دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الصلاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 محرم 1430هـ/6-01-2009م, 02:35 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب صلاة الجمعة (1/21) [النهي الشديد عن ترك صلاة الجمعة والوعيد الأكيد لمن تركها]


بابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

عن عبدِ اللَّهِ بنِ عمرَ، وأبي هُرَيْرةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم، أنهما سَمِعَا رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يقولُ عَلَى أعوادِ مِنْبَرِهِ: ((لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدَعِهِمُ الْجُمُعَاتِ أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونَنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ)). رواهُ مسلِمٌ.


  #2  
قديم 11 محرم 1430هـ/7-01-2009م, 08:16 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


بَابُ الْجُمُعَةِ

بِضَمِّ الْمِيمِ، وَفِيهَا الإِسْكَانُ وَالْفَتْحُ؛ مِثْلُ: هُمَزَةٍ وَلُمَزَةٍ، وَكَانَتْ تُسَمَّى فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْعَرُوبَةَ.
أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ؛ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ)).
1/414- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى أَعْوَادِ مِنْبَرِهِ: ((لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الْجُمُعَاتِ، أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِن الْغَافِلِينَ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهم، أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى أَعْوَادِ مِنْبَرِهِ)؛ أيْ: مِنْبَرِهِ الَّذِي مِنْ عُودٍ لا عَلَى الَّذِي كَانَ مِن الطِّينِ، وَلا عَلَى الْجِذْعِ الَّذِي كَانَ يَسْتَنِدُ إلَيْهِ، وَهَذَا الْمِنْبَرُ عُمِلَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَةَ سَبْعٍ.
وَقِيلَ: سَنَةَ ثَمَانٍ، عَمِلَهُ لَهُ غُلامُ امْرَأَةٍ مِن الأَنْصَارِ كَانَ نَجَّاراً، وَاسْمُهُ عَلَى أَصَحِّ الأَقْوَالِ: مَيْمُونٌ. كَانَ عَلَى ثَلاثِ دَرَجٍ، وَلَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ حَتَّى زَادَهُ مَرْوَانُ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ سِتَّ دَرَجٍ مِنْ أَسْفَلِهِ، وَلَهُ قِصَّةٌ فِي زِيَادَتِهِ، وَهِيَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إلَيْهِ أَنْ يَحْمِلَهُ إلَى دِمَشْقَ، فَأَمَرَ بِهِ فَقُلِعَ، فَأَظْلَمَت الْمَدِينَةُ.
فَخَرَجَ مَرْوَانُ فَخَطَبَ فَقَالَ: إِنَّمَا أَمَرَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ أَرْفَعَهُ، ففَعَلَ ذلكَ وَقَالَ: إنَّمَا زِدْتُ عَلَيْهِ لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ. وَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى احْتَرَقَ الْمَسْجِدُ النَّبَوِيُّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ فَاحْتَرَقَ.
(لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمْ): بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ؛ أيْ: تَرْكِهِم، (الْجُمُعَاتِ أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ): الْخَتْمُ الاسْتِيثَاقُ مِن الشَّيْءِ بِضَرْبِ الْخَاتَمِ عَلَيْهِ كَتْماً لَهُ وَتَغْطِيَةً؛ لِئَلاَّ يُتَوَصَّلَ إلَيْهِ، وَلا يُطَّلَعَ عَلَيْهِ، شُبِّهَت الْقُلُوبُ بِسَبَبِ إعْرَاضِهِمْ عَن الْحَقِّ وَاسْتِكْبَارِهِمْ عَنْ قَبُولِهِ وَعَدَمِ نُفُوذِ الْحَقِّ إلَيْهَا بِالأَشْيَاءِ الَّتِي اسْتُوثِقَ عَلَيْهَا بِالْخَتْمِ فَلا يَنْفُذُ إلَى بَاطِنِهَا شَيْءٌ. وَهَذِهِ عُقُوبَةٌ عَلَى عَدَمِ الامْتِثَالِ لأَمْرِ اللَّهِ، وَعَدَمِ إتْيَانِ الْجُمُعَةِ مِنْ بَابِ تَيْسِيرِ الْعُسْرَى.
(ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِن الْغَافِلِينَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ)، بَعْدَ خَتْمِهِ تَعَالَى عَلَى قُلُوبِهِمْ فَيَغْفُلُونَ عَن اكْتِسَابِ مَا يَنْفَعُهُمْ مِن الأَعْمَالِ، وَعَنْ تَرْكِ مَا يَضُرُّهُمْ مِنْهَا.
وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَعْظَمِ الزَّوَاجِرِ عَنْ تَرْكِ الْجُمُعَةِ وَالتَّسَاهُلِ فِيهَا، وَفِيهِ إخْبَارٌ بِأَنَّ تَرْكَهَا مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ الْخِذْلانِ، ولَقَدْ عَرَفْنَا مَنْ يَتَساهَلُ بالجُمُعةِ أُسْبوعاً بعدَ أُسبوعٍ؛ حَتَّى يُحْرَمَ حُضُورَها بسببِ الخِذْلانِ بِالْكُلِّيَّةِ.
وَالإِجْمَاعُ قَائِمٌ عَلَى وُجُوبِهَا عَلَى الإِطْلاقِ، وَالأَكْثَرُ أَنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ، وَقَالَ فِي (مَعَالِمِ السُّنَنِ): إنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ.


  #3  
قديم 11 محرم 1430هـ/7-01-2009م, 08:17 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام



بَابُ صَلاةِ الْجُمُعَةِ


مُقَدِّمَةٌ

الْجُمُعَةُ فِيهَا لُغَتَانِ: التَّحْرِيكُ مَعَ الضَّمِّ، اسْمُ فَاعِلٍ فَهِيَ سَبَبٌ لاجْتِمَاعِ النَّاسِ، وَالثَّانِيَةُ سَاكِنَةُ الْمِيمِ، فَهِيَ اسْمُ مَفْعُولٍ، فَهِيَ مَحَلٌّ لاجْتِمَاعِ النَّاسِ.
وَالأَصْلُ فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}. [الْجُمُعَة: 9] وَالأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّةِ فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا كَثِيرَةٌ قَوْلاً وَفِعْلاً.
قَالَ الْعِرَاقِيُّ: مَذَاهِبُ الأَئِمَّةِ مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ، بلْ صَلاةُ الْجُمُعَةِ منْ أَوْكَدِ فُرُوضِ الإِسْلامِ، وَمِنْ أعظمِ مَجَامِعِ الْمُسْلِمِينَ، وَصَلاةُ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ منْ صَلاةِ الظُّهْرِ بِلا نِزَاعٍ.
وَهِيَ صَلاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، لَيْسَتْ بَدَلاً مِنَ الظُّهْرِ، وَإِنَّمَا الظُّهْرُ بَدَلٌ عَنْهَا إِذَا فَاتَتْ، وَيَوْمُ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ أَيَّامِ الأسبوعِ، وَقَدْ خَصَّ اللَّهُ بِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَضَلَّ عَنْهُ مَنْ قَبْلَهُمْ مِنَ الأُمَمِ كَرَماً مِنْهُ، وَفَضْلاً عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ، فَقَدْ جَاءَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
قَالَ الْعِرَاقِيُّ: اتَّفَقَ الأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّ الْجُمُعَةَ أَكْبَرُ فُرُوضِ الإِسْلامِ، وَهِيَ أعظمُ مَجَامِعِ الْمُسْلِمِينَ سِوَى مَجْمَعِ عَرَفَةَ.
وَلِهَذَا الْيَوْمِ خَصَائِصُ مِنَ العباداتِ:
أَعْظَمُهَا هَذِهِ الصَّلاةُ الَّتِي هِيَ آكَدُ الفُرُوضِ، وَاسْتِحْبَابُ قِرَاءَةِ سُورَةِ السجدةِ وسورةِ الإِنْسَانِ فِي صَلاةِ فَجْرِهَا، وَقِرَاءَةِ سُورَةِ الْكَهْفِ فِي يَوْمِهَا، وَكَثْرَةِ الصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والاغْتِسَالِ، وَالتَّطَيُّبِ، وَلُبْسِ أَحْسَنِ الثيابِ، وَالذَّهَابِ إِلَيْهَا مُبَكِّراً، وَالاشتغالِ بالذِّكْرِ والدعاءِ إِلَى حضورِ الخَطِيبِ.
وَفِيهَا سَاعَةُ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ، الَّتِي اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وَقْتِهَا، وَأَرْجَحُ الأَقْوَالِ أَنَّهَا مِنْ جلوسِ الخطيبِ عَلَى المِنْبَرِ إِلَى فَرَاغِ الصَّلاةِ أَوْ بَعْدَ العَصْرِ.
وَقَدْ أَفْرَدَ لَهَا الإمامُ ابْنُ القَيِّمِ فَصْلاً مُطَوَّلاً فِي (زَادِ المعادِ) وَصَنَّفَ فِيهَا كَثِيرٌ منْ أَهْلِ الْعِلْمِ مُصَنَّفَاتٍ مُسْتَقِلَّةٍ.
وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ السِّعْدِيُّ: الشَّارِعُ منْ حِكْمَتِهِ، وَمَحَاسِنِ شَرْعِهِ، أَنَّهُ شَرَعَ لِلْمُسْلِمِينَ الاجتماعاتِ لأنواعِ العباداتِ منَ الصلواتِ الخمسِ، وَصَلاةِ الْجُمُعَةِ، وَمُصَلَّى العيدِ، وَمَشْهَدِ الْحَجِّ فِي الْبِقَاعِ المُقَدَّسَةِ، فَفِي هَذِهِ الاجتماعاتِ مِنَ الْحِكَمِ والأسرارِ مَا يَفُوتُ الحَصْرَ، فَمِنْهَا:
1 - إِظْهَارُ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى، وإعلاءُ كَلِمَتِهِ.
2 - إِظْهَارُ شَعَائِرِ الإِسْلامِ، وَبَيَانُ جَمَالِهَا.
3 - إِظْهَارُ مَحَاسِنِ الإِسْلامِ، وَجِمَالِ تَشْرِيعَاتِهِ.
4 - تَعَارُفُ الْمُسْلِمِينَ وَتَآلُفُهُمْ.
5 - التَّعَرُّفُ عَلَى بُلْدَانِهِمْ، وَأَحْوَالِهِمْ، وَآمَالِهِمْ، وَآلامِهِمْ.
6 - التَّشَاوُرُ وَتَبَادُلُ الآراءِ النَّافِعَةِ.
7 - التَّعَاوُنُ عَلَى الْحَقِّ، وَالتَّآزُرُ عَلَى الدِّينِ.
8 - اجْتِمَاعُ كَلِمَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَوَحْدَةُ صَفِّهِمْ، وَتَوْحِيدُ هَدَفِهِمْ نَحْوَ الْخَيْرِ.
وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا أَشَارَتْ إِلَيْهِ الآيَةُ الكريمةُ: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} [الْحَجّ: 28]. فاجتماعُ الْمُسْلِمِينَ فِي عِبَادَاتِهِمْ خَيْرٌ وَبَرَكَةٌ وَإِصْلاحٌ وَفَلاحٌ، قَالَ تَعَالَى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عِمْرَان: 103].
أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُوَحِّدَ كَلِمَةَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ يَجْمَعَ قُلُوبَهُمْ عَلَى الْحَقِّ، وَأَنْ يُعِزَّهُمْ بِدِينِهِ، فَهُوَ القَادِرُ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ.
361 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى أَعْوَادِ مِنْبَرِهِ: ((لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الْجُمُعَاتِ، أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
مِنْبَرِهِ: بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الْبَاءِ، ثُمَّ راءٍ وَهَاءٍ، وَكَانَ مِنْبَرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أعوادِ الطَّرْفَاءِ، وَهِيَ نوعٌ مِنَ الأَثْلِ يَنْبُتُ فِي السباخِ.
لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ: (اللامُ) للابتداءِ، وَتَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ موطئةً لِلْقَسَمِ، والفعلُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ؛ لاتِّصَالِهِ بنونِ التوكيدِ، وَمَحَلُّهُ الرفعُ؛ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ الناصبِ والجازمِ.
وَدْعِهِم: بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، فَكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، مِنْ وَدَعَ الشَّيْءَ إِذَا تَرَكَهُ.
وَلَفْظُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ وَدَعَ لَهَا مَصْدَرٌ، خِلافُ مَا قَرَّرَهُ أَكْثَرُ النُّحَاةِ، مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا مَصْدَرٌ، وَلا مَاضٍ.
الجُمُعَاتِ: جَمْعُ جُمُعَةٍ، وَهُوَ جَمْعُ مُؤَنَّثٍ سَالِمٌ، وَالجُمُعَاتُ بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ، والضَّمُّ أَفْصَحُ.
قَالَ العَيْنِيُّ: التَّاءُ لَيْسَتْ للتأنيثِ، وَإِنَّمَا هِيَ لِلْمُبَالَغَةِ.
لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِم: الخَتْمُ هُوَ الطَّبْعُ حَتَّى تَصِيرَ مُغْلَقَةً، لا يَصِلُ إِلَيْهَا الْخَيْرُ وَالْهُدَى، وَذَلِكَ بِأَنْ يَمْنَعَهُم اللَّهُ لُطْفَهُ وَفَضْلَهُ، وَهَذَا أَكْبَرُ الخِذْلانِ.
مِنَ الْغَافِلِينَ: الغَافِلُ: هُوَ الذَّاهِلُ عَمَّا يُفِيدُهُ وَيَنْفَعُهُ، فَهُوَ مَعْدُودٌ منْ جملةِ الْغَافِلِينَ المَشْهُودِ عَلَيْهِمْ بالغفلةِ والشقاءِ.
مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1 - النَّهْيُ الشَّدِيدُ عَنْ تَرْكِ صَلاةِ الْجُمُعَةِ، والوَعِيدُ الأكيدُ لِمَنْ تَرَكَهَا، بِأَنَّ اللَّهَ يَطْبَعُ عَلَى قَلْبِهِ عُقُوبَةَ الغفلةِ، وَنَقْمَةَ نِسْيَانِهِ نَفْسَهُ، فَيُصْبِحُ مِنَ الْغَافِلِينَ عَمَّا يَنْفَعُهُ فِي سَعَادَتِهِ، حَتَّى تَنْزِلَ بِهِ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ، فَيَخْسَرَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ السعيدةَ، وَذَلِكَ هُوَ الخُسْرَانُ المُبِينُ.
2 - أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى كُلَّ رَجُلٍ مُؤْمِنٍ مُكَلَّفٍ بِإِتْيَانِ الْجُمُعَةِ إِذَا أُذِّنَ لَهَا، فَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الْجُمُعَة: 9]. وَالْمُرَادُ بالسَّعْيِ: الاهتمامُ بِهَا، وَسُرْعَةُ التَّهَيُّؤِ بِإِعْدَادِ الْبَدَنِ، وَجَاءَتْ أحاديثُ صَحِيحَةٌ صَرِيحَةٌ، فِي أَنَّهَا حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ، وَبِأَنَّ غُسْلَهَا وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ، وَبِإِحْرَاقِ مَنْزِلِ المُتَخَلِّفِ عَنْهَا ـ كُلُّ هَذِهِ لا تَدَعُ مَجَالاً للشَّكِّ فِي أَنَّ صَلاةَ الْجُمُعَةِ وَاجِبَةٌ عَلَى الأعيانِ، وَلَيْسَتْ فَرْضَ كِفَايَةٍ.
3 - قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: أَحَدُ الأَمْرَيْنِ كَائِنٌ لا مَحَالَةَ، إِمَّا الانتهاءُ عَنْ تَرْكِ الْجُمُعَاتِ، وَإِمَّا خَتْمُ اللَّهِ عَلَى قُلُوبِ الْمُتَخَلِّفِينَ.
والخَتْمُ عَلَى الْقَلْبِ: هُوَ مَا يَمْنَعُهُمْ منْ لُطْفِهِ وَفَضْلِهِ، أَوْ خَلْقُ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ فِي صُدُورِهِمْ، حَتَّى يُصْبِحُوا منْ جُمْلَةِ الْغَافِلِينَ، المَخْتُومِ عَلَيْهِمْ بالغَفْلَةِ وَالشَّقَاءِ.
4 - قَالَ فِي (شَرْحِ الإقناعِ): وَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ مِمَّنْ عَلَيْهِ حُضُورُ الْجُمُعَةِ قَبْلَ صَلاةِ الإمامِ، أَوْ قَبْلَ فَرَاغِهَا ـ لَمْ يَصْلُحْ ظُهْرُهُ؛ لأَنَّهُ صَلَّى مَا لَمْ يُخَاطَبْ بِهِ، وَتَرَكَ مَا خُوطِبَ بِهِ، فَلَمْ تَصِحَّ.
5 - فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ المعاصيَ بِفِعْلِ المُحَرَّمَاتِ، أَوْ تَرْكِ الْوَاجِبَاتِ ـ تُسَبِّبُ ارْتِكَابَ غَيْرِهَا عُقُوبَةً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11]. ولأنَّ المُذْنِبَ مَرَّةً أُخْرَى لَمَّا جَسَرَ عَلَى الذَّنْبِ فِي المَرَّةِ الأُولَى دَرِبَ عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ، فَصَارَ عَادَةً لَهُ.
6 - فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَعْظَمَ العُقُوبَاتِ هُوَ إصابةُ الإِنْسَانِ بالخِذْلانِ، وَالغَفْلَةِ عَنْ آخِرَتِهِ، حَتَّى يَمُوتَ فَيَنْتَبِهَ، وَيَقُولُ: {رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ}ـ فَلا رَجْعَةَ ـ {وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}
[الْمُؤْمِنُونَ: 100,99].
7 - فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ صَلاةَ الْجُمُعَةِ أَهَمُّ الفروضِ، حَيْثُ لَمْ يُشَدَّدْ فِي تَرْكِ شَيْءٍ من الواجباتِ بِمِثْلِ مَا شُدِّدَ فِيهَا، فالجُمُعَةُ أَفْضَلُ مِنَ الظُّهْرِ بِلا نِزَاعٍ.
8 - الْجُمُعَةُ وَاجِبَةٌ بإجماعِ الْمُسْلِمِينَ، وواجبةٌ عَلَى الأعيانِ عِنْدَ الجمهورِ، قَالَ العِرَاقِيُّ: مَذَاهِبُ الأَئِمَّةِ مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ، لَكِنْ هُنَاكَ شُرُوطٌ يَشْتَرِطُهَا أَهْلُ كُلِّ مَذْهَبٍ.
9 - قَوْلُهُ: ((أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ)). فِيهِ إثباتُ أفعالِ اللَّهِ الاختياريَّةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ والجماعةِ، فَإِنَّهُمْ يَنْسُبُونَ لِلَّهِ تَعَالَى أَفْعَالَهُ الاختياريَّةَ المُتَعَلِّقَةَ بِمَشِيئَتِهِ وَإِرَادَتِهِ.
أَمَّا المُعَطِّلَةُ: فَيُؤَوِّلُونَهَا بِحُجَّةِ أَنَّ الْفِعْلَ الحادثَ لا يَقُومُ إِلاَّ بحادثٍ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَيْسَ بِحَادِثٍ، وَإِنَّمَا هُوَ الأَوَّلُ الَّذِي لَيْسَ قَبْلَهُ شَيْءٌ، وَهُوَ قَوْلٌ مَرْدُودٌ بالنَّقْلِ الصَّحِيحِ والْعَقْلِ السليمِ.
فَأَمَّا النَّقْلُ: فالنصوصُ كَثِيرَةٌ جِدًّا، مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [البروج: 16]، {إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الأنبياء: 18]، {إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} [الأنبياء: 14]. وَمِنْ حَيْثُ الْعَقْلُ: فَإِنَّ الَّذِي يَفْعَلُ أَفْضَلُ وَأَكْمَلُ مِنَ الَّذِي لا يَفْعَلُ، وَاللَّهُ تَعَالَى لَهُ الأسماءُ الحُسْنَى وَالصِّفَاتُ العُلَى.
وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ المُتَعَلَّقُ: فَإِنَّ صِفَاتِ اللَّهِ قَدِيمَةُ النوعِ، مُتَجَدِّدَةُ الآحَادِ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, صلاة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:59 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir