دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الطلاق

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25 جمادى الأولى 1431هـ/8-05-2010م, 03:04 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي صريح ألفاظ الطلاق

و ( صريحُه ) لفظُ الطلاقِ وما تَصَرَّفَ منه غيرُ أمْرٍ ومُضارِعٍ، ومُطَلِّقَةٌ اسمُ فاعلٍ فيَقَعُ به وإن لم يَنْوِه جادٌّ أو هازِلٌ، فإن نَوَى بطالِقٍ من وَثاقٍ أو في نِكاحٍ سابِقٍ منه أو من غيرِه أو أرادَ طاهرًا فغَلِطَ لم يُقْبَلْ حُكْمًا، ولو سُئِلَ: أَطَلَّقْتَ امرأتَك؟ فقالَ: نعم وَقَعَ، أو ألك امرأةٌ؟ فقالَ: لا وأَرادَ الكَذِبَ فلا.


  #2  
قديم 28 جمادى الأولى 1431هـ/11-05-2010م, 02:14 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي

...............................

  #3  
قديم 28 جمادى الأولى 1431هـ/11-05-2010م, 02:28 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(وصَرِيحُه)؛ أي: صَرِيحُ الطلاقِ، وهو ما وُضِعَ لَهُ (لفظُ الطلاقِ وما تَصَرَّفَ منه)؛ كطَلَّقْتُكِ وطَالِقٍ ومُطَلَّقَةٍ؛ اسمِ مفعولٍ، (غيرَ أمرٍ)؛ كطَلِّقِي، (و) غيرَ (مُضارعٍ)؛ كتَطْلُقِينَ (و) غيرَ (مُطَلِّقَةٍ؛ اسمِ فاعلٍ)، فلا يَقَعُ بهذهِ الألفاظِ الثلاثةِ طلاقٌ، (فيَقَعُ) الطلاقُ (به) أي: بالصريحِ، (وإن لم يَنْوِهِ جادٌّ وهازِلٌ)؛ لحديثِ أبي هُرَيْرَةَ يرفَعُه: ((ثَلاَثَةٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكَاحُ وَالطَّلاَقُ وَالرَّجْعَةُ)). رَوَاهُ الخمسةُ إلاَّ النَّسَائِيَّ، (فإنْ نَوَى بـ: طالِقٍ) طالقاً (مِن وَثاقٍ) بفتحِ الواوِ؛ أي: قَيْدٍ، (أو) نَوَى طَالِقاً (في نِكاحٍ سابقٍ منه أو مِن غيرِه، أو أرادَ) أنْ يقولَ: (طاهرٌ. فغَلِطَ)؛ أي: سَبَقَ لِسانُه, (لم يُقْبَلْ) منه ذلك (حُكْماً)؛ لأنَّه خلافُ ما يَقْتَضِيهِ الظاهرُ، ويَدِينُ فيما بينَه وبينَ اللهِ؛ لأنَّه أَعْلَمُ بِنِيَّتِهِ، (ولو سُئِلَ: أَطَلَّقْتَ امْرَأَتَكَ؟ فقال: نَعَمْ. وَقَعَ) الطلاقُ، ولو أرادَ الكَذِبَ أو لم يَنْوِهِ؛ لأنَّ (نَعَمْ) صريحٌ في الجوابِ، والجوابُ الصريحُ للفظِ الصريحِ صَرِيحٌ، (أو) سُئِلَ الزوجُ: (أَلَكَ امرأةٌ؟ فقالَ: لا. وأرادَ الكَذِبَ), أو لم يَنْوِ بهِ الطلاقَ (فلا) تُطَلَّقُ؛ لأنَّه كِنَايَةٌ تَفْتَقِرُ إلى نِيَّةِ الطلاقِ، ولم تُوجَدْ، وإنْ أَخْرَجَ زَوْجَتَهُ مِن دَارِها, أو لَطَمَها, أو أَطْعَمَهَا ونحوَه, وقالَ: هذا طلاقُكِ. طَلَقَتْ، وكانَ صَرِيحاً، ومَن طَلَّقَ واحدةً مِن زوجاتِه, ثمَّ قالَ عَقِبَه لِضَرَّتِها: أنتَ شَرِيكَتُها. أو: مِثْلُها. فصريحٌ فيهما، وإنْ كَتَبَ صَرِيحَ طلاقِ امرأتِه بما يُبَيِّنُ, وَقَعَ، وإنْ لم يَنْوِهِ؛ لأنَّها صريحةٌ فيهِ. فإنْ قالَ: لم أُرِدْ إلاَّ تجويدَ خَطِّي أو غَمَّ أَهْلِي. قُبِلَ، وكذا لو قَرَأَ ما كَتَبَه وقالَ: لم أَقْصِدْ إلاَّ القراءةَ. وإنْ أَتَى بصريحِ الطلاقِ مَن لا يَعْرِفُ معناه, لم يَقَعْ.


  #4  
قديم 28 جمادى الأولى 1431هـ/11-05-2010م, 02:32 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(وصريحه) أي صريح الطلاق، وهو ما وضع له (لفظ الطلاق، وما تصرف منه) ([1]).
كطلقتك، وطالق، ومطلقة، اسم مفعول([2]) (غير أَمر) كاطلقي([3]) (و) غير (مضارع) كتطلقين([4]) (و) غير: (مطلقة اسم فاعل)([5]) فلا يقع بهذه الألفاظ الثلاثة طلاق([6]) (فيقع) الطلاق (به) أي بالصريح([7]) (وإن لم ينوه، جاد أو هازل) ([8]). لحديث أبي هريرة يرفعه ((ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد، النكاح، والطلاق، والرجعة)) رواه الخمسة
إلا النسائي([9]) (فإن نوى بطالق) طالقا (من وثاق) بفتح الواو أي قيد([10]) (أو) نوى طالقا (في نكاح سابق، منه أو من غيره([11]) أو أراد) أن يقول (طاهرًا فغلط) أي سبق لسانه (لم يقبل) منه ذلك (حكما) ([12]).
لأنه خلاف ما يقتضيه الظاهر([13]) ويدين فيما بينه وبين الله تعالى، لأنه أعلم بنيته([14]) (ولو سئل: أطلقت امرأتك؟ فقال: نعم؛ وقع) الطلاق([15]) ولو أراد الكذب، أو لم ينوه([16]) لأن "نعم" صريح في الجواب، والجواب الصريح، للفظ الصريح صريح([17]) (أو) سئل الزوج (ألك امرأة؟ فقال: لا([18]) وأراد الكذب) أو لم ينوبه الطلاق (فلا) تطلق، لأنه كناية، تفتقر إلى نية الطلاق، ولم توجد([19]).
وإن أَخرج زوجته من دارها، أو لطمها، أو أطعمها ونحوه([20]) وقال: هذا طلاقك، طلقت، وكان صريحا([21]). ومن طلق واحدة من زوجاته، ثم قال عقبه لضرتها: أنت شريكتها، أو مثلها. فصريح فيهما([22]) وإن كتب صريح طلاق امرأته بما يبين، وقع وإن لم ينوه([23]) لأنها صريحة فيه([24]).
فإن قال: لم أُرد إلا تجويد خطي، أَو غم أهلي قبل([25]) وكذا لو قرأ ما كتبه، وقال: لم أقصد إلا القراءة([26]) وإن أتى بصريح الطلاق من لا يعرف معناه، لم يقع([27]).



([1])مما لا يحتمل غيره، من كل شيء وضع له اللفظ، من طلاق وغيره.
([2])فهو صريح فيه، موضوع له على الخصوص، ثبت له عرف الشرع والاستعمال.
([3])لم يقع.
([4])لم يقع أيضًا، لأنه غير صريح فيه، وكذا لو قال: أطلقك. لم يقع.
([5])بكسر اللام.
([6])لأنه لا يدل على الإيقاع، وذكر الشيخ – في البيوع – أنه لا ينعقد بما كان من هذه الألفاظ محتملا، فإنه يكون كناية، حيث تصح الكناية كالطلاق ونحوه، ويعتبر دلالات الأحوال.
([7])أي بصريح الطلاق، الذي لا يحتمل غيره، بحسب الوضع العرفي، كلفظ الطلاق، وما تصرف منه، كما تقدم، غير حاك له أو نحوه.
([8])أي وإن لم ينو بصريح الطلاق الطلاق، فيقع باطنا وظاهرا، لأن الصرائح لا تفتقر إلى نية، ولو كان الآتي بالصريح جادا، ضد الهازل، أو كان هازلا لاعبًا، حكاه ابن المنذر إجماع من يحفظ عنه.
([9])وروي عن عبادة مرفوعًا «لا يجوز اللعب في ثلاث» وذكر الطلاق، وقال «فمن قالهن فقد وجبن» فدل على وقوع الطلاق من الهازل، وأنه لا يحتاج إلى النية في الصريح، وهو مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم، وحكى غير واحد اتفاق عامة أهل العلم على أن صريح لفظ الطلاق، إذا جرى على لسان البالغ العاقل، فإنه مؤاخذ به، وإن قال: كنت هازلا، قال ابن القيم: يقع عند الجمهور. وكذلك نكاحه، صحيح، كما في الحديث.
قال: وذلك أن الهازل قاصد للقول، مريد له، مع علمه بمعناه وموجبه، وقصد المعنى، المتضمن للمعنى، قصد لذلك المعنى، لتلازمهما، وليس للعبد مع تعاطي السبب أن لا يترتب عليه موجبه، وقال الشيخ: هذه صيغ إنشاء، من حيث أنها تثبت الحكم، وبها تم، وهي إخبار، لدلالتها على المعنى الذي في النفس.
([10])وهو ما يوثق به الشيء من حبل وغيره، دين ولم يقبل حكما، وإن صرح باللفظ، فقال: من وثاقي، أو وثاق. لم تطلق، لأن ما يتصل بالكلام يصرفه عن مقتضاه.
([11])لم يقبل حكما.
([12])أو أنه أراد أن يقول: طلبتك. فسبق لسانه، فقال: طلقتك. لم يقبل حكما.
([13])إذ يبعد إرادة ذلك عرفا، ويتخرج أن يقبل قوله، إذا صرف لفظه إلى ممكن، وكان عدلا، وعن أحمد: يقبل حكما. واختاره الشيخ وغيره، إلا في حال غضب، أو سؤالها، فلا يقبل قولا واحدا.
([14])إن لم يترافعا، هذا المذهب، ويوكل إلى دينه باطنا، فإن كان كاذبا لم يقع عليه.
([15])أو قيل له: امرأتك طالق؟ فقال: نعم. وقع الطلاق.
([16])بخلاف ما لو كتب على حصير بإصبعه، ونحو ذلك.
([17])فلا يحتاج إلى نية، إذ لو قيل له: ألزيد عليك ألف؟ فقال: نعم؛ كان إقرارا.
([18])أو قال: ليس لي امرأة، أو لا امرأة لي.
([19])ومن أراد الكذب لم ينو الطلاق، وكذا لو حلف بالله أنه لا امرأة له، ولم يرد به الطلاق، وإن أراد بهذا اللفظ طلاقها طلقت، لأنها كناية صحبتها النية، وقال الشيخ: يجب أن يفرق بين قول الزوج: ليست لي بامرأة، وما أنت لي بامرأة وبين قوله: ليست لي امرأة، وبين قوله، إذا قيل: ألك امرأة؟ فقال: لا. فإن الفرق ثابت بينهما، وصفا، وعددا، إذ الأول نفي لنكاحها، ونفي النكاح عنها كإثبات طلاقها، يكون إنشاء، ويكون إخبارًا، بخلاف نفي المنكوحات عموما، فإنه لا يستعمل إلا إخبارًا.
([20])كأن ألبسها ثوبا، أو قبلها، ونحو ذلك.
([21])لأن هذا اللفظ جعل هذا الفعل طلاقا منه، كأنه قال: أوقعت عليك طلاقا، هذا الفعل من أجله، لأن الفعل بنفسه لا يكون طلاقا، فلابد من تقديره فيه، ليصح لفظه به، فيكون صريحا فيه من غير نية، وقدم الموفق وغيره: أن هذا كناية ونصره. وقال أكثر الفقهاء: ليس بكناية، ولا يقع به طلاق.
([22])أي في كونها شريكة ضرتها في الطلاق، أو في كونها مثلها في الطلاق، لا يحتاج إلى نية، لأنه جعل الحكم فيهما واحدا، إما بالشركة في لفظه، أو بالمماثلة، ولا يحتمل غير ما فهم منه، فكان صريحا، كما لو أعاده عليها بلفظه.
([23])أي خطه، بأن يقرأ في العرف وقع، على الصحيح من المذهب، وعليه جماهير الأصحاب، وفي الفروع: يتخرج أنه لغو. وفي الإنصاف: النفس تميل إلى عدم الوقوع. أما لو خط بإصبعه على فخذه، أو في الهواء مثلا، ونحو ذلك، لم يسم خطا، وفي الإنصاف: لم يقع، بلا خلاف عند أكثر الأصحاب.
([24])لأن الكتابة حروف يفهم منها الطلاق، أشبهت النطق، هذا المشهور
في المذهب، وعنه: أنه كناية فلا يقع من غير نية، جزم به في الوجيز، وصوبه في الإنصاف، وهو قول أبي حنيفة، ومالك، ومنصوص الشافعي، وذكره غير واحد قول الجمهور.

([25])لأنه إذا نوى تجويد خطه، أو تجربة قلمه، أو غم أهله، ونحو ذلك، فقد نوى غير الطلاق، ولو نوى باللفظ غير الإيقاع لم يقع، ويقبل منه ذلك حكما.
([26])قبل منه، كلفظ الطلاق، إذا قصد به الحكاية ونحوها.
([27])لأنه لم يقصد الطلاق، لعدم علمه معناه، كما لو نطق أعجمي بلفظ الطلاق بالعربية، ولا يفهمه، لم يقع، ولا يقع بغير لفظ، إلا في موضعين، إذا كتبه ونواه كما تقدم، ومن لا يقدر على الكلام كالأخرس، إذا طلق زوجته بالإشارة، لقيامها مقام خطه، وهو مذهب الشافعي، وأصحاب الرأي، قال الموفق: ولا نعلم عن غيرهم خلافهم.


  #5  
قديم 24 ربيع الثاني 1432هـ/29-03-2011م, 03:36 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / الشيخ ابن عثيمين رحمه الله


وَصَرِيحُهُ لَفْظُ الطَّلاَقِ، وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُ، غَيْرَ أَمْرٍ، وَمُضَارِ عٍ، وَمُطَلِّقَةٍ اسْمَ فَاعِلٍ، فَيَقَعُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ جَادٌّ أَوْ هَازِلٌ، ..................
قوله: «وصريحه» يعني صريح الطلاق؛ وهنا صريح وكناية، والضابط في الصريح ما لا يحتمل غير معناه، والكناية ما يحتمله وغيره.
قوله: «لفظ الطلاق وما تصرف منه» فلفظ الطلاق مثل أن يقول: أنت طالق أو أنت الطلاق، فإذا قال: أنت الطلاق طلقت؛ لأن الطلاق اسم مصدر يطلق، والمصدر تطليقاً، فإذا قال: أنت الطلاق، فقد جعلها نفس الطلاق مبالغة، أو نجعل الطلاق بمعنى اسم الفاعل يعني أنت طالق، أو نجعلها على تقدير مضاف، أي: أنت ذات الطلاق.
فإذا وصف الفاعل بالمصدر فله ثلاثة توجيهات: إما أن يكون وُصف به مبالغة، أو أن المصدر بمعنى اسم الفاعل، أو أنه على تقدير مضاف، كما في قوله تعالى: {{وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ}} [البقرة: 177] .
وقوله: «وما تصرف منه» مثل: أنت طالق، أو طلقتك، أو أنت مطلقة، واستثنى المؤلف مما تصرف منه فقال:
«غير أمر ومضارع ومُطَلِّقَةٍ اسم فاعل» فقوله: «غير أمر» مثل «طَلِّقي أو اطلقي» فهذا ما يقع به الطلاق.
وقوله: «ومضارع» مثل «تطلقين» فلا يقع؛ لأنه خبر بأنها ستطلق، والطلاق بيد الزوج، وأما إذا أراد به الحال فإنها تطلق؛ لأن المضارع يصح للحال والاستقبال.
وقوله: «ومُطلِّقةٍ اسمَ فاعلٍ» أما لو قال: مُطلَّقَةٌ اسم مفعول فعليها، ويقع الطلاق.
قوله: «فيقع به» يعني فيقع الطلاق بالصريح، ولكن تقدم لنا أنه لا يصح إلا من زوج أو وكيله، ولا بد أن يكون من مكلف أو مميز يعقله، فإذا وقع الطلاق من أهله فإنه يقع بالصريح.
قوله: «وإن لم ينوه» يعني وإن لم ينوِ الطلاق، مثل إنسان قال لزوجته: أنت طالق، وما نوى شيئاً ولا نوى الطلاق، وهو يعرف أن معنى «أنت طالق»، أنني فارقتك، فإنه يقع الطلاق به، وإن لم ينوه؛ وذلك لأنه فراق معلق على لفظ فحصل به، وليس عملاً يتقرب به الإنسان إلى ربه حتى نقول: إنما الأعمال بالنيات، فمتى وجد تَمَّ الفراق، مثل البيع والشراء والإجارة والهبة إذا حصل من الإنسان، ولو لم ينوِ ما دام وجد اللفظ، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله.
واعلم أنه إذا طلق فتارة ينوي الطلاق، وتارة ينوي غيره، وتارة لا ينوي شيئاً، فإن نوى الطلاق وقع ولا إشكال فيه، وإن لم ينوِ الطلاق، بل قصد أنت طالق؛ أي: غير مربوطة فهذا لا يقع به الطلاق، وإن لم ينوِ الطلاق ولا غيره فهذا موضع خلاف؛ فمن العلماء من قال: تطلق؛ أخذاً بظاهر اللفظ.
وقال بعض أهل العلم: إنه إذا لم ينوه فإنه لا يقع؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {{لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُّمُ الأَيْمَانَ}} [المائدة: 89] مع أن اليمين له حكم معلق عليه، فإذا حلف الإنسان تعلق الحكم بيمينه، ومع ذلك لم يجعله الله ـ سبحانه وتعالى ـ معتبراً إلا إذا نواه، فإذا كان اليمين لا ينعقد إلا بالنية، فالطلاق ـ أيضاً ـ لا ينعقد إلا بالنية، فمن لم ينوه لم يقع، ولكن سبق لنا أن من لم ينوه لإغلاق فإنه لا يقع طلاقه، وكلامنا فيمن ليس عنده إغلاق، وهذا القول تعليله قوي جداً، إذ كيف يؤاخذ الإنسان بلفظ جرى على لسانه بدون قصد؟! قالوا: إن اليمين حق بينه وبين الله وقد عفا الله عنه، بخلاف الطلاق فهو حق بينه وبين غيره، فالزوجة تقول: حصل اللفظ نوى أو ما نوى، فما دام حصل اللفظ فهي تطالب بالفراق.
قوله: «جاد أو هازل» يعني أنه يقع من الجاد ومن الهازل، والفرق بينهما أن الجاد قصد اللفظ والحكم، والهازل قصد اللفظ دون الحكم، فالجاد طلق زوجته قاصداً اللفظ وقاصداً الحكم وهو الفراق، وأما الهازل فهو قاصد للفظ غير قاصد للحكم، يقول مثلاً: أنا أمزح مع زوجتي، فقلت: أنت طالق، أو ما أشبه ذلك، وما قصدت أنها تطلق، فنقول: الحكم يترتب عليه؛ لأن الصيغة وجدت منك، وهي أنت طالق، أو زوجتي مطلقة، أو ما أشبه ذلك، والحكم إلى الله، فما دام وجد لفظ الطلاق من إنسان عاقل، يع قل ويميز ويدري ما هو، فكونه يقول: أنا ما قصدت أنه يقع، فهذا ليس إليه بل إلى الله، هذا من جهة التعليل والنظر، أما من جهة الأثر فحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة)) [(1)] ، وفي رواية: «والعتق»[(2)].
وقال بعض أهل العلم: إنه لا يقع الطلاق من الهازل، وكيف يقع الطلاق من الهازل وهو لم يرِدْه، إنما أراد اللفظ فقط؟!
وشنَّعوا على من قال بوقوع طلاق الهازل، فقالوا: أنتم تقولون: إنه هَزْلٌ، ليس بجد، فهو يضحك ويمزح، فكيف تقولون: يقع، وتعاملونه معاملة الجد؟!
ولكن الرد على هؤلاء أن نقول: إننا ما قلنا إلا ما دل عليه الدليل، والحديث صححه بعضهم وحسنه بعضهم، ولا شك أنه حجة فنحن نأخذ به، وهو قول عامة الأمة، ثم إن النظر يقتضيه؛ لأننا لو أخذنا بهذا الأمر، وفتحنا الباب لكان كل واحد يدعي هذا، لا يبقى طلاق على الأرض.
فالصواب: أنه يقع سواء كان جادّاً أو هازلاً، ثم إن قولنا بالوقوع فيه فائدة تربوية، وهي كبح جماح اللاعبين، فإذا علم الإنسان الذي يلعب بالطلاق وشبهه أنه مؤاخذ به فما يقدم عليه أبداً، والقول بأنه غير مؤاخذ به لا شك أنه يفتح باباً للناس، وتتخذ آيات الله هزواً.

فَإِنْ نَوَى بِطَالِقٍ مِنْ وَثَاقٍ، أَوْ فِي نِكَاحٍ سَابِقٍ مِنْهُ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ أَرَادَ طَاهِراً فَغَلِطَ لَمْ يُقْبَلْ حُكْمَاً، وَلَوْ سُئِلَ: أَطَلَّقْتَ امْرَأَتَكَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ؛ وَقَعَ، أَوْ أَلَكَ امْرَأَةٌ؟ فَقَالَ: لاَ، وَأَرَادَ الكَذِبَ فَلاَ.
قوله: «فإن نوى بطالق من وثاق» يعني إن نوى بكلمة «طالق» طالقاً من وثاق، فهل يقبل؟ يقول المؤلف: «لم يقبل حكماً» فإن قال لزوجته: أنت طالق، وقال: أنا ناوٍ طالقاً من وثاق، يعني ما قيدت يديك ورجليك، فنقول: اللفظ يحتمل ولكن لا يقبل حكماً؛ أي: عند المحاكمة، فإن رافعته وحاكمته ما يقبل؛ لأن ما يدعيه خلاف ظاهر لفظه؛ لأن القاضي إنما يحكم بالظاهر لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((إنما أقضي بنحو ما أسمع)) [(3)] ، فإذا لم تحاكمه وصدقته ووكلت الأمر إلى دينه فهي زوجته، وأما فيما بينه وبين الله فإنه يقبل.
فإذا قال قائل: هل الأولى للمرأة أن تحاكمه لتطلق، أو تصدقه فلا تطلق؟ في هذا تفصيل، إذا كان الزوج ممن يتقي الله عزّ وجل، وعلمنا أنه صادق بقوله: إنه أراد طالق من وثاق، فيحرم عليها أن تحاكمه؛ لأنها تعتقد أنه لم يطلقها وأنه صادق، وأما إذا كان الرجل لا يخاف الله عزّ وجل وهو رجل متهاون، فيجب عليها أن تحاكمه، فإن ترددت في ذلك فالأولى ألا تحاكمه؛ لأن الأصل بقاء النكاح.
قوله: «أو في نكاح سابق منه أو من غيره» قال: نعم أنا أردت أنت طالق، لكن في النكاح السابق، أي: أردت الخبر لا الإنشاء، فإن كانت لم تتزوج لم يقبل كلامه، وإن كان هو نفسه قد تزوجها من قبل، ثم طلقها لم يقبل حكماً إذا رافعته؛ لأن ما يدعيه خلاف الظاهر؛ إذ إن الظاهر أنه أراد طالق الآن.
قوله: «أو أراد طاهراً فغلط لم يقبل حكماً» أي: لو قال: أردت طاهراً فغلطت، بأن قال: أنت طالق، ثم قال: أردت أنت طاهر، لكن سبق لسانه، فهل يقبل أو لا؟ أما حكماً فلا يقبل، وأما فيما بينه وبين الله فيقبل.
قوله: «ولو سئل: أطلَّقت امرأتك؟ فقال: نعم، وقع» لأن معنى «نعم» أي: طلقتها، كما سئل أنس رضي الله عنه: أكان النبي صلّى الله عليه وسلّم يصلي في نعليه؟ قال: نعم[(4)]، يعني يصلي في نعليه.
قوله: «أو ألك امرأة؟ فقال: لا، وأراد الكذب فلا» فلو سئل: ألك امرأة؟ فقال: لا، فهذا فيه تفصيل: إن أراد الطلاق وقع، وإن أراد أن يكذب على الرجل فإنه لا يقع؛ لأن هذا خبر كاذب لا يقع به طلاق، وينبغي أن تخرج المسألة التي قبلها على هذه، بمعنى أنه إذا سئل: أطلقت امرأتك؟ فقال: نعم، فيقال: إذا أراد الكذب فإنه لا يقع وإن أراد الطلاق فإنها تطلق؛ لأنها كناية، والكناية لا يقع بها الطلاق إلا بنية أو قرينة، وعلى هذا فلا تطلق امرأته، سواء أراد الكذب، أو لم يرد شيئاً.
فصارت الأقسام ثلاثة، أن يريد الطلاق، أن يريد الكذب، ألا يريد شيئاً، فإذا أراد الطلاق وقع الطلاق، وإذا لم يرد شيئاً، أو أراد الكذب فلا طلاق؛ لأنه ليس بصريح.
فإذا قال قائل: إذا كان ليس بصريح، فلماذا توقعون الطلاق عليه؟ قلنا: لأن اللفظ يحتمله وقد نواه، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)) [(5)]، فما دام اللفظ يحتمله ونواه يقع، ولا مانع منه، أما إذا كان اللفظ لا يحتمله فإنه لا يقع به الطلاق، ولو نواه، مثل أن يقول: أنت طويلة، أو أنت قصيرة، وقال: نويت الطلاق فلا تطلق؛ لأن هذا اللفظ لا يحتمل الطلاق إطلاقاً؛ إذاً الكناية ما يقع بها الطلاق إلا إذا كانت مما يحتمل الطلاق، أما ما لا يحتمله فليس بشيء.
قال في الروض: «وإن كتب صريح طلاق امرأته بما يبين وقع وإن لم ينوه؛ لأنها صريحة فيه» [(6)]؛ لأن الكتابة صريح؛ لقول الله تعالى: {{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ}} [البقرة: 282] ، ولقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين، إلا ووصيته مكتوبة عنده)) [(7)]، فإذا كتبه بما يَبِين وقع الطلاق، مثل أن يكتب امرأتي فلانة طالق.
وقوله: «بما يَبِين» احترازاً مما لو كتبه بما لا يبين، مثل أن يكتب بأصبعه على الجدار: امرأتي فلانة طالق، أو كتب على الماء امرأتي فلانة طالق فلا يقع، ويوجد حِبْر الآن يبين لكن يبقى عشر ثوانٍ ويمحى، فظاهر كلام الفقهاء أنه إن كان يبين ولو لحظة فهو طلاق.
قال في الروض: «فإن قال: لم أرد إلا تجويد خطي، أو غَمَّ أهلي قُبل»[(8)]، أي قال: أنا أود أن أتعلم الكتابة، وكتبت امرأتي فلانة طالق، وما أردت إلا هذا، فإنه يُقبل، أو قال: أردت إذا رأت الورقة أن تغتم، وما أردت الطلاق، يقولون: إنه يقبل منه، مع أنهم يقولون: إن الكتابة صريح، والصريح أقل أحواله أن يُدَيَّنَ صاحبه؛ بمعنى أننا نقبله إن رضيت المرأة به، وإلا فالحاكم يُلزمه بالطلاق، والسبب في أنهم فرقوا بين الكتابة واللفظ في هذا المقام أن العادة أن الذي يريد أن يكتب طلاق امرأته فإنه لا يأتي به هكذا، بل لا بد أن يأتي بشهود، ويكون مؤرخاً، ويكون له شأن، فهذا الظاهر والله أعلم، وإلا فعند التأمل فلا فرق بينهما.
فلو طلبت المرأة منه الطلاق، وكتب الطلاق، وقال: أردت غم أهلي، أو إجادة الكتابة فلا يقبل؛ لأن القرينة تكذبه.
أو طلبت امرأة من زوجها أن يكتب طلاقها، فقال: لا بأس أنا أكتب الطلاق، ولكن بشرط أنك تحفظينه عندك حتى لا يطلع عليه أحد، فكتب: أقول، وأنا كاتب الأحرف فلان ابن فلان: إذا اشتاقت امرأتي إليَّ فلتتفضل، وأعطاها الورقة، فظنت أن هذا هو الطلاق، فلما مضت العدة قالت لأهلها: إن زوجها طلقها، فلما فتحوا الورقة فإذا المسألة خلاف الطلاق.
فهذه يسمونها تورية، ظاهرها بالنسبة لها أنه طلق، وهو في الحقيقة ما طلق.
ولو قالت له امرأته: طلقني، فقال: بعد يومين أو ثلاثة، فإذا مضى اليومان أو الثلاثة ولم يطلق فما يكون شيئاً؛ لأن الوعد ليس إيقاعاً، وهذه دائماً تقع عند الناس، يقول مثلاً: اذهبي لأهلك وأنا أكتب ورقتك، أو تلحقك ورقتك، ثم بعد ذلك لا يكتب الطلاق، فإذا لم ينوِ الطلاق في قوله: اذهبي لأهلك، فإنه يعتبر وعداً، إن كتبه فيما بعد وقع الطلاق، وإلا فلا.
ومثله ـ أيضاً ـ لو جاء إلى كاتب وقال له: اكتب طلاق زوجتي فلانة، فهل تطلق بهذا القول أو ما تطلق حتى يكتب؟
نقول: إن كان يريد منه أن يكتب طلاقاً سابقاً وقع منه، فهذا وقع الطلاق بالكلام السابق، ويكون الأمر هنا للتوثيق فقط.
أما إذا قال: اكتب طلاق زوجتي، كتوكيل له أن يطلقها الآن، فإنها لا تطلق حتى يكتبه؛ لأنه وكله في إيقاع الطلاق بالكتابة، ولم تحصل، فنقول: ما دام لم يكتب فلا يكون شيئاً.
ولهذا إذا قال: اكتب طلاق زوجتي فللكاتب أن يقول: هل هي طاهر طهراً لم تمسها فيه؟ هل هي حائض؟ هل هي حامل؟ حتى يتبين الوقت الذي يحل فيه الطلاق ثم يكتب على حسبه، وله ـ أيضاً ـ أن يشير عليه، فيقول: انتظر، فإن الله يقول: {{فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}} [النساء: 19] .



[1] أخرجه أبو داود في الطلاق/ باب في الطلاق على الهزل (2194)، والترمذي في الطلاق/ باب ما جاء في الجد والهزل والطلاق (1184)، وابن ماجه في الطلاق/ باب من طلق أو نكح... (2039) عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال الترمذي: «حسن غريب»، وحسنه الحافظ في التلخيص (3/210).
[2] أخرجه الطبراني في الكبير (18/34).
[3] أخرجه البخاري في الأحكام/ باب موعظة الإمام الخصوم (7169)، ومسلم في الأقضية/ باب بيان أن حكم الحاكم لا يغير الباطن (1713) عن أم سلمة رضي الله عنها.
[4] أخرجه البخاري في الصلاة/ باب الصلاة في النعال (386)، ومسلم في الصلاة/ باب جواز الصلاة في النعلين (555) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
[5] سبق تخريجه (ص17).
[6] الروض المربع مع حاشية ابن قاسم (6/502).
[7] أخرجه البخاري في الوصايا/ باب الوصايا (2738)، ومسلم في الوصية/ باب وصية الرجل مكتوبة عنده (1627) عن ابن عمر رضي الله عنهما.
[8] الروض المربع مع حاشية ابن قاسم (6/503).


التوقيع :

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ألفاظ, صريح

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:15 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir