دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب البيوع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17 محرم 1430هـ/13-01-2009م, 11:29 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب شروطه وما نهي عنه منه (22/34) [صور من البيع المنهي عنه]


وعنْ جابرِ بنِ عبدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما، أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عن الْمُحَاقَلَةِ والْمُزَابَنَةِ والْمُخَابَرَةِ، وعن الثُّنْيَا إلَّا أنْ تُعْلَمَ. رواهُ الخمسةُ إلَّا ابنَ مَاجَهْ، وصَحَّحَهُ التِّرمذيُّ.
وعنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: نَهَى رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الْمُحَاقَلَةِ والْمُخَاضَرَةِ والْمُلامَسَةِ والْمُنَابَذَةِ والْمُزَابَنَةِ. رواهُ البخاريُّ.

  #2  
قديم 17 محرم 1430هـ/13-01-2009م, 02:33 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


25/760 - وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَن الْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ، وَالْمُخَابَرَةِ، وَعَن الثُّنْيَا، إلاَّ أَنْ تُعْلَمَ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلاَّ ابْنَ مَاجَهْ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
(وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَن الْمُحَاقَلَةِ): مُفَاعَلَةٌ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْقَافِ، (وَالْمُزَابَنَةِ): بِزِنَتِهَا، بِالزَّايِ، بَعْدَ الأَلِفِ مُوَحَّدَةٌ فَنُونٌ، (وَالْمُخَابَرَةِ): بِزِنَتِهَا، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ فَأَلِفٍ فَمُوَحَّدَةٍ فَرَاءٍ، (وَعَن الثُّنْيَا): بِالْمُثَلَّثَةِ مَضْمُومَةً، فَنُونٍ مَفْتُوحَةٍ، فَمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ بِزِنَةِ ثُرَيَّا، الاسْتِثْنَاءُ، (إِلاَّ أَنْ تُعْلَمَ): عَائِدٌ إلَى الأَخِيرِ، (رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلاَّ ابْنَ مَاجَهْ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ).
اشْتَمَلَ الْحَدِيثُ عَلَى أَرْبَعِ صُوَرٍ نَهَى الشَّارِعُ عَنْهَا:
الأُولَى: الْمُحَاقَلَةُ، وَفَسَّرَهَا جَابِرٌ رَاوِي الْحَدِيثِ بِأَنَّهَا بَيْعُ الرَّجُلِ مِن الرَّجُلِ الزَّرْعَ بِمِائَةِ فَرَقٍ مِن الْحِنْطَةِ، وَفَسَّرَهَا أَبُو عُبَيْدٍ بِأَنَّهَا بَيْعُ الطَّعَامِ فِي سُنْبُلِهِ.
وَفَسَّرَهَا مَالِكٌ بِأَنْ تُكْرَى الأَرْضُ بِبَعْضِ مَا تُنْبِتُ. وَهَذِهِ هِيَ الْمُخَابَرَةُ، وَيُبْعِدُ هَذَا التَّفْسِيرَ عَطْفُهَا عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَبِأَنَّ الصَّحَابِيَّ أَعْرَفُ بِتَفْسِيرِ مَا رَوَى، وَقَدْ فَسَّرَهَا جَابِرٌ بِمَا عَرَفَ، كَمَا أَخْرَجَهُ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ.
وَالثَّانِيَةُ: الْمُزَابَنَةُ، مَأْخُوذَةٌ مِن الزَّبْنِ؛ بِفَتْحِ الزَّايِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ، وَهُوَ الدَّفْعُ الشَّدِيدُ، كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِن الْمُتَبَايِعَيْنِ يَدْفَعُ الآخَرَ عَنْ حَقِّهِ. وَفَسَّرَهَا ابْنُ عُمَرَ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ بِبَيْعِ التَّمْرِ؛ أَيْ رُطَباً، بِالتَّمْرِ مَكِيلاً، وَبَيْعِ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ كَيْلاً، وَأَخْرَجَهُ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ فِي الأُمِّ، وَقَالَ: تَفْسِيرُ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ فِي الأَحَادِيثِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْصُوصاً، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ رِوايَةِ مَنْ رَوَاهُ، وَالْعِلَّةُ فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ هُوَ الرِّبَا؛ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالتَّسَاوِي.
وَالثَّالِثَةُ: الْمُخَابَرَةُ، وَهِيَ مِن الْمُزَارَعَةِ، وَهِيَ الْمُعَامَلَةُ عَلَى الأَرْضِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِن الزَّرْعِ، وَيَأْتِي الْكَلامُ عَلَيْهَا فِي الْمُزَارَعَةِ.
وَالرَّابِعَةُ: الثُّنْيَا؛ فَإِنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهَا إلاَّ أَنْ تُعْلَمَ، صُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَ شَيْئاً وَيَسْتَثْنِيَ بَعْضَهُ، وَلَكِنَّهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْبَعْضُ مَعْلُوماً صَحَّتْ؛ نَحْوُ أَنْ يَبِيعَ أَشْجَاراً أَوْ أَعْنَاباً وَيَسْتَثْنِيَ وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً، فَإِنَّ ذَلِكَ يَصِحُّ اتِّفَاقاً، قَالُوا: لَوْ قَالَ إلاَّ بَعْضَهَا، فَلا يَصِحُّ؛ لأَنَّ الاسْتِثْنَاءَ مَجْهُولٌ.
وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ إذَا عُلِمَ الْقَدْرُ الْمُسْتَثْنَى صَحَّ مُطْلَقاً. وَقِيلَ: لا يَصِحُّ أَنْ يُسْتَثْنَى مَا يَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ. هَذَا، وَالْوَجْهُ فِي النَّهْيِ عَن الثُّنْيَا هُوَ الْجَهَالَةُ، وَمَا كَانَ مَعْلُوماً فَقَد انْتَفَت الْعِلَّةُ، فَخَرَجَ عَنْ حُكْمِ النَّهْيِ. وَقَدْ نَبَّهَ النَّصُّ عَن الْعِلَّةِ بِقَوْلِهِ: " إلاَّ أَنْ تُعْلَمَ ".
26/761 - وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن الْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُخَاضَرَةِ، وَالْمُلامَسَةِ، وَالْمُنَابَذَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
(وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُخَاضَرَةِ) بِالْخَاءِ وَالضَّادِ مُعْجَمَتَيْنِ: مُفَاعَلَةٌ مِن الْخُضْرَةِ، (وَالْمُلامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ): بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، (وَالْمُزَابَنَةِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).
اشْتَمَلَ الْحَدِيثُ عَلَى خَمْسِ صُوَرٍ مِنْ صُوَرِ الْبَيْعِ مَنْهِيٍّ عَنْهَا:
الأُولَى: الْمُحَاقَلَةُ، وَتَقَدَّمَ الْكَلامُ فِيهَا.
وَالثَّانِيَةُ: الْمُخَاضَرَةُ، وَهِيَ بَيْعُ الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاحُهَا.
وَقَد اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مِن الثِّمَارِ وَالزَّرْعِ، فَقَالَ طَائِفَةٌ: إذَا كَانَ قَدْ بَلَغَ حَدًّا يُنْتَفَعُ بِهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَدْ أَخَذَ الثَّمَرُ أَلْوَانَهُ، وَاشْتَدَّ الْحَبُّ، صَحَّ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ.
وَأَمَّا إذَا شُرِطَ الْبَقَاءُ فَلا يَصِحُّ اتِّفَاقاً؛ لأَنَّهُ شُغْلٌ لِمِلْكِ الْبَائِعِ، أَوْ لأَنَّهُ صَفْقَتَانِ فِي صَفْقَةٍ، وَهُوَ إعَارَةٌ أَوْ إجَارَةٌ وَبَيْعٌ.
وَأَمَّا إذَا بَلَغَ حَدَّ الصَّلاحِ فَاشْتَدَّ الْحَبُّ وَبلَغَ الثَّمَرُ أَلْوَانَهُ، فَبَيْعُهُ صَحِيحٌ وِفَاقاً، إلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُشْتَرِي بَقَاءَهُ، فَقِيلَ: لا يَصِحُّ الْبَيْعُ، وَقِيلَ: يَصِحُّ، وَقِيلَ: إنْ كَانَت الْمُدَّةُ مَعْلُومَةً صَحَّ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَعْلُومَةٍ لَمْ يَصِحَّ، فَلَوْ كَانَ قَدْ صَلَحَ بَعْضٌ مِنْهُ دُونَ بَعْضٍ فَبَيْعُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ. وَلِلْحَنَفِيَّةِ تَفَاصِيلُ لَيْسَ عَلَيْهَا دَلِيلٌ.
وَالثَّالِثَةُ: الْمُلامَسَةُ، وَبَيَّنَهَا مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَن الزُّهْرِيِّ، أَنَّهَا لَمْسُ الرَّجُلِ الثَّوْبَ بِيَدِهِ بِاللَّيْلِ أَو النَّهَارِ. وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: هِيَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: أَبِيعُكَ ثَوْبِي بِثَوْبِكَ، وَلا يَنْظُرُ أَحَدٌ مِنْهُمَا إلَى ثَوْبِ الآخَرِ، وَلَكِنَّهُ يَلْمِسُهُ لَمْساً.
وأَخْرَجَ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ: الْمُلامَسَةُ أَنْ يَلْمِسَ الثَّوْبَ بِيَدِهِ وَلا يَنْشُرَهُ وَلا يُقَلِّبَهُ، إذَا مَسَّهُ وَجَبَ الْبَيْعُ. وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: هيَ أَنْ يَلْمِسَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَوْبَ صَاحِبِهِ مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ.
وَالرَّابِعَةُ: الْمُنَابَذَةُ، فَسَّرَهَا مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ عَن الزُّهْرِيِّ: الْمُنَابَذَةُ أَنْ يَقُولَ: أَلْقِ إلَيَّ مَا مَعَكَ، وَأُلْقِي إلَيْكَ مَا مَعِي. وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنْ يَقُولَ: أَنْبِذُ مَا مَعِي وَتَنْبِذُ مَا مَعَكَ، وَيَشْتَرِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِن الآخَرِ، وَلا يَدْرِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمْ مَعَ الآخَرِ.
وَأَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ: الْمُنَابَذَةُ أَنْ يَقُولَ: إذَا نَبَذْتَ هَذَا الثَّوْبَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ.
وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: الْمُنَابَذَةُ أَنْ يَنْبِذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَوْبَهُ إلَى الآخَرِ، لَمْ يَنْظُرْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى ثَوْبِ صَاحِبِهِ. وَعَلِمْتَ مِنْ قَوْلِهِ: فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ، أَنَّ بَيْعَ الْمُلامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ جُعِلَ فِيهِ نَفْسُ اللَّمْسِ وَالنَّبْذِ بَيْعاً بِغَيْرِ صِيغَتِهِ. وَظَاهِرُ النَّهْيِ التَّحْرِيمُ، وَلِلْفُقَهَاءِ تَفَاصِيلُ فِي هَذَا لا تَلِيقُ بِهَذَا الْمُخْتَصَرِ.
فَائِدَةٌ:
اسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ: لا يَنْظُرُ إلَيْهِ، أَنَّهُ لا يَصِحُّ بَيْعُ الْغَائِبِ. وَلِلْعُلَمَاءِ فيهِ ثَلاثَةُ أَقْوَالٍ:
الأَوَّلُ: لا يَصِحُّ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ.
وَالثَّانِي: يَصِحُّ، وَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ إذَا رَآهُ، وَهُوَ لِلْهَادَوِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ.
وَالثَّالِثُ: إنْ وَصَفَهُ صَحَّ، وَإِلاَّ فَلا، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَآخَرِينَ. وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى بُطْلانِ بَيْعِ الأَعْمَى، وَفِيهِ أَيْضاً ثَلاثَةُ أَقْوَالٍ:
الأَوَّلُ: بُطْلانُهُ، وَهُوَ قَوْلُ مُعْظَمِ الشَّافِعِيَّةِ، حَتَّى مَنْ أَجَازَ مِنْهُمْ بَيْعَ الْغَائِبِ؛ لِكَوْنِ الأَعْمَى لا يَرَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ.
وَالثَّانِي: يَصِحُّ إنْ وَصَفَهُ لَهُ.
وَالثَّالِثُ: يَصِحُّ مُطْلَقاً، وَهُوَ لِلْهَادَوِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ.

  #3  
قديم 17 محرم 1430هـ/13-01-2009م, 02:35 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


684- وعن جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ، أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ نَهَى عَنْ المُحَاقَلَةِ والمُزَابَنَةِ وَالْمُخَابَرَةِ، وعَنِ الثُّنْيَا إِلاَّ أَنْ تُعْلَمَ. رَوَاهُ الخَمْسَةُ إِلاَّ ابنَ مَاجَهْ، وصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.

درجةُ الحديثِ:
الحديثُ صَحِيحٌ.
أخْرَجَ له الشَّافِعِيُّ من طَرِيقِ ابنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابنِ جُرَيْجٍ، عن عَطَاءٍ، عن جَابِرٍ. وعن الشَّافِعِيِّ رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ والبَيْهَقِيُّ.
والحديثُ أصْلُهُ في مُسْلِمٍ، وصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وابنُ حِبَّانَ، وحَسَّنَهُ النَّوَوِيُّ في المَجموعِ.
قالَ الألْبَانِيُّ: إسنادُهُ صَحِيحٌ على شَرْطِ الشيخَيْنِ، ولو عَنْعَنَهُ ابنُ جُرَيْجٍ.

مُفْرَداتُ الحديثِ:
-المُحَاقَلَةِ: بالحاءِ المُهمَلَةِ والقافِ، مَأْخُوذَةٌ من الحَقْلِ وهو الزَّرْعُ، والمُحاقَلَةُ: هي أنْ يَبِيعَ الحَبَّ المُشْتَدَّ في سُنْبُلِهِ بحَبٍّ من جِنْسِهِ.
-المُزَابَنَةِ: الزَّبْنُ لُغَةً: الدَّفْعُ بشِدَّةٍ، ومنه الحَرْبُ الزَّبُونُ، والمُزَابَنَةُ شَرْعاً هي: شِرَاءُ الرُّطَبِ في رُؤُوسِ النَّخْلِ بالتَّمْرِ، سُمِّيَتْ بذلك لِمَا يَكْثُرُ فيها من الخِصَامِ بينَ المُتابعَيْنِ.
-المُخَابَرَةِ: مُشْتَقَّةٌ من الخُبَارِ بفتحِ الخَاءِ، وهي الأرْضُ اللِّيِّنَةُ، وهي المُزَارَعَةُ، وصِفَةُ المُخابَرَةِ المَنْهِيُّ عنها: هو أنْ يُعْطِيَ ربُّ الأرضِ أرْضَهُ للمُزارِعِ، فيَحْرُثَها ويَعْمَلَ عليها بجُزْءٍ مُعَيَّنٍ مِن الزَّرْعِ، كالذي على الجداولِ والسَّواقِي، أو بُقْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ.
تَنْبِيهٌ: كلٌّ مِن المُحاقَلَةِ، والمُزَابَنَةِ، والمُخابَرَةِ، والمُلامَسَةِ، والمُنابَذَةِ، على وَزْنِ مُفَاعَلَةٍ.
-الثُّنْيَا: بالمُثَلَّثَةِ المَضْمُومَةِ فنُونٍ سَاكِنَةٍ فمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ آخِرَ الحُروفِ، مَقْصورٌ على وَزْنِ دُنْيَا؛ أي: الاستثناءُ في الإِقْرارِ، وأصلُهُ من ثَنَاهُ إِذَا رَدَّهُ، فكَأَنَّ البَائِعَ رَدَّ بَعْضَ المَبِيعِ إليه بالاستثناءِ، والمَرْدُودُ منها المَجْهُولُ.
_إِلاَّ أَنْ تُعْلَمَ: عائِدٌ للثُّنْيَا فقَطْ؛ أي: أَنْ يَكُونَ الاستثناءُ مَعْلوماً، كأنْ يَقُولَ: بِعْتُكَ هذهِ الأغنامَ إِلاَّ هذهِ.

685- وعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ قالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عن المُحَاقَلَةِ، والمُخَاضَرَةِ، والمُلامَسَةِ، والمُنَابَذَةِ، والمُزَابَنَةِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

مُفْرَداتُ الحديثِ:
-المُخَاضَرَةُ: هو بَيْعُ الحُبوبِ والثِّمارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلاحِها، بدُونِ شَرْطِ القَطْعِ في الحَالِ.
-المُلامَسَةِ: الأَصْلُ في بَابِ المُفاعَلَةِ المُشارَكَةُ بَيْنَ اثنَيْنِ في الفِعْلِ، والمُلامَسَةُ: أنْ يَقُولَ لصَاحِبِهِ: إِذَا لَمَسْتَ ثَوْبَكَ، ولَمَسْتَ ثَوْبِي فقَدْ وَجَبَ البَيْعُ بغَيْرِ تَأَمُّلٍ. وفُسِّرَتْ بأَنْ يَقُولَ البَائِعُ: أيَّ ثَوْبٍ لَمَسْتَهُ فهو لَكَ بكذا.
-المُنَابَذَةِ: مُفاعَلَةٌ من النَّبْذِ، وتَسْتَدْعِي الفِعْلَ بينَ اثنَيْنِ، بأنْ يَنْبُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهما ثَوْبَهُ إلى الآخَرِ بدُونِ نَظَرٍ، وفُسِّرَتْ بأنْ يَقُولَ البَائِعُ: أيَّ ثَوْبٍ نَبَذْتَهُ فهو لَكَ بكذا.

ما يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثَيْنِ:
1-لَدَيْنَا في هذَيْنِ الحديثَيْنِ سَبْعُ صُوَرٍ من صُوَرِ المُعاملاتِ الجَاهِلِيَّةِ هي:
المُحَاقَلَةُ، والمُخَابَرَةُ، والمُزَابَنَةُ، والمُخَاضَرَةُ، والمُلامَسَةُ، والمُنَابَذَةُ، والثًُّنْيَا إلاَّ أَنْ تُعْلَمَ.
2-الأصْلُ في المُعاملاتِ الحِلُّ والجَوازُ والبَقَاءُ على البَرَاءَةِ الأصْلِيَّةِ، لكنْ هُناكَ بُيوعاتٌ كَانَتْ جَارِيَةً زَمَنَ الجَاهِلِيَّةِ مَشْهُورَةً لدَيْهِم، ثُمَّ جاءَ الإسلامُ فأبْطَلَها؛ لأنَّها مَبْنِيَّةٌ على الجَهَالَةِ والغَرَرِ والمُخَاطَرَةِ، فهي مَجْهُولَةُ العَاقِبَةِ، فلا يُعْلَمُ عن الغُنْمِ أو الغُرْمِ من نَصِيبِ أيِّ العَاقِدَيْنِ.
والإسلامُ جاءَ بالعَدْلِ بينَ الطَّرَفَيْنِ، بأنْ لا يَقْدُمَ أحَدُ الطَّرَفَيْنِ إِلاَّ علَى عِلْمٍ وبَصِيرَةٍ بالعَقْدِ، ومَا يَؤُولُ إليهِ أمْرُهُ فيه.
3-المُحَاقَلَةُ: بَيْعُ الحَبِّ بعدَ اشْتِدَادِهِ في سُنْبلِهِ بحَبٍّ مِن جِنْسِهِ، فهذهِ الصُّورَةُ جَمَعَتْ مَحْذُورَيْنِ: الجَهالَةَ والرِّبَا، فأمَّا الجَهالَةُ فإِنَّ بَيْعَ الحَبِّ في سُنْبلِهِ مَجْهُولٌ غَيْرُ مَعْرُوفٍ مِن حَيْثُ المِقْدَارُ، ومِن حَيْثُ الجَوْدَةُ والرَّدَاءَةُ.
وأمَّا الرِّبَا فبَيْعُ الحَبِّ بحَبٍّ مِن جِنْسِهِ بغَيْرِ مِعْيارِهِ الشَّرْعِيِّ، وهذا يُفْضِي إلى الجَهالَةِ، والضَّابِطُ الشَّرْعِي‌ُّ: أنَّ الجَهْلَ بالتَّساوِي كالعِلْمِ بالتَّفاضُلِ في الحُكْمِ.
-المُخابَرَةُ: هي المُخَابَرَةُ الجَاهِلِيَّةُ المُحَرَّمَةُ، فهُمْ يُكْرُونَ الأَرْضَ للزِّرَاعَةِ كِرَاءً جَاهِلِيًّا، بأنْ يَكُونَ لصَاحِبِ الأَرْضِ جَانِبٌ مِن الزَّرْعِ مُعَيَّنٌ، وللمُزارِعِ جَانِبٌ آخَرُ، وهذا مُخَابَرَةٌ مَجْهولَةٌ؛ لأنَّهُ لا يُعْلَمُ عَاقِبَةُ الأَمْرِ، فرُبَّمَا صَلَحَ هذا، وتَلِفَ الآخَرُ، فمُنِعَ من أجْلِ جَهَالَتِهِ وخَطَرِهِ.
والمُخَابَرَةُ الصَّحيحةُ أنْ يَكُونَ لصَاحِبِ الأَرْضِ أو المُزارِعِ، جُزْءٌ مُشَاعٌ مَعْلومٌ، ليَشْتَرِكَا في الغُنْمِ والغُرْمِ، ويَسْلَمَا مِن الجَهَالَةِ.
5-المُزَابَنَةُ: فَسَّرَها الإِمامُ مَالِكٌ بأنَّها بَيْعُ كُلِّ مَكِيلٍ لا يُعْلَمُ كَيْلُهُ أو وَزْنُهُ بشَيْءٍ مِن جَنْسِهِ، ومِن ذَلِكَ بَيْعُ التَّمْرِ على رُؤوسِ النَّخْلِ بتَمْرٍ، فهذا يَجْمَعُ أمْرَيْنِ مَمْنوعيْنِ:
أحَدُهما: الجَهَالَةُ والمُخاطَرَةُ التي لَمْ تَدْعُ إليها حَاجَةٌ.
الثانيةُ: الرِّبَا، فإِنَّ التَّمْرَ على رُؤوسِ النَّخْلِ مَجهولٌ، فبَيْعُهُ بتَمْرٍ من جِنْسِهِ لَمْ يَتَحَقَّقِ التماثُلُ بينَهما، فيُفْضِي إلى رِبَا الفَضْلِ.
والجَهْلُ بالتَّساوِي كالعِلْمِ بالتفاضُلِ في الحُكْمِ.
6-المُزَابَنَةُ: رُخِّصَ مِن بَيْعِها ما تَدْعُو الحاجَةُ إليه بقُيودٍ تُقَلِّلُ مِن المِلْكِيَّةِ المُباعَةِ، وتُخَفِّفُ مِن الجَهالةِ في العَرَايَا، وتلكَ القُيودُ هي:
-أَنْ يُباعَ ما علَى رُؤوسِ النَّخْلِ بمِثْلِ مَا يَؤُولُ إليهِ تَمْراً إِذَا جَفَّ كَيْلاً.
-أَنْ يَكُونَ أقَلَّ مِن خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، وهي ( 300 ) صاعٍ.
-لمُحتَاجٍ إلى الرُّطَبِ.
-لا نُقودَ مَعَهُ يَشْتَرِي بها.
-بشَرْطِ الحُلولِ والتقابُضِ قبلَ التفَرُّقِ.
7-المُخَاضَرَةُ: هي بَيْعُ الثِّمارِ والحُبوبِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلاحِها؛ لِمَا في الصحيحَيْنِ مِن حديثِ ابنِ عُمَرَ قالَ: نَهَى النبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عن بَيْعِ الثِّمارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاحُها، نَهَى البَائِعَ والمُبْتَاعَ.
8-المُلامَسَةُ: هي أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ الثَّوْبَ، ولا يَنْشُرَهُ ولا يَتَبَيَّنَ ما فيه.
9-المُنابَذَةُ: أَنْ يَنْبُذَ الرجُلُ إلى الرجُلِ بثَوْبِهِ، ويكونُ ذلك بَيْعاً من غيرِ نَظَرٍ.
والمَحْذُورُ الشَّرْعِيُّ في هاتَيْنِ الصُّورتَيْنِ من البَيْعِ الجَهَالَةُ المُفْضِيَةُ إلى الخِصَامِ والشِّجَارِ.
10- لثُّنْيَا إِلاَّ أَنْ تُعْلَمَ: وصُورَتُها مَثَلاً أَنْ يَقُولَ: بِعْتُكَ هذهِ الشَّجَرَةَ إِلاَّ بَعْضَها، أو بِعْتُكَ هذا القَطِيعَ مِن الغَنَمِ إلاَّ عَشْراً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ.
فمِثْلُ هذهِ الأشياءِ مَجْهُولَةٌ، واستثناءُ المجهولِ من المعلومِ يُصَيِّرُ الباقيَ مَجْهولاً، أمَّا إذا كانَ المُسْتَثْنَى مَعْلوماً فيَجُوزُ.
11- لإسلامُ دِينُ مَحَبَّةٍ ومَوَدَّةٍ ووِئَامٍ، يَكْرَهُ الخُصومَةَ، والشِّقَاقَ، والعَدَاوَةَ، والبَغْضَاءَ، ويَدْعُو إلى ضَمَانِ البُيوعَاتِ من الآفَةِ.
وهذهِ البُيوعَاتُ وأمْثَالُها مَجْهُولَةٌ يَحْصُلُ فيها التغَابُنُ بَيْنَ الطرفَيْنِ المتعاملَيْنِ، مِمَّا يُفْضِي إلى نِزَاعِ أحَدِهما معَ الآخَرِ، فجَاءَ الإسلامُ بمَنْعِها وإبطالِها، كما أنَّ الإسلامَ دِينُ العَدْلِ والمُساوَاةِ.
وهذهِ المُعاملاتُ تُفْضِي إلى ظُلْمِ أحَدِ الطرفَيْنِ صَاحِبَهُ، فالغَابِنُ يَظْلِمُ المَغْبُونَ، ويَأْكُلُ حَقَّهُ بغَيْرِ حَقٍّ ولا مُقابِلٍ.
وقدْ جاءَ في صحيحِ مُسْلِمٍ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: ((لَوْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ ثَمَراً فَأَصاَبَتْهُ جَائِحَةٌ، فَلاَ يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئاً، بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بغَيْرِ حَقٍّ؟)).
فنَسْأَلُ اللَّهَ تعالى أنْ يُوَفِّقَ المُسلمِينَ ووُلاتَهُم إلى الرُّجوعِ إلى هذا الدِّينِ العَظِيمِ، وإلى أحْكَامِهِ العَادِلَةِ، ليَهْتَدُوا إلى الصِّرَاطِ المُسْتَقِيمِ، الذي يَبْلُغُ بهم رِضَا رَبِّهم، وسَعَادَتِهم في دُنْياهُم وأُخْرَاهُم. آمِينَ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, شروطه

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:59 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir