دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الصلاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 محرم 1430هـ/6-01-2009م, 04:00 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب صلاة الجمعة (6/21) [صفة خطيب الجمعة وما ينبغي عليه من أحوال وصفات]


وعن جابرِ بنِ عبدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قالَ: كَانَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيناهُ وعَلَا صَوْتُهُ واشْتَدَّ غَضَبُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقولُ: صَبَّحَكُم ومَسَّاكُمْ، ويقولُ: ((أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ)). رواهُ مسلِمٌ. وفي روايَةٍ له: كَانَتْ خُطبَةُ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يومَ الْجُمُعَةِ: يَحْمَدُ اللَّهُ ويُثْنِي عَلَيْهِ ثُمَّ يقولُ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ، وقد علا صَوْتُه.
وفي روايَةٍ له: ((مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ)). وللنَّسائيِّ: ((وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ)).


  #2  
قديم 11 محرم 1430هـ/7-01-2009م, 08:22 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


7/420 - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وَعَلا صَوْتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ: صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ، وَيَقُولُ: ((أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: كَانَتْ خُطْبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ: يَحْمَدُ اللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُ عَلَى أَثَرِ ذَلِكَ وَقَدْ عَلا صَوْتُهُ.
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: ((مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ)). وَلِلنَّسَائِيِّ: ((وَكُلَّ ضَلالَةٍ فِي النَّارِ)).
(وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وَعَلا صَوْتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ: صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ، وَيَقُولُ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ).
قَالَ النَّوَوِيُّ: ضَبَطْنَاهُ فِي مُسْلِمٍ بِضَمِّ الْهَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ فِيهِمَا، وَبِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِ الدَّالِ فِيهِمَا، وَفَسَّرَهُ الْهَرَوِيُّ عَلَى رِوَايَةِ الْفَتْحِ بِالطَّرِيقِ؛ أَيْ: أَحْسَنَ الطَّرِيقِ طَرِيقُ مُحَمَّدٍ. وَعَلَى رِوَايَةِ الضَّمِّ مَعْنَاهُ الدَّلالَةُ وَالإِرْشَادُ، وَهُوَ الَّذِي يُضَافُ إلَى الرُّسُلِ وَإِلَى الْقُرْآنِ، قَالَ تَعَالَى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي}، {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي}.
وَقَدْ يُضَافُ إلَيْهِ تَعَالَى وَهُوَ بِمَعْنَى اللُّطْفِ وَالتَّوْفِيقِ وَالْعِصْمَةِ: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} الآيَةَ.
(وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا). الْمُرَادُ بِالْمُحْدَثَاتِ مَا لَمْ يَكُنْ ثَابِتاً بِشَرْعٍ مِن اللَّهِ وَلا مِنْ رَسُولِهِ. (وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ) الْبِدْعَةُ لُغَةً: مَا عُمِلَ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَابِقٍ، وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا مَا عُمِلَ مِنْ دُونِ أَنْ يَسْبِقَ لَهُ شَرْعِيَّةٌ مِنْ كِتَابٍ وَلا سُنَّةٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَقَدْ قَسَّمَ الْعُلَمَاءُ الْبِدْعَةَ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ وَاجِبَةً: كَحِفْظِ الْعُلُومِ بِالتَّدْوِينِ، وَالرَّدِّ عَلَى الْمَلاحِدَةِ بِإِقَامَةِ الأَدِلَّةِ. وَمَنْدُوبَةً: كَبِنَاءِ الْمَدَارِسِ. وَمُبَاحَةً: كَالتَّوْسِعَةِ فِي أَلْوَانِ الأَطْعِمَةِ وَفَاخِرِ الثِّيَابِ. وَمُحَرَّمَةً وَمَكْرُوهَةً: وَهُمَا ظَاهِرَانِ، فَقَوْلُهُ: كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ، عَامٌّ مَخْصُوصٌ.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْخَطِيبِ أَنْ يَرْفَعَ بِالْخُطْبَةِ صَوْتَهُ، وَيُجْزِلَ كَلامَهُ، وَيَأْتِيَ بِجَوَامِع الْكَلِمِ مِن التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ، وَيَأْتِيَ بِقَوْلِهِ: أَمَّا بَعْدُ. وَقَدْ عَقَدَ الْبُخَارِيُّ بَاباً فِي اسْتِحْبَابِهَا، وَذَكَرَ فِيهِ جُمْلَةً مِن الأَحَادِيثِ.
وَقَدْ جَمَعَ الرِّوَايَاتِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ " أَمَّا بَعْدُ " لِبَعْضِ الْمُحَدِّثِينَ، وَأَخْرَجَهَا عَن اثْنَيْنِ وَثَلاثِينَ صَحَابِيًّا. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلازِمُهَا فِي جَمِيعِ خُطَبِهِ، وَذَلِكَ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَالتَّشَهُّدِ كَمَا تُفِيدُهُ الرِّوَايَةُ الْمُشَارُ إلَيْها بِقَوْلِهِ: (وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ)؛ أَيْ: لِمُسْلِمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ.
(كَانَتْ خُطْبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَحْمَدُ اللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ عَلَى أَثَرِ ذَلِكَ وَقَدْ عَلا صَوْتُهُ). حُذِفَ الْمَقُولُ اتِّكَالاً عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ قَوْلُهُ: ((أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ)) إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ.
وَلَمْ يَذْكُر الشَّهَادَةَ اخْتِصَاراً؛ لِثُبُوتِهَا فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ. فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((كُلُّ خُطْبَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَشَهُّدٌ فَهِيَ كَالْيَدِ الْجَزْمَاءِ)).
وَفِي دَلائِلِ النُّبُوَّةِ لِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعاً حِكَايَةً عَن اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ((وَجَعَلْتُ أُمَّتَكَ لا يَجُوزُ لَهُمْ خُطْبَةٌ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّكَ عَبْدِي وَرَسُولِي))، وَكَانَ يَذْكُرُ فِي تَشَهُّدِهِ نَفْسَهُ بِاسْمِهِ الْعَلَمِ.
(وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ)، أَيْ: لِمُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ: (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ)؛ أَيْ: أَنَّهُ يَأْتِي بِهَذِهِ الأَلْفَاظِ بَعْدَ: أَمَّا بَعْدُ.
(وَلِلنَّسَائِيِّ)؛ أَيْ: عَنْ جَابِرٍ، (وَكُلَّ ضَلالَةٍ فِي النَّارِ)؛ أَيْ: بَعْدَ قَوْلِهِ: ((كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ)) كَمَا هُوَ فِي النَّسَائِيِّ، وَاخْتَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالْمُرَادُ صَاحِبُهَا.
وَكَانَ يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ فِي خُطْبَتِهِ قَوَاعِدَ الإِسْلامِ وَشَرَائِعَهُ وَيَأْمُرُهُمْ وَيَنْهَاهُمْ فِي خُطْبَتِهِ إذَا عَرَضَ لَهُ أَمْرٌ أَوْ نَهْيٌ، كَمَا أَمَرَ الدَّاخِلَ وَهُوَ يَخْطُبُ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ، وَيَذْكُرُ مَعَالِمَ الشَّرَائِعِ فِي الْخُطْبَةِ، وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَالْمَعَادَ، وَيَأْمُرُ بِتَقْوَى اللَّهِ وَيُحَذِّرُ مِنْ غَضَبِهِ، وَيُرَغِّبُ فِي مُوجِبَاتِ رِضَاهُ.
وَقَدْ وَرَدَ قِرَاءَةُ آيَةٍ فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ: كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَتَانِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا؛ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَيُذَكِّرُ النَّاسَ وَيُحَذِّرُ. وَظَاهِرُهُ مُحَافَظَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا ذَكَرَ فِي الْخُطْبَةِ وَوُجُوبُ ذَلِكَ؛ لأَنَّ فِعْلَهُ بَيَانٌ لِمَا أُجْمِلَ فِي آيَةِ الْجُمُعَةِ.
وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)). وَقَدْ ذَهَبَ إلَى هَذَا الشَّافِعِيُّ. وَقَالَت الْهَادَوِيَّةُ: لا يَجِبُ فِي الْخُطْبَةِ إلاَّ الْحَمْدُ وَالصَّلاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخُطْبَتَيْنِ جَمِيعاً.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَكْفِي: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلا إلَهَ إلاَّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ. وَقَالَ مَالِكٌ: لا يُجْزِي إلاَّ مَا يُسَمَّى خُطْبَةً.


  #3  
قديم 11 محرم 1430هـ/7-01-2009م, 08:23 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


367 - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وَعَلا صَوْتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ، يَقُولُ: ((صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ)). وَيَقُولُ: ((أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: كانتْ خُطْبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ: يَحْمَدُ اللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ، وَقَدْ عَلا صَوْتُهُ.
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ.
وَلِلنَّسَائِيِّ: ((وَكُلَّ ضَلالَةٍ فِي النَّارِ)).
ــ
دَرَجَةُ الْحَدِيثِ:
الْقَسَمُ الأَوَّلُ فِي (مُسْلِمٍ)، أَمَّا زِيَادَةُ: ((وَكُلَّ ضَلالَةٍ فِي النَّارِ)). مِنْ زِيَادَةِ النَّسَائِيِّ فَفِي سَنَدِهَا: جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَاشِمِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَأَخَذَ الْحَدِيثَ وِجَادَةً، وَلِهَذَا نَفَى الشَّيْخُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ هَذِهِ الزيادةَ، فَقَالَ فِي (مَجْمُوعِ الْفَتَاوَى) (19 /191): وَلَمْ يَقُلْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((وَكُلَّ ضَلالَةٍ فِي النَّارِ)).
مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
خَطَبَ: يَخْطُبُ ـ مِنْ بَابِ قَتَلَ ـ خُطْبَةً، بِضَمِّ الخاءِ، جَمْعُهَا: خُطَبٌ، وَهِيَ فُعْلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ، كَنُسْخَةٍ بِمَعْنَى مَنْسُوخَةٍ، وَهِيَ الْكَلامُ المُؤَلَّفُ المُتَضَمِّنُ وَعْظاً وَإِبْلاغاً.
احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ: هَذِهِ حالاتٌ تَعْتَرِي الخطيبَ الناصِحَ المُتَحَمِّسَ.
عَلا صَوْتَهُ: ارْتَفَعَ؛ لِيَكُونَ لِكَلامِهِ وَقْعٌ وَتَأْثِيرٌ بِالْمُسْتَمِعِينَ.
اشْتَدَّ غَضَبُهُ: قَوِيَ وَزَادَ، وَالغَضَبُ استجابةٌ للانْفِعَالِ.
كَأَنَّهُ مُنْذِرُ: الإنذارُ: الإِخْبَارُ مَعَ التخويفِ، فالمُنْذِرُ: هُوَ المُخْبِرُ بِتَحْذِيرٍ.
صَبَّحَكُمْ: مِنْ بَابِ التفعيلِ؛ أَيْ: نَزَلَ بِكُم الْعَدُوُّ صَبَاحاً وَمَسَاءً.
أَمَّا بَعْدُ: (أَمَّا) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَدَاةُ تَفْصِيلٍ، و(بَعْدُ) ظَرْفٌ مُبْهَمٌ، مَقْطُوعٌ عَن الإضافةِ، مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ، وَيُؤْتَى بِـ (أَمَّا بَعْدُ) للفَصْلِ والانْتِقَالِ منْ موضوعٍ إِلَى آخَرَ، وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهَا هِيَ فَصْلُ الْخِطَابِ الَّتِي فِي الآيَةِ: {وَأَتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} [ص: 20]. وَاخْتَلَفُوا فِي أَوَّلِ مَنْ قَالَهَا، فَقِيلَ: النَّبِيُّ دَاوُدُ. وَقِيلَ: قُسُّ بْنُ سَاعِدَةَ. وَقِيلَ: كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ.وَقِيلَ: يَعْرُبُ بْنُ قَحْطَانَ.
هَدْيُ مُحَمَّدٍ: ضُبِطَ بِضَمِّ الْهَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ: الدلالةَ والإرشادَ، وَضُبِطَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِ الدَّالِ، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ: أَحْسَنُ الطُّرُقِ طَرِيقُ مُحَمَّدٍ.
مُحْدَثَاتُهَا:أَيْ: مُخْتَرَعَاتُهَا، مِمَّا لَمْ يَكُنْ ثَابِتاً بِشَرْعٍ مِنَ اللَّهِ، وَلا مِنْ رَسُولِهِ، وَالْمُرَادُ بِهِ البِدَعُ فِي الدِّينِ.
بِدْعَةٌ: قَالَ الشَّاطِبِيُّ: أَصْلُ مَادَّةِ بَدَعَ للاختراعِ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَابِقٍ، وَمِنْ هَذَا سُمِّيَ الْعَمَلُ الَّذِي لا دَلِيلَ عَلَيْهِ مِنَ الشَّرْعِ بِدْعَةً، وَسَيَأْتِي البَحْثُ عَنْهَا بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ضَلالَةٌ: الضَّلالَةُ هِيَ ضِدُّ الْهِدَايَةِ، قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الرعد: 23].
مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
الْحَدِيثُ فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ خُطْبَتَيِ الْجُمُعَةِ.
قَالَ فِي (الحاشيةِ): وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ صَلاةِ الْجُمُعَةِ تَقَدُّمُ خُطْبَتَيْنِ وِفَاقاً لِمَالِكٍ والشَّافِعِيِّ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ.
وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ إِجْمَاعاً، وَمَشْرُوعِيَّتُهُمَا مِمَّا اسْتَفَاضَتْ بِهِ السُّنَّةُ.
الْحَدِيثُ فِيهِ صِفَةُ الخطيبِ، وَمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ عِنْدَ إِلْقَاءِ الخطبةِ منْ أحوالٍ وصفاتٍ، تَرْجِعُ إِلَى إثارةِ الحماسِ والانفعالِ، الَّذِي يَسْرِي مِنْ نَفْسِ الخطيبِ إِلَى نفوسِ السَّامِعِينَ، فَيُنَبِّهُهُمْ وَيُوقِظُ ضَمَائِرَهُمْ، وَيُلْهِبُ شُعُورَهُمْ، وَيُحَرِّكُ قُلُوبَهُمْ نَحْوَ الإقبالِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بالطاعاتِ، والابتعادِ عَمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مِنَ المَعَاصِي.
فَمِنْ ذَلِكَ أَنْ:
تَحْمَرَّ عَيْنَاهُ، وَذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى الْغَضَبِ والانفعالِ.
يَعْلُوَ صَوْتُهُ؛ لِيَصِلَ إِلَى مَسَامِعِهِمْ، وَلِيَهُزَّ قُلُوبَهُمْ.
يَشْتَدَّ غَضَبُهُ؛ لِيُوقِظَ حَمَاسَهُم وَيُثِيرَ شُعُورَهُم بِحَمَاسِهِ، وَثَوْرَتِهِ وَهَيَجَانِهِ، وَانْفِعَالِهِ حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ أَحَاطَ بالبلادِ، وَيُوشِكُ أَنْ يُصَبِّحَهُمْ، أَوْ يُمَسِّيَهُمْ؛ لِيَسْتَوْلِيَ عَلَى بِلادِهِم، فَيَفْتِكَ بِهِمْ، وَيَسْبِيَ نِسَاءَهُمْ، وَيَسْتَرِقَّ ذَرَارِيَّهُمْ، وَيَسْلُبَ أَمْوَالَهُمْ.
3 - وَكَانَ مِمَّا يَحُثُّ عَلَيْهِ فِي الخطبةِ هُوَ الْعَمَلُ بِكِتَابِ اللَّهِ، الَّذِي لا يَأْتِيهِ الباطلُ منْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ، وَالْحَثُّ عَلَى سُنَّةِ وَهَدْيِ رسولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الَّذِي هُوَ صِنْوُ الْكِتَابِ فِي الهدايةِ، والدلالةِ عَلَى الْخَيْرِ.
قَالَ ابْنُ القَيِّمِ: مَقْصُودُ الخطبةِ هُوَ الثناءُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَتَمْجِيدُهُ بالشهادةِ لَهُ بِالْوَحْدَانِيَّةِ، وَلِرَسُولِهِ بالرسالةِ، وَتَذْكِيرُ الْعِبَادِ بِأَيَّامِهِ وَتَحْذِيرُهُم منْ بَأْسِهِ وَنِقْمَتِهِ، وَوَصِيَّتُهُمْ بِمَا يُقَرِّبُهُمْ إِلَيْهِ وَإِلَى جَنَّاتِهِ، وَنَهْيُهُمْ عَمَّا يُقَرِّبُهُمْ منْ سَخَطِهِ وَنَارِهِ.
وَزَادَ ابْنُ القَيِّمِ بِقَوْلِهِ: إِنَّمَا كَانَتْ خطبةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقْرِيراً لأصولِ الإِيمَانِ بِاللَّهِ، وملائكتِهِ، وكُتُبِهِ، ورُسُلِهِ، وَلِقَائِهِ، وَذِكْرِ الْجَنَّةِ والنارِ، وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لأَوْلِيَائِهِ وَأَهْلِ طَاعَتِهِ، وَمَا أَعَدَّ لأعدائِهِ، وَأَهْلِ مَعْصِيَتِهِ.
4 - كَانَ يَنْهَى عَن الابتداعِ فِي الدِّينِ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، فَقَدْ أَكْمَلَ اللَّهُ الدِّينَ وَأَتَمَّ نِعْمَتَهُ عَلَى عِبَادِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَذْكُرُ أَنَّ أَيَّةَ بِدْعَةٍ فَهِيَ ضلالةٌ، وَأَنَّ كُلَّ ضلالةٍ سَبَبٌ فِي دخولِ النَّارِ؛ ذَلِكَ أَنَّ الضالَّ الَّذِي يَرَى أَنَّهُ مُهْتَدٍ أَصْعَبُ أَمْراً مِنَ الْعَاصِي، الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّهُ يَعْصِي اللَّهَ تَعَالَى، فَالأَوَّلُ يَبْعُدُ رُجُوعُهُ عَنْ ضَلالَتِهِ وَبِدْعَتِهِ، أَمَّا الثَّانِي فَهُنَاكَ أَمَلٌ كَبِيرٌ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالتَّوْبَةِ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَعَاصِي.
5 - وَقَوْلُهُ:((وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ)) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ تقسيمَ البدعةِ إِلَى بدعةٍ حسنةٍ وبدعةٍ سَيِّئَةٍ لا يَصِحُّ، بَل البدعةُ كُلُّهَا ضلالةٌ، أَيًّا كَانَتْ.
6 - وَذَكَرَ فِي الروايةِ الأُخْرَى: أَنَّ مِنْ أَدَبِ الخُطْبَةِ افْتِتَاحَهَا بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى والثناءِ عَلَيْهِ؛ لأَنَّ الْكَلامَ الَّذِي لا يَبْدَأُ بِحَمْدِ اللَّهِ فَهُوَ مَنْزُوعُ الْبَرَكَةِ، وَأَنَّ الهدايةَ وَالتَّوْفِيقَ بِيَدِ اللَّهِ تَعَالَى، وأنَّ ضَلالَ الْعَبْدِ بِتَدْبِيرِهِ، فَلا يَخْرُجُ شَيْءٌ عَنْ قُدْرَتِهِ وَإِرَادَتِهِ، فَكُلُّهُ رَاجِعٌ إِلَى تَدْبِيرِ الْحَكِيمِ، وَالإرادةِ الْعَالِيَةِ.
7 - قَالَ الْبَغَوِيُّ: يُسْتَحَبُّ خَتْمُ الخطبةِ بِقَوْلِهِ: (أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ). وَعَمَلُ الأكثرِ عَلَيْهِ.
قَالَ فِي (الرَّوْضِ): وَيُبَاحُ الدُّعَاءُ لِمُعَيَّنٍ كَسُلْطَانٍ، فَقَدْ دَعَا أَبُو مُوسَى لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
قَالَ الإمامُ أَحْمَدُ: لَوْ كَانَ لَنَا دعوةٌ مُسْتَجَابَةٌ لَدَعَوْنَا بِهَا للسلطانِ؛ لأَنَّ فِي صلاحِهِ صلاحَ الْمُسْلِمِينَ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: الدُّعَاءُ لأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَوُلاةِ أُمُورِهِم بالصلاحِ والإعانةِ عَلَى الْحَقِّ ونحوِ ذَلِكَ ـ مُسْتَحَبٌّ بالاتِّفَاقِ.
8 - يَنْبَغِي للخَطِيبِ وَغَيْرِهِ مِنَ الدَّاعِينَ لِوُلاةِ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ أَلاَّ يَخُصَّ بِقَلْبِهِ
السُّلْطَةَ الْعُلْيَا فِيهِمْ فَقَطْ، وَإِنَّمَا يُعِمُّ الدُّعَاءَ لِكُلِّ مَنْ وَلِيَ أَمْراً مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، سَوَاءٌ مِنْهُم الْمقاماتُ الْعَالِيَةُ، أَوْ مَنْ تَحْتَهُمْ: مِنْ وُزَرَاءٍ، وَمُدِيرِينَ، وَرُؤَسَاءِ أَقْسَامٍ، وَأَهَمُّ مِنْ ذَلِكَ الدُّعَاءُ لِعُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَقُضَاتِهِمْ، فَإِنَّ صلاحَ الرَّعِيَّةِ هُوَ بِصَلاحِ مُلُوكِهَا وَعُلَمَائِهَا، وَفَسَادَهَا بِضِدِّ ذَلِكَ.
9 - يَنْبَغِي لِلْخَطِيبِ وَالإمامِ وَنَحْوِهِمَا أَنْ لا يُلازِمَا الأَحْكَامَ المُسْتَحَبَّةَ فِي كُلِّ صَلاةٍ، أَوْ فِي كُلِّ خطبةٍ؛لأنَّ الْعَامَّةَ يَعْتَقِدُونَ إِنَّ هَذَا الْعَمَلَ وَاجِبٌ، لا يَجُوزُ الإخلالُ بِهِ، وَلَكِنِ الأفضلُ هُوَ تَرْكُهُ فِي بَعْضِ الأحيانِ؛ لِيَكُونَ ذَلِكَ تَعْلِيماً.
10 - هَذَا الوصفُ البليغُ منْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لحالةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أثناءَ إِلْقَاءِ خُطْبَتِهِ ـ نَفْهَمُ مِنْهُ آدابَ الخَطِيبِ، الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ يَتَّصِفَ بِهَا، عِنْدَمَا يَقُومُ فِي النَّاسِ خَطِيباً.
11 - أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ القدرةُ عَلَى إقناعِ السَّامِعِينَ بِالرَّأْيِ الَّذِي يَدْعُو إِلَيْهِ بِمَا يُبْدِيهِ مِنَ الحُجَجِ وَالبَيِّنَاتِ.
12 - أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ الموهبةُ التامَّةُ لاستمالةِ السَّامِعِينَ إِلَى الإصغاءِ إِلَيْهِ، والقناعةِ بِمَا يَدْعُو إِلَيْهِ.
13 - أَنْ يَدُورَ مِحْوَرُ خُطْبَتِهِ عَلَى إثارةِ المشاعرِ لِفِعْلِ الْخَيْرِ، وَتَجَنُّبِ الشَّرِّ، وَتَوْجِيهِ النُّفُوسِ نَحْوَ اللَّهِ تَعَالَى، فَيُحَاوِلُ رَفْعَ نُفُوسِ السَّامِعِينَ، وَيَسْمُو بِهَا مِنْ حقارةِ الدُّنْيَا، فَيَرْبِطُهَا بِمَا أَعَدَّ اللَّهُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ من الثَّوَابِ؛ فَنُفُوسُ السَّامِعِينَ فِي أماكنِ العبادةِ أَكْثَرُ اسْتِعْدَاداً لِقَبُولِ مَا يُلْقِيهِ الخطيبُ، وأكثرُ تَأَثُّراً بِمَا تَسْمَعُهُ مِنْهُ.
14 - أَنْ يُوَحِّدَ مَوْضُوعَ الخطبةِ، فَلا يَشْغَلُ أَفْكَارَ السَّامِعِينَ بالانتقالِ منْ موضوعٍ لآخَرَ، بِمَا يُفْتِرُ حَمَاسَهُمْ وَيُخْمِدُ نُفُوسَهُمْ.
15 - أَنْ تَكُونَ الخُطْبَةُ فِيمَا يَهْتَمُّ بِهِ السامعونَ، مِنَ المواضيعِ الَّتِي تَشْغَلُ بَالَهُمْ، وَتُثِيرُ اهْتِمَامَهُمْ، وَتُرَدِّدُهَا أَلْسِنَتُهُمْ؛ فَإِنَّهُمْ لَهَا أَسْمَعُ، وَإِلَيْهَا أَقْبَلُ، وَبِهَا أَعْرَفُ.
16 - أَنْ يَكُونَ فِي إِلْقَائِهِ مُتَحَمِّساً، ثَائِراً، مُنْذِراً، وَمُحَذِّراً وَمُبَشِّراً، وَأَنْ يُلْقِيَ خُطْبَتَهُ بِفِقْرَاتٍ جَزِلَةٍ، يَظْهَرُ فِيهَا التكرارُ، وَاسْتِعْمَالُ المترادفاتِ، وَضَرْبُ الأمثالِ، وَتَضْمِينُ الآيَاتِ وَالأَحَادِيثِ، وَيَكُونَ تَارَةً مُسْتَفْهِماً، وَأُخْرَى مُنْكِراً، وَثَالِثَةً مُتَعَجِّباً.
فالأسلوبُ الخَطَابِيُّ لَهُ أَدَاؤُهُ الخاصُّ، وَالخطيبُ لَهُ مَوْقِفُهُ المُثِيرُ؛ حَتَّى يَسْرِيَ ذَلِكَ فِي السَّامِعِينَ، وَيُؤَثِّرَ فِيهِمْ، وَيَصْدُرُونَ وَهُمْ أَكْثَرُ قَنَاعَةً وَقَبُولاً لِمَا سَمِعُوا.
فَائِدَةٌ:
قَالَ الشَّاطِبِيُّ: أَصْلُ مادةِ (بَدَعَ) للاختراعِ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَابِقٍ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [الْبَقَرَة]؛ أَيْ: مُحْدِثُهُمَا منْ غَيْرِ مِثَالٍ سَابِقٍ.
فَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى سُمِّيَ الْعَمَلُ الَّذِي لا دَلِيلَ عَلَيْهِ من الشَّرْعِ (بِدْعَةً)، وَالفاعلُ لَهُ (مُبْتَدِعاً) فالبدعةُ إِذَنْ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ طريقةٍ فِي الدِّينِ مُخْتَرَعَةٍ، تُضَاهِي الشريعةَ، يُقْصَدُ بالسلوكِ عَلَيْهَا المبالغةُ فِي التَّعَبُّدِ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ.
والبِدْعَةُ: حَقِيقِيَّةٌ، وَإِضَافِيَّةٌ.
فَالبدعةُ الحَقِيقِيَّةُ هِيَ الَّتِي لا يَدُلُّ عَلَيْهَا دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ، وَإِنْ زَعَمَ المُبْتَدِعُ أَنَّ مَا ابْتَدَعَهُ دَاخِلٌ تَحْتَ مُقْتَضَى الأَدِلَّةِ، لَكِنَّهَا دَعْوَى غَيْرُ صَحِيحَةٍ، مِنْ ذَلِكَ:
1 - تَحْكِيمُ الْعَقْلِ، وَرَفْضُ النصوصِ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى.
2 - قَوْلُ الْكُفَّارِ: إِنَّمَا البَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا.
3 - صَلاةٌ بِرُكُوعَيْنِ وَسُجُودٍ وَاحِدٍ.
4 - صَلاةٌ مَبْدُوءَةٌ بالتسليمِ مختومةٌ بالتكبيرِ.
5 - صَلاةٌ يُتَشَهَّدُ فِي قِيَامِهَا، وَيُقْرَأُ فِي سُجُودِهَا وَرُكُوعِهَا.
6 - السَّعْيُ بَيْنَ جَبَلَيْنِ غَيْرَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ بَدَلَهُمَا.
وَأَمَّا البدعةُ الإِضَافِيَّةُ: فَهِيَ الَّتِي لَهَا شَائِبَتَانِ.
إِحْدَاهُمَا: لَهَا مِن الأَدِلَّةِ تَعَلُّقٌ، إِذْ إِنَّ دَلِيلَهَا منْ جِهَةِ الأَصْلِ قَائِمٌ.
الثَّانِيَةُ: لَيْسَ لَهَا تَعَلُّقٌ، إِذْ إِنَّهَا منْ جِهَةِ الكَيْفِيَّاتِ وَالأحوالِ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهَا دَلِيلٌ، مَعَ أَنَّهَا مُحْتَاجَةٌ إِلَيْهِ؛ لأَنَّ وُقُوعَهَا فِي التَّعَبُّدَاتِ، لا فِي العاداتِ المحضةِ، وَلَهَا أَمْثِلَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا.
1 - صَلاةُ الرَّغَائِبِ: وَهِيَ اثْنَتَا عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي أَوَّلِ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ منْ رَجَبٍ، قَالَ الْعُلَمَاءُ: إِنَّهَا بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ.
2 - صَلاةُ لَيْلَةِ النصفِ منْ شَعْبَانَ، وَوَجْهُ كَوْنِهَا بِدْعَةً إِضَافِيَّةً أَنَّهَا مَشْرُوعَةٌ باعْتِبَارِ مَشْرُوعِيَّةِ الصَّلاةِ، وَغَيْرُ مَشْرُوعَةٍ باعتبارِ مَا عَرَضَ لَهَا من التزامِ الوقتِ المخصوصِ، وَالكَيْفِيَّةِ المخصوصةِ، فَهِيَ مَشْرُوعَةٌ باعتبارِ ذَاتِهَا، مُبْتَدَعَةٌ بِاعْتِبَارِ مَا عَرَضَ لَهَا.
قَالَ النَّوَوِيُّ: صَلاةُ رجبٍ وَشَعْبَانَ بِدْعَتَانِ قَبِيحَتَانِ مَذْمُومَتَانِ.
وَقَالَ فِي (شرحِ الإحياءِ): بِدْعَتَانِ مَوْضُوعَتَانِ مُنْكَرَتَانِ قَبِيحَتَانِ، وَلا تَغْتَرَّ بِذِكْرِهِمَا فِي كِتَابِ (القوتِ) وَكِتَابِ (الإحياءِ)، وَلَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يَسْتَدِلَّ عَلَى شَرْعِيَّتِهِمَا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الصَّلاةُ خَيْرُ مَوْضُوعٍ)). فَإِنَّ ذَاكَ يَخْتَصُّ لصلاةٍ لا تُخَالِفُ الشَّرْعَ بِوَجْهٍ.
قَرَارُ المَجْمَعِ الفِقْهِيِّ الإِسْلامِيِّ بِشَأْنِ خطبةِ الْجُمُعَةِ وَالعِيدَيْنِ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ:
الحمدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى مَنْ لا نَبِيَّ بَعْدَهُ، سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً، أَمَّا بَعْدُ.
فَإِنَّ مَجْلِسَ المجمعِ الفقهِيِّ الإسلاميِّ قَدْ نَظَرَ فِي السُّؤَالِ المُحَالِ إِلَيْهِ حَوْلَ الخلافِ الْقَائِمِ بَيْنَ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ فِي الهندِ، بِشَأْنِ جوازِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ باللُّغَةِ المَحَلِّيَّةِ غَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ، أَوْ عَدَمِ جَوَازِهَا؛ لأَنَّ هُنَاكَ مَنْ يَرَى عَدَمَ الجوازِ، بِحُجَّةِ أَنَّ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ تَقُومُ مَقَامَ رَكْعَتَيْنِ منْ صَلاةِ الفرضِ، وَيَسْأَلُ السَّائِلُ أيضاً: هَلْ يَجُوزُ استخدامُ مُكَبِّرِ الصَّوْتِ فِي أداءِ الخطبةِ، أَوْ لا يَجُوزُ، وأنَّ بَعْضَ طلبةِ الْعِلْمِ يُعْلِنُ عَدَمَ جوازِ استخدامِهِ، بِمَزَاعِمَ وَحُجَجٍ وَاهِيَةٍ، وَقَدْ قَرَّرَ مَجْلِسُ المَجْمَعِ بَعْدَ اطِّلاعِهِ عَلَى آراءِ فُقَهَاءِ المذاهبِ.
1 - أَنَّ الرَّأْيَ الأَعْدَلَ الَّذِي يَخْتَارُهُ هُوَ أَنَّ اللُّغَةَ الْعَرَبِيَّةَ فِي أداءِ خطبةِ الْجُمُعَةِ والعيدَيْنِ ـ فِي غَيْرِ الْبِلادِ الناطقةِ بالعربيَّةِ ـ لَيْسَتْ شَرْطاً لِصِحَّتِهَا، وَلَكِنَّ الأَحْسَنَ أَدَاءُ مُقَدِّمَاتِ الخطبةِ، وَمَا تَتَضَمَّنُهُ منْ آيَاتٍ قُرْآنِيَّةٍ باللغةِ الْعَرَبِيَّةِ، لِتَعْوِيدِ غَيْرِ الْعَرَبِ عَلَى سَمَاعِ الْعَرَبِيَّةِ والقرآنِ، مِمَّا يُسَهِّلُ عَلَيْهِمْ تَعَلُّمَهَا، وَقِرَاءَةَ الْقُرْآنِ باللغةِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا، ثُمَّ يُتَابِعُ الخطيبَ، مَا يَعِظُهُمْ، وَيُنَوِّرُهُمْ بِهِ بِلُغَتِهِمُ الَّتِي يَفْهَمُونَهَا.
2 - أَنَّ استخدامَ مُكَبِّرِ الصَّوْتِ فِي أداءِ خطبةِ الْجُمُعَةِ والعيدَيْنِ، وَكَذَا الْقِرَاءَةُ فِي الصَّلاةِ، وَتَكْبِيرَاتُ الانتقالِ ـ لا مَانِعَ مِنْهُ شرعاً، بَلْ إِنَّهُ يَنْبَغِي اسْتِعْمَالُهُ فِي المساجدِ الكبيرةِ المُتَبَاعِدَةِ الأطرافِ؛ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ من المصالحِ الشَّرْعِيَّةِ،
فَكُلُّ أَدَاةٍ حَدِيثَةٍ وَصَلَ إِلَيْهَا الإِنْسَانُ بِمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ، وَسَخَّرَ لَهُ منْ وَسَائِلَ، إِذَا كَانَتْ تَخْدُمُ غَرَضاً شَرْعِيًّا، أَوْ وَاجِبَاتِ الإِسْلامِ، وَتُحَقِّقُ فِيهِ من النجاحِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ دُونَهَا ـ تُصْبِحُ مطلوبةً بِقَدْرِ دَرَجَةِ الأَمْرِ الَّذِي تَخْدُمُهُ وَتُحَقِّقُهُ من المَطَالِبِ الشَّرْعِيَّةِ، وَفْقاً للقاعدةِ الأُصُولِيَّةِ المعروفةِ، وَهِيَ أَنَّ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ تَحْقِيقُ الواجبِ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ هُوَ المُوَفِّقُ.
وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, صلاة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:07 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir