دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب المناسك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19 صفر 1430هـ/14-02-2009م, 09:59 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي ألفاظ التلبية وحكم رفع الصوت بها في حق الرجل والمرأة

وإذا اسْتَوَى على راحلتِه قالَ: " لَبَّيْكَ اللهمَّ لَبَّيْكَ، لبَّيْكَ لا شريكَ لك لَبَّيْكَ، إنَّ الحمْدَ والنعمةَ لك والْمُلْكَ لا شَريكَ لك، يُصَوِّتُ بها الرجُلُ وتُخْفِيها المرأةُ.


  #2  
قديم 19 صفر 1430هـ/14-02-2009م, 12:43 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

........................

  #3  
قديم 19 صفر 1430هـ/14-02-2009م, 01:05 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(وإذا استَوَى على راحِلَتِه قالَ) قطعَ به جماعَةٌ، والأصَحُّ عَقِبَ إحرامِه: (لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ)؛ أي: أنا مقيمٌ على طاعَتِك وإجابَةِ أَمْرِك. (لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لكَ لَبَّيْكَ إنَّ الحَمْدَ والنِّعْمَةَ لَكَ والمُلْكَ لا شَرِيكَ لكَ) رُوِيَ ذلك عَن ابنِ عُمَرَ عَن رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ في حديثٍ مُتَّفَقٍ عليهِ. وسُنَّ أن يَذْكُرَ نُسُكَهُ فيها، وأن يَبْدَأَ القَارِنُ بذِكْرِ عُمْرَتِه وإكثارِ التَّلبيَةِ، وتَتَأَكَّدُ إذا عَلاَ نَشَزاً، أو هَبَطَ وَادِياً، أو صَلَّى مَكْتُوبةً، أو أَقْبَلَ ليلٌ أو نهارٌ، أو التَقَتِ الرفاقُ، أو سَمِعَ مُلَبِّياً، أو فَعَلَ محظُوراً ناسياً، أو رَكِبَ دَابَّتَه، أو نَزَلَ عنها، أو رَأَى البيتَ.
(يُصَوِّتُ بها الرجلُ)؛ أي: يَجْهَرُ بالتلبيةِ لخبرِ السَّائِبِ بنِ خَلادٍ مَرْفُوعاً ((أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالإِهْلالِ والتَّلْبِيَةِ)) وصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ. وإنَّمَا يُسَنُّ الجَهْرُ بالتلبيةِ في غيرِ مساجِدِ الحِلِّ وأَمْصَارِه وفي غيرِ طوافِ القُدُومِ والسَّعْيِ بعدَه، وتُشْرَعُ بالعربيَّةِ لقادرٍ وإلا فبلُغَتِه. ويُسَنُّ بعدَها دعاءٌ وصلاةٌ على النبِيِّ صلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ. (وتُخْفِيها المرأةُ) بقَدْرِ ما تَسْمَعُ رَفِيقَتُها، ويُكرَهُ جَهْرُها فوقَ ذلك مخافَةَ الفِتْنَةِ، ولا تُكْرَهُ التلبيةُ لحَلاَلٍ.


  #4  
قديم 19 صفر 1430هـ/14-02-2009م, 01:06 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(وإذا استوى على راحلته قال) ([1]) قطع به جماعة([2]) والأصح عقب إحرامه([3]) (لبيك اللهم لبيك) ([4]).
أي: أنا مقيم على طاعتك وإجابة أَمرك([5]) (لبيك لا شريك لك لبيك([6]) إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك) ([7]).
روي ذلك عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، في حديث متفق عليه([8]). وسن أَن يذكر نسكه فيها([9]).
وأَن يبدأَ القارن بذكر عمرته([10]) وإكثار التلبية([11]) وتتأكد إذا علا نشزًا([12]) أو هبط واديًا([13]) أو صلى مكتوبة([14]) أو أقبل ليل أو نهار([15]).
أو التقت الرفاق([16]) أو سمع ملبيًا([17]) أو فعل محظورًا ناسيًا([18]) أو ركب دابته، أو نزل عنها([19]) أو رأى البيت([20]) (يصوت بها الرجل) أي يجهر بالتلبية([21]) لخبر السائب بن خلاد مرفوعًا «أتاني جبرئيل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال والتلبية» صححه الترمذي([22]).
وإنما يسن الجهر بالتلبية، في غير مساجد الحل وأَمصاره([23]) وفي غير طواف القدوم، والسعي بعده([24]) وتشرع بالعربية لقادر، وإلا فبلغته([25]).
ويسن بعدها دعاء([26]) وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم([27]) (وتخفيها المرأة) بقدر ما تسمع رفيقتها([28]) ويكره جهرها فوق ذلك، مخافة الفتنة([29]).
ولا تكره التلبية لحلال([30]).



([1]) أي قال: لبيك، الخ، حال استوائه على راحلته، والتلبية سنة مؤكدة، وأوجبها مالك، وأبو حنيفة في ابتداء الإحرام.
([2]) وجزم به في المقنع وغيره، وتبعهم الماتن.
([3]) أي والأصح: أن السنة ابتداء التلبية عقب إحرامه، قدمه وجزم به في الإقناع، وصححه في شرحه. وعن سعيد بن جبير: قلت لابن عباس: عجبًا لاختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في إهلاله. فقال إني لأعلم الناس بذلك، إنما كانت منه حجة واحدة، فمن هناك اختلفوا، لما صلى في مسجد ذي الحليفة أوجب في مجلسه، فأهل بالحج حين فرغ من ركعتيه، فسمع ذلك منه أقوام، فحفظوا عنه، ثم ركب فلما استقلت به ناقته أهل، فأدرك ذلك أقوام، فحفظوا عنه، وذكر لما علا على البيداء، وايم الله لقد أوجبه في مصلاه. فأزال الإشكال رضي الله عنه. قال الشيخ: يلبي من حين يحرم، سواء ركب دابته أو لم يركبها، وإن أحرم بعد ذلك جاز.
([4]) إجابة لدعوته، قال ابن القيم: ولهذا كان للتلبية موقع عند الله، وكلما أكثر العبد منها كان أحب إلى ربه، وأحظى عنده، فهو لا يملك نفسه أن يقول: لبيك لبيك. حتى ينقطع نفسه.
([5]) أي إقامة على طاعتك بعد إقامة، وإجابة لأمرك لنا بالحج بعد إجابة، «ولبيك» مصدر مثنى، قصد به التكثير، مأخوذ من «لب بالمكان» إذا لزمه، وقيل: اتجاهي وقصدي إليك. والأجود في اشتقاقها، هو العطف على الشيء، والإقبال عليه، والتوجه نحوه، وأصل «لبيك» لببتك، فاستثقلوا الجمع بين ثلاث باءات، فأبدلوا من الثالثة ياء، وقيل: لبيك. محبتي لك، وقيل: إخلاصي لك، وقيل معناها: الخضوع، فالتلبية جواب دعاء، والداعي هو الله تعالى، قال جل وعلا {يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} وقيل: محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل إجابة دعوة الخليل حين نادى بالحج: أيها الناس أجيبوا ربكم. فأجابوه: لبيك، الخ، وفي لفظ: إن ربكم اتخذ بيتًا، وأمركم أن تحجوه. وقطع به البغوي وغيره.
قال الشيخ: والتلبية إجابة دعوة الله تعالى لخلقه، حين دعاهم إلى حج بيته، على لسان خليله إبراهيم، والملبي هو المستسلم المنقاد لغيره، كما ينقاد الذي لبب وأخذ بلبته، والمعنى: إنا مجيبوك لدعوتك، مستسلمون لحكمك، مطيعون لأمرك، مرة بعد مرة، لإنزال على ذلك. اهـ. وفي مشروعية التلبية، تنبيه على إكرام الله لعباده، بأن وفودهم على بيته، إنما كان باستدعاء منه سبحانه.
([6]) كرر التلبية لأنه أراد إقامة بعد إقامة، ولم يرد حقيقة التثنية، وإنما هو التكثير كحنانيك.
([7]) قال القرطبي والطحاوي وغيرهما: أجمع العلماء على هذه التلبية، وكسر همزة «إن» أولى عند جماهير العلماء، وهو كذلك عند الحنفية والشافعية، وحكي الفتح عن أبي حنيفة وآخرين. وقال ثعلب: من كسر فقد عم، يعني حمد الله على كل حال، ومن فتح فقد خص، أي: لبيك لأن الحمد لك «والملك» بالنصب والرفع، النصب عطف على الحمد والنعمة، والرفع بالابتداء، وينبغي الوقف هنا وقفة لطيفة، لئلا يوصل بالنفي بعده فيوهم.
([8]) وقال الترمذي وغيره: ثبتت عن ابن عمر وغيره، والعمل عليه عند بعض أهل العلم، من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، وهو قول سفيان، والشافعي, وأحمد، وإسحاق. اهـ. ولا تستحب الزيادة عليها، لأنه صلى الله عليه وسلم لزم تلبيته فكررها، ولم يزد عليها، قال الشيخ: كان صلى الله عليه وسلم يداوم على تلبيته. وللنسائي «لبيك إله الحق» وإن زاد «لبيك ذا المعارج» أو «لبيك وسعديك»، ونحو ذلك جاز، كما كان الصحابة يزيدون، والنبي صلى الله عليه وسلم يسمعهم، ولم ينههم، وكذا جزم به ابن القيم وغيره.
ولا تكره الزيادة وفاقًا، لما في الصحيحين أن ابن عمر كان يلبى تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويزيد: لبيك وسعديك، والخير بيديك، والرغباء إليك والعمل. وزاد عمر: لبيك ذا النعماء والفضل، لبيك لبيك مرغوبًا ومرهوبًا إليك لبيك. رواه الأثرم، وروي عن أنس أنه كان يزيد: لبيك حقًا حقًا، تعبدًا ورقًا. وروي عن بعض السلف: لبيك لا عيش إلا عيش الآخرة. وعن ابن عمر: اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة. وقال الشافعي: وإن زاد شيئًا من تعظيم الله، فلا بأس، ولأن المقصود الثناء على الله، وإظهار العبودية له، فلا مانع من الزيادة، واستحبها أبو حنيفة.
([9]) فيقول: لبيك عمرة. أو: لبيك عمرة متمتعًا بها إلى الحج. أو: لبيك عمرة وحجًا. لحديث أنس: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «لبيك عمرة وحجًا» وعن جابر وابن عباس نحوه، متفق عليه، ويقول النائب: لبيك عن فلان. وتجزئ النية، قال أحمد: إذا حج عن رجل، يقول أول ما يلبي، عن فلان. ثم لا يبالي أن لا يقول بعد.
([10]) أي يسن أن يبدأ القارن الحج بالعمرة بذكر العمرة، فيقول: لبيك عمرة وحجًا. للخبر المتفق على صحته.
([11]) بالرفع عطفًا على سابقه باعتبار سبكه، أي وسن إكثار التلبية، لخبر سهل ابن سعد «ما من مسلم يلبي، إلا لبى ما عن يمينه وشماله، من شجر، أو حجر، أو مدر، حتى تنقطع الأرض من ههنا ومن ههنا» رواه الترمذي وغيره، بسند جيد.
([12]) أي وتتأكد التلبية والإكثار منها «إذا علا نشزًا» بالتحريك: المكان المرتفع، باتفاق الأئمة، للخبر الآتي، وخبر: إذا علونا سبحنا، والتلبية حال الإحرام: تقال مكان التسبيح.
([13]) تأكد التلبية وفاقًا، للخبر.
([14]) أي وتتأكد التلبية دبر الصلاة المكتوبة وفاقًا، ولو في غير جماعة، لما روي عن جابر، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم «يلبي في حجته إذا لقي راكبًا، أو علا أكمة، أو هبط واديًا، وفي أدبار الصلاة المكتوبة، وفي آخر الليل. وقال إبراهيم: كانوا يستحبون التلبية دبر الصلاة المكتوبة، وفي آخر الليل، وإذا هبط واديًا، وإذا علا نشزًا، وإذا لقي راكبًا، وإذا استوت به راحلته. قال أحمد: يجزئ بعد الصلاة مرة، ولا يستحب تكرارها في حالة واحدة، وثلاث أحسن».
([15]) وبالأسحار، واختلاف الأحوال.
([16]) اتفاقًا، و«التقت» بـ«القاف» قبلها تاء، وبعدها تاء، فوقيتان، وهو الصحيح كما في الإقناع والمنتهى وغيرهما. وفي بعض النسخ بـ«الفاء» قبلها تاء فوقية، وبعد الفاء فوقيتان.
([17]) لبى، فإنه كالمذكر له.
([18]) إذا ذكره، لتدارك الحج، واستشعار إقامته عليه، ورجوعه إليه.
([19]) لتغير حاله بالركوب أو النزول.
([20]) أي الكعبة المشرفة، وفي المستوعب: تستحب عند تنقل الأحوال به. اهـ. وتستحب في مكة والبيت، وسائر مساجد الحرم، كمسجد منى، وعرفات، وسائر بقاع الحرم، لأنها مواضع النسك، وذكر شيخ الإسلام وغيره استحباب الإكثار من التلبية، عند اختلاف الأحوال، كما تقدم، إلا بوقوفه بعرفة ومزدلفة، لعدم نقله، وقال: قد روي «أن من لبى حتى تغرب الشمس، فقد أمسى مغفورًا له» وقال النخعي: كانوا يستحبون التلبية في هذه الأحوال. ولأن التلبية كالتكبير في الصلاة، فيأتي بها عند الانتقالات من حال إلى حال، وإذا رأى شيئًا يعجبه، قال: لبيك إن العيش عيش الآخرة.
([21]) باتفاق أهل العلم.
([22]) وأصل الإهلال في اللغة: رفع الصوت. ومنه: استهل المولود. صاح، وقال أنس: سمعتهم يصرخون بها صراخًا. رواه البخاري، ولأحمد من رواية ابن إسحاق إن جبرئيل قال للنبي صلى الله عليه وسلم «كن عجاجًا ثجاجًا» وللترمذي عن أبي بكر، وقال غريب: سئل أي الحج أفضل؟ قال «العج والثج» وقال أحمد وابن معين: أصل الحديث معروف. ولأنها شعار الحج، وليقتدى به.
قال الشيخ وغيره: التلبية شعار الحج، فأفضل الحج العج والثج، والعج: رفع الصوت بالتلبية «والثج» إراقة دماء الهدي، ولهذا يستحب رفع الصوت بها للرجل، بحيث لا يجهد نفسه، وقال أبو حازم: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يبلغون الروحاء، حتى تبح حلوقهم من التلبية.
([23]) أي أمصار الحل، قال أحمد: إذا أحرم في مصره، لا يعجبني أن يلبي حتى يبرز، لقول ابن عباس – لمن سمعه يلبي بالمدينة -: إن هذا لمجنون، إنما التلبية إذا برزت. واحتج القاضي وأصحابه، بأن إخفاء التطوع أولى، خوف الرياء على من لا يشاركه أحد في تلك العبادة، بخلاف البراري: وعرفات، والحرم، ومكة.
([24]) أي فيكره رفع الصوت بها حينئذ، لئلا يخلط على الطائفتين، ولا بأس فيهما سرًا، قال الأصحاب: لا يظهرها في الحرم وفاقًا. وأما المتمتع والمعتمر، فيقطعانها إذا شرعا في الطواف، كما سيأتي، إلا عند مالك، فإذا دخل الحرم قطعها، وإن أحرم من أدنى الحل، فإذا رأى البيت. قال الشيخ: ويستحب أن يلبي عن أخرس، ومريض، وصغير، ومجنون، ومغمى عليه، تكميلاً لنسكهم كالأفعال.([25]) أي وتشرع التلبية بالعربية لقادر عليها، لأنه ذكر مشروع، فلم يشرع بغير العربية مع القدرة، كسائر الأذكار، وإن لم يكن قادرًا على العربية، لبى بلغته، كالتكبير في الصلاة.
([26]) بما أحب بلا نزاع، لأنه مظنة إجابة الدعاء، ويسأل الله الجنة، ويعوذ به من النار، لما رواه الدارقطني وغيره: كان إذا فرغ من تلبيته سأل الله مغفرته، واستعاذ برحمته من النار.
([27]) أي ويسن – عقب التلبية والدعاء – صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه موضع يشرع فيه ذكر الله، فشرعت فيه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، كالصلاة والأذان، ولا يرفع بذلك صوته.
قال الشيخ: وإن دعا عقب التلبية وصلى على رسوله الله صلى الله عليه وسلم، وسأل الله رضوانه والجنة، واستعاذ برحمته من سخطه والنار فحسن. وكذا قال غير واحد من أهل العلم، ويسأل ما شاء لنفسه، ولمن أحبه من المسلمين.
([28]) ويعتبر أن تسمع نفسها وفاقًا، فإنها لا تكون متلفظة بذلك إلا كذلك، وأجمع أهل العلم: أنه لا يلبي عنها غيرها، هي تلبي عن نفسها.
([29]) أي يكره رفع صوتها بالتلبية فوق ما تسمع رفيقتها، مخافة الفتنة بصوتها إذا رفعته، قال ابن المنذر وغيره: أجمع أهل العلم، على أن السنة في المرأة، أن لا ترفع صوتها. اهـ. والكراهة مقيدة بما إذا لم يتحقق سماع أجنبي لها، وإلا فيحرم.
([30]) وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي، وجمهور أهل العلم، لأنها ذكر مستحب للمحرم، فلم تكره لغيره، كسائر الأذكار، قال في الفروع: ويتوجه احتمال: يكره؛ وفاقًا لمالك، لعدم نقله، وتكره في خلاء، ومحل نجس، كسائر الأذكار.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


  #5  
قديم 12 ربيع الثاني 1432هـ/17-03-2011م, 12:37 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

وَإِذا اسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ قالَ: «لَبَّيْكَ اللَّهُمْ لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْك، لاَ شَرِيكَ لَكَ»......
قوله: «وإذا استوى على راحلته» ، أي: علا واستقر، أي: ركب ركوباً تاماً قال:
«لبيك اللهم لبيك» ، ظاهره أنه لا يلبِّي إلا إذا ركب، وقد سبق للمؤلف أنه يحرم عقب ركعتين، فهل في كلامه تناقض؟
الجواب: ليس فيه تناقض، فهو ينوي الدخول في النسك بعد أن يصلي، لكن لا يلبي إلا إذا استوى على راحلته.
والدليل على هذا أن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ ذكر أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أهَلَّ حين استوى على راحلته[(1)]، وهذا هو القول الأول.
والقول الثاني: يلبي عقب الصلاة، أي: إذا نوى الدخول في النسك وهو المذهب.
والقول الثالث: يلبي إذا علا على البيداء، والبيداء: جبل صغير في ذي الحليفة، فيلبي إذا استوى على أول علوٍّ يكون بعد الاستواء على الراحلة وبعد السير إذا لم يكن في ذي الحليفة.
ودليله حديث جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: «ثم ركب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حتى إذا استوت به راحلته على البيداء أهل بالتوحيد: لبيك اللهم لبيك» [(2)]، وحديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ في «الصحيحين»، وحديث جابر ـ رضي الله عنه ـ في مسلم، فهل بينهما تعارض؟

الجواب: ليس بينهما تعارض؛ لأنهما يحملان على أن جابراً ـ رضي الله عنه ـ لم يسمع التلبية إلا حين استوت راحلة النبي صلّى الله عليه وسلّم به على البيداء، وابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ سمعه يلبي حين استوى على راحلته، فنقل كل منهما ما سمع.
بقي ما رواه النسائي: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم: أهلَّ دبر الصلاة.[(3)]، وهذا يدل على أنه أهل بعد الصلاة.
فيقال: دبر الصلاة ما كان بعدها، واستواؤه على راحلته كان دبر الصلاة، وحتى إذا علت به راحلته على البيداء فهو دبر صلاة.
لكن روى أهل السنن عن عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ بسند فيه نظر أنه جمع بين الروايات المختلفة، وقال: «إن الناس نقل كل واحد منهم ما سمع، وإن النبي صلّى الله عليه وسلّم لبى بعد الصلاة، فسمعه أناس فقالوا: أهلَّ دبر الصلاة، ولبى حين ركب، فسمعه أناس فقالوا: لبى حين ركب، وسمعه ناس حين استوت به راحلته على البيداء، فقالوا: لبى حين استوت به راحلته على البيداء» [(4)]، وهذا الحديث لولا ما قيل في سنده لكان وجهه ظاهراً؛ لأنه يجمع بين الروايات.
ولكن نحن جربنا فائدة كونه لا يلبي إلا إذا ركب؛ لأنه أحياناً يتذكر الإنسان شيئاً كطيب أو شبهه، فإذا قلنا: أحرم بعد الصلاة لم يتمكن من استعمال الطيب بعد الإحرام، لكن إذا قلنا: لا تلبِّ ولا تحرم إلا بعد الركوب حصل في ذلك فسحة، إلا إذا صح حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ، فإنه يبدأ بالتلبية عقب الصلاة.
وقوله: «قال: لبيك اللهم لبيك» ، هذه التلبية عظيمة جداً أطلق عليها جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ التوحيد قال: «حتى إذا استوت به ناقته على البيداء أهل بالتوحيد» [(5)]، والتوحيد هو الذي دعت إليه جميع الرسل، قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ *} [الأنبياء] .
ولبيك كلمة إجابة، والدليل على هذا ما ورد في الصحيح: «أن الله تعالى يقول يوم القيامة: يا آدم، فيقول: لبيك» [(6)]، وتحمل معنى الإقامة من قولهم ألبَّ بالمكان، أي: أقام فيه، فهي متضمنة للإجابة والإقامة، الإجابة لله، والإقامة على طاعته؛ ولهذا فسرها بعضهم بقوله: لبيك، أي: أنا مجيب لك مقيم على طاعتك، وهذا تفسير جيد.
فإذا قال قائل: أين النداء من الله حتى يجيبه المحرم؟
قلنا: هو قوله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً} [الحج: 27] ، أي: أعلم الناس بالحج أو ناد فيهم بالحج {يَأْتُوكَ رِجَالاً}، أي: على أرجلهم، وليس المعنى ضد الإناث، والدليل على أنهم على أرجلهم ما بعدها {وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج: 27] .
وهذه قاعدة مفيدة في التفسير، فإنه قد يعرف معنى الكلمة بما يقابلها.
ومثلها قوله تعالى -وهو أخفى من الآية التي معنا- {فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا} [النساء: 71] فمعنى ثبات متفرقين، مع أن ثبات يبعد جداً أن يفهمها الإنسان بهذا المعنى، لكن لما ذكر بعدها {أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا} علم أن المراد بالثبات المتفرقون.
والتثنية في التلبية هل المقصود بها حقيقة التثنية، أي أجبتك مرتين، أو المقصود بها مطلق التكثير؟
الجواب: المقصود بها الثاني؛ لأن المعنى إجابة بعد إجابة، وإقامة بعد إقامة، فالمراد بها مطلق التكثير، أي: مطلق العدد، وليس المراد مرتين فقط؛ ولهذا قال النحويون: إنها ملحقة بالمثنى وليست مثنى حقيقة؛ لأنه يراد بها الجمع والعدد الكثير.
ولماذا جاءت بالياء الدالة على أنها منصوبة؟
قالوا: لأنها مصدر لفعل محذوف وجوباً، لا يجمع بينه وبينها، والتقدير ألببت إلبابين لك.
ألببت، يعني: أقمت بالمكان إلبابين.
لكن حصل فيها حذف حرف الهمزة، وصارت لبابين، بعد حذف الهمزة.
ثم قيل: تحذف أيضاً الباء الثانية، فنقول لبيك، والياء علامة للإعراب.
وقوله: «اللهم» معناها: ياالله، لكن حذفت ياء النداء وعوض عنها الميم، وجعلت الميم أخيراً، ولم تكن في مكان الياء تبركاً بذكر اسم الله تعالى ابتداء، وعوض عنها الميم؛ لأن الميم أدل على الجمع، ولهذا كانت من علامات الجمع؛ فكأن الداعي جمع قلبه على ربه ـ عزّ وجل ـ، لأنه يقول ياالله.
وقوله: «لبيك» الثانية من باب التوكيد اللفظي المعنوي، هو لفظي؛ لأنه لم يتغير عن لفظ الأول، لكن له معنى جديد فيكرر ويؤكد أنه مجيب لربه مقيم على طاعته: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، لأنك تجيب الله ـ عزّ وجل ـ وكلّما أجبته ازددت إيماناً به وشوقاً إليه، فكان التكرير مقتضى الحكمة، ولهذا ينبغي لك أن تستشعر وأنت تقول: «لبيك» نداء الله ـ عزّ وجل ـ لك، وإجابتك إياه، لا مجرد كلمات تقال.
قوله: «لا شريك لك لَبَّيْك» ، أي: لا شريك لك في كل شيء، وليس في التلبية فقط؛ لأنه أعم، أي: لا شريك لك في ملكك، ولا شريك لك في ألوهيتك، ولا شريك لك في أسمائك وصفاتك، ولا شريك لك في كل ما يختص بك، ومنها إجابتي هذه الإجابة، فأنا مخلص لك فيها، ما حججت رياءً، ولا سمعة، ولا للمال، ولا لغير ذلك، إنما حججت لك ولبَّيت لك فقط.
وقوله: «لا شريك لك» إعرابها: لا نافية للجنس، وشريك: اسمها، ولك خبرها، والنافية للجنس أعم من النافية مطلق النفي؛ لأن النافية للجنس تنفي أي شيء من هذا، بخلاف ما إذا قلت: لا رجلٌ في البيت، بالرفع، فهذه ليست نافية للجنس، بل هذه لمطلق النفي؛ ولهذا يجوز أن تقول: لا رجلٌ في البيت بل رجلان، لكن لو قلت: لا رجلَ في البيت بل رجلان، صاح عليك العالمون بالنحو، وقالوا: هذا غلط، لا يصح أن تقول: لا رجلَ في البيت بل رجلان، فتنفي الجنس أولاً، ثم تعود وتثبت، ولكن إن شئت فقل: لا رجلَ في البيت بل أنثى.
قوله: «إن الحمد والنعمة لك» بكسر همزة إن، ورويت بالفتح، فعلى رواية فتح الهمزة «أن الحمد لك»: تكون الجملة تعليلية، أي: لبيك؛ لأن الحمد لك، فصارت التلبية مقيدة بهذه العلة، أي: بسببها والتقدير لبيك لأن الحمد لك.
أما على رواية الكسر: «إن الحمد لك»، فالجملة استئنافية وتكون التلبية غير مقيدة بالعلة؛ بل تكون تلبية مطلقة بكل حال، ولهذا قالوا: إن رواية الكسر أعم وأشمل، فتكون أولى، أي: أن تقول: إن الحمد والنعمة لك، ولا تقل: أن الحمد والنعمة لك، ولو قلت ذلك لكان جائزاً.
والحمد والمدح يتفقان في الاشتقاق الأكبر، أي في الحروف دون الترتيب ح ـ م ـ د. موجودة في الكلمتين، فهل الحمد هو المدح، أو بينهما فرق؟
الجواب: الصحيح أن بينهما فرقاً عظيماً؛ لأن الحمد مبني على المحبة والتعظيم.
والمدح لا يستلزم ذلك فقد يبنى على ذلك وقد لا يبنى، قد أمدح رجلاً لا محبة له في قلبي ولا تعظيم، ولكن رغبة في نواله فيما يعطيني، مع أن قلبي لا يحبه ولا يعظمه.
أما الحمد فإنه لا بد أن يكون مبنياً على المحبة والتعظيم، ولهذا نقول في تعريف الحمد: هو وصف المحمود بالكمال محبة وتعظيماً، ولا يمكن لأحد أن يستحق هذا الحمد على وجه الكمال إلا الله عزّ وجل.
وقول بعضهم: الحمد هو الثناء بالجميل الاختياري، أي: أن يثني على المحمود بالجميل الاختياري، أي الذي يفعله اختياراً من نفسه، تعريف غير صحيح.
يبطله الحديث الصحيح: ((أن الله قال: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال: الحمد لله رب العالمين، قال: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال: أثنى علي عبدي)) [(7)]، فجعل الله تعالى الثناء غير الحمد؛ لأن الثناء تكرار الصفات الحميدة.
و«أل» في الحمد للاستغراق، أي: جميع أنواع المحامد لله وحده، المحامد على جلب النفع، وعلى دفع الضرر، وعلى حصول الخير الخاص والعام، كلها لله على الكمال كله.
وقد ذكر ابن القيم في كتابه (بدائع الفوائد) بحثاً مستفيضاً حول الفروق بين الحمد والمدح، وكلمات أخرى في اللغة العربية تخفى على كثير من الناس، وبحث فيها بحثاً مسهباً، قال: كان شيخنا ـ ابن تيمية ـ إذا تكلم في هذا أتى بالعجب العجاب، ولكنه كما قيل:

تألق البـرق نجديـاً فقـلت لـه
إليك عني فإني عنك مشغول
أي أن شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ مشغول بما هو أهم من البحث في كلمة في اللغة العربية، وأسرار اللغة العربية.
وقوله: «النعمة» ، أي: الإنعام، فالنعمة لله.
وقوله: «النعمة لك» كيف تتعدى باللام؟ مع أن الظاهر أن يقال: النعمة منك؟
الجواب: النعمة لك يعني التفضل لك، فأنت صاحب الفضل.
قوله: «والملك لا شريك لك» ، الملك شامل لملك الأعيان وتدبيرها، وهذا تأكيد بأن الحمد والنعمة لله لا شريك له، فإذا تأملت هذه الكلمات، وما تشتمل عليه من المعاني الجليلة وجدتها أنها تشتمل على جميع أنواع التوحيد، وأن الأمر كما قال جابر:«أهلَّ بالتوحيد» [(8)]، والصحابة أعلم الناس بالتوحيد.
فقوله «الملك» من توحيد الربوبية، والألوهية من توحيد الربوبية أيضاً لأن إثبات الألوهية، متضمن لإثبات الربوبية، وإثبات الربوبية مستلزم لإثبات الألوهية، ولهذا لا تجد أحداً يوحد الله في ألوهيته إلا وقد وحَّده في ربوبيته، لكن من الناس من يوحد الله في ربوبيته، ولا يوحده في ألوهيته وحينئذٍ نلزمه، ونقول: إذا وحدت الله في الربوبية، لزمك أن توحده في الألوهية، ولهذا فإن عبارة العلماء محكمة حيث قالوا: «توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية، وتوحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية».
ونأخذ توحيد الأسماء والصفات من قوله: «إن الحمد والنعمة»، فالحمد: وصف المحمود بالكمال مع المحبة والتعظيم.
والنعمة من صفات الأفعال، فقد تضمنت توحيد الأسماء والصفات.
ومن أين نعرف أنه بلا تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل؟
الجواب: من قوله: «لا شريك لك» ، والتمثيل شرك والتعطيل شرك أيضاً، لأن المعطل لم يعطل إلا حين اعتقد أن الإثبات تمثيل، فمثل أولاً وعطل ثانياً، والتحريف والتكييف متضمنان للتمثيل والتعطيل، وبهذا تبين أن هذه الكلمات العظيمة مشتملة على التوحيد كله، ومع الأسف أنك تسمع بعض الناس في الحج أو العمرة يقولها وكأنها أنشودة، لا يأتون بالمعنى المناسب تقول: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك».
لكن هم يقفون على «إن الحمد والنعمة لك»، ثم يقولون: «والملك لا شريك لك».
مسألة: هل لنا أن نزيد؟ أي: على ما ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم من التلبية التي رواها جابر ـ رضي الله عنه ـ.
نقول: نعم، فقد روى الإمام أحمد في المسند: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يقول: «لبيك إله الحق» [(9)]، و «إله الحق» من إضافة الموصوف إلى صفته، أي: لبيك أنت الإله الحق.
وكان ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ يزيد: «لبيك وسعديك، والخير في يديك، والرغباء إليك والعمل» [(10)].
فلو زاد الإنسان مثل هذه الكلمات، فنرجو ألا يكون به بأس، اقتداء بعبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ، لكن الأولى ملازمة ما ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم.
وهل لهم أن يكبِّروا بدل التلبية إذا كان في وقت التكبير كعشر ذي الحجة؟
الجواب: نعم، لقول أنس ـ رضي الله عنه ـ: «حججنا مع النبي صلّى الله عليه وسلّم فمنا المكبر ومنا المهل» [(11)]، وهذا يدل على أنهم ليسوا يلبون التلبية الجماعية، ولو كانوا يلبون التلبية الجماعية لكانوا كلهم مهلين أو مكبّرين، لكن بعضهم يكبر، وبعضهم يهل، وكل يذكر ربه على حسب حاله.
مسألة : قال العلماء: وينبغي أن يذكر نسكه في التلبية، لكن أحياناً، فإذا كان في العمرة يقول: لبيك اللهم عمرة، وفي الحج: لبيك اللهم حجاً، وفي القِران: لبيك اللهم عمرة وحجاً.

بِهَا الرَّجُلُ، وَتُخْفِيهَا المَرْأةُ.
قوله: «يصوت بها الرجل» ، أي: يرفع صوته بها؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال)) [(12)]. فينبغي للرجل أن يرفع صوته امتثالاً لأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم، واتباعاً لسنته وسنة أصحابه، فقد قال جابر - رضي الله عنه -: كنا نصرخ بذلك صراخاً[(13)]، ولا يسمع صوت الملبي من حجر، ولا مدر، ولا شجر إلا شهد له يوم القيامة[(14)]، فيقول: أشهد أن هذا حج ملبياً، ومع الأسف أن كثيراً من الحجاج لا يرفعون أصواتهم بالتلبية إلا نادراً.
فإن قال قائل: أليس النبي صلّى الله عليه وسلّم قال لأصحابه، وقد كبروا في سفر معه: ((أيها الناس اربعوا على أنفسكم ـ أي: هوِّنوا عليها ـ فإنكم لا تدعون أصَمَّ ولا غائباً، إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته)) [(15)]؟
قلنا: لكن التلبية لها شأن خاص، لأنها من شعائر الحج فيصوت بها، أو يقال: إن أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يهونوا على أنفسهم لأنهم كانوا يرفعون رفعاً شديداً يشق عليهم.
قوله: «وتخفيها المرأة» أي: تسر بها؛ لأن المرأة مأمورة بخفض الصوت في مجامع الرجال، فلا ترفع صوتها بذلك، كما أنها مأمورة إذا نابها شيء في الصلاة مع الرجال أن تصفق؛ لئلا يظهر صوتها، فصوت المرأة ـ وإن لم يكن عورة ـ لكن يخشى منه الفتنة، ولهذا نقول: المرأة تلبي سراً بقدر ما تسمع رفيقتها ولا تعلن.
وهذا من الأحكام التي تخالف فيه المرأة الرجال، وهي كثيرة؛ لأنها كما خالفته خلقة وفطرة خالفته حكماً، والله ـ عزّ وجل حكيم، أحكامه الشرعية مناسبة لأحكامه القدرية.
مسألة: اختلف العلماء ـ رحمهم الله ـ هل يلبي وهو ماكث أو لا يلبي إلا وهو سائر؟
الجواب: من العلماء من قال إنه يلبي وهو سائر فقط، وأما إذا كان ماكثاً، أي: نازلاً في عرفات أو مزدلفة أو منى فإنه لا يلبي؛ لأن التلبية معناها الإجابة وهي لا تتناسب مع المكث، إذ أن المجيب ينبغي أن يتقدم إلى من يجيبه لا أن يجيب وهو باق، وهذا الثاني هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وأنه لا يلبي إلا في حال السير بين المشاعر، والقول الأول: يقول يلبي حتى يرمي جمرة العقبة، سواء كان ماكثاً أم سائراً.


[1] أخرجه البخاري في الحج/ باب من أهل حين استوت... (1552)؛ ومسلم في الحج/ باب التلبية وصفتها (1184) (20) عن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ.
[2] سبق تخريجه ص(76).
[3] أخرجه الإمام أحمد (1/285)؛ والترمذي في الحج/ باب ما جاء متى أحرم النبي صلّى الله عليه وسلّم (819)؛ والنسائي في الحج/ باب العمل في الإهلال (5/162)؛ عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ، وقال الترمذي: «حديث حسن غريب»، وقال ابن حجر في «التلخيص» (1001): «في إسناده خصيف، وهو مختلف فيه»، وانظر: «نصب الراية» (3/21).
[4] أخرجه الإمام أحمد (1/260)؛ وأبو داود في المناسك/ باب في وقت الإحرام (1770)؛ وضعفه المنذري في «تهذيب السنن» (1696).
[5] سبق تخريجه ص(76).
[6] أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء/ باب قصة يأجوج ومأجوج (3348) ومسلم في الإيمان/ باب قوله: «يقول الله لآدم» (222) عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ.
[7] أخرجه مسلم في الصلاة/ باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة (395) عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ.
[8] سبق تخريجه ص(76).
[9] أخرجه أحمد (2/476)؛ والنسائي في المناسك/ باب كيف التلبية (5/161)؛ وابن خزيمة (2624)؛ وابن حبان (3800) إحسان، والحاكم (1/449 ـ 450) عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ.
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
[10] أخرجه مسلم في الحج/ باب التلبية (1184).
[11] أخرجه البخاري في الحج/ باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة (1659)؛ ومسلم في الحج/ باب التلبية والتكبير في الذهاب من منى إلى عرفات (1285).
[12] أخرجه الإمام أحمد (4/55، 56)؛ وأبو داود في المناسك باب/ كيف التلبية (1814)؛ والترمذي في الحج/ باب ما جاء في رفع الصوت بالتلبية (829)؛ والنسائي في المناسك باب رفع الصوت بالإهلال (5/162)؛ وابن ماجه في المناسك/ باب رفع الصوت بالتلبية (2922)؛ وابن خزيمة (2625)؛ وابن حبان (3802) إحسان، عن السائب بن خلاد ـ رضي الله عنه ـ.
وقال الترمذي: «حسن صحيح»، وصححه ابن خزيمة وابن حبان.
[13] أخرجه مسلم في الحج/ باب التقصير في العمرة (1248) عن جابر وأبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنهما ـ.
ولفظه: «قالا: قدمنا مع رسول الله ونحن نصرخ بالحج صراخاً».
[14] أخرجه الترمذي في الحج/ باب ما جاء في فضل التلبية والحج (828) وابن ماجه في المناسك/ باب التلبية (2921) عن سهل بن سعد ـ رضي الله عنه ـ وصححه الحاكم (1/451) على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
[15] أخرجه البخاري في الجهاد/ باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير (2992)؛ ومسلم في الذكر والدعاء/ باب استحباب خفض الصوت بالذكر (2704) عن أبي موسى ـ رضي الله عنه ـ واللفظ لمسلم.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ألفاظ, التلبية

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:07 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir