38/773 - وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ)). رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ الْجَارُودِ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، وَابْنُ الْقَطَّانِ.
(وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ)؛ لأَنَّ فِيهِ مُسْلِمَ بْنَ خَالِدٍ الزَّنْجِيَّ، ذَاهِبُ الْحَدِيثِ، (وَأَبُو دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ الْجَارُودِ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَابْنُ الْقَطَّانِ).
الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ بِطُولِهِ، وَهُوَ: أَنَّ رَجُلاً اشْتَرَى غُلاماً فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ عِنْدَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ رَدَّهُ مِنْ عَيْبٍ وَجَدَهُ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَدِّهِ بِالْعَيْبِ، فَقَالَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ: قَد اسْتَعْمَلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ)).
وَالْخَرَاجُ: هُوَ الْغَلَّةُ وَالْكِرَاءُ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا كَانَ لَهُ دَخْلٌ وَغَلَّةٌ، فَإِنَّ مَالِكَ الرَّقَبَةِ الَّذِي هُوَ ضَامِنٌ لَهَا يَمْلِكُ خَرَاجَهَا لِضَمَانِ أَصْلِهَا، فَإِذَا ابْتَاعَ رَجُلٌ أَرْضاً فَاسْتَعْمَلَهَا، أَوْ مَاشِيَةً فَنَتَجَهَا، أَوْ دَابَّةً فَرَكِبَهَا، أَوْ عَبْداً فَاسْتَخْدَمَهُ، ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْباً، فَلَهُ أَنْ يَرُدَّه وَلا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا انْتَفَعَ بِهِ؛ لأَنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ مَا بَيْنَ مُدَّةِ الْفَسْخِ وَالْعَقْدِ لَكَانَتْ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْخَرَاجُ لَهُ.
وَقَد اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى ثَلاثَةِ أَقْوَالٍ:
الأَوَّلُ: لِلشَّافِعِيِّ، أَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ، وَمَا وُجِدَ مِن الْفَوَائِدِ الأَصْلِيَّةِ وَالْفَرْعِيَّةِ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي، وَيَرُدُّ الْمَبِيعَ مَا لَمْ يَكُنْ نَاقِصاً عَمَّا أَخَذَهُ.
الثَّانِي: لِلْهَادَوِيَّةِ، أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْفَوَائِدِ الأَصْلِيَّةِ وَالْفَرْعِيَّةِ، فَيَسْتَحِقُّ الْمُشْتَرِي الْفَرْعِيَّةَ، وَأَمَّا الأَصْلِيَّةُ فَتَصِيرُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ، فَإِذا رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِالْحُكْمِ وَجَبَ الرَّدُّ، وَيَضْمَنُ التَّالِفَ، وَإِنْ كَانَ بِالتَّرَاضِي لَمْ يَرُدَّهَا.
الثَّالِثُ: لِلْحَنَفِيَّةِ، أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَسْتَحِقُّ الْفَوَائِدَ الْفَرْعِيَّةَ كَالْكِرَاءِ، وَأَمَّا الْفَوَائِدُ الأَصْلِيَّةُ كَالثَّمَرِ، فَإِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً رَدَّهَا مَعَ الأَصْلِ، وَإِنْ كَانَتْ تَالِفَةً امْتَنَعَ الرَّدُّ، وَاسْتَحَقَّ الأَرْشَ.
الرَّابِعُ: لِمَالِكٍ، أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْفَوَائِدِ الأَصْلِيَّةِ؛ كَالصُّوفِ وَالشَّعْرِ، فَيَسْتَحِقُّهُ الْمُشْتَرِي، وَالْوَلَدُ برَدِّهِ مَعَ أُمِّهِ، وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ مُتَّصِلَةً بِالْمَبِيعِ وَقْتَ الرَّدِّ، فَإِنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً وَجَبَ الرَّدُّ لَهَا إجْمَاعاً، هَذَا مَا قَالَهُ الْمَذْكُورُونَ.
وَالْحَدِيثُ ظَاهِرٌ فِيمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَأَمَّا إذَا وَطِئَ الْمُشْتَرِي الأَمَةَ ثُمَّ وَجَدَ فِيهَا عَيْباً، فَقَد اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَت الْهَادَوِيَّةُ وَأَهْلُ الرَّأْيِ وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ: يَمْتَنِعُ الرَّدُّ؛ لأَنَّ الْوَطْءَ جِنَايَةٌ؛ لأَنَّهُ لا يَحِلُّ وَطْءُ الأَمَةِ لأَصْلِ الْمُشْتَرِي، وَلا لِفَصْلِهِ؛ فَقَدْ عَيَّبَهَا بِذَلِكَ، قَالُوا: وَكَذَا مُقَدِّمَاتُ الْوَطْءِ يَمْتَنِعُ الرَّدُّ بَعْدَهَا؛ لِذَلِكَ قَالُوا: وَلَكِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِأَرْشِ الْعَيْبِ، وَقِيلَ: يَرُدُّهَا وَيَرُدُّ مَعَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الثَّيِّبِ وَالْبِكْرِ.
وَقَد اسْتَوْفَى الْخَطَّابِيُّ ذَلِكَ، وَنَقَلَهُ الشَّارِحُ، وَالْكُلُّ أَقْوَالٌ عَارِيَّةٌ عَن الاسْتِدْلالِ. وَدَعْوَى أَنَّ الْوَطْءَ جِنَايَةٌ دَعْوَى غَيْرُ صَحِيحَةٍ، وَالتَّعْلِيلُ بِأَنَّهُ حَرَّمَهَا بِهِ عَلَى أُصُولِهِ وَفُصُولِهِ، فَكَانَتْ جِنَايَةَ عَلِيلٍ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْحَصِر الْمُشْتَرِي لَهَا فِيهِمَا.