4/417 - وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْطُبُ قَائِماً، فَجَاءَتْ عِيرٌ مِن الشَّامِ، فَانْفَتَلَ النَّاسُ إلَيْهَا، حَتَّى لَمْ يَبْقَ إلاَّ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْطُبُ قَائِماً، فَجَاءَتْ عِيرٌ): بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ فَرَاءٍ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: الْعِيرُ الإِبِلُ بِأَحْمَالِهَا، (مِن الشَّامِ فَانْفَتَلَ) بِالنُّونِ السَّاكِنَةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ فَمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ؛ أَي: انْصَرَفَ، (النَّاسُ إلَيْهَا، حَتَّى لَمْ يَبْقَ)؛ أَيْ: فِي الْمَسْجِدِ، (إلاَّ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً. رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُشْرَعُ فِي الْخُطْبَةِ أَنْ يَخْطُبَ قَائِماً، وَأَنَّهُ لا يُشْتَرَطُ لَهَا عَدَدٌ مُعَيَّنٌ كَمَا قِيلَ: إنَّهُ يُشْتَرَطُ لَهَا أَرْبَعُونَ رَجُلاً، وَلا مَا قِيلَ: إنَّ أَقَلَّ مَا تَنْعَقِدُ بِهِ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً كَمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ؛ لأَنَّهُ لا دَلِيلَ أَنَّهَا لا تَنْعَقِدُ بِأَقَلَّ. وَهَذِهِ الْقِصَّةُ هِيَ الَّتِي نَزَلَتْ فِيهَا الآيَةُ: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً} الآيَةَ.
وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: إنَّهُ رَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي مَرَاسِيلِهِ، أَنَّ خُطْبَتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي انْفَضُّوا عَنْهَا إنَّمَا كَانَتْ بَعْدَ صَلاةِ الْجُمُعَةِ، وَظَنُّوا أَنَّهُ لا شَيْءَ عَلَيْهِمْ فِي الانْفِضَاضِ عَن الْخُطْبَةِ، وَأَنَّهُ قَبْلَ هَذِهِ الْقِصَّةِ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْخُطْبَةِ.
قَالَ الْقَاضِي: وَهَذَا أَشْبَهُ بِحَالِ أَصْحَابِهِ، وَالْمَظْنُونُ بِهِمْ مَا كَانُوا يَدَعُونَ الصَّلاةَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنَّهُمْ ظَنُّوا جَوَازَ الانْصِرَافِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الصَّلاةِ.