دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > مكتبة علوم الحديث الشريف > جامع متون الأحاديث > إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 جمادى الأولى 1431هـ/13-05-2010م, 04:03 PM
علي بن عمر علي بن عمر غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 1,654
افتراضي كتاب القيامة وأهوالها

كتاب القيامة وأهوالها
1- باب ما جاء في أرواح المؤمنين
7675- عن الزّهريّ، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: نسمة المؤمن طيرٌ تعلّق بشجر الجنّة حتّى يرجعها اللّه إلى جسده.
رواه أبو داود الطّيالسيّ، عن زمعة بن صالحٍ، عنه مرسلاً، ورواته ثقاتٌ.
7675/2- وأحمد بن منيعٍ، وعبد بن حميدٍ مرفوعًا، ولفظهما: عن الزّهريّ، عن عبد الرّحمن بن عبد الله بن كعب بن مالكٍ، عن أبيه، عن جدّه، رضي اللّه عنه، قال: لمّا حضر كعبًا الوفاة أتته أمّ مبشّرٍ بنت البراء، قالت: يا أبا عبد الله، إن لقيت أبي فأقرئه منّي السّلام، قال: فقال لها: غفر اللّه لك يا أمّ مبشّرٍ، نحن أشغل من ذلك، قال: أما سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: إنّ نسمة المؤمن تسرح في الجنّة حيث شاءت، وإنّ نسمة الكافر في سجّينٍ قلت: بلى، قال: فهو ذاك.
وله شاهدٌ من حديث أمّ هانئٍ، رواه أحمد بن حنبلٍ.
2- باب بلاء الميت إلا عجب الذنب، وكيف يحيى الله الموتى، وما جاء في نفخ الصور وغير ذلك مما يذكر
7676- وعن أبي رزينٍ العقيليّ، رضي اللّه عنه، قال: قلت: يا رسول الله، كيف يحيي اللّه الموتى؟ قال: أما مررت بوادٍ ممحلٍ، ثمّ مررت به خضرًا؟ قال: بلى، قال: فكذلك النّشور، أو قال: كذلك يحيي اللّه الموتى.
رواه أبو داود الطّيالسيّ بسندٍ صحيحٍ.
7677- عن عبد الله، رضي الله عنه قال: الصور كهيئة القرن ينفخ فيه.
رواه مسدد موقوفًا ورواته ثقات.
7677/2- وأبو يعلى الموصلي مرفوعًا ولفظه: عن عبد الله أن أنّ أعرابيًّا سأل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ما الصّور؟ قال: قرنٌ ينفخ فيه.
وله شاهدٌ من حديث عبد الله بن عباس، وتقدم في سورة المدثر، وآخر من حديث عبد الله بن عمرٍو رواه أبو داود، والتّرمذيّ، وحسّنه، وابن حبّان في صحيحه، والحاكم، وصححه.
7678- وعن أبي سعيدٍ الخدريّ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: تأكل الأرض كلّ شيء من الإنسان إلاّ عجب ذنبه قيل: وما مثل ما هو يا رسول الله؟ قال: مثل حبّة خردلٍ منه تنشؤن.
رواه أبو يعلى الموصليّ، واللّفظ له، وأحمد بن حنبلٍ، وابن حبّان في صحيحه، والحاكم، وصحّحه.
وله شاهدٌ في الصّحيحين، وغيرهما من حديث أبي هريرة.
عجب الذّنب: بفتح العين، وإسكان الجيم، بعدها باءٌ موحّدةٌ، أو ميمٌ: هو العظم الحديد الّذي يكون في أصل الصّلب، وأصل الذّنب من ذوات الأربع.
7679- وعن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: حدّثنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو في طائفةٍ من أصحابه، فقال: إنّ اللّه تبارك وتعالى لمّا فرغ من خلق السّماوات والأرض خلق الصّور فأعطاه إسرافيل، فهو واضعه على فيه، شاخصٌ إلى العرش ببصره ينتظر متى يؤمر
قال: قلت: يا رسول الله، ما الصّور؟ قال: قرنٌ قال: فكيف هو؟ قال: عظيمٌ قال: والّذي بعثني بالحقّ إنّ أعظم دارةٍ فيه كعرض السّماوات والأرض، ينفخ فيه ثلاث نفخاتٍ: الأولى: نفخة الفزع، والثّانية: نفخة الصّعق، والثّالثة: نفخة القيام لربّ العالمين، يأمر اللّه إسرافيل بالنّفخة الأولى، فيقول: انفخ نفخة الفزع، فينفخ نفخة الفزع، فيفزع أهل السّماوات والأرض إلاّ من شاء اللّه، فيأمره فيمدّها ويطيلها فلا يفتر، وهي الّتي تقول: {ما ينظر هؤلاء إلا صيحةً واحدةً ما لها من فواقٍ}، فتسير الجبال سير السّحاب فتكون سرابًا، وترتجّ الأرض بأهلها رجًّا، فتكون كسفينةٍ موبقةٍ في البحر تضربها الأمواج تكفؤها بأهلها، كالقنديل المعلّق بالعرش ترّجحه الأرواح ألا وهو الّذي يقول اللّه، عزّ وجلّ: {يوم ترجف الرّاجفة تتبعها الرّادفة قلوبٌ يومئذٍ واجفةٌ} فيميد النّاس على ظهرها فتذهل المراضع، وتضع الحوامل، ويشيب الولدان، وتطير الشّياطين هاربةً من الفزع حتّى تأتي الأقطار، فتلقاها الملائكة تضرب وجوهها، فترجع، ثمّ تولّون مدبرين ما لكم من الله من عاصمٍ، ينادي بعضهم بعضًا، وهو الّذي يقول اللّه، عزّ وجلّ: {يوم التّناد}، فبينا هم على ذلك إذ تصدّعت الأرض بدعين من قطرٍ إلى قطرٍ، فرأوا أمرًا عظيمًا لم يروا مثله، وأخذهم من ذلك من الكرب والهول ما اللّه به عليمٌ، ثمّ تطوى السّماء فإذا هي كالمهل، ثمّ انشقّت السّماء، وانتثرت نجومها، وخسف شمسها وقمرها قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: الأموات لا يعلمون بشيء من ذلك قال أبو هريرة: يا رسول الله، من استثنى اللّه حين يقول: {ففزع من في السّماوات ومن في الأرض إلا من شاء اللّه} قال: أولئك الشّهداء، وإنّما يصل الفزع إلى الأحياء، والأحياء عند ربّهم يرزقون، وقاهم اللّه فزع ذلك اليوم، وأمّنهم منه، وهو عذاب الله يبعثه اللّه على شرار خلقه، قال: وهو الّذي يقول اللّه: {يأيّها النّاس اتّقوا ربّكم إنّ زلزلة السّاعة شيءٌ عظيمٌ يوم ترونها تذهل كلّ مرضعةٍ عمّا أرضعت وتضع كلّ ذات حملٍ حملها وترى النّاس سكارى وما هم بسكارى ولكنّ عذاب الله شديدٌ} فيمكثون في ذلك البلاء ما شاء اللّه إلاّ أنّه يطول، ثمّ يأمر اللّه تعالى إسرافيل بنفخة الصّعق، فيقول: انفخ نفخة الصّعق، فيصعق أهل السّماوات والأرض
إلاّ من شاء اللّه، فإذا خدموا، جاء ملك الموت، فيقول: يا ربّ، مات أهل السّماوات والأرض إلاّ من شئت، فيقول اللّه وهو أعلم بمن بقي: فمن بقي؟ فيقول: يا ربّ، بقيت أنت الحيّ الّذي لا يموت، وبقيت حملة العرش، وبقي جبريل، وميكائيل، وبقيت أنا، فيقول اللّه، عزّ وجلّ: أمت جبريل وميكائيل، فينطق اللّه العرش، فيقول: يا ربّ، يمت جبريل وميكائيل؟ فيقول: اسكت إنّي كتبت الموت على كلّ من كان تحت عرشي، فيموتان، ثمّ يأتي ملك الموت إلى الجبّار تبارك وتعالى، فيقول: يا ربّ، بقيت أنا فيقول: ليمت حملة عرشي، فتموت، ويأمر اللّه العرش فيقبض الصّور من إسرافيل، ثمّ يأتي ملك الموت إلى الجبّار، فيقول: يا ربّ، بقيت أنت الحيّ الّذي لا يموت، وبقيت أنا، فيقول اللّه: أنت خلقٌ من خلقي، خلقتك لمّا رأيت، فمت، فيموت، فإذا لم يبق إلاّ اللّه الواحد الأحد الصّمد الّذي لم يلد ولم يولد، كان إذًا كما كان أوّلاً، طوى السّماوات والأرض كطيّ السّجلّ للكتاب، ثمّ دحاهما، ثمّ يلقهما ثلاث مرّاتٍ، وقال: أنا الجبّار ثلاثًا، ثمّ يهتف بصوته: {لمن الملك اليوم}، ثلاث مرّاتٍ، فلا يجيبه أحدٌ، ثمّ يقول لنفسه: {للّه الواحد القهّار}، ويبدّل اللّه، عزّ وجلّ، الأرض غير الأرض والسّماوات يبسطها، ويمدّها مدّ الأديم العكاظ، لا ترى فيها عوجًا، ولا أمتًا، ثمّ يزجر اللّه الخلق زجرةً، فإذا هم في هذه المنزلة في مثل ما كانوا فيه من الأولى من كان في بطنها كان في بطنها، ومن كان على ظهرها كان على ظهرها، ثمّ ينزل اللّه عليكم ماءً من تحت العرش، ثمّ يأمر اللّه السّماء أن تمطر، فتمطر أربعين يومًا، حتّى يكون الماء فوقهم اثني عشر ذراعًا، ثمّ يأمر اللّه الأجساد أن تنبت كنبات الطّرائيث، أو كنبات البقّ، حتّى إذا تكاملت أجسادهم، فكانت كما كانت، قال اللّه: ليجئ حملة عرشي، فيجيؤون، ويأمر اللّه إسرافيل فيأخذ الصّور ويضعه على فيه، ثمّ يقول: ليجئ جبريل وميكائيل، فيجيئان، ثمّ يدعو اللّه بالأرواح فيؤتى بهما فتبهج أرواح المؤمنين نورًا والأخرى ظلمةً، فيقبضها جميعًا، ثمّ يلقيها في الصّور، ثمّ يأمر اللّه، عزّ وجلّ، إسرافيل أن ينفخ نفخة البعث، فتخرج الأرواح كأنّها النّحل، قد ملأت ما بين السّماء والأرض، فيقول اللّه تعالى: وعزّتي وجلالي لترجعنّ كلّ روحٍ إلى جسدها، فتدخل الأرواح في الأرض إلى الأجساد، فتدخل في الخياشيم تمشي في الأجساد مشي
السّمّ في اللّديغ، ثمّ تنشقّ الأرض عنكم، وأنا أوّل من تنشقّ عنه الأرض، فتخرجون منها سراعًا إلى ربّكم تنسلون، مهطعين إلى الدّاع يقول الكافرون هذا يومٌ عسرٌ حفاةً عراةً غلفًا غرلاً، ثمّ تقفون موقفًا واحدًا مقدار سبعين عامًا لا ينظر إليكم، ولا يقضى بينكم، فتبكون حتّى تنقطع الدّموع ثمّ تدمعون دمًا، وتعرقون حتّى يبلغ ذلك منكم أن يلجمكم، أو يبلغ الأذقان، فتصيحون وتقولون: من يشفع لنا إلى ربّنا يقضي بيننا؟ فيقولون: من أحقّ بذلكم من أبيكم آدم، خلقه اللّه بيده ونفخ فيه من روحه وكلّمه قبلاً فيأتون آدم فيطلبون ذلك إليه فيأبى، ويقول: ما أنا بصاحب ذلك، ثمّ يستقرون الأنبياء نبيًّا نبيًّا، كلّما جاؤوا نبيًّا أبى عليهم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: حتّى يأتوني، فأنطلق حتّى آتي الفحص فأخرّ ساجدًا فقال أبو هريرة: يا رسول الله، ما الفحص؟ قال: قدّام العرش حتّى يبعث اللّه إليّ ملكًا فيأخذ بعضدي فيرفعني، فيقول لي: يا محمّد، فأقول: نعم، فيقول: ما شأنك؟ وهو أعلم، فأقول: ربّ وعدتني الشّفاعة فشفّعني في خلقك فاقض بينهم قال: قد شفّعتك، أنا آتيكم فأقضي بينكم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فأرجع فأقف مع النّاس، فبينا نحن وقوفٌ سمعنا حسًّا من السّماء شديدًا، فينزل أهل السّماء الدّنيا مثل من في الأرض من الجنّ والإنس، حتّى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم وأخذوا مصافّهم، وقلنا لهم: أفيكم ربّنا؟ قالوا: لا وهو آتٍ، ثمّ ينزل أهل السّماء الثّانية بمثل من نزل من الملائكة ومثل من نزل من الجنّ والإنس حتّى إذا دنوا من الأرض بنورهم وأخذوا مصافّهم، وقلنا لهم: أفيكم ربّنا؟ قالوا: لا وهو آتٍ، ثمّ ينزلون على قدر ذلك من التّضعيف، حتّى ينزل الجبّار تبارك وتعالى في ظللٍ من الغمام والملائكة، يحمل عرشه يومئذٍ ثمانيةٌ وهم اليوم أربعةٌ، أقدامهم على تخوم الأرض السّفلى، والأرض والسّماوات إلى حجزهم والعرش على مناكبهم، لهم زجلٌ من تسبيحهم، تقول: سبحان ذي العزّة والجبروت، سبحان ذي الملك والملكوت، سبحان الحيّ الّذي يميت الخلائق، ولا يموت...، فيضع اللّه كرسيّه حيث شاء اللّه من أرضه، ثمّ يهتف بصوته، فيقول: يا معشر الجنّ والإنس، إنّي قد أنصتّ لكم من يوم خلقتكم إلى يومكم هذا أسمع قولكم وأبصر أعمالكم فانصتوا لي، فإنّما هي أعمالكم وصحفكم تقرأ عليكم، فمن وجد خيرًا فليحمد اللّه، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلاّ نفسه، ثمّ يأمر اللّه جهنّم فيخرج منها عنقٌ ساطعٌ مظلمٌ، ثمّ يقول اللّه، عزّ وجلّ: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشّيطان إنّه لكم عدوٌّ مبينٌ وأن اعبدوني هذا صراطٌ مستقيمٌ ولقد أضلّ منكم جبلا كثيرًا أفلم تكونوا تعقلون هذه جهنّم الّتي كنتم توعدون}
أو بها تكذّبون، شكّ أبو عاصمٍ وامتازوا اليوم أيّها المجرمون فيميز اللّه النّاس وتجثوا الأمم، يقول: {وترى كلّ أمّةٍ جاثيةً كلّ أمّةٍ تدعى إلى كتابها اليوم} فيقضي بين خلقه إلا الثّقلين الإنس والجنّ، فيقضي اللّه بين الوحوش والبهائم حتّى إنّه ليقيد الجمّاء من القرناء، فإذا فرغ اللّه من ذلك فلم تبق تبعةٌ واحدةٌ لأخرى، قال اللّه، عزّ وجلّ، لها: كوني ترابًا، فعند ذلك يقول الكافر: يا ليتني كنت ترابًا، ثمّ يقضي اللّه، عزّ وجلّ، بين العباد فيكون أوّل ما يقضي فيه الدّماء، ويأتي كلّ قتيلٍ في سبيل الله ويأمر اللّه فيأخذ من قتل فتحمل رأسه تشخب أوداجه، فيقول: يا ربّ، فيم قتلني هذا؟ فيقول اللّه، عزّ وجلّ، وهو أعلم: فيم قتلتهم؟ فيقول: يا ربّ، قتلتهم لتكون العزّة لك، فيقول اللّه: صدقت، فيجعل اللّه وجهه مثل نور السّماوات والأرض ثمّ يشيّعه إلى الجنّة، ثمّ يأتي كلّ من كان يقتل على غير ذلك ويأمر من قتل بحمل رأسه تشخب أوداجه، فيقول: يا ربّ، فيم قتلني هذا؟ فيقول اللّه: وهو أعلم: لم؟ فيقول: يا ربّ، قتلتهم لتكون العزّة لي فيقول اللّه تبارك وتعالى: تعست، ثمّ ما تبقى نفسٌ قتلها إلاّ قتل بها، ولا مظلمةٌ إلاّ أخذ بها، وكان في مشيئة الله إن شاء عذّبه وإن شاء رحمه، ثمّ يقضي اللّه بين ما بقي من خلقه حتّى لا تبقى مظلمةٌ لأحدٍ عند أحدٍ إلاّ أخذها اللّه للمظلوم من الظّالم، حتّى إنّه ليكلّف شائب اللّبن بماءٍ ثمّ يبيعه أن يخلّص اللّبن من الماء، فإذا فرغ اللّه من ذلك نادى مناد يسمع الخلائق كلّهم، يقال: ليلحق كلّ قومٍ بأهليهم وما كانوا يعبدون من دون الله، فلا يبقى أحدٌ عبد من دون الله شيئًا إلاّ مثّلت له آلهته بين يدي الله، فيجعل يومئذٍ ملكٌ من الملائكة على صورة عزيرٍ، ويجعل ملكٌ من الملائكة على صورة عيسى، فيتبع هذا اليهود، ويتبع هذا النّصارى، ثمّ قادتهم آلهتهم إلى النّار، فهو الّذي يقول: {لو كان هؤلاء آلهةً ما وردوها وكلٌّ فيها خالدون} فإذا لم يبق إلاّ المؤمنون فيهم
المنافقون أتاهم اللّه تبارك وتعالى فيما شاء برهبته، فقال: يا أيّها النّاس، ذهب النّاس فالحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون، فيقولون: والله ما لنا إلهٌ إلاّ اللّه، ما كنّا نعبد غيره، فينصرف عنهم وهو اللّه، عزّ وجلّ، فيمكث ما شاء اللّه أن يمكث ثمّ يأتيهم، فيقول: يا أيّها النّاس، ذهب النّاس فالحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون، فيقولون: والله ما لنا إلهٌ إلاّ اللّه ما كنّا نعبد غيره، فيكشف عن ساقه ويتجلّى لهم من عظمته ما يعرفون به ربّهم فيخرّون سجّدًا على وجوههم، ويخرّ كلّ منافقٍ على قفاه ويجعل اللّه، عزّ وجلّ، أصلابهم كصياصيّ البقر، ثمّ يأذن اللّه، عزّ وجلّ، لهم فيرفعون، ويضرب اللّه، عزّ وجلّ، الصّراط بين ظهراني جهنّم كحدّ الشّعر، أو كعقد، أو كحدّ السّيف عليه كلاليبٌ وخطاطيفٌ وحسكٌ كحسك السّعدان وهو جسرٌ فيمرّون كطرف البصر، أو كلمح البصر، أو كلمح البرق، أو كمدّ الرّيح، أو كجياد الخيل، أو كجياد الرّكاب، أو كجياد الرّجال، فناجٍ سالمٌ وناجٍ مخدوشٍ ومكدوحٍ على وجهه في جهنّم، فإذا قضى اللّه أهل الجنّة إلى الجنّة، قالوا: من يشفع لنا إلى ربّنا فيدخلنا الجنّة؟ فيقولون: من أحقّ بذلك من أبيكم آدم خلقه اللّه بيده ونفخ فيه من روحه وكلّمه قبلاً، فيأتون آدم فيطلب ذلك إليه، فيذكر ذنبًا، ويقول: ما أنا بصاحب ذلك، ولكن عليكم بنوحٍ فإنّه أوّل رسل الله، فيؤتى نوحٌ فيطلب ذلك إليه، فيذكر ذنبًا، ويقول: ما أنا بصاحب ذلك، ويقول: عليكم بإبراهيم صلّى الله عليه وسلّم، فيطلب ذلك إليه، فيذكر ذنبًا، ويقول: ما أنا بصاحبكم عليكم بموسى عليه السّلام، فإنّه قرّبه نجيًّا وكلّمه وأنزل عليه التّوراة، فيؤتى موسى صلّى الله عليه وسلّم فيطلب ذلك إليه، فيذكر ذنبًا، فيقول: لست أنا بصاحب ذلك، ولكن عليكم بروح الله، عزّ وجلّ، وكلمته عيسى ابن مريم صلّى الله عليه وسلّم، فيؤتى عيسى ابن مريم فيطلب ذلك إليه، فيقول: ما أنا بصاحب ذلك، ولكن عليكم بمحمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم قال: فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فيأتونني ولي عند ربي، عزّ وجلّ، ثلاث شفاعاتٍ وعدنيهنّ، فأنطلق فآتي الجنّة وآخذ بحلقة الباب، ثمّ أستفتح، فيفتح لي فأحيّي ويرحّب بي فإذا دخلت الجنّة فنظرت إلى ربي خررت ساجدًا، فيأذن اللّه من حمده وتمجيده بشيء ما أذن به لأحدٍ من خلقه، ثمّ يقول اللّه، عزّ وجلّ، لي: ارفع رأسك يا محمّد، اشفع تشفّع، وسل تعطه، فإذا رفعت رأسي قال اللّه، عزّ وجلّ، وهو أعلم:
مما شأنك؟ فأقول: يا ربّ، وعدتني الشّفاعة فشفّعني في أهل الجنّة يدخلون الجنّة، فيقول اللّه، عزّ وجلّ: قد شفّعتك وأذنت لهم في دخول الجنّة فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: والّذي بعثني بالحقّ ما أنتم في الدّنيا بأعرف بأزواجهم ومساكنهم من أهل الجنّة بأزواجهم ومساكنهم، فيدخل رجلٌ منهم على ثنتين وسبعين زوجةٍ فيما ينشئ وثنتين من ولد آدم لهما فضلٌ على ما أنشأ اللّه بعبادتهما اللّه في الدّنيا، فيدخل اللّه الأولى منهنّ في غرفةٍ من ياقوتةٍ على سريرٍ من ذهبٍ مكلّلٍ باللّؤلؤ عليه تسعون زوجًا من سندسٍ وإستبرقٍ وإنّه ليضع يده بين كتفيها ثمّ ينظر إلى يده في صدرها من وراء ثيابها وجلدها ولحمها، وإنّه لينظر إلى مخّ ساقها كما ينظر أحدكم إلى السّلك في قصبة الياقوت، كبده لها مرآةٌ، فبينما هو عندها لا يملّها، ولا تملّه لا يأتيها من مرّةٍ إلاّ وجدها عذراء ما يفتر ذكره، ولا تشتكي قبلها، فبينما هو كذلك إذ نودي: قد عرفنا أنّك لا تملّ، ولا تملّ إنّه لا منيّ، ولا منيّةً إلاّ أن يكون أزواجٌ غيرها، فيخرج فيأتيهنّ واحدةً واحدةً، كلّما جاء واحدةً، قالت: والله ما في الجنّة شيء أحسن منك وما في الجنّة شيء أحبّ إليّ منك، فإذا وقع أهل النّار في النّار وقع فيها خلقٌ من خلق ربّك أوبقتهم أعمالهم، فمنهم من تأخذ قدميه لا يجاوز ذلك، ومنهم من يأخذ إلى حقويه، ومنهم من يأخذ جسده كلّه إلاّ وجهه فحرّم اللّه صورته عليها فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يا ربّ، من وقع في النّار من أمّتي؟ فيقول اللّه، عزّ وجلّ: أخرجوا من عرفتم، فيخرج أولئك حتّى لا يبقى منهم أحدٌ، ثمّ يأذن اللّه في الشّفاعة فلا يبقى نبيٌّ، ولا شهيدٌ إلاّ شفّع، فيقول اللّه، عزّ وجلّ: من وجدتم في قلبه زنة الدّينار إيمانًا فيخرج أولئك حتّى لا يبقى منهم أحدٌ، ثمّ يشفع اللّه، فيقول: أخرجوا من وجدتم في قلبه إيمانًا ثلثي دينارٍ، ثمّ يقول: نصف دينارٍ، ثمّ يقول: ثلث دينارٍ، ثمّ يقول: سدس دينارٍ، ثمّ يقول: قيراطً، ثمّ يقول: حبّةٌ من خردلٍ، فيخرج أولئك حتّى لا يبقى منهم واحدٌ حتّى لا يبقى في النّار من عمل خيرًا قطّ وحتّى لا يبقى أحدٌ له شفاعةٌ إلاّ شفّع، حتّى إنّ إبليس ليتطاول لما يرى من رحمة الله رجاء أن يشفع له، ثمّ يقول اللّه، عزّ وجلّ: بقيت أنا وأنا أرحم الرّاحمين، فيدخل اللّه يده في جهنّم، فيخرج منها ما لا يحصيه غيره، كأنّهم خبثٌ فيلقيهم اللّه، عزّ وجلّ، على نهرٍ، يقال له: نهر الحيوان فينبتون كما تنبت الحبّة في حميل السّيل فما يلي الشّمس منها أخيضر وما يلي الظّلّ منها أصفر فينبتون كنبات الطّراثيث حتّى يكونوا أمثال الدّرّ، مكتوبٌ في رقابهم الجهنّميّون عتقاء الرّحمن، يعرفهم أهل الجنّة بذلك الكتاب ما عملوا خيرًا قطّ فيلقون في الجنّة.
رواه أبو يعلى الموصليّ، والبيهقيّ.
7680- وعن أبي سعيدٍ الخدريّ، رضي اللّه عنه، قال: ذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صاحب الصّور، فقال: عن يمينه جبريل، وعن يساره ميكائيل.
رواه أبو يعلى الموصليّ بسندٍ ضعيفٍ، لضعف عطيّة العوفي.
3- باب في البعث والحساب والميزان وغير ذلك مما يذكر
فيه حديث أنس بن مالك وتقدم في الصلاة في باب الحساب على الصلاة.
7681- وعن جابر بن سمرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: بعثت أنا وقيام السّاعة قال أبو زكريّا: ورأى فطر بن خليفة ضمّ أصبعيه الوسطى والسّبّابة.
رواه الحارث بن أبي أسامة، عن يحيى بن هاشمٍ، وهو ضعيفٌ.
ورواه أحمد بن حنبلٍ من وجهٍ آخرٍ.
7682- وعن عائشة، رضي اللّه عنها، قالت: من حوسب يوم القيامة دخل الجنّة، ثمّ تلت: {فأمّا من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابًا يسيرًا} ثمّ تلت: يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنّواصي والأقدام.
رواه مسدّدٌ موقوفًا، ورواته ثقاتٌ.
7682/2- وأحمد بن حنبلٍ مرفوعًا بسندٍ فيه ابن لهيعة، ولفظه: عن عائشة، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: لا يحاسب يوم القيامة أحدٌ فيغفر له، يرى المسلم عمله في قبره، ويقول اللّه، عزّ وجلّ: {فيومئذٍ لا يسأل عن ذنبه إنسٌ ولا جانٌّ يعرف المجرمون بسيماهم}.
7683- وعن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: تقوم السّاعة والرّجلان يتبايعان الثّوب لا يتبايعانه، ولا يطويانه.
رواه الحميديّ بسندٍ صحيحٍ، وأحمد بن حنبلٍ.
7683/2- ورواه ابن حبان في صحيحه لتقوم الساعة وثوبهما بينهما لا يتبايعانه ولا يطويانه، ولتقوم الساعة وقد انصرف بلبن لقحته لا يطعمه، ولتقوم الساعة وهو يلوط حوضه لا يسقيه، ولتقوم الساعة ورفع لقمته إلى فيه لا يطعمها.
7684- وعن قيس بن السّكن، وأبي عبيدة بن عبد الله، أنّ عبد الله بن مسعودٍ حدّث عمر بن الخطّاب، رضي اللّه عنه، هذا الحديث، فقال: إذا حشر النّاس يوم القيامة، قاموا أربعين سنةً على رؤوسهم الشّمس، شاخصةً أبصارهم إلى السّماء، ينتظرون الفصل كلّ برٍّ منهم وفاجرٍ، لا يتكلّم منهم بشرٌ، ثمّ ينادي منادٍ: أليس عدلاً من ربّكم الّذي خلقكم وصوّركم ورزقكم، ثمّ عبدتم غيره أن يولّي كلّ قومٍ ما تولّوا؟ فيقولون: بلى، فينادي بذلك ملكٌ ثلاث مرّاتٍ، ثمّ يمثّل لكلّ قومٍ آلهتهم الّتي كانوا يعبدونها، فيتّبعونها حتّى توردهم النّار، ويبقى المؤمنون والمنافقون، فيخرّ المؤمنون سجّدًا، وتدمج أصلاب المنافقين فتكون عظمًا واحدًا كأنّها صياصيّ البقر، ويخرّون على أقفيتهم، فيقول اللّه لهم: ارفعوا رؤوسكم إلى نوركم بقدر أعمالكم، فيرفع الرّجل رأسه ونوره بين يديه مثل الجبل،
ويرفع الرّجل رأسه ونوره بين يديه مثل القصر، ويرفع الرّجل رأسه ونوره بين يديه مثل البيت، حتّى ذكر مثل الشّجرة فينصرف على الصّراط كالبرق الخاطف وكالرّيح، وكحضر الفرس، وكأشداد الرجال، حتّى يبقى آخر النّاس نوره على إبهام رجله مثل السّراج، فأحيانًا يضئ له، وأحيانًا يخفى عليه، فتنفث منه النّار، فلا يزال كذلك حتّى يخرج، فيقول: ما يدري أحدٌ ما نجا منه غيري، ولا أصاب أحدًا مثل ما أصبت، إنّما أصابني حرّها ونجوت منها، قال: فيفتح له بابٌ من الجنّة، فيقول: يا ربّ، أدخلني هذا الباب، فيقول: عبدي لعلّي إذا أدخلتك تسألني غيره، فيقول: وعزّتك وجلالك إن أدخلتنيه لا أسألك غيره، قال: فيدخله فبينما هو معجبٌ بما هو فيه إذ فتح له بابٌ آخر، فيستحقر في عينه الّذي هو فيه، فيقول: يا ربّ، أدخلني هذا، فيقول: أولم تزعم أنّك لا تسألني غيره؟ فيقول: وعزّتك وجلالك إن أدخلتني لا أسألك غيره، قال: فيدخله، حتّى يدخله أربع أبوابٍ كلّها يسألها، ثمّ يستقبله رجلٌ مثل النّور، فإذا رآه هوى يسجد له، فيقول: ما شأنك؟ فيقول: ألست بربّي؟ فيقول: إنّما قهرمانٌ، لك في الجنّة ألف قهرمانٍ على ألف قصرٍ بين كلّ قصرين مسيرة السّنة، يرى أقصاها كما يرى أدناها، ثمّ يفتح له بابٌ من زمرّدةٍ خضراءٍ، فيها سبعون بابًا، في كلّ بابٍ منها أبوابٌ أزواجٍ وسررٌ ومناصف، فيقعد مع زوجته، فتناوله الكأس، فتقول: لأنت منذ ناولتك الكأس أحسن منك قبل ذلك بسبعين ضعفًا، ويقول لها: لأنت منذ ناولتيني الكأس أحسن منك قبل ذلك بسبعين ضعفًا، وعليها سبعون حلّةٌ ألوانها شتّى، يرى مخّ ساقها، ويلبس الرّجل ثيابه على كبدها، وكبدها مرآته.
رواه إسحاق بن راهويه بسندٍ صحيحٍ.
7684/2- وكذا الطّبرانيّ، ولفظه: عن ابن مسعودٍ، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: يجمع اللّه الأوّلين والآخرين لميقات يومٍ معلومٍ، قيامًا أربعين سنةً شاخصةً أبصارهم، ينتظرون فصل القضاء، قال: وينزل اللّه، عزّ وجلّ، في ظللٍ من الغمام من العرش إلى الكرسيّ، ثمّ ينادي منادٍ: أيّها النّاس، ألا ترضوا من ربّكم الّذي خلقكم ورزقكم وأمركم أن تعبدوه، ولا تشركوا به شيئًا أن يولّي كلّ أناسٍ منكم ما كانوا يعبدون ويقولون في الدّنيا، أليس ذلك
عدلا من ربكم؟ قالوا: بلى. فينطلق كل قوم إلى ما كانوا يعبدون ويقولون في الدنيا، قال: فينطلقون ويمثّل لهم ما كانوا يعبدون، فمنهم من ينطلق إلى الشّمس، ومنهم من ينطلق إلى القمر، والأوثان من الحجارة وأشباه ما كانوا يعبدون، قال: ويمثّل لمن كان يعبد عيسى شيطان عيسى، ويمثّل لمن كان يعبد عزيرًا شيطان عزيرٍ، ويبقى محمّدٌ وأمّته، قال: فيقولون: إنّ لنا إلهًا ما رأيناه، فيقول: هل تعرفونه إن رأيتموه؟ فيقولون: إنّ بيننا وبينه علامةٌ إذا رأيناها عرفناها، قال: فيقول: ما هي؟ فيقولون: يكشف عن ساقه، فعند ذلك يكشف عن ساقه فيخرّ كلّ من كان نظره، ويبقى قومٌ ظهورهم كصياصيّ البقر يريدون السّجود فلا يستطيعون رؤوسهم، فيعطيهم نورهم على قدر أعمالهم، فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل العظيم يسعى بين أيديهم، ومنهم من يعطى نوره أصغر من ذلك، ومنهم من يعطى مثل النّخلة بيده، ومنهم من يعطى أصغر من ذلك، حتّى يكون آخرهم رجلاً يعطى نوره على إبهام قدمه يضئ مرّةً ويطفئ أخرى، فإذا أضاء قدّم قدمه، وإذا أطفئ قام، قال: والرّبّ تبارك وتعالى أمامهم، حتّى يمرّ في النّار، فيبقى أثره كحدّ السّيف، قال: فيقول: فيمرّون على قدر نورهم، منهم من يمرّ كطرفة العين، ومنهم من يمرّ كالبرق، ومنهم من يمرّ كالسّحاب، ومنهم من يمرّ كالرّيح، ومنهم من يمرّ كشدّ الفرس، ومنهم من يمرّ كشدّ الرّجل، حتّى يمرّ الّذي يعطى نوره على ظهر قدميه، يجثو على وجهه ويديه ورجليه، تخرّ يدٌ وتعلق يدٌ، وتخرّ رجلٌ وتعلق رجلٌ، وتصيب جوانبه النّار، فلا يزال كذلك حتّى يخلص، فإذا خلص وقف عليها، فقال: الحمد للّه الّذي أعطاني ما لم يعط أحدًا إذ نجّاني منها بعد إذ رأيتها قال: فينطلق به إلى غديرٍ عند باب الجنّة فيغتسل، فيعود إليه ريح أهل الجنّة وألوانهم، فيرى ما في الجنّة من خلل الباب، فيقول: ربّ أدخلني الجنّة، فيقول: أتسأل الجنّة وقد نجّيتك من النّار؟ فيقول: ربّ اجعل بيني وبينها حجابًا حتّى لا أسمع حسيسها، قال: فيدخل الجنّة ويرى، أو يرفع له منزلٌ أمام ذلك، كأنّ ما هو فيه إليه حلمٌ، فيقول: أعطني ذلك المنزل، فيقول: لعلّك إن أعطيته تسأل غيره، فيقول: لا وعزّتك لا أسأل غيره وأيّ منزلٌ أحسن منه، فيعطاه فينزله، ويرى أمام
ذلك منزلاً كأنّ ما هو فيه بالنّسبة إليه حلمٌ، قال: ربّ أعطني ذلك المنزل، فيقول اللّه، عزّ وجلّ، له: فلعلّك إن أعطيته تسأل غيره، فيقول: لا وعزّتك وأيّ منزلٌ أحسن منه، فيعطاه فينزله، ثمّ يسكت، فيقول اللّه جلّ ذكره: ما لك لا تسأل؟ فيقول: ربّ قد سألتك حتّى استحييت وأقسمت حتّى استحييت، فيقول اللّه جلّ ذكره: ألم ترض أعطيك مثل الدّنيا منذ خلقتها إلى يوم أفنيتها وعشرة أضعافه، فيقول: أتهزأ بي وأنت ربّ العزّة؟ قال: فيقول الرّبّ جلّ ذكره: لا، ولكنّي على ذلك قادرٌ، فيقول: ألحقني بالنّاس فيقول: الحق بالناس، قال: فينطلق يرمل في الجنّة حتّى إذا دنا من النّاس رفع له قصرٌ من درّةٍ فيخرّ ساجدًا، فيقال له: ارفع رأسك ما لك؟ فيقول: رأيت ربّي، أو تراءى لي ربّي، فيقال: إنّما هو منزلٌ من منازلك، قال: ثمّ يلقى رجلاً فيتهيّأ للسّجود له، فيقال له: مه، فيقول: رأيت أنّك ملكٌ من الملائكة، فيقول: إنّما أنا خازنٌ من خزّانك وعبدٌ من عبيدك، تحت يديّ ألف قهرمانٍ على ما أنا عليه، قال: فينطلق أمامه حتّى يفتح له القصر، قال: وهو من درّةٍ مجوّفةٍ سقائفها وأبوابها وأغلاقها ومفاتيحها منها، تستقلّه جوهرةٌ خضراءٌ مبطّنةٌ بحمراء، فيها سبعون بابًا، كلّ بابٍ يفضي إلى جوهرةٍ، سررٍ وأزواجٍ ووصائفٍ، أدناهنّ حوراءٌ عيناءٌ عليها سبعون حلّةٌ، يرى مخّ ساقها من وراء حللها، كبدها مرآته وكبده مرآتها، إذا أعرض عنها إعراضةً ازدادت في عينه سبعين ضعفًا عمّا كانت قبل ذلك، فيقول: والله لقد ازددت في عينيّ سبعين ضعفًا، فيقال له: أشرف فيشرف، فيقال له: ملكك مسيرة مائة عامٍ ينفذه بصرك قال: فقال عمر: ألا تسمع ما يحدّثنا ابن أمّ عبدٍ يا كعب، عن أدنى أهل الجنّة منزلاً، فكيف أعلاهم؟ قال: يا أمير المؤمنين، ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت...، فذكر الحديث.
7684/3- ورواه الحاكم وصححه ولفظه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال، فذكر نحو حديث الطبراني إلا أنه قال: ألم ترضوا أني أعطيتكم مثل الدنيا منذ يوم خلقتها إلى يوم أفنيتها وعشرة أضعافها؟ قال: قال مسروق: فلما بلغ عبد الله هذا المكان من الحديث ضحك، قال: فقال له رجل: يا أباعبد الرحمن، لقد حدثت بهذا الحديث مرارًا فما بلغت هذا المكان من هذا الحديث إلا ضحكت! قال: فقال عبد الله: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يحدث
بهذا الحديث مرارًا، فما بلغ هذا المكان من هذا الحديث إلا ضحك حتى تبدو لهواته ويبدو آخر ضرس من أضراسه لقول إنسان، قال: فيقول الرب، تبارك وتعالى،: لا، ولكني على ذلك قادر...، فذكر ما رواه الطبراني وزاد بعدما لا عين رأت ولا أذن سمعت:إن الله لا ينام فوق العرش والماء، فخلق لنفسه دارًا بيده، فزينها بما شاء وجعل فيها الثمرات والشراب، ثم أطبقها فلم يرها أحد من خلقه منذ خلقها لا جبريل ولا غيره من الملائكة، ثم قرأ كعب: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} وخلق دون ذلك جنتين فزينهما بما شاء وجعل ما ذكر فيها من الحرير والسندس والإستبرق، وأراها من شاء من خلقه من الملائكة، فمن كان كتابه في عليين يرى في تلك الدار فإذا ركب الرجل من أهل عليين في ملكه لم ينزل خيمة من خيام الجنة إلا دخلها من ضوء وجهه حتى إنهم يستنشقون ريحه، ويقولون: واهًا لهذا الريح الطيبة، ويقولون: لقد أشرف اليوم علينا رجل من أهل عليين، فقال عمر: ويحك يا كعب، إن هذه القلوب قد استرسلت فاقبضها. فقال كعب: يا أمير المؤمنين، إن لجهنم زفرة ما من ملك مقرب ولا نبي إلا يخر لركبتيه حتى يقوله إبراهيم خليل الله: رب نفسي نفسي، وحتى لو كان لك عمل سبعين نبيًّا إلى عملك لظننت أن لا تنجو منها.
7685- وعن ابن مسعودٍ، رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: إنّ اللّه يبعث مناديًا يوم القيامة فينادي: يا آدم، إنّ اللّه يأمرك أن تبعث بعثًا من ذرّيّتك إلى النّار، فيقول آدم: كم ممّن منهم؟ فيقول: من كلّ مائةٍ تسعةً وتسعون فقال رجلٌ من القوم: من النّاجي منّا بعد هذا؟ قال: ما أنتم في النّاس إلاّ كالشّامة في صدر البعير.
رواه أبو بكر بن أبي شيبة بسندٍ فيه إبراهيم الهجريّ، وهو ضعيفٌ.
7686- عن معاوية بن حكيمٍ، عن أبيه، رضي اللّه عنه، أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: تجيؤون يوم القيامة على أفواهكم الفدام، وإنّ أوّل ما يتكلّم من الإنسان فخذه وكفّه.
رواه أبو بكر بن أبي شيبة، ورواته ثقاتٌ.
7687- وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، رضي اللّه عنهما، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: يحشر أولاد الزّنا في صورة القردة والخنازير.
رواه أبو بكر بن أبي شيبة بسندٍ ضعيفٍ، لضعف عليّ بن زيد بن جدعان.
7688- وعن أمّ سلمة، رضي اللّه عنها، قالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: يحشر النّاس عراةً حفاةً فقالت أمّ سلمة: يا رسول الله، واسوءتاه ينظر بعضنا إلى بعضٍ؟ فقال: شغل النّاس قلت: ما شغلهم؟ قال: نشر الصّحف، فيها مثاقيل الذّرّ، ومثاقيل الخردل.
رواه أبو بكر بن أبي شيبة، والطّبرانيّ في الأوسط بإسنادٍ صحيحٍ.
وله شاهدٌ في الصّحيحين، وغيرهما من حديث عائشة.
7689- وعن سالم بن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أبعث يوم القيامة بين أبي بكرٍ وعمر، ثمّ أذهب إلى أهل بقيع الغرقد فيبعثون معي، ثمّ انتظر أهل مكّة حتّى يأتون فأبعث بين أهل الحرمين.
رواه الحارث بن أبي أسامة بسندٍ فيه، القاسم بن عبد الله بن عمر العمريّ، وهو ضعيفٍ.
7690- وعن محمّد بن المنكدر، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أسمع الصّيحة فأخرج إلى البقيع فأحشر معهم.
رواه الحارث بن أبي أسامة بسندٍ ضعيفٍ، لضعف عليّ بن زيد بن جدعان.
7691- وعن مجاهد قال: تمطر السماء حتى تنشق الأرض من الموتى فيخرجون.
رواه الحارث عن الواقدي وهو ضعيف.
7692- وعن أنس بن مالكٍ، رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: يؤتى بابن آدم يوم القيامة فيوقف بين كفّتي الميزان ويوكّل به ملكٌ، فإن ثقل ميزانه نادى الملك بصوتٍ يسمع الخلائق: سعد فلانٌ سعادةً لا يشقى بعدها أبدًا، وإن خفّ ميزانه نادى الملك بصوتٍ يسمع الخلائق: شقي فلانٌ شقاوةً لا يسعد بعدها أبدًا.
رواه الحارث، والبزّار، ومدار إسناديهما على صالحٍ المرّيّ، وهو ضعيفٌ.
7693- وعن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ما منكم من أحدٍ إلاّ سيسأله ربّ العالمين ليس بينه وبينه حجابٌ، ولا ترجمانٍ.
رواه الحارث، والبزّار، ومدار إسناديهما على عبد العزيز بن أبان القرشيّ، وهو ضعيفٌ.
7694- وعن أبي الدّرداء، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: كيف أنت يا عويمر إذا قيل لك يوم القيامة: أعلمت أم جهلت؟ فإن قلت: علمت، قيل: فماذا عملت فيما علمت؟ وإن قلت: جهلت، قيل لك: فما كان عذرك فيما جهلت ألا تعلّمت؟
رواه الحارث بسندٍ فيه راوٍ لم يسمّ.
7695- وعن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم في سعتها كذا وكذا، وجمع الخلائق بصعيد واحد جنّهم وإنسهم، فإذا كان ذلك كذلك قبضت هذه السماء الدنيا عن أهلها فينثرون على وجه الأرض، فلأهل السماء وحدهم أكثر من جميع أهل الأرض جنهم وإنسهم بالضعف، فإذا نثروا على وجه الأرض، فزع إليهم أهل الأرض، وقالوا: فيكم ربنا؟ فيفزعون من قولهم، ويقولون: سبحان ربنا، ليس هو فينا وهو آت. ثم تفاض أهل السماء الثانية، فلأهل السماء الثانية وحدهم أكثر من أهل السماء الدنيا ومن جميع أهل الأرض جنهم وإنسهم بالضعف فإذا نثروا على وجه الأرض، فزعم إليهم أهل الأرض، وقالوا: فيكم ربنا؟ فيفزعون من قولهم، ويقولون: سبحان ربنا، ليس فينا وهو آت. ثم تفاض السموات كلها فتضعف كل سماء على
السموات التي تحتها، ومن جميع أهل الأرض بالضعف، كلما نثروا على وجه الأرض فزع إليهم أهل الأرض، ويقولون لهم مثل ذلك، ويرجعون إليهم مثل ذلك ثم يفاض أهل السماء السابعة، فلأهل السماء السابعة أكثر أهلا من السموات الست ومن جميع أهل الأرض بالضعف فيجيء الله فيهم والأمم جثاء صفوفًا، قال: فينادي مناد: سيعلمون اليوم من أصحاب الكرم، ليقم الحامدون للّه على كل حال، فيقومون فيسرحون إلى الجنة، ثم ينادي ثانية: سيعلمون اليوم من أصحاب الكرم، ليقم الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفًا وطمعًا ومما رزقناهم ينفقون فقال: فيقومون فيسرحون إلى الجنة، قال: ثم ينادي ثالثة: سيعلمون اليوم من أصحاب الكرم، ليقم الذين كانت لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يومًا تتقلب فيه القلوب والأبصار قال: فيقومون فيسرحون إلى الجنة، فإذا أخذ من هؤلاء ثلاثة، خرج عنق من النار فأشرف على الخلائق، له عينان تبصران، ولسان فصيح، فيقول: إني وكلت بثلاثة: إني وكلت بكل جبار عنيد، قال: فيلتقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم، فيجلس بهم في جهنم، قال: ثم يخرج ثانية فيقول: إني وكلت بمن آذى الله ورسوله، قال: فيلتقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم، فيجلس بهم في جهنم، ثم يخرج ثالثة، قال: فقال أبو المنهال: أحسبه أنه قال: إني وكلت بأصحاب التصاوير، قال: فيلتقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم، فيجلس بهم في جهنم، فإذا أخذ من هؤلاء ثلاثة ومن هؤلاء ثلاثة، نشرت الصحف، ووضعت الموازين ودعي الخلائق للحساب.
رواه الحارث بن أبي أسامة موقوفًا بإسناد حسن.
7696- وعن عبد الله بن سلام، رضي الله عنه، قال: كنا جلوسًا في المسجد يوم الجمعة فقال: إن أعظم أيام الدنيا يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه تقوم الساعة، وإن أكرم خليقة الله على الله، عزّ وجلّ، أبو القاسم صلّى الله عليه وسلّم قال: قلت: رحمك الله فأين الملائكة؟ قال: فنظر إلي وضحك، وقال: يا ابن أخي، هل تدري ما الملائكة؟ إنما الملائكة خلق كخلق السماء، وخلق الأرض، وخلق الرياح، وخلق السحاب، وخلق الجبال، وسائر الخلق التي لا تعصي الله شيئًا، وإن أكرم خليقة الله على الله، عزّ وجلّ، أبو القاسم صلّى الله عليه وسلّم وإن الجنة في السماء، وإن النار في الأرض، فإذا كان يوم القيامة بعث الله الخليقة أمة أمة، ونبيًّا نبيًّا، حتى يكون أحمد وأمته آخر الأمم مركزًا، قال: ثم يوضع جسر على جهنم، ثم ينادي مناد:
أين أحمد وأمته؟ قال: فيقوم فتتبعه أمته برها وفاجرها، قال: فيأخذون الجسر، فيطمس الله أبصار أعدائه فيتهافتون فيها من شمال ويمين وينجو النبي صلّى الله عليه وسلّم والصالحون معه، فتلقاهم الملائكة، فتوريهم منازلهم في الجنة، على يمينك وعلى يسارك، حتى ينتهي إلى ربه، فيلقى له كرسي من الجانب الآخر، قال: ثم يتبعهم الأنبياء والأمم حتى يكون آخرهم نوحًا.
رواه الحارث بن أبي أسامة مختصرًا، والحاكم واللفظ له وقال: حديث صحيح الإسناد، وليس بموقوف؟ فإن عبد الله بن سلام على تقدمه في معرفة قديمه من جملة الصحابة، وقد أسنده بذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في غير موضع، والله أعلم.
7697- وعن عبد الله بن عمر، رضي اللّه عنهما، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إنّما يبعث المقتتلون يوم القيامة على النّيّات.
رواه أبو يعلى الموصليّ بسندٍ ضعيفٍ، لجهالة بعض رواته، وضعف جابر الجعفيّ.
7698- وعنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إذا نزل العذاب على قومٍ أصاب من بين أظهرهم، ثمّ يبعثون على نيّاتهم.
رواه أبو يعلى الموصليّ بسندٍ فيه الحجّاج بن أرطاة، وهو ضعيفٌ.
7699- وعن عبد الحميد بن جعفرٍ، عن أمّه، عن علباء السّلميّ، رضي اللّه عنه، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: لا تقوم السّاعة إلاّ على حثالةٍ من النّاس.
رواه أبو يعلى، وأحمد بن حنبلٍ بسندٍ واحدٍ.
وله شاهدٌ من حديث عبد الله بن مسعودٍ، وتقدّم في باب النّهي عن اتّخاذ القبور مساجد.
7700- وعن أبي غالب: سمعت العلاء بن زياد قال لأنس بن مالك، رضي الله عنه: كيف يبعث الناس يوم القيامة؟ قالت: يبعثون والسماء تطش عليهم.
رواه أبو يعلى الموصليّ.
7701- وعن فضالة بن عبيدٍ، رضي اللّه عنه، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: من مات على مرتبةٍ من هذه المراتب بعثه اللّه عليها يوم القيامة.
رواه الحارث، وأبو يعلى الموصليّ، ورواته ثقاتٌ، وتقدّم في الإيمان في باب من مات على شيء بعث عليه.
7702- وعن ابن عمر، رضي اللّه عنهما، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يحشر النّاس يوم القيامة كما ولدتهم أمّهاتهم حفاةً عراةً غرلاً فقالت عائشة، رضي اللّه عنها: والنّساء بأبي أنت وأمّي؟ فقال: نعم فقالت: واسوأتاه، فقال: ومن أيّ شيء عجبت يا بنت أبي بكرٍ؟ قلت: عجبت من حديثك يحشر الرّجال والنّساء عراةً حفاةً غرلاً ينظر بعضهم إلى بعضٍ، قال: فضرب على منكبها، فقال: يا بنت أبي قحافة، شغل النّاس يومئذٍ عن النّظر، وتسمو أبصارهم موقوفون أربعين سنةً لا يأكلون، ولا يشربون متآمّين بأبصارهم إلى السّماء أربعين سنةً، فمنهم من يبلغ العرق قدميه، ومنهم من يبلغ ساقه، ومنهم من يبلغ بطنه، ومنهم من يلجمه العرق من طول الوقوف، ثمّ يرحم اللّه بعد ذلك العباد، فيأمر الملائكة المقرّبين فيحملون عرشه من السّماوات إلى الأرض، حتّى يوضع عرشه في أرضٍ بيضاء لم يسفك عليها دمٌ، ولم يعمل فيها خطيئةٌ كأنّها الفضّة البيضاء، ثمّ تقوم الملائكة حافّين من حول العرش، وذلك أوّل يومٍ نظرت فيه عينٌ إلى الله، عزّ وجلّ، ثمّ يأمر مناديًا فينادي بصوتٍ يسمعه الثّقلان من الجنّ والإنس: أين فلان بن فلان بن فلان بن فلانٍ؟ فيشرئبّ لذلك ويخرج ذلك المنادي من الموقف، فيعرّفه اللّه النّاس، ثمّ يقال: تخرج معه حسناته، فيعرّف اللّه أهل الموقف تلك الحسنات، فإذا وقف بين يدي ربّ العالمين تبارك وتعالى، قيل: أين صاحب المظالم؟ فيجيؤون رجلاً رجلاً، فيقال له: أظلمت فلانًا بكذا وكذا؟ فيقول: نعم يا ربّ، فذلك اليوم الّذي تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون، فتؤخذ حسناته فتدفع إلى من ظلمه، يوم لا دينار، ولا درهم إلاّ أخذ من الحسنات وردّ من السّيّئات فلا تزال أصحاب المظالم يستوفون من حسناته حتّى لا تبقى له حسنةٌ، ثمّ يقوم من بقي ممّن لم يأخذ شيئًا، فيقولون: ما بال غيرنا استوفى وبقينا، فيقال لهم: لا تعجلوا فيؤخذ من سيّئاتهم فتردّ عليه حتّى لا يبقى أحدٌ ظلم بمظلمةٍ، فيعرّف اللّه أهل الموقف أجمعين ذلك، فإذا فرغ من حسناته، قيل: ارجع إلى أمّك الهاوية، فإنّه لا ظلم اليوم إنّ اللّه سريع الحساب، فلا يبقى يومئذٍ ملكٌ، ولا نبيٌّ مرسلٌ، ولا صدّيقٌ، ولا شهيدٌ، ولا بشرٌ إلاّ ظنّ ممّا رأى من شدّة الحساب أنّه لا ينجو إلاّ من عصمه اللّه عزّ وجلّ.
رواه أبو يعلى الموصليّ بسندٍ فيه كوثر بن حكيمٍ، وهو ضعيفٌ.
لكن صدر الحديث في الصّحيحين وغيرهما من حديث عائشة.
ورواه الطّبرانيّ بسندٍ صحيحٍ من حديث أمّ سلمة، وتقدّم في الباب قبله.
7703- وعن أسماء بنت يزيد، رضي اللّه عنها، قالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: إذا جمع اللّه الأوّلين والآخرين يوم القيامة جاء منادٍ فينادي بصوتٍ يسمع جميع الخلائق كلّها: سيعلم أهل الجمع اليوم من أولى بالكرم، ثمّ يرجع فينادي: ليقم الّذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربّهم خوفًا وطمعًا وممّا رزقناهم ينفقون فيقومون وهم قليلٌ، ثمّ يرجع فينادي ليقم الّذين كانت لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر الله وإقام الصّلاة وإيتاء الزّكاة يخافون يومًا تتقلّب فيه القلوب والأبصار فيقومون وهم قليلٌ، ثمّ يرجع فينادي: ليقم الّذين كانوا يحمدون اللّه في السّرّاء والضّرّاء، فيقومون وهم قليلٌ، ثمّ يحاسب سائر النّاس.
رواه أبو يعلى الموصليّ.
4- باب فيما يبلغ العرق والشمس من الناس يوم القيامة
فيه حديث ابن عمر المتقدم في الباب قبله.
7704- وعن أبي أمامة الباهليّ، رضي اللّه عنه، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: تدنو الشّمس يوم القيامة على قيد ميلٍ، ويزاد في حرّها كذا وكذا، تغلي منها الهام كما تغلي القدور، يعرقون فيها على قدر خطاياهم، فمنهم من يبلغ إلى كعبيه، ومنهم من يبلغ إلى ساقيه، ومنهم من يبلغ إلى وسطه، ومنهم من يلجمه قال: وسمعت أبا الحكم، يقول: يزاد في حرّها سبعة عشر ضعفًا.
رواه أحمد بن منيعٍ، وأحمد بن حنبلٍ بسندٍ واحدٍ، رواته ثقاتٌ، وسيأتي في باب الشّفاعة.
من حديث سلمان: تعطي الشّمس يوم القيامة حرّ عشر سنين ثمّ تدنّى من جماجم النّاس الحديث.
7705- وعن سعيد بن عميرٍ الأنصاريّ، قال: جلست إلى جنب ابن عمر، و أبي سعيدٍ الخدريّ، فقال أحدهما سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: يبلغ العرق يوم القيامة من النّاس فقال أحدهما: إلى شحمة أذنه وقال الآخر: إلى أن يلجمه فقال ابن عمر: هكذا ووصف أبو عاصمٍ، فأمرّ أصبعه من شحمة أذنه إلى فيه هذا وذاك سواءٌ.
رواه أبو يعلى، وأحمد بن حنبلٍ، والحاكم، وصحّحه.
وله شاهدٌ من حديث عقبة بن عامرٍ، رواه أحمد بن حنبلٍ، وابن حبّان في صحيحه مطولا، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد.
5- باب ما جاء في الصراط
7706- عن أبي بكرة، رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: يحمل النّاس على الصّراط يوم القيامة، فيتقادع لهم جنبتا الصّراط تقادع الفراش في النّار قال: وينجّي اللّه برحمته من يشاء، قال: ثمّ يؤذن للملائكة والنّبيّين والشّهداء أن يشفعوا فيشفعون، ويخرجون ويشفعون، ويخرجون كلّ من في قلبه ما يزن ذرّةً من إيمانٍ.
رواه أبو بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن حنبلٍ بسندٍ واحدٍ، رواته ثقاتٌ.
وله شاهدٌ من حديث عثمان بن عفّان، رواه ابن ماجة، والبزّار.
7707- وعن أبي أمامة الباهليّ، رضي اللّه عنه، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: إنّي لأعلم آخر رجلٍ من أمّتي يجوز الصّراط، رجلٌ يتلوّى على الصّراط كالغلام حين يضربه أبوه، تزلّ يده مرّةً، فتصيبها النّار، وتزلّ رجله مرّةً، فتصيبها النّار، قال: فتقول له الملائكة: أرأيت إن بعثك اللّه من مقامك هذا فمشيت سويًا أتخبرنا بكلّ عملٍ عملته؟ قال: فيقول: أي وعزّته لا أكتمكم من عملي شيئًا قال: فيقولون له: قم فامش سويًا قال: فيقوم فيمشي حتّى يجاوز الصّراط، فيقولون له: أخبرنا بعملك الّذي عملت، فيقول في نفسه: إن أخبرتهم بما عملت ردّوني إلى مكاني، قال: فيقول: لا وعزّته ما أذنبت ذنبًا قطّ قال: فيقولون له: لنا عليك بيّنةٌ، قال: فيلتفت يمينًا وشمالاً هل يرى من الآدميّين ممّن كان يشهد في الدّنيا أحدًا، فلا يرى أحدًا، فيقول: هاتوا بيّنتكم، فيختم على فيه، وتنطق يداه ورجلاه وفخذه بعمله، فيقول: أي وعزّتك لقد عملتها فإنّ عندي العظائم المطيمرات، قال: فيقول اللّه، عزّ وجلّ: اذهب فقد غفرتها لك.
رواه أبو بكر بن أبي شيبة بإسنادٍ حسنٍ.
7708- وعن أبي سعيدٍ الخدريّ، رضي اللّه عنه، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: يوضع الصّراط بين ظهري جهنّم، عليه حسكٌ كحسك السّعدان، ثمّ يستجيز النّاس، فناجٍ مسلّمٌ، ومخدوشٌ به ثمّ ناجٍ، ومحتبسٌ ومنكوسٌ فيها، فإذا فرغ اللّه من القضاء بين العباد، يفقد المؤمنون رجالاً كانوا معهم في الدّنيا، يصلّون صلاتهم، ويزكّون زكاتهم، ويصومون صيامهم، ويحجّون حجّهم، ويغزون غزوهم، فيقولون: أي ربّنا عبادًا من عبادك كانوا معنا في دار الدّنيا يصلّون صلاتنا، ويزكّون زكاتنا، ويصومون صيامنا، ويحجّون حجّنا، ويغزون غزونا لا نراهم، فيقول: اذهبوا إلى النّار فمن وجدتم فيها منهم فأخرجوه، قال: فيجدونهم في النّار، قد أخذتهم النّار على قدر أعمالهم، فمنهم من أخذته النّار على قدميه، ومنهم من أخذته إلى نصف ساقه، ومنهم من أخذته إلى ركبتيه، ومنهم من
أخذته إلى أزرته، ومنهم من أخذته إلى ثدييه، ومنهم من أخذته إلى عنقه ولم تغش الوجوه، فيخرجونهم منها فيطرحونهم في ماء الحياة قيل: يا نبيّ الله، وما ماء الحياة؟ قال: غسل أهل الجنّة، فينبتون نبات الزّرعة في غثاء السّيل، ثمّ تشفع الأنبياء في كلّ من شهد أن لا إله إلاّ اللّه مخلصًا، فيخرجونهم منها، ثمّ يتحنّن اللّه برحمته على من فيها، فما يترك فيها عبدٌ في قلبه مثقال ذرّةٍ من الإيمان إلاّ أخرجوه منها.
رواه أحمد بن منيعٍ، ورواته ثقاتٌ، وأبو بكر بن أبي شيبة مختصرًا، وعنه ابن ماجه.
7709- وعن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: الصّراط كحدّ السّيف دحضٌ، مزلّةٌ، ذات حسكٍ وكلاليبٍ.
رواه أحمد بن منيعٍ.
7710- وعنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يقولون على الصّراط: اللّهمّ سلّم سلّم يعني المؤمنين.
رواه الحارث بن أبي أسامة، عن خالد بن القاسم، وهو ضعيفٌ.
7711- وعن أبيّ بن كعبٍ، رضي اللّه عنه، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: يعرّفني اللّه، عزّ وجلّ، نفسه يوم القيامة، فأسجد سجدةً يرضى بها عنّي، ثمّ أمدحه مدحةً يرضى بها عنّي، ثمّ يؤذن لي بالكلام، ثمّ تمرّ أمّتي على الصّراط مضروبٌ بين ظهرانيّ جهنّم، فيمرّون أسرع من الطّرف، والسّهم، وأسرع من أجود الخيول، حتّى يخرج الرّجل فيها يحبو، وهي الأعمال، وجهنّم تسأل المزيد، حتّى يضع الجبّار قدميه فيها فينزوي بعضها إلى بعضٍ، وتقول: قط قط، وأنا على الحوض قيل: وما الحوض يا رسول الله؟ قال: والّذي نفسي بيده، أو في يده، إنّ شرابه أبيض من اللّبن، وأحلى من العسل، وأبرد من الثّلج، وأطيب ريحًا من المسك، وآنيته أكثر عددًا من النّجوم، لا يشرب منه إنسانٌ فيظمأ، أبدًا، ولا يصرف فيروى أبدًا.
رواه أبو يعلى الموصليّ.
6- باب في حضور الأعمال الصالحة للحساب
فيه حديث جابر، وسيأتيان في الباب بعده.
7712- وعن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: تعرض الأعمال يوم القيامة فتجيء الصّلاة، فتقول: يا ربّ، أنا الصّلاة، فيقول اللّه، عزّ وجلّ: إنّك على خيرٍ، ثمّ تجيء الصّدقة، فتقول: أي ربّ أنا الصّدقة، فيقول: إنّك على خيرٍ، ويجئ الصّيام، وتجيء الأعمال كذلك، فتقول: أي ربّ، أنت السّلام وأنا الإسلام، فيقول اللّه، عزّ وجلّ: إنّك على خيرٍ، بك آخذ اليوم وبك أعطي ثمّ تلا الحسن: {إنّ الدّين عند الله الإسلام}، {ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين}.
رواه أبو يعلى الموصليّ، وأحمد بن حنبلٍ، ورواته ثقاتٌ.
7- باب في العدل في الحكم بين الخلق يوم القيامة
7713- عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر، رضي الله عنه، قال: بلغني حديث عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم فاشتريت بعيًرا فشددت عليه رحلا، ثم سرت إليه شهرًا حتى قدمت مصر، قال: فخرج إلي غلام أسود فقلت: استأذن لي على فلان، قالت: فدخل، فقال: إن أعرابيًا بالباب يستأذن، قال: فاخرج إليه فقل له: من أنت؟ فقال له: أخبره أني جابر بن عبد الله، قال: فخرج إليه فالتزم كل واحد منهما صاحبه فقال: ما جاء بك؟ قال: حديث بلغني أنك تحدث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم في القصاص، وما أعلم أحدًا يحفظه غيرك، فأحببت أن تذاكرنيه، قال: نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم صلّى الله عليه وسلّم يقول: إذا كان يوم القيامة حشر الله، عز وجل، عباده عراة غرلا بهما، فيناديهم بصوت يسمعه من بعد منهم كما يسمعه من قرب: أنا الملك، أنا الديان، لا تظالموا اليوم، لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ولأحد من أهل النار قبله مظلمة، ولا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار ولأحد من أهل الجنة قبله مظلمة، حتى اللطمة باليد. قالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وكيف وإنما نأتي عراة غرلا بها؟ قال: من الحسنات والسيئات.
رواه مسدّد والحارث.
7713/2- وأبو يعلى...، فذكره وزاد في آخر: قال: وحدثني جابر بن عبد الله أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: إن أشد، أو قال: أكبر، ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط.
7713/3- قال: وحدثني جابر أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: إذا نكح العبد، أو قال: تزوج العبد، بغير إذن سيده فهو عاهر.
7713/4- ورواه الحاكم وصححه وأحمد بن منيع وأبو بكر بن أبي شيبة وأحمد بن حنبل بلفظ: عن عبد الله بن محمد بن عقيلأنه سمع جابر بن عبد الله قال: بلغني حديث عن رجل سمعه من النبي صلى الله عليه وسلّم فاشتريت بعيًرا ثم شددت عليه رحلي فسرت إليه شهرًا حتى قدمت الشام فإذا عبد الله بن أنيس رضي الله عنه فقلت للبواب: قل له: جابر على الباب، فقال: ابن عبد الله؟ قلت: نعم، فخرج إلي يطأ ثوبه فاعتنقني وعانقته فقلت: حديثًا بلغني عنك أنك سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلّم في القصاص فخشيت أن أموت أو تموت قبل أن أسمعه منك، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: يحشر العباد، أو قال الناس، عراة غرلا بهما، فقلت: وما بهم؟ قال: ليس معهم شيء، فيناديهم: أنا الملك أنا الديان، لا ينبغي لأحد من أهل النار...، فذكره.
وله شاهدٌ وتقدم في باب الرحلة في طلب العلم.
7714- وعن عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: إن الله، عز وجل، ليدعو العبد يوم القيامة فيذكره آلاءه ونعماءه حتى يقول فيما يقول: سألتني في يوم كذا وكذا أن أزوجك فلانة، يسميها، فزوجتكها.
رواه مسدد بسند فيه الهجري، وهو ضعيف.
7715- وعن ابن عمر، رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:يطوي الله السموات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون أين المتكبرون؟! ثم يطوي الأرضين، ثم يأخذهن بشماله، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون أين المتكبرون؟!.
رواه أبو بكر بن أبي شيبة وأبو يعلى وهو في الصحيح بغير هذا السياق.
7716- وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال: هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة ليست في سحابة؟ قالوا: لا، قال: فهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ليس في سحابة؟ قالوا: لا، قال، فوالذي نفسي بيده لا تضارون في رؤية ربكم إلا كما تضارون في رؤية أحدهما، فيلقى العبد ربه فيقول: أي فل ألم أكرمك، وأسودك، وأزوجك، وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع، قال: فيقول: بلى يا رب، قال: فيقول: فظننت أنك ملاقيّ؟ فيقول: لا. فيقول: إني أنساك كما نسيتني. ثم يلقى الثاني فيقول، أي فل ألم أكرمك، وأسودك، وأزوجك، وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع، قال: فيقول: بلى يا رب، قال: فيقول: فظننت أنك ملاقيّ؟ فيقول: لا، فيقول: فإني أنساك كما نسيتني، ثم يلقى الثالث فيقول: أي فل، ألم أكرمك وأسودك وأزوجك وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول: بلى يا رب. فيقول: ظننت أنك ملاقيّ؟ فيقول: آمنت بك وبكتابك وبرسلك، وصليت، وصمت، وتصدقت، ويثني بخير ما استطاع،
قال: فيقول: فها هنا إذًا، قال: ثم قال: ألا نبعث شاهدنا عليك، فيفكر في نفسه من ذا الذي يشهد علي، فيختم على فيه ويقال لفخذه: انطقي. فينطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله ما كان، وذلك ليعذر من نفسه وذلك المنافق، وذلك الذي يسخط الله عليه ثم ينادي مناد: ألا لتتبع كل أمة ما كانت تعبد من دون الله فتتبع الشياطين والصلب أولياؤهم إلى جهنم قال: وبقينا أيها المؤمنون فيأتينا ربنا، عز وجل، وهو ربنا وهو يثيبنا، فيقولن: علام هؤلاء؟ فيقولون: نحن عباد الله المؤمنين آمنا بالله لا نشرك به شيئًا، وهذا مقامنا حتى يأتينا ربنا، عز وجل، وهو ربنا وهو مثبتنا، قال: ثم ينطلق حتى يأتي الجسر وعليه كلاليب من نار تخطف الناس، فعند ذلك حلت الشفاعة ودعوى الرسل يومئذ: اللهم سلم، أي اللهم سلم، فإذا جاوزوا الجسر فكل من أنفق زوجًا مما ملكت يمينه من المال في سبيل الله فكل خزنة الجنة يدعونه: يا عبد الله، يا مسلم، هذا خير فتعال، قال: فقال أبو بكر: يا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، إن مذا العبد لا توىً عليه يدع بابًا ويلج بابًا قال: فضربه رسول الله صلى الله عليه وسلّم بيده ثم قال: والذي نفس محمد بيده إني لأرجو أن تكون منهم.
رواه الحميدي بسند صحيح واللفظ له، وأحمد بن منيع وأبو يعلى إلا أنه قال:فيختم على فيه، ثم يقال لفخذه: انطقي. فذلك الذي يعذر من نفسه ويغضب الله، عز وجل، عليه.
ورواه مختصرًا محمد بن يحيى بن أبي عمر، ومسلم في صحيحه، وأبوداود في سننه. ترأس بمثناة فوق، ثم راء ساكنة، ثم همزة مفتوحة أي: يصير رئيسًا. وتربع بموحدة بعد في الراء مفتوحة معناه: يأخذ مأخذة رئيس الجيش لنفسه وهو ربع المغانم ويقال له: الرباع.
7717- وعن ابن عباس، رضي الله عنهما، أدن رسول الله صلى الله عليه وسلّم صلّى الله عليه وسلّم قالأن الروح الأمين حدثه: أن الله، تبارك وتعالى، قضى أن يؤتى بعمل العبد يوم القيامة حسناته وسيئاته فيقص بعضها ببعض، فإن بقيت له حسنة واحدة وسمع الله له في الجنة ما شاء.
قال إبراهيم بن الحكم بن أبان: قال أبي: فقلت لأبي سلمة: يزداد فإن ذهبت الحسنة فلم يبق شيء؟ فقال: {أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون}.
رواه عبد بن حميد.
7718- وعن ابن عمر، أو ابن عمرو، رضي الله عنهم، عن نبي الله صلى الله عليه وسلّم قال: يدني الله، عز وجل، عبده يوم القيامة حتى يضع عليه كنفه فيقرره بسيئاته فيقول: هل تعرف؟ فيقول: نعم، فيقول: سترتها في الدنيا وأغفرها اليوم، ثم يظهر له حسناته فيقول: {هاؤم اقرءوا كتابيه} أو كما قال، قال: وأما الكافر فإنه ينادى به على رءوس الأشهاد رواه أبو يعلى الموصلي.
8- باب ما جاء في المماليك وساداتهم والقصاص بين الحيوانات وفيمن يشدد عليه العذاب
7719- عن أنس بن مالكٍ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ويلٌ للمملوك من المالك، وويلٌ للمالك من المملوك، وويلٌ للغنيّ من الفقير، وويلٌ للفقير من الغنيّ، وويلٌ للشّديد من الضّعيف، وويلٌ للضّعيف من الشّديد.
رواه أبو يعلى الموصليّ، والبزّار، وله شاهدٌ من حديث حذيفة، رواه الطّبرانيّ، والبزّار.
7720- وعن أبي ذرٍّ، رضي اللّه عنه، قال: رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شاتين تنتطحان، قال: يا أبا ذرّ أتدري فيما تنتطحان؟ قلت: لا أدري، قال: لكن ربّك يدري وسيقضي بينهما يوم القيامة.
رواه أبو داود الطّيالسيّ، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأبو يعلى الموصليّ، وأحمد بن حنبلٍ، ومدار أسانيدهم على التّابعيّ ولم يسمّ، وقد تقدّم هذا الحديث في أوّل كتاب العلم.
7721- وعن عثمان بن عفّان، رضي اللّه عنه، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: إنّ الجمّاء لتقتصّ من القرناء يوم القيامة.
رواه أبو يعلى الموصليّ، وعبد الله بن أحمد بن حنبلٍ، ومدار إسناديهما على الحجّاج بن نصيرٍ، وهو ضعيفٌ، لكن أصله في صحيح مسلمٍ وغيره من حديث أبي هريرة.
ورواه أحمد بن حنبلٍ، من حديث أبي ذرٍّ، وأبو بكر بن أبي شيبة، وغيره من حديث أمّ سلمة، وتقدّم في كتاب الدّيات.
7722- وعن أبي سعيدٍ الخدريّ، رضي اللّه عنه، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: والّذي نفسي بيده ليختصمنّ كلّ شيء يوم القيامة حتّى الشّاتين فيما انتطحتا.
رواه أبو يعلى الموصليّ، وأحمد بن حنبلٍ، وفي سنديهما ابن لهيعة، وهو ضعيفٌ.
وله شاهدٌ من حديث عقبة بن عامرٍ ورواه أحمد بن حنبلٍ، والحاكم من حديث عبد الله بن عمرٍو.
7723- وعن خالد بن حكيم بن حزامٍ، قال: سارّ أبو عبيدة بن الجرّاح رجلاً في شيء فكلّمه فيه خالد بن الوليد، فقيل له: أغضبت الأمير، فقال خالدٌ: إنّي لم أرد أن أغضبه ولكن سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: إنّ أشدّ النّاس عذابًا عند الله يوم القيامة أشدّهم عذابًا للنّاس في الدّنيا.
رواه أبو داود الطّيالسيّ، والحميديّ، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن حنبلٍ بسندٍ واحدٍ، رواته ثقاتٌ.
9- باب في هجعة الكافر وحسابه، وكيف ينصب له وما جاء في تخفيف يوم القيامة على المؤمنين
7724- عن مجاهد قال: للكافر هجعة قبل يوم القيامة يذوقون فيها طعم النوم فإذا كان يوم القيامة قال الكافر: {ياويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا} فيقول المؤمن: {هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون}.
رواه مسدّد، عن المعتمر، عن ليث عنه به.
7725- وعن عبد الله بن مسعودٍ، رضي اللّه عنه، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: إنّ الكافر ليحاسب يوم القيامة يلجمه العرق، حتّى إنّه ليقول: يا ربّ، أرحني ولو إلى النّار.
رواه أبو يعلى الموصليّ، وعنه ابن حبّان في صحيحه.
7726- وعن جابر، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: العار والتخزية تبلغ من ابن آدم في القيامة بين يدي الله، تعالى، ما يتمنى العبد أن يؤمر به إلى النار.
رواه أبو يعلى بسند ضعيف ؛ لضعف الفضل بن عيسى بن أبان الواعظ.
7726/2- ومن طريقه رواه البزار ولفظه: إن العرق ليلزم المرء في الموقف حتى يقول: يا رب، إرسالك بي إلى النار أهون علي مما أجد وهو يعلم ما فيها من شدة العذاب.
7727- وعن أبي سعيدٍ الخدريّ، رضي اللّه عنه، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ينصب للكافر يوم القيامة مقدار خمسين ألف سنةٍ كما لم يعمل في الدّنيا، وإنّ الكافر يرى جهنّم، ويظنّ أنّها مواقعته من مسيرة أربعين سنةً.
7727/2- وفي روايةٍ: إذا كان يوم القيامة غرف الكافر بعمله فجحد وخاصم، فيقال: هؤلاء جيرانك يشهدون عليك، فيقول: كذبوا، فيقول: أهلك عشيرتك، فيقول: كذبوا، فيقول: احلفوا، فيحلفوا، ثمّ يصمتهم اللّه وتشهد ألسنتهم ويدخلهم النّار.
رواه أبو يعلى الموصليّ، وأحمد بن حنبلٍ بسندٍ واحدٍ، مداره على ابن لهيعة، وهو ضعيفٌ، لكن رواه ابن حبّان في صحيحه من حديث أبي هريرة، والحاكم، وصحّحه.
7728- وعن أبي سعيدٍ الخدريّ، رضي اللّه عنه، قال: قيل: يا رسول الله يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ ما أطول هذا؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: والّذي نفسي بيده إنّه ليخفّف على المؤمن حتّى يكون أخفّ عليه من صلاته المكتوبة يصلّيها في الدّنيا.
رواه أبو يعلى الموصليّ، وأحمد بن حنبلٍ، وابن حبّان في صحيحه.
7729- وعن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: يقوم النّاس لربّ العالمين مقدار نصف يومٍ من خمسين ألف سنةٍ فيهوّن ذلك على المؤمن كتدلّي الشّمس للغروب، أو إلى أن تغرب.
رواه أبو يعلى، وابن حبّان في صحيحه.
10- باب ما جاء في المعتوه والشيخ الفاني ومن مات في الفترة وغير ذلك مما يذكر
7730- عن أنس بن مالكٍ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يؤتى بأربعةٍ يوم القيامة: بالمولود، والمعتوه، ومن مات في الفترة، والشّيخ الفاني، كلّهم يتكلّم بحجّته، فيقول الرّبّ، عزّ وجلّ، لعنقٍ من النّار: ابرز، فيقول لهم: إنّي كنت بعثت إلى عبادي رسلاً من أنفسهم، وإنّي رسول نفسي إليكم ادخلوا هذه، قال: فيقول من كتب عليه الشّقاء: يا ربّ، أنّى ندخلها ومنها كنّا نفرّ، قال: قال: ومن كتب عليه السّعادة يمضي يتقحم فيها مسرعًا قال: فيقول اللّه، تبارك وتعالى: أنتم لرسلي أشدّ تكذيبًا ومعصيةً، فيدخل هؤلاء الجنّة، وهؤلاء النّار.
رواه أبو يعلى الموصليّ.
وله شاهدٍ من حديث الأسود بن سريعٍ رواه ابن حبّان في صحيحه، والبزّار من حديث ثوبان.
7731- وعن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أربعةٌ كلّهم يدلي على الله يوم القيامة بحجّةٍ وعذرٍ: رجلٌ مات في الفترة، ورجلٌ أدرك الإسلام هرمًا، ورجلٌ أصمٌّ أبكمٌ، ورجلٌ معتوهٌ، فيبعث اللّه، عزّ وجلّ، إليهم رسولاً، فيقول: أطيعوه فيأتيهم الرّسول ليؤجّج لهم نارًا، فيقول: اقتحموها فمن اقتحمها كانت عليه بردًا وسلامًا، ومن لا، حقّت عليه كلمة العذاب.
رواه أبو يعلى الموصليّ بسندٍ ضعيفٍ، لضعف عليّ بن زيد بن جدعان.
ورواه أحمد بن حنبلٍ من وجهٍ آخر.
11- باب في ذكر الحوض
فيه حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وتقدم في الفتن في باب أشراط الساعة، وحديث أبي بن كعب وتقدم في باب الصراط وحديث أبي أمامة وسيأتي في كتاب صفة الجنة في باب من يدخل الجنة بلا حساب.
7732- وعن زيد بن أرقم، رضي اللّه عنه، قال: بعث إليّ عبيد الله بن زيادٍ، فقال: ما أحاديث تبلغني تحدّث بها وترويها عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تزعم أنّ حوضًا في الجنّة، قلت: حدّثنا ذاك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ووعيناه، فقال: كذبت، ولكنّك شيخٌ قد خرفت، قال: أما إنّه قد سمعته أذناي ووعاه قلبي من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، يقول: من كذب عليّ متعمّدًا فليتبوّأ مقعده من النّار وما كذبت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
رواه مسدّدٌ، ورواته ثقات، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن حنبلٍ.
ورواه أبو داود، وابن ماجة، مختصرًا.
7733- وعن سهل بن سعدٍ، رضي اللّه عنه، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: أنا فرطكم على الحوض، من ورد عليّ شرب، ومن شرب لم يظمأ بعدها أبدًا، ألا ليردنّ عليّ أقوامٌ أعرفهم ويعرفوني، ثمّ يحال بيني وبينهم.
رواه أبو بكر بن أبي شيبة، ورواته ثقاتٌ.
7734- وعن خولة بنت حكيمٍ، رضي اللّه عنها، قالت: قلت: يا رسول الله، إنّ لك حوضًا؟ قال: نعم وأحبّ من يرده إليّ قومك.
رواه أبو بكر بن أبي شيبة، وعنه أبو يعلى الموصليّ، ورواته ثقاتٌ.
7735- وعن عمر بن الخطّاب، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أنا فرطكم على الحوض.
رواه الحارث بن أبي أسامة.
7736- وعن أبي سعيد الخدريّ، رضي اللّه عنه، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ما بال رجالٍ يقولون إن رحم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا تنفع قومه، بلى والله إنّ رحمي موصولةٌ في الدّنيا والآخرة، وإنّي أيّها النّاس فرطٌ لكم على الحوض فإذا جئتم، قال رجلٌ: يا رسول الله، أنا فلان ابن فلانٍ، وقال آخر: أنا فلان ابن فلانٍ فأقول: أمّا النّسب فقد عرفته، ولكنّكم أحدثتم بعدي وارتددتم القهقرى.
رواه أبو يعلى الموصليّ، واللّفظ له، وأبو داود الطّيالسيّ، وأبو بكر بن أبي شيبة، وعبد بن حميدٍ، وأحمد بن حنبلٍ، وتقدّم في البرّ والصّلة في باب ما جاء في رحم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومدار أسانيدهم على عبد الله بن محمّد بن عقيلٍ.
7737- عن يزيد الرّقاشيّ، عن أنس بن مالكٍ، رضي اللّه عنه، قال: قلت: يا أبا حمزة، إنّ قومًا يشهدون علينا بالكفر والشّرك، قال أنسٌ: أولئك شرّ الخلق والخليقة، قلت: ويكذّبون بالحوض، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: إنّ لي حوضًا عرضه كما بين أيلة إلى الكعبة، أو قال: صنعاء أشدّ بياضًا من اللّبن، وأحلى من العسل، فيه آنيةٌ عدد نجوم السّماء، يمدّه ميزابان من الجنّة، ومن كذّب به لم يصب به الشّرب.
رواه أبو يعلى الموصليّ، ويزيد الرّقاشيّ ضعيفٌ.
ورواه البزّار، والطّبرانيّ، بسندٍ فيه المسعوديّ.
وله شواهدٌ تقدّمت في الفتن في باب شرّ الخلق والخليقة.
12- باب في المقام المحمود
فيه حديث حذيفة وتقدم في التفسير في سورة الإسراء، وحديث سلمان وعلي بن الحسين وسيأتيان في باب ذكر الشفاعة.
7738- وعن أبي الزعراء، عن عبد الله، رضي الله عنه، قال: ثم يأذن الله في الشفاعة فيقوم روح القدس جبريل، عليه السلام، ثم يقوم إبراهيم خليل الله، ثم يقوم موسى أو عيسى، قال أبو الزعراء: لا أدري أيهما قال ثم يقوم نبيكم صلّى الله عليه وسلّم وعلى جميع أنبياء الله رابعًا، فيشفع لا يشفع لأحد بعده في أكثر مما يشفع، وهو المقام المحمود الذي قال الله، عز وجل: {عسى أن يبعثك ربك مقامًا محمودًا}.
رواه أبو داود الطيالسي والنسائي في الكبرى، ورواة النسائي ثقات.
13- باب في أول من يكسى يوم القيامة، وما جاء في صفة أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم
7739- عن عليّ بن أبي طالبٍ، رضي اللّه عنه، قال: أوّل من يكسى يوم القيامة إبراهيم، عليه الصّلاة والسّلام، قبطيّتين، ثمّ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: وهو عن يمين العرش.
رواه إسحاق بن راهويه.
7739/2- وأبو يعلى، ولفظه: قال عليٌّ: أوّل من يكسى من الخلائق إبراهيم قبطيّتين، ويكسى محمّدٌ بردةً حبرةً وهو عن يمين العرش.
ورواه أحمد بن حنبلٍ، وابن حبّان في صحيحه، وأصله في الصّحيحين من حديث ابن عبّاسٍ.
7740- وعن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، قال: قيل: يارسول الله، بم تعرف أمتك يوم القيامة؟ قال: غر محجلون من أثر الوضوء.
رواه الحارث، وفي سنده عطية العوفي، وهو ضعيف.
7741- وعن جابرٍ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أنتم الغرّ المحجّلون.
رواه أبو يعلى، وأصله في الصّحيحين من حديث أبي هريرة، ومسند أحمد بن حنبلٍ من حديث أبي أمامة، وابن ماجة، وابن حبّان من حديث ابن مسعودٍ، وتقدّم جملة أحاديث في الطّهارة، وسيأتي حديث ابن عبّاسٍ الطّويل في باب ذكر الشّفاعة.
7742- عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يأتي من أمّتي يوم القيامة مثل الليل والسّيل، فتقول الملائكة: لما جاء مع محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم من أمّته أكثر ممّا جاء مع عامّة الأنبياء.
رواه عبد بن حميدٍ بسندٍ فيه موسى بن عبيدة الرّبذيّ، وهو ضعيفٌ.
14- باب فيمن يظل في ظل الله أو ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله
وقع لي في هذا الباب أحاديث ليست من شرطي لهذا الكتاب فأردت جمعها مع ما هو من شرطي للفائدة، فيه حديث العرباض بن سارية وسيأتي في كتاب صفة الجنة في باب المتحابين للّه، عزّ وجلّ، وروى الإمام مالك والبخاري ومسلم، والتّرمذيّ، وغيرهم من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّميقول: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلاّ ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة الله، عزّ وجلّ، ورجل قلبه متعلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله. ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه.
7743- وعن سلمان، رضي اللّه عنه، قال: سبعةٌ يظلّهم اللّه، عزّ وجلّ، في ظل عرشه يوم القيامة: رجل ذكر الله، عز وجل، ففاضت عيناه، ورجل أفنى شبابه ونشاطه في
عبادة الله، ورجل قلبه متعلق في المساجد من حبها، ورجلٌ تصدّق بصدقةٍ بيمينه وكان يخفيها من شماله، ورجلان التقيا فقال كل واحد منهما: إني أحبك في الله، عز وجل، تصادرا على ذلك، ورجل أرسلت إليه امرأةٌ ذات منصبٌ وجمالٌ تدعوه إلى نفسها فقال: إنّي أخاف اللّه، عزّ وجلّ، وإمام مقتصد.
رواه سعيد بن منصور في سننه موقوفًا وفي سنده إبراهيم الهجري قال الإمام أبو شامة شارح الشاطبية، رحمه الله،: وأنشدكم لنفسي في المعنى:
وقال النّبيّ المصطفى إنّ سبعة... يظلّهم اللّه الكريم بظلّه
محبّ عفيفٌ ناشي متصدّقٌ... وباكٍ مصلّ والإمام بعدله
7744- عن أبي اليسر، واسمه كعب بن عمرو بن عبّادٍ، رضي اللّه عنه، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: من أنظر معسرًا، أو وضع عن معسرٍ أظلّه اللّه في ظلّه.
رواه ابن ماجة، والحاكم واللّفظ له، وقال: صحيحٌ على شرط مسلمٍ، وليس كما زعم بل رواه مسلمٌ في صحيحه، وقصّر الحافظ المنذريّ رحمه اللّه في كتاب التّرغيب فعزاه لابن ماجة، والحاكم ولم يعزه لمسلمٍ وهو فيه.
وله شاهدٌ من حديث أبي قتادة، وتقدّم في الزّكاة في باب استحقاق الإمام.
7745- وعن سهل بن حنيفٍ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من أعان مجاهدًا في سبيل الله، أو غارمًا في عسرته، أو مكاتبًا في رقبته، أظلّه اللّه يوم القيامة في ظلّه يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه.
رواه أحمد بن حنبلٍ، وأبو بكر بن أبي شيبة، وعبد بن حميدٍ، والحاكم، وعنه البيهقيّ في سننه، كلّهم من طريق عبد الله بن محمّد بن عقيلٍ، وتقدّم في كتاب المكاتب، وتقدّم جملة أحاديث من هذا النّوع في كتاب القرض في باب فضل إنظار المعسر.
7746- وعن عمر بن الخطّاب، رضي اللّه عنه، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: من أظلّ رأس غازٍ أظلّه اللّه يوم القيامة... الحديث.
رواه أحمد بن حنبلٍ، وأبو بكر بن أبي شيبة، ومحمّد بن يحيى بن أبي عمر، وأبو يعلى، وابن ماجة، وابن حبّان في صحيحه، والحاكم، وعنه البيهقيّ، وتقدّم في الجهاد في باب من جهّز غازيًا.
7747- وعن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: أوحى اللّه تعالى إلى إبراهيم، عليه الصّلاة والسّلام: يا خليلي، حسّن خلقك ولو مع الكفّار، تدخل مدخل الأبرار، وإنّ كلمتي سبقت لمن حسن خلقه أن أظلّه تحت عرشي، وأن أسقيه من حظيرة قدسي، وأن أدنيه من جواري.
قال الحافظ المنذريّ: رواه الطّبرانيّ بسندٍ ضعيفٍ.
قال شيخنا شيخ الإسلام وقاضي القضاة أبو الفضل العسقلانيّ: وأنشدكم لنفسي في المعنى:
وزد سبعةً إظلال غازٍ وعونه... وإنظار ذي عسرٍ وتخفيف ثقله
وتحسين خلقٍ مع إعانة غارمٍ... خفيف يدٍ حتّى مكاتب أهله
7748- وعن جابر بن عبد الله، رضي اللّه عنهما، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ثلاثٌ من كنّ فيه أظلّه اللّه، عزّ وجلّ، تحت ظلّ عرشه يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه: الوضوء في المكاره، والمشي إلى المساجد في الظّلم، وإطعام الجائع.
رواه أبو الشّيخ في كتاب الثّواب، وأبو القاسم الأصبهانيّ.
7749- وعنه مرفوعًا: من حفر قبرًا بنى اللّه له بيتًا في الجنّة... الحديث بطوله ومن كفل يتيمًا، أو أرملةً أظلّه اللّه في ظلّه وأدخله الجنّة.
رواه الطّبرانيّ في الأوسط وفي سنده الخليل بن مرّة، وقد ضعّف.
7750- وعن عائشة، رضي اللّه عنها، قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أتدرون من السّابقين والسّابقون إلى ظلّ الله يوم القيامة؟ قالوا: اللّه ورسوله أعلم، قال: الّذين إذا أعطوا الحقّ قبلوه، وإذا سئلوا بذلوه، وحكموا للنّاس كحكمهم لأنفسهم.
رواه أحمد بن منيعٍ، وأحمد بن حنبلٍ، وفي سندهما ابن لهيعة، وتقدّم في كتاب القضاء من حديث عمر بن الخطّاب.
7751- وعن أبي ذرٍّ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: زر القبور فإنّها تذكّر الآخرة، واغسل الموتى فإنّ معالجة جسدٍ خاوٍ موعظةٌ بليغةٌ، وصلّ على الجنائز لعلّ ذلك أن يحزنك فإنّ الحزين في ظلّ الله يتعرّض لكلّ خيرٍ.
رواه الحاكم، قال الحافظ المنذريّ: رواته ثقاتٌ.
7752- وعن أنس بن مالكٍ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: التّاجر الصّدوق تحت ظلّ العرش يوم القيامة.
رواه الأصبهانيّ، وغيره
قال شيخنا قاضي القضاة شيخ الإسلام أبو الفضل العسقلانيّ أبقاه اللّه وأنشدكم لنفسي في المعنى:
وزد تسعةً، حزنٍ ومشيٍ لمسجدٍ... وكره وضوءٍ ثمّ مطعم فضله
وآخذ حقٍّ باذلٌ ثمّ كافلٌ... وتاجر صدقٍ في المقال وفعله
7753- وعن عليّ بن أبي طالبٍ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أدّبوا أولادكم على خصالٍ ثلاثٍ: على حبّ نبيّكم، وحبّ أهل بيته، وعلى قراءة القرآن، فإنّ حملة القرآن في ظلّ الله يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه مع أنبيائه وأصفيائه.
رواه صاحب مسند الفردوس.
7754- وعن أبي الدّرداء، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: خلق اللّه الجنّ ثلاثة أصنافٍ: صنفٌ حيّاتٌ وعقاربٌ وخشاش الأرض، وصنفٌ كالرّيح في الهواء، وصنفٌ عليهم الحساب والعقاب، وخلق اللّه الإنس ثلاثة أصنافٍ: صنفٌ كالبهائم، قال اللّه، عزّ وجلّ: {لهم قلوبٌ لا يفقهون بها ولهم أعينٌ لا يبصرون بها ولهم آذانٌ لا يسمعون بها...} الآية، وصنفٌ أجسادهم أجساد بني آدم وأرواحهم أرواح الشّياطين، وصنفٌ في ظلّ الله يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه.
رواه أبو يعلى بسندٍ ضعيفٍ، لجهالة بعض رواته، وضعف بعضهم.
7755- وعن أنسٍ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إنّ المرء المسلم إذا خرج من بيته يعود أخاه المسلم خاض في الرّحمة إلى حقويه، فإذا جلس عند المريض غمرته الرّحمة وغمرت المريض الرّحمة، وكان المريض في ظلّ عرشه وكان العائد في ظلّ قدسه... الحديث.
رواه أبو يعلى الموصليّ، وتقدّم بطوله في الطّبّ في باب عيادة المريض.
7756- وعن أنس بن مالك، رضي الله عنه، قال: ثلاثة في ظل الرحمن يوم القيامة: واصل الرحم ويمد له في عمره ويوسع له في رزقه، وامرأة مات زوجها وترك أيتامًا فتقوم هي على الأيتام حتى يغنيهم الله أو يموتوا، ورجل اتخذ طعامًا فدعا إليه اليتامى والمساكين.
رواه أبو الليث السمرقندي في كتاب تنبيه الغافلين بغير إسناد ولم أقف له على أصل.
7757- وعن رجل من الأنصار، وكان بدريًا، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من أحب أن يستظل، أو يظله الله، من فيح جهنم، أو من فوح،؟ فقال القوم كلهم: نحن يا رسول الله. قال: من أنظر معسرًا أو وضع عن غريمه.
رواه عبد بن حميد، وعنه أحمد بن منيع: حدّثنا أبو مريم، حدّثنا أبو جعفر...، فذكره.
15- باب في ذكر الشفاعة
فيه حديث ابن عمر وتقدم في تفسير سورة النساء، وحديث أم سلمة وتقدم في علامات النبوة في باب إخباره بالمغيبات، وحديث الحارث بن أقيس وسيأتي في عظم أهل النار وقبحهم، وحديث أبي سعيد الخدري وتقدم في صفة الدجال، وحديث أبي هريرة وتقدم في كتاب البعث، وحديث زيد بن أرقم وتقدم في الجنائز في باب عذاب القبر، وحديث أبي ذر وتقدم في الخصائص.
7758- وعن أبي نضرة، قال: خطبنا ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنهما، على منبر البصرة فحمد اللّه وأثنى عليه، ثمّ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ما من نبيٍّ إلاّ وله دعوةٌ، كلّهم قد أنجزها في الدّنيا، وإنّي ادّخرت دعوتي شفاعةً لأمّتي يوم القيامة، ألا وإنّي سيّد ولد آدم يوم القيامة، ولا فخرٌ، وأوّل من تنشقّ عنه الأرض يوم القيامة، ولا فخرٌ، بيدي لواء الحمد، تحته آدم فمن دونه، ولا فخرٌ، ويشتدّ كرب ذلك اليوم على النّاس، فيقولون: انطلقوا بنا إلى آدم أبي البشر فليشفع لنا إلى ربّنا حتّى يقضي بيننا، فيأتون آدم عليه الصّلاة والسّلام، فيقولون: أنت الّذي خلقك اللّه بيده، وأسكنك جنّته، وأسجد لك ملائكته فاشفع لنا إلى ربّنا حتّى يقضي بيننا، فيقول: إنّي لست هناكم إنّي أخرجت من الجنّة بخطيئتي وإنّه لا يهمّني اليوم إلاّ نفسي ولكن ائتوا نوحًا عليه السّلام فإنّه أوّل النّبيّين، فيأتون نوحًا، فيقولون: اشفع لنا إلى ربّنا حتّى يقضي بيننا، فيقول: لست هناكم، إنّي دعوت دعوةً أغرقت أهل الأرض، وإنّه لا يهمّني إلاّ نفسي، ولكن ائتوا إبراهيم خليل الله صلّى الله عليه وسلّم، فيأتون إبراهيم عليه السّلام، فيقولون: اشفع لنا إلى ربّنا حتّى يقضي بيننا، فيقول: لست هناكم إنّي كذبت في الإسلام ثلاث كذباتٍ، وإنّه لا يهمّني اليوم إلاّ نفسي قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: والله ما حاول بهنّ إلاّ عن دين الله، قوله: إنّي سقيمٌ، وقوله: بل فعله كبيرهم هذا، وقوله لسارة: قولي: إنّه أخي، ولكن ائتوا موسى عليه السّلام عبدًا اصطفاه اللّه برسالاته وبكلماته، فيأتون موسى عليه السّلام، فيقولون: اشفع لنا إلى ربّنا حتّى يقضي بيننا، فيقول: إنّي لست هناكم إنّي قتلت نفسًا بغير حقٍّ، وإنّه لا يهمّني اليوم إلاّ نفسي، ولكن ائتوا عيسى عليه السّلام، روح الله وكلمته، فيأتون عيسى، فيقولون: اشفع لنا إلى ربّنا حتّى يقضي بيننا، فيقول: إنّي لست هناكم إنّي اتّخذت وأمّي إلهين من دون الله، ولكن أرأيتم لو أنّ متاعًا في وعاءٍ قد ختم عليه أكان يوصل إلى ما في الوعاء حتّى يفضّ الخاتم؟ فيقولون: لا، فيقول: إنّ محمّدًا صلّى الله عليه وسلّم قد حضر اليوم وقد غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فيأتيني النّاس، فيقولون: اشفع لنا إلى ربّنا حتّى يقضي بيننا، فأقول: أنا لها، أنا لها، حتّى يأذن اللّه لمن يشاء ويرضى، فإذا أراد اللّه، عزّ وجلّ، أن يقضي بين خلقه نادى منادٍ أين محمّد وأمّته؟ فأقوم وتتبعني أمّتي غرٌّ ومحجّلين من أثر الوضوء الطّهور قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فنحن الآخرون الأوّلون، أوّل من يحاسب وتفرج لنا الأمم عن طريقنا، فتقول الأمم: كادت هذه الأمّة أن تكون أنبياء كلّها، فأنتهي إلى باب الجنّة فأستفتح، فيقال: من هذا؟ فأقول: أحمد، فيفتح لي، فأنتهي إلى ربّي، عزّ وجلّ، وهو على كرسيّه فأخرّ ساجدًا فأحمد ربّي
بمحامد لم يحمده أحدٌ بها قبلي، ولا يحمد بها أحدٌ بعدي، فيقال لي: ارفع رأسك، وقل تسمع، وسل تعطه، واشفع تشفّع، فأشفع، فيقال: اذهب فأخرج من النّار من كان في قلبه من الخير كذا وكذا، فأنطلق فأخرجهم، ثمّ أرجع إلى ربّي فأخرّ ساجدًا، فيقال: ارفع رأسك، وقل تسمع، واشفع تشفّع، وسل تعطه، فيحدّ لي حدًّا فأخرجهم.
رواه أبو داود الطّيالسيّ، واللّفظ له، وأحمد بن حنبلٍ
7758/2- والحارث، ولفظه: عن ابن عبّاسٍ، قال: خطب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: إذا كان يوم القيامة طال على النّاس الحساب، فقالوا: اذهبوا بنا إلى أبينا آدم فليشفع إلى ربّنا فليحاسبنا، فيأتون آدم، فيقولون: إنّك آدم أبونا، وأنت الّذي خلقك اللّه بيده وأسكنك جنّته، وأسجد لك ملائكته، وقد طال علينا الحساب، فاشفع لنا إلى ربّنا فليحاسبنا، فقد طال علينا الحساب، فيقول: لست هناكم إنّي خرجت من الجنّة بخطيئتي، ولكن ائتوا أباكم نوحًا فيأتونه، فيقولون: اشفع لنا إلى ربّنا فليحاسبنا فقد طال علينا الحساب، فيقول: إنّي لست هناكم إنّي دعوت دعوةً أغرقت الأرض، ولكن ائتوا أباكم إبراهيم، فيأتونه، فيقولون: أنت الّذي اتّخذك اللّه خليلاً، فاشفع لنا إلى ربّك فليحاسبنا فقد طال علينا الحساب، فيقول: إنّي لست هناكم إنّي كذبت ثلاث كذباتٍ، ولكن ائتوا موسى عليه السّلام فليشفع لكم إلى ربّكم، فيأتون موسى، فيقولون: أنت الّذي كلّمك اللّه، عزّ وجلّ، فاشفع لنا إلى ربّك فليحاسبنا، فقد طال علينا الحساب، فيقول لهم: إنّي لست هناكم إنّي قتلت نفسًا بغير حقّها، ولكن ائتوا عيسى عليه السّلام فليشفع لكم إلى ربّكم، فيأتونه، فيقولون: أنت روح الله وكلمته فاشفع لنا إلى ربّنا فليحاسبنا، فقد طال علينا الحساب، فيقول: إنّي لست هناكم إنّي عبدت من دون الله، ولكن أرأيتم لو كان متاعٌ في وعاءٍ عليه خاتمٌ ما كان يوصل إلى ذلك المتاع حتّى يفكّ الخاتم، فأتوا محمّدًا صلّى الله عليه وسلّم فإنّه خاتم النّبيّين، قال: فيأتوني، فآتي ربّي، عزّ وجلّ، فأخرّ له ساجدًا، فيقال لي: ارفع رأسك فأحمد اللّه بمحامد لم يحمده بها أحدٌ قبلي، ولا يحمده بها أحدٌ بعدي، ثمّ أخرّ له ساجدًا، فيقال لي: ارفع رأسك، وسل تعطه، واشفع تشفّع، حتّى أخرج من النّار من كان في قلبه حبّةٌ من خردلٍ من قول: لا إله إلاّ اللّه.
7758/3- ورواه أبو يعلى الموصليّ نحو حديث الحارث إلاّ أنّه قال في آخره: أرأيتم لو كان متاعًا في وعاءٍ مختومٍ أكان يقدر على ما فيه حتّى يفضّ الخاتم؟ فيقولون: لا، فيقول: إنّ محمّدًا صلّى الله عليه وسلّم خاتم النّبيّين، وقد حضر، وقد غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، فيأتوني، فيقولون: يا محمّد، اشفع لنا إلى ربّك فليقض بيننا، فأقول: أنا لها حين يأذن اللّه لمن يشاء ويرضى، فإذا أراد اللّه أن يقضي بين خلقه نادى منادٍ: أين أحمد وأمّته، أين أحمد وأمّته، فيجيؤون، فنحن الأوّلون الآخرون، آخر من يبعث وأوّل من يحاسب، فتفرج لنا الأمم على طريقنا، فنمضي غرًّا محجّلين من آثار الوضوء، فتقول الأمم: كادت هذه الأمّة أن تكون أنبياء كلّها.
7758/4- ورواه أحمد بن حنبلٍ بتمامه إلا أنّه قال: فتقول الأمم: كادت هذه الأمّة أن تكون أنبياء كلّها، فيأتون باب الجنّة فآخذ بحلقة الباب فأقرع الباب، فيقال: من أنت، فأقول: أنا محمّدٌ فآتي ربي، عزّ وجلّ، على كرسيّه، أو سريره شكّ حمّادٌ، فأخرّ له ساجدًا، فأحمده بمحامد لم يحمده بها أحدٌ كان قبلي، ولن يحمده بها أحدٌ بعدي، فيقال: يا محمّد، ارفع رأسك، سل تعطه، وقل تسمع، واشفع تشفّع، فأقول: أي ربّ أمّتي، أمّتي، فيقول: أخرج من كان في قلبه مثقال كذا وكذا، لم يحفظه حمّادٌ، ثمّ أعود فأسجد، فأقول ما قلت: فيقال: ارفع رأسك، وقل تسمع، وسل تعطه، واشفع تشفّع، فأقول: أي ربّ أمّتي، أمّتي، فيقول: أخرج من النّار من كان في قلبه مثقال كذا وكذا، دون الأوّل، ثمّ أعود فأسجد فأقول مثل ذلك، فيقال: ارفع رأسك، وقل تسمع، وسل تعطه، واشفع تشفّع، فأقول: أي ربّ أمّتي، فيقال: أخرج من كان في قلبه كذا وكذا دون ذلك.
ورواه ابن ماجة مختصرًا بسندٍ رواته ثقاتٌ.
7759- وعن أنس بن مالكٍ، رضي اللّه عنه، قال: إنّ محمّدًا صلّى الله عليه وسلّم يشفع حتّى يخرج من النّار من كان في قلبه مثقال شعيرةٍ من خيرٍ، وحتّى يخرج من كان في قلبه مثقال خردلةٍ، وحتّى يخرج من كان في قلبه أدنى من شطر خردلةٍ من خيرٍ.
رواه مسدّدٌ موقوفًا، ورواته ثقاتٌ.
7760- وعن أبي سعيدٍ الخدريّ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أعطي لكلّ نبيٍّ دعوةٌ فتعجّلها، وإنّي أخّرت دعوتي شفاعةً لأمّتي.
رواه أبو بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن منيعٍ، ومدار إسناديهما على عطيّة العوفيّ، وهو ضعيفٌ، وتقدم مطولا في الدجال.
7761- وعن أنس بن مالكٍ، قال: أخبرتني أمّ سلمة، رضي اللّه عنها، قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: قد رأيت ما يكفي أمّتي من بعدي فأخّرت شفاعتي إلى يوم القيامة.
رواه أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو يعلى الموصليّ، ومدار إسناديهما على موسى بن عبيدة الرّبذيّ، وهو ضعيفٌ، وهو في الصّحيحين وغيرهما من حديث أنسٍ، وهذا من مسند أمّ سلمة.
ورواه البيهقيّ من حديث أمّ حبيبة.
7762- وعن عبد الرّحمن بن أبي عقيلٍ، قال: انطلقت في وفدٍ فأتينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأقمنا بالباب وما في النّاس أبغض إلينا من رجلٍ يلج عليه، فما خرجنا حتّى ما في النّاس رجلٌ أحبّ إلينا من رجلٍ دخل عليه، فقال قائلٌ منّا: يا رسول الله، ألا سألت ربّك ملكًا كملك سليمان بن داود؟ فضحك ثمّ قال: لعلّ لصاحبكم أفضل من ملك سليمان، إنّ اللّه لم يبعث نبيّا إلاّ أعطاه دعوةً، فمنهم من اتّخذ بها دينًا فأعطيها، ومنهم من دعا بها على قومه إذ عصوه فأهلكوا بها، وإنّ اللّه أعطاني دعوةً فاختبأتها عند ربّي شفاعةً لأمّتي يوم القيامة.
رواه أبو بكر بن أبي شيبة، والحارث بن أبي أسامة، وأبو يعلى الموصليّ، والبزّار، والطّبرانيّ، ورواته ثقاتٌ.
7763- وعن سلمان، رضي اللّه عنه، قال: يأتون محمّدًا صلّى الله عليه وسلّم، فيقولون له: يا نبيّ الله، أنت الّذي فتح اللّه بك، وختم بك، وغفر لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر، وجئت في هذا اليوم آمنًا، وترى ما نحن فيه، فقم فاشفع لنا إلى ربّنا، فيقول أنا صاحبكم قال: فيخرج يحوش النّاس حتّى ينتهي إلى باب الجنّة، فيأخذ بحلقةٍ في الباب من ذهبٍ، فيقرع الباب، فيقال: من هذا؟ فيقال: محمّدٌ، فيفتح له حتّى يقوم بين يدي الله، فيستأذن في السّجود، فيؤذن له، فيسجد، فينادى: يا محمّد، ارفع رأسك، وسل تعطه، واشفع تشفّع، وادع تجب قال: فيفتح اللّه له من الثّناء عليه، والتّحميد والتّمجيد ما لم يفتح لأحدٍ من الخلائق، فينادى: يا محمّد، ارفع رأسك، سل تعطه، واشفع تشفّع، وادع تجب فيرفع رأسه، فيقول: يا ربّ، أمّتي، أمّتي مرّتين، أو ثلاثًا، قال سلمان: فيشفع في كلّ من كان في قلبه مثقال حبّةٍ من حنطةٍ من إيمانٍ، أو مثقال شعيرةٍ من إيمانٍ، أو مثقال حبّةٍ من خردلٍ من إيمانٍ، فذلك المقام المحمود.
رواه أبو بكر بن أبي شيبة.
7763/2- والطّبرانيّ بإسنادٍ صحيحٍ، ولفظه: تعطي الشّمس يوم القيامة حرّ عشر سنين، ثمّ تدنى من جماجم النّاس، فذكر الحديث مختصرًا.
7764- وعن أبي موسى، رضي اللّه عنه، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يحرس أصحابه، فقمت ذات ليلةٍ فلم أره في منامه، فأخذني ما حدث وما قدم، فقمت أنظر، فإذا معاذ بن جبلٍ قد لقي مثل الّذي لقيت، فسمعا صوتًا مثل هزير الرّواحين يحرزهما فوقفا على مكانهما، فجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من قبل البيوت، فقال: هل تدريان أين كنت وفيم كنت؟ قال: أتاني آتٍ من ربّي، فخيّرني بين أن يدخل شطر أمّتي الجنّة وبين الشّفاعة فاخترت الشّفاعة قالا: يا رسول الله، ادع اللّه أن يجعلنا في شفاعتك، فدعا لهما، وأقبل وأقبلا معه، فكلّما لقيه رجلٌ سأله، حتّى استقبله معظم النّاس فأخبرهم، فقالوا: يا رسول الله، ادع اللّه أن يجعلنا في شفاعتك، فقال: أنتم في شفاعتي، ومن لقي اللّه لا يشرك به شيئًا فهو في شفاعتي.
رواه أبو بكر بن أبي شيبة، ورواته ثقاتٌ.
ورواه أبو يعلى وابن ماجة مختصرًا، وأحمد بن حنبلٍ.
وله شاهدٌ من حديث ابن عمر، وتقدّم في سورة النّساء.
7765- وعن ابن بريدة، عن أبيه، رضي اللّه عنه، أنّه كان جالسًا مع معاوية، فنال النّاس عند معاوية من عليٍّ ووقعوا فيه، قال بريدة: تأذن لي في الكلام؟ قال: نعم، وهو يرى أنّه سيقول ما قال القوم، فقال بريدة: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: إنّي لأرجو أن أشفع في جميع ما على الأرض من شجرةٍ، أو مدرةٍ فترجوها أنت يا معاوية، ولا يرجوها عليّ بن أبي طالبٍ؟ قال: اسكت فإنّك شيخٌ قد خرفت.
رواه أبو بكر بن أبي شيبة، ورواته ثقاتٌ، وأحمد بن حنبلٍ.
7766- وعن ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنهما، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أعطيت خمسًا، ولا أقوله فخرًا: بعثت إلى الأحمر والأسود، وجعلت لي الأرض طهورًا ومسجدًا، وأحلّت لي الغنائم، ولا تحلّ لأحدٍ قبلي، ونصرت بالرّعب فهو يسير أمامي شهرًا، وأعطيت الشّفاعة فاخترتها لأمّتي وهي إن شاء اللّه نائلةٌ من لا يشرك بالله شيئًا.
رواه أبو بكر بن أبي شيبة، وعنه عبد بن حميدٍ، بسندٍ صحيحٍ، وتقدّم في كتاب التّيمّم، وفي كتاب الجهاد، وتقدّم له شواهدٌ.
7767- وعن أنس بن مالكٍ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لا أزال أشفع لأمّتي حتّى يقال: يا محمّد، أخرج من النّار من في قلبه زنة شعيرةٍ من إيمانٍ، ثمّ أشفع، فيقال: يا محمّد أخرج من النّار من في قلبه مثقال خردلةٍ من إيمانٍ، ثمّ أشفع، فيقال: يا محمّد، أخرج من في قلبه مثقال جناح بعوضةٍ من إيمانٍ.
رواه أحمد بن منيعٍ بسندٍ فيه يزيد الرّقاشيّ، وهو ضعيفٌ.
7767/2- وكذا رواه أبو يعلى الموصليّ، ولفظه: رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أقرع باب الجنّة، فيفتح لي بابٌ من ذهبٍ وحلقه من فضّةٍ، فيستقبلني النّور الأكبر فأخرّ ساجدًا، فألقي من الثّناء على الله ما لم يلق أحدٌ قبلي، فيقال لي: ارفع رأسك، سل تعطه، وقل تسمع، واشفع تشفّع، فأقول: أمّتي، فيقال: لك من كان في قلبه مثقال شعيرةٍ من إيمانٍ، ثمّ أسجد الثّانية، ثمّ ألقي مثل ذلك، ويقال لي مثل ذلك، فأقول: أمّتي، فيقال: لك من كان في قلبه مثقال خردلةٍ من إيمانٍ، ثمّ أسجد الثّالثة، فيقال لي مثل ذلك، ثمّ أرفع رأسي، فأقول: أمّتي، فيقال لي: لك من قال: لا إله إلاّ اللّه.
رواه أحمد بن حنبلٍ بسند الصّحيح، وهو في الصّحيح وغيره بغير هذا السّياق.
7768- وعن عليّ بن الحسين بن زين العابدين، حدّثني رجلٌ من أهل العلم، أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: تمدّ الأرض مدّ الأديم لعظمة الله، عزّ وجلّ، فلا يكون لرجلٍ من بني آدم فيها إلاّ موضع قدميه، ثمّ أدعى أوّل النّاس فأخرّ ساجدًا، ثمّ يؤذن لي، فأقول: يا ربّ أخبرني، هذا وجبريل عن يمين العرش واللّه ما رآه قطّ قبلها، إنّك أرسلته إليّ وجبريل عليه السّلام ساكتٌ لا يتكلّم، فيقول اللّه، عزّ وجلّ: صدق، ثمّ يؤذن لي في الشّفاعة، فأقول: أي ربّ عبادك عبدوك في أطراف الأرض، فذلك المقام المحمود.
رواه الحارث بن أبي أسامة، ورواته ثقاتٌ.
7768/2- ورواه الحاكم مفسّرًا، وصحّحه، ولفظه: عن عليّ بن الحسين، عن جابرٍ، رضي اللّه عنه، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: تمدّ الأرض يوم القيامة مدّ الأديم...، فذكره.
7769- وعن حذيفة، عن أبي بكرٍ الصّدّيق، رضي اللّه عنه، قال: أصبح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذات يومٍ فصلّى الغداة ثمّ جلس حتّى إذا كان من الضّحى ضحك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ جلس مكانه ثمّ صلّى الأولى والعصر والمغرب، كلّ ذلك لا يتكلّم حتّى صلّى العشاء الآخرة، ثمّ قام إلى أهله، فقال النّاس لأبي بكرٍ: سل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما شأنه؟ صنع اليوم شيئًا لم يصنعه قطّ، فسأله، فقال: نعم عرض عليّ ما هو كائنٌ من أمر الدّنيا وأمر الآخرة، فجمع الأوّلون والآخرون بصعيدٍ واحدٍ فقطع النّاس بذلك حتّى انطلقوا إلى آدم والعرق يكاد يلجمهم، فقالوا: يا آدم، أنت أبو البشر، أنت الّذي اصطفاك اللّه، اشفع لنا إلى ربّك، قال: لقد لقيت مثل الّذي لقيتم، انطلقوا إلى أبيكم بعد أبيكم نوحٍ {إنّ اللّه اصطفى آدم ونوحًا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين} قال: فينطلقون إلى نوحٍ فيقولون: اشفع لنا إلى ربّك، أنت الّذي
اصطفاك اللّه واستجاب لك في دعائك فلم يدع على الأرض من الكافرين ديّارًا، فيقول: ليس ذاكم عندي، انطلقوا إلى إبراهيم، فإنّ اللّه اتّخذه خليلاً، قال: فيأتون إبراهيم، فيقول: ليس ذاكم عندي انطلقوا إلى موسى، فإنّ اللّه كلّمه تكليمًا، فيقول موسى: ليس ذاكم عندي ولكن انطلقوا إلى عيسى ابن مريم فإنّه كان يبرئ الأكمه، والأبرص ويحيي الموتى، فيقول عيسى: ليس ذاكم عندي، ولكن انطلقوا إلى سيّد ولد آدم فإنّه أوّل من تنشقّ عنه الأرض يوم القيامة، انطلقوا إلى محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم فليشفع لكم إلى ربّكم قال: فينطلق فينادي جبريل فيأتي جبريل ربّه، فيقول: ائذن له وبشّره بالجنّة قال: فينطلق به جبريل فيخرّ ساجدًا قدر جمعةٍ، ثمّ يقول اللّه، عزّ وجلّ: يا محمّد، ارفع رأسك، وقل تسمع، واشفع تشفّع، قال: فيرفع رأسه، فإذا نظر إلى ربّه خرّ ساجدًا قدر جمعةٍ أخرى فيقول اللّه، عزّ وجلّ: يا محمّد، ارفع رأسك وقل تسمع، واشفع تشفّع، قال: فيذهب ليقع ساجدًا فيأخذ جبريل عليه السّلام بضبعيه قال: فيفتح اللّه تعالى عليه من الدّعاء ما لم يفتح على بشرٍ قطّ، فيقول: أي ربّ جعلتني سيّد ولد آدم، ولا فخرٌ، وأوّل من تنشقّ عنه الأرض يوم القيامة، ولا فخرٌ، حتّى إنّه ليرد عليّ الحوض أكثر ممّا بين صنعاء وأيلة، ثمّ قال: ادع الصّدّيقين فيشفعوا، ثمّ يقال: ادع الأنبياء، فيجئ النّبيّ ومعه العصابة، والنّبيّ ومعه الخمسة والسّتّة، والنّبيّ وليس معه أحدٌ، ثمّ يقال: ادع الشّهداء فليشفعوا لمن أرادوا، فإذا فعلت الشّهداء ذلك، يقول اللّه تبارك وتعالى: أنا أرحم الرّاحمين، أدخلوا جنّتي من كان لا يشرك بي شيئًا، قال: فيدخلون الجنّة ثمّ يقول اللّه تبارك وتعالى: انظروا في النّار هل تلقون فيها أحدًا عمل خيرًا قطّ، قال: فيجدون في النّار رجلاً، فيقال له: هل عملت خيرًا قطّ؟ فيقول: لا غير أنّي كنت أسامح النّاس في البيع، فيقول اللّه: اسمحوا لعبدي كإسماحه لعبادي، ثمّ يخرجون من النّار رجلاً، فيقال له: هل عملت خيرًا قطّ؟ قال: فيقول: لا غير أنّي أمرت ولدي، إذا متّ فأحرقوني بالنّار، ثمّ اطحنوني حتّى إذا كنت مثل الكحل فاذهبوا بي إلى البحر فاذروني في الرّيح، فوالله لا يقدر عليّ ربّ العالمين أبدًا، قال: فيقول اللّه له: لم فعلت ذلك؟ قال: من مخافتك، قال: فيقول اللّه: انظروا إلى ملك أعظم ملكٍ فإنّ لك مثله وعشرة أمثاله، قال: فيقول: لم تسخر بي وأنت الملك؟ قال: فيضحك اللّه، عزّ وجلّ، فذلك الّذي ضحكت منه من الضّحى.
رواه الحارث بن أبي أسامة واللّفظ له، وأبو يعلى، وأحمد بن حنبلٍ، والبزّار، وابن حبّان في صحيحه، دون قوله: فوالله لا يقدر عليّ ربّ العالمين أبدًا، ولم يذكر: فيضحك اللّه عزّ وجلّ.
العصابة: بكسر العين الجماعة، ولا واحد له قاله الأعمش، وقيل: هي ما بين العشرة أو العشرين إلى الأربعين.
7770- وعن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ماذا ردّ إليك ربّك في الشّفاعة؟ فقال: والّذي نفس محمّدٍ بيده لقد ظننت أنّك أوّل من يسألني عنها لما رأيت من حرصك على العلم، والّذي نفسي بيده لا يهمّني من انقضاضهم على أبواب الجنّة أهّم عندي من تمام شفاعتي، وشفاعتي لمن شهد أن لا إله إلاّ اللّه مخلصًا يصدّق قلبه لسانه، ولسانه قلبه.
رواه الحارث بن أبي أسامة، وأحمد بن حنبلٍ، وابن حبّان في صحيحه، وهو في البخاريّ باختصارٍ عمّا هنا.
7771- وعن ابن دارة مولى عثمان، أنّ أبا هريرة، رضي اللّه عنه، قال بالبقيع أنا أعلم النّاس بشفاعة محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم فتداكّ النّاس عليه، قالوا: إيه يرحمك اللّه؟ قال: يقول اللّهمّ اغفر لكلّ عبدٍ لقيك لا يشرك، يؤمن بي.
رواه أبو يعلى الموصليّ، وفي إسناده من لا يعرف حاله.
7772- وعن عوف بن مالكٍ الأشجعيّ، رضي اللّه عنه، قال: صلّى بنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذات ليلةٍ، فافترش كلّ رجلٍ منّا ذراع راحلته، قال: فانتبهت بعض اللّيل، فإذا ناقة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
ليس قدّامها أحدٌ، فانطلقت أطلب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فإذا معاذ بن جبلٍ، وعبد الله بن قيسٍ قائمان، فقلت: أين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ فقالا: ما ندري غير أنّا سمعنا صوتًا بأعلى الوادي، فإذا مثل هزيز الرّحا، قال: فلبثنا يسيرًا ثمّ أتانا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: إنّه أتاني من ربي آتٍ فخيّرني بين أن يدخل نصف أمّتي الجنّة وبين الشّفاعة، وإنّي اخترت الشّفاعة قالوا: يا رسول الله ننشدك بالله والصّحبة لما جعلتنا من أهل شفاعتك قال: فأنتم من أهل شفاعتي قال: فلمّا أكلبوا عليه، قال: فإنّي أشهد من حضر أنّ شفاعتي لمن مات لا يشرك بالله شيئًا من أمّتي.
رواه أبو يعلى الموصليّ.
7772/2- والطّبرانيّ بإسنادٍ جيّدٍ ولفظه: عن عوف بن مالكٍ، قال: سافرنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سفرًا حتّى إذا كان اللّيل أرقت عيناي فلم يأتني النّوم، فقمت فإذا ليس في العسكر دابّةٌ إلاّ واضعٌ خدّه على الأرض، وأرى وقع كلّ شيء في نفسي، فقلت: لآتينّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلأكلّمه اللّيلة حتّى أصبح، فخرجت أتخلّل الرّحال حتّى دفعت إلى رحل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فإذا هو ليس في رحله فخرجت أتخلّل الرّحال، حتّى خرجت مع العسكر، فإذا أنا بسوادٍ، فتيمّمت بذلك السّواد، فإذا هو أبو عبيدة بن الجرّاح، ومعاذ بن جبلٍ، رضي اللّه عنهما، فقالا لي: ما الّذي أخرجك؟ فقلت: الّذي أخرجكما، فإذا نحن بغيطةٍ منّا غير بعيدٍ، فمشينا إلى الغيطة، فإذا نحن نسمع فيها دويًّا كدويّ النّحل، وكخفيق الرّياح، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ها هنا أبو عبيدة بن الجرّاح؟ قلنا: نعم، قال: فخرج إلينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا نسأله عن شيء، ولا يسألنا عن شيء، حتّى رجع إلى رحله، فقال: ألا أخبركم بما خيّرني ربّي آنفًا؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: خيّرني بين أن يدخل ثلثي أمّتي الجنّة بغير حسابٍ، ولا عذابٍ وبين الشّفاعة قلنا: يا رسول الله، ما الّذي اخترت؟ قال: اخترت الشّفاعة؟ قلنا جميعًا: يا رسول الله، اجعلنا من أهل شفاعتك قال: إنّ شفاعتي لكلّ مسلمٍ.
7772/3- ورواه ابن حبّان في صحيحه، ولفظه: قال: كنّا مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في بعض مغازيه، فانتبهت ذات ليلةً، فلم أر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في مكانه، وإذا أصحابه كأنّ على رؤوسهم الطّير، وإذا الإبل قد وضعت جرانها، قال: فنظرت فإذا أنا بخيالٍ، فإذا معاذ بن جبلٍ قد نظر إليّ، فقلت: أين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم...، فذكره.
16- باب في شفاعة الصالحين
فيه حديث أبي بكر الصديق المذكور في الباب قبله.
7773- وعن حذيفة، رضي اللّه عنه، عن رسول الله عليه وسلّم: ليخرجنّ من النّار قومٌ منتنون قد محشتهم النّار، فيدخلون الجنّة برحمة الله وشفاعة الشّافعين فيسمّون الجهنّميّون.
رواه أبو داود الطّيالسيّ، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن حنبلٍ، ورواتهم ثقاتٌ.
7774- وعن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ليتمجّدنّ اللّه، عزّ وجلّ، على أناسٍ لم يعملوا من خيرٍ قطّ فيخرجهم من النّار بعد ما أحرقوا فيدخلهم الجنّة بعد شفاعة من يشفع.
رواه أبو داود الطّيالسيّ وعنه أحمد بن حنبلٍ بإسنادٍ حسنٍ.
7774/2- ومسدّدٌ موقوفًا، بسندٍ رواته ثقاتٌ ولفظه: قال أبو هريرة: ليخرجنّ قومًا من النّار بعد ما يحترقون، فيقال: هؤلاء الجهنّميّون طلقاء الله، عزّ وجلّ.
7775- وعن أنس بن مالكٍ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: تخرج صفوف أهل النّار، فيمرّ الرّجل بالرّجل من أهل الجنّة، فيقول: يا فلان أما تعرفني؟ فيقول: ومن أنت؟ فيقول: أنا الّذي استوهبتني وضوءًا فوهبت لك، فيشفع له فيشفّع فيه، ويمرّ الرّجل بالرّجل، فيقول: يا فلانٌ، أما تعرفني؟ فيقول: ومن أنت؟ فيقول: أنا بعثتني في حاجة كذا وكذا فقضيتها لك، فيشفع له فيشفّع له.
رواه مسدّدٌ واللّفظ له، وأبو بكر بن أبي شيبة، والحارث بن أبي أسامة، ومدار أسانيدهم على يزيد الرّقاشيّ، وهو ضعيفٌ.
7775/2- ورواه أبو داود في سننه، والبزّار، والطّبرانيّ، وابن حبّان في صحيحه، - والبيهقيّ، ولفظهم: شفاعتي لأهل الكبائر من أمّتي.
7775/3- ورواه أبو يعلى الموصليّ، بسندٍ ضعيفٍ ؛ لضعف عليّ بن أبي سارة، ولفظه: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إنّ الرّجل من أهل الجنّة ليشرف على رجلٍ من أهل النّار، فينادي من في النّار: يا فلانٌ، أما تعرفني؟ قال: لا والله ما أعرفك من أنت؟ ويحك، قال: أنا الّذي مررت به في الدّنيا فاستسقيتني شربة ماءٍ سقيتك، فاشفع لي بها عند ربّك، قال: فدخل ذلك الرّجل على ربّه في زورةٍ، فقال: يا ربّ، إنّي أشرفت على أهل النّار، فقام رجلٌ من أهل النّار فنادى: يا فلانٌ، أما تعرفني؟ فقلت: والله ما أعرفك ومن أنت؟ قال: أنا الّذي مررت بي في الدّنيا فاستسقيتني فسقيتك، فاشفع لي بها عند ربّك، فيقول: يا ربّ، فشفّعني فيه، قال: فيشفّعه اللّه فيه ويخرجه من النّار.
وفي روايةٍ له: عن يزيد الرّقاشيّ...، فذكر حديث مسدّدٍ، وزاد: قال: وتصدّق هذا القرآن، قال: فقرأ عليه: إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفّر عنكم سيّئاتكم وندخلكم مدخلاً كريمًا فهؤلاء الّذين يجتنبون الكبائر، وهؤلاء الّذين وقعوا فيها لهم شفاعة محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم، قال: فقال يزيد لأنسٍ: صدقت.
7776- وعن أبي قلابة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ليدخلنّ الجنّة بشفاعة رجلٌ من أمّتي أكثر من بني تميمٍ.
رواه مسدّدٌ مرسلاً، ورواته ثقاتٌ.
7777- وعن أبي أمامة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ليدخلنّ الجنّة بشفاعة رجلٍ ليس بنبيٍّ مثل الحيّين، أو أحد الحيّين: ربيعة، ومضر فقال رجلٌ: يا رسول الله أوما ربيعة من مضر؟ فقال: إنّما أقول ما أقول.
رواه أحمد بن منيعٍ، وأحمد بن حنبلٍ، بسندٍ واحدٍ، ورواته ثقاتٌ.
7778- وعن عبد الله بن رباحٍ الأنصاريّ، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يلقى الرّجل أباه يوم القيامة، فيقول: يا أبت، أيّ ابنٍ كنت لك؟ فيقول: خير ابنٍ، فيقول: هل أنت مطيعي اليوم؟ فيقول: نعم، فيقول: خذ بإزرتي فينطلق به حتّى يأتي اللّه، عزّ وجلّ، وهو يعرض الخلق، فيقول: يا ابن آدم، ادخل من أيّ أبواب الجنّة شئت، فيقول: يا ربّ، وأبي معي، إنّك قد وعدتني أن لن تخزيني، فيعرض عنه ويقضي بين الخلق ويعرضهم، ثمّ ينظر إليه، فيقول: يا ابن آدم، ادخل من أيّ أبواب الجنّة شئت، فيقول: يا ربّ، وأبي معي فإنّك قد وعدتني أن لن تخزيني، فيعرض عنه ويقبل على الخلق فيعرضهم، ثمّ يقول: يا ابن آدم، ادخل من أيّ أبواب الجنّة شئت، فيقول: أي ربّ وأبي معي إنّك قد وعدتني أن لن تخزيني، فيمسخ اللّه أباه ضبعًا أمدر، أو أمجر شكّ أبو جعفر، فيأخذ بأنفه، قال: فيقول: أبوك هو؟ فيقول: لا وعزّتك ما هو بأبي، فيهوي في النّار.
رواه أحمد بن منيعٍ هكذا مرسلاً، ورواته ثقاتٌ، ثمّ رواه مرفوعًا، بسندٍ صحيحٍ من حديث أبي هريرة، نحوه.
7779- وعن عبد الله بن شقيقٍ قال: جلست إلى رهطٍ أنا رابعهم فإذا رجلٌ يحدّث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ليدخلنّ بشفاعة رجلٍ من أمّتي أكثر من بني تميمٍ قال: قلنا: سواك يا رسول الله؟ قال: سواي قال: قلت: أنت سمعته؟ قال: نعم، قال: فسألت عنه بعد ما قام، فقالوا: هذا ابن أبي الجدعاء.
رواه مسدّدٌ، وأبو يعلى الموصليّ، وابن حبّان في صحيحه.
ورواه مختصرًا أبو داود الطّيالسيّ، وابن ماجة، والتّرمذيّ، وقال: حسنٌ صحيحٌ، واسم ابن أبي الجدعاء: عبد الله، وليس له سوى هذا الحديث الواحد.
7780- وعن ابن مسعودٍ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ليدخلنّ الجنّة قومٌ من المسلمين قد غرقوا في النّار برحمة الله وشفاعة الشّافعين.
رواه أبو يعلى الموصليّ بسند فيه سلمة بن صالح، وهو ضعيف.
7781- وعن أنس بن مالكٍ، رضي اللّه عنه، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: سلك رجلان مفازةً: أحدهما: عابدٌ، والآخر: به رهقٌ، فعطش العابد حتّى سقط فجعل صاحبه ينظر إليه وهو صريعٌ، فقال: والله لئن مات هذا العابد الصّالح عطشًا ومعي ماءٌ لا أصيب من الله خيرًا أبدًا، وإن سقيته مائي لأموتنّ فتوكّل على الله، وعزم ورشّ عليه من مائه وسقاه من فضله، قال: فقام حتّى قطع المفازة، قال: فيوقف الّذي به رهقٌ يوم القيامة للحساب، فيؤمر به إلى النّار، فتسوقه الملائكة، فيرى العابد، فيقول: يا فلان، أما تعرفني؟ قال: فيقول: من أنت؟ قال: أنا فلانٌ الّذي آثرتك على نفسي يوم المفازة قال: فيقول: بلى أعرفك، قال: فيقال للملائكة: قفوا قال: فيوقف ويجئ حتّى يقف ويدعو ربّه، فيقول: يا ربّ، قد تعرف يده عندي وكيف آثرني على نفسه، يا ربّ، هبه لي، فيقول: هو لك، قال: فيجئ فيأخذه بيده فيدخله الجنّة.
رواه أبو يعلى الموصليّ بسندٍ ضعيفٍ، لضعف أبي ظلالٍ القسمليّ، واسمه هلال بن أبي هلالٍ، ويقال: ابن أبي مالكٍ.
7782- وعنه، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: يدخل ناسٌ في النّار، حتّى إذا صاروا فحمًا أدخلوا الجنّة، فيقول أهل الجنّة: من هؤلاء؟ فيقال: هؤلاء الجهنّميّون.
رواه أبو يعلى.
17- باب لا يظلم مؤمناً إلا انتقم الله تعالى منه ولن ينجي أحداً عمله
7783- وعن أبي سعيدٍ الخدريّ، رضي اللّه عنه، قال: كان رجلٌ من المهاجرين، وكان ضعيفًا، وكان له حاجةٌ إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فأراد أن يلقاه على خلاءٍ فيبدي له حاجته، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم معسكرًا بالبطحاء، وكان يجئ من اللّيل فيطوف بالبيت، حتّى إذا كان في وجه السّحر يرجع فيصلّي بهم صلاة الغداة، قال: فحبسه الطّواف ذات ليلةٍ حتّى أصبح، فلمّا استوى على راحلته عرض له الرّجل، فأخذ بخطام ناقته، فقال: يا رسول الله، لي إليك حاجةٌ، فقال: إنّك ستدرك حاجتك فأبى، فلمّا خشي أن يحبسه خفقه بالسّوط خفقةً، ثمّ مضى، فصلّى بهم صلاة الغداة، فلمّا انفتل أقبل بوجهه على القوم، وكان إذا فعل ذلك عرفوا أنّه حدث أمرٌ، فاجتمع القوم حوله، فقال: أين الّذي جلدت آنفًا؟ فأعادها: إن كان في القوم فليقم قال: فجعل الرّجل، يقول: أعوذ بالله ثمّ برسوله، وجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ادنه، ادنه حتّى دنا منه فجلس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين يديه، وناوله السّوط، فقال: خذ بمجلدك فاقتصّ فقال: أعوذ بالله أن أجلد نبيه، قال: خذ بمجلدك لا بأس عليك قال: أعوذ بالله أن أجلد نبيّه، قال: إلاّ أن تعفو قال: فألقى السّوط، وقال: قد عفوت يا رسول الله، فقام إليه أبو ذرٍّ، رضي اللّه عنه، فقال: يا رسول الله، تذكر ليلة العقبة كنت أسوق بك وكنت نائمًا وكنت إذا أبطأت وإذا أخذت بخطامها أعرضت
فخفقتك خفقةً بالسّوط، فقلت: قد أتاك القوم فقلت: لا بأس عليك خذ يا رسول الله فاقتصّ، قال: قد عفوت قال: اقتصّ فإنّه أحبّ إليّ فجلده رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال: فلقد رأيته يتصوّرنّها من جلد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ قال: أيّها النّاس، اتّقوا اللّه فوالله لا يظلم مؤمنٌ مؤمنًا إلاّ انتقم اللّه تعالى منه.
رواه عبد بن حميدٍ بسندٍ فيه أبو هارون العبديّ، وهو ضعيفٌ، واسمه عمارة بن جوينٍ.
لكن له شاهدٌ من حديث الفضل بن عبّاسٍ، وتقدّم في الجنائز، وأخرى في الغمارة من حديث ابن عمر في باب تمكين الإمام من نفسه، وآخر من حديث أبي فراسٍ وتقدّم في الدّيات، وآخر من حديث أنسٍ وغيره، وتقدّم كلّ ذلك في المواعظ في باب التّرهيب من الظّلم.
7784- وعن ابن عونٍ، عن محمّدٍ ذكر عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ما منكم من أحدٍ ينجيه عمله قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلاّ أن يتغمّدني ربّي بمغفرةٍ منه ورحمةٍ وضع ابن عونٍ يده على رأسه.
رواه الحارث، عن أشهل بن حاتمٍ، عنه به مرسلاً.
ورواه البزّار مرفوعًا من حديث أبي هريرة، وأبي موسى، وشريك بن طارقٍ.
18- باب في مجازاة أهل الصبر وأهل الفضل وغيرهم
7785- عن زاهر بن يربوع قال: قلت لأبي هريرة، رضي الله عنه: أكتمهم كريمة مالي؟ قال: لا، إن أقبلوا فلا تعصوهم وإدن أدبروا فلا تسبوهم فتكون عاصيًا يخفف عن ظالم، قل: هذا الحق، خذ الحق ودع الباطل، فإن أخذها فذاك، وإن تجاوز إلى غيرها فاصبر، يجمع لك يوم القيامة في الميزان.
رواه مسدّد، وزاهر لم أقف له على ترجمة، وباقي رواة الإسناد ثقات.
7786- وعن عبد الله بن عمرٍو، رضي اللّه عنهما، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إذا جمع اللّه الخلائق يوم القيامة، نادى منادٍ: أين أهل الفضل؟ فيقوم ناسٌ وهم يسيرٌ، فينطلقون سراعًا إلى الجنّة، فتتلقّاهم الملائكة، فيقولون: إنّا نراكم سراعًا إلى الجنّة، فمن أنتم؟ فيقولون: نحن أهل الفضل، فيقولون: وما فضلكم؟ فيقولون: كنّا إذا ظلمنا صبرنا، وإذا أسئ إلينا عفونا، وإذا جهل علينا حلمنا، فيقال لهم: ادخلوا الجنّة فنعم أجر العاملين، قال: ثمّ ينادي منادٍ: أين أهل الصّبر؟ فيقوم ناسٌ وهم يسيرٌ، فينطلقون إلى الجنّة سراعًا، فتتلقّاهم الملائكة، فيقولون: إنّا نراكم سراعًا إلى الجنّة، فمن أنتم؟ فيقولون: نحن أهل الصّبر، فيقولون: وما صبركم؟ فيقولون: كنّا نصبر على طاعة الله عزّ وجلّ، وكنّا نصبر عن معاصي الله، فيقال لهم: ادخلوا الجنّة، فنعم أجر العاملين، قال: ثمّ ينادي منادٍ: أين المتحابون في الله، أو قال: في ذات الله؟ فيقوم ناسٌ وهم يسيرٌ، فينطلقون سراعًا إلى الجنّة، فتتلقّاهم الملائكة فيقولون: إنّا نراكم سراعًا إلى الجنّة، فمن أنتم؟ فيقولون: كنّا نتحابّ في الله، عزّ وجلّ، ونتزاور في الله، ونتعاطف في الله، ونتباذل في الله، فيقال لهم: ادخلوا فنعم أجر العاملين، قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ويضع اللّه الموازين للحساب بعد ما يدخل هؤلاء الجنّة.
رواه أبو يعلى الموصليّ وفي سنده العرزميّ، وهو ضعيفٌ، واسمه محمّد بن عبيد الله.
7787- عن أنس بن مالكٍ، رضي اللّه عنه، قال: بينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جالسٌ إذ رأيناه ضحك حتّى بدت ثناياه، فقال له عمر، رضي اللّه عنه: ما أضحكك يا رسول الله، بأبي أنت وأمّي؟ فقال: رجلان جثيا من أمّتي بين يدي ربّ العزّة تبارك وتعالى، فقال أحدهما: يا ربّ، خذ لي مظلمتي من أخي، قال اللّه، عزّ وجلّ: أعط أخاك مظلمته، قال: يا ربّ، لم يبق لي من حسناته شيء، قال اللّه، تبارك وتعالى للطّالب: كيف تصنع بأخيك ولم يبق من حسناته شيء؟ قال: يا ربّ، فليحمل عنّي من أوزاري قال: وفاضت عينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالبكاء، ثمّ قال: إنّ ذلك ليومٌ عظيمٌ، يومٌ يحتاج النّاس فيه إلى أن يحمل عنهم أوزارهم، فقال اللّه تعالى للطّالب: ارفع بصرك فانظر في الجنان، فرفع رأسه، فقال: يا ربّ، أرى مدائن من فضّةٍ، وقصورًا من ذهبٍ مكلّلةٍ باللّؤلؤ، فيقول: لأيّ نبيٍّ هذا؟ لأيّ صدّيقٍ هذا؟ لأيّ شهيدٍ هذا؟ قال: هذا لمن أعطى الثّمن، قال: يا ربّ، ومن يملك ذلك؟ قال: أنت تملكه قال: بماذا يا ربّ؟ قال: تعفو عن أخيك، قال: يا ربّ، إنّي قد عفوت عنه، قال اللّه تعالى: خذ بيد أخيك فأدخله الجنّة ثمّ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عند ذلك: فاتّقوا اللّه وأصلحوا ذات بينكم، فإنّ اللّه يصلح بين المؤمنين يوم القيامة.
رواه أبو يعلى الموصليّ، بسندٍ ضعيفٍ، لضعف سعيد بن أنسٍ، وعبّاد بن شيبة.
7788- وعن أبي بكر، رضي الله عنه، قال: بلغنا أنه إذا كان يوم القيامة، نادى مناد: أين أهل العفو؟ قال: فيكافئهم الله، تعالى، بما كان من عفوهم عن الناس.
رواه أحمد بن منيع، وفي سنده كوثر بن حكيم، وهو ضعيف.
19- باب في رحمة الله تعالى
7789- وعن سلمان، رضي اللّه عنه، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: إنّ للّه، عزّ وجلّ، مائة رحمةٍ، منها رحمةٌ يتراحم بها الخلق، وتسعةٍ وتسعين يوم القيامة.
رواه مسدّدٌ، ورواته ثقاتٌ.
وتقدّم بشواهده في كتاب المواعظ.
7790- وعن الحسن، قال: بلغني أنّ رسول الله قال: إنّ للّه، عزّ وجلّ، مائة رحمةٍ، وإنّه قسم رحمةً واحدةً بين أهل الأرض فوسعتهم إلى آجالهم، ودخر عنده تسعةً وتسعين رحمةً لأوليائه، واللّه قابضٌ تلك الرّحمة الّتي قسمها بين أهل الدّنيا إلى التّسعة والتّسعين فيكملها مائة رحمةٍ لأوليائه يوم القيامة.
رواه الحارث بن أبي أسامة، وأحمد بن حنبلٍ مرسلاً، بسندٍ واحدٍ، رواته ثقاتٌ.
وله شاهدٌ من حديث أبي هريرة، وتقدّم في الدّعاء في باب من منع الخير عن أكثر المسلمين، وآخر من حديث أبي سعيدٍ، رواه ابن ماجه.
7791- وعن أنس بن مالك، رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: إذا جمع اللّه الخلائق يوم القيامة، فدخل أهل الجنّة الجنّة وأهل النّار النّار، نادى منادٍ من تحت العرش يسمع الخلائق: يا أهل الجمع تتاركوا المظالم وثوابكم عليّ.
رواه أبو يعلى، وفي سنده سدوس صاحب السّامريّ، وهو ضعيفٌ.
7792- وعنه، قال: مرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ونفرٌ من أصحابه وصبيٌّ في طريق المدينة، فلمّا رأت أمّه القوم خشيت على ولدها أن يوطأ، فأقبلت تسعى، وتقول: ابني ابني وسعت فأخذته، فقال القوم: يا رسول الله، ما كانت هذه لتلقي ابنها في النّار، قال: فخفضهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: ولا اللّه لا يلقي حبيبه في النّار.
رواه الحارث، وأحمد بن حنبلٍ، ورواته ثقاتٌ.
20- باب رجاء المذنبين رحمة الله تعالى وما جاء في ما يقوله الله عز وجل للمؤمنين
7793- عن أنس بن مالكٍ، رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: إنّ عبدًا في جهنّم لينادي ألف سنةٍ: يا حنّان، يا منّان قال: فيقول اللّه، عزّ وجلّ، لجبريل: اذهب فأتني بعبدي قال: فينطلق جبريل، فيرى أهل النّار منكبّين على وجوههم، فيرجع، فيقول: يا ربّ، لم أره قال: فيقول اللّه، عزّ وجلّ: إنّه في مكان كذا وكذا قال: فيأتيه فيجئ ربّه قال: فيقول اللّه له: يا عبدي، كيف وجدت مكانك ومقيلك؟ فيقول: يا ربّ، شرّ مكانٍ وشرّ مقيلٍ قال: فيقول: ردّوا عبدي، فيقول: يا ربّ، ما كنت أرجو أن تردّني إذ أخرجتني، فيقول: دعوا عبدي.
رواه أبو يعلى، وأحمد بن حنبلٍ، ومدار إسناديهما على أبي ظلالٍ، واسمه هلالٌ.
7794- وعن معاذ بن جبلٍ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إن شئتم أنبأتكم بأوّل ما يقول اللّه تبارك وتعالى للمؤمنين يوم القيامة، وبأوّل ما يقولون قالوا: نعم يا رسول الله، قال: إنّ اللّه تبارك وتعالى يقول للمؤمنين يوم القيامة: أحببتم لقائي؟ فيقولون: نعم يا ربّنا، فيقول اللّه تبارك وتعالى: قد أوجبت لكم رحمتي.
رواه أبو داود الطّيالسيّ، وأحمد بن حنبلٍ.


التوقيع :
{ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
القيامة, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:49 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir