18/387- وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَأْسِي مِنْ وَرَائِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ)، هِيَ لَيْلَةُ مَبِيتِهِ عِنْدَهُ الْمَعْرُوفَةُ، (فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَأْسِي مِنْ وَرَائِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) دَلَّ عَلَى صِحَّةِ صَلاةِ الْمُتَنَفِّلِ بِالْمُتَنَفِّلِ، وَعَلَى أَنَّ مَوْقِفَ الْوَاحِدِ مَعَ الإِمَامِ عَنْ يَمِينِهِ بِدَلِيلِ الإِدَارَةِ؛ إذْ لَوْ كَانَ الْيَسَارُ مَوْقِفاً لَهُ لَمَا أَدَارَهُ فِي الصَّلاةِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْجَمَاهِيرُ، وَخَالَفَ النَّخَعِيُّ فَقَالَ: إذَا كَانَ الإِمَامُ وَوَاحِدٌ قَامَ الْوَاحِدُ خَلْفَ الإِمَامِ، فَإِنْ رَكَعَ الإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ أَحَدٌ قَامَ عَنْ يَمِينِهِ، أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ.
وَوُجِّهَ بِأَنَّ الإِمَامَةَ مَظِنَّةُ الاجْتِمَاعِ، فَاعْتُبِرَتْ فِي مَوْقِفِ الْمَأْمُومِ حَتَّى يَظْهَرَ خِلافُ ذَلِكَ. قِيلَ: وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ صَلاةِ مَنْ قَامَ عَنْ يَسَارِ الإِمَامِ؛ لأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُر ابْنَ عَبَّاسٍ بِالإِعَادَةِ، وَفِيهِ أَنَّهُ لا يَجُوزُ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ؛ لأَنَّهُ مَعْذُورٌ بِجَهْلِهِ، أَوْ بِأَنَّهُ مَا كَانَ قَدْ أَحْرَمَ بِالصَّلاةِ. ثُمَّ قَوْلُهُ: فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ قَامَ مُسَاوِياً لَهُ، وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ: فَقُمْتُ إلَى جَنْبِهِ.
وَعَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَ الْمَأْمُومُ دُونَهُ قَلِيلاً، إلاَّ أَنَّهُ قَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْنَا لِعَطَاءٍ: الرَّجُلُ يُصَلِّي مَعَ الرَّجُلِ أَيْنَ يَكُونُ مِنْهُ؟ قَالَ: إلَى شِقِّهِ، قُلْتُ: أَيُحَاذِيهِ حَتَّى يَصُفَّ مَعَهُ لا يَفُوتُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: بِحَيْثُ أنْ لا يَبْعُدَ حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ.
وَمِثْلُهُ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عُمَرَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ صَفَّ مَعَهُ فَقَرَّبَهُ حَتَّى جَعَلَهُ حِذَاءَهُ عَنْ يَمِينِهِ.