دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب المناسك

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 صفر 1430هـ/11-02-2009م, 03:45 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي من عجز عن الحج لكبر سن أو مرض لا يرجى برؤه

وإن أَعْجَزَه كِبَرٌ أو مَرَضٌ لا يُرْجَى بُرْؤُه لَزِمَه أن يُقيمَ مَن يَحُجُّ ويَعتمِرُ عنه من حيث وَجَبَا ويُجزئُ عنه، وإن عُوفِيَ بعدَ الإحرامِ.


  #2  
قديم 16 صفر 1430هـ/11-02-2009م, 08:29 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

...................

  #3  
قديم 16 صفر 1430هـ/11-02-2009م, 08:32 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(وإن أَعْجَزَهُ) عَن السَّعْيِ (كِبَرٌ أو مرضٌ لا يُرْجَى بُرْؤُه) أو ثِقَلٌ لا يَقْدِرُ معَه على ركوبٍ إلا بمشقَّةٍ شديدةٍ أو كانَ نِضْوَ الخِلْقَةِ لا يَقْدِرُ يَثْبُتُ على راحِلَةٍ إلا بمشَقَّةٍ غيرِ مُحْتَمَلَةٍ (لَزِمَهُ أن يُقِيمَ مَن يَحُجُّ ويَعْتَمِرُ عنه) فوراً (مِن حيثُ وَجَبَا)؛ أي: مِن بلدِه لقولِ ابنِ عَبَّاسٍ: إنَّ امرأةً مِن خَثْعَمٍ قَالَت: يَا رسولَ اللَّهِ: إِنَّ أَبِي أَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللَّهِ تَعَالَى في الحَجِّ شَيْخاً كَبِيراً لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِيَ على الرَّاحِلَةِ أفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قالَ: ((حُجِّي عَنْهُ)) مُتَّفَقٌ عليهِ.
(ويَجْزِي) الحَجُّ والعُمْرَةُ (عنه)؛ أي: عَن المَنُوبِ عَنْه إذاً، (وإن عُوفِيَ بعدَ الإحرامِ) قبلَ فراغِ نائِبِه مِن النُّسُكِ أو بعدَه؛ لأنَّه أَتَى بما أُمِرَ به فخَرَجَ مِن العُهْدَةِ ويَسْقُطَانِ عَن مَن لم يَجِدْ نائباً.

ومَن لم يَحُجَّ عَن نَفْسِه ويَصِحُّ أن يَسْتَنِيبَ قادر= وغيرُه في نَفْلِ حَجٍّ أو بعضِه
. والنائِبُ أمينٌ فيما يُعْطَاهُ ليَحُجَّ منه، ويُحْتَسَبُ له نفقةُ رُجوعِه وخادِمِه إن لم يَخْدُمْ مِثْلُه نَفْسَهُ.


  #4  
قديم 16 صفر 1430هـ/11-02-2009م, 08:38 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(وإن أعجزه) عن السعي (كبر، أو مرض لا يرجى برؤه) ([1]).
أو ثقل لا يقدر معه على ركوب إلا بمشقة شديدة([2]) أو كان نضو الخلقة ([3]) لا يقدر أَن يثبت على راحلة إلا بمشقة غير محتملة([4]) (لزمه أَن يقيم من يحج ويعتمر عنه) فورًا([5]) (من حيث وجبا) أَي من بلده([6]).
لقول ابن عباس: إن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله إن أبي أدركته فريضة الله في الحج شيخًا كبيرًا، لا يستطيع أن يستوي على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال((حجي عنه)) متفق عليه([7]) (ويجزئ) الحج والعمرة (عنه) أي عن المنوب عنه إذًا([8]) (وإن عوفي بعد الإحرام) قبل فراغ نائبه من النسك أَو بعده([9]).
لأنه أتى بما أمر به، فخرج من العهدة([10]) ويسقطان عمن لم يجد نائبًا([11]) ومن لم يحج عن نفسه، لم يحج عن غيره([12]).
ويصح أن يستنيب قادر وغيره، في نفل حج أَو بعضه([13]) والنائب أَمين فيما يعطاه ليحج منه([14]).
ويحتسب له نفقة رجوعه([15]) وخادمه إن لم يخدم مثله نفسه([16])



([1]) كالسَّل، لزمه أن يقيم من يحج عنه ويعتمر فورًا، من حيث وجبا، قال الزركشي وغيره: هذان شرطان لوجوب المباشرة بلا ريب، وإذا عدمهما، وبقيت الشروط موجودة فيه، ووجد مالاً فاضلاً عن حاجته المعتبرة، وافيًا بنفقة راكب، وجب عليه أن يقيم من يحج عنه ويعتمر من بلده، للخبر، أو من الموضع الذي أيسر منه، وظاهره أن المرجو برؤه ليس له أن يستنيب كالمحبوس، وفي الإنصاف: لو رجي زوال علته لم يجز أن يستنيب وهو صحيح، فإن فعل لم يجزئه بلا نزاع.
([2]) غير محتملة، لزمه أن يقيم من يحج ويعتمر عنه على الفور، «والثقل» بكسر ففتح، ضد الخف، وأصله في الأجساد، ثم يقال في المعاني.
([3]) بكسر النون والخاء، وهو المهزول، ويسمى العاجز عن السعي لزمانة ونحوها «المعضوب» من «العضب» وهو القطع، كأنه قطع من كمال الحركة والتصرف، ويقال: بالصاد كأنه ضرب على عصبه، فانقطعت أعضاؤه.
([4]) فإن كانت مشقة خفيفة تحتمل فلا، «وحمل، وتحمل، واحتمل»، بمعنى.
([5]) ومن أمكنه السعي لزمه ذلك، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، كالسعي إلى الجمعة، ومن وجد الاستطاعة وهو معذور، أو طرأ عليه العذر وجب عليه، باتفاق أهل العلم، ووجه جواز دفع المال أن الحج واجب على المستطيع بماله، فلا بد أن يخرج هذا المال في الحج.
([6]) أو من الموضع الذي أيسر منه إن كان غير بلده، فتعتبر الجهة، فلو حج عنه من غير جهة بلده – ولو كانت أبعد مسافة – لم يصح، وقيل: يجزئ من ميقاته، وهو مذهب مالك، والشافعي، ويقع الحج عن المحجوج عنه، ويؤخذ منه جواز نيابة اثنين في حجة واحدة، كل واحد يأتي ببعضها، ولا بد لفاعل ما بقي من إحرام.
([7]) ولحديث أبي رزين المتقدم، ولأنه عبادة تجب الكفارة بإفسادها، فجاز أن يقوم غيره فيه، كالصوم، سواء وجب عليه حال العجز أو قبله، وهو مذهب الشافعي، ولو كان النائب امرأة عن رجل، ولا كراهة، قال الشيخ: يجوز للرجل الحج عن المرأة، باتفاق أهل العلم، وكذا العكس، على قول الأئمة الأربعة، وخالف فيه بعض الفقهاء. اهـ. وتصح الاستنابة عن المعضوب، والميت في النفل اتفاقًا، وقال الترمذي: قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب غير حديث، والعمل عليه عند أهل العلم، من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وغيرهم، وبه يقول الشافعي، وأحمد. وقال مالك: إذا أوصى أن يحج عنه حج عنه، ولأنه عبادة تجب الكفارة بإفسادها فجاز أن يقوم غيره فيه كالصوم، سواء وجب عليه حال العجز أو قبله، ولا تشترط العدالة في النائب، إن كان متبرعًا، أو عينه الموصي، ولا يستنيب الوصي إلا عدلاً ولو ظاهرًا، فلا يحتاج لتزكيته، قال في الفروع: ويجزئ بلا مال، وفاقًا لمالك، والشافعي، وقول للحنفية، للخبر، ولشبهه بالدين.
([8]) حيث أعجزه عن السعي إلى الحج كبر، أو مرض لا يرجى برؤه ونحوه.
([9]) كما لو لم يبرأ، وكالمتمتع إذا شرع في الصوم، ثم قدر على الهدي، قال الشيخ: إذا أحج عن نفسه ثم برأ لا يلزمه إعادة الحج، من غير خلاف أعلمه.
([10]) ولا يرجع عليه بما أنفق قبل أن عوفي، بل بعده، لعزله إذًا، فإن لم يعلم النائب بزوال عذر مستنيبه، فهل يقع النسك عن النائب، أو عن المستنيب؟ رجح ابن نصر الله وقوعه عن المستنيب، ولزوم النفقة عليه، ومفهوم عبارته: أنه لو عوفي بعد إحرام أجزأه، ولو كان قبل الميقات. قال الحجاوي: وهو كذلك. وذكر غير واحد أنهم اتفقوا على أنه إن عوفي قبل إحرام النائب عن المعضوب، لم يجزئه حج النائب عن المعضوب، للقدرة على المبدل، قبل الشروع في البدل، كالمتيمم يجد لماء، وكما لو استناب من يرجى زوال علته، والجمهور أيضًا على أنه لا يجزئه ولو عوفي بعد الإحرام، لأنه تبين أنه لم يكن مأيوسًا منه، قال في المبدع: وهو الأظهر عند الشيخ تقي الدين. وقال الموفق: الذي ينبغي أن لا يجزئه. قال الشيخ: وهو أظهر الوجهين.
([11]) فإذا وجد النائب بعد لم تلزم الاستنابة إلا أن يكون مستطيعًا إذ ذاك، وإلا أن يقال: هو شرط للزوم الأداء، فيبقى في ذمته إلى أن يجد نائبًا.
([12]) وهذا مذهب الشافعي، وكرهه أبو حنيفة، ومالك، وكذا من عليه حج قضاء أو نذر لم يصح أن يحج عن غيره، ولا عن نذره، ولا نافلته، فإن فعل انصرف إلى حجة الإسلام، وفاقًا للشافعي، لحديث ابن عباس، أنه صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول: لبيك عن شبرمة؛ قال ((حججت عن نفسك؟)) قال: لا. قال: ((حج عن نفسك)) أي استدمه ((ثم حج عن شبرمة)) وإسناده جيد، وصححه البيهقي وغيره، واحتج به أحمد وغيره، ولأنه حج عن غيره، قبل حجه عن نفسه، فلم يجزئه، كما لو كان صبيًا، والعمرة كالحج، ويرد النائب ما أخذه، لوقوعه عن نفسه، ومن أتى بواجب أحدهما فله فعل نذره ونفله قبل الآخر، والنائب كالمنوب عنه، ويصح أن ينوب في الحج من حج عن نفسه مفردًا، مع بقاء العمرة في ذمته.
([13]) كالصدقة، ولأنها لا تلزم القادر، ولا غير القادر بنفسه، فجاز أن يستنيب فيها، كالمعضوب، وعنه: لا يستنيب. قال في المبدع: ومحلها إذا أدى حجة الإسلام، وهو قادر على الاستنابة عليها بنفسه، أما لو كان قادرًا، ولم يؤد الفرض، لم يصح أن يستنيب في التطوع، لأنه ممنوع بنفسه، فنائبه أولى، ذكره الموفق والشارح.
([14]) فيركب وينفق بالمعروف، ويضمن ما زاد على ذلك، أو على نفقة طريق أبعد من الطريق القريب، إن لم يكن عذر، وفي الفروع وغيرها: يركب وينفق بالمعروف منه، أو مما اقترضه أو استدانه لعذر، ويرد ما فضل، إلا أن يؤذن له فيه، لأنه لا يملكه، وله صرف نقد بآخر لمصلحة، وشراء ماء لطهارته، وقال ابن قندس: من ضمن الحج بأجرة أو بجعل فلا شيء له، ويضمن ما تلف بلا تفريط، يعني إن لم يتفق له إتمامها، إما لكونه أحصر أو ضل، أو تلف ما أخذه، أو مات قبل تمام الحج، ولا شيء له. اهـ.
وكرهت الإجارة، لأن ذلك بدعة، لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا على عهد السلف، وقال صلى الله عليه وسلم لمن استؤجر بدراهم يغزو بها، ((ليس لك من دنياك وآخرتك إلا هذا)) وقال تعالى{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا}الآيات. والأجير يبيع عمله لمن استأجره، والحج: عَمَلٌ من شرطه أن يكون قربة لفاعله، فلا يجوز الاستئجار عليه، كغيره من القرب، وهذا لأن دخوله في عقد الإجارة، يخرجه عن أن يكون قربة، لأنه قد وقع مستحقًا للمستأجر، وإنما كان من شرطه أن يقع قربه، لأن الله أوجب على العبد أن يعمل مناسكه كلها، وتعبده بذلك، فلو أنه عملها بعوض من الناس، لم يجزئه إجماعًا، كمن صام أو صلى بالكراء، فإذا عجز عن ذلك بنفسه، جعل الله عمل غيره، قائمًا مقام عمل نفسه، وسادًا مسده، رحمة منه تعالى ولطفًا، فلا بد أن يكون مثله، ليحصل به مقصوده، لأنه صلى الله عليه وسلم شبهه بالدين في الذمة، وإنما تبرأ ذمة المدين إذا قضي عنه الدين، من جنس ما عليه، فإذا كان هذا العامل إنما يعمل للدنيا، ولأجل العوض الذي أخذه، لم يكن حجه عبادة لله وحده، فلا يكون من جنس ما كان على الأول، وإنما تقع النيابة المحضة، ممن غرضه نفع أخيه المسلم، لرحم بينهما، أو صداقة، أو غير ذلك، وله قصد في أن يحج بيت الله الحرام، ويزور تلك المشاعر العظام، فيكون حجة لله، فيقام مقام حج المستنيب، والجعالة بمنزلة الإجارة، إلا أنها ليست لازمة، ولا يستحق الجعل حتى يعمل، والحج بالنفقة كرهه أحمد مرة، لأنه قد يكون قصده الإنفاق على نفسه مدة الحج، فلا يكون حجه لله، وإن كان شيئًا مقدرًا، مثل وصية ونحوها، فقد يكون قصده استفضال شيء لنفسه، فيبقى عاملاً لأجل الدنيا.
([15]) أي بعد أداء النسك، إن لم يقم بمكة، فوق مدة قصر بلا عذر، قال في الفروع: ويتوجه احتمال: ولا عادة به. فمن ماله، وإن اتخذها دارًا سقطت.
([16]) لأنه من المعروف، وإن مات أو ضل أو مرض، أو تلف بلا تفريط لم يضمن.


  #5  
قديم 12 ربيع الثاني 1432هـ/17-03-2011م, 11:50 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

وَإِنْ أعْجَزَهُ كِبَرٌ، أوْ مَرَضٌ لاَ يُرْجَى بُرْؤُهُ لَزِمَهُ أَنْ يُقِيمَ مَنْ يَحُجُّ ويَعَتَمِرُ عَنْهُ........
قوله: «وإن أعجزه كبر أو مرض لا يرجى برؤه لزمه أن يقيم من يحج ويعتمر عنه» .
«وإن أعجزه كبر» ، أي: مع توافر المال لديه فهو قادر بماله غير قادر ببدنه، ولهذا قال: «أعجزه كبر» ولم يقل «أعجزه فقر» ، فهو رجل غني، لكن لا يستطيع أن يحج بنفسه، لأنه كبير أو مريض لا يرجى برؤُه، فإنه يلزمه أن يقيم من يحج، ويعتمر عنه.
وقوله: «لا يرجى برؤُه» فهم منه أنه لو كان يرجى برؤُه فإنه لا يلزمه أن يقيم من يحج عنه، ولا يلزمه أن يحج بنفسه؛ لأنه يعجزه، لكن يجوز أن يؤخر الحج هنا فتسقط عنه الفورية لعجزه، ويلزمه أن يحج عن نفسه إذا برئ، ونظير ذلك ما قلنا في الصوم: المريض مرضاً لا يرجى برؤُه يطعم عن كل يوم مسكيناً، والمريض مرضاً يرجى برؤه يفطر ويقضي.
وقوله: «لزمه أن يقيم من يحج ويعتمر عنه» «من» : هذه اسم موصول تشمل كل من يصح حجه، ولكن لا بد أن يكون على الصفة التي يجزئه فيها حج الفرض، فلو أقام عنه صبياً لم يجزئه؛ لأن الصبي لا يصح حجه الفرض عن نفسه، فعن غيره أولى، ولو أقام رقيقاً ـ على القول بأن الحج لا يجزئه ـ لم يجزئه أيضاً.
إذاً فيكون قوله: «من يحج» عامًّا أريد به الخاص، والمعنى يقيم من يحج عنه ممن يجزئه الحج لو حج عن نفسه.
ويشترط لهذا النائب الذي ناب عن غيره ألا يكون عليه فرض، أي: فرض الحج، فإن كان عليه فرض الحج فإنه لا يجزئ أن يكون نائباً عن غيره، فلو أقام فقيراً يحج عنه لأجزأ، لأنه ليس عليه فرض الحج فهو كالغني الذي أدى الحج عن نفسه، وإن أقام عنه غنياً لم يؤد الفرض عن نفسه فإنه لا يجزئه.
والدليل على ذلك: حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((سمع رجلاً يلبي يقول لبيك عن شبرمة، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: أحججت عن نفسك؟ قال: لا، قال: حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة)) [(1)].
وفي بعض ألفاظ الحديث: ((هذه عنك وحج عن شبرمة)) ، وفي بعض ألفاظ الحديث: ((اجعل هذه لنفسك، ثم حج عن شبرمة)) . وهذا الحديث اختلف العلماء في رفعه ووقفه، واختلفوا في تصحيحه وتضعيفه، فمنهم من قال: إنه ضعيف، لأنه مضطرب لاختلاف ألفاظه، ففي بعضها: ((حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة)) ، وفي بعضها: ((اجعل هذه لنفسك ثم حج عن شبرمة)) ، وفي بعضها: ((هذه لنفسك وحج عن شبرمة)) ، قالوا: وهذا اضطراب يتغير به الحكم.
وقال بعضهم: إن رفعه خطأ وأنه لا يصح إلا موقوفاً على ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ، وقالوا: إنه لا وجه للمنع أي منع من لم يحج عن نفسه من أن يحج عن غيره؛ بدليل أن الإنسان لو أدى الزكاة بالوكالة عن غيره قبل أن يؤدي زكاة نفسه، لكان ذلك جائزاً، فما المانع؟!
ولكن نقول: لا شك أن الأولى والأليق ألا يكون نائباً عن غيره فيما هو فرض عليه حتى يؤدي فرضه أولاً، سواء صح هذا الحديث مرفوعاً أو صح موقوفاً، أو لم يصح، فإن النظر يقتضي أن يقدم الإنسان نفسه على غيره لعموم ((ابدأ بنفسك)) [(2)]، ونفسك أحق من غيرك.
لكن على المذهب يشترط هذا الشرط، وهو أن يكون النائب قد أدى فرض الحج، فإن لم يؤد فرض الحج، فإن ذلك لا يصح ويكون الحج لهذا الذي حج، ويرد النفقة التي أخذها لمن وكله؛ لأن ذلك العمل الذي وكله فيه لم يصح له، فيرد عوضه.
وعموم كلامه ـ رحمه الله ـ يدل على أنه يجوز أن يقيم الرجل امرأة، وأن تقيم المرأة رجلاً، وهذا يؤخذ من عموم الاسم الموصول «من».
ويدل لذلك حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: «أن امرأة قالت: يا رسول الله، إن فريضة الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: نعم» [(3)]، فأذن لها أن تحج عن أبيها، وهي امرأة، فدل على أنه يجوز أن تحج المرأة عن الرجل، ومن باب أولى أن يحج الرجل عن المرأة.
مسألة: هل يجوز لرجل أن ينيب من يحج عنه أكثر من واحد في عام واحد؟
الجواب: يجوز ذلك، لكن إذا أناب اثنين فأكثر في فريضة فأيهما يقع حجه عن الفريضة؟
الجواب: من أحرم أولاً، وتكون الثانية نفلاً.

مِنْ حَيْثُ وَجَبَا وَيُجْزِئ عَنْهُ،........................
قوله: «من حيث وجبا» ، أي: من المكان الذي وجب على المستنيب أن يحج منه[(4)].
فمثلاً: إذا كان من أهل المدينة، ووجب عليه الحج وهو في المدينة، يجب أن يقيم النائب من المدينة ولا بد، فلو أقام نائباً من رابغ من الميقات فإن ذلك لا يجزئ، ولو أقام نائباً من مكة من باب أولى، فيجب أن يقيمه من البلد الذي وجب عليه الحج فيه.
والعلة أن هذا الرجل لو أراد أن يحج لنفسه لحج من مكانه من المدينة، فكذلك نائبه.
وهذا القول ضعيف؛ لأن المنيب إنما يلزمه أن يحج من بلده؛ لأنه لا يتمكن أن يخطو خطوة واحدة، ويصل إلى مكة إلا بالانطلاق من بلده.
ولهذا لو أن هذا المنيب في مكة قد سافر إليها لغرض غير الحج، إمّا لدراسة أو غيرها، ثم أراد أن يحرم بالفرض من مكة هل نبيح له ذلك أو نقول: اذهب إلى المدينة، لأنك من أهل المدينة، والحج واجب عليك في المدينة؟
نقول: لا بأس بأن يحرم بالحج من مكة فإذاً لا بأس أن يحرم النائب من المدينة والسعي من المدينة إلى مكة ليس سعياً مقصوداً لذاته، وإنما هو سعي مقصود لغيره لعدم إمكان الحج إلا من المدينة.
فالقول الراجح أنه لا يلزمه أن يقيم من يحج عنه من مكانه، وله أن يقيم من يحج عنه من مكة، ولا حرج عليه في ذلك؛ لأن السعي إلى مكة مقصود لغيره.
قوله: «ويجزئ» الضمير يعود على الحج.
قوله: «عنه» الضمير يعود على المنيب.
وَإِنْ عُوفِي بَعْدَ الإِحْرَامِ
قوله: «وإن عوفي» الضمير يعود على المنيب أيضاً.
قوله: «بعد الإحرام» أي: بعد إحرام النائب، أي: لو أن المنيب، الذي كان مريضاً، وكان يظن أن مرضه لا يرجى برؤُه عافاه الله ـ عزّ وجل ـ بعد أن أحرم النائب، فإن الحج يجزئ عن المنيب فرضاً؛ لأن المنيب أتى بما أمر به من إقامة غيره مقامه، ومن أتى بما أمر به برئت ذمته مما أمر به، وهذا واضح.
وفُهم من كلام المؤلف أنه إن عوفي قبل الإحرام فإنه لا يجزئ عن المنيب؛ لأنه لم يشرع في النسك الذي هو الواجب، فصار وجوب الحج على المنيب بنفسه قبل أن يشرع هذا في النسك الذي أنابه فيه فلزمه أن يحج بنفسه[(5)].
ولكن يبقى عندنا إشكال وهو أن هذا النائب قد تكلف، وسافر إلى مكة ووصل إلى الميقات، ولكنه لم يحج بعد، فماذا تكون حاله بالنسبة إلى النفقة ذهاباً وإياباً؟ ثم إن هذا النائب، سوف يقول في إحرامه: لبيك عن فلان.
وجواب هذا الإشكال: أنه إذا علم النائب بأن المنيب قد عوفي قبل أن يُحرم، فما فعله بعد ذلك فهو على نفقته؛ لأنه علم أنه لا يجزئه حجه عن منيبه، وأما ما أنفقه قبل ذلك من النفقات فإنه على المنيب.
مثاله: رجل أنفق منذ سافر من البلد إلى أن وصل إلى الميقات ألف ريال، ثم عوفي صاحبه قبل أن يحرم، فلا يجزئ أن يحرم عنه، فعلى المنيب ألف ريال، لأنه أنفقها بأمره قبل أن تنتهي مدة إنابته، وما بعد ذلك يكون على النائب إن استمر في السير، وأما إذا رجع فنفقة الرجوع على المنيب؛ لأن هذا النائب إنما سعى من البلد لمصلحة المنيب، فما غرمه فإنه يكون على المنيب، وبذلك يزول الإشكال.
فإن قدر أن النائب لم يعلم بشفاء صاحبه واستمر، وأدى الحج، فما الحكم؟
نقول: هذا الحج لا يجزئ عن المنيب، لكنه يكون نفلاً في حقه، وتلزم المنيب الأجرة التي قدرها للنائب؛ لأن هذا النائب لم يعلم، وتصرف الوكيل قبل علمه بانفساخ الوكالة، أو زوالها يكون صحيحاً نافذاً، كما لو وكلت شخصاً يبيع لك شيئاً، ثم عزلته عن الوكالة، ولم يعلم بالعزل حتى تصرف، فإن تصرفه يكون صحيحاً بناءً على الوكالة الأولى التي لم يعلم بأنها فسخت.



[1] أخرجه أبو داود في المناسك/ باب الرجل يحج عن غيره (1811)؛ وابن ماجه في المناسك/ باب الرجل يحج عن غيره (2903)؛ وابن خزيمة (3039)؛ وابن حبان (962) إحسان؛ والدارقطني (2/267)؛ والبيهقي (4/336).
ينظر كلام أهل العلم على هذا الحديث في «نصب الراية» (3/155)، «التلخيص» (958).
[2] أخرجه مسلم في الزكاة/ باب الابتداء في النفقة بالنفس (997) عن جابر ـ رضي الله عنه ـ.
[3] سبق تخريجه ص(11).
[4] وهذا هو المذهب.
[5] وهذا هو المذهب.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
من, عجز

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:27 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir