دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الصلاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 9 محرم 1430هـ/5-01-2009م, 04:55 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب صلاة الجماعة والإمامة (16/21) [استحباب الإتيان إلى الصلاة بحالة سكينة ووقار]


وعن أبي هُرَيْرةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قالَ: ((إِذَا سَمِعْتُمُ الْإِقَامَةَ فَامْشُوا إِلَى الصَّلَاةِ، وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ وَلَا تُسْرِعُوا، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، واللفظُ للبخاريِّ.


  #2  
قديم 9 محرم 1430هـ/5-01-2009م, 07:23 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


23/392- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِذَا سَمِعْتُمُ الإِقَامَةَ فَامْشُوا إلَى الصَّلاةِ وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ، وَلا تُسْرِعُوا، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا سَمِعْتُمُ الإِقَامَةَ)؛ أَي: الصَّلاةَ، (فَامْشُوا إِلَى الصَّلاةِ وَعَلَيْكُم السَّكِينَةُ). قَالَ النَّوَوِيُّ: السَّكِينَةُ: التَّأَنِّي فِي الْحَرَكَاتِ، وَاجْتِنَابُ الْعَبَثِ.
(وَالْوَقَارُ) فِي الْهَيْئَةِ؛ كَغَضِّ الطَّرْفِ وَخَفْضِ الصَّوْتِ وَعَدَمِ الالْتِفَاتِ.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، وَذَكَرَ الثَّانِيَ تَأْكِيداً، وَقَدْ نَبَّهَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَلَى الْحِكْمَةِ فِي شَرْعِيَّةِ هَذَا الأَدَبِ بِقَوْلِهِ فِي آخِرِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة هَذَا: ((فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا كَانَ يَعْمِدُ إلَى الصَّلاةِ فَإِنَّهُ فِي صَلاةٍ))؛ أيْ: فَإِنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُصَلِّي، فَيَنْبَغِي اعْتِمَادُ مَا يَنْبَغِي لِلْمُصَلِّي اعْتِمَادُهُ، وَاجْتِنَابُ مَا يَنْبَغِي لَهُ اجْتِنَابُهُ.
(وَلا تُسْرِعُوا، فَمَا أَدْرَكْتُمْ) مِن الصَّلاةِ مَعَ الإِمَامِ (فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
فِيهِ الأَمْرُ بِالْوَقَارِ وَعَدَمِ الإِسْرَاعِ فِي الإِتْيَانِ إلَى الصَّلاةِ، وَذَلِكَ لِتَكْثِيرِ الْخُطَى، فَيَنَالُ فَضِيلَةَ ذَلِكَ؛ فَقَدْ ثَبَتَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ: ((إِنَّ بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلاةِ دَرَجَةً)).
وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مَرْفُوعاً: ((إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ لَمْ يَرْفَعْ قَدَمَهُ الْيُمْنَى إِلاَّ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ حَسَنَةً، وَلَمْ يَضَعْ قَدَمَهُ الْيُسْرَى إِلاَّ حَطَّ اللَّهُ عَنْهُ سَيِّئَةً، فَإِذَا أَتَى الْمَسْجِدَ فَصَلَّى فِي جَمَاعَةٍ غُفِرَ لَهُ، فَإِنْ جَاءَ وَقَدْ صَلَّوْا بَعْضاً وَبَقِيَ بَعْضٌ، فَصَلَّى مَا أَدْرَكَ، وَأَتَمَّ مَا بَقِيَ كَانَ كَذَلِكَ، وَإِنْ أَتَى الْمَسْجِدَ وَقَدْ صَلَّوْا كَانَ كَذَلِكَ)).
وَقَوْلُهُ: ((فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا)) جَوَابُ شَرْطٍ مَحْذُوفٍ؛ أيْ: إذَا فَعَلْتُمْ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ مِنْ تَرْكِ الإِسْرَاعِ وَنَحْوِهِ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا. وَفِيهِ دَلالَةٌ عَلَى أَنَّ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ يُدْرِكُهَا، وَلَوْ دَخَلَ مَعَ الإِمَامِ فِي أيِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّلاةِ وَلَوْ دُونَ رَكْعَةٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ.
وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى أَنَّهُ لا يَصِيرُ مُدْرِكاً لَهَا إلاَّ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلاةِ فَقَدْ أَدْرَكَهَا))، وَسَيَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ اشْتِرَاطُ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ، وَيُقَاسُ عَلَيْهَا غَيْرُهَا.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ فِي الأَوْقَاتِ لا فِي الْجَمَاعَةِ، وَبِأَنَّ الْجُمُعَةَ مَخْصُوصَةٌ فَلا يُقَاسُ عَلَيْهَا، وَاسْتُدِلَّ بِحَدِيثِ الْبَابِ عَلَى صِحَّةِ الدُّخُولِ مَعَ الإِمَامِ فِي أَيِّ حَالَةٍ أَدْرَكَهُ عَلَيْهَا.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مَرْفُوعاً: ((وَمَنْ وَجَدَنِي رَاكِعاً أَوْ قَائِماً أَوْ سَاجِداً فَلْيَكُنْ مَعِي حَالَتِي عَلَى الَّتِي أَنَا عَلَيْهَا)).
قُلْتُ: وَلَيْسَ فِيهِ دَلالَةٌ عَلَى اعْتِدَادِهِ بِمَا أَدْرَكَهُ مَعَ الإِمَامِ، وَلا عَلَى إحْرَامِهِ فِي أَيِّ حَالَةٍ أَدْرَكَهُ عَلَيْهَا، بَلْ فِيهِ الأَمْرُ بِالْكَوْنِ مَعَهُ.
وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي (الْكَبِيرِ) بِرِجَالٍ مُوَثَّقِينَ -كَمَا قَالَ الْهَيْثَمِيُّ- عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ قَالا: مَنْ لَمْ يُدْرِك الرَّكْعَةَ فَلا يَعْتَدُّ بِالسَّجْدَةِ.
وَأَخْرَجَ أَيْضاً فِي (الْكَبِيرِ) -قَالَ الْهَيْثَمِيُّ: أَيْضاً بِرِجَالٍ مُوَثَّقِينَ- مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَال: دَخَلْتُ أَنَا وَابْنُ مَسْعُودٍ الْمَسْجِدَ وَالإِمَامُ رَاكِعٌ فَرَكَعْنَا، ثُمَّ مَشَيْنَا حَتَّى اسْتَوَيْنَا بِالصَّفِّ، فَلَمَّا فَرَغَ الإِمَامُ قُمْتُ أَقْضِي، فَقَالَ: قَدْ أَدْرَكْتَهُ ". وَهَذِهِ آثَارٌ مَوْقُوفَةٌ، وَفِي الآخَرِ دَلِيلٌ - أيْ: مَأْنُوسٌ بِمَا ذَهَبَ، وَهُوَ أَحَدُ احْتِمَالاتِ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ، وَإِلاَّ فَإِنَّهَا آثَارٌ مَوْقُوفَةٌ لَيْسَتْ بِأَدِلَّةٍ - عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ وَوَرَدَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ حَدِيثُ الْبَابِ بِلَفْظِ: ((فَاقْضُوا)) عِوَضَ ((أَتِمُّوا))، وَالْقَضَاءُ يُطْلَقُ عَلَى أَدَاءِ الشَّيْءِ، فَهُوَ فِي مَعْنَى ((أَتِمُّوا)) فَلا مُغَايَرَةَ.
ثُمَّ قَد اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا يُدْرِكُهُ اللاَّحِقُ مَعَ إمَامِهِ: هَلْ هِيَ أَوَّلُ صَلاتِهِ أَوْ آخِرُهَا؟ وَالْحَقُّ أَنَّهَا أَوَّلُهَا، وَقَدْ حَقَّقْنَاهُ فِي حَوَاشِي ضَوْءِ النَّهَارِ.
وَاخْتُلِفَ فِيمَا إذَا أَدْرَكَ الإِمَامَ رَاكِعاً فَرَكَعَ مَعَهُ: هَلْ تَسْقُطُ قِرَاءَةُ تِلْكَ الرَّكْعَةِ عِنْدَ مَنْ أَوْجَبَ الْفَاتِحَةَ فَيَعْتَدُّ بِهَا، أَوْ لا تَسْقُطُ فَلا يُعْتَدُّ بِهَا؟
قِيلَ: يَعْتَدُّ بِهَا؛ لأَنَّهُ قَدْ أَدْرَكَ الإِمَامَ قَبْلَ أَنْ يُقِيمَ صُلْبَهُ.
وَقِيلَ لا يَعْتَدُّ بِهَا؛ لأَنَّهُ فَاتَتْهُ الْفَاتِحَةُ. وَقَدْ بَسَطْنَا الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ، وَرُجِّحَ عِنْدَنَا الإِجْزَاءُ.
وَمِنْ أَدِلَّتِهِ حَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ؛ حَيْثُ رَكَعَ وَهُمْ رُكُوعٌ، ثُمَّ أَقَرَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا نَهَاهُ عَن الْعَوْدَةِ إلَى الدُّخُولِ قَبْلَ الانْتِهَاءِ إلَى الصَّفِّ كَمَا عَرَفْتَ.


  #3  
قديم 9 محرم 1430هـ/5-01-2009م, 07:24 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


341 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِذَا سَمِعْتُمُ الإِقَامَةَ فَامْشُوا إِلَى الصَّلاةِ، وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ، وَلا تُسْرِعُوا، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
ــ
مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
السَّكِينَةُ: بِفَتْحِ السينِ وَكَسْرِ الْكَافِ ثُمَّ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ فَنُونٍ فَتَاءِ التَّأْنِيثِ: هِيَ التَّأَنِّي وَالهدوءُ فِي الْحَرَكَاتِ، وَالطُّمَأْنِينَةُ، وَالاستقرارُ، وَ (السكينةُ) مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ، وَ (عَلَيْكُمْ) خَبَرُهُ.
الْوَقَارُ: بِفَتْحِ الْوَاوِ والقافِ ثُمَّ أَلِفٍ، وَآخِرُهُ رَاءٌ، وَهُوَ يَكُونُ فِي الهيئةِ منْ غَضِّ الْبَصَرِ، وَخَفْضِ الصَّوْتِ، وَالرَّزَانَةِ، وَمَعْنَى (السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ) مُتَقَارِبٌ، فالثاني مِنْهُمَا مُؤَكِّدٌ للأوَّلِ، فَكِلْتَاهُمَا تُفِيدُ حُسْنَ السَّمْتِ.
وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا: هكذا فِي رِوَايَةِ (الْبُخَارِيِّ)، وَقَالَ العَيْنِيُّ: وَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ.
وَلا تُسْرِعُوا: فِيهِ زِيَادَةٌ وتأكيدٌ لِقَوْلِهِ: ((فَامْشُوا)). وَلا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الْجُمُعَة: 9]. وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ يُشْعِرُ بالإسراعِ، إِلاَّ أَنَّ الْمُرَادَ بالسَّعْيِ: مُطْلَقُ الْمَشْيِ والذَّهَابِ، يُقَالُ: سَعَيْتُ إِلَى كَذَا؛ أي: ذَهَبْتُ إِلَيْهِ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْمَعْنَى قِرَاءَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ (فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللهِ).
أَدْرَكْتُمْ: أَدْرَكْتُ الشَّيْءَ؛ إِذَا طَلَبْتُهُ فَلَحِقْتُهُ، وَالْمُرَادُ: مَا لَحِقْتُمُوهُ، وَأَدْرَكْتُمُوهُ مَعَ الإمامِ.
فَاتَكُم: الفَوَاتُ: مَصْدَرُ فَاتَ يَفُوتُ فَوَاتاً، وَهُوَ سَبْقٌ لا يُدْرَكُ.
فَأَتِمُّوا: أَكْمِلُوا مَا فَاتَكُمْ مِنَ الصَّلاةِ عَلَى مَا أَدْرَكْتُمْ مِنْهَا.
مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1 - وُجُوبُ الصَّلاةِ مَعَ الْجَمَاعَةِ، وَالأَحَادِيثُ المُقْتَضِيَةُ للوجوبِ كَثِيرَةٌ.
2 - استحبابُ الإتيانِ إِلَى الصَّلاةِ بحالةِ سكينةٍ ووقارٍ؛ لأَنَّ هَذِهِ الْحَالَ هِيَ المناسبةُ للإتيانِ إِلَى هَذِهِ العبادةِ الجليلةِ، وَهِيَ الْحَالُ اللائقةُ بالإقبالِ لمناجاةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهِيَ المُقْتَضِيَةُ للدخولِ فِي بيتٍ منْ بيوتِ اللَّهِ تَعَالَى، كَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَفَعَهُ وَطَهَّرَهُ، وَجَعَلَهُ مَثَابَةً لِصَالِحِي عِبَادِهِ، وَلأنَّ المُقْبِلَ إِلَى الصَّلاةِ هُوَ فِي صَلاةٍ، فَلْتَكُنْ حَالُهُ قَبْلَ الدخولِ كَحَالِهِ وَهُوَ دَاخِلٌ فِيهَا، مِنَ الخشوعِ والخضوعِ والسكينةِ.
3 - المشهورُ منْ مَذْهَبِ الإمامِ أَحْمَدَ: أَنَّ الْجَمَاعَةَ تُدْرَكُ بِتَكْبِيرَةِ الإحرامِ قَبْلَ سَلامِ الإمامِ التسليمةَ الأُولَى، وَحَكَى الْمجدُ إِجْمَاعَ أَهْلِ الْعِلْمِ.
4 - إِنْ لَحِقَالمَسْبُوقُ الإمامَ فِي الركوعِ أَدْرَكَ الركعةَ، وَلا يَضُرُّهُ سَبْقُهُ بالقراءةِ؛ لِمَا جَاءَ فِي أَبِي دَاوُدَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ فَقَدْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ)). حَكَاهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ إِجْمَاعاً، وَعَلَيْهِ عَمَلُ الأُمَّةِ مِنَ الصَّحَابَةِ والتَّابِعِينَ، وَلا يُعْرَفُ عَن السَّلَفِ خِلافُ ذَلِكَ، وَلِمَا فِي (الصَّحِيحِ) منْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرْهُ بالإعادةِ.
5 - قَوْلُهُ:((إِذَا سَمِعْتُمُ الإِقَامَةَ)) يَدُلُّ عَلَى أنَّ الإقامةَ مَشْرُوعَةٌ، وَهِيَ فَرْضُ كفايةٍ كالأذانِ، وَهِيَ حَقٌّ لِمَنْ أَذَّنَ، لِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ (199)، قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((وَمَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ)).
6 - ((إِذَا سَمِعْتُمْ)) يُفْهَمُ مِنْهُ مَشْرُوعِيَّةُ إِسْمَاعِهَا الحَاضِرِينَ فِي الْمَسْجِدِ؛ لِيَقُومُوا إِلَى الصَّلاةِ، لا سِيَّمَا مَعَ سَعَةِ الْمَسْجِدِ، وَإِسْمَاعِهَا مَنْ فِي خَارِجِهِ؛ لِيَمْشُوا إِلَى الصَّلاةِ؛ لِقَوْلِهِ: ((فَامْشُوا إِلَى الصَّلاةِ)).
7 - قَوْلُهُ: ((إِذَا سَمِعْتُمُ الإِقَامَةَ فَامْشُوا)). يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِذَا شَرَعَ المقيمُ بالإقامةِ، فَلا يَشْتَغِلُ مُرِيدُ الصَّلاةِ بِغَيْرِ الصَّلاةِ المكتوبةِ الَّتِي أُقِيمَتْ لَهَا الصَّلاةُ، وَأَصْرَحُ مِنْهُ مَا فِي (صَحِيحِ مُسْلِمٍ)(710) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَلا صَلاةَ إِلاَّ الْمَكْتُوبَةُ)). وَكَانَ عُمَرُ يَضْرِبُ النَّاسَ بَعْدَ الإقامةِ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: والحكمةُ أَنْ يَتَفَرَّغَ للفريضةِ مِنْ أَوَّلِهَا، فَيَشْرَعُ فِيهَا عَقِبَ شُرُوعِ الإمامِ، وَالمحافظةُ عَلَى مُكَمِّلاتِ الفريضةِ أَوْلَى مِنَ التَّشَاغُلِ بِمَا دُونَهَا.
قَالَ فِي (الرَّوْضِ المُرْبِعِ): وَلا تَنْعَقِدُ نافلةٌ بَعْدَ إقامةِ الفريضةِ، الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يَفْعَلَهَا مَعَ ذَلِكَ الإمامِ الَّذِي أُقِيمَتْ لَهُ.
8 - دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ مَا أَدْرَكَهُ المَسْبُوقُ هُوَ أَوَّلُ صَلاتِهِ، وَمَا فَاتَهُ هُوَ آخِرُهَا، فَيُتِمُّهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الصَّلاةِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الروايةِ الأُخْرَى: ((وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا)). فَلا يُنَافِي: ((فَأَتِمُّوا)). فَالْقَضَاءُ يُرَادُ بِهِ الْفِعْلُ، لا الْقَضَاءُ الْمَعْرُوفُ فِي الاصطلاحِ؛ لأَنَّهُ اصطلاحُ مُتَأَخِّرِي الفُقَهَاءِ، وَإِلاَّ فَالْعَرَبُ تُطْلِقُ الْقَضَاءَ عَلَى الْفِعْلِ، قَالَ تَعَالَى: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ} [النِّسَاء: 103]؛ أَيْ: أَدَّيْتُمُوهَا وَفَرَغْتُمْ مِنْهَا.
قَالَ الْحَافِظُ وَغَيْرُهُ: إِذَا كَانَ مَخْرَجُ الْحَدِيثِ وَاحِداً، وَاخْتُلِفَ فِي لَفْظِهِ مِنْهُ، وَأَمْكَنَ رَدُّ الاخْتِلافِ إِلَى مَعْنًى وَاحِدٍ؛ كَانَ أَوْلَى، وَيُحْمَلُ، ((فَاقْضُوا)) عَلَى مَعْنَى الأداءِ والفراغِ، فَلا حُجَّةَ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِلَفْظِهِ ((فَاقْضُوا)).
وَلِلْبَيْهَقِيِّ (2/298) عَنْ عَلِيٍّ: ((مَا أَدْرَكْتَ مَعَ الإِمَامِ هُوَ أَوَّلُ صَلاتِكَ)). وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وروايةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهُوَ أَوَّلُهَا حُكْماً وَمُشَاهَدَةً.
وَقَالَ المُوَفَّقُ وَالمجدُ وَشَيْخُ الإِسْلامِ وَابْنُ القَيِّمِ: إِنَّ مَا يُدْرِكُهُ مَعَ الإمامِ أَوَّلُهَا، وَمَا يَقْضِيهِ آخِرُهَا، وَهُوَ مُقْتَضَى الأَمْرِ بالإتمامِ، وَمُقْتَضَى الشَّرْعِ وَالْقِيَاسِ، وَهُوَ قَوْلُ طَوَائِفَ مِنَ الصَّحَابَةِ.
قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ بَازٍ: الصَّحِيحُ مِنْ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مَا أَدْرَكَهُ المسبوقُ مِنَ الصَّلاةِ يُعْتَبَرُ أَوَّلَ صَلاتِهِ، وَمَا يَقْضِيهِ هُوَ آخِرُهَا؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلاةَ فَامْشُوا وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا)). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (609) وَمُسْلِمٌ (603) .
أَمَّا المَشْهُورُ منْ مَذْهَبِ الأَئِمَّةِ الثلاثةِ: أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ ـ أَنَّ مَا أَدْرَكَهُ المَسْبُوقُ مَعَ الإمامِ هُوَ آخِرُ صَلاتِهِ، وَمَا يَقْضِيهِ أَوَّلُهَا، وَالْقَوْلُ الأَوَّلُ هُوَ الرَّاجِحُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, صلاة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:08 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir