المبحث الرابع عشر: في الحذف والإثبات:
وهو يتعلق بالمحذوف والمثبوت من حروف العلة. فقد يوجد في المصحف ألفاً ثابتة رسماً، ولكنها تحذف وقفاً، وألفاً محذوفة رسماً، ولكنها تثبت وقفاً وياء ثابتة رسماً ولكنها تحذف وقفاً، أوياء ثابتة وقفاً محذوفة رسماً، وهكذا الواو فهذا الباب يتعلق بحروف العلة الثابتة والمحذوفة.
وحروف العلة: هي الألف الساكن المفتوح ما قبله، والياء الساكن المكسور ما قبله، والواو الساكن المضموم ما قبله كما تقدم.
وعلْم ذلك مهم جداً؛ إذ أنه من لم يعلم المحذوف من الثابت، تعرض للحن الجلي والخفي وهو لا يعلم، قال الإمام الخراج في (عمدة البيان):
فواجب على ذوي الأذهان = أن يتبعوا المرسوم في القرآن
ويقتدوا بما رأوه نظرا = إذ جعلوه للأنام وزرا
وكيف لا يجب الاقتداء = لما أتى نصابه الشفاء
إلى عياض أنه مَن غيّر = حرفا ًمن القرآن عمداً كفر
زيادة أو نقصاً أو أن يبدلا = شيئاً من الرسم الذي تأصلا
فعلم من هذا الكلام النفيس أهمية معرفة الثابت من المحذوف رسماً من حروف العلة فنقول وبالله التوفيق:
هاك بيان لما ثبت من حرف الألف:
أولاً: {ذاقا الشجرة} تقول: ذاقا، وحكمه مد طبيعي عوض عن العارض المحذوف، وهو بسورة الأعراف.
ثانياً: {وقالا الحمد لله} بسورة النمل، تقول: وقالا، وحكمه كالأول.
ثالثاً: أيها في جميع القرآن كـ{يا أيها النبي} و {يا أيها الناس} و{يا أيها الذين آمنوا} و {يا أيها الرسول} تقول: أيها، وحكمه مد طبيعي عوض عن عارض محذوف، كالأولين إلا في ثلاثة مواضع وهي:
_ {وتوبوا إلى الله جميعاً أيه المؤمنون} بسورة النور.
_ {وقالوا يا أيه الساحر} بسورة الزخرف.
_ {سنفرغ لكم أيه الثقلان} بسورة الرحمن.
فإنك إن وقفت على أي منها قلت: أيه فتقول: {وتوبوا إلى الله جميعاً أيه}، {سنفرع لكم أيه}، {وقالوا يا أيه}.
رابعاً وخامساً وسادساً: {وتظنون بالله الظنونا} {وأطعنا الرسولا}، {فأضلونا السبيلا} بسورة الأحزاب، ويسمى مداً طبيعياً للتمييز، أي وتظنون بالله الظنون التي لن يظنها أحد، وأطعنا الرسول المخصوص وهو محمد صلى الله عليه وسلم، فأضلونا السبيل أي سبيل الرسول المخصوص، لذا قلنا مداً طبيعياً للتخصيص، ويقال مد طبيعي للتمييز.
سابعاً: {إنا أعتدنا للكافرين سلاسلا} بسورة الإنسان وفيها الوجهين لحفص تقول: {إنا أعتدنا للكافرين سلاسلاَ} أو {سلاسلْ} وعلى القول بـ{سلاسلاَ} يكون مداً طبيعياً للتخصيص أو التمييز أي ليست كأي سلاسل، ويجوز أن يسمى مداً طبيعياً لإشباع الحركة.
ثامناً: {وأكواب كانت قواريرا}، وهو مد طبيعي عوض عن التنوين.
تاسعاً: {وليكونا من الصاغرين} بسورة يوسف، تقول: {ليسجنن وليكونَا} مد طبيعي عوض عن التنوين.
عاشراً: {لنسفعاً بالناصية} بسورة العلق، تقول: {كلا لئن لم ينته لنسفعا} مد طبيعي عوض عن التنوين أيضاً، وكذلك ما سبق تعريفه من البدل العوض عن التنوين كبناء ونساء وسماء وماء ودعاء، وأيضاً من مد العوض عن التنوين الطبيعي كعليما وحكيما وخبيرا وبصيرا وما شابه ذلك كله.
الحادي عشر: وتثبت أيضاً في إذا في نحو قوله تعالى: {وإذا لاتيناهم} تقول {وإذا} في سورة النساء، وهو مد طبيعي عوض عن التنوين، وكذلك {فإذا لا يؤتون الناس نقيرا} بسورة النساء أيضاً تقول: {فإذا} وهو أيضاً مد طبيعي عوض عن التنوين، وكذلك نحو: {إذا لابتغوا إلى ذي العرش}بسورة الإسراء تقول: {كما يقولون إذا} عوض عن التنوين.
الثاني عشر: وتثبت في كلمة أنا وذلك نحو: {أنا أحيي وأميت} {أنا آتيك به} وهو مد طبيعي لصلة ضمير المتكلم.
الثالث عشر: تثبت في لفظ {لكنا} بسورة الكهف في قوله {لكنا هو الله ربي}، فإن وقفنا قلت {لكنَا} وهو أيضاً مد طبيعي لصلة ضمير المتكلم بمعنى: لكن أنا.
أما {ثمود} بالفرقان وهود والعنكبوت وكذلك النجم فهي محذوفه تقول: {ثمود} وذلك في قوله: {ألا بعداً لثمودَا} بسورة هود، {وعادا وثمودَا وأصحاب الرس} بالفرقان، تقول {وعاداً وثمود} وكذلك {وعاداً وثمود وقد تبين لكم} بالعنكبوت تقول: {وعادا وثمود} {وثمودَا فما أبقى} بالنجم تقول: {وثمود} كذلك: {ألا إن ثمودَا كفروا ربهم} بسورة هود تقول {ألا إن ثمود}، وحكمه مد عارض للسكون منصوب، فيه القصر والتوسط والمد.
هذا بيان ما أثبت من الألف وما حذف منها. وإليك ما أثبت من الياء:
تثبت الياء فيما ذكره بعض المحققين فقال:
ويا محلي حاضري مع مهلكي = آتي المقيمي معجزي لا تترك ِ
يعني أن الياء في قوله: {محلي الصيد}، يوقف عليها بالياء تقول: {محلي} وكذلك: {حاضري المسجد الحرام} تقول: {حاضري}، والأول بالمائدة والثاني بالبقرة.
وكذلك الياء في قوله: {وما كنا مهلكي القرى} بسورة القصص تقول: {وما كنا مهلكي}.
وكذلك: {إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن} بسورة مريم، تقول: {إلا آتي} وأيضا:ً {والمقيمي الصلاة}، بسورة الحج، تقول: {والمقيمي}.
وكذلك {غير معجزي الله} الموضعين بالتوبة تقول: {غير معجزي} وحكمه: مد طبيعي عوض لعارض محذوف.
أما الياء التي بعدها متحرك نحو: {مسني الضر} {مسني الشيطان} {آياتي الذين} {عبادي الذين} {ربي الذي} فقد بينا سابقاً أنها يوقف عليها بالياء وهو مد طبيعي لغياب أل.
وأما {بيتي للطائفين} فيوقف عليها بالياء، وتسمى مداً طبيعياً عارضاً للسكون.
وتثبت الياء في {نأتي الأرض ننقصها} بسورة الرعد، تقول: {أولم يروا أنا نأتي}، وهو مد طبيعي لعارض محذوف.
وكذلك {يلقي الروح} بسورة غافر تقول: {ذو العرش يلقي}، مد طبيعي لعارض محذوف.
وتثبت في: {أولي الأيدي} بسورة ص، تقول: {أولي} وهو مد طبيعي لعارض محذوف أيضاً.
ولا تثبت في {ذا الأيدي} بسورة ص تقول {ذا الأيد} وحكمه مد لين عارض للسكون ممدود مجرور، فيه القصر والتوسط والمد والقصر بالروم.
وتثبت في أربع وعشرين موضعاً وهي:
أولاً: {فلا تخشوهم و اخشوني} بسورة البقرة، تقول: {واخشوني} وقفاً ووصلاً.
ثانياً: {فإن الله يأتي بالشمس} بالبقرة، تثبت وصلا ووقفاً.
ثالثاً: {يوم يأتي بعض آيات} بسورة الأنعام، وقفا ووصلاً.
رابعاً: {يوم يأتي تأويله} بسورة الأعراف، وقفا ووصلا.
خامساً: {يوم تاتي كل نفس} بسورة النحل.
سادساً: {فاتبعوني يحببكم} بسورة آل عمران، كل ذلك وقفاً ووصلا وكل ما يأتي بعده.
سابعاً: {فاتبعوني وأطيعوا أمري}بسورة طه.
ثامناً: {قل إنني هداني ربي} بسورة الأنعام.
تاسعا: {أو تقول لو أن الله هداني} بالزمر.
عاشراً: {من يهدي الله فهو المهتدي} بسورة الأعراف.
الحادي عشر: {فكيدوني جميعاً} بسورة هود.
الثاني عشر: {قالوا يا أبانا ما نبغي} بسورة يوسف.
الثالث عشر: {على بصيرة أنا ومن اتبعني} بيوسف أيضاً.
الرابع عشر: {فلا تسألني عن شيء} بالكهف.
الخامس عشر: {عسى ربي أن يهديني} بالقصص.
السادس عشر: {وأن اعبدوني هذا صراط} بسورة يس.
السابع عشر: {أفمن يتقي بوجهه} بسورة الزمر.
الثامن عشر: {رب لولا أخرتني إلى} بسورة المنافقون.
التاسع عشر: {فلم يزدهم دعائي} بسورة نوح.
عشرون: {ياعباد لا خوف عليكم} بسورة الزخرف وقفاً لا وصلاً، ومده مداً طبيعياً لصلة ضمير المتكلم جل وعلا، تقول: {ياعبادي}.
الحادي والعشرون: {ياعبادي الذين آمنوا إن أرضي} بالعنكبوت وقفاً لا وصلاً، وهو مد طبيعي لغياب أل.
الثاني والعشرون: {قل يا عبادي الذين أسرفوا} بالزمر، وقفاً لا وصلاً، وهو مد طبيعي لغياب أل.
الثالث والعشرون: {إن كنتم في شك من ديني} بسورة يونس وصلاً ووقفاً.
الرابع والعشرون: {قل الله أعبد ملخصاً له ديني} بالزمر، وصلاً ووقفاً، وما ثبت منها وقفاً فقط أشرنا إليه، والباقي يثبت وصلاً ووقفاً، وما سوى ذلك من الياءات محذوف، والله أعلم.
ثبوت الواو:
أولاً: {يمحو الله ما يشاء} تقول: {يمحو} بسورة الرعد، وهو مد طبيعي لصلة ضمير المتكلم أو قل: مد طبيعي لعارض محذوف.
ثانيا: {وثمود الذين جابوا الصخر}بسورة الفجر تقول: {وثمود الذين جابوا} وحكمه كالأول.
ثالثا: {قالوا الآن} بسورة البقرة، تقول: {قالوا}، وحكمه كالسابقين.
رابعاً: {وقالوا الحمد لله} بسورة الزمر تقول: {وقالوا} وحكمه كسوابقه وقس على ذلك ما ماثله إلا في خمس مواضع تحذف فيهن، وهي:
أولاً: {ويدع الإنسان بالشر} سورة الإسراء، تقول: ويدع.
ثانياً: {ويمح الله الباطل} بالشورى، فإن وقفت قلت: {ويمح}.
ثالثاً: {يوم يدع الداعي} بالقمر، تقول: {فتول عنهم يوم يدع}.
رابعاً: {وصالح المؤمنين} بالتحريم، تقول: {وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح}.
خامسا: {سندع الزبانية} بسورة العلق، تقول: {سندع}.
وحكم هذه المواضع عارض للسكون، غير ممدود.
قال العلامة المتولي في اللؤلؤ المنظوم:
يمح بشورى يوم يدع الداعي مع = ويدع الإنسان سندع الواو دع
وهكذا وصالح الذي ورد = في سورة التحريم فاظفر بالرشد
وقد تم هذا المبحث النفيس بفضل الله وتوفيقه.
المبحث الخامس عشر: في معرفة المقطوع والموصول:
اعلم أن المقطوع والموصول من خصائص الرسم العثماني، فتجب معرفته ولابد، والجهل به خطير جداً؛ لأنه إذا وصل مقطوعاً أو قطع موصولاً تعرض للحن الجلي، وهو لايدري.
واعلم أن المقطوع هو الأصل، والموصول فرع منه، والمقطوع: كل كلمة مفصولة عن اختها رسماً ولغة وذلك نحو: حيث ما، أن لا يقولوا، أن لا تعبدوا. وغير ذلك مما سيرد عليك بيانه.
والموصول: كل كلمة وصلت بغيرها رسماً مفصولة لغة نحو (ويكأن)، أو غير مفصولة لغة نحو (إلياس).
وإليك بيان أنواع المقطوع والموصول كلمة كلمة، وأين مكان كل في القرآن الكريم، وفائدة ذلك تظهر عند الوقف الاضطراري أو الاختباري، وبعد ذلك نعلق على ما نظمه شيخنا في هذا الباب فنقول:
أول المقطوع أن عن لا، أعني (أن) المصدرية عن (لا)، تقطع (أن) عن (لا) في عشر مواضع وهي:
أولاً: {حقيق على أن لا أقول على الله} بسورة الأعراف. تقول: {حقيق على أن}.
ثانياً: {ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا} بالأعراف أيضاً، تقول: {ألم يوخذ عليهم ميثاق الكتاب أن}.
ثالثاً: {وظنوا أن لا ملجأ من الله} بسورة التوبة، تقول: {وظنوا أن}.
رابعاً: {وأن لا إلاه إلا هو فهل أنتم مسلمون} بسورة هود، تقول: {أنزل بعلم الله وأن}.
خامساً: {أن لا تعبدوا إلا الله} بهود أيضاً، تقول: {ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه أن}.
سادساً: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن} بسورة الحج.
سابعاً: {ألم أعهد إليكم يابني آدم أن} بسورة يس.
ثامناً: {وأن لا تعلو على الله} بسورة الدخان. تقول: {إني لكم رسول أمين وأن}.
تاسعاً: {إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن} بسورة الامتحان.
عاشراً: {فانطلقوا وهم يتخافتون أن لا} بسورة القلم تقول: {وهم يتخافتون أن}.
أما قوله: {فنادى في الظلمات أن لا إله} بسورة الأنبياء. فقد كتب في بعض المصاحف مقطوعاً، وفي بعضه موصولاً، فتقول: {فنادى في الظلمات أن} أو {فنادي في الظلمات ألا}، والوجهان صحيحان.
هذا كله في أن المفتوحة الهمزة الساكنة النون أعني أن الخفيفة، أما (إن) و(لا) نحو:
{إلا تفعلوه} {إلا تنصروه}، فهي موصوله كلها باتفاق، وما سوى ما ذكرناه يوقف عليه: ألا.
ثانياً: (إن) الشرطية مع (ما) تقطع في موضع واحد في القرآن الكريم {وإن ما نرينك} بسورة الرعد تقول: {وإن} وماسواها فهو موصول باتفاق. تقول: وإما.
وأما نحو {أما أشتملت}، {أما ماذا كنتم} فهو موصول كله باتفاق، تقول: {أما}.
ثالثاً: (عن) عن (ما) أعني كلمة: عن وما، كلها موصولة، فتقف عما وتقطع في موضع واحد في الأعراف، {فلما عتوا عن}.
رابعاً: (من) مع (ما) أعني: من وما (مما) تقطع في موضعين {فمن ما ملكت أيمانكم} بسورة النساء، تقول: {فمن}، وفي سورة الروم {هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء} تقول: {هل لكم من}.
وأما التي في سورة المنافقون: {وأنفقوا من ما رزقناكم} ففي بعض المصاحف مقطوعة وفي بعضها موصولة، والوجهان صحيحان. تقول: {وأنفقوا من}، أو {وأنفقوا مما}.
وأما قوله: {من مال الله الذي آتاكم} و{من ماء مهين} فهو مقطوع باتفاق تقول: {وآتوهم من} وتقول: {ألم نخلقكم من}.
وما سوى ذلك فهو موصول تقول: مما، فإذا دخل لفظ: (مِن) على (مَن) كقوله: {ممن افتري} فهو موصول كله في القرآن بلاخلاف تقول: {ممن}.
وأيضاً إذا دخلت (من) على (ما) الاستفهامية كقوله: {فلينظر الإنسان مم خلق} فهو موصول.كلمة في القرآن باتفاق.
خامساً: (أم) مع (من).أعني........
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه وبعد..,
فنقول وبالله التوفيق: كنا نتكلم في باب المقطوع والموصول، ووصلنا إلى النوع الخامس وهو في كلمة أمّن يعني (أم) و(من) مثل قوله: {أم من خلقنا} {أم من خلق السماوات والأرض} {أم من جعل الأرض} وتقطع في أربعة مواضع:
الأول: {أم من يكون عليهم وكيلا} بسورة النساء، تقول {فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم}.
الثاني: {أم من أسس نبيانه على شفا} في سورة براءة، تقول: {على تقوى من الله ورضوان خير أم}.
الثالث: {فاستفتهم أهم أشد خلقاً أم من خلقنا} بسورة الصافات، تقول: {أهم أشد خلقاً أم}.
الرابع: {أفمن يلقى في النار خير أم}، وما سوى ذلك موصول باتفاق تقول: {أمَّن}
سادساً: (حيث) مع (ما) مثل قوله: {وحيث ما كنتم} تقطع في موضعين بسورة البقرة: {وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتب}، {وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا} تقول: {وحيث} ولا ثالث لهما في القرآن الكريم.
سابعاً: (أن) المفتوحة مع (لم) الجازمة (لم) بالميم مثل قوله: {أن لم يره أحد} {أن لم يكن ربك} وتقطع في موضعين {ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى} بسورة الأنعام تقول: {ذلك أن}، {أيحسب أن لم يره أحد} بسورة البلد تقول: {أيحسب أن} ولا ثالث لهما في القرآن.
ثامناً: (إن) المكسورة الهمزة مع (ما) تقطع في موضع واحد {إن ما توعدون لآت} في سورة الأنعام، تقول: {إن}.
وأما قوله: {إن ما عند الله هو خير لكم} بسورة النحل ففيها خلاف، والوصل أقوى وأشهر، وما سوى هذين الموضعين فموصول باتفاق تقول: {إنما}.
تاسعاً: (أنّ) المفتوحة الهمزة والمشددة النون مع (ما) أعني: أنما، تقطع في موضعين بلا خلاف وهما {وأن ما يدعون من دونه هو الباطل} في سورة الحج {وأن ما يدعون من دونه الباطل} بسورة لقمان. تقول: {وأن}.
وقد جرى الخلاف في قوله: {واعلموا أنما غنمتم} بسورة الأنفال والوصل فيه أقوى وأشهر، تقول: {واعلموا أنما}.
عاشراً: (كل) بالكاف عن (ما) يقطع في موضع واحد {وآتاكم من كل ما سألتموه} بسورة إبراهيم تقول: {وآتاكم من كل}.
وجرى الخلاف في أربع مواضع وهي:
{كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا} بسورة النساء.
ثانياً: {كلما دخلت أمة لعنت أختها} بالأعراف.
ثالثاً: {كلما جاء أمة رسولها} بسورة المؤمنون.
رابعاً: {كلما ألقي فيها فوج سألهم} بسورة الملك.
كتبت هذه المواضع في بعض المصاحف مقطوعة، وفي بعضها موصولة، والوصل أولى وأرجح تقول: {كلما}.
وإلى ذلك أشار العلاَّمة الشاطبي في (العقيلة) فقال:
وقل وآتاكم من كل ما قطعوا = والخلف في كلما ردوا فشى خبرا
وكلما ألقي اسمع كلما دخلت = وكلما جاء عن خلف يلي وقرى
الحادي عشر: (بئس) مع (ما)، تقطع (بئس) عن (ما) في ست مواضع خمسة مسبوقة باللام وواحد مسبوق بالفاء وهي:
أولاً: {ولبئس ما شروا به أنفسهم} في البقرة، تقول: {ولبئس}.
الثاني: {لبئس ما كانوا يعملون} بسورة المائدة، تقول: {لبئس}.
ثالثا: {لبئس ما كانوا يصنعون} بالمائدة أيضاً، تقول: {لبئس}.
رابعاً: {لبئس ما كانوا يفعلون} بالمائدة أيضاً، تقول: {لبئس}.
خامساً: {لبئس ما قدمت لهم أنفسهم} بالمائدة، تقول: {لبئس}.
سادساً: {فبئس ما يشترون} في آل عمران، تقول: {فبئس}.
وتوصل بلا خلاف في موضعين في القرآن الكريم وهما:
أولاً: {بئسما اشتروا به أنفسهم} بالبقرة، تقول: {بئسما}.
الثاني: {بئسما خلفتموني من بعدي} بسورة الأعراف، تقول: {بئسما}.
ووقع الخلاف في قوله: {قل بئسما يأمركم به} بسورة البقرة والوصل أقوى وأشهر.
الثاني عشر: (في) مع (ما) تقطع بلا خلاف في قوله: {أتتركون في ما هاهنا آمنين} تقول: {أتتركون في} بسورة الشعراء.
ويستوي قطعها ووصلها في عشر مواضع، والقطع أرجح وهي:
أولا: {فيما فعلن في أنفسهن من معروف}، وهو الموضع الثاني في البقرة في ربع الوالدات تقول: {في} أو {فيما}.
الثاني: {ليبلوكم في ما أتاكم} تقول {ليبلوكم في} أو {فيما} بالمائدة.
الثالث: {قل لا أجد في ما أوحي إلي محرماً} بالانعام تقول: {قل لا أجد في} أو {فيما}.
رابعاً: {ليبلوكم في ما آتاكم} آخر سورة الأنعام تقول: {ليبلوكم في} أو {ليبلوكم فيما}.
خامساً: {وهم فيما اشتهت أنفسهم} بسورة الأنبياء، تقول: {وهم في} أو {وهم فيما}.
سادساً: {لمسكم في ما أفضتم} بسورة النور، تقول: {لمسكم في} أو {لمسكم فيما}.
سابعاً: {هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم} بسورة الروم، تقول: {من شركاء في} أو {من شركاء فيما}.
ثامناً: {إن الله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون} بسورة الزمر تقول: {يحكم بينهم في} أو {يحكم بينهم فيما}.
تاسعاً: {في ما كانوا فيه يختلفون} بسورة الزمر أيضاً تقول: {في} أو {فيما}.
عاشراً: {وننشئكم في ما لا تعلمون} بسورة الواقعة، تقول: {وننشئكم في} أو {ننشئكم فيما}.
والقطع في هذه المواضع أقوى وأشهر، ووصلها لا بأس به.
وقال بعض شراح الجزرية أن الوصل فيها أولى، وهو ضعيف. وادعى بعضهم الخلاف فى موضع الشعراء وهو {في ما هاهنا آمنين} وهو ضعيف أيضاً فلا يلتفت إلى القولين بحال.
الثالث عشر: (أين) مع (ما) موصولة بلا خلاف في موضعين في القرآن الكريم، وهما: {فأينما تولوا فثم وجه الله} في سورة البقرة، تقول: {فأينما}.
الثاني: {أينما يوجهه لا يأت بخير} بسورة النحل تقول: {أينما}.
وقد جرى الخلاف في ثلاث مواضع وهي: {أينما تكونوا يدرككم} بسورة النساء، {أينما كنتم تعبدون من دون الله} بسورة الشعراء، {ملعونين أينما ثقفوا} بالأحزاب، وفي هذه المواضع الثلاثة الوجهان تقول {أين} أو {أينما}.
الرابع عشر: (إن) الشرطية مع (لم) الجازمة نحو قوله: {فإن لم} توصل في موضع واحد في القرآن باتفاق {فإلم يستجيبوا لكم} في سورة هود تقول: {فإلم} وتقطع فيما سواه بلا خلاف تقول: {فإن}.
الخامس عشر: (أن) المصدرية مع (لن) الناصبة كقوله: {ألن نجمع} {أن لن يقدر} توصل في موضعين في القرآن الكريم بلا خلاف وهما: {بل زعمتم ألن نجعل لكم} بسورة الكهف تقول: {بل زعمتم ألن}.
الثاني: {أيحسب الإنسان ألن نجمع} بالقيامة تقول: {أيحسب الإنسان ألن} وتقطع فيما سوى ذلك اتفاقاً تقول: {أن}.
السادس عشر: (كي) المصدرية مع (لا) مثل قوله: {لكيلا} وهي موصولة باتفاق في أربعة مواضع في القرآن الكريم وهي:
الأول: {فأثابكم غماً بغم لكيلا} بسورة آل عمران، تقول: {لكيلا}.
الثاني: {لكيلا يعلم من بعد علم شيئا} سؤرة الحج، تقول: {لكيلا}.
ثالثا: {قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون} بسورة الأحزاب, تقول: {لكيلا}.
رابعاً: {لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا} الحديد تقول: {لكيلا}.
وما سوى ذلك فمقطوع باتفاق تقول: {لكي}.
السابع عشر: (عن) عن (من) مثل قوله: {عن من يشاء} تقطع في موضعين في القرآن الكريم وهما:
أولاً: {فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء} بسورة النور تقول: {ويصرفه عن}.
ثانياً: {فأعرض عن من تولى عن ذكرنا} بسورة النجم تقول: {فأعرض عن}.
وليس في القرآن غيرهما.
الثامن عشر: (يوم) مع (هم) مثل قوله: {يوم هم بارزون} تقطع يوم عن هم بموضعين في القرآن الكريم وهما:
{يوم هم بارزون} بسورة غافر تقول {يوم}.
الثاني: {يوم هم على النار يفتنون} بأول الذاريات. تقول: {يوم}.
وما سواهما موصول باتفاق في جميع القرآن تقول: {يومهم}.
كلام الشيخ هنا يوحي بالتناقض، فكأنه سبق ذهنه، وتمثيله يخالف ما في المصاحف، فكان ينيغي أن يقول: قطع لام الجر عن مجرورها بعد ما، فيمثل بالأربع المذكورة (فمال...... إلخ) وليس (فما، إلخ) كما فعل. وما سوى ذلك موصول بمجرورة تقول(ما....) أو نحو هذا.
التاسع عشر: (ما) عن لامها مثل قوله: {فمال هؤلاء القوم} أعني لام الجر عن مجرورها، تقطع لام الجر عن مجرورها في أربعة مواضع، وهي:
الأول: {فمال هؤلاء القوم لا يكادون} بسورة النساء تقول: {فمال}.
الثاني: {ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب} بسورة الكهف تقول: {ويقولون يا ويلتنا مال}.
ثالثاً: {وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام} بسورة الفرقان، نقول: {وقالوا مال}.
رابعاً: {فمال الذين كفروا قبلك مهطعين} بسورة المعارج، تقول: {فمال}.
وما سوى ذلك موصول باتفاق تقول {ما}.
العشرون: تاء (ولات) عن (حين) في قوله: {ولات حين مناص} بسورة ص، وهي مقطوعة تقول {فنادوا ولات} وليس في القرآن غيرها.
ومازعمه بعضهم أنهاموصولة فهو ضعيف.
الحادي والعشرون: {كالوهم أو وزنوهم} بسورة التطفيف، وهما موصولتان باتفاق تقول: كالوهم، وزنوهم.
والمراد بوصلهما عدم كتابة الألف في كالوا ووزنوا، وهي الألف التي تكتب دائماً في واو الجماعة.
وأما أل المعرفة كالارض والقمر والشمس والليل فهي موصولة باتفاق.
وكذا هاء التنبيه كهأنتم وهؤلاء موصولة باتفاق تقول: {هأنتم} وكذا ياء النداء كيأيها في {يأيها النبي} و{يأيها الناس} موصولة أيضاً باتفاق.
وفي ذلك كله قال الناظم:
واعرف لمقطوع وموصول وتا = في مصحف الإمام فيما قد أتى
وقوله: (لمقطوع) زاد اللام للتأكيد، وكذلك اعرف التاءات التي كتبت بالتاء لا بالهاء كما أتى في مصحف الإمام رضي الله عنه فيما قد أتى رسمه فيه.
ثم أخذ في بيان معرفة المقطوع والموصول فقال:
فاقطع بعشر كلمات أن لا = مع ملجأ ولا إله إلا.
وتعبدوا ياسين ثاني هود لا = يشركن تشرك يدخلن تعلوا على
يعني فاقطع كلمة أن الناصبة للاسم والفعل في عشر كلمات، أي في عشر مواضع بأن ترسم مقطوعة عن لا النافية مع ملجأ وهي {أن لا ملجأ}، و{لا إله إلا}، {وأن لا إله إلا هو} بهود، {وأن لا تعبدوا الشيطان} في يس، {وأن لا تعبدوا إلا الله} في ثاني هود.
أما أولاها فهو موصول {وأن لا يشركن} بالامتحان {وأن لا تشرك} بالحج، {وأن لا يدخلنها} بالقلم {وأن لا تعلوا على الله} بالدخان، و{أن لا يقولوا على الله إلا الحق}. {وحقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق}كلاهما بالأعراف. وما عداها فهو موصول باتفاق كما تقدم.
ومعنى وصله أن لا ترسم فيه النون. واقطع إن عن ما في قوله تعالى {وإن ما نرينك بعض الذي نعدهم} بسورة الرعد، تقول: {وإن} وما عداه موصول باتفاق.
وقوله والمفتوح صل نحو: {أما اشتملت} {وأما يشركون} {وأما ماذا كنتم تعملون} كل ذلك موصول باتفاق تقول {أما}.
وقوله: نهوا اقطعوا يعني: اقطع (عن) عن (ما) في قوله تعالى: {فلما عتوا عن ما نهوا} بالأعراف، تقول {فلما عتوا عن} وما عداه نحو: {عما يقولون} {عما يشركون} و{عما قليل} فموصول تقول: {عما} وأما {عم يتساءلون} فتقول {عم}.
نهوا اقطعوا من ما بروم والنسا = خلف المنافقين أم من أسسا
يعني (نهوا اقطعوا) يعني اقطع (عن) عن (ما) في قوله تعالى: {فلما عتوا عن ما نهوا عنه}، تقول: {فلما عتوا عن} واقطع (من) عن (ما) في قوله: {هل لكم من ما ملكت أيمانكم} بسورة الروم، تقول: {هل لكم من}.
وأما في النساء {فمن ما ملكت أيمانكم} تقول {فمن} وقوله (خلف المنافقين ) يعني: {وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحكم الموت} في سورة المنافقون، جرى فيها الخلاف تقول {وأنفقوا مما} وتقول {وأنفقوا من} ووجه القطع فيه وفي نظائره هو كون الأصل انفصال إحدى الكلمتين عن الأخرى ووجه الوصل فيما وصل التقوية والامتزاج ومعنى قوله( أم من أسسا) أي: واقطع أيها القاريء (أم) عن (من) في قوله {أم من أسس بنيانه} في سورة التوبة تقول {أم}.
قال الناظم:
فصلت النسا وذبح حيث ما = وأن لم المفتوح كسر إن ما
المعنى: اقطع أيها القارئ (أم) عن (من) في فصلت في قوله: {أم من يأتي آمناً} تقول: {أم} وفي النساء {أم من يكون عليهم وكيلا} تقول {أم}، واقطع (أم) عن (ما) في سورة الصافات وهي المقصودة بقوله: وذبح، يريد {أم من خلقنا} تقول {أم}.
وفيماعدا ذلك نحو {أمن لا يهدي} {أمن خلق السماوات} {أمن يجيب المضطر}، كل ذلك موصول تقول{أمن}.
واقطع أيها القارئ (وحيث) عن (ما) في سورة البقرة في الأولى والأخيرة تقول: {وحيث} وقد تقدم بيانه.
واقطع أيها القارئ (أن) عن (لم) في قوله: {أن لم يكن ربك} بالأنعام تقول: {ذلك أن}، وفي سورة البلد {أيحسب أن} أعني: {أن لم يره أحد}.
واقطع أيها القارئ (إنَّ) عن (ما) في قوله تعالى: {إن ما توعدون لآت} بسورة الأنعام، تقول: {إن}.
وما عدا ذلك نحو: {إنما صنعوا كيد ساحر} و{إنما توعدون لو اقع} موصول باتفاق.
قال الناظم:
الانعام والمفتوح يدعون معا = وخلف الانفال ونحل وقعا
قوله: الانعام، يعني: اقطع (إن) عن (ما) في قوله {إن ما توعدون لآت} تقول: {إن}.
قوله: والمفتوح يدعون معا، يعني (أنما) المفتوحة في قوله: {وأن ما يدعون من دونه هو الباطل} بالحج {وأن ما يدعون من دونه الباطل} بلقمان تقول: {وأن}.
وقوله: وخلف الانفال ونحل وقعا، يعني: {واعلموا أن ما غنمتم} بسورة الأنفال قرئت مقطوعة وموصولة تقول: {واعلموا أن} أو {واعلموا أنما}.
ونحل، في قوله: {إن ما عند الله هو خير لكم}، قرئت مقطوعة وموصولة تقول: {إن} وتقول: {إنما}.
قال الناظم:
وكل ما سألتموه واختلف = ردوا كذا قل بئسما والوصل صف
قوله: وكل ماسألتموه، أي: اقطع (كل) من (ما) في قوله تعالى: {وآتاكم من كل ما سألتموه} بسورة إبراهيم تقول: {وآتاكم من كل}.
قوله: واختلف ردوا كذا، أي واختلف في قوله: {كلما ردوا إلى الفتنة} بسورة النساء، فكتبت مقطوعة وموصولة تقول: {كل} أو {كلما}.
وأيضاً {كلما دخلت أمة} بالأعراف تقول: {كل} أو {كلما}.
{كلما جاء أمة رسولها} بالمؤمنون تقول: {كل} {كلما}.
{وكلما ألقي فيها فوج} بسورة الملك تقول: {كل} أو {كلما}.
وفيما عدا ذلك موصول باتفاق.
وقد نبه الزجاجي أن (كلما) إن كانت ظرفاً موصولة، وإن كانت شرطاً فمقطوعة.
ومن كلمات كل التي لم تحتمل الظرفية {من كل ما سألتموه} بإبراهيم لذا كتبت مقطوعة, والمواضع التي فيها الوجهان كتبت مقطوعة وموصولة، وما احتملت الظرفية فقط فهي موصولة باتفاق.
وقوله: واختلف قل بئسما، أي: واختلف في قوله تعالى {قل بئسما يأمركم} بسورة البقرة فكتبت في بعض المصاحف مقطوعة وفي بعضها موصولة، وهي موصولة باتفاق تقول: {قل بئسما}.
وقوله: والوصل صف، أي صف أيها القارئ المجيدُ للقارئ المجيدِ الوصل في هذه الكلمة وهي {قال بئسما خلفتموني} بسورة الأعراف تقول: {قال بئسما}، وصل أيضاً {بئسما اشتروا به أنفسهم} بالبقرة، تقول: {بئسما}.
وقوله: (في ما اقطعا، أوحي أفضتم اشتهت يبلو معا) أي اقطع لفظ (في) عن (ما) في قوله: {في ما أوحي إلي} بسورة الأنعام تقول: {قل لا أجد في}، وفي قوله {لمسكم في ما أفضتم} بسورة النور تقول {لمسكم في} وقوله: {وهم في ما اشتهت أنفسهم} بالأنبياء تقول {وهم في}، وقوله {ليبلوكم في ما آتاكم} بالمائدة والأنعام تقول: {ليبلوكم في}.
وهذا معنى قوله: يبلو معا، أي في المائدة والأنعام.
قال الناظم:
ثاني فعلن وقعت روم كلا = تنزيل شعراء وغير ذي صلا
قوله: ثاني فعلن. يعني قول الحق تبارك وتعالى: {فإن خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن} فاقطع (في) عن (ما) في هذه الكلمة نقول {في} {فلا جناح عليكم في}.
ومعنى ثاني، أي: الثانية في ربع والوالدات.
وقوله: وقعت، يعني قوله تبارك وتعالى: {وننشئكم في ما لا تعلمون} في سورة الواقعة، تقول: {وننشئكم في}.
وقوله: روم، يريد قوله تبارك وتعالى {هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء في ما} هذا مقطوع أيضاً.
تقول: (هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء في).
الوجه الثانـي:
وقوله: كلا تنزيل، يعني قول الله تبارك وتعالى في الزمر: {في ما هم فيه يختلفون} {في ما فيه يختلفون} مقطوعتان تقول: {في}.
وقوله: شعراء، يريد قول الله تبارك وتعالى: {أتتركون في ما هاهنا}، وهنا القطع قولاً واحداً {أتتركون في} وفيما ذكرناه من العشر مواضع الماضية فيها القطع والوصل تقول: {في} و{فيما} إلا موضع الشعراء، فهو القطع قولا واحداً.
وقوله: وغير ذي صلا، أي: ما سوى هذه المواضع الإحدى عشر موصول باتفاق.
قال الناظم:
فأينما كالنحل صل ومختلف = في الشعرا الأحزاب والنسا وصف
يريد قوله تبارك وتعالى: {فأينما تولوا} بسورة البقرة، فهي موصولة، تقول: {فأينما}، وقوله تعالى: {أينما يوجهه} بسورة النحل موصولة أيضاً تقول: {أينما}.
واختلف في ثلاث مواضع: في قوله: {أينما تعبدون} بسورة الشعراء، وقوله تعالى: {ملعونين أينما ثقفوا} بسورة الأحزاب، وقوله تعالى: {أينما تكونوا يدرككم} بسورة النساء، ويقرأ بالوجهين في هذه الثلاث تقول: {أين} و{أينما}.
قال الناظم:
وصل فإلم هود ألن نجعلا = نجمع كيلا تحزنوا تأسوا على
يعني: قوله تبارك وتعالى: {فإلم يستجيبوا لكم} في سورة هود تقول: {فإلم} فهي موصولة، وقوله تبارك وتعالى: {ألن نجعل لكم موعدا} بسورة الكهف موصولة تقول: {ألن}، وقوله تبارك تعالى: {ألن نجمع} بالقيامة تقول: {ألن}.
وصل أيها القارئ {لكيلا تحزنوا} بسورة آل عمران {ولكيلا تأسوا} بسورة الحديد تقول: {لكيلا} {ولكيلا يعلم} بسورة الحج تقول {لكيلا} و{لكيلا يكون عليك حرج} بسورة الأحزاب، تقول: {لكيلا} وهذا معنى قوله: حج عليك حرج.
وقوله: (وقطعهم عن من يشاء من تولى يوم هم) يعني: اقطع أيها القارئ قول الله تبارك وتعالى: {فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء} بسورة النور، تقول: {ويصرفه عن} واقطع {فأعرض عن من تولى} بسورة النجم، تقول: {فأعرض عن}، واقطع يوم عن هم في قوله: {يوم هم بارزون} بسورة غافر، {يوم هم على النار يفتنون} بسورة الذاريات تقول: {يوم}.
قال الناظم:
ومال هذا والذين هؤلا = تحين في الإمام صل ووهلا
يعني واقطع أيها القارئ (ما) عن لامها في قوله: {ما لهذا الكتاب} في سورة الكهف تقول: {فما}، وأيضاً {فما للذين كفروا} بسورة المعارج تقول: {فما}، وأيضاً {فما لهؤلاء القوم} بالنساء، تقول: {فما}, {وما لهذا الرسول} بالفرقان تقول: {وقالوا ما} وفيما سواها فموصول باتفاق.
وقوله: تحين في الإمام صل ووهلا، يريد قوله تبارك وتعالى: {ولات حين مناص} بسورة ص، فقد صرح جماعة بأنها موصولة وهو قول ضعيف، وهذا معنى قوله: صل ووهلا، أي الذين قالوا بوصلها كلامهم موهل ضعيف، والأصح قطعها تقول: {ولات}.
قال الناظم
كالوهم أو وزنوهم صل = كذا من ال ويا وها لا تفصل
يعني: قوله تبارك وتعالى: {وإذا كالوهم أو وزنوهم} بسورة التطفيف هما موصولتان تقول: {كالوهم} {وزنوهم} ومعنى صلتهما عدم كتابة الألف بعد واو الجماعة فيهما.
وقوله كذا من أل ويا وها لا تفصل، أراد نحو قوله: {من المؤمنين} {من الذين} تقول من الـ، و الأرض، والليل، والشمس، والبر، والبرق، تقول: وال.
وقوله: ويا وها لا تفصل، يعني: يا أيها من {يا أيها الناس} و{يا أيها النبي} و{يا أيها الذين}، و{ها أنتم}، {هؤلاء} {هاؤم اقرؤا}. كل ذلك موصول. والله تبارك وتعالى أعلم.
المبحث السادس عشر: في الكلمات المختلف فيها عن حفص:
اعلم أن الاختلاف عن حفص إما معنوي وإما لفظي، فنقول وبالله التوفيق:
فأما المعنوي فنحو الخمسة والأربعة في المتصل والمنفصل، ونحو الحركتان والأربعة والستة في المد العارض للسكون, ونحو الإشمام والروم، ونحو زيادة الغنة عند من يقرأ بالتحقيق بخلافها عند من يقرأ بالتدوير بخلافها عند من يقرأ بالحدر، ونحو اختلاف الغنة في النطق بالإخفاء، إن كان بعد الغنة مرققا رققت، وإن كان بعدها مفخماً فخمت، ونحو التفخيم والترقيق في الراءات، ونحو التغليظ والترقيق في لام اسم الذات، وقس على ذلك ما جانسه، وهذا ما اختلف فيه لفظاً:
أولاً: {الم} بسورة آل عمران فيها ثلاثة أوجه:
وجه بالوقف على ميم بالمد اللازم في اللام والميم.
ووجهان بوصلها بلفظ الجلالة تقول {الم الله لا إله إلا هو} {الم الله لا إله إلا هو} وقد سبق بيان ذلك وعلته في المد اللازم، ودليله قول الإمام خلف الحسيني في إتحافه:
ومد إذا كان السكون بعيده = وإن عرض التحريك فاقصر وطولا
لكلاٍّ وذا في آل عمران قد أتى
وقد سبق بيان ذلك أيضاً.
ثانياً: {عص} بأول مريم و{عسق} ومن الممكن إدراجه مع المعنوي وفي عين في السورتين التوسط والمد، قال ابن الجزري:
وعين ذو وجهين والطول أخص
وقال الإمام الشاطبي:
وفي عين الوجهان والطول فضلا
ثالثا"ً: التسهيل والإبدال في المواضع الستة {آلذكرين} بموضعي الأنعام، {آلآن} بموضعي يونس {آلله خير أم ما يشركون} بالنمل {آلله أذن لكم} بيونس، وقد تقدم بيانها في المد اللازم.
قال الإمام الشاطبي:
وإن همز وصل بين لام مسكن = وهمزة الاستفهام فامدده مبدلا
فللكل ذا أولى ويقصره الذي = يسهل عن كل كالان مُثِّلا
وقال: مبدلا فللكل ذا أولى، يدل على أن الإبدال بالمد اللازم أرجح.
وقال ابن الجزري:
وهمز وصل من كآلله أذن = أبدل لكل أو فسهل واقصرن
تقول: آلذكرين، أالذكرين. أالآن، أالآن. أالله أذن، أالله أذن.
رابعاً: {الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبا}، قرأ حفص بضم الضاد وفتح الضاد فيهن تقول {من ضَعف} {ثم جعل من بعد ضَعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاً}. وتقول: {من ضُعف ثم جعل من بعد ضُعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضُعفاً} والضُّعف بضم الضاد في الصحة والجسم، وبفتحها في العزيمة والذاكرة والإيمان وخلافه.
قال الإمام الشاطبي:
وضُعفاً بضم الضاد فاشيه مثلا = وفي الروم صف عن خنث فصل
فقال عن خنث والعين لحفص.
خامساً: {أم هم المسيطرون} بالطور قرئت بالسين والصاد تقول: {أم هم المسيطرون}، {أم هم المصيطرون}.
قال الإمام الشاطبي:
والمصيطرون لسان عاب بالخلف زملا
فقال: عاب بالخلف يعني: حفص بالخلف.
سادساً: {فما آتان} بسورة النمل عند الوقف، يقف حفص بالوجهين {فما آتان} {فما آتاني} بالياء وحذفها.
قال الشاطبي:
وفي النمل آتاني ويفتح عن أولي حمى = وخلاف الوقف بين حلى علا
فعلى العين لحفص، له الخلاف.
سابعاً: {إنا أعتدنا للكافرين سلاسل} يقف حفص بالألف بعد اللام وبدونها يقول {سلاسلا} و{سلاسل}.
قال الشاطبي:
سلاسل نون إذ رووا صرفه لنا = وبالقصر قف من عن هدى خلفهم
فصرح بالعين لحفص ضمن من له الخلاف في الوقف.
ثامناً: الإقلاب بالميم الخالصة والإخفاء {من بعد} {من بعد} وقد مضى في أحكام النون الساكنة والتنوين حكمه.
تاسعاً: {فكان كل فرق كالطود} فيها التفخيم والترقيق، {كل فرق} و{كل فرق}
قال الناظم: -
والخلف في فرق لكسر يوجد
وقال الشاطبي:
وخلفهم بفرق جرى بين المشايخ سلسلا
عاشراً: {مالك لا تأمنا على يوسف} فيها الإشمام مع الغنة، والروم بلاغنة، هكذا {مالك لا تأمنا} {لا تأمنا} (هذه) الإشمام مع الغنة.
الروم: {مالك لا تأمنا}.
قال خلف الحسيني في اتحافه:
وإشمام تأمنا لكل ورومه = وقد قيل بالإدغام محضاً ووهلا
الحادي عشر: {ألم نخلقكم من ماء مهين}، قرئ بالإدغام الخالص وإخفاء صفة القاف ومخرجها، وقرأ بالإدغام باستحضار صفة القاف هكذا: {ألم نخلقكم} هذا الإدغام الخالص، {ألم نخلقكم} باظهار تفخيم القاف دون قلقلتها.
قال الناظم:
والخلف بنخلقكم وقع
ويسمى عدم إظهار صفة القاف بالإدغام الكامل، وبإظهار صفة القاف بالإدغام الناقص.
الثاني عشر: {بئس الاسم الفسوق} بسورة الحجرات، إن أردنا البدء بما بعد بئس فإما أن نبدأ بالهمزة وإما أن نبدأ باللام بعد الهمزة نقول: {الاسم الفسوق} أو {الاسم الفسوق}
قال خلف الحسني في إتحافه:
وفي بئس الاسم ابدأ بأل أوبلامه = فقد صحح الوجهان في النشر للملا
الثالث عشر: الخلاف الذي ذكرناه في باب الراءات في الكلمات السبعة وهي: الفجر ويسر ومصر وقطر وبالنذر ونذر ونذيراً للبشر. وقد تقدم بيانها في الراءات، فهذه هي الكلمات التي جرى فيها الخلاف لحفص من روايتنا، أعني من طريق الحرز.
وإتماماً للفائدة إليك ما اختلف فيه حفص من روضة الحفاظ من طريق الطيبة، وروضة الحفاظ لابن المعدل فنقول وبالله التوفيق:
أولاً: يقصر حفص المنفصل فيقرأه حركتان، ويوسط المتصل أربع حركات فقط، ولا يقرأ بالخمس.
ثانياً: القراءة بالمد اللازم في {آلذكرين} و{آلآن} و{آلله} ولا يجوز التسهيل بحال.
ثالثاً: وجوب فتح الضاد في ضعف بالروم، ولا يجوز ضم الضاد بحال في الكلمات الثلاثة.
رابعاً: القراءة بالسين في قوله: {أم هم المسيطرون} بالطور ولا تجوز الصاد بحال.
خامساً: الإدغام الكامل في قوله: {نخلقكم} ولا يجوز إظهار صفة القاف بحال يعني: الإدغام الناقص.
سادساً: القراءة بالغنة مع الإشمام في {مالك لا تأمنا} ولا يجوز الروم بحال.
سابعاً: تفخيم راء فرق بالشعراء تقول: {فكان كل فرق} ولا يجوز الترقيق بحال.
ثامناً: الوقف على قوله {فما آتان} بالنون لا بالياء في سورة النمل، ولا تجوز الياء بحال.
تاسعاً: الوقف بلا ألف على سلاسل بسورة الإنسان تقول: {إنا أعتدنا للكافرين سلاسل} ولا تجوز الألف بحال.
عاشراً: عدم السكت على: عوجا ومرقدنا ومن راق وبل ران. فتقول {عوجاً قيما} {مرقدنا هذا} {وقيل من راق}، {كلا بل ران}، ولا يجوز السكت بحال.
الحادي عشر: القراءة بتوسط: عص، وعسق بمريم والشورى، ولا يجوز مدهما بحال. وقد نظم ذلك العلامة المتولي فقال:
حمدت إلهي مع صلاتي مسلماً = على المصطفى والآل والصحب والولا
وبعد فخذ ما جاء عن حفص عاصم = لدى روضة لابن المعدل تقبلا
فقصّر لمفصول ووسط لمتصل = وهمزة وصل منك آلان أبدلا
وبالفتح ضع في الروم والسين في المسـ = يطرون ونحلقكم فأدغم مكملا
وتأمنا بالإشمام فاقرأ مفخماً = بفرق وآتاني احذفن وسلاسلا
ولا سكت في عوجاً ومرقدنا ولا = ببل ران من راق وكن متأملا
وفيما عدا هذا الذي قد ذكرته = فكالحرز في كل الأمور روى الملا
ووسط لعين أولى شورى ومريم = وصل على المختار ختماً وأولا