دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الصلاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 ذو القعدة 1429هـ/20-11-2008م, 02:26 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي سنن خطبة الجمعة

ومِن سُنَنِهما أن يَخْطُبَ على مِنْبَرٍ أو مَوْضِعٍ عالٍ ويُسَلِّمَ على المأمومينَ إذا أَقْبَلَ عليهم ثم يَجْلِسَ إلى فَراغِ الأذانِ ويَجْلِسَ بينَ الْخُطبتينِ ويَخْطُبَ قائمًا ويَعتمِدَ على سيفٍ أو قَوْسٍ أو عصًا ويَقْصِدَ تِلقاءَ وَجهِه ويُقَصِّرَ الْخُطْبَةَ ويَدْعُوَ للمسلمينَ.


  #2  
قديم 25 ذو القعدة 1429هـ/23-11-2008م, 07:54 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

.................

  #3  
قديم 25 ذو القعدة 1429هـ/23-11-2008م, 07:55 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(ومِن سُنَنِهِمَا)؛ أي: الخُطْبَتَيْنِ: (أن يَخْطُبَ على مِنْبَرٍ)؛ لفِعْلِه عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، وهو بكَسْرِ الميمِ مِنَ النَّبْرِ وهو الارتِفَاعُ. واتِّخَاذُه سُنَّةً مُجْمَعٌ عليها، قالَه في شَرْحِ مُسْلِمٍ. ويَصْعَدُه على تُؤَدَةٍ إلى الدَّرَجَةِ التي تَلِي السَّطْحَ، (أو) يَخْطُبَ على (مَوْضِعٍ عَالٍ) إن عَدِمَ المِنْبَرَ؛ لأنَّه في مَعْنَاهُ, عَن يَمِينِ مُسْتَقْبِلِ القِبْلَةِ بالمِحْرَابِ، وإن خَطَبَ بالأرضِ فعَن يَسَارِهِم، (و) أن (يُسَلِّمَ على المَأْمُومِينَ إِذَا أَقْبَلَ عليهم)؛ لقولِ جَابِرٍ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ علَيْه وسَلَّمَ إذا صَعِدَ المِنْبَرَ سَلَّمَ) رواهُ ابنُ مَاجَهْ، ورواهُ الأَثْرَمُ عَن أَبِي بَكْرٍ وعُمَرَ وابنِ مَسْعُودٍ وابنِ الزُّبَيْرِ، ورواهُ النَّجَّادُ عَن عُثْمَانَ، كسَلامِه على مَن عِنْدَهُ في خُرُوجِه.
(ثُمَّ) يُسَنُّ أن (يَجْلِسَ إلى فَرَاغِ الأذَانِ)؛ لقَوْلِ ابنِ عُمَرَ: (كانَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيْه وسَلَّمَ يَجْلِسُ إِذَا صَعِدَ المِنْبَرَ حَتَّى يَفْرُغَ المُؤَذِّنُ, ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ) رواه أبو دَاوُدَ.
(وأَن يَجْلِسَ بَيْنَ الخُطْبَتَيْنِ)؛ لحديثِ ابنِ عُمَرَ السَّابِقِ. (وأن يَخْطُبَ قَائِماً)؛ لِمَا تَقَدَّمَ، (ويَعْتَمِدَ على سَيْفٍ أو قَوْسٍ أو عَصاً)؛ لفِعْلِه عليه السَّلامُ، رواهُ أَبُو دَاوُدَ عَن الحَكَمِ بنِ حَزَنٍ. وفيه إِشَارَةٌ إلى أنَّ هذا الدِّينَ فُتِحَ بهِ.
قالَ في (الفُرُوعِ): ويَتَوَجَّهُ باليُسْرَى والأُخْرَى بحَرْفِ المِنْبَرِ، فإن لم يَعْتَمِدْ أَمْسَكَ يَمِينَهُ بشِمَالِه أو أَرْسَلَهُمَا. (و) أَنْ (يَقْصِدَ تِلْقَاءَ وَجْهِه)؛ لفِعْلِه عليه السَّلامُ؛ ولأنَّ في التِفَاتِه إلى أَحَدِ جَانِبَيْهِ إِعْرَاضاً عَن الآخَرِ، وإن استَدْبَرَهُم كُرِهَ، ويَنْحَرِفُونَ إليهِ إذا خَطَبَ؛ لفِعْلِ الصَّحَابَةِ. ذَكَرَهُ في (المُبْدِعِ).
(و) أَنْ (يُقَصِّرَ الخُطْبَةَ)؛ لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَن عَمَّارٍ مَرْفُوعاً: ((إِنَّ طُولَ صَلاَةِ الرَّجُلِ وقِصَرَ خُطْبَتِهِ مِنْ فِقْهِهِ, فَأَطِيلُوا الصَّلاَةَ وَقَصِّرُوا الخُطْبَةَ)). وأن تَكُونَ الثَّانِيَةُ أَقْصَرَ, ورَفَعَ صَوْتَهُ قَدْرَ إِمْكَانِه، (و) أنْ (يَدْعُوَ للمُسْلِمِينَ)؛ لأنَّه مَسْنُونٌ في غَيْرِ الخُطْبَةِ, ففيها أَوْلَى، ويُبَاحُ الدُّعَاءُ لمُعَيَّنٍ، وأن يَخْطُبَ مِن صَحِيفَةٍ.
قالَ في (المُبْدِعِ): ويَنْزِلُ مُسْرِعاً, وَإِذَا غَلَبَ الخَوَارِجُ على بَلَدٍ فَأَقَامُوا فيه الجُمُعَةَ, جَازَ اتِّبَاعُهُم نَصًّا. وقالَ ابنُ أَبِي مُوسَى: يُصَلِّي مَعَهُم الجُمُعَةَ ويُعِيدُهَا ظُهْراً.


  #4  
قديم 26 ذو القعدة 1429هـ/24-11-2008م, 08:12 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(ومن سننهما) أي الخطبتين (أن يخطب على منبر) لفعله عليه الصلاة والسلام([1]) وهو بكسر الميم من النبر وهو الارتفاع([2]) واتخاذه سنة مجمع عليها، قاله في شرح مسلم([3]).ويصعده على تؤدة إلى الدرجة التي تلي السطح([4]).(أو) يخطب على (موضع عال) إن عدم المنبر([5]) لأنه في معناه([6]) عن يمين مستقبل القبلة بالمحراب([7])، وإن خطب بالأرض فعن يسارهم([8]).
(و) أن (يسلم على المأمومين إذا أقبل عليهم)([9]). لقول جابر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر سلم، رواه ابن ماجه([10]).ورواه الأثرم عن أبي بكر وعمر وابن مسعود وابن الزبير، ورواه النجاد عن عثمان([11]) كسلامه على من عنده في خروجه([12]) (ثم) يسن أن (يجلس إلى فراغ الأذان)([13]) لقول ابن عمر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس إذا صعد المنبر، حتى يفرغ المؤذن ثم يقوم فيخطب، رواه أبو داود([14]).(و) أن يجلس بين الخطبتين([15]) لحديث ابن عمر السابق([16]).(و) أن (يخطب قائما) لما تقدم([17]) (ويعتمد على سيف أو قوس أو عصا)([18]) لفعله عليه السلام، رواه أبو داود عن الحكم بن حزن([19]) وفيه إشارة إلى أن هذا الدين فتح به([20]).قال في الفروع: ويتوجه باليسرى([21]) والأخرى بحرف المنبر([22]) فإن لم يعتمد أمسك يمينه بشماله أو أرسلهما([23]).(و) أن (يقصد تلقاء وجهه) لفعله عليه السلام([24]) ولأن التفاته إلى أحد جانبيه إعراض عن الآخر([25]) وإن استدبرهم كره([26]) وينحرفون إليه إذا خطب، لفعل الصحابة، ذكره في المبدع([27]).(و) أن (يقصر الخطبة)([28]) لما روى مسلم عن عمار مرفوعا «إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة، واقصروا الخطبة»([29]) وأن تكون الثانية أقصر([30]) ورفع صوته قدر إمكانه([31]).(و) أن (يدعو للمسلمين)([32]) لأنه مسنون في غير الخطبة، ففيها أولى([33]) ويباح الدعاء لمعين([34]).وأن يخطب من صحيفة([35]) قال في المبدع: وينزل مسرعا([36]) وإذا غلب الخوارج على بلد فأقاموا فيه الجمعة جاز اتباعهم نصا([37]) وقال ابن أبي موسى: يصلي معهم الجمعة ويعيدها ظهرا([38]).



([1]) المستفيض عنه، ولا نزاع في ذلك، وفي الصحيح وغيره: أنه عمل له من أثل الغابة، فكان يرتقي عليه، وكان اتخاذه سنة سبع أو ثمان، وكان ثلاث درج، وفي الصحيحين من حديث سهل أنه أرسل إلى امرأة من الأنصار:«أن مري غلامك النجار يعمل أعوادا أجلس عليها إذا كلمت الناس»، واستحباب صعود المنبر لا نزاع فيه، فقد ثبت اتخاذه وتوارثته الامة بعده، ولأن ذلك أبلغ في الإعلام، وإذا شاهدوه كان أبلغ في وعظهم، وهو حكمة مشروعية المنبر، وحكى الإجماع عليه غير واحد، واستثنى بعض أهل العلم مكة، فإنه صلى الله عليه وسلم وخلفاءه يخطبون على بابها، وإنما أحدث المنبر معاوية، ولكن أقره السلف وتبعهم الخلف.

([2]) ونبرت الشيء إذا رفعته، والمنبر المكان المرتفع في الجامع لمرقاة الخاطب سمي به لارتفاعه وعلوه عما حوله، وكسرت الميم على التشبيه له بالآلة، جمعه منابر.

([3]) للنووي رحمه الله، وليس بواجب، لأنه صلى الله عليه وسلم يقوم على الأرض قبل أن يوضع المنبر، وكان عليه الصلاة والسلام يجلس على الدرجة الثالثة التي تلي مكان الاستراحة، ثم وقف أبو بكر على الثانية، ثم عمر على الأولى تأدبا، ثم وقف عثمان مكان أبي بكر، ثم زمن معاوية قلعه مروان،وزاد فيه ست درج، فكان الخلفاء يرتقون ستا، يقفون مكان عمر على السابعة ولا يجاوزون ذلك تأدبا وكذا من بعدهم.

([4]) قاله في التلخيص وغيره: والدرجة التي تلي السطح هي مكان الاستراحة والتؤدة بضمة وهمزة مفتوحة، الرفق والتأني والتثبت يقال: أتأد في فعله إذا تأنى وثبت ولم يعجل، بخلاف النزول.

([5]) وفاقا: ليحصل المقصود من الإبلاغ.

([6]) أي في معنى المنبر، فإنه مماثلة ومشابهة، لاشتراكهما في المبالغة في الإعلام.

([7]) يلي جنبه من جهة يمين المصلي في المحراب، لأن منبره صلى الله عليه وسلم كان كذلك، وأجمع المسلمون على ذلك في كل مصر.

([8]) أي عن يسار مستقبلي القبلة، خلاف المنبر.

([9]) وهذا مذهب الشافعي، وعمل الجمهور عليه،وقال في الإنصاف: بلا نزاع، وإنما قال مالك وأبو حنيفة، لا يسلم إن سلم إذا أقبل عليهم وهو على الأرض، ثم صعد المنبر لا يعيده، وهذا والله أعلم فيمن إقباله من عند المنبر، فإن السلام إذا صعده وأقبل عليهم، كما لو أتى من طائفة أخرى.

([10]) وفيه ابن لهيعة، وله شواهد عن ابن عمر وغيره، وأصله مستفيض في الجملة، وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي: كان صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر يوم الجمعة استقبل الناس بوجهه، ثم قال: السلام عليكم، وقال ابن القيم: كان من هديه صلى الله عليه وسلم أنه إذا دخل المسجد سلم عليهم، فإذا صعد المنبر استقبل الناس بوجهه وسلم عليهم، وقال القاضي وجماعة، لأنه استقبال بعد استدبار، أشبه من فارق قوما ثم عاد إليهم اهـ، أو لأنه إذا دخل المسجد يسلم على من هناك وعلى من عند المنبر إذا انتهى إليه.

([11]) يعني أنهم رضي الله عنهم كانوا يسلمون على المأمومين إذا صعد أحدهم المنبر وأقبل عليهم بوجهه.

([12]) أي كما أنه يسن أن يسلم على من عنده في خروجه إليهم، قال الزركشي: لا نزاع فيما نعلم أنه يسلم عليهم إذا خرج عليهم كغيره اهـ، ورد هذا السلام واجب كغيره من كل سلام مشروع، فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين.

([13]) وفاقا، وذكره ابن عقيل إجماع الصحابة ونقل عن أبي حنيفة خلاف، وعبارة الهداية لهم، وإذا صعد الإمام المنبر جلس فصار إجماعا.

([14]) فإنه صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر جلس، وأخذ بلال في الأذان فإذا كمله أخذ صلى الله عليه وسلم في الخطبة من غير فصل، وهذا مستفيض ثابت من غير وجه، واستمر عمل المسلمين عليه، وفي الصحيح وغيره، وكان التأذين
يوم الجمعة، حين يجلس الإمام، والحكمة والله أعـلم ليعرف الناس جـلوس

الإمام على المنبر، فينصتون له ولجلوسه سكون اللغط والتهؤ للإنصات والاستنصات لسماع الخطبة، وإحضار الذهن للذكر، ولأن الإمام يستريح بذلك من تعب الصعود ويتمكن من الكلام، التمكن التام، ولا نزاع في مشروعية الأذان عقب صعود الإمام المنبر، ولا يجوز تركه، قال في الإنصاف: بغير خلاف وهو الذي يمنع البيع، ويلزم السعي، لأنه الذي كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم حين نزول آية{إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ} فتعلقت الأحكام به إلا لمن منزله في بعد، فعليه أن يسعى في الوقت الذي يكون فيه مدركا للجمعة، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وأما السعي المسنون فمن طلوع الفجر عند الجمهور وسيأتي.
وأما الأذان الأول فزاده عثمان رضي الله عنه، فقد روى السائب بن يزيد قال: كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر، على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فلما كان في خلافة عثمان، وكثروا أمر يوم الجمعة بالأذان الثلث فأذن به على ذلك، رواه البخاري وغيره، وصعد من باب تعب، يقال: صعد في السلم والدرجة، يصعد في الجبل وعليه رقى.

([15]) أي ويسن أن يجلس بين الخطبتين جلسة خفيفة، قال جماعة، بقدر سورة الإخلاص.

([16]) وهو قوله: يخطب قائما ثم يقعد ثم يقوم، والحديث رواه الجماعة من وجوه، وقال الترمذي: وهو الذي رآه أهل العلم، أن يفصل بين الخطبتين بجلوس اهـ، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك، والجمهور أنه سنة ليس بواجب، ولا شرط فإن أبى أن يجلس بينهما فصل بسكتة، ولا يجب الجلوس، لأن جماعة من الصحابة منهم علي والمغيرة وأبي سردوا الخطبتين من غير جلوس، وأوجبها الشافعي.

([17]) أي ويسن أن يخطب قائما، لما تقدم في حديث ابن عمر من قوله: وهو قائم، واستفاض من غير وجه، ولا نزاع في سنيته، وقال ابن المنذر: وعليه عمل أهل العلم من علماء الأمصار، ولا يجب لأنه ليس من شرطها الاستقبال فلم يجب لها القيام كالأذان، وأجمعوا على مشروعية القيام لقوله: {وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} وعمل المسلمين عليه، ودخل كعب بن عجرة وعبد الرحمن بن أم الجهل يخطب قاعدا، فقال: انظروا إلى هذا الخبيث، يخطب قاعدا، وقرأ الآية، ومذهب الشافعي أن القيام مع القدرة شرط، للآية والأخبار، فعليه تتأكد سنيته، وحكى ابن عبد البر إجماع العلماء على أن الخطبة لا تكون إلا قائما لمن أطاقه.

([18]) من عادة ما يحمل أي يسن ذلك، والقوس مؤنثة ومذكرة، والتأنيث أشهر، وجمعها أقواس، والعصا مقصور، والسيف معروف.

([19]) قال: وفدت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهدنا معه الجمعة، فقام متوكئا على قوس أو عصا، وفي سنده شهاب بن خراش، قال ابن حبان: كان ممن يخطئ كثيرا، وقال أحمد: لا بأس به، وحسنه الحافظ، وله شاهد وليس فيهما ذكر السيف.

([20]) أي بالسيف ولم يحفظ أنه صلى الله عليه وسلم بعد اتخاذه المنبر كان يرقاه بسيف ولا قوس، وقال ابن القيم: لم يحفظ أنه توكأ على سيف، وكثير من الجهلة يظن أنه يمد السيف على المنبر، إشارة إلى أن الدين إنما قام بالسيف، وهذا جهل قبيح من وجهين: أحدهما أن المحفوظ إنما هو الاتكاء على العصا أو القوس، والثاني أن الدين إنما قام بالوحي، وأما السيف فلحق أهل العناد والشرك ومدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كانت خطبه فيها إنما فتحت بالقرآن، ولم تفتح بالسيف، وإنما كان في الحرب يعتمد على قوس، وفي الجمعة على عصا وفاقا.

([21]) أي ويتوجه الاعتماد على العصا أو القوس باليسرى.

([22]) أي طرفه، فإن حرف كل شيء طرفه وجانبه.

([23]) أي من جانبيه وسكنهما فلا يحركهما ولا يرفعهما في دعائه حال الخطبة.

([24]) أي أنه عليه الصلاة والسلام يقصد تلقاء وجهه في الخطبة، إذا أقبل عليهم بعد صعوده المنبر، لا يخطب مستقبل القبلة، بل مستقبلا المأمومين قال ابن المنذر: هذا كالإجماع، وقال النووي: لا يلتفت يمينا ولا شمالا، قال ابن حجر، لأن ذلك بدعة.

([25]) أي عن الجانب الآخر، وتخصيص لبعض المأمومين دون بعض.

([26]) لما فيه من الإعراض عنهم ومخالفة السنة، فروى الطبراني وابن أبي شيبة وابن عدي وغيرهم من غير وجه، أنه يستقبل الناس، قال في المبدع: وظاهره أنه إذا التفت أو استدبر الناس أنه يجزئ مع الكراهة، صرحوا به في الاستدبار لحصول المقصود اهـ، وصح في الأصح وفاقا.

([27]) أي ينحرف المأمومون إلى الخطيب فيستقبلونه، قال ابن مسعود: كان إذا استوى على المنبر استقبلناه بوجوهنا، رواه الترمذي، وقد تقرر استقباله الناس وقت الخطبة، واستدارة أصحابه إليه بوجوههم من غير وجه.
وقال الترمذي: والعمل عليه عند أهل العلم من الصحابة وغيرهم، يستحبونه اهـ، ولأنه الذي يقتضيه الأدب، وهو أبلغ في الوعظ، قال النووي: وهو مجمع عليه، قال إمام الحرمين: سبب استقبالهم له واستقباله إياهم واستدباره القبلة أن يخاطبهم، فلو استدبرهم كان قبيحا، وإن استقبلوه استدبروا القبلة، فاستدبار واحد واستقبال الجميع أولى من عكسه، ويتربعون حال الخطبة، وهو أخشع، وفي الصحيح مسلم أنه كان عليه الصلاة والسلام يفعله إذا صلى الفجر، وفي الصحيح عن ابن عمر أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم محتبيا بيديه، وهو القرفصاء، وروي عن جماعة من الصحابة ويأتي.

([28]) وفاقا، تقصيرا معتدلا، بحيث لا يملوا وتنفر نفوسهم، وخير الكلام ما قل ودل، ولم يطل فيمل.

([29]) وله عن عثمان أنه خطب وأوجز، فقيل له: لو كنت تنفست، فقال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «قصر خطبة الرجل مئنة من فقهه فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة» وقوله «مئنة» بفتح الميم، وكسر الهمزة، أي علامة أو دلالة على فقهه، وحتى لا يملوها، ويكون قصرها معتدلا، فلا يبالغ بحيث يمحقها.

([30]) أي ويسن أن تكون الثانية أقصر من الأولى، كالإقامة مع الإذان، والقراءة في الركعة الثانية أقصر من الأولى.

([31]) أي ويسن أن يرفع صوته بالخطبة فوق القدر الواجب حسب إمكانه ويجوز كلامه، ويفخم أمر الخطبة، ويظهر غاية الغضب والفزع، لحديث: أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب علا صوته، واشتد غضبه واحمرت وجنتاه كأنه منذر جيش يقول: صبحكم ومساكم، ولأنه أوقع في النفوس، وأبلغ في الوعظ، ولذلك استحب المنبر، لأنه أبلغ في الإسماع، وأن يعربهما بلا تمطيط.

([32]) ولا نزاع في ذلك، لفعله صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة مستسقيا ولأنه كان إذا خطب أومأ، وأشار بأصبعه عند ذكر الله ودعائه، وأمن الناس، ولا يستحب رفع اليدين في الخطبة، قال المجد، بدعة، وفاقا للمالكية والشافعية وغيرهم.
وقال الشيخ: الأصح أنه مكروه، وإنما كان صلى الله عليه وسلم يشير بأصبعه إذا دعا، ورأى عمارة بشر بن مروان رفع يديه في الخطبة، فقال: قبح الله هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا، وأشار بأصبعه المسبحة، رواه مسلم وغيره.

([33]) أي لأن الدعاء للمسلمين مسنون في غير خطبة الجمعة، كصلاة الجنازة وغيرها، ففيها أولى، ويدعو لنفسه وللحاضرين بما فيه صلاح الدين والدنيا، قال ابن القيم: وكان صلى الله عليه وسلم يختم خطبته بالاستغفار اهـ وينبغي أن يكون متغظا بما يعظ الناس به، ليحصل الانتفاع به،وذكر البغوي وغيره استحباب ختم الخطبة بقوله: أستغفر الله لي ولكم وعمل الأكثر عليه.

([34]) كسلطان ونحوه، ولأن الدعاء مستجاب في الجملة، ولجوازه في الصلاة على الصحيح، فكيف بالخطبة، ودعا أبو موسى في خطبته لعمر، واستمر عمل المسلمين عليه، والأكثر بدون تعيين، وقال أحمد: لو كان لنا دعوة مستجابة لدعونا بها للسلطان، ولأن في صلاحه صلاح المسلمين، فأبيح ذلك أو استحب في الجملة، قال القاضي: والإمام العادل هو كل من نظر في شيء من أمور المسلمين من الولاة والحكام، قال ابن حامد: أما محبته إذا كان عدلا فلا أعلم خلافا في وجوبها.

([35]) أي ويباح أن يخطب من صحيفة كقراءته في الصلاة من مصحف، وإن قرأ آية سجدة في أثناء الخطبة فإن شاء نزل فسجد، وإن أمكنه السجود على المنبر سجد عليه، وإن تركه فلا حرج.

([36]) أي إذا فزغ من الخطبة أقيمت الصلاة، ونزل مسرعا، من غير فصل، ولا عجلة تقبح، وعليه العمل، وقاله ابن عقيل وغيره، وصوبه غير واحد، ونظرا في الفروع الإسراع فقال: لا فرق يعني بين التؤدة والإسراع.

([37]) قاله ابن عقيل: قال القاضي: ولو قلنا من شرطها إمام، إذا كان خروجهم بتأويل سائغ، وتقدم ذكر صحتها خلف الفساق، والأئمة الجائرين والفجار.

([38]) وتقدم قول الشيخ أنه يصليها ولا يعيدها، فإن الصحابة كانوا يصلون الجمعة والجماعة خلف الأئمة الفجار، ولا يعيدون.


  #5  
قديم 6 ذو الحجة 1429هـ/4-12-2008م, 06:38 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الشرح الممتع للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

وَمِنْ سُنَنِهِمَا: أَنْ يَخْطُبَ عَلَى مِنْبَر، أَوْ مَوْضِعٍ عَالٍ، وَيُسَلِّمَ عَلَى المَأْمُومِينَ إِذَا أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يَجْلِسَ إِلَى فَرَاغِ الأَذَانِ ..........
قوله: «ومن سننهما أن يخطب على منبر» أي: من سنن الخطبتين أن يخطب على منبر، والمنبر: على وزن مفعل من النبر، وهو الارتفاع، أي: على شيء مرتفع، وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم يخطب في أول الأمر إلى جذع نخلة في مسجده، ثم صنع له منبر من خشب الغابة (الأثل) فصار يخطب عليه، ولما خطب عليه أول جمعة صاح جذع النخلة كما تصيح الإبل العشار، حتى نزل النبي صلّى الله عليه وسلّم وسكته فسكت، والناس يسمعون، وإنما كان ذلك سنة اقتداء بالنبي صلّى الله عليه وسلّم؛ ولأن ذلك أبلغ في إيصال الخطبة إلى الناس؛ لأنه إذا كان مرتفعاً سمعه الناس أكثر، وكذلك إذا كان مرتفعاً رآه الناس بأعينهم، ولا شك أن تأثر السامع إذا رأى المتكلم أكثر من تأثره وهو لا يراه، وهذا أمر مشاهد، ولهذا كان من هدي الصحابة ـ على ما ذكر ـ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا خطب استقبلوه بوجوههم؛ ليكون ذلك أبلغ في حضور القلب والانتفاع بالخطبة، قال العلماء: ينبغي أن يكون المنبر على يمين مستقبل القبلة في المحراب كما هو معمول به الآن؛ من أجل أن الإمام إذا نزل منه ينفتل عن يمينه.
قوله: «أو موضع عال» أي: إذا لم يوجد منبر، خطب على موضع مرتفع، ولو كومة من التراب، من أجل أن يبرز أمام الناس، وكما ذكرنا سابقاً؛ لأن ذلك أبلغ في الصوت، وأبلغ في التلقي عن الخطيب؛ لأن من يُشَاهَدُ يتلقى منه أكثر.
قوله: «ويسلم على المأمومين إذا أقبل عليهم» أي: يسن إذا صعد المنبر أن يتجه إلى المأمومين، ويسلم عليهم؛ لأن ذلك روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، وإن كان الحديث المرفوع فيه ضعف، لكن الأمة أجمعت على العمل به، واشتهر بينها أن الخطيب إذا جاء وصعد المنبر استقبل الناس وسلم عليهم، وهذا التسليم العام.
أما الخاص فإنه إذا دخل المسجد سلم على من يمر عليه أولاً، وهذا من السنة بناء على النصوص العامة أن الإنسان إذا أتى قوماً فإنه يسلم عليهم، فيكون إذاً للإمام سلامان:
السلام الأول: إذا دخل المسجد سلم على من يمر به.
والسلام الثاني: إذا صعد المنبر، فإنه يسلم تسليماً عاماً على جميع المصلين.
قوله: «ثم يجلس إلى فراغ الأذان» ، أي: يسن إذا سلم على المأمومين أن يجلس حتى يفرغ المؤذن، وفي هذه الحال يتابع المؤذن على أذانه؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن»، وهذا عام فينبغي للإمام وهو على المنبر أن يجيب المؤذن، وكذلك المأمومون يجيبون المؤذن، فيقولون مثل ما يقول إلا في الحيعلتين، فإنهم يقولون: لا حول ولا قوة إلا بالله.

وَيَجْلِسَ بَيْنَ الخُطْبَتَيْنِ، وَيَخْطُبَ قَائِماً، وَيَعْتَمِدَ عَلَى سَيْفٍ أَوْ قَوْسٍ، أَوْ عَصَا ......
قوله: «ويجلس بين الخطبتين» أي: يسن أن يجلس بين الخطبتين؛ لأنه ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أنه كان يجلس بين الخطبتين» ولأنه لو لم يجلس لم يتبين التمييز بينهما؛ إذ قد يظن الظان أنه سكت لعذر منعه من الكلام، لكن إذا جلس تميزت الخطبة الأولى عن الثانية.
وعلى هذا يكون للخطيب جلستان: الأولى عند شروع المؤذن في الأذان، والثانية بين الخطبتين.
قوله: «ويخطب قائماً» أي: يسن أن يخطب قائماً؛ لفعل النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ ولأن ذلك أبلغ بالنسبة للمتكلم؛ لأن القائم يكون عنده من الحماس أكثر من الجالس؛ ولأنه أبلغ أيضاً في إيصال الكلام إلى الحاضرين، لا سيما في الزمن السابق، إذ ليس فيه مكبر صوت.
قوله: «ويعتمد على سيف أو قوس أو عصا» أي: يسن أن يعتمد حال الخطبة على سيف، أو قوس، أو عصا.
واستدلوا بحديث يروى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في صحته نظر، وعلى تقدير صحته قال ابن القيم: إنه لم يحفظ عن النبي صلّى الله عليه وسلّم بعد اتخاذه المنبر أنه اعتمد على شيء.
ووجه ذلك: أن الاعتماد إنما يكون عند الحاجة، فإن احتاج الخطيب إلى اعتماد، مثل أن يكون ضعيفاً يحتاج إلى أن يعتمد على عصا فهذا سنة؛ لأن ذلك يعينه على القيام الذي هو سنة، وما أعان على سنة فهو سنة، أما إذا لم يكن هناك حاجة، فلا حاجة إلى حمل العصا.
ثم إن تعليلهم بأنه إشارة إلى أن هذا الدين قام بالسيف فيه نظر أيضاً.
فالدين لم يفتح بالسيف؛ لأن السيف لا يستعمل للدين إلا عند المنابذة، فإذا أبى الكفار أن يسلموا أو يبذلوا الجزية فإنهم يقاتلون، أما إذا بذلوا الجزية فإنهم يتركون، وهذا هو القول الذي تدل عليه الأدلة.
ثم إن المسلمين لم يفتحوا البلدان إلا بعد أن فتحوا القلوب أولاً بالدعوة إلى الإسلام، وبيان محاسنه بالقول وبالفعل، وليس كزمننا اليوم نبيّن محاسن الإسلام بالقول إن بيّناه، أما بالفعل فنسأل الله أن يوفق المسلمين للقيام بالإسلام، فإذا رأى الإنسان الأجنبي البلاد الإسلامية، ورأى ما عليه بعض المسلمين من الأخلاق التي لا تمت إلى الإسلام بصلة، من شيوع الكذب فيهم، وكثرة الغش، وتفشي الظلم والجور استغرب ذلك، ويقول: أين الإسلام؟! فالإسلام في الحقيقة إنما فتحت البلاد به، لا بالسيف، والسيف يستعمل عند الضرورة إليه، إذا لم يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، كما سبق.
وأيضاً: لا نستعمل السيف إلا بعد القدرة، أما إذا كان أعداؤنا أكثر منا بكثير وأقوى منا فإن استعمال السيف يعتبر تهوراً، ولهذا أباح الله لنا ألا نقابل أكثر من مثلينا قال تعالى: {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِئَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ *} [الأنفال] .
وفيه أيضاً: حجة للكفار حيث يقولون: إنكم أنتم أيها المسلمون فتحتم بلادنا في الأول بالقوة، لا بالدعوة.

وَيَقْصِدَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، وَيَقْصُرَ الخُطْبَةَ، وَيَدْعُوَ لِلْمُسْلِمِينَ.
قوله: «ويقصد تلقاء وجهه» أي: يسن للخطيب أن يتجه تلقاء وجهه، فلا يتجه لليمين أو لليسار، بل يكون أمام الناس؛ لأنه إن اتجه إلى اليمين أضر بأهل اليسار، وإن اتجه إلى اليسار أضر بأهل اليمين، وإن اتجه تلقاء وجهه لم يضر بأحد، والناس هم الذين يستقبلونه مع الإمكان.
فإن قال قائل: هل من السنة أن يلتفت يميناً وشمالاً؟
فالجواب: أن هذا ليس من السنة فيما يظهر، وأن الخطيب يقصد تلقاء وجهه، ومن أراده التفت إليه.
وهل من السنّة أن يحرك يديه عند الانفعال؟
الجواب: ليس من السنّة أن يحرك يديه، وإن كان بعض الخطباء بلغني أنهم يفعلون ذلك، لكن يشير في الخطبة بأصبعه عند الدعاء.
أما الخطبة التي هي غير خطبة الجمعة فقد نقول: إنه من المستحسن أن الإنسان يتحرك بحركات تناسب الجمل التي يتكلم بها، أما خطبة الجمعة فإن المغلَّب فيها التعبد، ولهذا أنكر الصحابة على بشر بن مروان حين رفع يديه في الدعاء، مع أن الأصل في الدعاء رفع اليدين، فلا يشرع فيها إلا ما جاء عن النبي صلّى الله عليه وسلّم.
قوله: «ويقصر الخطبة» أي: يسن أن يجعلها قصيرة؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مَئِنَّة من فقهه» ، فالأولى أن يقصر الخطبة؛ لأن في تقصير الخطبة فائدتين:
1 ـ ألا يحصل الملل للمستمعين؛ لأن الخطبة إذا طالت لا سيما إن كان الخطيب يلقيها إلقاءً عابراً لا يحرك القلوب، ولا يبعث الهمم فإن الناس يملون ويتعبون.
2 ـ أن ذلك أوعى للسامع أي: أحفظ للسامع؛ لأنها إذا طالت أضاع آخرها أولها، وإذا قصرت أمكن وعيها وحفظها، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: «إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه» أي: علامة ودليل على فقهه، وأنه يراعي أحوال الناس، وأحياناً تستدعي الحال التطويل، فإذا أطال الإنسان أحياناً لاقتضاء الحال ذلك، فإن هذا لا يخرجه عن كونه فقيهاً؛ وذلك لأن الطول والقصر أمر نسبي، وقد ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه كان يخطب أحياناً بسورة {ق} وسورة «ق» مع الترتيل والوقوف على كل آية تستغرق وقتاً طويلاً.
قوله: «ويدعو للمسلمين» أي: يسن أيضاً في الخطبة أن يدعو للمسلمين الرعية والرعاة؛ لأن ذلك الوقت ساعة ترجى فيه الإجابة، والدعاء للمسلمين لا شك أنه خير، فلهذا استحبوا أن يدعو للمسلمين.
ولكن قد يقول قائل: كون هذه الساعة مما ترجى فيها الإجابة، وكون الدعاء للمسلمين فيه مصلحة عظيمة موجود في عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وما وجد سببه في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم يفعله فتركه هو السنة؛ إذ لو كان شرعاً لفعله النبي صلّى الله عليه وسلّم، فلا بد من دليل خاص يدل على أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يدعو للمسلمين، فإن لم يوجد دليل خاص فإننا لا نأخذ به، ولا نقول: إنه من سنن الخطبة، وغاية ما نقول: إنه من الجائز، لكن قد روي أن النبي صلّى الله عليه وسلّم «كان يستغفر للمؤمنين في كل جمعة» ، فإن صح هذا الحديث فهو أصل في الموضوع، وحينئذٍ لنا أن نقول: إن الدعاء سنّة، أما إذا لم يصح فنقول: إن الدعاء جائز، وحينئذٍ لا يتخذ سنّة راتبة يواظب عليه؛ لأنه إذا اتخذ سنّة راتبة يواظب عليه فهم الناس أنه سنّة، وكل شيء يوجب أن يفهم الناس منه خلاف حقيقة الواقع فإنه ينبغي تجنبه.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
خطبة, سنن

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:52 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir