(وإن رؤي) الهلال (نهارًا) ولو قبل الزوال (فهو لليلة المقبلة) ([1])كما لو رؤي آخر النهار([2]).وروى البخاري في تأْريخه مرفوعًا «من أَشراط الساعة، أَن يروا الهلال، يقولون: هو ابن ليلتين» ([3])
([1]) إجماعًا، ولعل إتيان الشارح هنا بـ«لو» إشارة إلى الخلاف عن أحمد، أنه إذا رؤي قبل الزوال، فهو لليلة الماضية، ولا أثر لرؤية الهلال نهارًا، وإنما يعتد بالرؤية بعد الغروب، أول الشهر، أو آخره، فلا يجب به صوم، ولا يباح به فطر، وروى الدارقطني عن أبي وائل قال: جاءنا كتاب عمر: إن الأهلة بعضها أكبر من بعض، فإذا رأيتم الهلال نهارًا، فلا تفطروا حتى تمسوا، أو يشهد رجلان مسلمان، أنهما رأياه بالأمس عشية.
([2]) قال الزركشي: أما بعد الزوال فللمقبلة، بلا نزاع نعلمه، لقربه منها، ولقصة عمر. اهـ. وقد صرحت أئمة المذاهب الأربعة، بأن الصحيح أنه لا عبرة برؤية الهلال نهارًا، وإنما المعتبر رؤية الهلال ليلاً.
([3]) مرادهم بإيراده أنها تكبر الأهلة، وإن صح، فمن أجل ظنون المتأخرين، وتقدم قول عمر: إن الأهلة بعضها أكبر من بعض. ولا شك أن الله أجرى العادة بسير الشمس والقمر، وإن ثبت ما رواه البخاري، فقولهم راجع إلى كبره المعهود المتعارف، لا إلى تغير المنازل، فقد قال تعالى {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ*لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} وكبر الهلال، لتقدم سير الشمس عنه، فيظهر نورها عليه أكثر، قال الشيخ: وقول من يقول: إن رؤي الهلال صبيحة ثمان وعشرين، فالشهر تام، وإن لم ير فهو ناقص؛ هذا بناء على أن الاستسرار لا يكون إلا ليلتين، وليس بصحيح، بل قد يستسر ليلة تارة، وثلاث ليال أخرى.