في قوله: {يحسبهم الجاهل} ك ط
هو الجاهل بأمرهم وباطن حالهم، ذكره ابن عطية وابن كثير.
· المقصود بالغنى في قوله: {يحسبهم الجاهل أغنياء} ط

أي غنى المال، فالجاهل بحالهم يحسبهم أغنياء غنى مال، لا غنى تعفف، ذكره ابن عطية.
وهذا على القول بأن معنى (من) في قوله: {أغنياء من التعفف} هي لابتداء الغاية، فمحسبته - بأنهم أغنياء- من التعفف ناشئة، فهو عالم بالتعفف جاهل بالفقر.
وأما من جعل (من) لبيان الجنس، أي جنس الغنى، فيكون المراد بالغنى هو غنى تعفف، فهو جاهل بالتعفف عالم بالفقر.
· معنى التعفف ج ط ك

من عفّ عن الشيء إذا أمسك عنه، وتنزّه عن طلبه، ذكره ابن عطية وعزاه لقتادة وغيره.
وقال ابن عطية التاء فيه للمبالغة.
· معنى كونهم أغنياء من التعفف. ط ك ج

أنهم لتعففهم عن المسألة، وتعففهم في لباسهم وحالهم ومقالهم وإظهارهم التجمل والتوكل على الله، كان الجاهل بأمرهم يحسبهم أغنياء، حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.
وفي هذا المعنى حديث أبي هريرة المرفوع: ((ليس المسكين بهذا الطواف الذي تردّه التمرة والتمرتان، واللقمة واللقمتان، والأكلة والأكلتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنًى يغنيه ولا يفطن له فيتصدق عليه، ولا يسأل الناس شيئًا.)) متفق عليه، ذكره ابن كثير.
· معنى (من) في قوله: {من التعفف} ط

(من) لابتداء الغاية؛ أي من تعففهم ابتدأت محسبته، فمحسبته عن التعفف ناشئة.
وقيل: (من) لبيان الجنس؛ أي جنس (الغنى) أهو غنى تعفف أم غنى مال، والمعنى: أن الجاهل مع علمه بفقرهم يحسبهم أغنياء عفة.
ذكره ابن عطية.
· دلالة قوله: {يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف} ط

يدلّ ذلك على أنهم متعففون عفّة تامة عن المسألة، وهذا الذي عليه جمهور المفسّرين، ذكره ابن عطية.
· المخاطب في قوله: {تعرفهم} ك
هم ذوي الألباب الذين يعرفون المتعففين من صفاتهم وعلاماتهم، ذكره ابن كثير.
· مرجع الضمير في قوله: {تعرفهم} ك
يعود للمتعففين، يُفهم ذلك مما ذكره ابن كثير.
· معنى السيما ك ط
العلامة والصفة، ذكره ابن عطية وابن كثير.
ويُقال أيضًا: السيمياءُ بزيادة ياء والمد، ذكره ابن عطية، واستدل له بقول الشاعر:
.... له سيمياء لا تشقّ على البصر
· المراد بالسيما التي يُعرف بها هؤلاء المتعففون. ط
اختلف في تعيين هذه السيمياء:
الأول: هي التخشع والتواضع، وهذا قول مجاهد.
الثاني: هي جهد الحاجة وقضف الفقر في وجوههم وقلة النعمة، وهذا قول السدي والربيع.
الثالث: هي رثة الحال، وهذا قول ابن زيد.
الرابع: هي أثر السجود، حكاه مكي.
ذكره ابن عطية وحسّن القول الرابع؛ وذلك لكونهم متفرغين متوكلين، فلا شغل لهم في الأغلب إلا الصلاة، فكان أثر السجود عليهم أبدًا.
· معنى إلحافًا. ك ط ج
الإلحاف والإلحاح بمعنى واحد، والمعنى: أنهم لا يلحون في المسألة ويكلفون الناس ما لا يحتاجون إليه. ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.
· معنى نفي السؤال في قوله تعالى: {لا يسألون الناس إلحافًا} ط ك ج
فيه أقوال:
الأول: أنهم لا يسألون البتّة، فليس منهم سؤال فيكون منهم إلحاف، وهو قول جمهور المفسرين، ورجحه الطبري، واختاره الزجاج وابن كثير.
ومن أدلة هذا القول:
- حديث أبي هريرة المرفوع: ((ليس المسكين الذي تردّه لبتمرة والتمرتان، ولا اللقمة واللقمتان، إنما المسكين الذي يتعفّف، اقرءوا إن شئتم يعني قوله: {لا يسألون الناس إلحافًا})) متفق عليه، ذكره ابن كثير.
- حديث رجل من مزينة أنه قالت له أمه: ألا تنطلق فتسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يسأله الناس؟ قال: فانطلقت أسأله فوجدته قائما يخطب، وهو يقول: ((من استعفّ أعفّه الله، ومن استغن أغناه الله، ومن سأل الناس وله عدل خمس أواق فقد سأل الناس إلحافًا.))، قال: فقلت بيني وبين نفسي -لناقة له-: لهي خير من خمس أواق، ولغلامه ناقة هي خير من خمس أواق، فرجعت ولم أسأل. واه أحمدن وذكره ابن كثير.
الثاني: نفي الإلحاف فقط، ويبقى غير الإلحاف، ذكره ابن عطية وعزاه للسديّ.
ورجّح ابن عطية أن الآية تحتمل المعنيين، نفي السؤال جملة، ونفي اللحاف فقط، ولكن نفي سؤالهم البتة هذا المعنى لا تعطيه ألفاظ الآية بعد (لا) إلا أن يضبط هذا المعنى من أول الآية، أما نفي سؤال الإلحاف فذلك نص الآية.
· من الملحف؟ ك ج
هو من يسأل الناس ولديه ما يغنيه عن المسألة، وقد جاء تحديد مقدار ذلك في عدة أحاديث:
الأول: لديه قيمة أوقية، رواه ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا.
الثاني: لديه خمس أواق، رواه الإمام أحمد من حديث رجل من مزينة. -وقد سبق ذكره-
والأوقية أربعون درهمًا.
ذكره الزجاج وابن كثير.
· معنى: {وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم} ط

أي أنه تعالى يعلمه ويحصيه وسيجزي عليه أوفر الجزاء وأتمّه يوم القيامة، فهو وعد محض، ذكره ابن عطية وابن كثير.
· مناسبة ختم الآية بذلك. ك

فيه بيان أنه تعالى لا يخفى عليه شيء منه، بل يعلمه ويحصيه ليجازي عليه، فيثيبهم عليه أوفر الجزاء يوم القيامة أحوج ما يكونون إليه، حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير.
المسائل اللغوية:
· اللغات في (يحسب) ط

لغتان:
- (يحسَب) بفتح السين، وهي الأقيس؛ لأن عين ماضيها مكسور، فبابها في المضارع أن تأتي مفتوحة.
- (يحسِب) بكسر السين، وهي قراءة حسنة؛ لمجئ السمع به، وإن كان شاذّا على القياس.
حكاه ابن عطية عن أبو علي.
مسائل سلوكية:
· النهي عن سؤال الناس. ك

- عن رجلٍ من مزينة، أنّه طلبت منه أمّه أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يسأله الناس، فانطلق، فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا يخطب، وهو يقول: «ومن استعفّ أعفّه اللّه، ومن استغنى أغناه اللّه، ومن يسأل النّاس وله عدل خمس أواقٍ فقد سأل النّاس إلحافًا». فقال الرجل فيما بينه وبين نفسه: لناقتي خير من خمس أواق، وناقة غلامي خير من خمس أواق. فرجع ولم يسأل. رواه أحمد[وهو صحيح.]
- وعن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من سأل وله ما يغنيه، جاءت مسألته يوم القيامة خدوشًا -أو كدوحًا -في وجهه». قالوا: يا رسول اللّه، وما غناه؟ قال: «خمسون درهمًا، أو حسابها من الذّهب». رواه أحمد وأهل السنن الأربعة.


قول الله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)}

علوم الآية:

· سبب نزول قوله تعالى: {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار ... } ك ط

فيه أقوال:
الأول: أنها نزلت في علي بن أبي طالب كانت له أربعة دراهم، فتصدّق بدرهم ليلًا، ودرهم نهارًا، ودرهم سرّا، ودرهم علانية، وهذا قول ابن عباس ذكره ابن عطية وابن كثير وعزاه كذلك لمجاهد.
وبنحوه قال ابن جريج أنها نزلت في رجل دون تعيينه بعلي رضي الله عنه، ذكره ابن عطية.
الثاني: أنها نزلت في علف الخيل المرتبطة في سبيل الله، ذكره ابن عطية وعزاه لابن عباس أيضا وعبدالله بن بشر الغافقي وأبو ذر وأبو أسامة والأوزاعي وأبو الدرداء، وابن كثير وعزاه لابن عباس وأبي أمامة وسعيد بن المسيب ومكحول.
الثالث: أنها في المنفقين في سبيل الله من غير تبذير ولا تقتير، وهذا قول قتادة ذكره ابن عطية.
· القول بنسخ الآية ط
جاء عن ابن عباس كان المؤمنون يعملون بهذه الآيات من قوله تعالى: {إن تبدوا الصدقات فنعمّا هي ... إلى قوله: ولا هم يحزنون}، فلما نزلت براءة بتفصيل الزكاة قصروا عليها.
ذكره ابن عطية
المسائل التفسيرية:
· مقصد قوله تعالى: {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار ...} ك


مدح المنفقين في سبيل الله وابتغاء مرضاته في جميع الأوقات والأحوال، قال بذلك ابن كثير.
· المقصود بالآية. ط ك

الاختلاف فيه ينبني على الاختلاف في سبب نزولها:
الأول: أنه علي رضي الله عنه، وهذا قول ابن عباس ومجاهد، ذكره ابن عطية وابن كثير.
وقال ابن جريج رجل فعل كفعله ولم يعيّن أنه علي رضي الله عنه.
وقال ابن عطية: والآية وإن كانت نزلت في علي فمعناها يتناول كل من فعل فعله وكل مشاء بصدقته في الظلم إلى مظنة الحاجة.
الثاني: هم الذين يعلفون الخيل المرتبطة في سبيل الله، وهذا قول ابن عباس وأبي أمامة وسعيد بن المسيب ومكحول وأبو ذرّ وعبد الله بن بشر الغافقي وأبو الدرداء وأبو أسامة والأوزاعي ، ذكره ابن عطية وابن كثير.
الثالث: هم الذين ينفقون في سبيل الله من غير تبذير ولا تقتير، وهذا قول قتادة ذكره ابن عطية.
ورجّح ابن عطية وابن كثير أنها في المنفقين في سبيل الله وابتغاء مرضاته في جميع الأوقات والأحوال، ولكن علف الخيل والنفقة عليها فألفاظ الآية تتناولها تناولًا محكمًا، وكذلك المنفق في الجهاد، قال بذلك ابن عطية.
وذهب ابن كثير بدخول النفقة على الأهل فيها، واستدلّ لذلك بحديث ابن مسعود مرفوعًا: ((إن المسلم إذا أنفق على أهله نفقة يحتسبها كانت له صدقة.)) رواه أحمد والشيخان.
· الغرض من الفاء في قوله: {فلهم أجرهم} ج ط
التوكيد؛ لإتيان (الذين) بمعنى الشرط والجزاء، حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية.
· المراد بالخوف، والحزن في قوله: {ولا خوف عليهم ولا هم يحزنزن} ك ط -وقد سبق في الآية -
فالخوف لما بعد الموت مما يستقبلونه من أهوال يوم القيامة، والحزن لما فاتهم من دنياهم وما خلفوه من الأولاد، فلا يأسون على ذلك، لأنهم أقبلوا على ما هو خير لهم من ذلك.
ذكره ابن عطية وابن كثير.
المسائل اللغوية:
· إعراب {الذين} ج

مبتدأ مرفوع، وما بعد الفاء خبر، ذكره الزجاج.
· متى تكون (الذين) بمعنى الشرط ط
- إذا كان (الذي) موصولا بفعل. (الذين ينفقون ..)
- إذا لم يدخل على (الذي) عامل يغيّر معناه؛ مثل: (الذي أبوه زيد هو عمرو)، (ليت الذي جاءني جاءني).
ذكره ابن عطية.

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 5 محرم 1437هـ/18-10-2015م, 02:06 PM
ليلى باقيس ليلى باقيس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2,071
افتراضي تلخيص تفسير الآيات من سورة البقرة[275إلى276]

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير قول الله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276)}

علوم الآية:
· نزول آية الربا ك
· مناسبة الآية لما قبلها ك
القراءات:
· القراءات في قوله تعالى: {فمن جاءه} ط
· القراءات في قوله تعالى: {يربي} ط ك
· القراءات في قوله تعالى: {يمحق} ط
المسائل التفسيرية:
· مقصد قوله تعالى: {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبّطه الشيطان من المسّ ...} الآية ك
· المعنى الإجمالي للآية. ج ك
· معنى الربا.ط
· أنواع الربا. ط
· المراد بالأكل في قوله: {الذين يأكلون الربا}ط
· الحكمة من التعبير بلفظ (الأكل) في قوله: {الذين يأكلون} ط
· معنى التخبّط. ط
· معنى المسّ. ط ك ج
· المراد بالذي يتخبّطه الشيطان من المسّ. ك ط ج
· المراد بالقيام في قوله: {لا يقومون لا كما يقوم الذي يتخبّطه الشيطان من المسّ} ك ج ط
· الحكمة من بعث آكل الربا على هذه الصفةك ج ط
· مرجع اسم الإشارة (ذلك) ك
· مرجع الضمير في قوله: {بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا} ط ك
· معنى (مثل الربا). ك
· مراد الكفّار في قولهم: إنما البيع مثل الربا. ط ك
· مناسبة قوله تعالى: {وأحلّ الله البيع وحرّم الربا} لما سبقه من قوله: {إنما البيع مثل الربا}ط ك
· دلالة قوله تعالى: {وأحلّ الله البيع وحرّم الربا}. ط ك
· ما جاء في ذكر الحكمة من تحريم الربا. ط
· معنى (فمن جاءه). ك
· المراد بالموعظة. ك
· المراد بالانتهاء. ك
· دلالة قوله: {فانتهى}. ك
· معنى (سلف) ط
· المراد بـ (ما سلف) ك ط
· مرجع الضمير في قوله: {فله ما سلف}. ط ك
· دلالة قوله: {فله ما سلف} ك ط ج
· مرجع الضمير في قوله: {وأمره إلى الله} ط ج
· المراد بالعود في قوله: {ومن عاد} ج ط ك
· المراد بالخلود في قوله تعالى: {هم فيها خالدون}. ط
· مقصد قوله تعالى: {يمحق الله الربا ويربي الصدقات ... } ك
· معنى يمحق ط
· المراد بأنّ الله يمحق الربا ك ط
· معنى يربي ك ط
· المراد بأن الله يربي الصدقات ك ط
· الحكمة من التعبير بلفظ (يمحق) للربا، و (يربي) للصدقات. ط ك
· معنى كفّار. ك ط
· معنى أثيم. ك
· معنى قوله تعالى: {والله لا يحبّ كلّ كفار أثيم} ك ط
· فائدة الوصف بأثيم بعد وصفهم بالكفر. ط
· مناسبة ختم الآية بهذه الصفة. ك
· مناسبة الآية لما بعدها. ط
المسائل العقدية:
· التشريع المطلق تحريمًا وتحليلًا حق خالص لله تعالى. ط ك
· من نواقض الإسلام: التكذيب. ط ك ج
· إثبات المحبة صفة لله تعالى.
·إثبات اليدين صفة لله تعالى.
أحكام الآية:
· تحريم المخابرة والمزابنة والمحاقلة. ك
· تحريم الوسائل المفضية إلى المحرمات. ك
المسائل اللغوية:
· رسم كلمة {الربا} ط
· سبب التذكير في قوله تعالى: {فمن جاءه موعظة} ط ج
مسائل فقهية:
· البيوع المحرمة ط
· أبواب الربا ط
·كون بعض أبواب الربا ومسائله من أشكل المسائل ك
مسائل سلوكية:
· ما جاء في ذكر عذاب آكل الربا في الآخرة. ك
مسائل أخرى:
· مسألة العينة ودليل تحريمها. ك





تلخيص تفسير الآيات من سورة البقرة[275إلى276]


قول الله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275)}


علوم الآية:
· نزول آية الربا ك
عن ابن عباس قال: آخر ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم آية الربا، رواه البخاري.
وروى نحوه الإمام أحمد وابن ماجه وابن مردويه عن عمر بن الخطاب، ولفظه: من آخر ما نزل آية الربا، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض قبل أن يفسّرها لنا، فدعوا الربا والريبة.
ذكره ابن كثير.
· مناسبة الآية لما قبلها ك
لما ذكر تعالى الأبرار المؤدّين النفقات، المخرجين الزكوات، المتفضّلين بالبرّ والصلات لذوي الحاجات والقرابات في جميع الأوقات والأحوال، شرع في ذكر أكلة الربا وأموال الناس بالباطل، ذكره ابن كثير
القراءات:
· القراءة الثانية في قوله تعالى: {فمن جاءه} ط
(فمن جاءته) بإثبات العلامة، وقرأ بها الحسن، ذكره ابن عطية.
المسائل التفسيرية:
· مقصد الآية. ك
بيان سوء عاقبة الذين يأكلون الربا وأموال الناس بالباطل وأنواع الشبهات.
مستخلص مما ذكره ابن كثير.
· المعنى الإجمالي للآية. ج ك
يخبر الله تعالى في هذه الآية عن الذين يأكلون الربا وأموال الناس بالباطل؛ أنهم لا يقومون في الآخرة من قبورهم إلا كما يقوم المصروع المجنون حال صرعه وجنونه، فيكون ذلك علمٌ لهم في الموقف، يعرفهم به أهل الموقف.
حاصل ما ذكره الزجاج وابن كثير.
· معنى الربا.ط
الربا: هو الزيادة.
مأخوذ من ربا يربو إذا نما وزاد على ما كان، ذكره ابن عطية.
· أنواع الربا. ط
- ربا النسيئة: وهو غالب ما كانت العرب تفعله، بأن يزيد الغريم في المال، ويصبر الطالب عليه بزيادة الأجل.
- ربا الفضل: وهو التفاضل في النوع الواحد، فيكون فيه زيادة.
ذكره ابن عطية.
· المراد بالأكل في قوله: {الذين يأكلون الربا}ط
أي الذين يكسبون الربا ويفعلونه، ذكره ابن عطية.
· الحكمة من التعبير بلفظ (الأكل) في قوله: {الذين يأكلون} ط
- لأنه أقوى مقاصد الإنسان في المال.
- ولأن جميع وجوه الانتفاع الأخرى بالمال كاللباس والسكنى والادخار داخلة فيه؛ إذ هو أقواها.
- ولأنه دالّ على الجشع.
ذكره ابن عطية.
· معنى يتخبّطه. ط
يتفعّله من خبط يخبط، كما تقول: تملّكه وتعبّده.
ويطلق التخبط على اضطراب الأعضاء، وأن يخلط في هيئة حركاته ومشيه. مستخلص مما ذكره ابن عطية.
[التخبّط مطاوع خبطه، إذا ضربه ضربًا شديدًا فاضطرب له؛ أي تحرّك تحرّكًا شديدًا، ولما كان من لازم هذا التحرك عدم الاتساق، أطلق التخبّط على اضطراب الإنسان من غير اتساق.
فتخبّط الشيطان المرء جعله إيّاه متخبّطًا؛ أي متحرّكًا على غير اتساق. التحرير والتنوير لابن عاشور.]
· معنى المسّ. ط ك ج
الجنون والصرع، ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.
· المراد بالذي يتخبّطه الشيطان من المسّ. ك ط ج
هو المجنون المصروع حال جنونه وصرعه، وتخبط الشيطان له، قال بذلك الزجاج وابن عطية وابن كثير، وذكر ابن عطية أن هذا القول هو قول السلف كلّهم، فهذا المعنى مجمع عليه.
وقال بعضهم: يبعث مجنونا يخنق، وهذا مرويّ عن ابن عباس وسعيد بن جبير والسديّ والربيع وقتادة ومقاتل، ذكره ابن عطية وابن كثير. [فهما بنفس المعنى.]
· المراد بالقيام في قوله: {لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبّطه الشيطان من المسّ} ك ج ط
هو قيامهم من قبورهم يوم القيامة، وهذا قول ابن عباس ومجاهد وابن جبير وقتادة والربيع والضحاك والسديّ وابن زيد ومقاتل وعكرمة والحسن، وقال به الزجاج وابن عطية وابن كثير.
وذكر ابن عطية أنه التأويل المجمع عليه، [فهو المروي عن السلف الصالح]، ويقوّيه أن في قراءة ابن مسعود: (لا يقومون يوم القيامة إلا كما يقوم المجنون). رواه ابن أبي حاتم.
فأكلة الربا لا يقومون من قبورهم يوم القيامة إلا كما يقوم المصروع المجنون حال صرعه وجنونه، أو كما قال بعضهم: يبعث مجنونا يخنق.
وفيه قول آخر تحتمله ألفاظ الآية: تشبيه قيامه في الدنيا بحرص وجشع إلى تجارة الربا بقيام المجنون؛ لأن الطمع والرغبة تستفزّه حتى تضطرب أعضاؤه، كما يقال لمسرع في مشيه فخلّط في هيئة حركاته؛ قد جنّ هذا، وقد شبّه الأعشى ناقته في نشاطها بالجنون في قوله:
وتصبح من غب السرى وكأنما ... ألمّ بها من طائف الجنّ أولق.
وهذا القول وإن كانت ألفاظ الآية تقبله، ولكن ما جاءت به قراءة ابن مسعود، وتظاهرت به أقوال المفسّرين يضعّفه، ذكره ابن عطية.
· الحكمة من بعث آكل الربا على هذه الصفةك ج ط
- ليكون علمًا له في الموقف، يعرفه به أهل الموقف، يُعلم به أنه من أكلة الربا في الدنيا، وذلك لأنه يقوم قيامًا منكرًا، ذكره الزجاج وأشار إليه ابن كثير.
- عقوبة له وتمقيتًا عند جميع المحشر، ذكره ابن عطية.
· مرجع اسم الإشارة (ذلك) ك
يعود إلى ما جوزوا به، من القيام في الآخرة كما يقوم المجنون، ذكره ابن كثير
· مرجع الضمير في قوله: {بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا} ط ك
يعود للكفار المكذبين للشريعة، وهذا المعنى عند جميع المفسّرين؛ لأن الآية نزلت في الكفار المربين.
حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير.
· معنى (مثل الربا). ك
أي نظيره، ذكره ابن كثير
· مراد الكفّار في قولهم: إنما البيع مثل الربا. ط ك
ليس مرادهم قياس الربا على البيع؛ لأن المشركين لا يعترفون بمشروعية أصل البيع الذي شرّعه الله في القرآن.
ولو كان قولهم من باب القياس لقالوا: إنما الربا مثل البيع.
ولكن مرادهم: تكذيب الشريعة والرد عليها، والاعتراض على أحكام الله في شرعه.
حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير.
· مناسبة قوله تعالى: {وأحلّ الله البيع وحرّم الربا} لما سبقه من قوله: {إنما البيع مثل الربا}ط ك
- يحتمل أن يكون من تتمة كلامهم الذي اعترضوا به على الشرع؛ أي أنهم قالوا: إنما البيع نظير الربا، فلم حرّم هذا وأحلّ هذا؟ فهو اعتراض منهم وتكذيب بالشريعة، قال بذلك ابن كثير.
- ويحتمل أنه خبر جازم من الله تعالى للردّ عليهم، فيكون من تمام الكلام ردّا على ما قالوه من الاعتراض، مع علمهم بتفريق الله تعالى بين هذا وهذا في الحكم، فالله تعالى هو العليم الحكيم الذي لا معقّب لحكمه، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون، وهو العالم بحقائق الأمور ومصالحها وما ينفع عباده، قال بنحو هذا ابن عطية، وذكره ابن كثير احتمالًا.
· دلالة قوله تعالى: {وأحلّ الله البيع وحرّم الربا}. ط ك
الأول: يدلّ على أن تشريع التحليل والتحريم حق خالص لله تعالى، فلا معقّب لحكمه، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون، فهو تعالى العالم بحقائق الأمور ومصالحها وما ينفع عباده، مستخلص مما ذكره ابن عطية وابن كثير.
الثاني: [يدلّ على أن القياس مع وجود النصّ فاسد. حاشية المحرر]
[وهذه الدلالة على القول بأن قوله تعالى: {وأحل الله البيع وحرّم الربا} خبر جازم منه تعالى للرد عليهم.]
· ما جاء في ذكر الحكمة من تحريم الربا. ط
- قيل: حرمه الله تعالى ليتقارض الناس، وهذا قول جعفر الصادق.
- وقيل: لأنه متلفة للأموالمهلكة للناس.
ذكره ابن عطية.
· معنى (فمن جاءه). ك
أي بلغه، ذكره ابن كثير.
· المراد بالموعظة. ك
هو نهي الله تعالى عن الربا، ذكره ابن كثير.
· المراد بالانتهاء. ك
هو انتهاؤه عن التعامل بالربا، يُفهم ذلك مما ذكره ابن كثير.
· دلالة قوله: {فانتهى}. ك
أنه انتهى عن الربا حال وصول الشرع إليه، ذكره ابن كثير.
· معنى (سلف) ط
أي تقدّم في الزمن وانقضى، ذكره ابن عطية.
· المراد بـ (ما سلف) ك ط
أي ما سلف من الربا والزيادة قبل التحريم، قال سعيد بن جبير والسدي: فله ما سلف؛ أي ما كان أكل من الربا قبل التحريم.
ذكره ابن عطية وابن كثير، واستدل ابن كثير لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: ((وكل ربا في الجاهلية موضوع تحت قدمي هاتين، وأول ربا أضع ربا العباس.)) ولم يأمرهم برد الزيادات المأخوذة في حال الجاهلية بل عفا عمّا سلف.
· مرجع الضمير في قوله: {فله ما سلف}. ط ك
يعود لمن بلغه تحريم الله تعالى للربا فانتهى حال وصول الشرع إليه، قال بذلك ابن كثير.
وخصّ ابن عطية هذا بمن أسلم من كفار قريش وثقيف ومن كان يتجر هنالك، قال: فهذا حكم الله تعالى لهم.
· دلالة قوله: {فله ما سلف} ك ط ج
أنه قد صُفح له عما سلف من الربا، فلا تباعة عليه منه في الدنيا ولا في الآخرة، حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.
· مرجع الضمير في قوله: {وأمره إلى الله} ط ج
فيه أربع تأويلات:
الأول: أنه يعود على الربا، بمعنى: وأمر الربا إلى الله في إمرار تحريمه أو غير ذلك.
الثاني: أنه يعود على (ما سلف)، والمعنى: أن أمره إلى الله في العفو عنه وإسقاط التبعة فيه.
الثالث: أن يعود على (ذي الربا)، والمعنى: أمره إلى الله في أن يثبّته على الانتهاء أو يعيده إلى المعصية في الربا.
الرابع: أن يعود على (المنتهي)، والمعنى: أن الله وليّه، فيكون بمعنى التأنيس وبسط أمله في الخير والرجاء، ويجئ الأمر هنا ليس في الربا خاصة، بل جملة أموره.
ذكره ابن عطية واقتصر الزجاج على القول الرابع.
· المراد بالعود في قوله: {ومن عاد} ج ط ك
فيه احتمالان:
1: هو عوده إلى فعل الربا، بعد بلوغه نهي الله له عنه، وبهذا استوجب العقوبة، وهو دخوله النار، قال بذلك ابن كثير.
2: هو عوده إلى فعل الربا واستحلاله، قال بذلك الزجاج وابن عطية.
واستدل الزجاج لهذا المعنى بأن الله تعالى جعل جزاءهم الخلود في النار لكفرهم؛ وذلك أنهم استحلوا ما حرّمه الله تعالى في قولهم: {إنما البيع مثل الربا}، ومن أحلّ ما حرّم الله واعتقد ذلك فهو كافر مخلد في النار.
· المراد بالخلود في قوله تعالى: {هم فيها خالدون}. ط
فيه احتمالان:
1: أنه خلود مستعار على وجه المبالغة، وهذا لمن وقع في كبيرة الربا من عصاة المسلمين.
2: أنه خلود على التأبيد الحقيقي، وهذا بتقدير أن الآية في الكفار الذين استحلّوا الحرام وعارضوا حكم الله في شرعه.
ذكره ابن عطية
المسائل العقدية:
· التشريع المطلق تحريمًا وتحليلًا حق خالص لله تعالى. ط ك
قال تعالى: {وأحلّ الله البيع وحرّم الربا} خبر جازم منه تعالى؛ يدلّ على أن تشريع التحليل والتحريم حق خالص لله تعالى، فلا معقّب لحكمه، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون، فهو تعالى العالم بحقائق الأمور ومصالحها وما ينفع عباده.
مستخلص مما ذكره ابن عطية وابن كثير.
[وهذه الدلالة على القول بأن قوله تعالى: {وأحل الله البيع وحرّم الربا} خبر جازم منه تعالى للرد عليهم.]
· من نواقض الإسلام: التكذيب. ط ك ج
ومن صوره استحلال المحرّم المعلوم تحريمه بالدليل الصحيح بلا شبهة ولا تأويل.
قال تعالى: {ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا} أي أنهم يعتقدون استحلال الربا، ومن اعتقد حلّ ما حرّم الله فهو كافر، فقولهم هذا اعتراض منهم على حكم الله في شرعه، والتكذيب والرد عليها، فكان عقوبتهم أنهم خالدون في النار لكفرهم، لا يبعثون من قبورهم إلا كما يقوم المجنون حال جنونه عقوبة وتمقيتًا لهم.
مستخلص مما ذكره المفسرون. (الزجاج وابن عطية وابن كثير)
أحكام الآية:
· تحريم المخابرة والمزابنة والمحاقلة. ك
عن جابر لما نزلت: {الذين يأكلون الربا لا يقومون ...}الآية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من لم يذر المخابرة فليؤذن بحرب من الله ورسوله.)) رواه أبوداود والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
والمخابرة: هي المزارعة ببعض ما يخرج من الأرض.
والمزابنة: اشتراء الرطب في رءوس النخل بالتمر على وجه الأرض.
والمحاقلة: اشتراء الحبّ في سنبله في الحقل بالحبّ على وجه الأرض.
وحرّمت هذه الأشياء وما شاكلها حسمًا لمادة الربا؛ لأنه لا يعلم التساوي بين الشيئين قبل الجفاف.
قال الفقهاء: الجهل بالمماثلة كحقيقة المفاضلة.
ذكره ابن كثير.
· تحريم الوسائل المفضية إلى المحرمات. ك
عن عائشة قالت: لما نزلت الآيات من آخر سورة البقرة في الربا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فقرأهنّ، فحرّم التجارة في الخمر. رواه أحمد والجماعة سوى الترمذي.
قال بعض الأئمة في هذا الحديث: لما حرّم الربا ووسائله حرّم الخمر وما يفضي إليه من تجارة ونحو ذلك.
ذكره ابن كثير.
المسائل اللغوية:
· رسم كلمة {الربا} ط
- الربا من ذوات الواو، وتثنيته ربوان عند سيبويه، ويكتب بالألف.
- وقيل: يكتب ويثنى بالياء لأجل الكسرة التي في أوله، وهذا قول الكوفيون.
قالوا: كذلك في الثلاثي من ذوات الواو إذا انكسر الأول أو انضم نحو (ضحى)، فإن كان مفتوحًا نحو صفا فكما قال البصريون.
ذكره ابن عطية.
· سبب التذكير في قوله تعالى: {فمن جاءه موعظة} ط ج
لأن تأنيث الموعظة غير حقيقي وهي بمعنى وعظ، وكل تأنيث غير حقيقي فتذكيره جائز.
حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية.
مسائل فقهية:
· البيوع المحرمة ط
- أكثر البيوع المحرّمة نجد منعها لمعنى الزيادة؛ إمّا في عين المال، وإما في منفعة لأحدهما من تأخير ونحوه.
- ومن البيوع ما ليس فيه معنى الزيادة: كبيع التمرة قبل بدوّ صلاحها، وكالبيع ساعة النداء يوم الجمعة.
ذكره ابن عطية.
· أبواب الربا ط
- عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الربا ثلاثة وسبعون بابًا)) رواه ابن ماجه والحاكم بزيادة: ((أيسرها أن ينكح الرجل أمه، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم)) وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الربا سبعون حوبًا، أيسرها أن ينكح الرجل أمّه.)) رواه ابن ماجه.
·كون بعض أبواب الربا ومسائله من أشكل المسائل ك
عن عمر بن الخطاب قال: ثلاث وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلينا فيهن عهدًا ننتهي إليه: الجد، والكلالة، وأبواب من أبواب الربا-يعني بعض المسائل التي فيها شائبة الربا-، وذلك أن ما أفضى إلى الحرام حرام، كما في حديث النعمان بن بشير مرفوعًا: ((... ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ...)) متفق عليه.
مسائل سلوكية:
· ما جاء في ذكر عذاب آكل الربا في الآخرة. ك
- عن أبي سعيدٍ: أنه عليه الصلاة والسلام مرّ ليلة الإسراء بقومٍ لهم أجوافٌ مثل البيوت، فسأل عنهم، فقيل: هؤلاء أكلة الرّبا. رواه البيهقيّ مطوّلًا.
- عن سمرة بن جندبٍ في حديث المنام الطّويل: «فأتينا على نهرٍ-حسبت أنّه كان يقول: أحمر مثل الدّم -وإذا في النّهر رجلٌ سابحٌ يسبح، وإذا على شطّ النّهر رجلٌ قد جمع عنده حجارةً كثيرةً، وإذا ذلك السّابح يسبح، ما يسبح ثمّ يأتي ذلك الّذي قد جمع الحجارة عنده فيفغر له فاه فيلقمه حجرًا» رواه البخاري وذكر في تفسيره: أنّه آكل الرّبا.
مسائل أخرى:
· مسألة العينة ودليل تحريمها. ك
عن أم محبة أنها قالت لعائشة: يا أم المؤمنين إني بعت لزيد بن أرقم عبدًا إلى العطاء بثمانمائة، فاحتاج إلى ثمنه، فاشتريته قبل محل الأجل بستمائة، فقالت: بئس ما شريت وبئس ما اشتريت، أبلغي زيدًا أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يتب، قالت: فقلت أرأيت أن تركت المائتين؟ قالت: نعم. رواه ابن أبي حاتم ، ذكره ابن كثير.



تفسير قوله تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276)}



القراءات:
· القراءات في قوله تعالى: {يربي} ط ك
1: (يُرْبي) بالضم والتخفيف.
بمعنى: ربا الشيء ويربو؛ أي: كثره ونمّاه.
2: (يُربّي) بالضم والتشديد، قرأ بها ابن الزبير، ورويت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
بمعنى: التربية.
ذكره ابن عطية وابن كثير.
· القراءات في قوله تعالى: {يمحق} ط
1: (يَمحَق): بفتح الياء والحاء.
2: (يُمحّق): بضم الياء وكسر الحاء مشدّدة، قرأ بها ابن الزبير.
ذكره ابن عطية
المسائل التفسيرية:
· مقصد الآية ك
الإخبار بأنه تعالى يمحق الربا فلا ينتفع به صاحبه، بل يُعامل بنقيض قصده.
ذكره ابن كثير.
· معنى يمحق ط ك
أي ينقص ويذهب، ذكره ابن عطية وابن كثير.
· المراد بأنّ الله يمحق الربا ك ط
الأول: أنه ينقصه ويذهبه بالكليّة من يد صاحبه، قال بذلك ابن عطية.
الثاني: يحرم صاحبه بركة ماله فلا ينتفع به، بل يعذّب به في الدنيا ويعاقب عليه في الآخرة.
ذكرهما ابن كثير كاحتمالين صحيحين في تفسير الآية، وأنهما من باب المعاملة بنقيض مقصود آكل الربا، واستدل لذلك بأدلة منها:
- قوله تعالى: {وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله}
- وحديث ابن مسعود مرفوعًا: ((الربا وإن كثر فإلى قلّ.)) رواه أحمد، وذكر ابن كثير أن الطبري استدل به وجعله في نظير معنى الآية.
· معنى يربي ك ط
من ربا الشيء يربو، أي: كثره ونمّاه ينميه، ذكره ابن عطية وابن كثير.
وقرئ: (يُربّي) بالضم والتشديد، ومعناه التربية، ذكره ابن كثير.
· المراد بأن الله يربي الصدقات ك ط
أي أن الله تعالى ينميها ويزيد ثوابها تضاعفًا لمن يشاء، وهذا على قراءة التخفيف، ذكره ابن عطية وابن كثير.
وعلى قراءة التشديد: أنه تعالى يربيها لصاحبها حتى تكون مثل الجبل كما يربي أحدنا فلوّه أو مهره أو فصيله، رواه البخاري عن أبي هريرة مرفوعًا، وروى بنحوه الترمذي والنسائي وابن أبي حاتم والبيهقي وأحمد والبزار وابن جرير، ولفظه عند ابن جرير: ((إن العبد إذا تصدق من طيب تقبّلها الله منه، فيأخذها بيمينه ويربيها كما يربي أحدكم مهره أو فصيله، وإن الرجل ليتصدّق باللقمة فتربو في يد الله، أو قال في كفّ الله، حتى تكون مثل أحد، فتصدّقوا.)).
ذكره ابن عطية دون تخريج وابن كثير.
· الحكمة من التعبير بلفظ (يمحق) للربا، و (يربي) للصدقات. ط ك
الأول: لأن هذين الفعلين ينبآن بعكس ما كان يظنّه الحريص الجشع؛ فهو يظن أن الربا يغنيه وهو في الحقيقة يمحق، ويظن أن الصدقة تفقره وهي نماء في الدنيا والآخرة، ذكره ابن عطية.
الثاني: لفظ يمحق يدلّ على أن المرابي يُعامل بنقيض قصده، ذكره ابن كثير.
· معنى كفّار. ك ط
أي كفور القلب جحود النعمة، والمراد بهم هنا الكفار المستحلّين القائلين على وجه التكذيب للشرع: (إنما البيع مثل الربا).
حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير.
· معنى أثيم. ك
أي أثيم القول والفعل لأكله أموال الناس بالباطل وبأنواع المكاسب الخبيثة، ذكره ابن كثير.
· معنى قوله تعالى: {والله لا يحبّ كلّ كفار أثيم} ك ط
أي لا يحب كفور القلب أثيم القول والفعل، فالآية زجر للكفار المستحلين للربا المكذّبين بالشرع.
حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير.
[وأورد ابن عطية تفسير ابن فورك لقوله تعالى: {والله لا يحب كل كفار أثيم} فأوّل المحبة بالإرادة، فالأشاعرة ينفون صفة المحبة، ويرجعونها إلى صفة الإرادة.
وأهل الحق أهل السنة والجماعة يثبتون المحبة صفة حقيقية لله تعالى على ما يليق به.]
· فائدة الوصف بأثيم بعد وصفهم بالكفر. ط
- إما من باب المبالغة.
- أو ليذهب الاشتراك الذي في وصف (كفار)، فإنه يقع على الزارع الذي يستر الحب في الأرض. -أي وصف كفار يشترك فيه جميع الكفار حتى الزارع منهم غير المرابي-
حكاه ابن عطية عن ابن فورك.
[قال المحققون في حاشية المحرر: وهذا تعليل بعيد، فوقوع ذلك على الزارع منوط بالسياق وبما يصحبه من القرائن.]
· مناسبة ختم الآية بهذه الصفة. ك
أن المرابي لا يرضى بما قسم الله له من الحلال وما شرّعه له من التكسّب المباح، فهو يسعى في أكل أموال الناس بالباطل وبالمكاسب الخبيثة، فهو جحود للنعمة ظلوم آثم بأكل أموال الناس بالباطل.
ذكره ابن كثير.
· مناسبة الآية لما بعدها. ط
لما انقضى ذكر الكفار المرابين المستحلين، عقّب بذكر ضدّهم ليبيّن ما بين الحالين من التضاد.
ذكره ابن عطية.
المسائل العقدية:
· إثبات المحبة صفة لله تعالى.
قال تعالى: {والله لا يحبّ كلّ كفّار أثيم}
فالله تعالى يحبّ ويودّ من أطاعه، ويبغض من عصاه من عباده.
والمحبة والمودّة والكره والبغض من صفات الأفعال التي يفعلها جلّ وعلا متى شاء إذا شاء كيف شاء، وأهل السنة يثبتون ذلك لله، كما أثبته لنفسه على ما يليق بجلاله، كما قال تعالى: {إن الله يحبّ المحسنين}.
· إثبات اليدين صفة لله تعالى.
فالله تعالى يأخذ الصدقة بيمينه فيربيها كما يربي الإنسان فلوّه أو مهره.
ففيها إثبات اليد صفة لله تعالى، وأنهما يدان حقيقيتان لا ئقتان بجلاله وعظمته، كما قال تعالى: {لما خلقت بيديّ}.

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 26 جمادى الأولى 1437هـ/5-03-2016م, 02:25 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ليلى باقيس مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم

فضل علم التفسير وحاجة الأمة إليه
لفضيلة الشيخ: عبد العزيز الداخل -حفظه الله-


إجابةُ الأسئلة:
1: اذكر ثلاثًا من فضائل تعلم التفسير ؟
فضائل علم التفسير كثيرة، وفائدته لطالب العلم في نفسه خاصّة، ولأمته عامّة عظيمة جليلة، وهذه الفضائل ترجع إلى وجوه هي الأصول، لتدلّ على ما ورائها من فروع الفضائل:
الأول: أصل هذه الفضائل أن علم التفسير معين على فهم كلام الله عزوجل ومعرفة مراده، ومن أوتي فهم القرآن فقد أوتي خيرًا كثيرًا؛ إذ بهذا الفهم يستخرج من العلم شيء كثير مبارك، وسبيل فهم القرآن هو معرفة تفسيره، فعكرمة مولى ابن عباس قال فيه سلام بن مسكين: كان أعلم الناس بالتفسير. ومن أسباب سعة علمه بالتفسير ما أوتيه عكرمة من فهم القرآن، حتى إنه كان يذكر لابن عباس وجوهًا في التفسير فيستحسنها ابن عباس ويجيزه.
الثاني: أن القرآن كلام الله تعالى، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد.
والاشتغال بالتفسير اشتغال بأفضل الكلام وأشرفه وأحسنه وأعظمه بركة، قال تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدّبروا آياته وليتذكّر أولوا الألباب}
الثالث: وهو مترتب على الفضل السابق، وهو أن المفسّر كثير الاشتغال بالقرآن ومعانيه، فأكثر وقته يكون في مصاحبة هذا القرآن تلاوة وتدبّرا ودراسة، فينال بذلك مصاحبة القرآن، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه.)) رواه مسلم.
وهذه المصاحبة للمفسر العالم بكتاب الله تعالى العامل بهداه هي أجل أنواع مصاحبة القرآن؛ لأنها مصاحبة تلاوة، وتفقه فيه، واهتداء بهداه.

2: بين بالدليل حاجة الأمة إلى فهم القرآن ؟
علم التفسير من أشرف العلوم وأجلّها وأعظمها بركة وأوسعها معرفة، وحاجة الأمة إليه ماسّة، قال تعالى: { الر . كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد }
وقال تعالى: { قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين . يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم}
فبتعلّم علم التفسير يتوصّل إلى تفسير القرآن وفهم معانيه وبيانها للناس، ومن ثمّ دعوتهم وتذكيرهم به، وبيان ما تضمّنه من النذارة والوعيد لمن خالف هداه وأعرض عنه، والبشارة والوعد لمن آمن به واتبع هداه، وبه يبيّن للناس ما فيه من الهدى الذي يفرّقون به بين الحقّ والباطل، ويخرجون به من الظلمات إلى النور، فحاجتهم إلى علم التفسير حاجة ملحة ضرورية.
ومن أوجه حاجة الأمّة كذلك إلى فهم القرآن حاجتها إلى فهم القرآن والاهتداء به في معاملة أعدائها على اختلاف أنواعها، فمن أفضل ما جاهدت به الأمة أعداءها من الكفار هو مجاهدتهم بالقرآن وبهداه؛ إذ به يبيّن الحقّ وحسنه، ويبيّن به الباطل وقبحه، وتظهر به حجة الله.
ومن ذلك أيضًا حاجتها إلى معرفة صفات المنافقين وعلاماتهم وحيلهم، وكيف يكون التعامل معهم والحذر منهم، فإذا عرف طالب علم التفسير ما أنزله الله تعالى في كتابه في شأنهم وتفقه في ذلك كلّه، وبيّنه للناس وحذّرهم من مقاصدهم السيئة الخبيثة التي يبطنونها، فإنه يحصل من ذلك خير عظيم، ونجاة وسلامة من خطرهم وكيدهم، قال تعالى: {هم العدو فاحذرهم}
- فحاجة الأمة إلى فهم القرآن والاهتداء به في كلّ شئونها ماسّة بل ضرورية،
وتعرّف طالب العلم على أنواع هذه الحاجات مهم ليقوم بواجب الدعوة إلى الله تعالى بالإسهام في سدّ حاجة الأمة فيما يمكنه، مما يفتح عليه من أنواع هذه الحاجات فيتعلّم الهدى فيها، ويتعلّم كيف يبيّنه للناس، ثم يدعو إلى الله على بصيرة.

3: كيف يستفيد الداعية وطالب العلم من علم التفسير في الدعوةِ إلى الله تعالى؟
مجالات الدعوة بالتفسير مجالات كثيرة متنوعة، فينبغي للداعية وطالب العلم أن يجتهد في تأهيل نفسه لسدّ حاجة الأمّة في تلك المجالات؛ ومن ذلك:
- إقامة دروس ودورات علمية في تفسير كتاب الله وبيان معانيه، لفهم مراد الله تعالى، وتدبّر آياته، والاهتداء به في جميع أبواب الدين من العقائد والأحكام والأخلاق وغيرها.
- إذا كثر في مجتمع من المجتمعات أصحاب ملة من الملل أو نحلة من النحل، واحتاجوا إلى من يرشدهم لبيان ما هم عليه من الضلال، وكيف تكون دعوتهم إلى الحق، فطالب علم التفسير يجد بيان ذلك في كتاب الله فيرشدهم إلى معاملتهم على الهدى الرباني، ويبيّن لهم الحق الذي ضلّوا فيه، ويدعوهم إليه بالحكمة والموعظة الحسنة.
- ومثل ذلك يُقال في مجتمع فشا فيه منكر من المنكرات: فطلاب علم التفسير من الرجال والنساء كلّ في محلّه وموضعه يتعلّم من كتاب الله ما يعرف به الهدى، ثمّ يدعو به من حوله لعلّهم يهتدون.
- وكذلك دعوة غير المسلمين من الكفار، يُدعون إلى الإسلام بتفسير آيات من القرآن؛ فيعرّفون بالله تعالى وبأسمائه وصفاته، وأنه تعالى لم يخلق الخلق سدًى وإنما خلقهم لغاية وهي عبادته سبحانه، وأرسل لذلك الرسل مبشّرين ومنذرين، فمن آمن واتبع هداه فاز ونجا، ومن أعرض عن هداه وخالفه فقد خاب وخسر، وقد قال أبو وائل شقيق بن سلمة: (استخلف علي عبدالله بن عباس على الموسم، فخطب الناس، فقرأ في خطبته سورة البقرة، وفي رواية: سورة النور، ففسّرها تفسيرًا لو سمعته الروم والديلم لأسلموا). ذكره ابن كثير في تفسيره.
أحسنت نفع الله بك وبارك فيك.

أ+

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 26 جمادى الأولى 1437هـ/5-03-2016م, 02:34 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ليلى باقيس مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم


بلغة المفسّر من علوم الحديث
لفضيلة الشيخ المحدّث:سعد بن عبد الله الحميّد.

الواجب:
- استخلص المسائل التي تناولها الشيخ في محاضرته، واذكر خلاصة القول في كلّ مسألة.
المسائل التي تناولها الشيخ في محاضرته ترجع إلى أربعة عناصر رئيسية:
الأول: مقدمات
- التفريق بين الخبر والإنشاء.
فالإنشاء: لا يحتاج إلى مبدأ التثبّت، ولا يفتقر إلى علوم الآلة التي وضعت لقبول الأخبار وردّها، والمراد بالإنشاء: هو ما ينشأه الإنسان من كلام.
أما الخبر: فهو يحتاج إلى تثبّت، وتأكّد من صحّته، ومن ثمّ قبوله أو ردّه.
وعلوم الحديث وضعها المحدّثون لتكون ضوابط لقبول الأخبار وردّها، لا لقبول الإنشاء وردّه.
وكتب التفسير لا يخرج ما فيها عن كونه خبرًا أو إنشاءً؛ فإن كان إنشاءً فهذا لا يحتاج إلى تثبّت، ولكن يُنظر إليه وفق الضوابط التي وضعها المفسرون لقبول التفسير، كموافقتها للغة، وعدم معارضتها لشيء من قواعد الشريعة في أبواب الاعتقاد، وأصول الفقه ونحو ذلك.
وأما ما كان من باب الأخبار: فالأصل أن الأخبار تفتقر إل مبدأ التثبّت.
- مبدأ التثبت في الأخبار.
هو مبدأ مطلوب لدى كل الأمم، فهو مبدأ عقلي لا شك فيه.
وتختلف أمة الإسلام عن غيرها في الضوابط التي وضعتها لقبول هذه الأخبار، ومن ذلك قضية الإسناد التي هي من خصائص هذه الأمة.
فإذا نظرنا في الإسناد، وتثبّتنا من صحته إلى قائله، فهذا هو المطلوب، أمّا إذا وُجد في الإسناد ما يجعلنا نعيد النظر فيه، والتريّث في الحكم عليه، فحينئذ يكون التعامل مع هذا الخبر حسب الضوابط الشرعية التي وضعها أئمة هذا العلم.
فالتثبّت المراد به هنا: تطبيق منهج المحدّثين في قبول الأخبار والمرويّات أو ردّها.
- القواعد التي وضعها المفسرون لتفسير القرآن.
تفسير القرآن بالقرآن.
وتفسير القرآن بالسنة.
وتفسير القرآن بأقوال الصحابة والتابعين.
وتفسير القرآن بلغة العرب.

الثاني: هل تطبق قواعد المحدّثين على مرويات التفسير؟
- المراد بمرويّات التفسير: ما جاء في السنة، وفي أقوال الصحابة والتابعين، فهذا ما يقصد به التثبّت من صحته إلى قائله، فليس كلّ ما يُروى في التفسير يُقبل به دون تثبّت.
- وبالرجوع إلى كتب التفسير التي تُروى بالإسناد: كتفسير عبد الرزاق، وتفسير سفيان الثوري، وتفسير ابن جرير، وابن المنذر، وسعيد بن منصور، وابن أبي حاتم، وكتب التفاسير التي تضمّنتها كتب الحديث: ككتاب التفسير في صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وجامع الترمذي، والسنن الكبرى للنسائي، وكتاب التفسير في مستدرك الحاكم، نجد في هذه الكتب أن العلماء اعتنوا عناية شديدة بنقل التفسير بالإسناد؛ مما يدلّ على أنّ التعامل مع التفسير كالتعامل مع غيره من القضايا الشرعية التي يُعتنى فيها بالأسانيد.
فالأصل هو تطبيق قواعد المحدّثين على مرويّات التفسير، ولهذا نجد هؤلاء العلماء أوردوا هذه المرويّات بالأسانيد، وهذا من حيث الأصل.
- ومما يدلّ كذلك على أن مرويات التفسير يطبّق عليها منهج المحدّثين في قبول الأخبار وردّها، كبقيّة الأحاديث التي تُروى في جميع أبواب الدين: ما جاء في كتب العلل من مرويّات التفسير، -ككتاب العللل لابن أبي حاتم-، فنجد المحدثين يعلّون مرويّات التفسير كما يعلّون المرويّات في كتاب الطهارة والصلاة وغيرها من أبواب الدين.
وهذا من حيث الأصل؛ فما كان يُحتاج فيه إلى التشديد فلا يمكن أن يقال بعدم تطبيق قواعد المحدثين، ولكن هذا الأصل يمكن التخفف فيه فيما يسع فيه التخفيف والتساهل.

الثالث: التفصيل في مرويات التفسير فيما يطبّق عليه قواعد المحدثين، وما يمكن التساهل فيه.
أولًا: مرويّات التفسير التي يطبّق عليها قواعد المحدثين في قبول الأخبار وردّها.
1: إذا كانت الرواية تتضمّن حُكمًا، وكان هذا الحكم مستفاد من هذه الرواية، بأن كانت الرواية حديثا أو قولًا لصحابي أو تابعي، فهنا لابد من تطبيق قواعد المحدثين على هذه الرواية.
إذ كيف تُشترط الصحة في قبول الأخبار في الأحكام التي ترد في كتب الحديث في أبواب الطهارة والزكاة وغيرها، ولا يُطبق هذا الأمر إذا جاء نحو ذلك في كتب التفسير، فهذا تفريق بين المتماثلات.
2: المرويّات التي تتعلق بأبواب الاعتقاد، إما في أسماء الله وصفاته، أو غيرها من أبواب الاعتقاد، فهذه أيضًا لابد معها من التثبّت بتطبيق قواعد المحدثين، وإلا فإن دين الله سيكون عرضة للوضع والكذب.
3: وجود المرويات الإسرائيلية في كتب التفسير، ومنها ما يُروى على أنه مرفوع للنبي صلى الله عليه وسلم، أو أنها من أقوال الصحابة؛ كالإسرائيليات المرويّة في تفسير قوله تعالى: {ببابل هاروت وماروت}.
ثانيًا: مرويات التفسير التي يمكن التساهل والتخفف في قبولها.
1: التسامح في قبول المرويّات التي تتضمّن بيان [بياناً] لمعاني الآيات، ولا تتضمّن أحكامًا؛ كتسامح المحدّثين من [في]قبول رواية (الضحاك عن ابن عباس) وهي منقطعة، وأشدّ منه قبول (جويبر بن سعيد عن الضحاك) سواء عن الضحاك من قوله، أو من رواية الضحاك عن ابن عباس.
ولو تضمّنت هذه الروايات حكمًا شرعيًا يحتاج إلى ما يستند عليه ويقوّيه، فلابد في هذه الحالة من تطبيق قواعد المحدّثين.
ومن هذا النوع كذلك: التساهل في التفسير مما يندرج تحت لغة العرب؛ لأن القرآن نزل بلسان عربي مبين، فما كان مبنيّا على أساس سليم من اللغة، ولا يتعارض مع شيء من القواعد في أبواب الاعتقاد أو في باب أصول الفقه ونحو ذلك، فهذا يكون مقبولًا ويتساهل فيه، وإن كان ما تضمّنه من المعاني المستنبطة لا نجدها في الكتب القديمة، فهذا لا بأس به.
2: قبول المحدثين للمرويات بدرجة الحسن.
المراد بالحديث الحسن هنا على الاطلاق القديم، كما هو في كلام التابعين وعلماء الحديث كالإمام أحمد وابن المديني والبخاري والترمذي وكان أكثر من أشاع ذلك وأشهره.
ووصف الحسن عند هؤلاء يطلق في كثير من الأحيان على بعض الأحاديث التي فيها ضعف؛ لكنه ضعف يمكن أن يُتسامح فيه، فالحديث إذا تضمّن حكمًا قد ورد في بعض الأحاديث الأخرى، فهم يتساهلون في قبوله، وقد يعدّونه من باب الترغيب والترهيب، أو من باب الفضائل ونحو ذلك، وقاعدتهم في ذلك معروفة: قالوا: إذا روينا في الحلال والحرام شددنا، وإذا روينا في الفضائل تساهلنا.
الخلاصة:
الأصل أن تطبق قواعد المحدثين على المرويّات، ولكن هذا الأصل يمكن التخفف فيه والتساهل فيما يسع فيه التخفيف والتساهل.

الرابع: بيان أقل ما يحتاجه المفسّر من القواعد الضابطة في علم الحديث.
- المفسّر لا يمكن أن يكون محدّثًا -أي على الإطلاق-، فلا يمكن القول بأنه لا يفسّر القرآن إلا محدّث يملك القدرة والآلة فهذا تحجير لواسع.
وقواعد المحدثين التي يمكن للمفسّر الإلمام بها للحكم على مرويات التفسير:
1: أن ينظر إلى أحكام الأئمة التي حكموا بها على هذه المرويّات؛ مثل كتاب العلل لابن أبي حاتم، وكتاب العلل للترمذي، وكتاب العلل للدراقطني، ففيها بعض المرويات التي أعلّها هؤلاء الأئمة، فيكون بذلك قد خُدم وكفي، فيحمد الله تعالى على هذه النعمة أنه قد كُفي، ويقول في هذا الحديث أعلّه الإمام الفلاني، ولا يستشهد به، ولا يستدل به.
2: وكذلك عكس ذلك؛ أنه إذا وجد من صحح هذه الرواية من الأئمة؛ كأن وجدت في بعض الكتب التي اشترطت الصحة كصحيح البخاري أو صحيح مسلم، أو وجدها في جامع الترمذي وصححه ولم يُخالف من إمام آخر.
أو وجدها في مستدرك الحاكم وصححه ولم يتعقبه الذهبي، مع التنبيه: أن مستدرك الحاكم يحتاج لدقة أكثر، فلا يُكتفى بتصحيحه وحكمه، بل يُنظر في أسانيده؛ لأن الذهبي لم يتعقبه في كل شيء، فيحتاج أن يبذل فيه جهدًا آخر؛ كأن ينظر هل هناك من تكلم على هذه الرواية تصحيحا أو تضعيفا من أئمة آخرين عرفوا بالتشديد في تطبيق قواعد المحدثين كالإمام أحمد وابن المديني ونحوهم من أئمة الحديث.
3: ثم إن لم يجد من تكلّم في هذه الرواية وكفاه الحكم عليها، فإنه يأخذ من علوم الحديث بالمقدار الذي يعينه إلى حدّ ما في النظر في الإسناد، فينظر هل فيه أحد ضعّف، وهذا يمكن فعله من باب الحيطة، وقد يكفيه في ذلك الرجوع إلى (تقريب التهذيب) من أحكام ابن حجر على رجال الإسناد.
وغاية هذا إن وجد الحديث مداره على راوٍ معين وهو ضعيف، غاية هذا أن لا يستشهد بهذه الرواية.
4: كذلك يمكنه أن يستعين بمن يخدمه في هذا من طلبة العلم المعروفين بالقدرة على الحكم على الأحاديث، وهم كُثر والحمدلله.
شكر الله لك حسن إجابتك، ونفع بك.
أ+

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 26 جمادى الأولى 1437هـ/5-03-2016م, 02:38 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ليلى باقيس مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم

حل أسئلة اللقاء العلمي: مدخل لقراءة كتاب "معاني القرآن وإعرابه" لأبي إسحاق الزجاج


إجابة الأسئلة:
السؤال الأول: بيّن عناية علماء اللغة العربية بمعاني القرآن، واذكر أهمّ المؤلفات في ذلك.
المقصود من إنزال القرآن هو العمل به، وهذا لا يكون إلا بفهم معانيه، ولهذا اعتنى العلماء ببيان معاني القرآن وكثرت مؤلفاتهم فيه.
وممن كانت لهم عناية بمعاني القرآن علماء اللغة، بل أكثر من اشتهر من علماء اللغة إنما اشتهر بكلامه في معاني القرآن، وكون القرآن عربي يعني أن أول وسيلة من وسائل فهم الشريعة هي معرفة علوم العربية، لذلك كانت علوم اللغة من أهم الأمور التي ينبغي للمفسّر العناية بها وتحصيلها.
وقد كان لعلماء اللغة في كلامهم في معاني القرآن جملة من الأسس، من أهمها:
الأساس الأول: أن القرآن عربي، وهذا لا خلاف فيه بين العلماء، ولكن هذه القضية الكليّة تزداد جلاءً وتقريرًا بالأدلة التفصيلية، لذلك كان من همّ علماء اللغة أن يستدلّوا بكلّ ما في القرآن من كلام العرب.
الأساس الثاني: أن بعض الملاحدة طعن في عربية القرآن، مستدلّا على ذلك بوجود ألفاظ أعجميّة، أو كلمات لا تعرفها العرب فيما يزعم، فكان من همّ العلماء كذلك أن يجيبوا عن هذه الطعون إجابات مفصّلة، كما هو واضح في كتب ابن قتيبة وغيره.
ومن أهم مؤلفات علماء اللغة في معاني القرآن:
- كتاب مجاز القرآن لأبي عبيدة معمر بن المثنى.
- كتاب معاني القرآن للأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة.
- معاني القرآن للفراء يحيى بن زياد.
- معاني القرآن وإعرابه للزجاج.

السؤال الثاني: ترجم بإيجاز لأبي إسحاق الزجاج.
اسمه وكنيته ولقبه
هو إبراهيم بن السري، وكنيته: أبو إسحاق، ولقبه: الزجاج؛ لأنه كان يخرق الزجاج، وهذا حكاه هو عن نفسه بنفسه فقال: كنت أخرق [ط] الزجاج فاشتهيت النحو فلزمت المبرّد.
ولادته ونشأته
قيل ولد عام 241 هــ
ونشأ نشأة كوفية، دارسًا على شيخه ثعلب، ثم انتقل بعدها إلى المدرسة البصرية دارسًا على شيخه المبرّد ولزمه، ومع أخذ الزجاج من المدرستين الكوفية والبصرية، إلا أنه ينتمي للمدرسة البصرية.
شيوخه
كان وافر الحظ من الشيوخ، فمن شيوخه:
- إمام الكوفيين أبي العباس ثعلب
- إسماعيل بن إسحاق المالكي القاضي، صاحب كتاب أحكام القرآن.
- الإمام المبرّد محمد بن يزيد أبو العباس، وهو الذي كان صاحب الأثر الأكبر على الزجاج علميّا وماليّا.
تلاميذه
- ابن درستويه صاحب كتاب تصحيح الفصيح.
- أبو جعفر النحاس صاحب كتاب معاني القرآن أيضًا.
- أبو القاسم الزجاجي النحوي المشهور صاحب كتاب الجمل.
- الإمام أبو علي الفارسي النحوي المشهور صاحب كتاب الإغفال.
- الإمام أبو منصور الأزهري صاحب كتاب تهذيب اللغة.
طلبه للعلم
قال: كنت أخرق الزجاج فاشتهيت النحو، فلزمت المبرّد لتعلّم النحو، وكان لا يعلّم مجانًا، فقال لي: أي شيء صناعتك، فقلت له: أخرق الزجاج، وكسبي في كل يوم درهم ونصف، وأريد أن تبالغ في تعليمي وأنا أعطيك كل يوم درهمًا، (أي يعطيه ثلثي دخله اليومي).
قال: فلزمته، وكنت أخدمه في أموره، وأعطيه الدرهم، وينصحني في العلم، حتى استقللت.
علم الزجاج
يظهر من كتابه معاني القرآن أنه كان واسع المعرفة والاطلاع.
كما يظهر واضحًا من ردوده على العلماء السابقين، وعرضه للاحتمالات الممكنة في تفسير الآية، وتقديم بعضها على بعض، وتلمّسه الأوجه لما لم يرجّحه من الأقوال، مقدار عقله وفهمه.
فعلمه بالنحو والصرف
هذا أوضح من أن يستدل عليه، وصفه ابن جني بشدة الفحص والاستدلال.
وعلمه باللغة والبلاغة
وهذا واضح كذلك في كتابه، و يعدّ الزجاج من أكثر اللنحويين ذكرًا في كتب اللغة.
وقد اعتنى الإمام الأزهري بنقل كلامه في تهذيب اللغة.
وأما ما جاء من القول بأن الزجاج كان ضعيفًا في اللغة، فالمقصود أنه لم يكن متوسّعًا في علم الغريب، وهذا لا يضرّه.
علمه بالقراءات
وهو كذلك واضح في كتابه معاني القرآن، فهو يحكي كثيرًا عن القراءات ويذكر صحيحها ومقبولها ومنكرها، ويكرر كثيرًا بلزوم اتباع رسم المصحف وعدم مخالفته، وأنّ القراءة المجمع عليها أولى بالاتباع.
علمه بالتفسير
وهذا واضح كذلك في كتابه، فهو ينقل القول المأثور وقد يرجّح خلافه للغة، ونجد أنه يكرر في ردّه على بعضهم فيقول: هذا كلام من لا يعرف الرواية.
وفي هذا ردّ على من زعم أنّ الزجاج لم تكن له عناية بالتفسير المأثور، وأنه يفسّر بمحض اللغة.
علمه بالفقه والحديث
لا يظهر كثيرًا في كتابه، إلا أنه يوجد فيه إشارات لبعض المسائل الفقهية ككلامه في صلاة الخوف.
علمه بالعقيدة
يظهر في جوابه على الاعتراضات الواردة في الآيات وحلّه للإشكالات فيها، بالجمع بين التعارض الظاهري بين آيتين.
ومما انتقد على الزجاج في مسائل العقيدة
- أنكر عليه ابن عطية كلامه في بعض الآيات، وأنه أتى بكلام أهل البدع الذين يرون أنه تعالى لا يخلق أفعال العباد.
- وذهب أبو حيان إلى أن الزجاج معتزلي.
والتحقيق فيما نسب إلى الزجاج من هذه الأقوال، أن يُقال:
- أنه ليس بمعتزلي، فله نصوص في خلقه تعالى لأفعال العباد.
- وأنه ولو وافق المعتزلة في بعض المسائل، فهو قد خالفهم في كثير من المسائل، وكان كثيرًا ما يقول وهذا قول أهل السنة ويرجّحه.
آثاره
له مؤلفات كثيرة:
- أشهرها كتاب معاني القرآن وإعرابه.
- كتاب بعنوان: (فعلت وأفعلت)
- وله كتاب في العروض.
- وآخر في تفسير أسماء الله.
وغير ذلك من الكتب، وكثير منها لم يصلنا.
نماذج من تفسيره
قال الزجاج في ص 202 : (ومعنى ملتهم في اللغة سنتهم، ومن هذا الملّة؛ أي الموضع الذي يختبز فيه؛ لأنها تؤثّر في مكانها كما يؤثّر في الطريق، وكلام العرب إذا اتفق لفظه فأكثره مشتق بعضه من بعض، وآخذ بعضه برقاب بعض) قال الشيخ أبو مالك العوضي: وهذه قاعدة وفائدة نفيسة من كلام الزجاج نقلها العلماء عنه من بعده، وهي تلخّص مذهبه في هذا العلم.
وفاته
ذكروا أنه عاش فوق الثمانين سنة، والمشهور أنه توفي عام 311ه ، وقيل 316 ه.

السؤال الثالث: بيّن مكانة كتاب "معاني القرآن وإعرابه" لأبي إسحاق الزجاج، وما سبب عناية العلماء به؟
كتاب الزجاج في معاني القرآن وإعرابه هو من الكتب الأصول التي اعتمد عليها العلماء، بل يمكن القول بأنه أول الكتب نضجًا في هذا العلم، ولهذا ظهرت عناية العلماء بكتابه عناية فائقة، وقد صنّفه الزجاج وذكر أنه أراد به أن يبيّن معاني القرآن وإعرابه بالقصد الأول، ومعرفة تفسيره بالقصد الثاني.
ومن مزايا كتابه:
1: حسن بيانه
فهو يشبه في ذلك طريقة الإمام الطبري، وشيخه المبرّد.
وذلك بشرح المسائل العلمية شرحًا وافيًا يثلج الصدور ويقرّب البعيد.
مع اجتهاده في التعبير عن الألفاظ اللغوية بطريقة حسنة السبك.
2: ردوده على العلماء السابقين
فهو يردّ على أبي عبيدة صاحب مجاز القرآن كثيرًا؛ لأن أباعبيدة كثيرًا ما كان يعتمد على محض اللغة في التفسير.
ويردّ أحيانًا على الفرّاء، وكثيرًا ما يردّ عليه من غير ذكر اسمه.
ويردّ كذلك على المازني من النحويين وغيره، ولا سيّما في الأقوال التي ينفردون بها عن غيرهم.
3: مصادر كتابه
كتب معاني القرآن السابقة لكتابه، وما أخذه عن شيوخه كالمبرّد وثعلب.
كما أنه ينقل أحيانًا عن كتاب العين للخليل.
واستفاد كذلك من كتاب قطرب في التفسير، [واسمه معاني القرآن] وهو مفقود.
وكتاب أبي عبيدة في القراءات وغير ذلك.
وممن استفادوا من الزجاج:
- أبو جعفر النحاس، استفاد من شيخه الزجاج.
- الإمام أبو منصور الأزهري في تهذيب اللغة، قال: ما وقع في كتابي من تفسير القرآن فهو من كتابه.
- وممن استفادوا منه كذلك: الثعلبي في تفسيره، والواحدي في تفسيره، والبغوي في تفسيره، وغيرهم.
أحسنت بارك الله فيك، وزادك علماً وهدى.

أ+

رد مع اقتباس
  #19  
قديم 26 جمادى الأولى 1437هـ/5-03-2016م, 02:47 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ليلى باقيس مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم

حل أسئلة اللقاء العلمي الأول عن تفسير ابن كثير

إجابة الأسئلة:
س1: بيّن خصائص تفسير ابن كثير.
من خصائص تفسيره:
- التنبيه على الإسرائيليّات
- المعرفة الواسعة بفنون الحديث وأحوال الرجال
- شدّة العناية بتفسير القرآن بالقرآن
- تفسيره أشهر ما دوّن في التفسير بالمأثور، بعد تفسير الطبري.
- وهو من أصح التفاسير بالمأثور.
- يجمع أصح الآثار الواردة في تفسير الآية، مع الكلام على رتبتها غالبا.
- يمتاز كذلك بحسن البيان وعدم التعقيد، وعدم التشعب في المسائل.
- له طريقته ومنهجه الحسن في التفسير:
فهو يذكر الآية ثم يفسّرها بعبارة سهلة موجزة
ثم يقوم بتوضيح الآية بآية أخرى إن أمكنه ذلك، ويعارض ما بين الآيتين.
ثم يشرع في سرد الأحاديث المرفوعة التي تتعلق بالآية، ويبيّن ما يُحتجّ به وما لا يُحتجّ به منها.
وبعد تفسير القرآن بالقرآن، والقرآن بالسنة، يتبع ذلك بأقوال الصحابة، والتابعين ومن يليهم من علماء السلف، ويقوم بترجيح بعض الأقوال على بعض.
وعندما يشرح آية من آيات الأحكام فإنه يدخل في المناقشات الفقهية من دون إطالة.

س2: بيّن باختصار أهم مصادر ابن كثير من دواوين السنّة ومن كتب التفسير ومن كتب اللغة.
موارد ابن كثير كثيرة، فمن كتب التفسير التي ينقل عنها:
- تفسير ابن جرير الطبري، ويكثر النقل عنه
- تفسير ابن أبي حاتم
- يأخذ شيئا من تفسير الرازي
- وأحيانا يأخذ عن الكشاف للزمخشري [وأحيانا يأخذ منه لينقده نقدا]
- تفسير ابن مردويه
- تفسير وكيع
- وينقل عن القرطبي
- وينقل عن ابن عطية
- وعن الماوردي
- والهداية في التفسير لمكي بن أبي طالب.
ومن دواوين السنة:
مسند الإمام أحمد، وكثيرا ما يذكره ويقدّمه في الذكر قبل الصحيحين.
الأمهات الست
ويأخذ من كتاب (الإشراف على معرفة الأطراف) لابن عساكر
و (التمهيد) لابن عبد البر
ودواوين السنة المتعددة.
ومصادر ابن كثير في اللغة:
(إعراب القرآن) للنحّاس
و (الزّاهر) لابن الأنباري
و (الصحاح) لأبي نصر الجوهري، ويكثر من الأخذ عنه،
و (معاني القرآن) للزجاج.

س3: بيّن منهج ابن كثير في إيرادالإسرائيليات.
تعامل ابن كثير مع الإسرائيليات على شكلين:
أولا:الإعراض عنها دون إشارة إليه، مثاله: الحديث الطويل المروي عن أبي بن كعب في فضائل القرآن سورة سورة، وقد ذكره بعض المفسرين.
الثاني: أنه يوردها، وما أورده له منه ثلاثة مواقف:
-النقد العام الإجمالي، مثاله: قوله تعالى: {فخسفنا به وبداره الأرض} قال: ذُكر هاهنا إسرائيليات غريبة، أضربنا عنها صفحا.
-النقد الخاص التفصيلي، مثاله: عند قوله تعالى: {وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة}ذكر قصة بني إسرائيل عند طلبهم للبقرة التي وصف الله لهم، وأنهم وجدوها عند رجل كان من أبرّ الناس بأبيه، قالوا هذه السياقات عن عبيدة، وأبي العالية، والسديّ وغيرهم فيها اختلاف ما، والظاهر أنها مأخوذة من كتب بني إسرائيل، وهي مما يجوز نقلها، ولكن لا تصدّق ولا تكذّب، فلهذا لا يعتمد عليها إلا ما وافق الحقّ عندنا، والله أعلم.
-السكوت وعدم النقد، مثاله: أنه يذكر بعض الإسرائيليات ولا ينقدها؛ مثل طول آدم عليه السلام، كم كان طوله، في قوله تعالى: {وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا} قال: وضع الله تعالى البيت مع آدم، أهبط الله آدم إلى الأرض، وكان مهبطه بأرض الهند، وكان رأسه في السماء ورجلاه في الأرض، فكانت الملائكة تهابه، إلى آخره.


أحسنت نفع الله بك.
أ+

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الطالبة, صفحة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:55 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir