دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب البيوع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17 محرم 1430هـ/13-01-2009م, 11:44 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب شروطه وما نهي عنه منه (28/34) [التدليس في البيع]


وعنْ أبي هُريرةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((لَا تَصُرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ، فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدُ فَإِنَّهُ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِبَهَا، إِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ)). مُتَّفَقٌ عليهِ.
ولمُسْلِمٍ: ((فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ)).
وفي روايَةٍ لهُ عَلَّقَها البخاريُّ: ((رَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ طَعَامٍ لَا سَمْرَاءَ)). قالَ البخاريُّ: والتَّمْرُ أَكثَرُ.
وعن ابنِ مسعودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: مَن اشْتَرَى شاةً مُحَفَّلَةً فَرَدَّهَا فَلْيَرُدَّ معَها صاعًا. رواهُ البخاريُّ.
وزادَ الإسماعيليُّ: مِنْ تَمْرٍ.

  #2  
قديم 17 محرم 1430هـ/13-01-2009م, 02:43 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


34/769 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لا تُصَرُّوا الإِبِلَ وَالْغَنَمَ، فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدُ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا، إنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعاً مِنْ تَمْرٍ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِمُسْلِمٍ: ((فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ))، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ عَلَّقَهَا الْبُخَارِيُّ: ((وَرَدَّهَا مَعَهَا صَاعاً مِنْ طَعَامٍ، لا سَمْرَاءَ))، قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَالتَّمْرُ أَكْثَرُ.
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا تُصَرُّوا) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ: مِنْ صَرَّى يُصَرِّي عَلَى الأَصَحِّ، (الإِبِلَ وَالْغَنَمَ، فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدُ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ): الرَّأْيَيْنِ، (بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا، إنْ شَاءَ أَمْسَكَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعاً): عَطْفٌ عَلَى ضَمِيرِ الْمَفْعُولِ فِي رَدَّهَا عَلَى تَقْدِيرِ: وَيُعْطِي.
(مِنْ تَمْرٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِمُسْلِمٍ)؛ أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: (فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ. وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ عَلَّقَهَا الْبُخَارِيُّ: وَرَدَّ مَعَهَا صَاعاً مِنْ طَعَامٍ، لا سَمْرَاءَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَالتَّمْرُ أَكْثَرُ).
أَصْلُ التَّصْرِيَةِ حَبْسُ الْمَاءِ، يُقَالُ: صَرَّيْتُ الْمَاءَ إذَا حَبَسْتَهُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هِيَ رَبْطُ أَخْلافِ النَّاقَةِ أوْ الشَّاةِ وَتَرْكُ حَلْبِهَا؛ حَتَّى يَجْتَمِعَ لَبَنُهَا، فَيَكْثُرَ، فَيَظُنُّ الْمُشْتَرِي أَنَّ ذَلِكَ عَادَتُهَا. وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْحَدِيثِ الْبَقَرَ، وَالْحُكْمُ وَاحِدٌ. والحَدِيثُ نَهَى عَن التَّصْرِيَةِ لِلْحَيَوَانِ إذَا أُرِيدَ بَيْعُهُ؛ لأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ تَقْيِيدُهُ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ بِلَفْظِ: ((وَلا تُصَرُّوا الإِبِلَ وَالْغَنَمَ لِلْبَيْعِ)).
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: ((إِذَا بَاعَ أَحَدُكُمُ الشَّاةَ أَو اللِّقْحَةَ فَلْيَحْلُبْهَا))، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ بِالتَّدْلِيسِ وَالْغَرَرِ، كَذَا قِيلَ، إلاَّ أَنِّي لَمْ أَرَ التَّعْلِيلَ بِهِمَا مَنْصُوصاً، وَأَمَّا التَّصْرِيَةُ لا لِلْبَيْعِ، بَلْ لِيَجْتَمِعَ الْحَلِيبُ لِنَفْعِ الْمَالِكِ، فَهُوَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ إيذَاءٌ لِلْحَيَوَانِ، إلاَّ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إضْرَارٌ فَيَجُوزُ.
وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لا يَثْبُتُ الْخِيَارُ إلاَّ بَعْدَ الْحَلْبِ، وَلَوْ ظَهَرَت التَّصْرِيَةُ بِغَيْرِ حَلْبٍ، فَالْخِيَارُ ثَابِتٌ، وَثُبُوتُ الْخِيَارِ قَاضٍ بِصِحَّةِ بَيْعِ الْمُصَرَّاةِ.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالتَّصْرِيَةِ فَوْرِيٌّ؛ لأَنَّ الْفَاءَ فِي قَوْلِهِ: ((فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ)) تَدُلُّ عَلَى التَّعْقِيبِ مِنْ غَيْرِ تَرَاخٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ، وَذَهَبَ الأَكْثَرُ إلَى أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ: ((فَلَهُ الْخِيَارُ)) ثَلاثاً.
وَأُجِيبَ مِنْ طَرَفِ الْقَائِلِ بِالْفَوْرِ أَنَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا مُصَرَّاةٌ إلاَّ فِي الثَّالِثِ؛ لأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهَا لا تُعْلَمُ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ؛ لِجَوَازِ النُّقْصَانِ بِاخْتِلافِ الْعَلَفِ وَنَحْوِهِ، وَلأَنَّ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَالطَّحَاوِيِّ: ((فَهُوَ بِأَحَدِ النَّظَرَيْنِ بِالْخِيَارِ إلَى أَنْ يَحُوزَهَا أَوْ يَرُدَّهَا)).
وَأَمَّا ابْتِدَاءُ الثَّلاثِ فَفِيهِ خِلافٌ، قِيلَ: مِنْ بَعْدِ تَبَيُّنِ التَّصْرِيَةِ، وَقِيلَ: مِنْ عِنْدِ الْعَقْدِ، وَقِيلَ: مِن التَّفَرُّقِ.
وَدَلَّ الْحَدِيثُ أَنَّهُ يَرُدُّ عِوَضَ اللَّبَنِ صَاعاً مِنْ تَمْرٍ، وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الَّتِي عَلَّقَهَا الْبُخَارِيُّ بِذِكْرِ: ((صَاعاً مِنْ طَعَامٍ))؛ فَقَدْ رَجَّحَ الْبُخَارِيُّ رِوَايَةَ التَّمْرِ؛ لِكَوْنِهِ أَكْثَرَ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ يَرُدُّ الْمُشْتَرِي صَاعاً مِنْ تَمْرٍ، فَفِي الْمَسْأَلَةِ ثَلاثَةُ أقوالٍ:
الأَوَّلُ: لِلْجُمْهُورِ مِن الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، بِإِثْبَاتِ الرَّدِّ لِلْمُصَرَّاةِ وَرَدِّ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، سَوَاءٌ كَانَ اللَّبَنُ كَثِيراً أَوْ قَلِيلاً، وَالتَّمْرُ قُوتاً لأَهْلِ الْبَلَدِ أَوْ لا.
وَالثَّانِي: لِلْهَادَوِيَّةِ، فَقَالُوا: تُرَدُّ الْمُصَرَّاةُ، وَلَكِنَّهُمْ قَالُوا بِرَدِّ اللَّبَنِ بِعَيْنِهِ إنْ كَانَ بَاقِياً، أَوْ مِثْلِهِ إنْ كَانَ تَالِفاً، أَوْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الرَّدِّ حَيْثُ لَمْ يُوجَد الْمِثْلُ، قَالُوا: وَذَلِكَ لأَنَّهُ تَقَرَّرَ أَنَّ ضَمَانَ الْمُتْلَفِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا فَبِالْمِثْلِ، وَإِنْ كَانَ قِيمِيًّا فَبِالْقِيمَةِ، وَاللَّبَنُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا ضُمِنَ بِمِثْلِهِ، وَإِنْ كَانَ قِيمِيًّا قُوِّمَ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ وَضُمِنَ بِذَلِكَ، فَكَيْفَ يُضْمَنُ بِالتَّمْرِ أَو الطَّعَامِ؟ قَالُوا: وَأَيْضاً، فَإِنَّهُ كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَخْتَلِفَ الضَّمَانُ بِقَدْرِ اللَّبَنِ وَلا يُقَدَّرُ بِصَاعٍ أقَلَّ أَوْ كَثُرَ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا الْقِيَاسَ تَضَمَّنَ الْعُمُومَ فِي جَمِيعِ الْمُتْلَفَاتِ، وَهَذَا خَاصٌّ وَرَدَ بِهِ النَّصُّ، وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ. أَمَّا تَقْدِيرُ الصَّاعِ؛ فَإِنَّهُ قَدَّرَهُ الشَّارِعُ لِيَدْفَعَ التَّشَاجُرَ؛ لِعَدَمِ الْوُقُوفِ عَلَى حَقِيقَةِ قَدْرِ اللَّبَنِ؛ لِجَوَازِ اخْتِلاطِهِ بِحَادِثٍ بَعْدَ الْبَيْعِ، فَقَطَعَ الشَّارِعُ النِّزَاعَ وَقَدَّرَهُ بِحَدٍّ لا يَبْعُدُ؛ رَفْعاً لِلْخُصُومَةِ، وَقَدَّرَهُ بِأَقْرَبَ شَيْءٍ إلَى اللَّبَنِ؛ فَإِنَّهُمَا كَانَا قُوتاً فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ. وَلِهَذَا الْحُكْمِ نَظَائِرُ فِي الشَّرِيعَةِ، وَهُوَ ضَمَانُ الْجِنَايَاتِ كَالْمُوضِحَةِ؛ فَإِنَّ أَرْشَهَا مُقَدَّرٌ مَعَ الاخْتِلافِ فِي الْكِبَرِ وَالصِّغَرِ وَالْغُرَّةِ فِي الْجَنِينِ مَعَ اخْتِلافِهِ، وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ دَفْعُ التَّشَاجُرِ.
وَالثَّالِثُ: لِلْحَنَفِيَّةِ، فَخَالَفُوا فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَقَالُوا: لا يُرَدُّ الْمَبِيعُ بِعَيْبِ التَّصْرِيَةِ، فَلا يَجِبُ رَدُّ الصَّاعِ مِن التَّمْرِ، وَاعْتَذَرُوا عَن الْحَدِيثِ بِأَعْذَارٍ كَثِيرَةٍ: بِالْقَدْحِ فِي الصَّحَابِيِّ الرَّاوِي لِلْحَدِيثِ، وَبِأَنَّهُ حَدِيثٌ مُضْطَرِبٌ، وَبِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَبِأَنَّهُ مُعَارَضٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ}، وَكُلُّهَا أَعْذَارٌ مَرْدُودَةٌ، وَقَالُوا: الْحَدِيثُ خَالَفَ قِيَاسَ الأُصُولِ مِنْ جِهَاتٍ:
الأُولَى: مِنْ حَيْثُ إِنَّ اللَّبَنَ التَّالِفَ إنْ كَانَ مَوْجُوداً عِنْدَ الْعَقْدِ فهو نَقْصُ جُزْءٍ مِن الْمَبِيعِ، فَيَمْتَنِعُ الرَّدُّ، وَإِنْ كَانَ حَادِثاً عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَهُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ.
وَأُجِيبَ أَوَّلاً: بِأَنَّ الْحَدِيثَ أَصْلٌ مُسْتَقِلٌّ بِرَأْسِهِ، لا يُقَالُ إنَّهُ: خَالَفَ قِيَاسَ الأُصُولِ. وَثَانِياً: بِأَنَّ النَّقْصَ إنَّمَا يَمْنَعُ الرَّدَّ إذَا لَمْ يَكُنْ لاسْتِعْلامِ الْعَيْبِ، وَهُوَ هُنَا لاسْتِعْلامِ الْعَيْبِ، فَلا يُمْنَعُ.
وَالثَّانِيَةُ: مِنْ حَيْثُ إنَّهُ جَعَلَ الْخِيَارَ فِيهِ ثَلاثاً، مَعَ أَنَّ خِيَارَ الْعَيْبِ وَخِيَارَ الْمَجْلِسِ وَخِيَارَ الرُّؤْيَةِ لا يُقَدَّرُ شَيْءٌ مِنْهَا بِالثَّلاثِ.
وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الْمُصَرَّاةَ انْفَرَدَتْ بِالْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لأَنَّهُ لا يَتَبَيَّنُ حُكْمُ التَّصْرِيَةِ فِي الأَغْلَبِ إلاَّ بِهَا بِخِلافِ غَيْرِهَا.
وَالثَّالِثَةُ: مِنْ حَيْثُ المَغْصوبُ أَنَّهُ يَلْزَمُ ضَمَانُ الأَعْيَانِ مَعَ بَقَائِهَا حَيْثُ كَانَ اللَّبَنُ مَوْجُوداً.
وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَوْجُودٍ مُتَمَيِّزٍ؛ لأَنَّهُ مُخْتَلِطٌ بِاللَّبَنِ الْحَادِثِ؛ فَقَدْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ بِعَيْنِهِ بِسَبَبِ الاخْتِلاطِ، فَيَكُونُ مِثْلَ ضَمَانِ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ الآبِقِ.
وَالرَّابِعَةُ: إنَّهُ يَلْزَمُ إثْبَاتُ الرَّدِّ بِغَيْرِ عَيْبٍ؛ لأَنَّهُ لَوْ كَانَ نُقْصَانُ اللَّبَنِ عَيْباً لَثَبَتَ بِهِ الرَّدُّ مِنْ دُونِ تَصْرِيَةٍ وَلا اشْتِرَاطٍ؛ لأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِط الرَّدَّ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ فِي حُكْمِ خِيَارِ الشَّرْطِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى؛ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمَّا رَأَى ضَرْعَهَا مَمْلُوءاً فَكَأَنَّ الْبَائِعَ شَرَطَ لَهُ أَنَّ ذَلِكَ عَادَةٌ لَهَا.
وَقَدْ ثَبَتَ لِهَذَا نَظَائِرُ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ فِي تَلَقِّي الْجَلُوبَةِ. وَإِذَا تَقَرَّرَ عِنْدَكَ ضَعْفُ الْقَوْلَيْنِ الآخَرَيْنِ عَلِمْتَ أَنَّ الْحَقَّ هُوَ الأَوَّلُ، وَعَرَفْتَ أَنَّ الْحَدِيثَ أَصْلٌ فِي النَّهْيِ عَن الْغِشِّ، وَفِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِمَنْ دَلَّسَ عَلَيْهِ، وَفِي أَنَّ التَّدْلِيسَ لا يُفْسِدُ أَصْلَ الْعَقْدِ، وَفِي تَحْرِيمِ التَّصْرِيَةِ لِلْمَبِيعِ، وَثُبُوتِ الْخِيَارِ بِهَا.
وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعاً: ((بَيْعُ الْمُحَفَّلاتِ خِلابَةٌ، وَلا تَحِلُّ الْخِلابَةُ لِمُسْلِمٍ)). وَفِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مَرْفوعاً بِسَنَدٍ صَحِيحٍ. وَالْمُحَفَّلاتُ: جَمْعُ مُحَفَّلَةٍ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ؛ الَّتِي تَجْمَعُ لَبَنَهَا فِي ضُرُوعِهَا. وَالْخِلابَةُ: بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ اللاَّمِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ؛ الْخِدَاعُ.


35/770 - وَعَن ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: مَن اشْتَرَى شَاةً مُحَفَّلَةً فَرَدَّهَا فَلْيَرُدَّ مَعَهَا صَاعاً. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَزَادَ الإِسْمَاعِيلِيُّ: مِنْ تَمْرٍ.
(وَعَن ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: مَن اشْتَرَى شَاةً مُحَفَّلَةً فَرَدَّهَا فَلْيَرُدَّ مَعَهَا صَاعاً. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَزَادَ الإِسْمَاعِيلِيُّ: مِنْ تَمْرٍ).
لَمْ يَرْفَعْهُ الْمُصَنِّفُ، بَلْ وَقَفَهُ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ؛ لأَنَّ الْبُخَارِيَّ لَمْ يَرْفَعْهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلامُ عَلَى مَعْنَاهُ مُسْتَوْفًى.

  #3  
قديم 17 محرم 1430هـ/13-01-2009م, 02:43 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


693- وعن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: ((لا تُصَرُّوا الإِبِلَ وَالْغَنَمَ، فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدُ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا، إِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وصَاعاً مِنْ تَمْرٍ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ولمُسلمٍ: ((فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ)).
وفي رِوايةٍ له عَلَّقَها الْبُخَارِيُّ: ((وَرَدَّ مَعَهَا صَاعاً مِنْ طَعَامٍ، لاَ سَمْرَاءَ)) قالَ الْبُخَارِيُّ: والتَّمْرُ أكْثَرُ.

مُفْرَداتُ الحديثِ:
-لا تُصَرُّوا الإِبِلَ: بضَمِّ المُثنَّاةِ الفَوقيَّةِ وفتحِ الصادِ المُهمَلَةِ وتشديدِ الراءِ المَضْمُومَةِ، مَأْخوذٌ مِن التَّصْرِيَةِ، يُقالُ: صَرَّى يُصَرِّي اللَّبَنَ في ضَرْعِها، ومَعْناهُ يَرْجِعُ إلى الجمعِ، والمُصَرَّاةُ اسْمُ مَفْعولٍ، هي التي تُرْبَطُ أخلافُها؛ ليَجْتَمِعَ لَبَنُها للتدليسِ على المُشْترِي، قالَ ابْنُ دَقِيقِ العِيدِ: لَمْ تَأْتِ رِوَايَةٌ بحَذْفِ الوَاوِ من تُصَرُّوا، قالَ الْبُخَارِيُّ: أصْلُ التَّصْرِيَةِ حَبْسُ اللَّبَنِ في الضَّرْعِ لذَوَاتِ الظِّلْفِ.
-فمَنِ ابْتَاعَهَا؛ أي: مَنِ اشْتَرَى المُصَرَّاةَ، فالبَيْعُ والشِّراءُ يُطْلَقُ أحَدُهما على الآخَرِ، والغَالِبُ أنَّ البائِعَ بَاذِلٌ السِّلْعَةَ، والمُشْتَرِيَ بَاذِلٌ الثَّمَنَ.
-فَهُوَ بخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: يُقالُ: نَظَرَ في الأمْرِ يَنْظُرُ نَظَراً: تَدَبَّرَهُ وفَكَّرَ فيه؛ ليَخْتَارَ بينَ الإمساكِ أو الردِّ، فإنْ شاءَ أَمْسكَها، وإنْ شاءَ رَدَّهَا.
-بَعْدَ أنْ يَحْلُبَها: ورُوِيَ بكَسْرِ ( إنْ ) فتَكُونُ شَرْطِيَّةً، ويَحْلُبْها مَجْزُومٌ، وحَلَبَ يَحْلُبُ حَلْباً مِن بَابِ قَتَلَ.
-بعدُ: قالَ الكِرْمَانِيُّ: بعدَ هذا النَّهْيِ، أو بَعْدَ صَرِّ البائِعِ، والثاني أَوْجَهُ.
-صاعاً مِن تَمْرٍ: المرادُ به الصاعُ النَّبَوِيُّ، وقَدْرُهُ بالمَوازِينِ الحَاضِرَةِ هو ( 3000 ) غراماً من البُرِّ الجَيِّدِ.
وصاعاً مِن تَمْرٍ: مَنْصوبٌ بفِعْلٍ مُقَدَّرٍ، تَقديرُهُ: ورَدَّ معَها صَاعَ تَمْرٍ.
-لا سَمْرَاءَ: بفتحٍ فسُكونٍ، هي قَمْحٌ مَخْصوصٌ، فهي الحِنْطَةُ الشامِيَّةُ، قالَ العِينِيُّ: وكانَتْ أغْلَى ثَمَناً مِن البُرِّ الحِجَازِيِّ، وقالَ ابْنُ الأَثِيرِ في ( النِّهايَةِ ): السَّمْرَاءُ هي الحِنْطَةُ، ومعنَى نَفْيِها؛ أي: لا يَلْزَمُ أنْ يُعْطِيَ الحِنْطَةَ؛ لأنَّها أغْلَى من التَّمْرِ بالحِجازِ.

694- وعَنِ ابنِ مَسْعودٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ قالَ: مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُحَفَّلَةً فَرَدَّهَا، فَلْيَرُدَّ مَعَهَا صَاعاً. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وزادَ الإسماعيليُّ: مِن تَمْرٍ.

مُفْرَداتُ الحديثِ:
-مُحَفَّلَةً: بضَمِّ الميمِ وفَتْحِ الحاءِ المُهمَلَةِ وتَشْديدِ الفاءِ المُوحَّدَةِ، يُقالُ: حَفَلَ اللَّبَنُ في الضَّرْعِ: اجْتَمَعَ.

ما يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثَيْنِ:
1-الإسلامُ يُرِيدُ بِناءَ المُعاملاتِ على الصِّدْقِ والأَمَانَةِ والنُّصْحِ، ويَنْهَى عن الخِدَاعِ والتَّغْريرِ والتدليسِ؛ لِمَا يَجُرُّهُ مِن غَشٍّ يَتَرَتَّبُ عليهِ العَداوةُ والبَغْضاءُ، وأكْلِ أموالِ النَّاسِ بالبَاطِلِ.
2-نَهَى في هذَيْنِ الحديثَيْنِ عن التَّدْليسِ، وذلك بتَرْكِ اللَّبَنِ في ضُروعِ بَهِيمَةِ الأنعامِ عندَ إرادةِ بَيْعِها، حتى يَجْتَمِعَ، فيَظُنَّهُ المُشْترِي عَادَةً لها، فيَشْتَرِيَها بما لا تَسْتَحِقُّهُ مِن ثَمَنٍ، ويَكُونَ البَائِعُ قَدْ غَشَّ المُشْتَرِي وظَلَمَهُ.
3-النَّهْيُ يَقْتَضِي التحريمَ؛ لأنَّهُ أكْلٌ لأموالِ الناسِ بالبَاطِلِ.
4-البَيْعُ صَحِيحٌ؛ لقولِهِ: ((إِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا)) ولكنْ له الخيارُ بينَ الإمساكِ والردِّ إذا عَلِمَ بالتَّصْرِيَةِ، سَواءٌ عَلِمَهُ قَبْلَ الحَلْبِ أو بعدَهُ.
5-إنْ أَمْسَكَها فهو بثَمَنِها الذي عليهِ العَقْدُ، وإنْ رَدَّها رَدَّ معَها صاعاً مِن تَمْرٍ بَدَلاً مِن اللَّبَنِ الذي اشْتُرِيَتْ وهو في ضَرْعِها، إذا حَلَبَها المُشْتَرِي، أمَّا اللَّبَنُ الحَادِثُ بعدَ حَلْبِهِ التَّصْرِيَةَ فلا يَرُدُّ عنه شَيْئاً؛ لأنَّ الخَرَاجَ بالضَّمَانِ.
6-يُفِيدُ الحديثُ أنَّ كُلَّ بَيْعٍ فيهِ التدليسُ فهو مُحَرَّمٌ، وأنَّ المُدَلِّسَ عليهِ بالخيارِ.
7-مُدَّةُ خِيارِ المُشْتَرِي بالرَدِّ أو الإمساكِ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ مُنْذُ عَلِمَ بالتَّصْرِيَةِ.
8-أمَّا البَائِعُ فالعَقْدُ لازِمٌ في جَانِبِهِ؛ لأنَّهُ لا يُوجَدُ مِن قِبَلِهِ ما يُفْسِدُ العَقْدَ ويُوجِبُ الرَّدَّ.

خِلافُ العُلماءِ:
ذهَبَ جُمهورُ العلماءِ، ومنهم الأَئِمَّةُ الثلاثةُ، إلى رَدِّ صَاعٍ من تَمْرٍ عن لَبَنِ المُصَرَّاةِ عندَ رَدِّها إلى البائِعِ لحديثِ البَابِ.
وذهَبَ أبو حَنِيفَةَ وأتْبَاعُهُ إلى أنْ يَرُدَّها، ولا يُرُدَّ معَها شَيْئاً، واللَّبَنُ للمُشْتَرِي بَدَلَ عَلَفِها، واعْتَذُروا عن الأَخْذِ بالحديثِ بأنَّهُ مُخالِفٌ لقِياسِ الأُصولِ، وهو أنَّ اللَّبَنَ مِثْلِيٌّ، فيَقْتَضِي الضَّمَانَ بمِثْلِهِ.
والجوابُ أنَّ خَبَرَ الشارِعِ الثَّابِتَ هو الأَصْلُ الذي يَجِبُ الرُّجوعُ إليهِ.
قالَ الخَطَّابِيُّ: الحديثُ إذا صَحَّ وثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، فلَيْسَ إِلاَّ التسليمُ له، وكُلُّ حَدِيثٍ أصْلٌ برَأْسِهِ، ومُعْتَبَرٌ بحُكْمِهِ في نَفْسِهِ، فلا يَجُوزُ أَنْ يُعْتَرَضَ عَلَيْهِ بسَائِرِ الأُصولِ المُخالِفَةِ، أو يُتَذَرَّعَ إلى إِبْطالِهِ بعَدَمِ النَّظيرِ له، وقِلَّةِ الأَشْباهِ في نَوْعِهِ.
والأُصُولُ إنَّما صَارَتْ أُصولاً لمَجِيءِ الشَّريعةِ بها، وليسَ تَرْكُ الحَديثِ بسَائِرِ الأُصولِ بأَوْلَى مِن تَرْكِها له.
قالَ ابْنُ عبدِ البَرِّ: هذا الحديثُ مُجْمَعٌ على صِحَّتِهِ، واعْتَلَّ مَن لم يَأْخُذْ بهِ بأشياءَ لا حَقِيقَةَ لها.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, شروطه

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:10 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir